الميمر 162
يا رب المراحم منك اسأل ايضا المراحم، استجب لي بالمراحم كما انت معتاد لانني سألتُ، ربي مراحمك هي افضل من حياتي، فاحيا بمراحمك وبها اتحرك للتسبيح، ليكن لك فمي كينبوع يفجّر التسبيح لهذه المراحم التي لا تسأم من الخاطيء، ليفرح بك قلبي ولتسبّح شفتاي وليشكر فمي بعجب مراحمك: كم انها مبسوطة على البرايا.
الدجاجة التي تجمع فراخها تحت جناحيها هي رمز اللاهوت ومراحمه: النعمة امّ المراحم بنَت العالم، وهي تحمله ولو تركته كان سيسقط، الدجاجة تبسط جناحَيها على فراخها وتجمعها وتحببها وتحرسها، وتصوّر نمط اللاهوت الذي بسط مراحمه على شبه جناحَيها على البرايا وسترها.
مراحم الام المربية رمز للاهوت: مراحم الام المربية تسبق الجنين الذي تلده وهو لا يتربى الا بالمراحم، الله ايضا بهذه المراحم الموجودة لجوهره يحمل العالم وهي اقدم من العالم، ماذا يوفي الجنين امه التي تحمله وقد عصرت جسمها واخرجت الحليب ليحيا منه،؟ ولما تربيه يعود يعذبها ويهينها ويتنكر لكل افضالها ولا يحترمها، الله ايضا يُظلم من قبل الناس ويحملهم، ولاجل مراحمه فانه يحب حياة الناس.
داؤد لا يُحسب زانيا: القِ قطرة واحدة من الحمأة في بحر صاف، فلو عكرته ليوصف داؤد بالزنى، الكتاب يشهد بان داؤد في كل اوقات وايام حياته لم يخطيء الا هذه الخطيئة فقط،
داؤد حر ولو هو مختار: وليعلم بان الحرية لو سلّمت نفسَها لتقع سيقع الاختيار والكمال ايضا، توجد الحرية للبشر من قبل الله، ومن شأن الانسان ان يتبرر وان يخطيء، ومن هو مختار له الحرية فلو اراد ان يخطيء يخطيء ويقع ويهلك لو شاء.
العون والنعمة تركا داؤد فوقع: الرب تركه بدون عون ليُجرب، ولم يقدر ان يقوم في جهاد البرارة، النعمة ابعدت نفسَها عنه فضعف وخضع لحركات واهواء همجية.
داؤد القى زرعه في حقل اوريا: الرجل الذي يملك العيون والغدران والينابيع، سرق الماء من ينبوع بيت اوريا، وسقط الزرع المسروق في حقل اوريا، وبدأ يفضح ويؤنب الحقلَ الذي سرقه، امرأة الرجل حبلت ليس من رَجلها، وفكّر ان يجلب اكارَ الحقل، وبه يموه كانه هو الذي زرع وهو غير قريب.
داؤد يقتل اوريا ليكتم خطيئته: الخطيئة سيئة لكنها اسوأ لما تُخفى لانه لا تخفيها الا خطيئة اخرى رفيقتها، من يسرق ويريد ان يخبيء سرقته يقسم قسما فيهدم شيئا واحدا ويبني شيئين، اراد داؤد ان يخفي زناه ولما كان يحاول ان يخفيه سكب دما بريئا على الارض.
ناثان النبي يوبخ داؤد: اشفق الله على الجرح الذي كان يقتله، ودعا ناثانَ مثل الطبيب وارسله اليه، هبط وحي من الله على النبي، وعلّمه ان يبتر ويضمد بحكمة، وبدأ النبي يتكلم معه بالغاز ليصير هو حاكما على الاثم الذي صنعه، من كان يقدر ان يُفهم الملكَ الا فمه،؟ ولهذا جعله ناثان مثل القاضي.
داؤد يصدر الحكم: حي هو الرب، ذاك الغني الذي اخذ نعجة ذلك الفقير يستوجب الموت. ايها الملك انت هو ذاك الغني الذي استحق الموت، ماذا تصنع لان قصاصك خرج من شفتيك،؟ حكمك مستقيم، فمن هو حكيم مثل داؤد،؟ لقد صرتَ حاكما فتعال الآن وصِر محكوما عليه، لماذا احتقرتَ ناموس الرب ربك، واشتهيتَ واخذت امرأة رفيقك بلا ناموس.؟
توبة داؤد وعودة النبؤة اليه: كان قد خرج من تجربة تلك الخطيئة الداخلة فيه لما كانت النعمة بعيدة عنه، ومُدّت له يد المراحم من قبل الله، فركض ودخل داخل سور التوبة، انتحب حالا امام ناثان وقال له: اخطأتُ ضد الله، وذنبي عظيم جدا، واخذ النبي الغفران حالا كالعمود وسند الملكَ الذي خارت قواه من الوجع لئلا يسقط، راى بانه أُغمي عليه وركض ومسكه لئلا يقع وقال النبي حالا: الرب ايضا غفر ذنبك.
داؤد استرجع حالته الاولى بواسطة التوبة باعثة الموتى: قام داؤد في درجة برارته الاولى ووجد واستولى على كل جماله الذي فقده، وشدّ قيثارته وهيأ اوتارها التي كانت قد تعطلت وحرك لحنه بمزامير جميلة، وارضى وجلب النبؤة التي كانت هاربة، وبالمحبة استولى على البرارة التي كانت غاضبة.
– المخطوطات: اوكسفورد 135 ورقة 128؛ لندن 14574 ورقة 36 (ناقص)؛ لندن 14590 ورقة 100 (ناقص)
– يرد في البداية اسم مار يعقوب. الميمر تفسيري كتابي رائع. يسرد فيه قصة خطيئة داؤد وترك النبؤة له وتوبته وعودة نبؤته اليه كما في السابق. قد يرقي تاريخ تاليف هذا الميمر الى حوالي سنة 490-500م.
