216
(ترجام) على الصوم الاربعيني
ملفاننا يوجه ترجامه الى احد اسياده الذي يسميه: رابولي. لعله كتبه لاحد اليهود ليشرح له عن الصوم في المسيحية. لا يستبعد ان يتكلم ملفاننا مع الجمع المسيحي في مناسبة الصوم الاربعيني. يستند ملفاننا الى براهين كتابية مستقاة من التوراة: مثلا بخصوص الرقم اربعين ورموزه الكتابية والفلسفية كفكرة العناصر الاربعة. يسرد قصة شراهة آدم وخسارته ويذكر معركة المسيح بصومه وغلبته. في هذا الترجام تبين روحية وتصوفية السروجي. انظر، ميمره 7-9، 23-25، 71، 82، 108، 112، 122، 126، 153، 173، 176، 204، 213، 215
– المخطوطات: ر 109، ر 369، ل 14587، دمشق 12/20، دمشق 12/19، شيكاغو 12008
-الدراسات:
Jacques de Saroug: six homélies festales en prose, édition critique du texte syriaque, introduction et traduction française par Frédéric Rillet, Brepols Turnhout Belgique, 1986, in PO. Tom. 43, Fasc. 196. pp. 568-584 (Texte pp. 56-72)
(ترجام) على الصوم الاربعيني
ضرورة القيام بالصوم والاستماع والكلام عنه بمحبة
انه لجميل ان نتكلم عن الصوم لو وجدت محبة للصوم في آذان المستمعين لكي تُقبل بمحبة هذه الكلمات التي تُنطق بمعرفة. برهان وجود محبة الصوم في نفس هولاء المستعمين هي هذه: لو يشتاقون فعلا لتكميل ما تضربه الكلمة الآن بالصوت.
ان يصوم المرء هو اعظم واسمى من ان يتكلم عن الصوم غير انه يمكن اتمام كليهما قولا وفعلا بالمحبة لما تقتنيه النفس فلتتكلم بها لما تتكلم ولتصنع بها ما تصنعه. المحبة هي الاساس الذي عليه تُشيد كل الخيرات، وتلزم ان توجد في النفس قبل الكلمة والفعل.[1]
لو لم تحرك المحبة الناطق ليتكلم فكلمته هي فارغة، وتتعب بدون اجر حتى ولو كانت لابسة البهاء، ولو لم تنهض المحبة النفس للعمل فالبطالة افضل من العمل، وتعبها هو بلا اجر، وتتعب باطلا مثل من يرفس الهواء.[2] ليُحب الصوم ومن ثمة ليوصف خبره. لتحبه النفس وبعدئذ لتتامل في مسيرته.
الصوم هو الدواء الشافي للسقطة الاولى التي تمت بالاكل
انه العقار الاول الذي يوضع ليشفي الجرح الاول. في الاكل السقوط، ومن الصوم القيامة. الوصية الاولى هي لا تاكل، وذاك الذي لم يسمع واكل ابتُلع من /570/ (58) قبل الموت.[3]
دَين آدم الاول لم يفه آدم، المسيح-آدم الثاني اوفاه بالصوم
واذ غُلب بالطعام فقد خاب وزل وسقط، ولم يقم بايفاء ذنبه بالصوم لتستقيم زلته ويقوم من سقطته.
لما اراد الرب-المسيح الذي هو آدم السماوي ان يضمد جرح آدم الارضي بدأ يمارس الصوم، العمل الذي لم يفعله آدم لما سقط، ولو صنعه لما كان يسقط.[4]
المسيح صام ليدحر العدو ويعلم كيف ينتصر آل آدم
معركة آدم تجددت بتجربة ربنا، وكانه كان يمسك في ظهر عدوه ليصرعه ولهذا صفّ الصوم امام الركن[5] ليدحر المتكبر في النهاية بتلك الحجة الاولى التي انتصر بها. نزل الى المعركة ليس لكي ينتصر بل ليبين كيف يجب ان ينتصر آدم.
