وثائق مداريش نصيبين للطوباوي مار أفرام

وثائق مداريش

 

وثائق مداريش نصيبين للطوباوي: مار أفرام.

-2-في خلاص المدينة (نصيبين) على وزن: الذي عزَّوا بالموعد.

-3-على الوزن السابق

-4- على وزن: جمهور مضايقيَّ.

-5- على وزن: أغنامك بمرارة.

-6- على وزن ما قبله

-7- على وزن ما قبله.

-8- على وزن ما قبله

-9- مداريش حول سور أنزيط. على وزن ما قبله.

-10-على وزن ما قبله

-11-على وزن ما قبله.

-12- في مار يعقوب وزملائه. على وزن: عجبٌ كلّ ما احتملتَ يا سيدي.

-13-على وزن ما قبله.

-14-على وزن: الله الذي أحببتموه.

-15-على وزن ما تقدَّمه.

-16- في: إبراهيم أسقف نصيبين، على وزن: قُتل الأطفال من أجل ميلادك

-17-على وزن ما قبله.

-18-على وزن ما قبله.

-19- منه وعلى وزنه.

-20-منه وعلى وزنه.

-21-   على وزن: أيها الملك السموي هدِّئ من روعه (اضطرابه)

-22-

-23-

-24-

-25-على وزن ما قبله.

-26-على وزن ما قبله.

27-على وزن سابقه. تقريض في بيطوس أسقف حرَّان.

-28-على وزن ما تقدَّم.

-29-على وزن ما تقدَّم.

-30- على وزن: عروسة الملك.

 

 

 

وثائق مداريش نصيبين للطوباوي: مار أفرام.

 

1-يا إله المراحم يا من أغثت (أرحت) نوحا ً

الذي بدوره أرضى مراحمك

قدَّم الذبائح وأوقف الطوفان.

أعطى القرابين ونال الموعد.

لقد أرضاك بصلاة ورائحة.

فلويت عليه بالقوس والأقسام.

فحيثما جمح الطوفان مغيرا ً على الأرض

ليعبث فيها المضار

مُدَّ هنالك القوس ليطرده

ليعيد إلى الأرض الثقة والشجاعة.

فأقسامك هي (خميرة) الأمن.

وقوسك تعلن الحرب على الغضب.

أغنية: صوِّب قوسك اتجاه الطوفان (اتجاه الغمر) لأنه نصب الأمواج نصب أسوارنا.

2-إني يا سيدي أقوم بمرافقة بكل ما أوتيت من جلاء ووضوح إذا كان الدم الضعيف: الذي رشَّه نوح قد أوقف موجة الغضب: على مرِّ الأيام من الجميع: فكم يكون زخمُ قوةِ دمِ وحيدك قويا ً.

-1-

ليوقف برشِّه غمرنا. الذي بسرِّه اقتنت ذبائح نوح الضعيفة قوَّة ً وأوقف الغضب.

فارتضِ بقربان مذبحي وامنع عني الغمر الحي الذي يداهمني في هذه الحياة.

وليحفظنا زوجُ إشارتيك:

إشارة صليبك تحفظني وإشارة القوس تحفظ نوحا ً.

صليبك يشق عباب بحر المياه. –الأصح بحر الأحياء-

وقوسك يوقف دفق غمر الأمطار (أي الطوفان)

3-لقد أقلقتني الأمواج وأرقتني العاصفة.

غبطت الفلك وأعطيته الطوبى لأنه

لم يحق بر سوى الأمواج.

أما أنا فقد اكتنفتني تلالٌ وسهامٌ وأمواج

الفلك صار لك كنزَ الكنوز

أما أنا فقد أصبحت كنز المعاصي والذنوب.

الفلك بمحبتك وطأت الأمواج

أما أنا فبغضبك صرت هدفا ً للأسهم التي اعتَوَرتني.

الفلك حُمِلَ على أكُفِّ الغمر أمّا أنا فقد أقلقني النهر

فيا ملَّاح ذاك الفلكَ: كن ملَّحي على اليابسة.

أنت الذي أرحت وأرسيت الفلك في ميناء الجبل

أما أنا فأرسني وأرحني في ميناء أسواري (نصيبين).

4-لقد أدَّبني الصديق (نوح) بواسطة الفيض.

ودَلَّلَ تلك بين الأمواجُ لأن نوحا ً تغلب على أمواج الرغبات

التي خنقت وتغلبت     في زمان على بني شيت.

وبما أن جسده           قاوَمَ ولم يستسلم لبنات قايين

امتطت مطيتُه ووطأت.   صَهوةَ الأمواج.

وبما أنه لم يتدنس بوصال النساء: قدَّس الحيوانات في الفلك الذي كان يضمُّ زوجا ً

زوجا ً من كل فصيلة.

المتزوِّج قدَّس الرباط الزوجي.

الزيتون الذي زَيتُه يُبهج الوجوه أبهج بأوراقه سحناتها

أما أنا فالنهر الذي ريَّاه وشرابه ينعش القلب.

فقد أعمل فيَّ الغمّ بغمره وفيضه.

5-لقد لاحظت عدالتك درن الآثام

فاشمأزت في عيناك النقيتان.

فمن جرَّاء أدراني جمعت عدالتك المياه.

لتحصل لي على الرخض والنقاء من آثامي.

لم يحصل ذلك بسبب غمري بها وتنقيتي.

ولكن جَمَعْتها لإرهابي وتقويمي.

حتى توقظ الأمواجُ الصلاة لتغسل مني الآثام.

ومنظرها المُشبَع بالتوبة قد مثّل فيَّ دورَ المعمودية

والبحر الذي هُيئ لخنقي يا سيدي.

لتخنق به ألطافُك الآثام والتعديات.

ففي بحر سوف (الأحمر) أجهزت على الأجساد

أما بهذا فلتكن المعاصي لها بديلا ً.

6-بالرحمة هيأتَ الفلك

لتحفظ به باقي ما تبقَّى كيلا تجرِّدَ الأرض من جرَّاء الغضب إذ صنع تحنانك أرضا ً

من الأخشاب ورحت تُفرِغ واحدة ً بواحدة وأرجعتها الواحدة للأخرى.

الأراضي التي أملكها امتلأت ثلاث مرات وأٌفرغت: والآن لم تهدأ الأمواج (اللجج)

عن مداهمتي: لتمحو وتُجهِز على ما بقي بي

ففي الفلك حفظت البواقي

وفي فلكي في داخلك احفظ فيَّ الخمير.

تمخض الفلك ووَلد في أعلى الجبل

وفي شطاحي وسهوبي أخرج أنا وأولد أسراي وسجنائي.

7-بما أنك يارب أبهجت بالزيتون سجناء ذاك الفلك:

أبهج في داخلي سجنائي القابعين داخل أسواري

فقد أرسلت لأولئك الضعفاء المعذبين في لجج الأمواج:

طبيبا ً بواسطة الحمامة: دخل عليهم وطرد منهم الآلام

لأن الفرح به لاشى عنهم الكآبة وبدد عنهم الأحزان بعزائه.

وكقائد الجند أعطى تشجيعا ً للفزعين الخائفين

زرع أنسا ً بين الموحشين.

وتذوَّقت مُقَلُهم مشاهِدَ السلام.

وسارع ليُنطِقَ الفم بمجدك.

فاحفظني كما حَفظت الزيت فوق الأمواج.

لتُبهج سجنائي    داخل أسواري.

8-لقد أغار الغمرُ ورطم بسورنا: ليُصدُّ بقوَّةِ مؤيِّدِ الكل.

كيلا يسقط كما لو كان مبنيا ً على الرمال

لأني لم أبنِ تعليمي على رمال.

فليكن الصخر أساسا ً لبنائي: لأني بنيت إيماني على صخرتك ليحمل أساس رجائي

الخفي حصني وأسواري

أسوار أريحا سقطت لأنها نبت رجاءها على الرمال.