ايضا لمار يعقوب
الميمر 162
على داؤد الملك واوريا
(2صموئيل 11)
المقدمة
1 يا رب المراحم منك اسأل ايضا المراحم، فاستجب لي بالمراحم كما انت معتاد لانني سألتُ،
2 ربي مراحمك هي افضل من حياتي، فاحيا بمراحمك وبها اتحرك للتسبيح،[1]
3 ليكن لك فمي كينبوع يفجّر التسبيح /368/ لهذه المراحم التي لا تسأم من الخاطيء،
4 ليفرح بك قلبي ولتسبّح شفتاي وليشكر فمي بعجب مراحمك المبسوطة على البرايا،
5 ايامنا قصيرة، وحياتنا شريرة، ومراحمك افضل، ربي بها ساعدنا للتسبيح بتمييز.
دجاجة الانجيل رمز النعمة امّ المراحم ورمز اللاهوت (متى 23/37)
6 كل العالم يقوم بالمراحم من اللاشيء ليصير شيئا يحرك التسبيح لباريه،
7 النعمة امّ المراحم بنَت العالم، وهي تحمله ولو تركته لكان يسقط،
8 [ الدجاجة[2] تبسط جناحَيها على فراخها وتجمعها وتحببها وتحرسها،
9 وتصوّر نمط اللاهوت الذي بسط مراحمه على شبه جناحَيها على البرايا وسترها،
10 وصوّر وجبل وحبب وربى وحمل وسند، وها انه يحرس العالم بالمراحم كما لو كان بالجناح،[3]
11 لو لم يكن لله هذه المراحم، لما كان يبري ولا يحمل البرية التي يحملها.
الام المربية للجنين رمز لامومة الله للبرايا
12 مراحم الام المربية تسبق الجنين الذي تلده وانه لا يتربى الا بالمراحم،
13 الله ايضا يحمل العالم بهذه المراحم الموجودة لجوهره وهي اقدم من العالم،
14 /369/ قبل عليه ثقل العالم قبل ان يبريه، وبعدئذ براه بالمراحم وحمله لانه براه،
15 وهذه المراحم الممجدة والازلية تحمل العالم وتسنده كل يوم،
16 ومنها يحيا وبها يقوم وهو مدين لها ليعطيها التسبيح ولو لا يقدر ان يفيها،
17 ماذا يوفي الجنين امه التي تحمله وقد عصرت جسمها واخرجت الحليب ليحيا منه،؟
18 ولما تربيه يعود يعذبها ويهينها ويتنكر لكل افضالها ولا يحترمها،
19 الله ايضا يُظلم من قبل الناس ويحملهم، ولاجل مراحمه فانه يحب حياة الناس.
اهمية التوبة لان طبيعة الناس ميالة الى السقوط
20 انه يعلّم كل يوم كيف يلزم ان يحيوا بالبرارة، ليخلطهم معه في مجده بدون نهاية،
21 ويهتم ويُكثر من التحذيرات والاغراءات والترهيبات ليحفظهم من المضرات،
22 ويامرهم بالا يُخطئوا ويُذنبوا ضده، ولما يُخطئون ضده يدعوهم لياتوا الى التوبة،
23 وحيثما يخطئون لو تابوا فكأنهم لم يخطئوا ضده، ولاجل مراحمه يقبل ويسامح ويفرح ويحبب،
24 ولان طبيعة الناس ميالة الى السقوط، فقد وضع التوبة في الوسط ليقوموا بواسطتها،[4]
25 /370/ وجعلها كملجأ عظيم لجميع الخطأة ليستتروا فيها من العدالة القاسي قضيبها،
26 ووضع في الكتب كلمات الرجاء والتشجيع امام الخطأة ليحلّ ويربط بها،[5]
27 لا يطلب من الخاطيء سوى ان يعترف، ومن يعترف يقبله كانما لم يُخطيء بشيء،
28 من وجد صاحبَ دَين لا يطلب من المدين له الا ان يعترف بانه مدين له،؟
29 من يخطيء ويطلب المراحم ليس خاطئا: لما يعود الى التوبة فهو من الابرار،
30 من هو مريض بالحمى او باي مرض كان كلما هو مستلق على فراش المرض يُسمى مريضا،
31 فلو يسند نفسه وينهض من المرض لا يسمونه مريضا لانه من الماشين في السوق،
32 فلو اقترب من التوبة مَن هو خاطيء، تركته الخطيئة كالحمى وليس خاطئا،
33 انه لجمال عظيم ورئيسي بالا يخطيء احد، ولو اخطأ وعاد وتاب سيجد جماله.
اخطأ داؤد مرة واحدة لكنه لا يُعتبر زانيا
34 اخطأ داؤد ولانه اعترف فقد وجد جماله ونال الغفران كانه لم يرَ الخطيئة نهائيا،
35 ولو اذكر خطيئة داؤد لاجل الهدف، انت لا تعدّ ذلك القديسَ مع الزناة،
36 /371/ لا يكن خبر داؤد مخلوطا مع خبر الزناة، لئلا يذكره العهارون ويقولون: انه قد زنى.
قطرة من الحمأة لا تعكر البحر الصافي
37 القِ قطرة واحدة من الحمأة في بحر صاف، فلو عكرته ليوصف داؤد بالزنى،
38 الكتاب يشهد بان داؤد في كل اوقات وايام حياته لم يخطيء الا هذه الخطيئة فقط،
39 اجلس انت الآن واحسب واحصِ كل (خطاياك)، لا تقترب لتعدّ تلك (الخطيئة) الواحدة غير الموجودة.
