الميمر 25
ميمر السروجي الثالث على الصوم يثور فيه فيطلب مساعدة ربولي لتاليفه. ايها السامع (ارفع) الى فوقُ فكرك قليلا، لان هذا الكلام غير اعتيادي من القوال، تتحرك بي اسرار الصوم روحيا ومن يصغي جسديا لا يسمعني. السروجي يصنع ميمره لاجل البيعة.
الصوم لذة وشبع والشراهة ثقل وعمى: يدعو الصائمين ان يحاربوا العدو بسلاح الصدقات وبسهام الصلوات. صام موسى واضاء وجهه لانه اكل الصوم بدل الخبز واتكأ على مائدة الرب، اكل آدم فطرشت نفسه بالثمرة التي تناولها من الشجرة، واظلمت وعميت عن الفهم الروحي وسقط من الروحانية.
رمزية وحي الشريعة: معلم موسى وجده صائما ويريد ان يتعلم، فملأ لوحين كنوزا واعطاهما له ليغتني، اعطاه اثنين، ليقرأ في الواحد، وليحفظ الآخر اي لما ينجلي عهد ابنه الجديد. الواحد للتوراة لتتكلم فيه حرفيا، والآخر للبشارة لتُفسر فيه روحيا. في هذا الزمان اعطى للعالم التعليم بواسطة موسى، وفي الزمان الآخر سيعلم الارض كلها بواسطة ابنه. هذا التعليم متاثر بنظرية المصيصي وغيره على المسكنين والزمنين.
صام موسى وايليا اربعين يوما ليتشبها بصوم المسيح، كما تشبه المسيح بصوم الانبياء لئلا يكون غريبا عن والده. صام ليوفي الدين العمومي الذي سبّبه آدم.
رمزية الارقام: ملفاننا لا يريد ان يذكر نصوصا عديدة عن الرقم اربعين في الاسفار الالهية فيكتفي بذكر: المرأة التي تلد ذكرا بعد اربعين وتتطهر، والمرأة التي تلد انثى تكون طمثا اربعين يوما بعد الولادة، ويذكر صوم كل من موسى وايليا لمدة اربعين يوما.
رمزية الرقم اربعة: الطبيعة مكونة من اربعة عناصر ولكي يخلصها صام المسيح عن كل عنصر عشرة ايام. الرقم عشرة هو رمز الكمال.
رمزية الرقم خمسة: الصوم حسب البشارة يدوم خمسين يوما وهكذا خصص لكل حاسة من الحواس الخمس عشرة ايام.
رمزية الرقم خمسين: لو قرأتَ روحيا في الناموس ستجد فيه سر الخمسين بوضوح. سنة الخمسين هي سنة السوابيع وهي سنة العودة والمغفرة والتعزية. يوم الخمسين هو يوم قيامة الرب وعودة المطرودين (آدم) الى عدن. لعل يعقوب يمزج العنصرة والقيامة ليجد رمزا للرقم خمسين حسب حزقيال الذي حسب يوما بسنة؟.
مفاعيل الصوم: الصوم المسيحي فريد لانه وضع الطبيعة البشرية في كور النار وصاغها من جديد. ثلاثية الشهوات التي نصبها الشيطان للمسيح وينصبها لكل انسان لاشاها: محبة البطن داسها بالجوع الذي احتمله، ومحبة المجد قُهرت بتواضعه، شهوة الغنى داسها بمحبة الفقر، وبصوم واحد قُهرت الشهوات الثلاث.
– المخطوطات: باريس 195 ورقة 85؛ روما 117 ورقة 171؛ لندن 12165 ورقة 57
– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. الميمر قصيدة ذات اسلوب مشوق للقراءة وللتامل. فيه العديد من الرموز الكتابية والرقمية وفيه ذكرى لتقاليد قديمة. انه ميمر دراسي وراعوي في نفس الوقت وهو نقد لصوم اليهود وتمجيد للصوم المسيحي. قد يرقى تاريخ تاليفه الى فترة شباب ملفاننا لعله الى ما قبل غلق مدرسة الرها سنة 489م.