وبنى موسى سورا ً وسط البحر من مياه لأن فكره كان مبنيا ً على الصخر.

ونوح أيضا ً أساسه كان على صخرٍ لذا حمل مساكن خشبية وسط المياه.

9-اعتبر الأنفس التي داخلي: مثل الحيوانات التي في الفلك: ومثل نوح الذي سيطرت

عليه الكآبة داخل الفلك

هوذا مذبحك تكتنفه الأحزان وقد مُني بالإقلال.

واعتبر بتولاتي اللاتي لم يبلغن يوم زفافهن:

مثل النساء التي تقدَّست في ذاك الفلك.

واعتبر صانعي المبرات الأعفَّاء الذين ألبسوا العراة وستروهم:

بديلا ً عن حام الذي خرج وفضح عورة أبيه.

لقد برَّحت بي الآلامُ فتكلمتُ.

اعذرني يا ربي وابعدني عن الملام لإغضابك بكلماتك.

فقد أعلمتُ الصمتُ في صفوف المجتهدين الذين تجنوا.

فارحمني يا أرحم الراحمين مثل الآخرين الذين سُدل على فمهم ستار الصمت.

10-لقد هيأتِ ملجأ ً إزاء الغضب.

واستعْصَت به كل الفصائل.

كان نوح يتبحبح في مسكن الراحة.

ليرضي مسكنهِ مثل اسمه      -معنى اسم نوح: مرضٍ ومريح-

فقد أوصدتَ الأبواب لتحفظَ الصديق.

وفتحتَ ينابيع الغمر لتبيدَ الفاسدين.

انتصب نوح بين الأمواج العاتية الرهيبة من الخارج.

مناهضا ً الأفواه المفسدة من الداخل.

فقد حملته الأمواج على متونها وأرقته الأفواه.

فقد سالمت معه الداخلين.

وأخضعت أمامه الخارجين.

وبطريقة رشيقة حوَّلْت الصعاب.

لأنك لا يستحيل عندك أمر     (لأنك لا يستعصي عليك أمرٌ)

11-إسمع وَزن مقارنتي مع نوح.

الذي رجَعت كفة آلامي عن كفة آلامه.

وليعادل تحنانُك خلاصنا.

لأن أولادي يتوسطون بين الساخطين والمفسدين مثل نوح.

فوَفِّق يا رب بيني وبين الداخليين: واخضع أمامي الخارجيين فتتضاعف غلبتي

وأكون قد حصَّلتُ نصرين إثنين:

أما النصر الثالث فأحوز عليه بفضائل على سخطه وغضبه

وليُرسل ثالوثُك حنانا ً ثلاثيا ً: ولا ينتصر الشرير على رحمتك

فاصرعه للمرة الثانية والثالثة. ولينتشر خبر نصرتي

من عندك في المعمورة بأسرها: للتتجر لك مجدا ً في الأرض

فيا أيها الذي قام من الأموات في اليوم الثالث

لا تُمِتنا في حصاري هذا الثالث.

 

 

            -2-في خلاص المدينة (نصيبين) على وزن: الذي عزَّوا بالموعد.

1-في هذا اليوم الأغر افترَّت الأفواه عن آيات الشكران

وفتحُ الأبواب: فتح أفواه أولادي.

صعَّدوا الشكران للحنَّان: الذي خلَّص إنسانيتنا

فلم يشأ أن يكافئنا في حينه على جمائله التي أهملناها

إذا انتفضت لتغزوَنا.

أما العوالم فقد تذوَّقوا نعمتك بخلاصنا.

أغنية: مجدٌ لا نعامل من كل ذي كلمة.

2-فقد خلصنا دونما حصن أو سور: وعلمنا بأنه هو بالذات سورنا المنيع

وبدون ملك أنقذنا: وعرَّفنا بأنه هو هو ملكنا.

هبَّ لنجدتِنا في كل الوسائل من كل الضيقات: وأوضح لنا بأنه هو الكل في الكل.

خلصنا بنعمته وبين لنا بأنه:

أحيانا ولوى علينا مجانا من كل متكبر غطريس

انتزع الكبرياء: وسلمَّه إلى نعمته.

3-مهما أوتيَت الأفواهُ من أصوات هادرة: فهي لن تفيك حق ثنائك. ففي الوقت الذي ناس نورُنا وخبا وكادَ ينطفئ: تعافى للحال وتألق لأنك على كل شيء قدير ولا شيء

عليك عسير، فقد حققت لنا أعجوبتين اثنتين إذ أنك شفعت اليأس والقنوط بزجِّ من الأمل الوافر: وأحلت لحظات البكاء والنواح إلى صوت البشائر وعهود الطمأنينة.

4-إنه ليوم عيد أغر: به تعلقت كل ُّ الأعياد.

إذ لو ظفر بنا الغضب: لبَطُلت أعيادُنا

ولئن تكلل أمننا بنصر من عنده: فقد هدرت أعيادُنا وأُطلقت الأصوات عاليا ً. إنه

ليوم مبارك يستنكبُ حاملا ً الكلّ على متنه فيه تعلقت المدينة التي بها تعلَّق شعبُها

الذي به تعلق أمنُها وبالأمن تعلق الجميع.

5-لقد حققت نصرا ً مبينا ً من أبوابي: وللمرة الثالثة انطلق هتافُ المجد من أبوابي

الثلاثة: فقد نزل وأوصدها بتحنان الذي صدَّ الغضب المحدق.

فقد ضرب من لم يعتبر: ليعط عبرة. ويطلع الذي في الداخل بأن العادل بذاته فتحها:

وبلَّغ الذين في الخارج بأن الصالح نفسُه هو الذي أوصَدَها: وأحكم إغلاقها.

6-انطقوا بالتسبيح واخذلوا المجد: أيها المخلصون في هذا اليوم الأغر الشيوخ

والأطفال السباب والشواب الصِبيَة والودعاء مع الكنيسة أم المدينة.

فلا يبب بعدُ للشيوخ: ولا عذابٌ للشبان: ولا تبريح للرضَّع.

لا افتضاح للنساء: ولا سخرية بعد للكنيسة.

7-لقد أتانا بالصعاب فامتلأت عيوننا بالغرق والرعب.

أتانا بالهينات فَحَسُنَّا   -الأصح فهدأنا-لبرهة من الزمن.

أهملنا وتركنا هُنيهة: فضللنا ما وراء الحدود.

فكدنا نسبه الضواري التي تطوَّع بالحيلة والتخويف: وأما أن غُضَّ الطَرفُ عنها

قليلا ً: تمردت مستعصية لتعمل في أهل المدينة فتكا ً وتبريحا ً.

8-لقد كافأنا ولم نخف –الأصح: ولم نَرْعو-خلَّصنا ولمَّا نخجل.

شدّد علينا فأكثرنا النذور: أرخَى لنا فتكثَّفت آثامنا

ولئن ضايقنا أكثرنا الوعود: فرَّج عنَّا: فضللنا. فقد زُجَّ في المساء طريحا ً فأقمناه:

وفي الصباح ارتدينا به: ونحن على بيِّنةٍ من الأمر وكان ذلك ليزدنا مصداقية وبرَّا ً.

عَبر عنا العنف والضيق فوَلّى عنا الحق مجرجرا ً معهُ البر والمصداقية.

9-زجَّنا في الأبواب لنفي ما علينا-من ديون-

نصب التلالَ عاليا ً كي بها نخفض كبرياءنا.

والبحار شقَها كي نغسل ذواتنا اللطخة الملوَّثة.

جمهرنا في الأسر والسجون: لنجتمع تحت أكناف هيكله.

حبسنا فخمدنا: أفرج عنا وتهنا. فما أشبهنا بنمرٍ[1] يُطلُّ ويبرُزُ بجميع الألوان.