الحقل الجيد لا يُسمى حقل الاشواك لو نمت فيه شوكة واحدة
40 قل لي ايها الرجل لو وُجد حقل ارضه جيدة وزرعه حسن وهو احسن واسمى من رفاقه،
41 ونبتت فيه شوكة واحدة فقط ولا اخرى، هل يسمونه حقل الاشواك بسبب (شوكة) واحدة فقط،؟
42 وتلك الشوكة الواحدة استأصلها الاكار منه، اذاً من لا يخجل حتى يسميه حقل الاشواك.؟
اذا كنتَ زانيا لا تخلط داؤد المختار والنبي بزناك
43 في داؤد المختار كل يوم جمال، وكل يوم عجائب وشفقة وتواضع وبرارة،
44 ووداعة واستقامة قلب ونبؤة ومحبة انسانية وايمان ومحبة صافية،
45 رجل كان ربه موضوعا امامه كل ايامه، وكان ينظر اليه، وبه احتقر كل الجمال،[6]
46 منذ طفولته مشى بدون عيب في درب العالم، وزلّ ووقع وقام حالا وسلك طريقه،[7]
47 كيف تحصيه بين الزناة والفجار، لانه لم يمش في طريق غير حسنة مع هولاء،؟
48 لو كانت لك خطيئة واحدة فقط فانت بار، لو اهتممتَ ان تمحي تلك الخطيئة منك،
49 انظر الى شخصك لانك اخطأتَ وعُدتَ الى التوبة، [ ودخلت[8] الخطيئةُ كاللبؤة وكسرتك،
50 وضمدتَ كَسرك بالندامة مثل الحكيم، ولما كان الجرح قريبا من النهاية دمرّه الاثم،
51 وعدتَ بان تعود الى التوبة، وبمرارة مُسكتَ ايضا [ بخطيئة[9] اخرى،
52 كم تبني، وكم تهدم، وكم تذنب، وكم توفي، وكم تكذب على التوبة،!
53 فيما لو كان لك جرح واحد ايها الخاطيء، واذ هي كثيرة فها انك لا تهتم بتضميدها،!
54 اذاً الآن لما تسمع عن داؤد لا تخلط خبره في خبرك لو كنتَ زانيا،
55 لما يُذكر زنى داؤد خَف وتعجب لماذا ولاي سبب زلّ الجبار،؟
56 لماذا خرس صوت قيثارة المزامير لما نظر الى امرأة طامث،؟[10]
57 تلك النفس التي فيها لجة النبؤة /373/ لماذا أُحتُقرت بشهوة بغيضة من قبل اوريا،؟
58 لماذا سقط ذاك الرجل الذي لُقّب بقلب الرب مثل شقي وصار سخرية،؟[11]
59 وها انه يوصف بين العاهرين والفاجرات (ويقال): داؤد ايضا زنى لانهم لا يعرفون ان ينظروا اليه،
60 اختار داؤدَ عبده من بين اخوته، فكيف وقع المختار في الخطيئة،؟ انه لعجب عظيم،
61 لعله ليردع به المختارين ايضا حتى يخافوا من سقوط اشخاصهم،![12]
62 وليعلموا بانه لو مال البصر قليلا يسهل ان يقع حتى القديسون لو ارتخوا،
63 ولا يتكل حتى العادل على اختياره، لكن ليحفظ نفسَه من المضرات،
64 وليعرف المختار القوي بانه لو ارتخى يقع في الفخ مثل شقي ويصير اضحوكة،
65 وليفزع المختار من رؤية جمال ما، لئلا يصير له الجمال فخا ويعثر به.
المختارون والكاملون لهم حرية السقوط والقيام
66 وليعلم بان الحرية اذا سلّمت نفسَها لتقع سيقع الاختيار والكمال ايضا،
67 توجد الحرية للبشر من قبل الله، ومن شأن الانسان ان يتبرر وان يخطيء،
68 ومن هو مختار له الحرية لو اراد /374/ ان يخطيء سيخطيء ويقع ويهلك لو شاء،
69 وهكذا ايضا للخاطيء توجد الحرية، وحالما يشاء صار تائبا وقام بارا،
70 ويلزم ايضا الحذر للمختارين ويشهد داؤد الذي وقع وكان مختارا.
الرب ترك داؤد بدون عون ونعمة فجُرب وسقط
71 كان يتمشى في مملكته وقت المساء وتطلع فراى امرأة تسبَح كما هو مكتوب،[13]
72 الرب تركه بدون عون ليُجرب، ولم يقدر ان يقوم في جهاد البرارة،
73 النعمة ابعدت نفسَها عنه وضعف وخضع للحركات والاهواء الهمجية،
74 الشهوة غلبت ذلك الجبارَ الشهير وربطته كانما بسيور رفيعة،
75 تلطخ ذاك الوقورخفية وزلّ ليسأل من هي هذه التي تسبح ليرى جمالها،؟[14]
76 الملك العظيم استفسر عن جارية بيته ولم يكن يعرف بان طلبها هو اهانة له.
الخطيئة او الشهوة تغطي نفس الانسان
77 دخلت الخطيئة وغطت نفسَه ولم يرَ كم هو بغيض العمل الذي عمله في المملكة،
78 لما تدخل الخطيئة الى نفس تغطيها لئلا تنظر الى ذاتها لئلا ترى بانها بغيضة [ ولا تدخل اليها،
79 لو ترى النفس من بعيد الخطيئة الآتية /375/ ترى بانها بغيضة فتغلق الباب لئلا تدخل اليها،
80 [ ولهذا[15] تسبق وتغطيها وتعميها لئلا تراها لما [ تتسلط[16] عليها،
81 الشهوة صارت كالغطاء لذلك الوقور فتدنس، ولم يكن يرى بانه قد صار بغيضا،
82 فرغ من الافكار الروحية وكان يسأل: من التي تسبح،؟ الى ان عرف (من هي)،
83 غطى في قلبه الناموس والوصية والمزامير، وسأل وعرف من هي التي سبحت،؟
84 ارسل، واتت [ وهو] يظن بانها شيء ولم يعلم بانها وضعت دنسا بغيضا في [جماله،[17]
85 سبحت الجميلة وصنعت في دربه عثرة، ولما كان يجتاز الجبار القوي وقع واضطرب،
86 الشهوة انتشرت في الرجل الالهي، واضعفته ليخلط خبرَه في خبر الزناة،
87 الرجل الذي يملك العيون والغدران والينابيع، سرق الماء من ينبوع بيت اوريا،[18]
88 ضعف حتى انه صار في عداد السراق، وشرب الماء المسروق بالعار والاهانة،
89 ترك الملكات الجالسات في قصورهن /376/ ولطّخ نفسَه بامرأة عبده فصار سخرية،
90 وسقط الزرع المسروق في حقل اوريا، وبدأ يفضح ويؤنب الحقلَ الذي سرقه،
91 امرأة الرجل حبلت ليس من رَجلها، وارسلت الى السارق خفية ليتهيأ لها،[19]
92 وفكّر ليجلب اكارَ الحقل، وبه يموه كانه هو الذي زرع، بينما هو غير قريب.
