في سر التوبة والاعتراف
مار طيمثاوس يعقوب موصلية
مطران دير مار متى (+1966)
الفصل الأول: في الاعتراف
إن الإنسان ميّال إلى الخطيّة. فلا يمكن أن يبقى طاهراً من الخطية الشخصية بعد أن تطهّر من الخطية الجدية، ولا يمكن أن لا يخطئ «لأنه لا إنسان صديّق في الأرض يعمل صلاحاً ولا يخطئ» (جا 7: 20) «وليس أحد صالحاً إلا اللّه وحده» (مر10: 18) «وإن قلنا ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا» (1يو1: 8).
فهذا الداء يتطلب دواءً شافياً وإلا لأهلك البشر على بكرة أبيهم لأنه قد جعلهم عبيداً للخطية (يو8: 34)، وسوف يهلكهم تحت رقها وبعد الرق سوف يذيقهم الموت الزوام «لأن أجرة الخطية هي موت» (رو6: 23) «والخطية إذا كملت تنتج موتاً» (يع1: 15).
وعلاجاً لهذا الداء المميت جعل اللّه في كنيسته سر التوبة وغفران الخطايا مسلّماً إياه لتلاميذه الأخيار إذ قال لهم: «كما أرسلني الآب أرسلكم أنا من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت» (يو20: 23). وكل ذلك لأنه لم يشترهم مجاناً بل بدمه الكريم كقول الرسول بطرس: «عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح» (1بط1: 18و19). فلأجل هذا الفداء قد وضع اللّه لهم سر التجديد الروحي لئلا يسقطوا في اليأس وقطع الرجاء ومن ثم يحيدون عن طرقه مارقين عنها فتكون نتيجة الفداء كلا شيء إذ لم تجدِ نفعاً ما دام المفدى ساقطاً في حمأة الخطية والأثم.
ثم بأفعالهم يصلبون الرب ثانية كقول القديس بولس: «لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السموية وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة اللّه الصالحة وقوات الدهر الآتي. وسقطوا لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن اللّه ثانية ويشهرونه» (عب6: 4ـ7). وبدون هذا السر لا يقدر الخروج منها بأي واسطة، وإن لم يخرج منها يعد أثيماً وشريراً، والشرير لا يدخل ملكوت اللّه كقول المرتل: «الأشرار يرجعون إلى الهاوية كل الأمم الناسين اللّه» (مز9: 17) فرحمة منه وشفقة على الذين اشتراهم بدمه الكريم قد أعد لهم هذا السر الذي به يستطيعون الوصول إلى الحياة الأبدية وملكوت السموات.
والكنيسة المقدسة تمارسه منذ العصر الرسولي وإلى يومنا هذا ولها بذلك حجج قوية وبراهين دامغة من الكتاب المقدس منها:
إن اللّه تعالى ألجأ آدم إلى الإقرار بأكله من الشجرة المنهى عنها فأقرّ آدم بذلك (تك3: 12) وأمر تعالى موسى قائلاً: «قل لبني اسرائيل. إذا عمل رجل أو امرأة شيئاً من جميع خطايا الإنسان وخان خيانة الرب فقد أذنبت تلك النفس فلتقر بخطيتها التي عملت» (عد5: 6) وكان شعب اسرائيل فعلاً يأتي إلى الكهنة حين تقريب ذبائح الأثم مقرين بخطاياهم (تث26: 3). وقد مارسته الكنيسة الاسرائيلية في جميع أدوارها بحسب أمره تعالى حتى أن الآتين إلى يوحنا المعمدان «اعتمدوا جميعهم في الأردن مقرين بخطاياهم» (مر1: 5) وكان كثيرون من الذين آمنوا «على يدي بولس يأتون مقرين مخبرين بأفعالهم» (أع19: 18).
نتج أن الاعتراف موجود في الكنيسة القديمة بحسب أمره تعالى لموسى النبي. وفي الجديدة بحسب ما يخبرنا سفر أعمال الرسل وبعض الآباء المعاصرين للرسل. قال القديس ديونوسيوس تلميذ القديس بولس في ميمره على الراقدين «أنا تابع للأقوال الإلهية… إن صلوة القديسين تنفع جداً وكذا من تقدم إلى رجل بار واعترف له بآثامه فإنه ينال صفحاً من اللّه وتمحص خطاياه وينال المواهب الإلهية التي يحتاجها لأن ذلك شرع في الأحكام الإلهية أن يمنح اللّه المواهب ويعطيها بتوسط الآباء».
