في سر المعمودية
بقلم مار طيمثاوس يعقوب موصلية
مطران دير مار متى (+1966)
العماد سر مقدس به نولد ميلاداً ثانياً من الماء والروح «يو 3: 5»، ووسيلة ضرورية للخلاص. فهو أول أسرار الكنيسة وأقدسها عهداً، فقد أعطى اللّه تعالى رمزه لإبراهيم بأن يختن كل ذكر «تك 17: 9 ـ 14» وقد مارسته الكنيسة اليهودية منذ ذلك الحين إلى مجيء ربنا الذي اختتن هو نفسه وختم بعماده الختان، وابتدأ بعهد جديد واضعاً أساس سر العماد المقدس، وقد اعتمد السيد له المجد لا لأنه كان محتاجاً إليه بل ليعلمنا أن نقتفي خطواته.
والكنيسة مارست هذا السر العظيم منذ نشأتها وإلى الآن وسوف تمارسه إلى مجيء ربنا ثانية واضعة أساسها على دعائم قوية، وسنبين ذلك ببراهين راهنة وهي:
أولاً: الكتاب المقدس.
ثانياً: أقوال الآباء.
ثالثاً: أقوال المجامع.
- أولاً: براهين الكتاب المقدس
قلنا سابقاً أن العماد ضروري للخلاص، وذلك واضح من قول ربنا لنيقوديموس: «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح القدس لا يدخل ملكوت السماوات» (يو 3: 5) وقال أيضاً: «من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يُدنّ» (مر 16: 16). والعهد الجديد مشحون بالنصوص الدالة على عظم هذا السر. فعندما خرج الرسل حسب أمر معلمهم القائل لهم: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (مت 28: 19) وطافوا في كل المسكونة (مز 19: 4) يتلمذون ويعمدون الداخلين في الإيمان حديثاً وعمدوا عائلات جمّة وجموعاً غفيرة وأفراداً كثيرة كما يخبرنا سفر الأعمال (أع 2: 18 و 16: 15 و 1كو 1: 16)، وعلاوة على ذلك فقد سلموا هذا السر المقدس إلى خلفائهم (الأساقفة والكهنة) من بعدهم، وتأييداً لقولنا سنورد هنا بعض النصوص الكتابية المصرحة برفعة شأن هذا السر العظيم.
قال مار بولس الرسول: «الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع»، وقال أيضاً: «لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح» (غلا 3: 27). وقال مار بطرس الرسول: «الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية، لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عند اللّه بقيامة يسوع المسيح» (1بط 3: 21) هذا ما اكتفينا بسرده من النصوص الكتابية حباً بالاختصار.
- ثانياً: أقوال الآباء
لقد وضع آباء الكنيسة المسيحية في كل سر من أسرارها كتباً ومجلدات ضخمة مؤيدين إياه من الكتاب العزيز بأدلة ساطعة وحجج قاطعة لا يقدر المخالفون نقضها أو رمي أدنى شائبة أو عيب بشيء لقداستها، أو يمس طهارتها. باذلين النفس والنفيس في إظهارها وإزاحة الستار عنها، مقاومين مخالفيها. وقد رصعوها بدرر أقوالهم ورتبوها بنفثات أقلامهم، بيد أن ذلك لم يكن من أنفسهم: «لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم» (مت 10: 20) «عالمين هذا أولاً أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص، لأنه لم تأتِ نبوة قطّ بمشيئة إنسان بل تكلّم أناس اللّه القديسون مسوقين من الروح القدس» (2بط 1: 20 ـ 21).
قال عالمنا اللاهوتي موسى بركيفا المتوفى سنة 903م :«المعمودية هي واحدة بيد أنها تطهر النفس والجسد، فتطهر النفس من الخطايا، والجسد من الوسخ» (في تفسيره للمعمودية). وقال علامتنا النحرير مار سويريوس يعقوب البرطلي المنتقل سنة +1241م «إن الإنسان مركب من جسد ونفس فالنفس هي روحانية غير منظورة، والجسد مجسم منظور وملموس، لأن الإنسان مركب من اثنين يجب أن يكون له تطهيران: الواحد روحاني يفيد النفس، والثاني جسداني يفيد الجسد. فالماء مطهر للجسد لأنه مادة مثله، بيد أنه لا يطهر النفس لأن النفس ليست بمادة ولهذا يحتاج الإنسان إلى تطهيرين: جسدي بواسطة الماء، وروحي بواسطة الروح الحال في الماء» (سيمًةا ـ الكنوز الركن الثاني ف 36). وقال علامتنا الكبير مار غريغوريوس بن العبري (1226 ـ 1286) «إن العماد هو انتساب إلى اللّه تعالى بواسطة التطهير، أعني الانتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة الروحانية الرفيعة» (زلًجا ـ أشعة م 7 ب 3 ف 1). وقال مار غريغوريوس الثاولوغوس: «هل عندكِ طفل فلا يأخذن فيه الشر فرصة بل ليقدس وهو رضيع. وليكرس للروح منذ نعومة أظفاره» (خطاب في المعمودية). وقال العلامة أوغسطينوس: «إن الكنيسة كانت دائماً تتمسك وتعمد الأطفال متسلمة إياه من آثار السلف ولم تزل محافظة عليه إلى الآن، وسوف تحفظه إلى الانقضاء» (خطابه 117). وقال القديس إيريناوس: «إن يسوع المسيح أتى لكي يخلص جميع البشر أعني الذين ولدوا ثانية للّه سواء كانوا أطفالاً أم شباباً أم شيوخاً» (ضد هرطقة 220 ف 5 ـ 15). وقال العلامة أوريجانوس: «إن الكنيسة تسلمت من الرسل تقليد عماد الأطفال أيضاً فالأطفال يعمدون لمغفرة الخطايا ليغتسلوا من الوسخ الجسدي بسر المعمودية» (ك 5: 2 على رومية. وم14على لوقا).