10-وليكن معلوما ً لدينا: أن الطوباويين أبناء مدينة نينوى العظيمة عندما تابوا: فذلك

لم يكن بتلال وبحار: ولا أبواب وأقواس ولم تكن توبتهم من جراء فزع أو خوف

من صوت وترٍ.

سمعوا صوتا ً شمأزا ً فأعلموا الصوم في رضَّعِهم. والعفة في شبانهم والاتضاع في ملوكهم.

11-ضربتنا فصدقنا: وذلك لم يكن عن طريق الصدفة.

نجيتنا فاعترفنا: وذلك ليس لاستحقاق منا.

لويت علينا ولست بالغافِل لأنك لم تخلنا من التائبين

فأنت على بيّنَة من أمرنا ففي الوقت الذي رحمتنا تهنا وضللنا.

أنت تعلم بأنا أخطأنا: لسابق علمك بأنا خطاة.

فمع أنك أنت عليم بذنوبنا المسبقة والمستقبلة

سملتنا بالرحمة والتحنان.

12-لقد وازن توبتنا مقارنا ً إياها نع آثامنا لتتغلب عليها: ولمّا تساوتا كفتاهما واحدة مع

أخرى (رأسا ً برأس) ولرجوحٍ في كفة آثامنا وطوافٍ في كفة توبتنا. أبى إلا أن

يروِّجنا على الرغم من كوننا مثقلين بالديون الكثيفة في سوق الطلب والعرض:

فتقدم التحنان ناشدا ً (بمعنى شاري) وصار هو الشاري: ورأس المال والفائدة.

فدَفعنا في المقابل فلسا ً واحدا ً قدمته توبتُنا.

13-لفد سامحنا بِدَين وزنات كثيرة بشيء قليل.

فهو ميَّالٌ إلى النقمة. ليُعطيَ عدلَه حَقَّه (ليرضي عدالته)

وهو ملتزمٌ بالغفران ليُرضيَ نعمتَه.

أعطيناه ملئ مقلنا من الدموع: فاضطربت عدالته لأن المقابل لم يكن معادلا ً للثمن:

أبهج نعمته إذ ذاك إذ بقليل غضَّ الطرف عن الكثير.

14-مهما تعاظم عددُ الألسنة لم يكن بوسعها أن تُقابل نعمته: فقد غفر هو لنا ونحن لم نغفر: إذ جزيناه بطريقة عكسية والإثم الذي أ أخطأ: ذنّبناهُ من جديد: فمن جهة نصرخ بحرقة اغفر: ومن جهة أخرى نصلي: انتقم. اغفر لنا لأنا أخطأنا: وانتقم ممَّن أساء إلينا.

15-فإننا لم ندأب أن نعمل لذواتنا كما دَئِبَ من في الخارج لذواتهم

هم رفعوا التلال ونحن لم نُعلِ صوتا ً: هم حلّوا السور ونحن لم نكلِّف النفس أن تحل

القيود القليلة المعقودة داخل قلبنا.

فقد ظلم المجتهدين: من أجل المتقاعسين. الدأب والاجتهاد ظلم الذين هم في الخارج:

في الوقت الذي هو مهدور ومظلوم في الداخل.

16-لقد أعرض عن ذوي النطق والكلمة. وانهال بالضربات على الصامتين

كان السور يُمنى بالضربات العنيفة: أما الشعب فكان يزداد حكمة ً ودراية. لوى

برأفته على ذوي الإحساس: وألهب مَن لا حس لها بتباريحه القاسية كيلا ينكل

بالأنفس الحساسة. فقد ضرب الحجر عديم الإحساس كي به يؤدبنا. ولمحبته الفياضة

ترك أجسامنا اللدنة وانهال على السور بأليم الضربات.

17-عجبت من بوَّابة استحالت إلى مرآة صافية. نظر بها الجانبان وانتفع منها الطرفان

الخارجي والداخلي. فقد عاينا بأم أعينهما القوة التي كسرت ثم جبرت. فقد رأياها

تهدم وفي الوقت نفسه تُرمِّم. رأى من في الخارج بأسها: فوّلَّوا ولم يُمسوا: رأى من

في الداخل نجدتها: هتفوا بالشكران ولم يعطوها حقها.

18-ليوقظك يومُ خلاصِك من سُباتِك العميق يوم دُكَّ سورُك: ويوم تواكبت الفيلة بزجِّها

الجَموح يوم نزلت عليك الأسهم كسحاب غزير: ويوم داهمك الرجال بإصرار

ووحشية حمقاء.

فقد صارت لك هذه لفتة ً لأهل السماء. فحيث ُ قاتلَ الإثمُ: انتصر وفاز التحنان.

الرحمة تنتصر في الأرض والملائكة تهتف في السماء.

19-فارت قوَّة عَدوِّك الذي أصرَّ بحيله الكثيرة أن يُلحِقَ المضار بسورك الذي يأوي

آهليكِ. فقد ذهبت مساعيه هباء الريح كيلا يظن بأنه إن دك ودخل وسبانا سبيا ً.

فقد هدمه لأكثر من مرة: ورُد على أعقابه بالخيبة ومازال مُصِرّا ً. فقد دكَّ السور

للمرة الثالثة: ليمنى بالخيبة ثلاثا ً بثلاث.

20-ليتكثَّف الطوبى في داخلكِ بالنعمة: ولتتكاثر ثماري بك كما عَظُمت وتكاثرت آثامي

بكِ. ولتُرحَم شيخوختي بك: لاقتراف حداثتي الآثام بين جنباتك. سَخِّري أفواه بنيكِ

بالطلبة عن ابنك: فقد أخطأت أكثر من طاقتي وقدَّمت التوبة أقل بكثير مما كان

بوسعي.

بذرت بسخاء دون مكيال: وجنيت بتقتير أقل من المكيال.

-3-على الوزن السابق

1-لقد ثبَّت مسمعنا: لئلا يُفلت ويتوه في تحرِّياته: من هو؟ ولمن ينتسب شبهُه؟ وهل

بإمكاننا أن نثبط شبه الكائن بنا: وهو يشبه العقل: الذي لا يوجد به جانب عقيم. فهو

يسمع ويرى بكل جوانبه. كلُّه ناطق وكلُّه حال في جميع الأحاسيس

أغنية: مجد لكائن أوحد. لا يُدرك منا.

2-منظرُه لا يُدرَك: ليتصوَّر بعقلنا. فهو يسمع دونما آذان: وهو يَنطُقُ دونما فم

ولسان: وهو يكوِّن دونما أيدي: وهو يرى دون مُقلة وعين. ونحن لا

نعكف نفسنا ونصمت. عند مَن يا ترى حدثت هذه؟ إذ تَلبَّس بنعمته زيَ وشبه

الإنسانية: وجمعنا بأشباهه وأمثاله.

3-ولنعلم أنه مع كونه روحانيا ً قد ظهر بالجسد وبالرغم من ذلك فهو نقي شفَّاف: بَانَ

وكأنه الغضوب: وتلك كانت من أجل الفائدة والمنفعة. فهو كائن قد تشبّه بنا بكل

أشباهه لنتشبه نحن أيضا ً به. واحد هو الذي يُشبهُه: الابن الذي وُلِدَ منه وهو غائضٌ

بأشباهه.

4-انصتي يا مدينة نصيبين إلى هذه الأقوال فبسببك دُوِّنت وتداولت لك وللآخرين.

فقد كنت سببا ً في الأرض للضيقات والمواعظ: الأفواهُ عليكِ (أي كلام الأفواه عليك)

أيتها السجنية: والتي بدورها (الألسن والأفواه) لفلفت عليك: لأنك فزتِ ونجوت وبك

أنتِ: انطلقت الأفواه للثناء والعويل.

5-لقد كانت صلاة أهليكِ كافية ومستحقة لخلاصك. وذلك ليس لبرٍّ منهم بل لتوبة

قدَّموها تضوح. فبقدر ما أوتُوا من العار: كانوا توأمين هارعين، للتقويم والتأديب.

