اللقاء الثاني عشر
لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط
المقر البطريركي للسريان الأرثوذكس
العطشانة – لبنان، 21-23 حزيران/ يونيو 2018
بيان مشترك
باسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين
نحن: البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا الكبير، نقول: “مبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح، أبو الرأفة وإله كلّ تعزية، الذي يعزّينا في كلّ ضيقتنا، حتّى نستطيع أن نعزّي الذين هم في كلّ ضيقة بالتعزية التي نتعزّى نحن بها من الله” (2 كور 1: 3-4) ونشكره تعالى لأنّه منحنا أن نصلّي معًا، ونتدارس الموضوعات والتحديات ذات الاهتمام المشترك، وذلك في المقرّ البطريركي للسريان الأرثوذكس بالعطشانة، لبنان. هذا هو الاجتماع الرسمي الثاني عشر لرؤساء كنائسنا منذ عام 1997م في إطار شركتنا الإيمانية القائمة منذ القرون الأولى للمسيحية.
قُدِّمت التهنئة لصاحب القداسة مار إغناطيوس أفرام الثاني على افتتاح المقرّ البطريركي الجديد لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس في العطشانة – لبنان وتكريس كنيسة المقرّ باسم القدّيس مار سويريوس الكبير.
- الوجود المسيحي في الشرق الأوسط
إنّ موضوع الوجود المسيحيّ في الشرق الأوسط يظلّ همّنا الأكبر وشاغلنا الأوّل. تدارسنا سبل تقوية الوجود المسيحيّ في المنطقة التي انبثقت منها المسيحية وذلك خدمةً لأبناء مشرقنا من مسلمين ومسيحيّين إذ أنّ الوجود المسيحيّ هو ضرورةٌ حتميّةٌ لتعزيز روح الانفتاح والعيش المشترك بسلام بين جميع مكوّنات هذا المشرق العزيز، كما أنّ هذا الوجود المسيحيّ الفعّال يمثّل سندًا قويًّا للكنيسة في بلاد الانتشار.
بسبب التطوّرات الأخيرة الأليمة في المنطقة، والتي نشأ عنها تشريد واقتلاع مئات آلاف المسيحيّين من أوطانهم خاصة في العراق وسوريا، واستهداف الكنائس وأماكن العبادة كالتي تمّ تفجيرها في مصر (القاهرة، الأسكندرية، طنطا)، إرتقى عدد كبير من شهداء الإيمان الحقيقيّ بالمسيح الذين هم شهداء للكنيسة الجامعة. نطلب من الله القدير ليقوّي إيمان شعبنا، مقدّمين التعازي لأُسر الشهداء، والدعاء من أجل شفاء الجرحى والمصابين.
إنّنا نصلّي بشكل خاص من أجل لبنان الحبيب الذي لطالما جسّد فكرة العيش المشترك بين مختلف مكوّناته وهو اليوم يرزح تحت ثقل مئات الآلاف من النازحين بسبب الأوضاع التي مرّت بها منطقتنا ونحن نناشد الجهات المعنيّة بالعمل على إعادة هؤلاء النازحين بكرامة إلى أوطانهم.
كما نصلّي من أجل أبناء أوطاننا المتألّمين بسبب الأزمات والحروب وخاصّة في مصر وسورية والعراق والأراضي المقدّسة، سائلين الله أن يعيد إلى ربوع بلادنا الأمن والسلام وإلى قلوب المؤمنين الفرح والرجاء.
تظلّ قضيّة مطرانَي حلب المخطوفَين مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم وبولس يازجي غصّةً في قلوبنا. هذه القضية التي لا تخصّ فقط المطرانَين الجليلَين وكنيستَيهما، بل هي قضيّة المسيحيّة المشرقيّة عمومًا. وهنا، نطلب من أبنائنا الروحيّين في كلّ مكان وإخوتنا المسيحيّين من كلّ الكنائس مواصلة الصلاة من أجل عودتهما سالمَين مع سائر المخطوفين من كهنةٍ وعلمانيّين. كما نناشد المجتمع الدولي من حكوماتٍ ومنظّماتٍ ومنها منظّمة الأمم المتّحدة، ومن أفرادٍ أصحاب قرارٍ أن يبذلوا كلّ ما في استطاعتهم من أجل هذا الموضوع.