- ثالثاً: أقوال المجامع
قرر مجمع قرطجنة وحتّم على عماد الأطفال بقوله: «إن كان من ينكر أن المعمدين من الأولاد الصغار المولدين حديثاً من بطون أمهاتهم يعمدون لمغفرة الخطايا أو يعترف بذلك ولكنه يزعم أنهم لم يشتركوا في شيء من الخطيئة المحتاجة إلى التطهير بحميم الميلاد الثاني، فليكن مفروزاً» (ق 124).
وورد في قوانين الرسل المرسلة على يد إقليميس تلميذ بطرس الرسول ما نصه:«ومن أمكنه العماد في اليوم والوصول إلى هذا الخير فلا يؤخره إلى الغد. ولا ينتظر به حضور الوالدين ولا الأصدقاء ولا يؤخر بسبب ملبوس يتباهى به ولا يتوقف على تعميد مطران أو أسقف أوقسيس ملائكي السيرة، فقوة المعمودية واحدة متساوية إنما يطلب فيه ألا يكون الكاهن غريباً من الكنيسة ولا ممن مذمته ظاهرة ولا يمتنع الغني أن يعمد معه الفقير، ولا المالك أن يعمد معه مملوك» (كتاب القوانين للصفوي رسطب 234 طبعة مصر).
فالعماد إذاً واجب وضروري للأطفال أولاً، وليس لأنهم هم أخطأوا بل لأنهم مولودون بالآثام (مز 51: 5) كقول بولس الرسول: «بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، والخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ اخطأ الجميع» (رو 5: 12). ولكل واحد ثانياً لأن قول السيد المسيح: «من آمن واعتمد خلص» (مر 16: 16) وهذا القول يشمل الجميع بلا استثناء كبيراً كان أم صغيراً.
ولا تعاد المعمودية مطلقاً لأنها واحدة (أف 4: 5)، وهي مثال موت الرب ودفنه (رو 6: 4)، فالمسيح لم يمت غير مرة واحدة (رو 6: 9) فمن أعادها فكأنه يصلب المسيح مرة ثانية (عب 6: 6 و 10: 26). قال الذهبي الفم: «قد دفنا معه في المعمودية للموت، وكما أنه غير ممكن أن يصلب المسيح مرة ثانية هكذا لا يقدر من قد أعتمد مرة واحدة أن يقبل معمودية ثانية» (على عب م 11: 3)، وقال القديس يعقوب الرهاوي إن المسيحي الذي يمرق ثم يرجع ثانياً لا نعمده، بل يصلي عليه رئيس الكهنة صلوة التائبين محدداً زمان التوبة واضعاً له بعض الشروط التي إذا أكملها يشركه في الأسرار المقدسة» (الهدايات لابن العبري ب3 عن المعمودية).
غير أن الكنيسة ترفض معمودية الهراطقة الذين يهتدون كما أثبت ذلك ابن العبري في كتاب الهدايات عن الدسقولية ما نصه: «كل أسقف أو قس يقبل معمودية الهراطقة يسقط عن درجته» (ب 2 ف 1)، وقال أيضاً في كتاب ـ زلًجا ـ الأشعة ما نصه: «إن المعمودية هي واحدة كما قرر مجمع نيقية قائلاً: نعترف بمعمودية واحدة لغفران الخطايا بيد أننا نعمد السابيليين([1]) والآريوسيين([2]) والمقدونيين([3]) والأونوميين([4]) والأبوليناريين([5]) والأوطاخيين([6]) الذين يرجعون لأنهم لا يعتقدون اعتقاداً صحيحاً باللاهوت ولم يعتمدوا باسم الآب والابن والروح القدس، أما النساطرة([7]) وأشياع يوليانوس([8]) وأتباع لاوون([9]) فلا نعمدهم لأنهم إنما يختلفون عنا في عقيدة التجسد الإلهي فقط» (زلًجا ـ الأشعة م 7 ب 3 ف 1)، وقال في كتاب الهدايات: «إن الذين يرتدون عن مذهب بولس السميساطي([10]) نعمدهم عماداً كاملاً».