فتمازجوا بالفضائل والآثام وكما اشتدت خطاياهم لتقو ثمارهم.

كما ظفروا بمسوحهم. ازدهت الأكاليل على رؤوسهم

6-يومُ خلاصُكِ لهو ملكُ الأيام. فيوم السبت دكّ أسوارك: وأنت سحقت الجاحدين.

وفي يوم قيامة الابن من الأموات: أقام هو سقطتك من مصرعك. فبيوم القيامة

أقامك كما أقام هو اسمه: فأشاد باسمه ونسبته: فحلَّ السبت حفظه: مسببا الإقلال

والإهانة لنفسه بأعمال العداء والتخريب.

7-في السامرة اشتدَّت وطأة الجوع وأنت نعمتِ في بحبوحة من الخيرات التي فاضت

فجأة وتدفقت على السامرة. أما أنت دخل إليك فجأة بحرٌ هدر بالخيرات وماج

بالوفرة. في تلك –أي في السامرة-

التُهمَ الإثم وأُكِلَ: فأحياها. وبك أنت: أُكل جَسدُ الحي ومحيي الكل: وفجأة حدث لك

خلاص. مِمَّن أكلت: لآكليه.

8-من المفروغ منه: أن الصالح لا يشاء بالضيقات التي تتالت على مر العصور. وهو

الذي أوجدها. فآثامنا هي بالذات سبب التبريح بنا. وخالقنا لا يُلقي التبعة والتذمر

على إنسان: ولكنا نحن بالذات نتجنَّى عليه ونحمله التبعة والمسؤولية. ذلك لأنا

أخطأنا وأعملنا في نفسه ضيقا ً عميقا ً. فحار الرب بين أمرين إثنين: الغضب وهو

لم يشأ به: وبالتنكيل وهو حلٌ لا يرضى به.

9-الأرض والكرمة والزيتون: كلها تحتاج إلى العصا والتأديب.

فالزيتون لا تكثر وتخصب فروعه إلا إذا ضُرب وامتُهِن.

والكرمة لا تحسُن أثمارها: إلا إذا كُلِّمَ صدرها وشُقَّ ترابها. والبحر عندما يتأدَّب:

تحتسيه المجاديفُ شرابا ً. أما المعادن كالنحاس والفضة والذهب لا تزهو وتتألق

إلا عندما تُسقَل وتُحك.

10-فإن كان الإنسان هو الذي يؤدب ويطوِّع كل الأشياء: ما أن أعرض وأهملها:

ارتدَّت هي بدورها وتمرَّدت فلنستدِل إذن على مؤدبه مما وقع تحت طائلة تأديبه.

وإن كان هو يؤدِّبُ: بغية الاستسعاد: ليمتلكها ويجعلها طائعة صائعة كعبيد له:

فصالح ٌ في يؤدِّب عبيده كي يقتنون ويمتلكون ذواتهم بأنفسهم.

11-لتكن ضيقاتك يا نصيبين: سفرا ً يُدوِّن ذكرياتك. فقد أعد لك سجونا ً ثلاثة تفي

بحاجتك: أسفارا ًتُغلِّبيها وتتأملين بأحداثها هي أسفار العهدين التي أهملتِها غير آبهةٍ

بمكنونها كي بها تقرأي قصة حياتك بين سطورها لذلك عينه: كتب هولك أسفارا ً

ثلاثة ً صعبة ً عسيرة ً: لتتصفحيها وبها تقرأي خبر إهانتك وقصة إذلالك

12-ليبطُلَ ما سيأتي: بما أتى وحدث. ولنتأدَّب بما مرَّ لندفع عنا ما سيمُرُّ ويَحدُث.

ولنذكرَّن عاديات الماضي.

لنحل ونفكَّ بها كوارث المستقبل باغتتنا وواصلتنا الضربة المتوسِّطة: وأثقلت كاهلنا

لأنا نسينا الأولى. فأتتنا الثالثة وأنهكتنا: لغروب الضربة المتوسطة عن مخيلتنا

وضامرنا فمن يا ترى يعتري النسيان ذاكرتَه بعد ضربات ثلاث.

 

 

-4- على وزن: جمهور مضايقيَّ.

 

1-إلهي!: أيها الدؤوب الذي لا يَفتر: إني أطأ أعتاب بيتك.

أسألك بإلحاح: لأَنَلْ بإصرار: لأني بكرتُ كل نعمة.

أغنية: يا رجاءنا كن لنا سورا ً.

2-إن كانت الأرض تكثر مغنية حبة الحنطة الواحدة إلى حبَّات كثيرة: فكم تغتني

صلاتي بنعمتك إذن؟

3-افتح لي باب تحنانك بإقليد من صوغ أصوات أبنائي الصارخ بالمرارة والأحزان

لأُبهِجَ (لأَجليَ) بأصواتِهم حزنَ مسوحهم.

4-أيها البكر الذي عندما فُطمت وأنت صبيٌ تبعت أطفال الناصرة الأشقياء.

استجب إلى أولادي الذين رأوا الذئاب الكاسرة وهي تعوي وتزمجر.

5-الأغنام يا سيدي عندما ترى الذئاب الخاطفة في البرية تهرع إلى الراعي وتلتجئ

بعصاه التي تُهزِم مفترسيها.

6-فأغنامك رأت الذئاب الفتاكة: واستصرختك بحرقة وألم بادر وانتشلها من هلعها الذي

أحاق بها: ليكن صليبك عصى الرعاية: التي تُهزم من يلتهمَها.

7-اقبل صرخة أحداثي الأنقياء في كل شيء: فمن كان حدثا ً يافعا ً يستطع يا سيدي أن

يرضي عتيق الأيام.

8-في ذلك اليوم الذي وقع الطفل في المذود: نزل الملائكة وبشروا سلاما ً: ليحلَّ ذاك

السلام في أزقتي وينعم به أولادي.

9-شيوخُ ذاك الشعب (بني إسرائيل) الإثنين والسبعين لم يكونوا أهلا ً للمصالحة

والوفاق: طفلٌ واحد هو ابن مريم وفَّق مصالح جميع الأطراف.

10-اعكف يا رب على أطفالي: واذكر بهم ميلادَك: لأنك صرت طفلا ً: وشابهوا

طُفوليَّتك ليحيوا بنعمتك.

11-لقد امتزج يا إلهي ثغاء الحملان الوديعة مع صوت النعاج: وهي تستصرخك أيها

الراعي الأمثل: لتنجِّها من الخطر المحدق.

12-إني أظفرُ كل صوت وأحيكُ تاجا ً من أنغام حلوة أقدمه لأبيك كي أشترِ به لأولادي

نغمة الخلاص التي أردَّدُها لعظمتك (الترجمة تحصيل شخصي عائد إلى الناقل)

13-ويل لي: ومن سيكون لي جارا ً وقريبا ً: وقوائمه لا تهدأ وتُلازم مكانه المعهود: بل

هو قائم على رأسي في كل وقت.

14-ويلٌ لي: من يا ترى يأويني ويستضيفني: فهو سغبٌ جائع ويستهدف خبزي ليلتهمه.

لتشق عدالتك أمعاءه لأنه جائع للشراهة والطمع.

15-الويل لي أي عدو وصديق لدي. والطوبى لي أيُّ سيد ومخلص عندي صدَّه

ويَصُدُّه.

16-الغَمُّ مُلازمٌ ودفينٌ في الشماتة ومحبة الشر: والكآبة الكمينة في النجدة والمعونة:

لهي ينبوعُ السعادة والأفراح في ذلك العالم الجديد.

17-الخير الذي حاز عليه مضطهدي امتزجت به الويلات. فأنا مسرورة مغتبطة: لأن

الويلات التي تكبدتها منه بها اختبأت لي السعادة والخير.