الفصل الثاني: في وجوب الاعتراف للكهنة([1])
إن الكنيسة المقدسة قد استلمت هذا السر من مؤسسيها ومعلميها. ومارسته هكذا باعتراف أفراد الشعب للكهنة الشرعيين الذي نالوا السلطان من رؤساء شرعيين بوضع اليد فتستعمله الكنيسة مستندة به إلى براهين راهنة وهي:
أولاً: إن الكهنة هم رعاة وقد فرض عليهم أن يحترزوا على صوالح الرعية إذ قيل لهم: «احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة اللّه التي اقتناها بدمه» (أع 20: 28). والشعب دعي خرافاً كقول السيد المسيح لبطرس «أرع خرافى» (يو 21: 15»، فمن واجبات الراعي افتقاد أغنامه ليراعي الضعيفة ويداوي بعقاقير ألفاظه الروحية كسيري القلوب وحزيني النفوس ومكتئبي الأرواح، وأن يطلع على أسرار رعيته ليرشدها إلى طريق الحياة لئلا تهوي في ديجور الظلام وتقع تحت نير عبودية الخطية والشيطان، وأن يهتم بالنفس أكثر من اهتمامه بالجسد لأنها مخلوقة على صورة اللّه (تك 1: 27)، وترجع فيما بعد إليه (جا 12: 7). فإذا رجعت إليه ملوثة بالخطايا فكيف المصير، إذاً يجب الاهتمام بالنفس أكثر من الجسد لا سيما الكهنة الذين أؤتمنوا على الأنفس كقول الرسول بولس: «الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد لا الحرف بل الروح. لأن الحرف يقتل وأما الروح فيحيي» (2كو 3: 6). فإذاً ما دام الشعب مسلَّماً إليهم يجب أن يطلعوا على أسرار الأنفس بالاعتراف. فإن الكهنة لم ينتحلوا هذا السلطان لهم بأنفسهم بل الذي أرسلهم قال لهم: «كما أرسلني الآب أرسلكم أنا اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه امسكت» (يو 20: 21ـ32) «وكل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (مت 18: 18).
ومن المعلوم أن الخراف إذا ضاع احدها يطلب من الراعي هكذا رعاة خراف المسيح إذا باد واحد بخطاياه يطلب منهم لأنه مسلم إليهم وهم مسؤولون عنه كقول اللّه تعالى للنبي حزقيال: «فإن لم تتكلم لتحذر الشرير من طريقه فذلك الشرير يموت بذنبه أما دمه فمن يدك اطلبه» (حز 33: 8) فإن كان الكاهن لا يعرف بحالة الشرير ونوع شره فكيف يستطيع أن ينذره حتى يرجع عنها.
ثانياً: كونهم أطباء روحيين كقول يعقوب الرسول: «أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له» (يع 5: 14). فعلى المريض أن يكشف لطبيبه نوع مرضه ليعطيه علاجاً ملائماً فإذا كان الطبيب لا يعرف داء المريض فكيف يستطيع أن يصف له علاجاً، وبما أنهم أرسلوا لكي يشفوا كل مرض وكل ضعف (مت 10: 1) إذاً فهل هذا الشفاء هو علم طب الأبدان؟ كلا بل الأنفس المفتداة بدم الحمل الكريم.
ثالثاً: كونهم سفراء المسيح (2كو 5:20) وخدامه ووكلاء سرائره (1كو 4: 1) فينبغي أن يعملوا عمله، فإن السيد له المجد هو بذاته مارس هذه الوظيفة قد قلدها للرسل، والرسل قلدوها لخلفائهم، إذاً ما دام خلفاء الرسل ووكلاء المسيح مكلّفين بالرعية ومسؤولين عنها، يجب عليهم أن يعالجوا الأنفس الساقطة وأن يدهنوها ببلسم نصائحهم وإرشاداتهم الروحية لكي يستردوا ما قد فقدوه من الصلاح، كما شفى هو آدم وأعاده إلى بره وقداسته.
رابعاً: شهادات الآباء، قال ابن العبري: «إن الإنسان الخاطئ عند شروعه في التوبة، يجب أن يسكب دموعاً سخيّة سائلاً الصفح والغفران من اللّه معترفاً بخطاياه» ( يونا الحمامة ب 1 ف 2)، وقال القديس باسيليوس: «إن الاعتراف بالخطايا للمؤتمنين على سرائر اللّه ضروري لأن الذين كانوا يتوبون قديماً كانوا يعترفون بخطاياهم ليوحنا المعمدان» (مت 3: 6). وفي أعمال (19: 18) نرى أنهم كانوا يعترفون للرسل الذين كانوا يعتمدون منهم (جواب على سؤال 288). وقال القديس غريغوريوس النيسي في خطابه للذين يدينون الغير على خطاياهم «اسكبوا قدامي دموعاً حارة وغزيرة وأنا أعمل معكم هذا العمل عينه، خذوا خادم الكنيسة شريكاً أميناً لكم في حزنكم واكشفوا له أسراركم كما يكشف المريض جراحه للطبيب فتنالوا الشفاء».