إنّنا نثمّن زيارة صاحبَي القداسة البابا فرنسيس والبطريرك المسكوني برثلماوس يوم 28 نيسان/أبريل 2017 إلى الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة والصلاة المسكونية من أجل الشهداء المصريّين الجدد في كنيسة القديسَين بطرس وبولس (بجوار المقر البابوي في العباسية بالقاهرة) والتي كان قد تمّ تفجيرها، وذلك بحضور رؤساء جميع الكنائس في مصر.
كما نرحّب بدعوة قداسة البابا فرنسيس، رئيس الكنيسة الكاثوليكية، أصحابَ القداسة والغبطة رؤساء الكنائس في الشرق الأوسط إلى يوم صلاةٍ وتأمّلٍ في مدينة باري في إيطاليا في اليوم السابع من شهر تموّز/يوليو القادم.
- الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الهند
استمعنا إلى تقرير حول وضع الكنيسة السريانية في الهند مقدّم من نيافة المطران مار غريغوريوس جوزف، مطران كوشين وسكرتير المجمع الأسقفي المحلّي، واطّلعنا على الجهود التي قام بها قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني وخاصة الزيارة الأخيرة التي قام بها قداسته في شهر أيار/مايو الماضي إلى الهند والتي سبقتها دعوة صريحة مكتوبة وموجّهة إلى الكاثوليكوس مار باسيليوس بولس الثاني في كوتايم للاجتماع وبدء حوار من أجل المصالحة بروح مسيحية. ولكن لم تلقَ دعوات قداسته المتكرّرة إلى الحوار أيّ تجاوب من الجانب الآخر. وبناء على اقتراح من قداسة الكاثوليكوس آرام الأول، قرّرنا توجيه رسالة موقّعة من صاحبَي القداسة البابا تواضروس الثاني والكاثوليكوس آرام الأول ندعو فيها طرفَي الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الهند إلى إرسال ثلاثة ممثّلين عن كلّ منهما إلى اجتماعٍ تستضيفه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القاهرة، بحضور ممثّلَيْن عن كنائسنا الثلاث وذلك بهدف بدء حوار جدي يؤدّي إلى المصالحة وتخطّي الخلافات حتّى يعود السلام إلى الكنيسة في الهند.
- إجتماع رؤساء كلّ الكنائس الأرثوذكسية
رحّبنا باقتراح صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني بالدعوة لاجتماعٍ يضمّ رؤساء كلّ الكنائس الأرثوذكسية من العائلتَين في المركز البابوي “لوغوس” بدير الأنبا بيشوي في مصر يوم 19 أيّار/مايو 2019، لمناقشة التحدّيات الاجتماعيّة والأخلاقيّة التي تواجه كنائسنا، بعيدًا عن الأمور السياسيّة والعقائدية.
- الحوارات اللاهوتيّة الرسميّة
في سعينا نحو وحدة الكنيسة، إنّنا نشجّع إشتراك عائلتنا في لقاءات مع الكنائس الأخرى في عدد من الحوارات الثنائيّة الدوليّة اللاهوتيّة الرسميّة:
- الحوار مع الكنيسة الأرثوذكسيّة
درسنا تقريراً حول سير الحوار مع الكنيسة الأرثوذكسية ورحبّنا بنتائج لقاء مجموعة عمل من ممثّلين رسميّين للكنائس من العائلتين الأرثوذكسية والأرثوذكسية الشرقية في أثينا/اليونان 24-25 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 حيث وضعوا خارطة طريق للعمل المستقبلي للجنة الحوار المشترك اللاهوتي الرسمي بين العائلتين.