18-من ذا الذي لا يملأ فمه بآيات الشكران لمن ولدنا وهو قادر أن يولد أصوات

البشائر ويبعثها في قلب الضربات ومن وسط الضيقات.

19-أنت هو الطبيب الذي يعطي الشفاء للجميع: وقد عدتني في محنة أوجاعي: ولا

قدرة لي على دفع أجور عقاقيرك: لأنها لا تُحصَر بأثمانٍ.

20-رحمتُك الغنية الجزيلة لهي أقوى فعالية من عقاقيرك وأفرحتك.

وتلك يستحيل شراؤها لأنها مجانا ً تعطى لا بأثمان كثيرة.

وهي إن تُحَصَّل إلا بالدموع والعبرات.

21-أنَّى للمدينة المسكينة يا معلمي: أن تصمُدَ من دون رحمتك وقد ابتعد عنها ملكها:

ودنى عَدوُّها.

22-أنت الملجأ والميناء في كل وقت وفي كل زمان. فعندما وارتني البحار في عبابها

غارت رحمتك ونجتني من العاصفة الهوجاء. لتدركني نعمتك في هذه المرة الأخيرة

(لأنها المرة الثالثة والأخيرة)

23-من لَدُنِك حَرِّر دواءَ خلاصكِ من أجل تباريحي الكثيرة.

ولتكن علامة نجدتك ومعوناتك وإشارة صليبك دواء ناجحا ً يبرئ مني كل الأسقام.

24-إني آتيك بالتجني المُلح من وسط ضيقي المتزايد على مَن سجَّني وأعمل فيَّ

اضطرابا ً. فحنانك يا ربي هو يُفتِرُ حِدَّة تلكَ الكأس التي مزجته آثامي ومعاصيَّ.

25-نظرت إلى كل الجوانب والجهات: فغرقت عيناي بالدموع فقد خسرت وحُرِّدت من

كل شيء على الرغم من كثرة رؤسائي ومخلصيَّ ومنقذيَّ وواحدٌ فقط هبَّ ل لنجدتي

وأنقذني.

26-ربَّاهمثل أفراخ الحمام الذعرة فرفر أولادي وهجروني لأن النسر سعى عليها

وطاردها بغية التهامها: وهي مختبئة فزعة في مخابئها: فهي تنتظر أمنك ليرجعها

إلى أوطانها.

27-لقد اشتاقت مسالِكُ سمعي إلى صوت كراميَّ: لأن أصواتهم خَرُسَت وولَّت. فليهدر

خبر خلاصك بصوت البشائر.

28-سمعت صوت الرعب من على أبراجي منطلقا ً من حناجر الخفر الذين يحرسون

أسواري. فاصمته بصوت أمنك.

29-وَجاهةُ فَعَلَتي تُعمِل السلام خارج أسواري: وعويلُ سكاني يجري الأمن داخلها:

لأشكرك في الخارج وفي الداخل.

30-اصرف يارب حزنَ مذبحك الطاهر واجلِ حزنَ كاهِنك العفيف المنتصب وهو

متشبحٌ بحلل الكآبة ومن فوق لبس المسيح.

31-الكنيسة والشمامسة: المدينة وسكانها: يُشيدون بيوم خلاصك. كافئ صخب

أصواتهم بسكينةٍ وسلام من عندك.

 

 

-5- على وزن: أغنامك بمرارة.  

 

1-أسمِع بنعمتك نبأ الخلاص: فقد استحالت أسماعنا إلى طريق العبور فوطئت ذاكرتنا

أبناء الذُعر والإرهاب.

أغنية: أمجادٌ لنصرك: وسبحا ً لعِزَّتِكَ.

2-اسبغ يا رب نعمة عَزائك: بفوائد ضئيلة قليلة على اللذين اتَّجروا مضارا ً بأعمالهم

إذ نشدوا الأرباح: فوقعوا في خسائر فادحة.

3-من الواضح أن الغضب قد حلَّ بالأرض وتربَّع في أوساطها وراح يوزِّع بأحقادِه

الخشائر إلى جانب الفوائد. فهنالك من أهلكها وهنالك من أشعرها بفخر مفاجئ

(أظنها) (من أشعرها بالخسارة بغته)

4-وكي يعلمنا بأنه القادر على تأديبنا بشتى الأساليب لما رأى المضطهد المخوف أمام

عينيَّ: بسطني نصب أعين أولادي: ونكّلَ بي أحبًّائي.

5-هو علمني أن أخف منه وليسمن إنسان. ففي الوقت الذي لا يوجد مَن يؤدبنا

بضربات أليمة: يُرسِل للحال غضبه: وكلٌ يبسط نفسه: مؤدبا ً نفسه بنفسه.

6-هكذا كان الأمر مع ذلك البابلي: الذي منى كل الملوك بالجلد والمهانة فاستأمن ظاناً

بأن يد المضار لم تطله: جعله يجلد ويُنَكِّل ذاته بذاته.

7-لقد دوهم بشعور الجنون المفاجئ: الذي بدوره (الشعور) أودى بعقله وبهاء صورته

في آن واحد. فشق الثياب وتاه في البرية. فقد اضطهد هو نفسه بنفسه أولا ً ومن ثم

اضطهده عبيدهُ.

8-فقد أعطى عبرة لجميع الملوك ممن أخضعهم وممن أنزلهم عن مراتبهم: بأنه مهما

بلغت قوَّتُه: فهو لم يُؤتَ النصر بقوته هو وإن القوَّة التي نكَّلَت به: هي بالذات كانت

القوة التي أدبتهم ورفعت عليهم عصا التقويم أو (ولوَّحت في وجوههم عصى التقويم)

9-لقد حملتُ يا سيدي تباريحَ مُنجديَّ ونهضتُ بها. فبالنعمة أنت قادر أن تطيب

بالمؤذي: وبالعدل أن تؤدِّب بالمجزي المفيد.

10-إكليل النصر والغلبة الذي ظفره ليزيِّن مفرق مدينة السامرة: لم يكن إلا عن طريق

مضطهديها: يوم أحاق الجند والقوات ليعيثوا بها غزوا ً وخرابا ً فقد تركوا المدينة

وما فيها مخلفين وراءهم الخيرات وكلَّ أسباب الراحة والرفاهية إلى جانب الكنوز

والممتلكات وولوا الإدبار.

11-لقد كللني أحبائي وعادني مُنقِذيّ: فأثقلَ كاهلي بتنكيل الذين أحسنوا إليَّ: وذلك من

جرَّاء آثام سكاني: فاسقني يا رب كأس العزاء من عصير كرمتي.

12-احفظ بنعمتك السنبلَ والحفنة: ليتفرى الفلاح بحفنة الكرم.

ولتُبهج سنبلةُ الفلاح الحارثَ والأكَّارَ.

13-فالسنبلة والدالية تتماشيان واحدة مع الأخرى: ففي الحقل تبهج الخمرةُ قلبَ

الحصَّاد. وفي كروم العنب: الخبز يقوِّي ويؤيِّد الفلاح الذي يأكله.

14-الإثنتان بإمكانهما أن تصرفا أحزاني وتجليا غمِّي: فأنت ثالثهما الذي أغدقت علي

نعمة العزاء أكثر من هاتين. لأشكرك إذ هيأت بنعمتك لي خلاصا ً فجائيا ً.

15-إ مَن تُحفظ نفسُه بالنعمة: إن تجنى على العبث بمقتنياته فسادا ً: فقد أنكر نعمة َ من

شمله هو بالرحمة والتحنان.

16-لقد عَنى إفساد شيء عوضَ شيء آخر. فقد أفسد الممتلكات وأعرض عن المالكين.

وأهلك نبتاتنا بديلا ً عن أنفسنا.

17-فلنختشِ من أن نتجنى: لئلا يستيقظ الغضب النائم. فيعبث بالمالكين ويُهمل

الممتلكات. ولنتعلَّم من تباريح النهاية ما يؤول علينا من التحنان في البداية.