– الدراسات:
الميمر الثلاثون، على الاربعين المقدسة صوم مخلصنا، قبطي، 362-370
للقديس مار يعقوب
الميمر 25
[ ج-[1] على الصوم المقدس الاربعيني
المقدمة
1 اعالج ايضا واتحدث عن موضوع الصوم، اهلني يا ربولي لاقول وافيد من يسمعني،[2]
2 هوذا الميمر يثور فيّ، فاعضدني لاتكلم بك عن الايام التي تطلبها مسيرة البرارة،
3 يا معلمي العادل افهمني الموضوع المليء فوائد، لابحث خبره للبيعة التي طهرتها بذبيحتك،
4 هوذا التعليم قد اشرق ليتكلم بوضوح، يا محبي الحق [ اعطوني[3] الاصغاء لنسعدكم،
5 هلموا ايها الصائمون لنتكيء على مائدة الملك، ولنتنعم اليوم روحيا بدون خبز،
6 هلموا ايها الابطال الذين دخلوا الى جهاد البرارة، لنتحدث عن [مسارح[4] الصوم ومعناه،
7 هلموا يا لابسي السلاح المصاغ من الصدقات، واصطفوا في الحرب لان العدو قدّم افواجه،
8 هلموا ايها النشيطون الذين يرمون سهام الصلوات، [ واسرعوا[5] الى الحرب لان الابالسة يهددون اصوامكم،
9 /589/ هوذا اليسار مصطفة في المعركة ضد اليمين، فاركضوا الى السماء واعرقوا في جهاد انتصاراتكم،
10 الصوم معتاد ان يجلب اكاليل البرارة للناس الذين احبوه ويثريهم بالانتصارات،
11 انه معتاد ان يربط العدو امام الصائمين، [ ويحط بأس[6] رئيس الهواء في المعركة،
12 انه معتاد ان يعلن اسرار الله الخفية، ويكشف للعالم عن باريه بعجب عظيم،
13 يقدر الصوم ان يفسر الاحلام ويحل العقد، ويعلن ويوضح كل الخفايا على السطوح،[7]
14 يسهل على الصوم ان يطفيء قوة النار، ومن اللهيب يرش الندى على الصائمين،[8]
15 في الصوم القوة ليعلّم حتى الحيوانات، ويلقي اللجام على فم الاسود الرهيب.[9]
موسى يصوم
16 بالصوم وصل موسى الى رؤيا سكينة العلي ليتكلم معه من الضباب عن الاسرار الخفية،[10]
17 على الجبل موسى اكل الصوم كالخبز، وبه سمن وجمل ولمع بدون طعام،
18 صام عن الخبز واتكأ على مائدة الله، واكل النور وشرب البهاء واكتسب الجمال،
19 كان قد تنعم بالخمر المعصور من الضباب، /590/ وبالمادة الحلوة اقتنى لون اللهيب،
20 الصوم صنع له مأدبة مليئة حياة بذلك الطعام الذي لا فساد لاذواقه،
21 رؤيا الرب ملأت ذلك الصائم شبعا، وبايحاءاته كان يسمن روحيا،
22 ادخله الصوم الى بيت الاسرار، وقام ليريه مقصورة [ العالم[11] وهي تُبنى من اللاشيء،
23 كان قد تطهر من الاطعمة الثقيلة، واستنار عقله ليرى الخفايا بوضوح.
الطعام يثقل النفس ويثنيها عن التعليم
24 بالطعام تثقل حواس النفس لتسقط من معرفة الاسرار الالهية الخفية،
25 كل تلميذ يكثر من الطعام ليس متعلما، لانه بطعامه يثقل [ عقله[12]من التعليم.