الشيطان جرب المسيح بالطعام بعد ان صام اربعين يوما
رئيس جيش اليسار، الويل له، لم يبدأ بشيء آخر ليدهوره الا بخبر الطعام الذي يضعف ارجل الجبابرة ليسقطوا من سمو ذخيرة البنين.[6] رآه قائما في درجة سامية ومدربا ونقيا يحتقر الشهوات ولا يهتم بالطعام وقد القى وراءه كل الشراهة واستحسن واعتبر عظيما القول: لا تاكل، وهو قائم في الدرجة السامية التي سقط منها ذاك الذي اكل.
تذمر قتّال البشر بحسده.[7] دنا اليه بعد ان جاع بعد مرور اربعين يوما[8] وبدأ يقلق ليهبطه الى التدبير الضعيف والوهن والحقير الذي نزل اليه آدم لما سقط حتى ياكل بعد ان قيل له لو تاكل تموت.[9] كان الحيال يعرف بان الباب قد فُتح امام الخطيئة على الاجيال بسبب الطعام ولهذا كان يقول لذلك الذي وجده قويا في المعركة وممارسا الصوم، قل للحجارة حتى تصير خبزا.[10]حث الصائم بالخبز ليدخل الضعف بواسطة الطعام لكي يغلب كما هو معتاد مَن يطيعه حتى ياكل بدون تمييز.
ليس بالخبز وبالمياه يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله
/572/ (60) ربنا مكث في صومه جائعا وهو يحفظ الغلبة لئلا تتاذى من قبل الماكر ليوفي بتجربته ما كان يلزم على آدم ان يحافظ عليه لما جُرب ولم يحافظ عليه. وردّ على العدو الذي يريد ان يدخل الضعف والكبرياء الى القوي والمتواضع: ليس بالخبز وبالمياه فقط يحيا الانسان لكن بكل كلمة الله.[11]
قيل لآدم لا تاكل فاكل وسقط، وقيل للمسيح كلْ ولم ياكل فغلب بصيامه
وبهذه القوة التي هربت من الطعام ومن الاعجوبة. احتقر المتشامخ فسقط واحتضن الاندحار المتكبر الذي كان قد انجز مشيئته بضعف آل آدم. واوفي دَين تلك الشراهة باحتمال ذلك التنسك. غلب ذاك الذي قيل له: لا تاكل واكل، ببهاء صوم هذا الذي جُرب حتى ياكل ولم يشأ.
شفيت الشراهة بالصوم
وشفي الجرح العظيم بهذا العقار الحكيم. بماذا كان يلزم ان تُغلب الشراهة الا بالصوم،؟ او أي سلاح يلزم لمقاومة الضعف الا القوة.؟ آدم اكل وسقط وغُلب. نزل وصام واقامه ربنا. واذ تعذب في ساعة واحدة عظمت ضربته. وكان يصوم اربعين يوما ليوفر له الشفاء.
العدد اربعين في الكتاب المقدس
يمكننا ان نتحدث كثيرا عن العدد اربعين اظن بانكم انتم ايضا تسمعون. هذا العدد اربعين المشهور جدا والمنتصر نجده في الكتب ويذكره (العهد) القديم اكثر من كل الارقام ويزيحه (العهد) الجديد.
الطوفان دام اربعين يوما
قوصصت الارض اربعين يوما بقضيب الامواج وهي ممدودة للجلد امام الديان وتُضرب بقسوة لانها تجاسرت باثم.[12]قوصصت اربعين لئلا تقاصص ايضا.
الناموس يامر بضرب المذنب اربعين جلدة ثم يتحرر
ذاك الذي يُضرب اربعين (ضربة) يحرره الناموس من العذاب،[13] كما ان الارض هي محررة لئلا تصادف ايضا الطوفان لانها تعذبت بقسوة اربعين يوما بالينابيع وبالمآزيب العليا والسفلى. كان ديانها رحوما /574/ (62) ولهذا ضربها اربعين (يوما) لئلا يضربها ايضا. هذا هو نظام المذنب: يُضرب اربعين (ضربة) بحسب الناموس.[14]
ضُرب بولس اربعين جلدة الا واحدة
كان حكام بولس غير الرحومين يجلدونه. لقد جُلد من قبلهم خمس مرات اربعين اربعين (جلدة) ناقصة واحدة. كان يُجلد لكي لا يُجلد ايضا.[15] تتوقف وتتحدد الجلدات بالعدد اربعين وتحجب التاديب عن فاعلي الشرور. انها الحد لكي يقاصص المذنب باربعين ضربة حسب اهمية سر العدد الذي يحرر النفس من قصاص شرورها.