وورد في قوانين الرسل ما نصه: «كل أسقف أو قس عمد ثانية من كانت معموديته حقيقية، أم من لم يعمد من الكفرة، فليقطع بما أنه يستهين بصليب الرب وبموته، غير مميز الكهنة الحقيقيين من الكهنة الكذبة» (ق 47).
أصحاب السلطة في تتميم هذا السّر
إن الكنيسة الجامعة الأرثوذكسية تمارس سر العماد منذ العصر الرسولي والى الآن وستمارسه حتى انقضاء الدهر، وهو منوط بالأساقفة والكهنة فقط بحسب أمر مخلصنا القائل لتلاميذه: «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم» (مت 28: 19 و مر 16: 16)، وإنجازاً لهذا الأمر خرج الرسل بعد قبولهم موهبة الروح القدس إلى العالم أجمع وتلمذوا الذين آمنوا وعمدوهم بحسب أمر معلمهم. وهم أيضاً سلموه إلى خلفائهم الأساقفة والكهنة من بعدهم وأمروهم بممارسته وتسليمه لغيرهم.
ولا يسوّغ لأحد ما عدا الأساقفة والكهنة تكميل هذا السر وفقاً للأوامر الرسولية القائلة: «إننا لا نسمح بحق التعميد لأحد من الإكليروسيين مثل القارئين والمرتلين والبوابين والخدمة إلا للأساقفة والقسوس وحدهم الذين يخدم معهم الشمامسة» (ك 3 ف 11)، وورد أيضاً في الدسقولية: «لا يعمد إلا أسقف أو قسيس والشمامسة معهم» (دس 21).
وقد نص عن ذلك أيضاً ابن العبري في كتاب الهدايات عن الرسل قائلاً: «كل أسقف أو قس يعمد بدون أن يذكر الآب والابن والروح القدس يُقطع» (الهدايات ب2 ف1)، وقال مار إغناطيوس النوراني: «لا يُسمح لكم أن تعمدوا بدون أسقف ولا أن تقدموا قرابين ولا أن تقدموا ذبيحة». وقال ترتليانس: «إن السلطة في تتميم المعمودية منوطة بالأسقف ثم بالقسوس مع الشمامسة. ولكن لا بدون إذن من الأسقف لشرف الكنيسة» (في كلامه عن المعمودية).
أما الشمامسة فلم ينط بهم شيء من هذا السلطان وإن كان الشماس فيلبس قد عمد كثيرين (أع 8: 13) فإن ذلك كان لدواع ضرورية، وفي أوقات خاصة والدليل على ذلك عدم حلول الروح القدس على المعتمدين منه كما يخبرنا سفر الأعمال: «لما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة اللّه أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا اللذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس، لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع» (أع 8: 14 ـ 17).
لذلك أجاز الآباء للشمامسة أن يعمدوا لأمر ضروري أي إذا طرأ على الطفل المعتمد مرض فجائي منذر بالخطر وتعذر استدعاء الكاهن حالاً لتتميم السر، أو كان الأسقف أو القس غائبين» (ترتليانوس «في المعمودية 18» وكيرلس الأورشليمي عظة 17: 3) وقد ورد في القوانين الرسولية لا يعمد الشماس بدون ضرورة (ك 8 ف 28) وقال القديس أبيفانيوس: «أنه بحسب النظام الكنسي لا يتمم الشمامسة سراً من الأسرار لكنهم يخدمون الأسرار، غير أنه حينما تدعو الضرورة يسمح للعلمانيين أيضاً أن يعمدوا» (في المعمودية).
في المعتمدين والأشابين في المعتمدين
اعتادت الكنيسة المقدسة أن تعمد أولادها في اليوم الثامن وإلى الأربعين وذلك لأن المؤمنين في العهد القديم كانوا يختتنون في اليوم الثامن (تك 17: 12 ولا 12: 3 و لو 2: 21)، والختان في العهد القديم كان رمزاً إلى العماد في العهد الجديد كما أسلفنا. فلا يجوز أن تطول مدة القيام بعماد الأطفال أكثر من أربعين يوماً خوفاً من موت الفجأة. لأنهم إذا ماتوا قبل العماد لا يعاينون مجد المسيح كقوله الطاهر: «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يدخل ملكوت الله» (يو 3: 5)، ولكنهم لا يعذبون أيضاً لأنهم لم يرتكبوا ذنباً شخصياً بل خطيتهم الأصلية قد ورثوها من أبيهم آدم. وهذا ما قاله القديس غريغوريوس الثاولوغوس: «إن الأطفال غير المعتمدين إذا ماتوا لا يمجدون ولا يعذبون من الديان العادل لأنهم وإن كانوا غير متنورين وغير مقدسين بالمعمودية فإنهم لم يخطئوا خطية شخصية، ولذا لا يستحقون كرامة ولا قصاصاً» (في الخطايا 16).
