اجتماع بين ممثلي الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الأرثوذكسية
16-17 أيلول 2024 دير القديس بيشوي، مصر[1]
بيان

 

استجابة لدعوة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك كرسي القديس مرقس، لعقد اجتماع تحضيريّ للكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية “لأن محبة المسيح تحصرنا” ( كو 5: 14)، يُكرَّس لوحدة الكنائس الأرثوذكسية، اجتمع ممثلو هذه الكنائس في مركز لوغوس البابوي، الواقع في دير القديس بيشوي، وادي النطرون، مصر، في 16 و17 أيلول 2024.

اجتمع أعضاء الاجتماع باسم الله الثالوث، الآب والابن والروح القدس، وحضروا صلاة في كنيسة التجلي، ترأسها قداسة البابا تواضروس الثاني، الذي رحب بالجميع بفرح صادق وشدد على أنّ “بناء علاقات المحبة في المسيح، وتعميق فهمنا لبعضنا البعض، والحوار المستمر، والصلاة الدؤوبة […] ستقودنا جميعًا إلى قلب ربنا يسوع المسيح”، وقال: ”نحن بحاجة إلى صوت أرثوذكسي واحد مبني على رؤية مشتركة للقضايا الاجتماعية العالمية التي تشكل الآن مصدر قلق كبير لكنائسنا.”

وأكّد قداسة البطريرك المسكوني برثلماوس في رسالته على: ”أنّ اهتمامنا وتفانينا في مهمة الوحدة المسيحية […] ينبعان من إحساس بالمسؤولية ومن الاقتناع بأن التفاهم والتعاون المتبادلين لهما أهمية أساسية إذا كنا لا نرغب أبدًا أن “نجعل عائقًا لإنجيل المسيح” (1كو 9: 12)، فيما الهدف المشترك يتمثّل في “استعادة الوحدة الكاملة في الإيمان والمحبّة الحقيقيّين”.

استعرض الرئيسان المشاركان للجنة المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة، نيافة مار عمانوئيل مطران خلقيدونية (البطريركية المسكونية) ونيافة الأنبا توماس مطران قوصية ومير (الكنيسة القبطية الأرثوذكسية)، المراحل السابقة للحوار وإنجازاته، وقدّما توصيات بشأن الخطوات المستقبلية. كما استذكر نيافة المطران عمانوئيل المثلث الرحمات الأنبا بيشوي مطران دمياط، الرئيس المشارك السابق، الذي لعب دورًا بارزًا وحاسمًا مع سلفيه الراحلين مار دامسكينوس مطران سويسرا ومار كريسوستوموس مطران ميرا، الرئيس المشارك الأول، لجهودهم الدؤوبة في دفع الحوار اللاهوتي إلى الأمام بسرعة. علاوة على ذلك، أشار نيافة المطران توماس إلى الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لتنفيذ اتفاقات الحوار، وأشار إلى أن صوت الإيمان الأرثوذكسي في أيامنا هذه يمكن أن يجلب الأمل للناس ويعيد المسيحية إلى المجتمع الهش في عالم اليوم.

اجتمع ممثلو العائلتين الأرثوذكسيتين في جو من المحبة الأخوية المسيحية حول طاولة مستديرة. وأقروا بالخطوات الناجحة التي حققها الحوار، وبحثوا التدابير الملموسة اللازمة لاستعادة الشركة الكاملة من خلال النظر في “خريطة الطريق” التي أعدتها مسبقًا مجموعة العمل المؤلفة من المندوبين الرسميين في أثينا، في 24-25 تشرين الثاني 2014. جرت مناقشة مكثفة ومثمرة. ناقشت العائلتان في اجتماعات منفصلة القضايا من منظور كل عائلة، تلا ذلك سلسلة من الجلسات العامة تناولت: موقف كل كنيسة من البيانات المتفق عليها؛ وكيفية تطبيقها، وكيفية المضي قدمًا، وكيفية التعامل مع التحديات المعاصرة، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والأخلاقية التي تواجه الأرثوذكس.