موسى صام اربعين يوما واستنار،آدم أكل وفقد نعيمه
26 موسى وآدم كان تلميذَين لله، صام الواحد وتعلم، والواحد لانه اكل اضاع سِفره،
27 اكل التلميذ الثمرة في عدن خلافا للوقت، وبذلك نسي ما تعلمه من الله،[13]
28 معلمه العظيم اوصاه كثيرا بالا ياكل، وبما انه اكل فلم يكن ايضا يقبل التعليم،[14]
29 فكره وقلبه كان قد غلظ بطعامه ولم يستوعب ليتعلم ذلك الناموس الذي كان سيحييه،
30 /591/ طرشت نفسه بالثمرة التي تناولها من الشجرة، واظلمت وعميت من الفهم الروحي،
31 اكل [ ووقع[15] من رتبة الروحانية، ولم يكن يقدر ان يتعلم بعدُ لانه كان قد ثقل،
32 ثقل عليه ذاك الطعام الذي شره به، وبما انه تناوله بشهوة فقد قتله ولم يقدر ان يهضمه،
33 دخل موسى ابن اللاويين ليتعلم هو ايضا، فحفظ نفسه من الطعام لئلا يثقل،
34 عرف بان آدم طرده معلمه لانه اكل، ففطم فمه من الاطعمة ليصير مستنيرا،
35 بعقل عظيم تأمل في الصوم الذي يقدر ان يعلّم الاسرار الخفية وخفايا الله،
36 بتواضعه عرف بانه بالصوم تُفتح عينا النفس لتتفرسا في الخفايا،
37 رأى ان آدم اخرجوه من الفردوس لانه اكل، فصام ليدخل، ويرى شجرة الحياة بجمالها،[16]
38 كان قد صفّ الصوم ضد شهوة ذلك الطعام، ليصير مستنيرا لقبول امور كثيرة،
39 كان قد فرغ من الاطعمة الثقيلة ليستوعب كل اعماق اللاهوت،
40 كان قد استنار بالصوم كمصباح النور العظيم، /592/ الى ان جسّ كل الغاز القدرة البارية،
41 اتكأ اربعين يوما مع الله في الوليمة، وكان يتنعم في امواج اللمع بدون خبز،
42 الصوم نقاه الى ان صار كله نورا، فذهب ليرى ما يوجد فوق العالم وما يوجد بعده،
43 احتقر الاطعمة ورذل الاغذية الجسدية، لئلا يتعرقل في تعليمه اثناء تامله فيه،
44 اصبح غريبا عن الخبز والمياه، لانه كان يعرف بان العقل يظلم والنفس تثقل بالاطعمة،
45 بالصوم موسى رأى الله وتعلم اسراره، ولو اكل لما كان يكتسب ذلك التعليم،
46 قلة الخبز والحرمان من الاطعمة صنعا لعقله حضنا واسعا ليكثر استيعابه،
47 عرف كثيرا اسرار اللاهوت الخفية، وبالتعليم كان قد نسي ان ياكل الخبز،
48 استنار التلميذ بقلة الاغذية حتى صار كله وجه النور العظيم،
49 امتص التعليم، ولانه كان مفطوما عن الاكل، فقد استوعب الكثير حتى انه رأى كل الخفايا،
50 رئيس الجنس صار مائتا بالاكل، وموسى النبي تعرف على القدرة البارية بالصوم،
51 اخرجوا آدم من الفردوس لانه كان قد شره، /593/ ولما صام موسى دخل في ضباب الله،
52 صعد الصائم على جبل الرب، وهناك رأى البرية تأتي وتصير شيئا من لاشيء،
53 رؤيا نفسه دخلت ووقفت على الخفايا، فعرفها وجلب للعالم معانيها،
54 بالصوم الكبير اقتنى العبراني عقلا عظيما ليحدد به الكائنات والعوالم واتقاناتها،
55 كان قد لمع وسكن في ضباب الله، وهناك علمه كل [ الغاز[17] القدرة البارية.
لوحا الشريعة رمز للعهدين القديم والجديد
56 كتب معلم موسى السِفر على لوحين، لانه عرفه ذكيا ويستوعب الكثير،
57 معلمه وجده صائما ويريد ان يتعلم، فملأ لوحين كنوزا واعطاهما له ليغتني،
58 اعطاه اثنين، ليقرأ في الواحد، وليحفظ الآخر اي لما ينجلي عهد ابنه الجديد،
59 على احد اللوحين كتب التوراة وفرائضها، وخصص للبشارة اللوح الآخر لتُفسر به،
60 عهد واحد كُتب على لوح واحد، وبما انه يوجد (عهدان) اثنان، لزم (لوحان) اثنان،
61 الواحد للتوراة لتتكلم فيه حرفيا، والآخر للبشارة لتُفسر فيه روحيا،[18]
62 /594/ اعطاه اثنين (لوحين)، ولما سيشرق (العهد) الجديد في حينه لا يقول احد: لماذا جُدد لنا اثنان (عهدان)،؟
63 لتعرف الاجيال والعوالم وشعوب الارض بان الامور الجديدة والقديمة هي (صادرة) من واحد.