خامساً: أقوال المجامع المسكونية والمكانية: أولاً: قرر المجمع المسكوني الأول «إن الذين دعوا من لدن النعمة وأظهروا النهضة الأولى ثم عادوا إلى قيئهم كالكلاب فهؤلاء يجب فحصهم واختبارهم ونوع توبتهم. فالذين يظهرون والعمل الصالح فعلاً لا صورة فمن الواجب أن يشتركوا في الصلوات ثم يباح رجوعهم بالخوف والدموع والصبر للأسقف أن ينظر في أمرهم بأكثر شفقة» (نيق ق 12). وقرر مجمع اللاذقية المكاني «إن الذين يخطئون في زلات مختلفة متى ثابروا على الصلوات والاعتراف والتوبة ورفضوا الشرور رفضاً كاملاً يقبلون في الشركة لرأفة اللّه وجوده» (ق 2).
الفصل الثالث: في سلطان الربط والحلlأما
لقد مر معنا إن الكاهن هو راعٍ (يو 21: 15)، وطبيب روحي (يع 5: 14)، وسفير المسيح ووكيل سرائره (1كو 4: 1)، وإليه أسلم السيد المسيح سلطان الربط والحل (يو 20: 21) وثبت من ذلك وجوب الاعتراف له واطلاعه على أسرار أبناء الكنيسة، والمعترف إما أن يربط أو يحل وفي هذا الفصل نتكلم عن الربط والحل.
أولاً: الربط ـ هو عبارة عن عدم حل المعترف ووضع القانون عليه وإلزامه بحفظ القانون إلى مدة معينة وآباء الكنيسة لهم هذا السلطان بصفتهم خدام المسيح ووكلاء سرائره (1كو 4: 10). وقد استعمل هذا السلطان الرسل أنفسهم فإن بولس حكم على ذلك الرجل المرتكب الخطايا بالفرز عن الشركة المقدسة (1كو 5: 2) وأسلم هيمينايس والإسكندر للشيطان لكي يؤدبا (1تي 1: 20) وأعمى بصيرة بريشوع النبي الكذاب الذي قاومه في بافوس وتركه يجول ملتمساً من يقوده (أع 13: 6ـ12) ومثله فعل القديس بطرس مع حنانيا وسفيرة امرأته إذ أماتهما لأنهما كذبا على الروح القدس (أع 5: 3ـ12) وزجر سيمون الساحر قائلاً له لتكن فضتك معك للهلاك (أع 8: 20).
وكذلك استعمل هذا السلطان آباء المجامع المسكونية المقدسة الذين اجتمعوا لمحاكمة الملحدين وتسفيه آرائهم. مجمع نيقية المنعقد سنة 325م حرم أريوس، مجمع قسطنطينية المنعقد سنة 381م حرم مقدونيوس، ومجمع أفسس المنعقد سنة 431م حرم نسطور.
فالرسل إذاً والآباء استعملوا هذا السلطان وقد أمر الرسل خلفاءهم باستعماله بقولهم: «أيها الأسقف اجلس في الكنيسة وبشر بالكلمة فإن لك سلطاناً به تدين الخطاة إذا رأيت خاطئاً فداوه قليلاً وحينئذ افرض عليه صوماً بقدر استحقاقه وعرّفه أن يتأدب كما تستوجب خطيئته»، واطلب الخطاة واجعل عليهم أدوية لينة حلوة، قوّهم بكلام اللّه ونظف جراحهم فإن كان الجرح عميقاً وامتلأ مادة فنظفه بدواء حاد بالتوبيخ وبعده بالغراء فإن كان تمادى اكوه واقطع منه الدواء فإن عدم الشفاء فبفحص شديد وحرض ومشورة أطباء وعلماء واقطع بغم وحزن العضو الذي فسد لئلا يفسد باقي الأعضاء. فقد كتب اعزلوا الخبيث من بينكم (1كو 5: 13) (دسق ك 1 ف 3ـ5).