نوح فتح كوة السفينة بعد اربعين يوما من تاريخ الطوفان
مكث نوح اربعين يوما بعد استقرار الفلك على جبال قردو وبعدئذ فتح الكوة وارسل الساعي ليرى هل اطمأنت الارض لتستقبل السكان بدون الخوف من الموج.[16]
موسى عاش: اربعين سنة في مصر واربعين في مديان واربعين في حوريب
هذه الامور التي اقولها الآن يا سيدي لتفهم بان العدد اربعين هو مشهور جدا في الكتب الالهية.
موسى معلم الاسرار الذي صار محررا لهذه الامور زيح ثلاثيا هذا العدد وقد حُسبت وحُددت ايام عمره به: في مصر اربعين (سنة)، في مديان اربعين (سنة)، وفي حوريب اربعين (سنة).
صام موسى اربعين يوما
صام اربعين (يوما) على جبل سيناء واستنار واكتمل وعلّم البرية كيف وبما تشفى من اللدغة التي طعنت بها في الجنة من قبل الحية العدو.؟[17]
من تلد ذكرا بعد اربعين يوما تطهر، ومن تلد انثى بعد اربعين واربعين يوما تطهر
امر ايضا في الناموس بان من تلد ذكرا في نهاية اربعين يوما تصير طاهرة وتجلب القربان للرب الى باب خيمة الزمان. هكذا ايضا من تلد انثى بعد اربعين واربعين (يوما) تصير طاهرة وتجلب القربان بينما ظلت هي مرتين في الدنس خلال مدة هذا العدد.[18]
بعد اربعين يوما عاد الجواسيس حاملين العنقود من ارض الميعاد
عاد الجواسيس من ارض الميعاد الى موسى بعد اربعين (يوما) وهم حاملون الاثمار الحسنة من وادي العنقود.[19]
جليات هدد العبرانيين اربعين يوما ثم قتله داؤد
/576/ (64) هدد الفلسطيني القلف معسكر المختونين مدة اربعين يوما وفي نهاية هذا العدد اشرق النصر من داؤد وحرر العبرانيين من استعباد الظالمين بسقطة الفلسطيني العظمى التي صورت سقطة المستولي على العالم الذي سقط هو ايضا كالبرق من السماء بعد كمال اربعين يوما وهو يجرب ابن داؤد.[20]
ايليا صام اربعين يوما ثم وصل الى حوريب
المنتصر في الانبياء ايليا صام ايضا اربعين يوما ثم وصل الى مغارة موسى ليكتمل هو ايضا بالوحي العظيم مثل ابن عمرام.[21]
توبة نينوى اجترحت اعجوبة بعد اربعين يوما من انذار يونان بقلبها
توبة نينوى اجترحت الغلبة في مدة اربعين يوما لما صدر القصاص: بعد اربعين يوما تُقلب.[22]
رقد حزقيال اربعين يوما على جنب واحد حاملا اثم شعبه
رقد حزقيال اربعين يوما على جنب واحد من جنبيه وقد حمل اثم بني شعبه حسب كلمة فم الرب.[23]
الرب المسيح صام اربعين يوما
ربنا رب القدامى (والعهد) الجديد صام هو ايضا اربعين يوما لا لكونه سار على خطى هولاء بل هو وضع لهم هدفا لينظروا اليه ويتشبهوا به ليسيروا على خطواته.[24] عين النبؤة النيرة تنظر الى الامور الآتية كما الى الامور التي مضت، واذ كانت افعال ربنا جلية لانبيائه قبل ان ياتي الى العالم سبقوا وراوا السر: بصومه الاربعيني سيسقط الشيطان سريعا كالبرق من السماء.[25] والآباء العظام والانبياء راوا الخفايا وكانوا يحبون ويزيحون ويحتفلون بايام ربنا الاربعين. ولاجلهم سمي ورسم في الكتب المقدسة عدد الاربعين المحبوب من قبل هولاء الذين استحقوا تجلي الروح لكي يفهموا المستقبل. المسيح انارهم وافهمهم بروحه الذي سكبه فيهم ما كان مستعدا ان يفعله، ولهذا اجتهدوا /578/ (66) ليصوروا ويبينوا للبرية انماط اعمال المسيح العظيمة.