كما ثمّنّا جهود مجموعة العمل التي اجتمعت بدعوة من الرئيسَين المشاركَين نيافة المطران عمانوئيل، مطران فرنسا، ونيافة المطران الأنبا بيشوي، مطران دمياط، وبحضور ومباركة صاحب القداسة الكاثوليكوس آرام الأول وضيافته الكريمة، في أنطلياس مساء يوم الخميس 12 نيسان/أبريل 2018 لمناقشة التطورات الخاصّة بالحوار اللاهوتي الثنائي والإعداد للقاء قادم لكامل اللجنة المشتركة. مجموعة العمل هذه كانت مكوّنة من أساقفة من العائلتَين. وهدَفَ هذا الاجتماع إلى إمكانيّة إعادة تنشيط هذه العملية الهامة في حياة العائلتَين. وسوف يُعقد اللقاء القادم للجنة بكامل هيئتها من 30 تشرين الأول/أكتوبر حتّى 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.
- الحوار مع الكنيسة الكاثوليكية
اطّلعنا على تقرير اللقاء السنوي للجنة الدولية للحوار العقائدي المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية، التي عقدت اجتماعات في: مصر 2016؛ روما 2017؛ إتشميادزين بأرمينيا 2018. وكان الاجتماع الأخير بضيافة الكنيسة الأرمنية بإتشميادزين وقد استقبل قداسة الكاثوليكوس كاراكين الثاني الأعضاء في مقرّه البطريركي.
إنتهت اللجنة المجتمعة في روما 2017 من إعداد ورقتها بعنوان “ممارسة الشركة في الحياة الكنسية في القرون الأولى وتأثيرها على سعينا نحو الشركة اليوم” وتمّ رفعها إلى السلطات الكنسية للدراسة وإتخاذ اللازم. ثمّ تبنّت اللجنة موضوع “الأسرار الكنسية” حيث قُدِّمت أوراق من الجانبَين في هذا الموضوع. وفي اجتماع سنة 2018، استكمل الأعضاء البحث في موضوع الأسرار وقُدِّمت أوراق عن سرّ التوبة والإعتراف، وسرّ مسحة المرضى، وسرّ الكهنوت.
ج- الحوار مع الكنيسة الأنجليكانية
حقّق حوارنا مع الكنيسة الأنجليكانية نتائج جيّدة بخصوص طبيعة السيّد المسيح وبخصوص انبثاق وعمل الروح القدس ، ونحن ننتظر موافقة المجامع المقدّسة لكنائسنا على الإتفاقيتَين.
بعد انقطاع دام حوالي العشر سنوات بسبب موقف كنائسنا الأرثوذكسية الشرقية من بعض المستجدّات في بعض الكنائس الأنجليكانية، تمّ استئناف الحوار اللاهوتي الدولي، فعُقد الاجتماع الثاني في إنجلترا 2013، والثالث في القاهرة 2014 (تمّ توقيع الاتفاقية الكريستولوجية مِن قِبَل الرئيسَين المشاركين)، والرابع في ويلز 2015 (أكملت اللجنة عملها في موضوع إنبثاق الروح القدس، وهو الجزء (أ) من العمل على الفهم اللاهوتي للروح القدس، حيث تمّت الموافقة على حذف عبارة “والابن” التي أضيفت لقانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني في التقليد اللاتيني الغربي)، والخامس في أنطلياس 2016 (وقّع الرئيسان المشاركان على الجزء (ب) من الإتفاقية حول عمل الروح القدس، وتمّ إرسالها للكنائس للدارسة وإبداء الرأي)، والسادس في دبلن Dublin بإيرلندا 2017 (الجزء (أ) عن انبثاق الروح القدس والجزء (ب) عن عمل الروح القدس تمّ وضعهما معاً والتوقيع عليهما. وبدأت اللجنة عملها على موضوع السلطة في الكنيسة، بدراسة الأبحاث المُعدّة من الأعضاء من الجانبين الأنجليكاني والأرثوذكسي الشرقي حول بعض المسائل ومن ضمنها: عدد المجامع المسكونية، وتفسير مجمع خلقيدونية، ومعنى حروم المجامع المسكونية، وسلطة الأسفار المقدسة والتقليد، علمًا أنّ الاجتماع القادم للجنة سيُعقَد باستضافة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في المقرّ البطريركي في العطشانة بتاريخ 23 ولغاية 27 تشرين الأوّل/أكتوبر 2018.