وقد استعمل هذا السلطان حسب الاوامر الرسولية الآباء في الأجيال الغابرة كشهادة القديس يعقوب السروجي إذ قال: «هلم بسلام أيها الكاهن الذي يربط إنساناً على الأرض فيربطه الرب في السماء» (ميمره على الأسرار) وقال مار يعقوب ابن صليبي في تفسيره لإنجيل متى (16: 19) «وهنا نرى أن سلطاناً أعطي لجميع الكهنة القويمي الإيمان بواسطة بطرس ورفاقه لأن مسألة الربط والحل التي هي من حقوقه (المسيح) قد أوكلها إلى تلاميذه ثم سلمت إلينا بواسطتهم». وقال أيضاً: «إذا ربط الأسقف أحداً وأخرجه من البيعة فهو مربوط في السماء فيبقى هنا مربوطاً بالحكم عليه وهناك بالعذاب ولم يحتم بربطه بل سوّغ ربطه حتى يبقى مهدداً فيخاف عقاب الربط» (تفسيره لإنجيل متى 18: 18)، وقال القديس يوحنا الذهبي الفم: «إن ساكني الأرض قد سُمح لهم أن يسوسوا ما في السموات وأخذوا سلطاناً لم يعطه اللّه للملائكة ولا لرؤساء الملائكة لأنه لم يقل لاولئك كل ما تربطونه على الأرض الخ. ثم أن للمتسلطين في الأرض سلطاناً أن يربطوا ولكنهم يربطون أجساداً فقط. وأما هذا الرباط فإنه يمسّ النفس عينها ويجتاز السموات وما يعمله الكاهن من أسفل يثبته اللّه من فوق ويؤيد السيد رأي العبيد» (في الكهنوت 3 4و5). وقال القديس كيرلس الإسكندري: «إن الموشحين بالروح الكلي قدسه يمسكون الخطايا بقصاصهم أبناء الكنيسة عندما يخطئون» (على يوحنا 20: 23).
فآباء الكنيسة ورعاتها إذن لهم الحق والسلطان على ربط الخطاة وتوبيخهم وأمرهم بالإياب عن فعل الخطية بعنف وزجر.
أما القوانين التي يعرضها الكاهن على الخاطئ فكانت قديماً كل عمل بعكسه، مثلاً: الشره بالصوم و.و.وا. وقس على ذلك ومن ثم ينبغي على الكاهن أن يفطن عند الضرورة في وضع القوانين وأن يتصرف بها عند الحاجة الماسة. وهذه القوانين هي بمثابة أدوية تعطى للمرضى كل واحد حسب حاجة مرضه. فليفقه الكاهن إذن ويصف لكل داء دواءه. والغاية من هذه القوانين هي كما قلنا أدوية وعقاقير لشفاء النفس الملوثة بالخطايا، ولكي يتذكر الإنسان أن عمله هذا غير القانوني كان قد أغاظ اللّه تعالى به فيحذر أن يعود إليه ثانية. فالغاية الكبرى منه هي تقويم اعوجاج المعترف كقول القديس بولس الرسول «التوبيخ للتقويم والتأديب» (2تي 3ـ16).
ثانياً: الحل ـ وكما أن الكاهن تقلد أمر الربط كذلك تقلد الحل أيضاً كقول السيد له المجد: «كما أرسلني الآب أرسلكم أنا اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه غفرت» (يو 20: 21).
وقد استعمل الرسل هذا السلطان. فإن القديس بولس قد وبّخ إنساناً خاطئاً (1كو 5: 2) وحلّه قائلاً: «مثل هذا يكفيه هذا القصاص» (2كو 2: 6). وبعد الرسل مارسه الآباء كل واحد في جيله كما يتضح من كلام القديس مار يعقوب السروجي «هلم بسلام أيها الكاهن الذي تحل إنساناً على الأرض فيحلّه الرب في العلى» (في ميمره على الأسرار).
ولا تسمح القوانين للكاهن أن يحل من كان مربوطاً من كاهن آخر إلا إذا اقتضى الأمر وذلك عند ضرورة الموت. ولكن إن غاب الكاهن فلتجر المخابرة بينهما، ويطلب منه السماح.
الفصل الرابع: في واجبات الاعتراف
إن الاعتراف مؤسس على قاعدتين مهمتين وهما الإقرار والحل. فالإقرار هو من واجبات المعترف. أما الحل فمن واجبات المعرِّف. ولأجل الفائدة نقسم موضوعنا هذا إلى ثلاثة أقسام وهي: قبل الاعتراف، عند الاعتراف، وبعد الاعتراف.
