بمناسبة ظهور طيف سيدتنا العذراء مريم والدة الاله

نهدي البركة الرسولية والادعية الخيرية الى اصحاب النيافة الاخوة المطارنة الجزيل وقارهم,

وحضرات ابنائنا الوحيين نواب الابراشيات والخوارنة والرهبان والقسوس والشمامسة الموقرين,

ولفيف افراد شعبنا السرياني الارثوذكسي المكرمين.

شملتهم العانية الربانية بشفاعة السيدة العذراء والدة الآله وسائر الشهداء والقديسين آمين

 

بعد تفقد خواطركم العزيزة نقول| يسعدنا أيها الأحباء أن نزف إليكم بمنشورنا هذا الرسولي, بشرى تثلج الصدور وتشرح الخواطر, ألا وهي بشرى ظهور طيف سيدتنا العذراء مريم والدة الاله وهي تعائق صليب قبة كنيستنا مار بطر وبولس في الصيطبة – بيروت. ففي العاشر من نيسان سنة 1970 حمل إلينا هذه البشرى هاتفياً نيافة أخينا مار أثناسيوس أفرام مطران لبنان الجزيل الاحترام قائلاً: إن هذه الاعجوبة بدأت في الثامن من هذا الشهر. ثم تكرر هذا الظهور مراتٍ عديدة, ما حدا نيافته ان يظهر في مساء السادس عشر منه على شاشة التلفزيون ليشرح بلياقة كيفية هذه الظهورات العجيبية التي عاينها هو نفسه مع اكليروسه الموقر. كما عقد لهذا الغرض بالذات مؤتمراً صحافياً رد فيه على أسئلة الصحافيين حول هذا الأمر الخطير, ورفع الينا في 7/7/1970 تقريراً تضمن شاهادته وشهادة نفر ممن شاهدوا هذه الظاهرة المدهشة. واذ تناقلت أخبارها وسائل الاعلام اللبنانية من اذاعة وتلفزيون وصحافة, فضلاً عن ألوف الناس من مسيحيين ومسلمين, عاينوها بأم عينهم, توجهنا بنفسنا الى بيروت في الثاني من أيار للتأكيد من حقيقة الأمر, فمثل بين يدينا كثيرون معظمهم من أبناء الطوائف المسيحية الشقيقة اعتادوا أن يسهروا يومياً في النيسة بالتراتيل الروحية, وأكدوا لنا صحة الخبر, بينهم أستاذ قبطي قال انه عاين العذراء القديسة ثماني مرات, تماماً كما سبق فعاينها في القاهرة منذ سنتين وشقته آنذاك من مرض عضال عجز عنه الطباء. ثم اطلعنا علة السجل فيه عدد وافر من الذين عاينوا الاعجوبة, شهادتهم بقلمهم وتواقعيهم. وفي ليلتي 4 و8 أيار عاينها بين مئات من الساهرين في المنيسة نائبنا في دمشق وسكرتيرنا واثنان آخرين من رهبان البطريركية, ووصفوا هذين الظهورين وصفاً شيقاً, إذ استمر الأول ساعة كامة على فترات متقطعة, والثاني ثلاثين دقيقة. وهكذا منذ الثامن من نيسان حتى يومنا هذا لا يزال يتجدد طهور طيف العذراء, في حين ان عشرات الالوف من مسلمين ومسيحيين, مواطنين وأجانب, يزحفون كل يوم الى المصيطبة لمشاهدة المعجزة الباهرة.