اوريا يعرف بان للحرب وقتا وللحياة الزوجية وقتا آخر
(2صموئيل 11/6-12)
93 اتى اوريا الرجل العادل الذي يعرف ويرى بان كل شيء يُدبر في وقته،
94 معروف هو وقت العائلة والزواج، ومعروف هو ايضا وقت الحرب والبسالة،
95 نظر اوريا ليعطي لكل شيء وقته، فاتى ولم يرِد ان يتوجه الى الزواج،[20]
96 كان في الحرب وكان يشتهي الغلبة، ولم يكن يريد ان يرى سرير العائلة،[21]
97 دخل الى الملك وتكلم معه كثيرا وسأله وتعقب منه وارسله الى بيته ليغطي عارَه،
98 صار للملك جرح في الخفية ولم يشعر احد، واهتم كثيرا لكي يُغطى لئلا يُفضح.
العدالة مثل الطبيبة تكشف جرح داؤد
99 العدالة اهتمت مثل الطبيبة حتى يُفضح جرح الاثم ويُشفى،
100 لئلا يظل الدنس البغيض في ذلك الجميل /377/ ابرزه التانيب وقطعه فصار جميلا،
101 خدع العبدَ ولو لم يكن داؤد رجل الخِداع ولهذا لم يثبت خداعه لما كان يخدع،
102 اراد ان يكذب واذ لم يكن معتادا على الكذب لم ينجح ذاك الصادق في كذبه،
103 كل المحاولات التي صارت هناك بطلت لئلا يظل الجرح الخفي في ذلك الجميل.
اوريا يخالف امر داؤد ولا يذهب الى بيته (2صموئيل 11/6-12)
104 أُرسل اوريا ونزل الى بيته وخرجت الموهبة وراءه ليفرح بها،
105 لم يشأ هذا العبد الصالح ان يذهب ويتفقد سريره اثناء الخطر كما أُمر،[22]
106 بات على الباب بين العبيد ولم يرتخِ من التفكير في الحرب التي كان قائما فيها،
107 صباحا عرف الملك وعاتبه مثل صديق: لماذا لم يتفقد بيته ويرى منزله،؟
108 وبدأ هذا العبد الصالح يتكلم كلمات تحتقر حتى المختارين لما يزلّون،
109 كيف (يتم هذا) واسرائيل يحارب وجميع قادة جيوشه هم في المعركة،؟
110 وتابوت الرب في القفر مع اللاويين والشعب متارجح بين الغلبة والاندحار،؟
111 والخطر يتطلب يقظة وجبروتا، /378/ ومن يتاخر يُحتقر من قبل العدالة،؟
112 فكيف انا ارتخي في الوقت العسر واطلب السرير والمرأة والعائلة والزواج،؟[23]
113 احتقر داؤدَ دون ان يتوخى احتقاره لانه لم يشعر بوجود خديعة تنصب له فخا،
114 كان يقف العبد الذي عاد من صفوف الاسرائيليين ويفسر لمعلم كل الارض،
115 واذ كان مذموما فقد وُبخ بهذه الكلمات، ولما كانت تُسمع تعذب بها كانما بالجَلد،
116 من لا يحتقره قلبُه وجهه مكشوف، اما المذنب فهو ملام ومؤنب من قبل نفسه.[24]
داؤد يسقي اوريا الخمر (2صموئيل 11/13)
117 دخلت الخطيئة وجعلت الملكَ العادل محتقرا وكان يُوبَّخ بالتعليم من قبل اوريا،
118 مكث مصرّا في خصوصيته ومهتما في اخفاء جرحه، ومكث اوريا ايضا في خصوصيته مثل البار،
119 واستبقاه الملك عنده بحجج مختلفة طيلة النهار، ليسقيه الخمر لكي ينزل الى زوجته،
120 فدعاه واكل الخبز معه لاجل الهدف ومزج له كثيرا ليجعله يرتخي بواسطة الخمر،
121 كثرت الكؤوس ليسكر وينسى نفسَه وتكثر شهوته ويطلب سرير العائلة،[25]
122 واذ لم يقدر الملك ان يجلبه لتنفيذ ارادته، /379/ جلب الخمر ليصير مغفلا ويسخر منه،
123 قامت ضد اوريا هذه العوامل الثلاثة: المرأة، والملك، والخمر الذي شربه ولم يرتخِ،
124 لم يشتهِ جمال امرأته لينام معها، وامره الملك ولم يزر سرير العائلة،[26]
125 وسجره كثيرا بالخمر والشهوة ليرتخي، واذ كان قويا فقد غلب الثلاثةَ ولم يرتخِ.
الخمر لا يبدل الانسان انما يكشف ما فيه
126 الخمر يُكثر فقط ما هو موجود في الانسان، الخمر لا يصنع ابدا تغييرا في الانسان،
127 لما يُغطى الدنس الموجود في الانسان، حالما يشرب ويسكر ينفضح بالخمر،
128 من يهتم بان يكون موقرا شكليا، لو هو عاهر يتدنس بالخمر الذي شربه،
129 ومن هو مبتلى بهوى الشهوة ويحفظ نفسه، حالما يشرب يبيّن نفسَه بدون حاجب،
130 لو وُجد احد يملك جمال البرارة، ويشرب الخمر، فجماله لا يُسلب منه.