18-ولتتعلمنَّ على من يجب أن تتجنَّى: ولتتعلَّم أيضا ً بألا تتجنَّى على المؤدِّب: بل على

إرادتك التي أعثرتك ونُكِّل بك.

19-ولتتركنَّ التجني والتشاكي جانبا ً: ولنرجع إلى الطلبة والباعوث. فإذا ما مات

المالك: بطُلبَ أملاكهُ. وطالما هو على قيد الحياة فهو يُفتِّش عن ضائعاته.

20-لتتوافر التعازي بالرحمة لِسكاني. وليكثر العزاء من الغضب. للفضلات وللفُتات.

وبالبقية الباقية: أتناسى حزن الفساد.

21-أيِّد واشف يا إلهي واعتنِ بالأثمار التي خلَّفها الغضب. كم شبهتها الى المرضى

الذين أفلتوا من الوباء ونجو منه. فانسني بالقلائل: أحزان الكثيرين.

22-ففي سياق حديثي يا سيدي: خطر ببالي الشهر الذي به توعَّك البرعم ووقع في

حومة الأوجاع (الأمراض) فليتماثل للشفاء لتحصل التعزية.

23-جفنات العنب: التي أفلتت من الوباء كانت تجرجر أشلاء أخواتها التي تقدِّمنها: وتبكيهن بحرقة من حيث لا صوت: وهي ترى حبيباتها وقد اجتذذن وأُلقين أرضا ً

بأعداد هائلة.

24-لقد اشتاقت الأرض وطالبت بسماع نبرات صوت غرساتها. الجذور تنوح وتستزيد

البكاء على فالحيها الصيد: جمالٌ انتشر وظللها لم يدم طويلا ً حتى تبدَّد وانتهى.

25-دنى الفأس ليصدر حُكمَه. فحكم على الشجرة بالقطع: وعلى الفلاح بالألم الشديد: إذ

عانى وذاق طعمَ آلام كل ضربة فأس أطلقها الطُغاة الظالمون.

 

 

-6- على وزن ما قبله

1-أسارع بضيقاتي إلى الطبيب المجاني: الذي آسى تباريحي الأولى والثانية: وبما أنه

أبرأ مني أسقام وتباريح المرة الثالثة: فهو قادر على شفاء أسقام المرة الرابعة.

أغنية: اشفني أيها الابن البكر.

2-ربَّاه لقد احتسى أبنائي الخبز الذي فرجه الغضب شرابا ً وسَكروا به وتشبثوا

بمُحَسِّناتي العرضية وخلعوا عني زيناتي الأصيلة وطرحوها خارجا ً: وبدون رحمة

وشفقة مزقوا ثيابي وعبثوا بمكملاتي (أيضا ً تعني التخريج)

3-افتُضِحتُ لأنهم شهَّروا بي وأعلنوا عوراتي: فلملمت أهداب عفتي من الفضيحة

الأولى والثانية. ولتحفُّظ في على عفتي في المرة الثالثة. شهَّروا وافتضحوني للمرة

الرابعة.

4-لقد خلعوا عني حللي وحسروا عني ثيابي وزيناتي وستائري فانظر يا رب إلى

مذبحي الذي تجلب بالمسح: وزدني عفة: فليكن مَسحُه يا سيدي سترَ الخلاص.

5-كم أنا فخورة بأنك لم تؤدبني بإنسان عفيف بل بالعكس أي بإنسان تصدَره عاره

ولحق به افتضاحه. ورابطة زواجه هي من فصيلة الزنى والدعارة.

6-ها هي ذي ابنته تقوم مقام زوجته: واخته مثَّلث دور شريكة له وأمه التي خرج هو

منها: رجع أدراجه ليأخذها من جديد. فحارث السماء به: كم قام بأعمال تُثير الغضب

أما الآن نراه يتماثل للتقويم والارعواء.

7-وإن كثُرت أجنتي: بالمثل استعصت آثامي: تُسلَّم العفيفة أمَّ العفيفات إلى آثور –لعله

عنى بلاد فارس-أمَّ الفاجرات العاهرات.

8-اكبحه كيلا يأتي ويهز رأسه عليَّ –دلالة الشماتة-مُرَبِّكا ً عليَّ بأعقابه تملأ قلبه نشوة

الفرح. بأن صيته قد ذاع واعتلى بسرعة هائلة: وأحدث في المسكونة مشجا ً

واضطرابا ً.

9-ربَّاه ولئن رأى أبناء افتضاحي مَسَسَي بأم أعينهم: فهم يبكون بحرقة. فقد صغَّرني

هو (عدوها) أمام أولادي الذي تألموا لألمي. فلا يسخر مني الطغاة قساة الرقاب.

10-لقد حملت أراضيَّ وأنتجت: كلَّ ما لذ وطاب من فاكهة تنعش النفس.

خيرات في الكروم: وبركات في الحقول. فنعمت بالا ً وطمأنينة. وإذا بالغضب

يُباغتني على حين غرة.

11-فلاحون وقد هُدِرَت أتعابُهم: ولصوصٌ وقد احتشدوا وتجمهروا: فالذين استعاروا

بذارهم أضاعوه: واستعاروا له إلى جانب الدَين جوعا ً وإطواءا ً. لعله يبقى (عدوها)

طاوي المصير جائعا ً سغبا ً: وقد اختُطف خبزه منه.

12-كم كان الفلاح مظلوما ً بخيسَ الحق: عندما أقرض الأرض بذارا ً. فأخذته بدورها

(أي القرض) وأعطته للغريب. عائرة الفلاح: كافأت بها اللص السارق.

13-غار السارق مني: لأني أحمل تبعيَّتك ومخطوبة لك. فالرسول الذي خطبني لك:

أعلمني بأنك من ذوي الغيرة على خطيبتك. وذلك لأن غيرة الرجال هي سورٌ منيع

لعفيفات النساء.

14-شمشون الجبار أهاج البحار لغيرته على امرأته: مع أنها كانت منحلَّة ً ومتشككة

في حبِّها له. فاحفظ كنيستك التي لا شريك لك في حبها لك.

15-كل من لم يغتر على حبيبته: فهو محتقرٌ ومهان. فالغيرة تستطيع أن تبرهن عن

الحب الذي يتبادله الاثنان. فدُعيتَ غيورا ً: لتُظهِرَ لي حبَّك وهيامك بي.

16-إن الزوجة لمن طبيعتها أن تكون: ضعيفة ً وجريئة. والغيرة دائما ً هي التي تجعلها

خائفة فزعة. فأنتَ مَن حُسِبتَ في عداد الغيارى. لتفصِح عن اهتمامك وعنايتك.

17-كلٌّ أصبح سيدا ً لشيء لم يكن يخصه: وكلٌّ راح يجني ويحصد مالم يزرع: وأنت

وأنت دعوتني على الرغم من معائبي وذنوبي. يوم اختلط حابلي بنابلي: يوم ارتبكتْ

وتبلبَلَتْ صفوفي.

18-إلى متى يعاني الفعلة الكادحون أمام الفلَّاح. إذ اجتذ الظالمون الأحراش وحمَّلوها

أمام أعين الأكار: وحصدوا زرعة نصب عينيه وهم صابرين.

19-لقد وضعوا عدتهم على أهبة الاستعداد وذهبوا إلى الحقول يسحُّونها ويزرعونها.

فلحوا: ونصبوا: وأنبتوا. والفعلة الكادحون قد انتصبوا على كثب وهم يبكون بحرارة

فنبت الفاشوش -سنابل فارغة-عناءً للفلاحين وغلَّة للصوص.

20-ربَّاه لم يُجهد الرؤساء أنفسهم في إرساء قواعد النظام في موجة السخط العارمة.