وأما إذا كان المؤمنون كبار السن حديثي الدخول في الإيمان فتبقيهم الكنيسة مدة بدون عماد تعلمهم في خلالها الأصول الإيمانية وتدربهم على الانخراط في سلك الديانة المسيحية كما وضع ابن العبري في كتاب الهدايات: «إن الموعوظين يوعظون ثلاث سنوات» (الهدايات ب 3 ف4)، وقبل العماد يبحث عن سيرتهم ورسوخ قدمهم في الإيمان، فإن كانوا قد فعلوا كل شيء حسناً فليعتمدوا وإلا فلا، كما ورد في قوانين الرسل: «من استعد للتعميد فليبحث عن سيرته هل أكمل كل شيء حسناً، فإذا شهد لهم الآتون بهم أنهم فعلوا هكذا فليسمعوا الإنجيل من اليوم الذي يقدمونهم فيه فإذا قرب اليوم الذي يعمدونهم فيه فليستحلف الأسقف كل واحد منهم لكي يعرف أنهم أطهار، وإذا كان واحد ليس طاهراً فليعزل ناحية لأنه لم يسمع الكلام بأمانة» (المجموع الصفوي ب 3 ص 20)، فالموعوظون إذاً لا يعمدون قبل كمال المدة إلا إذا طرأ عليهم دنوّ الأجل كقول ابن العبري في كتاب الهدايات» (باب 2 ف 5).
الحبالى لا يمنعن عن العماد متى شئن كما قرر مجمع قرطجنة: «والحبالى لا يمنعن عن العماد أي وقت شئن وليس بين الولد والوالدة شركة في المعمودية لأن كل إنسان يجب أن يظهر إقراره منفرداً» (ق 83).
وأما اللقطاء فلا يمنعون عن العماد كما قرر مجمع قرطجنة ق 83: «وإذا لا يوجد شهود ليقولوا إن الأطفال قدا اعتمدوا وهم أيضاً (الأطفال) لا يقدرون أن يجاوبوا عن السر المعطى لهم، فقد تقرر أن يعمدوا بدون أقل ريب لكي لا يحرمهم هذا الشك من التطهير الذي يمنح لهم بواسطة السر المقدس»، وأما الممنوعون عن العماد فهم:
1 ـ المجانين والممسوسون: لأن بهم شيطان ولا يسوغ أن يعطى سر المعمودية لئلا يهان من الشيطان، وقد نهت الكنيسة المقدسة في العصور الغابرة عن ذلك بفم آبائها منهم العلامة ابن العبري بقوله: «من كان به شيطان لا يعمد إلا في ساعة الاحتضار» (ب 2: ف 2) لأنه عند احتضاره تهرب عنه الأرواح الشريرة وذلك بمناسبة عماده وتناوله الأسرار المقدسة وحضور الملائكة لقبض نفسه.
2 ـ المرأة التي لها سيل حيض أو طمث لأنها نجسة (لا 15: 19) وقد نصت عن ذلك قوانين بوليدس: «إن المرأة الطمثة لا تعمد حتى تطهر» (المجمع الصفوي ب 3 ص 19) ولكن إن فاجأها الموت وكان ذلك قبيل تطهيرها كما أشار ابن العبري قائلاً: «والمرأة الحائض لا تعمد إلا في ساعة الاحتضار» (الهدايات: ب 2 ف 2).
الأشابين
قال موسى بَركيفا في تفسير المعمودية إن الأشبين له أربعة أسماء وهي:
1 ـ شوشبينُا «إشبين» ومعناه الرفيق ويسمى كذلك لأنه يرافق المعتمد في المعمودية فيكفر بالشيطان ويقر ويؤمن بالثالوث الأقدس نيابة عنه كأنه الرفيق الأكبر الأمين عن رفيقه الصغير، لأنه غير قادر أن يجاوب عن نفسه.
2 ـ عربُا «كفيل» إي عندما يحمله على ذراعيه أمام اللّه وكنيسته كأنه يتكفل به بأنه سيكون له خير مرشد إلى طريق الحق والصواب.
3 ـ ملفنُا. آو مؤدينُا «معلم أو مرشد» دعي كذلك لأنه تكفل في تعليمه وإرشاده. وفعلاً عندما يبلغ سن الرشد يعلمه أصول الديانة ويحثه على أن يتمسك بأهداب الفضيلة، وأن يكون مؤمناً بكل ما تؤمن به الكنيسة المقدسة إلى نهاية حياته، متمسكاً بجميع شعائر الديانة الطاهرة.
4 ـ قريبُا «قريب» دعي كذلك بما أنه حمله على ذراعيه عند عماده وتكلم عنه وعند بلوغه سنّ الرشد يعلمه أصول الديانة ويهذبه تهذيباً مسيحياً حسناً ويحثه على التمسك بأهداب الفضيلة وبجميع شعائر الديانة المقدسة فصار بهذا أقرب الناس إليه. وهذه القرابة قد تمنع الزيجة بين آلهما كما حدد ابن العبري (الهدايات ب 8 ف 3 في موانع الزيجة).