الخمر لم يبدّل اوريا
131 كؤوس الملك طاردت اوريا بالخمر، ولم يتغير او يرتخِ من خصوصيته،
132 استلم وشرب بقدر ما [ مزج[27] السقاة له، والخمر الذي شربه لم يبدّل فكرَه،
133 /280/ هذا استحق ان يكون عبدا لداؤد وكان عبدا لملك مجيد كثير الجمال،
134 ليس لانه سقط اضاع اسمه ولم يمكث داؤدا، ظلّ داؤدا والاسم الجميل ملتصقا به،
135 اوريا ايضا عبد ملك الهي كان قد تمرن بالبرارة من قبل تعليمه،
136 ولما صادف وزل الملك بالماء الشرير جعله الصالح يستعمل امورا تخصه،
137 داؤد كان يتصرف بما لا يخصه لان الخطيئة صارت ضيفه وعذبته وهو يسافر،
138 خاصتها كان الكذب والخداع الذي حدث وهذه الفرص غير الجميلة الموجودة هناك،
139 اوريا شرب خمرا كثيرا وقام ولم يشته امرأته ولا سريره ولا فراشه،[28]
140 وفي خمره بات على باب الملك سيده، ولم يتنازل (ليتمتع) بالراحة ولا بالزواج.
الخطيئة في النفس تنمو وتثمر كالشجرة ما لم تقطعها التوبة
141 وتعلّم الملك وخاف من الاسم السيء، واقلقته الخطيئة ليرتفع الى اعلى منه،
142 الخطيئة في النفس تبدأ وتنمو كالشجرة، ولو تربت تصنع اغصانا طويلة،
143 ولو لم تُقطع بالندامة وبالتوبة تحمل اثمار الموت وتقتل من تنمو فيه.
داؤد يرسل رسالة مع اوريا الى يوآب تتضمن قتله
(2صموئيل 11/14-15)
144 /381/ كان داؤد قد اشتهى وصارت (شهوته) كنبتة الشجرة ولما زنى صارت الشجرة خطيئة عظيمة،
145 وفكّر ان يصنع قتلا فصارت اثمارا مليئة موتا في تلك الشجرة التي نبتت وتسلقت،
146 دخلت الخطيئة في ذلك البار رويدا رويدا، وافسدت النفسَ النقية والمليئة جمالا ودمرتها،
147 فصمم ان يهرق الدم البريء على الارض لان الخطيئة دخلت وافسدت كل حسناته،
148 وحاول فحبس الموت داخل الرسالة ولفّ السيف في الكاغد ليصنع قتلا،
149 كتب الى يوآب ليرى كيف يتفقد الشعب وينهض الصفوف ويقيم المراقبين ويفحص السلاح،
150 ويجس البلد لئلا توجد [ كمائن[29] ضد الجيش، وفي النهاية ليمت اوريا باحدى الفرص،
151 الوديع حمل تلك الرسالة المليئة موتا، وهو لا يشعر بقصاص الموت الذي يحمله،
152 الحمام النقي حمل الفخَ الذي سيقع فيه، وذهب لينصبه بين الصفوف ليقع هو فيه،
153 الحمل الساذج حمل السكين من بيت الملك، ليجلبه ليوآب قائد الجيش ليذبحه به،
154 /382/ حُفر له قبر في الرسالة وهو يزيحها وبعد وصولها ينزل ويفتح ابواب الشيول.
مقتل اوريا (2صموئيل 11/16-17)
155 دنا اوريا وسلّم الرسالة الى قائد الجيش وقرأ يوآب ووجد القتل والخديعة المطمورة فيها،
156 وكما أُمر وجد الفرصة ليموت الشقي، فمات اوريا لان داؤد الملك اذنب،
157 موت ظالم للرجل العادل من قبل البار والدم البريء واولائك الذين سفكوه ليسوا اثمة،
158 داؤد بار، ويوآب مستقيم، واوريا عادل، ولما اعترضتهم الخطيئة اقلقتهم،
159 واستعجل يوآب وارسل وتعرّف على كل ما حدث بين صفوف العساكر،
160 وفي النهاية وصل الى الملك الخبر السيء: بشّروه لقد مات اوريا حتى يفرح: ففرح.[30]
الخطيئة سيئة وهي اسوأ لما تُخبأ بخطيئة اخرى
161 الخطيئة سيئة لكنها اسوأ لما تُخبأ لانه لا تخفيها الا خطيئة اخرى رفيقتها،
162 من يسرق ويريد ان يخبيء سرقته يقسم قسما فيهدم شيئا واحدا ويبني شيئين،[31]
163 اراد داؤد ان يخفي زناه واذ كان يحاول ان يخفيه سكب دما بريئا على الارض،
164 /383/ كالجرح لما يُخفى عن المضمدين يسبب آكلة عظيمة ولا يُشفى،
165 داؤد اخفى خطيئة الزنى بالدم المظلوم ولكي يستر شرا وقع (بشرّ) آخر اعظم منه،
166 ولئلا يُفضح لكونه زانيا فقد صار قاتلا وصنع خديعة واخذ امرأة ليست خاصته،
167 واخفى خطيئته بهذا الاثم العظيم ولم يحاول معالجتها ولا بترَها.
ناثان النبي يوبخ داؤد (2صموئيل 12)
168 واشفق الرب على تلك النفس المليئة جمالا وقد جعلتها الخطيئة عمياء فاظلمت من النيّر،
169 وصار الدنس في كنارة النبؤة، وها انه يسكت من الحان بيت الله،
170 لقد زل ووقع الجبار القوي في البرارة، وضغطت عليه الخطيئة ولم يقدر ان ينهض،
171 العازف على القيثارة الذي [ نطقت[32] الجبال بتهليله، افسدته الخطيئة وقطّعت اوتاره الجميلة،
172 الرجل الذي زمر وهزّم الابليس وهو صبي، كمنت له الخطيئة التي هي اسوأ من الابليس ولم يخرجها،[33]
173 اشفق الله على الجرح الذي كان يقتله، ودعا ناثانَ مثل الطبيب وارسله اليه،
174 هبط وحي من الله على النبي، /384/ وعلّمه ان يبتر وان يضمد بحكمة،
175 اعطى للنبي توبيخا واعطى الغفران، لما يوبخه يغفر له الخطيئة العظمى،
176 تزود النبي الآسي من الله بالترياق وضماد التوبيخ والغفران،
177 واتى النبي الفقير والضعيف ودخل عند التاج العظيم ليوبخه بدون خوف،
178 وبدأ النبي يتكلم معه بالغاز ليصير هو حاكما على الاثم الذي صنعه،
179 من كان يقدر ان يُفهم الملكَ الا فمه،؟ ولهذا جعله ناثان مثل القاضي،
180 شرع الني يتكلم باسفرار الوجه امام ذلك الملك المحتقر الذي خرج عن الواجب.