اللوحان رمز للزمانَين
64 باللوحين كان يفهم النبي العظيم بان لله زمانا آخر ليتكلم فيه،
65 في هذا الزمان اعطى للعالم التعليم بواسطتي، وفي الزمان الآخر سيعلم الارض كلها بواسطة ابنه،[19]
66 سيقوم بعدي نبي مثلي من اخوتكم، وسيعلم الارض الصيام وبه ستستنير.[20]
موسى وايليا يصومان اربعين يوما
67 بصوم موسى كان ينتصر صوم ربنا، [ وذاك[21] العدد كان يُمثل بذلك الحساب،
68 لما كان موسى يصوم كان قد احترم بصومه ذلك العدد الذي جُرّب به ابن الله،[22]
69 ايليا ايضا بصفته امين سر اللاهوت كمّل الدرب حسب نفس العدد خلال صومه.[23]
صام الانبياء ليتشبهوا بصوم المسيح
70 موسى بدأ الصوم الكبير، وشيده ربنا، وفي الوسط قطع ايليا المسافة التي وصلته،
71 كان ايليا وموسى العظيم قد نظرا الى ربنا، وبسبب صومه قاما بالصوم ليتشبها به،
72 بصوم موسى تعلمت البرية /595/ كيف صنعها ربها، وكيف وُجدت من اللاشيء،
73 بصوم ايليا نزل الوحي واعطاه البأس ليزيل ملوكا ويقيم ملوكا على ولاياتهم،[24]
74 بصوم ربنا سقط الابالسة من درجاتهم، وعن السلاطين نزعت سلطاتهم،
75 رئيس الهواء سقط [ وتبدد[25] كالبرق، وسندت المراحم آدم الطريح فقام وتعارك،
76 أُقيم المهرجان، فنزل ابن الله الى الجهاد واخذ معركة آدم بدله وحارب فيها.
صام المسيح ليتشبه بصوم الانبياء لئلا يُعتبر غريبا عن والده
77 مشى على الدرب الذي مهده له انبياء ابيه، ليعلم العالم بانه ليس غريبا عن والده،
78 صام مثل موسى اربعين يوما وهو يُجرب، [ وركض في درب[26] البرارة مثل ايليا.
صام المسيح ليوفي الدَّين العمومي
79 كان قد صام العبيد لاجل الرب ليصوروه، وصام [ الرب[27] وجُرب لاجل آدم،
80 صام موسى ولم ينفع آدم بشيء، وصام ايليا، والدَّين العمومي لم يوفَ،
81 انهما لم يصوما حتى ينتفع آدم، لكن ليبينا كيف سيصوم ربه لاجله،
82 باصوامهما كانا قد رسما صورة للابن، لتحس الارض بخبر دربه وبعدئذ يشرق فيها،
83 /596/ لما جاء رب آدم وشرع بصومه، فرح به الانبياء لانه جاء ليكمل ايحاءاتهم،[28]
84 الاولون والوسطيون صاروا له شهودا بانه الرب الذي نزل الى الجهاد بدل عبده،
85 نزل ليجدد معركة آدم والتنين، ولهذا قام بالصيام لما كان يتعارك،
86 ذاك الطعام الذي ادخلته الحية اوفاه بالصوم، لينصر آدمَ رويدا رويدا من ذنوبه،
87 ولانه سبق وأكل، فقد تأخر ربه عن (تناول) الطعام لتتبدل تلك الشراهة الى التقشف:
88 معركة في الجنة، وسقوط بين الاشجار، ولهذا كانت تتجدد هذه [ الحرب[29] في القفر،
89 ذاك الظافر مدد [ المعركة[30] اربعين يوما ليوفي خلالها الدَّين العمومي وهو يقاتل.
العدد اربعين في الكتاب المقدس
90 اقول الآن لماذا ذُكر في الكتاب العدد اربعين وفي كل الاسفار،؟
91 أمر الناموس الشعب بان المرأة التي تلد ذكَرا، عليها ان تجلب ذبيحة تطهرها،[31]
92 ويأمر كذلك المرأة التي تلد انثى ان تكون في الدم اربعين واربعين ثم تطهر،[32]
93 موسى كنز الاسفار والايحاءات /597/ صام ايضا اربعين وتعلم اسرار [ اللاهوت،[33]
94 وايليا الذي زيح صورة ابن الله مشى اربعين (يوما) لانه هو ايضا كان يلتهب بالسرّ،[34]
95 ولئلا اعدد (نصوصا) كثيرة، فكرْ بان [ ذلك[35] العدد مشهور جدا في كل الاسفار.