المسيح علم الطبيعة ان تصوم اربعين يوما لتطهر عناصرها الاربعة
ربنا يعلم الصوم الاربعيني للطبيعة بحكمته الازلية التي برت الطبيعة لما اراد ان يكملها بالاربعين لانها منذ البداية جُبلت من اربعة (عناصر).[26] اراد ان يطهر العناصر التي تكوّن الطبيعة ويحررها وينظفها ويقيمها بدون عيب في الجمال الاول الذي كانت تملكه قبل الزلة لما فطم الطبيعة من الطعام بالتنسك ليطرح ويُخرج منها الشيء الذي دخل اليها من الخارج بواسطة الحية التي تعلم التمرد بمشوراتها الخداعة والبعيدة عن الله.[27]
ربنا يقيس ويضع الصوم كما لو كان في الميزان ازاء الطبيعة ليصنع تطهيرا للاربعة (عناصر) باربعين (يوما) ويقدم الغفران الكامل لهذه التي تدنست بالتجاوز على الوصية وهو يضاعف الاربعة عشر مرات لتكتمل (العناصر) الاربعة وتصير واحدا غير قابل للتغيير وغير قابل للانحراف بالعدد عشرة الذي هو اكليل الاعداد التي تستند عليه ومنه تبتديء لما يضاعف اربع مرات.
بعد ان تُقتل بالصوم تلك الشهوة الغريبة التي دخلت لتحل هذه (العناصر) من نير الاتحاد،[28] وهذه (العناصر) المقرونة سوية لتسير على طريق البرارة المتجهة صوب اللاميتوتة تصير فسادا بالموت.
الشيطان اراد ان يفسد صورة الحكمة الالهية المرسومة على الخليقة
حاول الشيطان وهو يمكر ويخدع ويحث ويغري ليفسد بحسده[29] تلك الصورة التي اقامتها الحكمة على البرية لتنحل، وتصير ترابا تلك الايقونة الناطقة التي صاغتها القدرة العاملة بعد نهاية اعمالها.
الشيطان حسد آدم فاراد ان يحل العناصر المتضاددة الاربعة المكدونة في طبيعته
حسد آدم لكونه قد جُبل بحكمة عظمى، وباية معرفة رُكّب، وكيف اتت (العناصر) الاربعة /580/ (68) المتضاددة على بعضها بعضا الى اتحاد واحد لتقيم صورة واحدة مصورة عليها الحكمة فتحايل ليُدخل الخطيئة التي تفتح فيها بابا للموت لكي تنحل عن بعضها بعضا وتهلك الصورة لئلا تبين فيها الحكمة.[30]
ربنا اهتم بهذا (الامر) ليُفتش عليه وليجد الشيء الذي كان قد ضاع.[31] نزل ووقف في المعركة وعلّم الصوم للطبيعة وفطمها من الشراهة المهلكة وابان لها ان تنتصر وتقتل فيها الشهوة الغريبة التي دخلت لتفسد بريتها. ونفس الصوم الاربعيني يُتحد (العناصر) الاربعة لتسير كما كُدنت منذ البداية وحتى النهاية دون ان تقبل الانحلال بالضعف الذي يدخل بسبب التجاوز على الوصية ولا تضعف لتنحدر من البهاء القوي الذي تحفظه لها العبارة القائلة: لا تاكل والا ستموت.[32]
الشيطان حاول ان يغلب ربنا لكن ربنا قهره بصبره
اية خسارة كانت ستلحق بربنا لو صنع خبزا من الحجارة كما قال له المسلط الاثيم[33] ان يفعل،؟ او كيف كان ينتصر العدو لو حدثت الاعجوبة التي تبين جليا كم ان عدوه هو قوي،؟ او الشيطان نفسه لماذا كان يسأل ليصير الخبز من الحجارة،؟ او ربنا نفسه لماذا سئل ليصنع الشيء الذي يقدر ان يصنعه.؟ ولو ان فهم هذا هو خفي عنا بسبب سمو روحانيته، يجب علينا ان نعرف بوضوح بان الشيطان كان يتحين الفرصة ليغلب وكان ربنا يصبر لئلا يُغلب ويسلم الغلبة لعدوه.