لغز ناثان: غني له اغنام وفقير له نعجة نحرها الغني لضيفه
(2صموئيل 12/1-4)
181 قال ناثان: كان رجلان في قرية، الواحد غني، والآخر فقير وكانا جارَين،
182 وللغني اغنام وثيران وابقار وقطعان بلا عدد،
183 وذاك الفقير كان يملك نعجة صغيرة فقط، بلا مقتنيات وبلا اموال باستثنائها هي،
184 وكان يحبها ويعتني بها ويطعمها ويربيها وكانت تاكل معه على مائدته،
185 وتاكل خبزه وتشرب كأسه وتنام في حضنه، /385/ لانه لم يكن له مؤانسة ما عداها،
186 وصادف وقدم ضيف عند ذلك الغني فارسل واخذ نعجة ذلك الفقير الصغيرة وهيأها لضيفه،
187 ايها الملك العادل احكم الآن حكما عادلا واقضِ: ماذا يحل بهذين الرجلَين اللذين تكلمتُ عنهما،؟
188 [ أيجمل[34] بك ان يكون ذاك الفقير مظلوما هكذا،؟ ألا تستقبح طمع ذلك الغني،؟
189 انظر بعدل واصدر حكما عادلا باستقامة لا تميل الى المحاباة.
داؤد يصدر على الغني حكم الموت (2صموئيل 12/5)
190 قال داؤد: حي هو الرب، ذاك الغني الذي اخذ نعجة ذلك الفقير يستوجب الموت،
191 من كان يحكم على داؤد الا داؤدُ،؟ ومن كان يتجاسر ان يبت في قضائه الا هو،؟
192 من كان يقدر ان يحتقر ذلك التاج العظيم الا داؤد المظفر تاجه بالبرارة،؟
193 من كان يجرّمه في المحكمة ولا يخاف الا هو المليء غيرة وبرارة،؟
194 لم يكن يخرج على العدالة المكونة فيه، حتى لما كان ساقطا والخطيئة جاثمة عليه كالاسد،
195 واذ كان مطأطأ وقلقا بسبب الاثم الذي اقترفه، فقد حكم بعدل بين الغني والفقير،
196 /386/ واذ اخذ ناثان النبي القصاص ووضعه في السِفر شرع يتكلم علنا،
197 وصنع حالا توبيخا ضد الملك وهو يحتقره ويقرفه بسبب الاثم الذي صنعه.
ناثان يقول لداؤد انت تستوجب الحكم الذي اصدرته
198 ايها الملك انت هو ذاك الغني الذي استحق الموت، ماذا تصنع لان قصاصك خرج من شفتيك،؟[35]
199 حكمك مستقيم، فمن هو حكيم مثل داؤد،؟ لقد صرتَ حاكما فتعال الآن وصِر محكوما عليه،
200 انت المذنب والملام والمحتقر، انت الحاكم وكما قلتَ ليُنفّذ الحكم فيك،
201 لماذا الفقير مقتول دون ان يذنب،؟ ولماذا أُخذت امرأته باثم عظيم،؟
202 لماذا احتقرتَ ناموس الرب ربك واشتهيتَ واخذت امرأة رفيقك بلا ناموس،[36]
203 اوريا مقتول وامرأته أُخذت وبيته خرب، وحكمه محفوظ لصانع الدينونة والبرارة.
روح النبؤة ازالت الغطاء عن نفس داؤد
204 كان النبي مسجورا ومليئا غيرة وتوبيخا، ويقرف الملكَ العادل ولم يكن يتشكى،
205 المريض شعر بالجرح الذي كان يقتله، وسلّم نفسه للطبيب فبتره حتى يُشفى،
206 وباستقامته فرض على نفسه حكم الموت، وراى بانه يستوجب الموت وقد تواضع،
207 /387/ نظر الى نفسه باية خطيئة عظيمة قد طُعنت، وبتواضعه نزل قلبه واستقر على الارض،
208 دخل روح النبؤة ونزع عنه ذلك الغطاء الذي غطته به الخطيئة لما كان يخطيء،
209 بتره ناثان بكلمات التوبيخ، وكان يحتمل بالرغم من عذابه لكي يُشفى،
210 وانفضح جرح الاثم في المملكة، والملك ساكن ولم يتذمر لما كانوا يبترونه،
211 النبي عزيز، والملك متواضع، والطبيب حكيم، والجرح مرير، والوجع الموجود هناك كان قاسيا،
212 يقوم ناثان الفقير الذي لا يملك شيئا ويستهزيء بالتاج العظيم وكان يتحمل،
213 داؤد مطأطأ وناثان النبي يقرفه ولم يكن يتذمر لانه عرف بانه يضمد جرحه.
التوبيخ انار نفس داؤد لتنظر الى الله والى النبي والى الخطيئة
214 نفسه التي كانت مظلمة استنارت بالتوبيخ فرأت دنسَها وكانت تخجل من ذنبها،
215 نظر الى الله ونظر الى الخطيئة ونظر الى النبي واستنار ليرى ثلاثتهم جيدا،
216 نظر الى الله الذي هو الجمال غير المحدود، وهو النور [ وهو الحياة[37] لمن يحبه،
217 ونظر الى الخطيئة التي هي دنس وهي جرح /388/ وهي عيب واسم نتن وخجل،
218 ونظر الى النبي الذي هو طبيب ومضمد ومهتم ورسول الملك العظيم،
219 ووقف خجلا لانه اذنب امام الله، والخطيئة بغيضة في عينيه كثيرا لانها اقتربت منه،
220 كان النبي مكرما عنده كثيرا ويوبخه، وكان هادئا ومتواضعا [ ومليئا مخاوف وقلبا[38] ومنكسرا.