ولو شاؤا: لفعلوا. ولكنهم لم يضربوا صفحا ً عن ذنبنا. وعلى الرغم من أن حدة إثمنا

قد خمدت وفترت فالغضب لم يزل جانحا ً ميَّالا ً للسلب والابتزاز.

21-لأيَّة جهة من الجهات أمدُّ نظري لألقى التعزية. هل أُرسلُ الطرف إلى شتائلي التي

حُكِمَ عليها بالإذواء. أم إلى بواسقي (أشجاري الباسقة) وسوامقي التي حُطِّمت

وأُفسِدَت. ليأتِ خَبرُ الأمان ويستّرح الأحزان عني ويخمد مني جذوة الآلام.

22-لا تُخضعني للطغاة مخافةَ أن يُظَنَّ: بأنك أعطيتني كتاب الطلاق وأخليتني. لا

يا رب تُفسح لهم مجالا ً أن يدعوني مطلقة ً زَريَّة.

23-لا شيء عندي يُذكر أمام عينيك: فأنا مرذولة بكليتي. افتقدني واذكرني يا إلهي

لواحدة: وهي أني لم أُقم معك شريكا ً أو ريَّا ً غيرك.

24-مَن لم تحترق أكبادُه باكياً عليَّ: بصراخ وعويل ومراثي.

إذ تغير حالي من حالٍ إلى حال. فقبيل البدر ببضعة أيام: كنت العفيفة الكاملة.

وبُعيدَ البدر: أصبحتُ تلك المفتَضَحة الساقطة (المشهَّرة).

25-عفيفاتي طاهرات الذيل ال الملتزمات بمنازلهنَّ: تُهنَ في الحقول: لأن الغضب

الذي يُسكر ويُفقد صواب كل من تجرَّع كأسَه: أودي بحشاشتي الغاليات. حنانك

يا رب الذي يسالم الكل هو يُعفِّفهُن ويرجعهنَّ إلى صوابهن.

26-عجائزي وبناتي يَستَصرخنَك بأصوات يافعة: ودموع مُسنَّة.

صباياي البُتل بأصوامهنَّ: وعفيفاتي بمسوحهنَّ.

27-أجَلْتُ ناظِريَّ أزقتي وأسواقي: وإذا بها فارغة موحَشة. لم بيق من المئة سوى

عشرةٌ: وألفٌ من ربوَة. بادِر بأمنك واملأ أسواقي من جديد: بعزَّة سكاني.

28-أرجع أبنائي الذين في الخارج: وأنعش مَن في داخلي. فنعمتك واسعة جدا ً:

وامتدادُها يشمل من هم في الخارج ومن في الداخل فلتجمع نعمتك أفراخي المشتتة.

29-صلاة أبراري تحفظ الذين فرُّوا عني هاربين: بِشقَّيهم: الغير مؤمن الذي قَضَمَ

ظهري: والمؤمن الذي أيَّدني وسانَدَ ضعفي فأغِر بالمؤمنين منهم الذين نأوا وابتعدوا

عن دوحة الإيمان.

30-لقد حل علينا بهذا اليوم عيدان بعيد واحد معا عيدُ صعودك وعيدُ أبطالك. عيدُ

تتويجك وعيد إكليل وتتويج خدامك.

31-أشفق ربَّاه: فقد تضاعفت علينا الأعياد في يوم واحد. وتضاعف علينا عوضا ً عنها

عيدان معا. عيد ألمٍ من صوت الوعيد: وعيد حزن من الإبادة والهلاك.

32-اشمل أعيادي بأمن من عندك عيدُ صعودك وعيدّ أبطالِك. فلا العيدُ عيدٌ نحفُّ به

البهجة والمشَوِّقات. بل هو عيدُ تسهيدٍ وأخطار أحاقت بي حيثما تواجدت.

33-أرجع اللذين أُبعِدوا عني في أرض الاغتراب. وأبهج قلوبَ المقيمين منهم: لتُبَثَّ

بشائر الأفراح في ربوعي الحزينة: لأجزيك عوض أمنك وسلامك: بأنشودة المجد

والشكران منطلقة من حناجر الجميع: وألسنة الكل.

 

 

-7- على وزن ما قبله.

 

1-اقترب السخط معربدا ً منتهرا ً جشعَ الطامعين المتواجدين في المجتمع. لينتقم لسيفه

السليب المُختَلَس. اختطفوه وأضافوا سخطا ً وغضبا ً على ثروتهم. فما كان في

حوزتهم تبعثر وتشتت لأنهم سيطروا على ما لم يكن يخصهم: وسلبوا أموال غيرهم.

2-لعشرين سنة خلت يا مخلِّصي: وأحزاني تشبه الأغصان التي تَصلبُ في عدان الشتاء

وعندما تلين أوراقها لتورق وتُفرِع وتطبخ فأكهتها. أفرعَتْ لها أحزاني مع الفاكهة

حَرقة الأكباد (أو حرفيا ً طبخا ً للأفئدة).

3-بنيسان تتنبَّهُ الأشجار لتفرغ الأغصان: وفي نيسان تستيقظ على الطوارئ والعاديات

تباغتني في كل مكان. فما اشتدَّ بي الرخاء يوما ً: إلا وتوقعت بعدها النازلات

السيئات وما جاء عدان ذريء القمح حتى عبث الذرء بقُرابا مذريا ً أشلاءها ومبددا ً

آهليها.

4-لم يُمد الأخوة الثلثة في بابل بالهرب والفرار من النار التي سجرها الرجال: لما كانوا

عليه من الإقدام والشجاعة. ولكنهم هربوا من شيء واحد وهو السقوط في حبائل

الرغبات وذلك لما كانوا يتصفون به من خلق وكمال.

5-نار الصديقين قادرة وكفيلة على قلب الجداء السود إلى لون الجَوَر الأبيض. أما نار

المنحرفين: بإمكانها أن تصنع من الحملان نمورا ً مُنَقَّطة

6-ربَّاه! كم يكون رصيدي من المراثي حتى أبكي بهذا القدر المذهل غلَّاتي ومحاصيلي

حتى تتبدَّد ضائعة على مَدار الأشهر.

7-لقد ساطني بآثام أولادي ففي عراكهم خلاصي. لأن الشعب الذي يتيجني هو الذي

يجلدني ويؤلمني. أقلعوا عن آثامكم وأرِحوا كاهلي المثقل بوابل ضرباتها ولهيب

أسياطها.

8-لقد زادهم صوت الوعيد ضيقا ً وأرقا ً: وعلقهم السخط على صليب غصبه. وفي

السِلم أنهكت الأحزان قواهم. وعندما تهدأ الأحوال ويتنفس كل واحد منهم الصعداء:

يجزون النعمة بالنكران عن كل واحد منهم.

9-مسوحهم المهرَّأة بانت عليها علائم الاتضاع والتوبة: من أجلي.

ورمادُهم مُذرَّى وانتشر على رؤوسهم في مضائقي. رفعوا الصلاة ما بين دين

مذلتي. وجياد قومي ونفائسي (لأن دين مذلتي متعلق بجياد قومي)

10-الجاهل يخال نفسه كبيرا ً ومعلِّم الحكماء. أمثال الكتبة وشيوخ الشعب الذين حنقوا

واغتاروا من المعلم الأكبر وقتلوه لأنه تلمذ ولقَّن الشعوب أسفارَ توراة موسى النبي.

12-الحكمة في هذا العصر هي مادة خاسرة: فمن أذنب قليلا ً فذنبه صفير جدا ً ومن

كان خبيثا ً ولو قليلا ً فقد طفح ذنبه وفاق مكياله.

13-فهم يبنون بالكلام ويهدمون بسلوكهم فعظُم تعداد المعلمين وفسد تعليمهم. وفم

الحاكم قد قام في الحالتين مقام الحاكم والمدعي.