وبما أن وظيفة الأشبين سامية جداً يجب أن ينتخب الوالدان لولدهما أشبيناً حسناً، وإذا كان المعتمد يتيماً فالكنيسة تقدم أشبيناً، ممن كان مشهوداً لهم بالحكمة والعقل الثاقب، وأن يكون مؤمناً أرثوذكسياً غيوراً كي ينشأ الطفل مطبوعاً على هذه الأوصاف المحمودة، وقبل أن يقبل المعتمد يجب عليه (الأشبين) أن يعترف ويتناول الأسرار المقدسة لأنه يقترب من سر مقدس وعمل سام، فهكذا ينبغي عليه أن يتطهر قبل الإقدام عليه. ثم يجب أن يراعى هذا بكل دقة وهو: «إن الذكر يقبل الذكر والأنثى تقبل الأنثي» كما أشار إليه ابن العبري نقلاً عن جاورجي (الهدايات ب 2 ف 3).
في أنواع المعمودية
إن المعمودية التي اعتمدنا بها هي لمحو الخطايا الأصلية وهنالك أنواع أخرى للعماد يخلص المعتمد بها. وقد أجازتها الكنيسة استناداً إلى شهادات الكتاب المقدس وإليك بيانها:
1 ـ معمودية الشوق: قد يشتاق المعتمد إلى العماد ولكن لم يتيسر له أن يعتمد لدواعٍ ضرورية ثم قضى قبل العماد كما حدث للص اليمين إذ قبله الرب بلا عماد (لو 23: 43).
2 ـ معمودية الدم (الاستشهاد): وهي التي اعتمد بها الشهداء إذ تلطخوا بدماء أعناقهم قبل العماد، ومنهم أطفال بيت لحم الذين أوردهم حتفهم ظلماً هيرودس الطاغية (مت 2: 16).
3 ـ معمودية النار: وهي التي اعتمد بها كثيرون من المؤمنين روحياً قبل العماد. إذ كان يحرقهم نيرون الظالم، وذلك لأن النار هي منقية، كقول النبي إشعياء: «نقى الرب دم أورشليم من وسطها بروح القضاء وبروح الإحراق» (إش 4: 4).
4 ـ معمودية الآلام: وهي التي قال عنها السيد المسيح لتلميذيه يعقوب ويوحنا: «أتستطيعان أن تشربا الكأس التي أشربها أنا، وإن تصطبغا بالصبغة التي اصطبغ بها أنا» (مت 20: 22 و مر 10: 38). فلا شك إن تلك الصبغة هي معمودية الآلام كما أيدها له المجد قائلاً: «ولي صبغة اصطبغها، وكيف أنحصر حتى تكمل» (لو 12: 50).
5 ـ معمودية التوبة الخالصة: أو الحقيقة والتنهدات الحارة والدموع السخية التي يقدمها الخاطئ، فيغسل بها نفسه وجسده ويطهرها من كل أدناس الخطيئة. وهي التي اغتسل بها داود النبي من إثمه إذ قال: «تعبتُ في تنهدي أعوّم كل يوم سريري في دموعي أذوّب فراشي» (مز 6: 6).
هذا ما أجازته الكنيسة عند الضرورة وعدم وجود كاهن ليكمل السّر، وذلك كإنسان قبل الدين المسيحي وليس هناك كاهن ليعمده فقصد بلدة ما ليعتمد فقضى عليه في الطريق قبل العماد إما قتلاً أو غرقاً أو حرقاً أو أفتراساً من الوحوش وما إليها.
وتأييداً لموضوعنا نورد بعض الإيضاحات التي ثبتها ابن العبري في كتابه زلًجا الأشعة وابن الصليبي في تفسير إنجيل (متى 3: 1).
1 ـ معمودية الطوفان (تك 7: 10).
2 ـ معمودية البحر الأحمر والسحابة (1كو 10: 2).
3 ـ معمودية موسى للتطهير (مر 7: 3 ـ 4 و يو 2: 6).
4 ـ معمودية يوحنا للتوبة وغفران الخطايا (مر 1: 4).
5 ـ معمودية السيد المسيح بالروح القدس والنار (مت 3: 11).
6 ـ معمودية الدم.
7 ـ معمودية الدموع.
8 ـ معمودية النار.
في تفسير طقس المعمودية
1 ـ يبدأ الكاهن بتمجيد اللّه تعالى قبل كل عمل لأنه هو الرب الأول (أش 41: 4) وهو الألف والياء والبداية والنهاية (رؤ 1: 8و11 و21: 6) والأول والآخر (أش 44: 6 و48: 12، ورؤ 2: 8 و22: 13) «قبلي لم يصور إله وبعدي لا يكون» (أش 43: 10).
2 ـ وأما قول الشماس لتسكب علينا النعم، يعني بذلك أيها الأول والآخر اسكب علينا نعمك ومراحمك نحن الذين قد تقدمنا أمام قدسك لننال منك النعم التي هي عتق عبدك هذا المعتمد من ثقل نير الرق والعبودية التي استولت عليه بواسطة معصية آدم، واجعله حملاً وديعاً في حظيرتك.