علاوة على ذلك، وبصوت واحد ووفاءً لتقاليدنا اللاهوتية والكتابية والآبائية المشتركة، أثار جميع الأعضاء المشاكل المحدقة بشؤون الأسرة والتحديات الأنثروبولوجية الموجودة في المجتمع العلماني المعاصر. وأعربوا عن رغبتهم في أن يصبح جميع المسيحيين سفراء (راجع 2 كور 5: 20) لرسالة المسيح إلى المجتمع الحديث، من أجل تغيير العالم بنور الحقيقة والحكمة.

تنظر كنائسنا إلى اتحاد الحب غير القابل للانفصال بين الرجل والمرأة في الزواج المقدس على أنه ”سر عظيم“ (أفسس 5: 32)، يعكس العلاقة بين المسيح والكنيسة، على عكس بعض المقاربات المعاصرة للزواج. من هذا الاتّحاد تنشأ الأسرة، التي تُعتبر الأساس الوحيد لولادة الأطفال وتربيتهم وفقًا للخطة الإلهية. لذلك، تعتبر كنائسنا الأسرة “كنيسة صغيرة” وتوفّر لها الرعاية والدعم المناسبين.

ترفض كنائسنا رفضًا قاطعًا تبرير العلاقات المثلية في إطار ما يسمى “الحرية الإنسانية المطلقة” التي تسبّب ضررًا للبشرية. وفي الوقت الذي تؤكد فيه كنائسنا إيمانها الكامل بحقوق الإنسان والحرية، تشدّد أيضًا على أنّ حرية المخلوقين ليست مطلقة إلى درجة تجاوز وصايا الخالق وكسرها.

 

اتفق المشاركون بالإجماع على ما يلي: (1) أن تواصل اللجنتان الفرعيتان المشتركتان المعنيتان بالشؤون الليتورجية والرعوية عملهما؛ (2) أن يزور الرئيسان المشاركان للجنة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية من أجل إطلاعهم على النتائج الإيجابية للحوار وتلقّف تعليقاتهم على البيانات والمقترحات المتفق عليها والموقعة؛ (3) إنشاء موقع إلكتروني مشترك يحتوي على جميع الوثائق اللازمة للحوار الثنائي السابق، ليكون متاحًا للأعضاء الجدد في اللجنة المشتركة الذين ستعيّنهم كنائسهم، من أجل تسهيل عملية صنع القرار؛ 4) إشراك العائلتين الأرثوذكسيتين الإكليروس والرهبان والعلمانيين على جميع مستوياتهم، في تطبيق الحوار.

وبما أن عام 2025 يصادف الذكرى 1700 للمجمع المسكوني الأول في نيقية، وسيحتفل المسيحيون في جميع أنحاء العالم بعيد القيامة في تاريخ واحد، أعرب ممثلو العائلتين عن رغبتهما في أن يحتفل جميع المسيحيين في العالم بأسره بعيد القيامة وفقًا لتقليد نيقية القانونيّ والباسكاليون الأرثوذكسي.

خلال الجلسة الأخيرة، أعرب جميع المشاركين عن شكرهم لربنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات، لمنحهم نعمة اللقاء معًا بعد فترة من التأمل الداخلي والاهتمام المتزايد بالحوار وثماره على جميع مستويات كنائسهم المحلية. أعرب المشاركون عن امتنانهم للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقداسة البابا تواضروس الثاني على كرم الضيافة الإبراهيمي واستضافة الاجتماع.

 

 

 

 

[1] بتكليف من قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، شارك في الاجتماع صاحبا النيافة: مار إقليميس دانيال كورية، مطران بيروت، ومار تيموثاوس متى الخوري، مطران حمص وحماة وطرطوس وتوابعها، ممثلين عن كنيستنا السريانية الأرثوذكسية الأنطاكية. يهدف الاجتماع إلى دراسة إمكانية فتح الحوار بين جميع الكنائس الأرثوذكسية، انطلاقًا من نتائج الاجتماعات السابقة بين مجموعتي الكنائس.

وضم الوفد الأرثوذكسي ممثلين عن البطريركية المسكونية، وبطريركيات الإسكندرية وأنطاكية والقدس وروسيا ورومانيا وبلغاريا، بالإضافة إلى كنائس قبرص واليونان وبولندا وألبانيا.

‎وضم الوفد الارثوذكسي الشرقي، ممثلين عن بطريركية الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وكاثوليكوسية إتشميادزين وأنطلياس للأرمن الأرثوذكس والاريتريين الأرثوذكس.

Scroll to Top