العناصر الاربعة
96 صام ابن الله اربعين يوما وجُرب، فلو سمعتَ روحيا هلم وافهم،
97 نزل ربنا لينصر هذه الطبيعة بالمعركة، ونزل الى الجهاد لاجلها كلها وهو المنتصر،
98 للطبيعة عناصر اربعة تقوم بها، وهي متساوية ومتضاددة باشكالها،
99 واذ كانت الطبيعة قد سقطت في معركة الثعبان، تعطلت العناصر عن مسيرة البرارة.[36]
العدد عشرة
100 ولهذا اعطى لكل عنصر عشرة ايام وبعدئذ ينتصر بالبطولة،
101 العدد عشرة هو حدّ ولا تجد ايضا عددا اعلى منه،
102 ولهذا اعطى عشرة ايام للعنصر اعني كل مسيرة البرارة،
103 وهذه العشرة ضاعفها اربع مرات لان كل الطبيعة تقوم بها ببرارة،
104 /598/ اربعون يوما اعطت الجهاد للاربعة (عناصر) التي سقطت لتقوم بظفر كامل وهي منتصرة،
105 ولاجل هذه الغاية كان ربنا قد نزل الى الجهاد لتنتصر به كل الطبيعة المقهورة،
106 هذه الاربعون كانت تنتصر في القراءات، بهذا السر المحفوظ والموضوع في الكتب.[37]
حسب البشارة الصوم يدوم خمسين يوما: الحواس الخمس
107 في البشارة [ مُدد لنا[38] السعي خمسين يوما، ولا تقدر ان تنجز الاربعين الا بالخمسين،
108 هذا السر يبرهن بان الحواس والعناصر تقوم بالصوم من السقوط الذي سببته الحية،[39]
109 للحواس الخمس خمسون يوما للبرارة، وبعدئذ تُقهر الخطيئة التي قهرت آل آدم،
110 من الخمسين تقوم الاربعون كما هي مقررة، وبها تنتصر (العناصر) الاربعة التي كانت قد اذنبت بين الاشجار،
111 هذا هو سر هذا الصوم الملئ انتصارات، فقوموا ايها النشيطون واركضوا في جهاد البرارة.
يعقوب يتكلم
112 ايها السامع (ارفع) الى فوقُ فكرك قليلا، لان هذا الكلام غير اعتيادي من القوّال،
113 تتحرك بي اسرار الصوم روحيا ومن يصغي جسديا لا يسمعني.
رمز العدد خمسين
114 باربعين يوما صام وحارب مع الركن، /599/ واعطى الغلبة لكل الطبيعة في المعركة الكبرى،
115 واليوم مُدد الصوم للبيعة خمسين يوما، وهذه الاربعون هي نفسها الموجودة في الجهاد،
116 لو قرأتَ روحيا في الناموس ستجد فيه [ سرّ[40] الخمسين بوضوح،
117 سنة الخمسين هي سنة “سنة السوابيع” وهي سنة العودة والمغفرة والتعزية،[41]
118 فيها تُعاد كل الاراضي التي كانت مباعة وترجع الى اصحابها الاولين ليفرحوا بها،
119 الفقر اجبرهم على البيع، وبالمسامحة صاروا ورثة لمواريثهم،
120 سنة الخمسين تعيد القرى الى مقتنيها والحقول الى الاصحاب الاولين الذين تركوها،
121 من خسر ارضه ببيعها وتغرّب عنها، في سنة الخمسين تعود اليه ويمتلكها،
122 الورثـة المحتاجون الذين باعوا وتركوا اموالهم في سنة الخمسين يعودون ويحضرون الى تخومهم.
المسيح قام من القبر في اليوم الخمسين
123 هنا: القيامة، ويوم البشارة العظيم الموافق للخمسين الذي كان يشتهر في الناموس،
124 في اليوم الخمسين، الوارث في الجنة قام من القبرواخذ عدن التي اشترتها الحية منه بمكر،
125 /600/ في اليوم الخمسين، يأتي [ ربنا الى اراضيه،[42] وذاك الغاشم الذي مكر واشترى يفقد ما هو مُلكه،
126 بعد خمسين يوما سيشرق على النفوس التي كانت قد بيعت كالحقول ثم عادت،
127 العدو اقلق واشترى واضل واقتنى، وبعد خمسين (يوما) تعود الى ربها [ ليرثها،[43]
128 السنة كانت تُرسم روحيا بيوم، (كما) اخذ حزقيال في وقته يوما بسنة،[44]
129 في سنة الخمسين العودة والغفران والافراح للورثة الذين اقتنوا اموالهم،
130 في اليوم الخمسين الانبعاث والتعزية، وفيه عادت النفوس الى الله ليرثها،
131 في نهاية الصوم تُعطى لنا قيامة الابن، ويعيد المبيعات كما في سنة الخمسين،