- مجلس كنائس الشرق الأوسط
تلقّينا بسرور نبأ انتخاب الدكتورة ثريا بشعلاني قائمةً بأعمال الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط وذلك خلال انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية للمجلس في الجامعة الأنطونية في بعبدا بلبنان 25-26 كانون الثاني/يناير 2018. ويأتي انتخاب الدكتورة بشعلاني عن العائلة الكاثوليكية لإتمام مدّة الأمين العام السابق الأب ميشال جلخ الذي اضطر إلى تقديم إستقالته بسبب تعيينه رئيسًا للجامعة الأنطونية ممّا يمنعه من إتمام خدمته كأمين عام، وهذه المدّة تنتهي في أيلول/سبتمبر 2020. وبهذه المناسبة، نصلّي من أجل نجاح الدكتورة بشعلاني كما نؤكّد على استعدادنا الكامل لتقديم كلّ مساعدة ممكنة لإنجاح مهمّتها في المجلس.
- مجلس الكنائس العالمي
وصلنا خطاب من الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي يعلن فيه الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس المجلس. وعقدت اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية إجتماعاتهما في جنيف 12-21 حزيران/يونيو 2018.
ننتهزها فرصةً لنهنّئ أنفسنا وجميع الكنائس أعضاء المجلس بهذه المناسبة آملين أن يعبّر المجلس حقيقةً عن مواقف الكنائس الأعضاء وأن يبقى مدافعًا عن قضايا السلم العالمي وحقوق الإنسان.
- الإتحاد العالمي لجمعيات الكتاب المقدس United Bible Societies
أُعلِمنا بالاجتماع القادم لكلّ الكنائس الأعضاء في لجنة التعاون بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الأرثوذكسية من جانب والإتحاد العالمي لجمعيات الكتاب المقدس من الجانب الآخر. وقد تمّت دعوة رؤساء الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية لتعيين مندوب عن كلّ كنيسة. وسوف يعقد الاجتماع في إتشميادزين بأرمينيا في أيلول/سبتمبر 2018 حول “الوحي في الكتاب المقدس”، علماً أنّ الاجتماع السابق عُقد في يرابترا بجزيرة كريت في أيلول/سبتمبر 2017. كما أُعلِمنا بالموافقة النهائية على نص “مذكرة التفاهم والتعاون بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية من جانب وبين الإتحاد العالمي لجمعيات الكتاب المقدس من الجانب الآخر”. وبدورنا، نرى أهمية كبيرة في استمرار وتعزيز هذا التعاون في منطقتنا.
في ختام اجتماعنا الثاني عشر، إنّنا نشجّع اللجان الفرعية لاجتماعنا (لجنة الكليات الإكليريكية والعلوم اللاهوتية، ولجنة الطباعة والنشر، ولجنة الشباب)، أن تجدّد نشاطها وذلك من أجل تعزيز العمل المشترك بين كنائسنا الشقيقة والذي نأمل أن ينعكس بإيجابية على حياة وشهادة أبناء الكنيسة. كما نودّ أن نعبِّر عن شكرنا الحارّ لصاحب القداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني على كرم الضيافة.
ونهدي بركتنا الرسولية لأبناء كنائسنا ونصلّي من أجل السلام في الشرق الأوسط وكلّ العالم.
“نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم” (2 كو 13: 14).
تواضروس الثاني مار إغناطيوس أفرام الثاني أرام الأول
بابا الأسكندرية بطريرك أنطاكية وسائر المشرق كاثوليكوس الأرمن
وبطريرك الكرازة المرقسية لبيت كيليكيا الكبير