لو تحقق قول الشيطان لكان يجعله منتصرا، وهذا ما لم يرد ربنا ان يصنعه ولو صنع ذلك لكان يُحسب مثل فاقد الغلبة.
ربنا لم يصنع خبزا من الحجارة لئلا ينكشف بانه ابن الله ويحل صومه بفضل التجربة
لو انت ابن الله قل ان يصير الخبز من الحجارة.[34] وكان يلزم كلا الامرين لكي يعرف ربنا بانه ابن الله، /582/ (70) ولكي يصير الخبز للصائم الذي كان قد جاع. ربنا هرب من كليهما لئلا يفعلهما بالشهوة،
كان يمكن فعلهما بعد زمن بدون انفعال.
لما كان ربنا يجوع لم يكن يشاء ان يصنع خبزا لئلا يحل صومه بالتجربة ولئلا يُعرف بانه ابن الله بالخطف.[35]
ربنا صنع الخبز في القفر للآخرين لان الشيطان لم يكن موجودا ولم يجربه
لما جاع الآخرون في القفر صنع خبزا لان ذلك الذي يجرب لم يكن قريبا، وقد اشبع الآلاف، واستعمل الرحمة مثل مقيت الجياع ولم يهتم ليصنع الاعجوبة مثل من يريد ان يظهر ابن من هو بالكبرياء.
عبارة: لو انت ابن الله تشبه عبارة: لو تاكلان من الشجرة تصيران آلهة
ذاك الفكر الذي قيل: لو انت ابن الله قل ليصير الخبز لم يكن بعيدا عن العبارة الاولى: لو تاكلان من الشجرة تستطيعان ان تصيرا مثل الآلهة عارفي الخير والشرور.[36] ربنا تفرس في مكر الخداع (وعرف) من اين صدر وجاء واحتقره باحتماله صومه وهو يبرهن من الكتاب بانه توجد الحياة بدون الخبز، هذه الحياة التي لم يشأ آدم ان يثبت فيها لانه اسرع الى الطعام الذي قربه له المجرب في غير اوانه.
وهكذا يبين صوم ربنا ملفانا للطبيعة: كيف يلزم عليها ان تثبت في الصبر حتى وإن استمرت فيها التجربة، وكم كان يليق بصبره ان يمكث في الصغر حتى وإن وجدت في طبيعته العظمة، وكان يقدر ان يحيا في عِشرة الله كما لو كان بالخبز الذي يغذي.
وليمة سيناء الروحية اشبعت موسى والشيوخ بدون خبز
وهذا ما جرى لشيوخ اسرائيل لما دعيوا الى الوليمة في جبل سيناء بدون الخبز. لقد خرج السيل ولذذهم بدون خمر.[37] انه مكتوب: بانهم راوا الله واكلوا وشربوا ليتضح ويبين بانه يوجد طعام وشراب بدون الخبز والمياه، وبان الصوم يغذي النفس /584/ (72) المتميزة التي تنظر الى الله اكثر من مائدة الملك الزاخرة بكثرة الاطعمة.[38]
وهذه الغاية كانت موضوعة لصوم ربنا لما طولب من قبل ذلك المضادد ان يصنع خبزا ولم يرد، بينما كان قادرا. احتقر الركن ببرهان مليء حقيقة وقال: ليس بالخبز وبالمياه فقط يحيا الانسان لكن بكل كلمات الرب.[39]
كان على آدم ان يعيش في عِشرة الله ويحيا بدون الاكل من الثمرة
كان يلزم لآدم ان يتنعم بعِشرة الله اكثر من طعام الشجرة، ورؤيا اللاميتوتة كانت قادرة ان تحييه اكثر من الثمرة التي تغذي، ولهذا كان يقول ربنا بما انه اكل ومات فانا اصوم لاحييه، واجدد معركته، واوفي دينه، واصنع بشخصي الشيء الذي كان يجب عليه ان يفعله ولم يفعله.