132 كل النفوس التي كانت قد بيعت بلا شيء يخلصها ويعيدها بلا شيء،
133 بهذه الاسرار تكلم موسى مع العبرانيين ليصير الغفران في تلك سنة سنة السوابيع،
134 وكتب خمسين لاجل هذا سر البرارة العظيم، وفي النهاية سماه بالمغفرة،
135 /601/ الصوم يدوم خمسين يوما، وفي نهايته تعمل القيامة مغفرة واحدة لجميع المذنبين،
136 في هذه الايام الخمسين تسعى البرارة، وفي نهايتها يقوم الغفران ليجددها،
137 في خمسين يوما عَرَقٌ ومعركة وغصب، وبعدها الاكليل العظيم والنصر،[45]
138 هذا الصوم يقوم بهذه الاسرار الخفية، يا ايها الصائمون لا ترتخوا من اتعابكم،
139 في هذه الايام تُصوّر صورة البرارة، فليجلب كل واحد الالوان المنتخبة من الوانه،
140 عن هذه الايام الخمسين كتب موسى: لتكن السنة الخمسينية للشعب سنة العودة،[46]
141 ولهذا تدوم المعركة اربعين يوما مع المنتصرين حتى تجمل هذه الطبيعة وتتبرر،
142 باربعين يظفرون، ولا يُجازون الا في الخمسين، لانه في نهاية الخمسين سيقوم المخلص [للارض.[47]
مفاعيل الصوم
143 شهي انت ايها الصوم طوبى لمن انتصر بك، فبك توجد كل الاسرار وكل الانماط،
144 الاربعون هي مُلكك، ولك الخمسون: معركة شديدة وفي النهاية الاكليل العظيم،
145 /602/ عظيم انـت ايها الصوم، وعظيم هو السر الذي يتم فيك، فبك تُعطى كل الانتصارات لجميع الظافرين.
الصوم طهر موسى
146 بك تنقى النبي العظيم ابن اللاويين وصار للشعب شمسا لحمية بالضوء الذي لبسه،[48]
147 بك صار باطنيا ودخل ومسّ اعماق اللاهوت، وخرج وكرز الحياة للعالم بالرجاء العظيم.
الصوم طهر ايليا
148 بك جمل ايليا وتنقى واقتنى جناحين وطار وصعد الى موضع لا يدخله الموت.[49]
بالصوم اسقط الرب الشيطان
149 بك مخلصنا اسقط عدوَّنا في المعركة، وفي نهايتك خرّب الشيول لاجلنا.[50]
دعوة الى الصوم
150 الصوم سلاح، ولو لبسه ضعيف [ لقوى وانتصر به في معركته،[51]
151 قوموا مثل اذكياء اقوياء ادركوا ما هو الصوم واقضوا الصوم ببرارة بشكله:
152 بالايمان الذي هو سرّ الحسنات، وبالمحبة البشرية التي تقرّبكم من الله،
153 وبالسلاح المصاغ بالصلوات وبالصدقات، بالبرارة من اليمين ومن اليسار،
154 وبالتواضع الذي يقدّم خدّه لمن يضربه، وبالمحبة الصافية التي لا تغضب على قريبها،[52]
155 وبالهدايا التي تخرج من عتبتك للمحتاج، وبالصدقات التي تطير منك الى المتسولين،
156 /603/ وبكل الفرص التي تساعد على (فعل) الحسنات، وبكل المساعي التي بها تُصنع البرارة،
157 وبكل ما يطلبه الصوم الطاهر من الصائمين، اسعَ ايها الصائم لتقدر ان تخلص نفسك،
158 انه لخطر عظيم تلزمه اذاً القوة، اتعبْ في الجهاد وانتظر الاكليل من العدالة،
159 لا تتراخ لئلا تنام قليلا وتنعس قليلا وتفقد [ غلة كثيرة تعطي الحياة للنفس،[53]
160 هذا الصوم هو مسارح البطولة، مَن يسقط يمت، [ ومَن لا يسقط[54] ينتصر،
161 خف ايها الصائم من المحارب الذي يحرس الهواء، ها انه واقف عريانا ومجتهدا ليحارب مع الصائمين،[55]
162 خُذْ يسوع فلولاه لا [ احد] يغلب، وبه [ تقدر[56] ان تُخضع كل الاعالي،
163 الصوم سلاح وقد اعطاه يسوع لجميع الظافرين، يا عبيد الملك خذوا الدروع في معركة الدم،[57]
164 هذا هو الصوم: ذاك الجهاد الذي يقوم فيه احد حتى الدم لينقذ حياته من المعركة،
165 في هذه المعركة تقتل النفس او تُقتل، تنتصر وتقوم او تُغلب وتسقط بقوة،
166 /604/ هذا الصوم: مقرر لمعركة البرارة ولا يقدر احد ان يرتخي من المحاربة.