3 ـ يصلي الكاهن صلوة الابتداء رافعاً إياها إلى اللّه الآب كي يؤهّله لتكميل هذه الخدمة المقدسة الروحانية التي اؤتمن عليها (مت 28: 19) ويمنح النجاة والخلاص لتلك النفس التي تقدمت إلى التطهير بالماء والروح (يو 3: 5 وتي 3: 5و6) والميلاد الثاني (1بط 1: 23) فيعتقها من الأباطيل العالمية لتنال السعادة والحظوة معه تعالى.
4 ـ تقرأ المزامير والتراتيل والصلوات شكراً للّه تعالى وتمجيداً لاسمه القدوس وإعجاباً بأعماله الخطيرة العجيبة التي تفوق كل عقل تذكاراً لقوته وجبروته السامي واعترافاً بفضله العظيم على بني آدم الذين خالفوا وصاياه وتمرّدوا عليه وهو لكثرة حنوه ومراحمه لم يتركهم شاردين مبعدين عنه تعالى بل أرسل ابنه الوحيد وخلصهم ورفع عنهم ذاك النير الثقيل الذي وضعه إبليس عليهم وأعاد لهم النعم التي تفوق كل وصف.
5 ـ يصلّي الكاهن متضرعاً إلى اللّه تعالى أن يبارك ذلك المعتمد وينير عيني عقله كي يعرف أباطيل هذا العالم ويطرح عنه أعمال الخطية المميتة ويتحذر ألا يقترب منها.
6 ـ يتلو الكاهن ـ الحوساي ـ وهي عبارة عن تضرعات وابتهالات إلى الباري عزّ وجلّ كي يعتق ذاك المعتمد من أباطيل العالم وظلام الخطية التي استحوذت عليه منذ تصوره في البطن (مز 51) ويمنحه تعالى نعمة التبرير ويجعله طاهراً نقياً بعيداً عن الفساد، بعد أن كان ابناً للشيطان والهلاك وأسيراً للأباطيل العالمية. ويسكب عليه مواهبه الفائقة ليس لأجل بر فعله بل «متبرّرين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح» (رو 3: 24) ويساعده كي يموت عن الخطية (رو 6: 2) ويحيا للّه بالمسيح يسوع ربنا (رو 6: 11) ويمنحه تلك الهبة الإلهية بأن يجعله ابناً له بالنعمة «إذ لم يأخذ روح العبودية للخوف بل أخذ روح التبني الذي يصرخ يا أبا الآب . والروح نفسه أيضاً يشهد له بأنه ابن للّه» (رو 8: 15و16 ويو 1: 12).
7 ـ تقرأ الرسالة ليفهم الحاضرون عظم السر وسمو فعله في تجديد أولاد آدم.
8 ـ أما مناداة الشماس قبل الإنجيل بالخوف والهدوء الخ، فيحثّ بها المؤمنين الحاضرين أن يستعدوا مطهرين ضمائرهم وعقولهم بسماع بشارة الحيوة.
9 ـ يقرأ الإنجيل (ومعناه بشارة مفرحة) لتقديس المعمودية لأن كل شيء يتقدس بكلمة اللّه والصلاة (1تي 4: 5) وليثير في قلوب الحاضرين اضطرام نار الغيرة على حفظ قول الإنجيل القائل: «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يدخل ملكوت اللّه» (يو 3: 5).
10 ـ وأما ختم الكاهن المعتمد بدون دهن المسحة، فهو استعداد لقبول المسحة المقدسة حيث بها يذكر الكاهن الآب والابن والروح القدس ويطلب العون من العلي لطرد الأرواح الشريرة بواسطة علامة سيدنا يسوع المسيح.
11 ـ وأما قوريليسون، التي يقولها الشماس فهي كلمة يونانية معناها يا رب ارحم.
12 ـ وأما اتجاء الكاهن نحو الغرب وتلاوته صلوة طرد الأرواح الشيطانية بقوة رشم الصليب المقدس على المعتمد، فلأنه نحو الغرب تصير نهاية النهار وحلول الظلام فيمثل لنا الأعمال المظلمة بالشيطان فيتّجه الكاهن نحو الغرب ليطردها بقوة الصلوة وعلامة الصليب المقدس حتى تهرب من المعتمد، سائلاً ألا تقترب إليه ثانية طالما هو حي، ويؤيد هذا علامتنا النحرير مار سويريوس يعقوب البرطلي في كتاب الكنوز (الكنوز ركن 2 ف26).
13 ـ واتجاه المعتمد نحو الشرق آنئذ كأنه يوجه بذلك أفكاره إلى النور الأزلي يسوع المسيح طالباً إليه أن يساعده لكي يقى على الشيطان عدوه، وليرشده إلى طريق الحياة.
14 ـ ثم يتّجه المعتمد نحو الجهة الغربية ويكفر بالشيطان ويشير بذلك إلى أن الجهة الغربية هي جهة الظلام كما أسلفنا وأن الجهات المظلمة هي رمز إلى مسكن الشياطين وجنود الشر كقول مار موسى ابن كيفا: «إن جهة الغرب هي مظلمة واتجاهه نحو الغرب يشير به إلى أنه كفر بالشيطان وأعماله المظلمة» (تفسيره للمعمودية).