- واجبات المعرف قبل الاعتراف:
يجب على الكاهن أن يبحث ويفتش عن الرعية التي أؤتمن رعايتها وقيادتها ويطلب منها الضال الساقط في حمأة الخطية، ليرده إلى التوبة أسوة بمعلمه السيد المسيح الذي كان يطوف المدن والقرى باحثاً عن الخطاة فكم من مرة آكلهم (مت 9: 12). يجب إذن على من كان منتدباً لهذه الوظيفة أن يباشرها بكل نشاط واجتهاد، وأن يصطاد الخطأة بإرشاده الروحاني كما كلف السيد المسيح الرسل قائلاً: «اجعلكم صيادي الناس» (مر 1: 17)، ويأتي بهم إلى حظيرة السيد المسيح. فإنه هكذا كان يفعل حيث كان يترك التسعة والتسعين على الجبل ويمضي طالباً الضال (مت 18: 12 ولو 15: 4) وكان يتحيّن الفرص لمخاطبة الخطاة حتى يتوبوا بقوله لهم: «إن لم تتوبوا فجميعكم تهلكون» (لو 13: 5) فكانت الجموع تتبعه طمعاً بنوال بعض من الفوائد الجسدية فكان يفيدهم جسداً ونفساً. فإن الخمسة الآف الذين تبعوه في البرية لم يتركهم جائعين لئلا يخوروا في الطريق، بل أشبعهم بذلك الخبز اللذيذ (مر 8: 3) الذي تاقوا إليه مراراً فخاطبهم قائلاً: «لم تتبعوني لنظركم الآيات بل لأكلكم الخبز فشبعتم» (يو 6: 26). ومع ذلك كله كان يقول لهم: «اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي» (يو 6: 27) فكان قصده الوحيد أن يتركوا الخطية ويتمسكوا بالفضيلة ومنهم من كان يتبعه لشفاء مرض اعتراه، أما هو فكان يشفي أمراضهم الجسدية والروحية. ومن بعد ما كان يشفيهم كان يقول لهم: «لا تعودوا تخطئوا لئلا يصيبكم أشر من هذا» (يو 5: 14 و8: 11 ومت 12: 45).
يجب إذن على وكلاء السيد المسيح وخدام سرائره أن يجتمعوا بالخطاة كلما سنحت لهم الفرص منذرين إياهم بكلام النصح والإرشاد بكل وداعة وبشاشة عالمين أن السيد له المجد لم يفتر عن المناداة بالتوبة، بل كان جهده الوحيد الوعظ والإرشاد فكان ينذر الناس في المدن (لو 4: 43) والقرى (مت 9: 35) ورؤوس الجبال (مت 5: 1) والبراري والقفار (يو 6: 10) والبحار (يو 6: 1 ومت 13: 1) حتى أنه أوصى الرسل أن يذهبوا إلى مدن السامريين ولكن هو بنفسه دخلها فجلس على صخرة هناك عند البئر حيث كانت امرأة سامرية خاطئة تستقي ماء فخاطبها عن الماء الحي وألاَن قلبها الصخري حتى آمنت به وهرعت إلى المدينة مبشرة به (يو 4: 7).
هكذا يجب على خلفائه ووكلائه أن يقوموا بواجبهم المقدس بدون ملل ولا كسل حتى يكملوا سعيهم الروحي وينالوا إكليل الظفر، ويقولوا مع الرسول المغبوط «قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الإيمان. وأخيراً قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الربّ الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً» (2تي 4: 7و8).
- واجبات المعرف عند الاعتراف:
أولاً: إن الاعتراف يجب أن يكون داخل الكنيسة في احدى زواياها منفرداً قليلاً عن الناس في محل مخصص للاعتراف على الدوام (ديونوسيوس ابن صليبي ق 37) حيث يجلس الكاهن على كرسي بعد أن يلبس الهمنيخ، أما المعترف فيجثو على ركبتيه ويحني الرأس قليلاً، ولا يستثنى إلا من كان مريضاً فحينئذ يذهب الكاهن إلى بيته ويعرفه ويحمل القربان إليه ويناوله.
ثانياً: يجب على الكاهن أن يقبل الخاطئ عند مجيئه إلى الاعتراف بكل فرح وبشاشة كما قبل الابن الشاطر (لو 15: 11) إذ اضطرمت داخله نار نعمة اللّه وحُب التوبة، ولذلك تقدم إلى أبيه الروحاني قائلاً له: «إني أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن أدعى لك ابناً اجعلني كأحد أجراك» (لو 15: 21). أجل ينبغي على الكاهن أن يظهر له كل الحنو والعطف «كما يترأف الأب على البنين» (مز 103: 13) ويفرح برجوعه لأن السيد المسيح نزل من كرسي مجده واجتاز صفوف الملائكة طالباً الخروف الضال فلما وجده وضعه على منكبيه فرحاً وأتى به إلى حظيرته ودعا الأصدقاء والأقارب والجيران وقال لهم افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال (لو 15: 4ـ7) «وكما يفرح ملائكة اللّه بخاطئ واحد يتوب» (لو 15: 1) كذلك ينبغي عليه أن يفتح له ذراعيه ويضمه إليه ويعالجه بكل شفقة دون إهمال لئلا يستولي عليه اليأس ويهلك ويكون هو سبباً لهلاكه وليتذكر جودة يسوع ووداعته عندما قبل زكا العشار (لو 19: 1ـ11) والخاطئة (يو 8: 10) والسامرية (يو 4: 1) وتساهل معهم وسامحهم إذ كانت قلوبهم تطفح شعائر التوبة والندامة. ويستعمل الكاهن الفطنة والحكمة مع أولاده الروحيين الذي يرجعون إلى اللّه بالتوبة نادمين على ما صدر منهم من المعاصي والآثام فيكون قد ربحهم وأكمل واجبه المكلف به لأنه قيل «كل من يعمل ويعلم هكذا يدعى عظيماً في ملكوت اللّه» (مت 5: 19).