الصوم المسيحي فريد في نوعه
167 يوجد صوم، ويوجد صائمون، ويوجد تمييز، وهذا الصوم هو فريد للمجاهدين،
168 الناموس اعطى للاسرائيليين عشرة [ اصوام] في سنة واحدة بفرائض كثيرة،[58]
169 وهذه الاصوام كانت تُعطى لاسباب مختلفة لاجل الخلاص ولاجل اعياد السنة كلها،
170 هذا الصوم هو وحيد والهي، وهو شيء عظيم بحيث تتجدد به كل الطبيعة،
171 صام ابن الله ليبرر كل الجنس البشري، وسببه هو اعظم الاسباب،
172 وضع كل الطبيعة كما لو كان في كور النار مدة اربعين يوما، وصاغها لتجمل لانها كانت قد صدئت،[59]
173 بصومه الكبير اضعف بأس العدو، واقام الساقطين الذين كانوا مطروحين منذ الازل،
174 هوذا الدَّين العمومي يوفى بصوم الابن، وكل واحد ملزم ليتعب معه لاجل خلاصه،
175 واذا كان الظافر قد نزل الى الجهاد بدل المذنبين، كيف يبطل المذنب من المعركة.؟
معارك ثلاث ضد شهوات ثلاث (متى 4/4، 6، 10)
176 /605/ في هذا الصوم [ كان قد شنّ[60] ثلاث معارك مع القوي، وفي ثلاثتها اهانه وداسه،
177 نصب الشيطان ثلاثة فخاخ الشهوات الثلاث، وكسر ابن الله ثلاثتها،
178 صفّ في المعركة: محبة البطن، ومحبة المجد، ومحبة الغنى مع الصائم الذي شاء وجاع،
179 كل هذه الامور التي كان آدم قد اذنب فيها، جلبها كلها ليغلب بها المجاهد،
180 واذ قام القوي بيقظة وحافظ على فخاخه، كسرها المستيقظ بصومه وجعله سخرية،[61]
181 محبة البطن داسها بالجوع الذي احتمله، ومحبة المجد كانت تُقهر بتواضعه،
182 شهوة الغنى داسها بمحبة الفقر، وبصوم واحد قُهرت الشهوات الثلاث،
183 بصومه سلّم التعليم للمتوحدين كيف يغلبون العدو بجهادهم،
184 وبخ آدم لانه لو اجاد الحرب لما كان يخسر في معركة الشهوة والشراهة،
185 احتقر الغاشم الذي انزله الى المعركة ووقف وحارب وخسر القوي، فانتصرت الطبيعة التي كانت قد اذنبت،
186 كان ابن الله يقاتل بشخص آدم /606/ والغلبة التي احرزها الرب اعطاها لعبده.
الخاتمة
187 وبما ان حواء اذنبت، فقد اوفى ابن البتول صكها، مبارك مَن بصومه انتصر الصائمون في جهادهم.
كمل [ (الميمر الثالث)[62] على الصوم
[1] – ب: ج (الثالث)
[2] – يوحنا 20/15. “رابولي”: لماذا لا يكتب يعقوب “رابوني” كالعبرانية؟
[3] – ل: له
[4] – ر: مشهد، منظر. يستعمل يعقوب مرتين عبارة حزووني ويعني بها المسارح للتفرج او للمنازلة. في البيتين: 6، 160
[5] – ب، ر: اسرعوا. يقارن الحياة الروحية بالمعركة: ابطال-سلاح الصدقات، رمي السهام- سهام الصلوات، يسار- يمين
[6] – يضع باسه. افسس 2/2
[7] – تكوين 41، دانيال 1/17، دانيال 2، 4. متى 10/27
[8] – دانيال 3
[9] – دانيال 6
[10] – خروج 19/16-25، 34/28-35
[11] – ر: العوالم. انظر، ميمره 71 على الايام الستة
[12] – ب، ل: ذهنه
[13] – تكوين 3، خاصة 3/6
[14] – تكوين 2/16-17
[15] – ر: ثُلم
[16] – تكوين 2/8-9، تكوين 3/23-24، خروج 34/28
[17] – ب، ر: اصوات
[18] – يعقوب يؤكد على ضرورة التفسير الحرفي (سوعرناية سوعرونوإيث) في التوراة والتفسير الروحي (روحناية روحونوإيث) للبشارة. في نصوص اخرى يقول العكس التفسير الروحي ضروري للتوراة والتفسير الحرفي ضروري للبشارة اي للعهد الجديد