15 ـ وأما اتجاهه نحو الشرق واعترافه بالمسيح فيشير كقول موسى ابن كيفا إلى أن الجهة الشرقية هي الجهة النيرة لأنها مصدر النور وأنه بذلك يتجه نحو المسيح النور الحقيقي (يو 1: 4 و8: 12) وأما اعترافه بالمسيح فيدل على شدة فرحه في قبول الإيمان بالسيد المسيح.
16 ـ ومسحه جبهته بدهن المسحة المقدسة بشكل صليب، يشير إلى أنه تقلّد وسام السيد المسيح أي علامة الصليب الذي هو فخر جميع المؤمنين (غلا 6: 14) كي لا يقترب منه الشيطان عندما يشاهده حاملاً هذه العلامة المقدسة. كما أُمر بنو اسرائيل أن يفعلوا عند إهلاك الرب أبكار المصريين إذ وسموا عتبات بيوتهم بدم الخروف فلم يقترب منهم المهلك (خر 12: 7).
17 ـ ومن تقليد الكنيسة أن يمزج الكاهن بالماء الحار ماءً بارداً وليحذر في أثناء مزج الماء أن يجعله معتدلاً من الحرارة والبرودة بما يتناسب وفصل السنة وليجعل يمينه فوق شماله شبه صليب في أثناء سكبه الماء في جرن المعمودية تالياً هذه الصلوة تاركاً يمينه فوق شماله قائلاً: مزج وشركا امزج اللهم هذا الماء واجعله أن يكون حشاء روحياً يلد أولاداً أطهاراً.
18 ـ وأما نفخ الكاهن في وجه المعتمد فيشير أولاً: إلى فعل السيد المسيح حين نفخ في وجوه تلاميذه قائلاً لهم: «واقبلوا الروح القدس» (يو 20: 22). ثانياً: إلى تلك النفخة التي نفهخا اللّه في أنف آدم حين برأه (تك 2: 7) وبما أن المعمودية هي جبلة ثانية، ينفخ الكاهن بوجه المعتمد لكي يمنحه اللّه روح التجديد والتطهير كقول ابن كيفا (تفسيره للمعمودية).
19 ـ ينفخ الكاهن في الماء ثلاث مرات طارداً منه الأرواح الشريرة بقوة اللّه وعلامة الصليب زاجراً إياها كي تهرب منه. وذلك يشير إلى طرد السيد المسيح الروح النجس من ذلك الإنسان إذ قال «اخرج من الإنسان أيها الروح النجس» (مر 5: 8).
20 ـ وسكب الميرون في الماء على هيئة صليب، يشير إلى نزول الكلمة إلى الأرض واحتماله آلام الصليب. والميرون المقدس على الماء يشير إلى روح اللّه حين كان يرف على وجه المياه في بدء الخليقة (تك 1: 2) (ابن العبري الأشعة م 7 ب 3 ف1).
21 ـ جرن المعمودية يشير إلى قبر المسيح لأن الذي ينزل إلى جرن المعمودية ليقبر مع المسيح كقول الرسول بولس: «أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته» (رو 6: 3).
22 ـ ونزع ثياب المعتمد يشير أولاً إلى خلع الإنسان العتيق (أف 4: 22 و2كو 5: 17). ثانياً: إلى التحرر من سبي الشيطان لآن الذي يهرب من السبي يهرب عرياناً. ثالثاً: وبواسطة خلع هذا الرداء الحقير يشير إلى خلع الأعمال الدنيئة والتطهير بالمعمودية (موسى ابن كيفا).
23 ـ ينزل الكاهن المعتمد في جرن المعمودية واضعاً يده اليمنى على رأسه. ذلك يشير إلى يوحنا المعمدان الذي وضع يده على رأس مخلصنا حين عمّده في نهر الأردن (مت 3: 16). وغطسه ثلاث مرات أو سكب الماء على رأسه ثلاثاً يشير إلى موت المسيح ذي الأيام الثلاثة (كو 2: 12) وإصعاده من الماء يشير أولاً: إلى قيامة السيد المسيح كقول الرسول: «لأنه إن كنا قد صرنا متّحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته» (رو 6: 5) (موسى ابن كيفا). ثانياً إلى ولادة جديدة من الماء والروح (يو 3: 5).
24 ـ إن مسح الكاهن المعتمد بالميرون المقدس: يشير كقول مار موسى ابن كيفا، أولاً: إلى منح المعتمد رائحة ذكية للّه كقول الرسول بولس: «إننا رائحة المسيح الزكية للّه» (2كو 2: 15). ثانياً: إلى منحه الروح القدس. ثالثاً: إلى أنه علامة السيد المسيح التي بها يميز عن الغريب. وهكذا فإن الكاهن يمسح جبهته لتخاف منه الشياطين كما حدث في مصر إذ لم يقترب المهلك من بيوت الإسرائيليين لأنها كانت موسومة بدم الخروف (خر 12: 7)، وحواسه لتبتعد عن الخطية، وقلبه لئلا يكون مسكناً للأفكار الشريرة وكل أعضائه كي تكون له سلاح البر كقول الرسول.