ثالثاً: ليكن إرشاده للمعترفين مضطرماً بنار الغيرة الروحية ولينبه أفكارهم وعقولهم آتياً بهم إلى التوبة تالياً إرشادات السيد المسيح ورسله الأطهار والآباء القديسين الذين أدهشوا العالم بأقوالهم العجيبة وأعمالهم الحميدة حتى يؤثر في الخاطئ الإرشاد وتعليم السيد المسيح كما قالوا عن المسيح «من أين لهذا هذه الحكمة والقوات» (مت 13: 54) وليعلم أن السيد المسيح كان يجتذب بكلامه العذب الخطأة بل كان يوقظ النائمين الذين كان قد استحوذ عليهم الخمول وغرقوا في بحر الأثم والشرور لذلك ينبغي عليه في إرشاده أن يليّن تلك القلوب الصخرية ويجعلها أن تكون قد استحالت كلها صلاحاً وبراً بواسطة خطابه الروحاني مشجعاً الواقعين في اليأس معزياً إياهم عالماً أن يسوع حين دخل بيت زكا العشار قال: «اليوم حصل خلاص لهذا البيت» (لو 19: 9) فليقل هو أيضاً هكذا للمتقدم إليه: «اليوم حصل خلاص لهذه النفس الثمينة».
رابعاً: ليشرح له ماهية التوبة الحقيقية والتقدم إلى سر الاعتراف حاملاً إياه على الإقرار بكل ماصدر منه لكي يرتاح من حمل الخطيئة التي أنهكت قواه قائلاً له هوذا السيد يناديك قائلاً: «تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (مت 11: 28 وأر 6: 16) محرضاً إياه على التصريح بكل ما فرّط فيه من المعاصي والذنوب.
خامساً: لا يجوز أن يسأل المعترف عن شريكه في الخطية. لأن قوانين الكنيسة لا تسمح بهذا، وليلاحظ هذا بكل دقة أي هل المعترف هو حديث في الإيمان أو صبي أو رجل كامل السن الخ. ومن ثم يضع عليه القانون. وأما من كان في حالة العته وارتكب خطأ فهذا لا يستحق القصاص.
سادساً: لا يجوز أن يعرّف من كان من غير تلاميذه المسؤول عنهم والمنسوبين إليه وأما إذا قصده أحد منسب إلى غيره من الكهنة أو من كنيسة أخرى فلا حق له أن يعرفه إلا بعد أن يراجع كاهنه الحقيقي القانوني، لأن قوانين الكنيسة لا تسمح لكاهن ما أن يتداخل في شؤون تلامذة غيره فيجب على الكاهن والحالة هذه أن يزوده بالنصح والإرشاد معيداً إياه إلى كاهنه. وأما إذا توفي كاهن الكنيسة فعلى الرئيس أن يعين كاهناً مؤقتاً ليكمل واجباتهم الدينية حتى يختاروا لهم أباً روحياً.
سابعاً: يجب عليه ألا يحابي أو يهاب وجه كبير أو يحتقر صغيراً بل يعظ ويرشد الجميع ويوبخ من كان مستحقاً التوبيخ (2تي 4: 2).
ثامناً: يجب أن يحفظ أسرار المعترف ولا يبوح بشيء منها لأحد ما وأن أدى ذلك إلى حالة الردى لأن المعترف لم يعترف أمامه بل أمام اللّه فاحص القلوب والكلى (مز 7: 9 وأر 11: 20 ورؤ 2: 23) أمام ملائكته وقديسيه. فالحذر ثم الحذر.
تاسعاً: يجب ألا يقبل البتة من المعترف هدية ما في أثناء الاعتراف لئلا يهان سر الكهنوت المقدس.