سقط الشيطان كالبرق بعد اندحاره
لما راى العدو بان المخاصمة الاولى ذاتها التي افتعلها مع رئيس الاجيال عادت الى نحره في الصراع كان يطلب فرصة للهزيمة ولم يجدها. واذ كان العدو قلقا كان يحاول ان ينتصر ولم يكن يقدر، فصارت سقطته عظيمة وسريعة كالبرق من السماء.[40]
على آدم ان يشكر الرب على احساناته عليه
وصنع ربنا الغلبة للطبيعة بعدم غلبة شخصه، وبصومه الاربعيني اوفى دَين طعامه. اذاً يلزم ان يقول آدم: بماذا اكافيء الرب لاجل كل احساناته علي لان مراحمه احسن من حياتي.[41]
الخاتمة
له التسابيح والبركات الى ابد الآبدين آمين.
[1] – 1قورنثية 13
[2] – 1قورنثية 9/26
[3] – تكوين 2/17
[4] – 1قورنثية 15/45-48
[5] – يوحنا 12/3
[6] – رومية 8/15-17
[7] – يوحنا 8/44، حكمة 2/24
[8] – متى 4/2-3
[9] – تكوين 2/17
[10] – متى 4/3
[11] – متى 4/4، تثنية 8/3، حكمة 16/26. انظر ميمره 82
[12] – تكوين 7/12
[13] – تثنية 25/3
[14] – تثنية 25/3
[15] – 2قورنثية 11/24
[16] – تكوين 8/6
[17] – اعمال 7/23، اعمال 7/30، خروج 24/18، تثنية 9/9، خروج 34/28-29
[18] – لاويون 12/2-6
[19] – عدد 13/25
[20] – 1صموئيل 17/16، لوقا 10/18
[21] – 1ملوك 19/8-9، خروج 6/20
[22] – يونان 3/4
[23] – حزقيال 4/6
[24] – 1بطرس 2/21
[25] – لوقا 10/18. مرة يقول ملفاننا تشبه الانبياء بالمسيح، ومرة المسيح اقتفى اثر الانبياء. تعددية نظريات السروجي!
[26] – امثال 8، حكمة 8/26، حكمة 9/2، تكوين 1-2. انظر، ميمره 71
[27] – الطبيعة كانت جميلة وحسنة قبل الخطيئة. الخطيئة شوهتها بعد ان دخلت الى الطبيعة كاضافة. انظر، ميمره 71
[28] – صفنيا 3/9
[29] – حكمة 2/24، تكوين 1/26
[30] – حكمة 16/15. توجد نفس النظرية في ميمره 71 على الايام الستة. اربعة عناصر متضاددة. هنا الحكمة هي الصورة المصورة على البرية وعلى الانسان. الحكمة هنا هي مرادف للمسيح حكمة الله. 1قورنثية 1/24
[31] – لوقا 19/10
[32] – تكوين 2/17
[33] – لوقا 11/21
[34] – متى 4/3
[35] – فيليبي 2/6، متى 14/13-21
[36] – متى 4/3، تكوين 3/5
[37] – خروج 24/9-11
[38] – يكرر السروجي عبارة: ليس بالخبز والمياه فقط يحيا الانسان. انظر، ميمره، 23، 24، 25 على الصوم
[39] – متى 4/4
[40] – لوقا 10/18
[41] – مزمور 115/12، مزمور 63/3