ضمير داؤد يوبخه ويتندم بعد عودة النعمة اليه (2صموئيل 12/13)
221 ضمير داؤد كان يقرفه اكثر من ناثان، وكان يُجلد بافكاره كانما بالسياط،
222 كان قد خرج من تجربة تلك الخطيئة الداخلة فيه لما كانت النعمة بعيدة عنه،
223 ومُدّت له يد المراحم من قبل الله، فركض وولج داخل سور التوبة،
224 كان قد شعر بانه طُعن برمح الخطيئة، واضناه الوجع الى ان نزعه النبي منه.
ناثان يبشر داؤد التائب بغفران الرب
225 انتحب حالا امام ناثان وقال له: اخطأتُ ضد الله، وذنبي عظيم جدا،[39]
226 واخذ النبي الغفران حالا كالعمود وسند الملكَ الذي خارت قواه من الوجع لئلا يسقط،
227 راى بانه أُغمي عليه وركض ومسكه لئلا يقع /389/ وقال النبي حالا: الرب ايضا غفر ذنبك،[40]
228 نظر الى درجة نفسه وراى كم انها انحدرت، ووصل الى الارض بالتواضع والتوبة،
229 واذ راى بان الخطيئة التي اقترفها عذبته كثيرا، اسرع فضمده لئلا يبيت الوجع عند المتواضع،
230 حسب الخطيئة مثل رمح تطعنه في صدغه، فاشفق النبي ونزعه منه لانه كان قاسيا،
231 كان قد ذاق الخطيئة واصبحت اسنانه مرة، واخذ الغفران مثل الحلاوة وتلذذ به،
232 كان قد وزن خطيئته ووزن جمال توبته لانه نال الغفران للتوبة بعدالة،
233 نظر وراى كم ان التاج سام في الرئاسة، ووجد كم ان النفس انحدرت بالتوبة،
234 قال له: غفر لك الرب ذنبك لانك تواضعتَ، لان التوبة [ تحب[41] التواضع كثيرا.
بتوبته داؤد نال درجة برارته الاولى واستعاد نبؤته
235 كان النبي قد راى بان الملك خاف من ذنبه، فاشفق على رعبه وشجعه بالغفران،
236 بالاثم الذي صنعه كان جمال الملك قد فسد، واتى الى يدَي التوبة واتقنته،
237 سقط بناء النفس العالية والمجيدة، وفسد كل جمالها لروحي،
238 واتى ناثان مثل المهندس المليء حِكَما، /390/ واقامها [ فبنت ذاتها[42] بالتوبة،
239 الخطيئة صارت ضيفا على داؤد وعذبته كثيرا خاصة بالظلم وبالطمع،
240 ولهذا كان قد خطف نعجة ذلك الفقير، وصار عارا وسخرية وهزءا في الارض،
241 واتى النبي واحتقر الخطيئة التي طمعت وطردها لتخرج من بيت الملك لانها جعلته اضحوكة،
242 [ وعرف[43] الملك بان الضيف صار سبب خجله، فطرده واخرجه من مملكته بالتوبة،
243 كل البيت كان قد نتن بالضيف العفن، وعطّر الملك دموعا في بيته كالبخور،
244 وصعد عطر التوبة الى بيت الملك فطابت رائحة الملك الذي [ انتشرت[44] فيه الرائحة النتهة،
245 وقام في درجة برارته الاولى ووجد واستولى على كل جماله الذي فقده،[45]
246 وشدّ قيثارته وهيأ اوتارها التي كانت قد تعطلت وحرك لحنه بمزامير جميلة،
247 وارضى وجلب النبؤة التي كانت هاربة، وبالمحبة استولى على البرارة التي كانت غاضبة،
248 وعاد اليه كل جماله الروحي، وأُتقن تاجه الذي حطته الخطيئة وسقط،
249 /391/ وزال عنه الخجل الذي كان قائما فيه، وأُعطي له اسفرار الوجه الذي كان يملكه.
التوبة تحل العقد وتبعث الموتى
250 وصار [ نمطا وصورة وقدوة[46] وشجاعة لمن يخطيء ويريد ان ياتي الى التوبة،
251 ومنه تعلم كل العالم بوضوح بان التوبة تبعث الموتى وتحل العقد،
252 داؤد كان قد اخطأ خطيئة الموت في بيت اوريا، وبقصاص فمه العادل استحق ان يموت،[47]
253 وكانت توبته قد بعثته كما (تبعث) ميتا ليلتجيء اليها كل من فيه خطيئة الموت،
254 ايها الخاطيء هوذا التوبة تبعث الموتى ايها الموتى الذين ارادوا ان يصيروا موتى هلموا وانبعثوا،
255 انها لا تضمد الجروح فقط لتُشفى بها، لكنها تبعث الموتى علنا ليقوموا بواسطتها،
256 الجسد الذي يخطيء لما يُبتلى بالقروح تضع جسدا جديدا على الجرح المفتوح فيه،[48]
257 وكانما الجرح لم يتكون تكوينا او لم يحدث القرح الذي ضمدته التوبة،
258 من يخطيء ليس خاطئا حالما يتوب لان توبته وضعته في درجة البرارة،
259 كما ان الميت ليس ميتا حالما [ يحيا[49] /392/ لكنه حي لانه عاش وليس ميتا،
260 والخاطيء كلما كانت نفسه مدفونة في الخطايا فهو كله ميت الى ان يحيا بالتوبة،
261 لو تاب فقد باع قبره وصار حيا ولا يُحسب خاطئا ولا ميتا،
262 كلما يخطيء احد فان حصته موضوعة عند الخطأة، وحالما يتوب تقع قرعته عند الابرار.