- واجبات المعرف بعد الاعترافأب:
إن من الواجب المفروض على الكاهن أن يلاحظ شعبه من وقت إلى آخر على الدوام بعد الاعتراف مبالغاً في نصح المتهاونين في الواجبات الدينية وإرشادهم وحثهم على الأعمال الصالحة والتوبة الحقيقية والمداومة في الواجبات المهملة عندهم، متشبهاً بالسيد المسيح الذي بعد أن أكمل الفداء لم يترك المفتدين وشأنهم بل قال لهم: «ها أنا معكم من الآن وإلى انقضاء الدهر» (مت 28: 20) إذاً يجب عليه أن يثابر على تقوية الضعفاء الفاترين في الإيمان والفضائل لأنه قد تضرع إلى الآب لأجلهم، ولا يزال يصلي من أجلهم طالباً لهم المعونة من لدنه تعالى لأنه بمثابة شفيع ووسيط مقوياً الأيدي المسترخية ومشدداً الركب المخلعة.
الفصل الخامس: في واجبات المعترف قبل الاعتراف
أولاً: على التائب أن يقدم توبة حقيقية بانسحاق القلب وانكسار الروح (مز 51: 17) لأن الرب قريب من المنكسري القلوب ويخلص منسحقي الروح (مز 34: 18) «لأن هكذا قال العلي المرتفع ساكن الأبد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحقي والمتواضعي الروح لأحيي روح المتواضعين ولأحيي قلب المنسحقين» (إش 57:51)، وأن يقتدي بتوبة داود عند هيامه وسقوطه، وأهل نينوى بعد توغلهم في الرذائل (يونان 3: 5)، وبطرس الرسول بعد جحده لسيده (لو 22: 62)، وأن يذرف دموعاً سخينة كدموع الخاطئة (لو 7: 38) ليرفع اللّه عنه حمل الخطيئة الذي أنهك قواه وغشي باصرة نفسه فأعماها.
ثانياً: بعد توبته يجب أن يترك طريق الخطيئة الوعر (إش 55: 7) راجعاً عنها (أع 3: 19) هارباً من أسبابها (مت 5: 28ـ30) «لأنه ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه» (مت 16: 26) جازماً أن لا يعود إليها مرة أخرى لئلا تصير أواخره أشر من أوائله (2بط 2: 20) فيصيبه قول الحكيم القائل: «كما يعود الكلب إلى قيئه هكذا الجاهل يعيد حماقته» (أم 26: 11) ويتشبه بخنزيرة مغتسلة تعود إلى مراغة الحمأة (2بط 2: 22).
ثالثاً: يجلس ويجمع قواه العقلية ويحاسب نفسه ويفحص ضميره ويتذكر الأعمال التي صدرت منه. هل أرضى اللّه تعالى أما أغاظه؟ وبأي شيء أغاظه؟ وهل خالف وصاياه وحاد عن طرقه، وأي وصية خالف؟ أو هل كانت الإغاظة بالقول أم بالفعل أم بالفكر؟ لأنه كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها جواباً في يوم الدين (مت 12: 36) إذاً يجب على المسيحي الحقيقي أن يراعي هذا الواجب المهم حتى لا يسمع ذلك الصوت المريع القائل «اذهبوا عني يا ملاعين» (مت 25: 41 ولو 13: 27).
- عند الاعتراف
أولاً: يجب أن يتقدم إلى أبي الاعتراف بخشوع واحترام كقول مار ديونيسيوس يعقوب ابن صليبي «والمعترف يجثو على ركبتيه مطأطئ الرأس مكتوف اليدين» (ق 37) ثم يتصور أنه جالس أمام عرش اللّه الرهيب يقرّ ويعترف له بخطاياه ولذلك يجب أن يكون اعترافه بتذلل وانسحاق قلب مقروناً بالندامة الكاملة.
ثانياً: يجب أن تكون غايته من الاعتراف شفاء نفسه وخلاصها، لا خوفاً من العقاب، أو طمعاً بالثواب أو حباً بالافتخار، بل حباً باللّه تعالى وارضاءً له كي يحصل على الغفران والرضى.
ثالثاً: يجب أن يكون صادقاً في كلامه عالماً أنه جالس أمام اللّه العارف خفايا القلوب الذي هو الكل في الكل «لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك يحكم عليك» (مت 12: 37) معترفاً له بأسرار قلبه.
رابعاً: أن يكشف جميع أمراضه لطبييه الروحي ولا يهمل شيئاً منها سواء أكانت كبيرة أم صغيرة. بالقول كانت أم بالفعل أم بالفكر. ويفهمه نوع مرضه ليعطيه علاجاً شافياً، لئلا يسري الداء إلى جميع أعضائه فيغدو كما كان سابقاً. وإن أخفى شيئاً على أبي الاعتراف لم يخفه عليه بل على الروح القدس «لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس» (أع 5: 3).