25 ـ والرداء الأبيض الذي يلبسه المعتمد بعد العماد يشير أولاً: إلى حلّة المجد الطاهرة (ابن العبري الأشعة م 7 ب3 ف1). ثانياً: اللون الأبيض يشير إلى النقاوة والطهارة فيلبسه المعتمد كأنه لبس الإنسان الجديد كقول بولس الرسول: «وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب اللّه في البر وقداسة الحق»(أفس 4: 24). ثالثاً: الرداء الأبيض هو ثوب النعمة والتبرير، ثوب السرور الموضوع أمامه (عب 12: 2) ويشهد لقولنا هذا قديسنا العظيم مار أفرام السرياني في أحد مداريشه إذ قال هوذا الخراف القديمة مسرعة لتقبيل الخراف الجديدة التي أضيفت. فإن البيض لبسوا ثياباً بيضاً وصاروا بيضاً قلباً وقالباً. هكذا صارت أجسادكم كثيابكم (من صلاة ليلة عيد الدنح).
26 ـ الإكليل والزنار اللذان يوضعان للمعتمد، يشيران إلى العتق والغلبة لأن العماد أعتقه من الشيطان (مار سويريوس يعقوب البرطلي الكنوز ركن 2 ف 36).
27 ـ وإدخاله أمام مائدة الحياة يشير إلى الدنو من شجرة الحياة (ابن العبري الأشعة م7 ب 3 ف 1).
28 ـ ومناولة الكاهن المعتمد تشير إلى اتحاده بالسيد المسيح وصيرورته عضواً من أعضائه وغصناً في كرمته، وقد ذبح له العجل المسمّن لأنه كان ميتاً فعاش (لو 15: 24)، (سويريوس البرطلي الكنوز ركن2 ف 36).
29 ـ وكتابة اسم المعتمد تشير أولاً: إلى أنه كتب وأحصي مع الذين عتقوا من الشيطان والخطية. ثانياً: إلى أنه كتب مع القديسين في كنيسة الأبكار السماوية. وكتابة اسم الإشبين تشير إلى أنه مرشد (موسى ابن كيفا).
30 ـ والشموع التي تضاء أثناء العماد، تشير إلى انتقاله من ظلام الجهل والخطية إلى نور معرفة اللّه والأعمال الصالحة والنور السماوي (موسى ابن كيفا).
الهوامش :
([1]) ـ نسبة إلى سابيلوس الذي اعتقد بأن الآب والأبن والروح القدس أقنوم واحد غير أنهم يختلفون في الأسماء فقط.
([2]) ـ نسبة إلى آريوس القس الإسكندري الذي أنكر لاهوت ابن اللّه وحرمت بدعته في المجمع النيقاوي سنة 325م.
([3]) ـ نسبة إلى مقدونيوس بطريرك القسطنطينية، الذي اعتقد بأن الأبن ليس مساوياً للآب في الجوهر بل يشبهه في كل شيء، وأن الروح القدس مخلوق وخادم للأبن.
([4]) ـ نسبة إلى أونوميوس الذي اعتقد بأن اللّه الكلمة لم يأخذ من مريم سوى الجسد فقط بدون نفس، وإن اللاهوت حل محل النفس.
([5]) ـ نسبة إلى أبوليناريوس الذي اعتقد بأن ناسوت السيد المسيح بلا نفس ولا عقل.
([6]) ـ نسبة إلى أوطاخي الذي اعتقد أن جسد السيد المسيح لم يكن كأجسادنا بل هو كما شاء خلق له جسداً خيالياً في أحشاء مريم البتول فامتزج معه وصار بذلك طبيعة واحدة مختلطة ممتزجة.
([7]) ـ نسبة إلى نسطور بطريرك القسطنطينية الذي اعتقد بما يخص تجسد الرب قائلاً: «إن الآخذ شيء والمأخوذ شيء آخر، وإنه ذو طبيعتين وأقنومين، والآخذ أي ابن اللّه الكلمة هو ابن الآب بالطبع، والمأخوذ أي الناسوت هو ابن اللّه بالنعمة لأنه يتبع الكلمة الذي أخذه».
([8]) ـ نسبة إلى يوليانوس الخيالي الذي جحد آلام السيد المسيح الطبيعية البريئة قائلاً: «إنه بواسطة اتحاد اللاهوت بالناسوت صار جسده غير متألم»
([9]) ـ نسبة إلى لاوون أسقف رومية الذي اعتقد بأن المسيح أقنوم واحد يعرف بطبيعتين متميزتين بلا أنفصال وهو ذو مشيئتين وفعلين.
([10]) ـ نسبة إلى سميساط الواقعة بين النهرين بقرب الفرات، سيم أسقفاً على أنطاكية سنة 260م وقد جدف على سر الثالوث الأقدس منكراً أقنومي الأبن والروح القدس زاعماً أن اللّه مع كلمته واحد كما إن الإنسان مع كلمته واحد.