توبة اللص (لوقا 23/18-19، 39-43)
263 اللص ايضا كان لصا وقاتل البشر الى ان اتى ووقف على باب التوبة،
264 وحالما قال الكلمة وهو تائب خطفته المراحم وجعلته باكورة في الملكوت.
توبة سمعان (متى 26/69-75)
265 وهكذا سمعان صار غريبا عن مصف الرسل والتلمذة لانه كان قد نكر ابن الله،
266 وحالما بكى وسكب دموع التوبة صار تلميذا ورسولا [ وصديقا[50] كما كان،
267 وهكذا هي حال كل خاطيء يريد ان يحيا: حالما يشاء ان يحيا عاش بالتوبة.
توبة داؤد (2صموئيل 12/13)
268 كما اخطأ داؤد [ خطيئة الموت وسقط[51] وصار ميتا بالقصاص (الصادر) من شفتيه،
269 وحالما قال: انني اخطاتُ واذنبت قُبل وانبعث الميت بالغفران [ وعاش،[52]
270 /393/ وأُتقن تاجه واستعاد كرسيه ومملكته ونبؤته وبرارته ومزاميره.
الخاتمة
271 وجماله السامي وايحاءاته الالهية [ وبتواجده[53] مع الله، مبارك الذي اختاره.
كمل (الميمر) على داؤد واوريا
[1] – مزمور 63/3. تلاعب على عبارة: المراحم
[2] – و: ترنوغلتو، نص: ترنغولتو
[3] – يعدد يعقوب ستة افعال وراء بعضها بعضا ليدل على اللاهوت الذي يخلق ويدبر ويحب ويحمل ويسند العالم
[4] – تكوين 6/5؟
[5] – متى 16/19؟
[6] – مزمور 27؟
[7] – مزمور 101/2؟
[8] – نص: “دخلت” لها، و: يهمل: لها “دخلت”
[9] – و: بالخطايا
[10] – لاويون 12/2، 20/18
[11] – اعمال 13/22
[12] – نفس التعليم تجده في قصة شمشون . انظر، ميمره 53، 55، 63، 80، 160، 161، وقصة ايوب. انظر، ميمره 10، 63، 83، 156، 157، وقصة سمعان الصفا. انظر، ميمره 20، 21، 28، 29، 51، 53، 82، 90، 161
[13] – 2صموئيل 11/2
[14] – 2صموئيل 11/3
[15] – و: ولا تدخل اليها الخطيئة الآتية لاجل
[16] – و: وتتسلط
[17] – و: كان. و: في جمالها
[18] – عبارات رمزية للجنس: ماء اعني زرع الرجل، الاكار اعني الرجل. الينبوع والحقل يعني المرأة: زرع داؤد الاكار سقط في حقل اوريا. انظر، البيتين: 90، 92
[19] – 2صموئيل 11/5
[20] – 2صموئيل 11/6-8
[21] – عبرانيون 13/4
[22] – عبرانيون 13/4
[23] – عبرانيون 13/4
[24] – يعقوب يحلل نفسية البار ويقول ان من لا يؤنبه ضميره هو مسفر الوجه بعكس المذنب الذي يلام
[25] – عبرانيون 13/4
[26] – عبرانيون 13/4
[27] -و: مزج (مفرد)
[28] – عبرانيون 13/4
[29] – و: كمين
[30] – 2صموئيل 11/24
[31] – و: من يريد ان يخبيء سرقته يحلف كثيرا وكان يحاول ان يخبيء امرا واحدا فخسر امرين؟
[32] – و: نطق (مفرد)
[33] – 1صموئيل 16/14-23
[34] – و: نعم يجمل
[35] – 2صموئيل 12/7
[36] – خروج 20/17
[37] – و: الحياة والجديدة. يوحنا 11/25، 14/6؛ 8/12. يعقوب يلقب الله: بالجمال (شوفرو) والجميل (شافيرو). اروع لقب صدر من شخص غارق في الحياة الروحية والذي يرى ايضا جمال الله في الطبيعة
[38] – و: وحامل زمنه بقلب؟. مزمور 51/19
[39] – 2صموئيل 12/13
[40] – 2صموئيل 12/13
[41] – نص: المراحم، سوني يصوب: تحب؟. 2صموئيل 12/13
[42] – و: بنته. يقول ملفاننا: ان نفس داؤد اقامت نفسها بالتوبة أي بدون تدخل احد !
[43] – و: ومعروف
[44] – و: دخّر، نص: دخُر
[45] – ملفاننا يقول: توبة لص اليمين جعلته يدخل الى الفردوس، وتوبة سمعان اعادت اليه درجته الاولى بين الرسل، وتوبة داؤد اعادت اليه درجة نبؤته الاولى وجماله ومزاميره كالسابق أي قبل خطيئته. هذا هو مفعول التوبة !
[46] – و: صورة وقدوة ونمط
[47] – 2صوئيل 12/5. يعقوب يتكلم عن خطيئة الموت او “الخطيئة المميتة”. 1يوحنا 5/16
[48] – نفس الفكرة يكررها يعقوب بخصوص الرب-الطبيب الذي يضع جسده على جسد المرضى ولا يترك فيه آثار الجروح بعكس الاطباء الذين يشفون الجرح ويظل فيه الاثر. انظر، ميمره 28 على التوبة
[49] – و: الحياة
[50] – و: اصدقاء. التوبة تعيد ايضا النبؤة الى اشعيا. انظر، ميمره 161، 163
[51] – و: وسقط بالتوبة. 1يوحنا 5/16؟
[52] – و: الذي احتيا
[53] – و: وبايثُيوثِه. ل 14574: ا…ـثُيوثِه، نص: وبايثُيوثِه. تشتق الكلمة من شبه الفعل (ايث) تعني: التواجد، الحضور؟. نادرة الاستعمال. لعله استعملها في هذا الميمر فقط؟!