خامساً: أن لا يذكر اسم شريكه في الخطيئة ولا ينسب حدوثها إلى غيره لئلا يصيبه ما أصاب آدم في الفردوس حين نسب الأكل من الشجرة إلى حواء قائلاً: «المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني فأكلت» (تك 3: 12) بل يكون اعترافه عبارة عن تقديم شكاية على نفسه بأن الخطيئة قد عملها هو بنفسه بكمال عقله وحريته وإرادته.
- بعد الاعتراف
أولاً: أن يتمم كل ما فرضه عليه معلم الاعتراف من القوانين التي هي بمثابة أدوية لشفاء أمراضه الروحية سامعاً منه كما من الرب نفسه الذي قال للرسل: «من سمع منكم فقد سمع مني» (لو 10: 16) عالماً أن الرب بعد أن طلى عيني الأعمى بالطين أمره أن يذهب ويغتسل في بركة شيلوحا، فلم يمتنع بل ذهب واغتسل وعاد بصيراً (يو 9: 1ـ8) وكذلك فعل اليشع النبي حين أمر نعمان السرياني أن يذهب ويغتسل في نهر الأردن، فامتنع أولاً ثم ذهب بإشارة عبيده فعاد إلى وطنه نقياً من برصه (2مل 5: 14) وكذلك يفعل الأطباء إذ يعطون للمرضى دواء. والمرضى باستعمالهم ذلك الدواء يشفون من أمراضهم. فيجب عليه إذن أن يستعمل الدواء الذي وضعه له الطبيب الروحي كي يشفى من أمراضه الروحية. قال القديس يوحنا الذهبي الفم «يجب على المعترفين أن يخضعوا طوعاً للعلاجات المعينة لهم من الكهنة ويعترفوا لهم بالمنّة على المعالجة لأن المعترف أن هرب بعد الربط يجعل الشر أردأ مما كان. وإن أعرض عن الأقوال القاطعة مثل السيف يضيف باحتقاره إياها جرحاً على جراحه ويمسي أمر المعالجة علّة لعلّة أردأ حيث ليس من يستطيع أن يداويه كرهاً (على الكهنوت 3: 5) وقال القديس باسيليوس في نسكياته: «كما إننا نحتمل في معالجة الجسد آلام الكي ومرارة الأدوية لننال الشفاء كذلك يجب أن نحتمل في مداواة الأنفس الزجر والتوبيخ والتأديب لنصح النفس وشفائها». فإن العدل الإلهي يوبخ الذين برفضون التوبيخ ويرذلون التأديب (أم 15: 10).
ثانياً: أن يواظب على شكر اللّه الذي شفاه من أمراضه الروحية وغفر له خطاياه كما فعل ذلك الأبرص الذي شفاه السيد المسيح مع تسعة آخرين فعاد هو من دونهم وأعطى المجد للّه فمدحه السيد قائلاً: «لم يوجد من يرجع ويعطي مجداً للّه غير هذا الغريب الجنس. ثم قال له أمضِ إيمانك خلصك» (لو 17: 18).
ثالثاً: يجب أن لا يترك معلم اعترافه بدون سبب شرعي إلا إذا انتقل إلى مدينة أخرى أو أن يكون مبتلى بمرض لا سيما «إذا كان تحت تبعة القانون وفعل ذلك تخلصاً من القصاص بواسطة خدامه ولينال الحل، وفي هذه الحالة يضاعف عقابه» (الرسل ق 12).
رابعاً: يجب أن يعترف بخطاياه عند المرض والشدة والضيق وقبل الصوم وعند نهايته سيما يوم الفصح المقدس والمواسم كعيد الميلاد الخ. وإذا لم تسنح له الفرص ليقوم بهذه الواجبات المفروضة عليه فيجب أن يعترف ولو مرة أو مرتين في السنة كما حدد العلامة ابن صليبي (ق 52).
الهامش :
([1]) ـ كان الاعتراف في الكنيسة جارياً على وجهين أحدهما علني والآخر سري وعلى كلا الوجهين كان غفران الخطايا يعطى من راعي الكنيسة الذي له الحق في إعطائه، وهكذا في كل من الحالتين حفظ جوهر سر التوبة في كماله، ومع الزمان تنازلت الكنيسة لأبنائها وأبطلت الاعتراف العلني وحصرته بالسري دون أن تغير شيئاً في التوبة «الأنوار في الأسرار 206».