أما ظهور الطيف فكان في أقات مختلفة ولا سيما في الليل. وأما كيية ظهورها, فبأشكال وأوضاع مختلفة تبهر الأبصار, يسبقه غالباً ظهور نور خاطف يشبه البرق. فقد ظهر تارة شبه غمامة منيرة يحيط بها سحاب مضيئ أو بخور, وطوراً بشكل فتاة تنبثق من وسط النور الوهاج وعلى رأسها تاج, وبثوب فضفاض لونه أزرق أو ابيض فضي, يلفها من وسطها خيط من الضوء الشديد اللمعان وكأنه زنار ماسي سلطت عليه اشعة قوية. وتبدو ياسطة يديها الى الامام او راكعة عند قدمي صليب القبة او معانقة اياه او دائرة حوله و ضامة يديها الى صدرها ومنحنية انحناءة صغيرة الى الامام. وقد وصف احد الصحافيين المسلمين هذا النور في الثامن من ايار بقوله: بدأ الظهور العظيم الذي رأيته بعيني مع الكثيرين طوال ثلاثين دقيقة من الزمن. قبة الكنيسة اكتست بنور عجيب, كان النور منبعثاً من احجر الذي صنعت منه القبة, ومن جميع الجهات, لامن جهة واحدة. ولم يكن هذا النور بحال من النور الذي يُسلط على شيئ ما فيب\و هذا الشيئ مضاءً بفعله, بل كان نوراً منبعثاً, نوراً يخرج من القبة ونوراً لا يضيئ الا نفسه..ولا يضيئ سوى القبة. أما أسفل القبة  فكان طوال النصف الساعة التي ظهرت خلاها العذراء بلا ضوء اطلاقاً, على رغم التصاقه بها. كان المشهد رائعاً.. بل هو أورع المشاهد التي يمكن للعين, للعين المؤمنة أن تراها, خصوصاً ان النور كان لفترات متقطعة يتضاءل قليلاً ثم يقوى ويشتد.

أما عن شعور المؤمنين بهذا الحدث الغريب, فحدث ولا حرج! فقد قابلوه بهتافات وزغاريد وقرع الأجراس وأزيز رصاص الابتهاج الذي عم المنطقة, وبكاء من شدة الفرح, مرددين الأدعية والصلوات بقلوب خاشعة مؤمنة وصارخين: سبحانك يارب, انها العذراء باشراقتها وقدسيتها وجلالها. وقد حظي بعضهم ببركة العذراء فنالوا الشفاء من امراضهم.

ونحن حيال هذه الشهادات الثابتة الصارخة, لا يسعنا الا ان نحني الهامة امام هذه المعجزة الباهرة, مؤمنين بأن الله تبارك اسمه شاء ان يفتقد بها بيعته في هذه الأيام العصبية, طمأنة لليائسين وتهدئة لروع ذوي القلوب الواجفة. ولا نرتاب او نستغرب البتة هذا الظهور العجيب. ذلك ان الكنيسة تعقد بأن العذراء قد انتقلت نفساً وجسداً الى السماء بعد وفاتها بثلاثة ايام, لتقف بالمجد عن يمين ابنها الإله التجسد كنبوة داؤد. ولذلك ايضاً تعتقد بأنها حية تشعر بما يحدث  في العالم وتشفع دوماً لدى ابنها في البشرية البائسة لينجيها من تجارب ابليس والعالم قال ملفاننا مار يعقوب السروجي وهو يصفها: “من هذه العذراء الماثلة عبر الدهور والاجيال, ولا تفسح للظلام ان يسود على الكون؟ هي مريم التي صُور النهار على وجهها, فتى نطقت, اشرقت الشمس من بين شفتيها”.

فإذا كان موسى وايليا قد ظهرا بمجد علة جبل تابور كما يخبرنا الكتاب, فكم بالحري والدة الإله مريم؟ أجل! لقد ظهرت في الموصل في كنيسة الطاهرة الخارجية مرات عديدة أشهراها يوم كسر جيوش طهماسب الفارسي منذ نيف ومئتي سنة. وظهرت في الكنيسة أم الزنار بحمص مرات أشهرها سنة 1860 فنجا بواسطتها من وباء الكوليرا. وظهرت منذ بضع سنوات في كنيستنا بالمالكية – سوريا حيث نبع زيت في اعقاب ذلك ولا يزال كذلك حتى اليوم. وظهرت سنة 1968 في القاهرة بكنيسة الأقباط الارثوذكس في محلة الزيتون حيث جرت أشفية كثيرة ومعجزات وها هي ذي تظهر اليوم فوق قبة كنيستنا في بيروت لتعطي برهاناً على عطفها عل بني البشرية.

ونحن اذ نُثبت حقيقية هذا الامر بسلطاننا الرسولي, نسأل الله ان يبارككم  ويحفظكم من الكوارث ويشمل العالم بالسلام المنشود بشفاعة امنا العذراء والدة الإله مريم آمين.

صدر عن قلايتنا البطريركية في دمشق في الأول من شهر آب سنة 1970 وهي السنة الثالثة عشر لبطريركيتنا