[19] – عبرانيون 1/2
[20] – تثنية 18/15
[21] – ر: لان ذلك
[22] – خروج 34/28، متى 4/1-11
[23] – 1ملوك 19/8، متى 4/1-11
[24] – 1ملوك 22/29-54، 2ملوك 1/1-18
[25] – ل: وقلق. افسس 2/2، لوقا 10/18. في البيت 77-78 يقول العكس: صام المسيح ليتشبه بالانبياء. تعددية نظريات السروجي
[26] – نص: ركض في بطولات البرارة. متى 4/2. في البيت 70-76 يقول العكس: صام الانبياء ليتشبهوا بالمسيح. تعددية نظريات السروجي
[27] – ب: ربنا
[28] – متى 5/17
[29] – ر: معركة
[30] – ر: معركته
[31] – لاويون 12، خاصة 12/1-4
[32] – لاويون 12، خاصة 12/5
[33] – ب، ل: الله. تثنية 34/28
[34] – 1ملوك 19/8
[35] – ب: هو، ل: هذا. يعقوب يكتفي بسرد هذه النصوص ولا يريد ان يذكر غيرها. في ميمره 204 يذكر رموزا اخرى اضافية للرقم اربعين. انظر، ميمره 122
[36] – انظر، ميمره 71
[37] – رمز الرقم عشرة. انظر، ميمره 50، 157
[38] – ل: يمدد، ر: مدد لنا. ينقل يعقوب تقليدا بيعيا قديما عن مدة الصوم الخمسيني ليجد فيه رمزا للحواس الخمس
[39] – تكوين 3
[40] – ر: اسرار. رمزية الرقم خمسة، خمسين. انظر، ميمره 14، 71، 72، 87، 173، 178، 210
[41] – لاويون 25
[42] – ل، ر: الرب على الاراضي
[43] – ب، ل: دنيراث، نص: نيراث
[44] – حزقيال 4، خاصة 4/6
[45] – متى 11/12
[46] – لاويون 25، خاصة 25/8-19، 23-34
[47] – ل: العظيم. فُرقو: يذكر يعقوب عادة اسم المخلص في السريانية (فروقا فوروقو) واحيانا (فرقا فُرقو) كما هي الحال هنا وهما مترادفان. هل يقصد “الجيل الخامس” أي جيل المسيح ونهاية العالم كما ورد في ميمره 14 على فعلة الكرم؟. رمزية الرقم خمسة، خمسين. انظر، ميمره 14، 71، 72، 87، 173، 178، 210
[48] – خروج 34/29-35
[49] – 2ملوك 2/11
[50] – متى 4/1-11
[51] – صدر البيت خطأ. كيف يكون الصوم سبب الاندحار؟ نص: يضعف به ولا ينتصر في معركته. لا بد انه يتذكر قصة داؤد يوم حارب جليات ليس بسلاح شاؤل بل بعصاه رمز الصليب. 1صموئيل 17/38-40
[52] – متى 5/39، 1قورنثية 13/1-13، خاصة 13/5
[53] – ب: كثيرة الغلة التي تعطي للنفس
[54] – ب: ومن هو واقف. رومية 14/4، 1قورنثية 10/12؟
[55] – افسس 2/2
[56] – ر: انت. ر: احد
[57] – عبرانيون 12/4
[58] – ب، ل: ايام. صيام سبعة ايام بمناسبة وفاة شاؤل: 1صموئيل 31/13. زكريا يتكلم عن صوم: الشهر الرابع والخامس والسابع والعاشر. زكريا 8/19. اين وجد يعقوب عشرة اصوام او عشرة ايام؟. هل يستند على تقليد يهودي؟. يقارن الاصوام او الايام العشرة بالوصايا العشر، ويريد ان يقول ان الاصوام العديدة لم تقدس البشر لكنها كانت رموزا لصوم المسيح الواحد والفريد في نوعه الذي قدس البشر
[59] – امثال 17/3
[60] – ر: كانوا قد شنوا
[61] – المسيح هو مستيقظ. لعل يعقوب يذكر هنا نظرية افرام القائلة ان المسيح هو مستيقظ اي ملاك. ملفاننا نفسه يناهض هذه النظرية في سائر ميامره. تعددية نظريات ملفاننا !
[62] – من اضافة الناشر