14-ويلٌ لنا: لأن العدالة هي قائمة في المحكمة: فليسترنا الصالح: لأننا أخطأنا وفسدنا

ولنُسر بعدله. لأن خصمنا قد ضايقنا. (إنما هذا يحصل شخصي).

 

 

-8- على وزن ما قبله

 

1-……  …… كآبتي مثل أيوب الذي أدركته عدالتك فلترأف بي نعمتك.

2-فالفائدة مزدوجة النفع: فلا الصديقون يجهدون في الطلبة: ولا الطغاة يكثرون من

الجموح.

3-لقد أُجهِدت بأبنائي بتنكيل عنيف: بقصد التقويم والفائدة. وكيلا يحزن آباؤنا لصوت

التنكيل القاسي ولَّوا عني وتركوني بسلام.

4-انظر يا رب بأشجار غاباتي البرانية: كيف قُطعت واجتُذَّت. وبنظرة أخرى ارمق

أحشائي الضعيفة التي أثقلها أحبائي.

5-بسيوف قصقصَ الأغراب أجنحتي الخارجية: ونارٌ قدحت وأشعلت بخور الشوق في

أحشائي الداخلية.

6-لقد قتل سُجّاد الشمس أبنائي في البرية. وعَبدَةُ البعل نحروا أثواري وكباشي إلى

جانب أولادي.

7-صوت العويل والمراثي سمع في حقولي. وصوت شجوني ملأ ساحاتي بنواح أليم.

(ولجج صدى شجوني مالئا ً ساحاتي بنواح أليم). كرومي وقد أثقل الإرهاب كاهلها:

وأسواقي وقد سيطر عليها الارتباك والبلبلة فمن يكون نظيري (أهلا ً لي)

8-راغ الشرير وأعمل في اضطرابا ً وسجا. حفز الهلع في الداخل لتتبعه داخليتي

وتتشبه كليا ً بخارجيتي.

9-بأي وجه أدعوك يا سيدي كي ترسل رهط القديسين ليحفظ أحشائي المليئة بالأقذار.

10-لقد سُطْتَ الكائنات بخميرك الجديد الذي حذا خميرُك القديم حذوَه لأنه أضلَّ

وأجنف.

11-واضح أن الضلالة لا تكلل أبطالك في ساح القتال.

(في الجهاد) لعلاقة بينهما وبين الانحراف وثيقة. إذ بذلك تفوق قوَّتُك وتتغلب.

12-إذ تأملنا مليا ً في زمننا نره شبيها ً جدا ً بزيفنا: ففي مسني الحق: كرَّمنا العرافةَ

والسحرَ. وأرضينا شيطاننا مسرَّا ً وخفية.

13-وإن تأملت في الزمن فهو يحفز ليعلن الخفايا ويفضح زيفنا الذي تجلبب بجلباب

الصدق والحقيقة.

14-الحقيقة منوطة في الحق الظافر: الذي لو استحال البحر بملئه إلى مرارة العلقم لم

يكن بمقدوره: أن يعكره أبدا ً: لأنه نيِّرٌ بطبعة (والأصح صافٍ وحلو بطبيعته)

15-بحكمة تامة يا رب: ذيَّفت بهارجَه ومغرياتِه. كي يضعف الشاب ويستكِن. وكيلا

يتشجع ويجمح وضعت الإكليل مختالا ً أمام عينيه.

16-لقد نصرتني بأسواري المرتجفة التي بها جزاك الظالمون بذبائح وتقدمات

-قرابين-التي من شِأنها أن تنتج الغضب الصريح.

17-لو قُدِّمت تلك القرابين بذاك الوقت: لَفُسِحَ المجال أما الضلالة أن تظن: بأنها

خُلِّصت –الكائنات-بواسطتها.

18-لزِجِّ في أيام الفرقان –الخلاص-: سفَّهت جهتين اثنتين: بُطلَ الأصنام وتعاليمَ

المجوس. لأني يا ربي بك وحدك وليس بغيرك كان خلاصي.

 

 

-9- مداريش حول سور أنزيط. على وزن ما قبله.

 

1-أولادي قُتلوا: وبناتي اللاتي في الخارج دُكَّت أسوارهن وتبددت أطفالهن وديست

أقداسَهنَّ.

أغنية: ليتبارك تأديبك.

2-حمائمي وقعت في أشراك الصيادين وصادوها من أبراجي لأنها تركت أعشاشها:

ولجأت هاربة إلى الحفائر والخنادق. ففي الخنادق أجهزوا عليها.

3-كالشمع الذي يذوب أمام حدة النار وحمِّها ساخت أجسام أولادي ولوت من شدة

العطش التي ألهبت أسواري.

4-جفَّت المياه: ونضب الحليب عن أفواه رضعي وفطائمي.

بعد أن كانت الينابيع تسيل باللبن والغذاء لأولادي وأطفالي.

5-أجنتي تساقطوا وتطايروا من أحضان أمهاتهم: إذ لا ماء لهن ليشربن ولا لبن لهم

ليتغذوا: والأم وطفلها احتسيا هواء وماتوا.

6-ربَّاه كيف استطاعت نعمتك أن تمسك كوابح ينابيعها التي لا يُكبح ولا يمسك عليها.

7-وكيف رباه: أمسكت نعمتُك مراحِمَك ومنعت ينابيعها من الشعب الذي استصرخ ليبل

لسانه اللاغب.

8-وقد كبرت الشقة التي فصلت بين أولادي وإخوانهم مثل الغني الذي كان يصرخ

مستنجدا ً ليرطب لسانه ولا من مجيب.

9-والضعفاء الخائرون طرحوا كما في تنور ساجر وهم يتقلبون بين حمم وظمأ:

يتنسمون نارا ً تندلع فيهم.

10-سالت أجسادهم وذابت من الحمم: إذ رجع العطاشُ ليسقوا الأرض: بأجسادهم اللدنة

الخائرة.

11-أما السور الذي أخنى على آهليه ظمأ. رجع هو بدوره: ليستسقي (هو) بدفق

الأجساد الذائبة اللاغبة ظمأ وعطشا ً.

12-وهل رأيت شعبا ً كان يهلك من شدة الظمأ وجدار من المياه يُحيط به وليس

بإمكانه أن يرطِّبَ لسانه.

13-لقد أجري حكم سدوم على أحبابي ونُكِّلَ بهم: فعذاب سدوم كان لمرة واحدة وليوم

واحد.

14-عذاب النار يا إلهي فهو لساعة واحدة. أما العطش الطويل فهو موت بطيء وتبريح

حاد.

15-أهذا هو عزائي الآخر يا إلهي عد أن أثقلت كاهلي الكآبة وقصمت ظهري مرارة

الأحزان: رحت تزيد من شجوني.

16-الدواء الذي انتظره يريد أن يتحول إلى الداء بعينه: والجبر الذي انتظرته وطالما

تقت إليه إلى الانكسار نفسه.

17-لقد طال انتظاري كي أُنتَشَل من وسط الأمواج العاتية نحو الميناء الذي باغتني

بعاصفته الجنوح التي هي أشد سوءا ً من لُجَّة البحر الصاخبة.

18-ولقد ظننت بقدر تخلُّفي بأني صعدت من ذلك المستنقع وإذا بذنوبي تلتقطني وتهوي

بي إليه من جديد.

19-ربَّاه تأمَّل في أعضائي وهي مثخنة بالطعن الذي أثارُه ترتَسِم على ذراعي: وشك

النبال قد زرع على كل جوانبي.

20-رحماك ربَّاه لا تضف دمعا ً فوق دموع مقلتي ولا تَمخُر أَنباءُ السوء أذنيَّ

ولا تحتشد الويلات داخل فمي والأحزان في قلبي

 

 

      -10-على وزن ما قبله

 

1-تأديبك يمثِّل دور الأم لحداثتنا. فهي زَجرةُ الحنان التي انتهرت الأحداثَ في سويعات

اللعب واللا جدية: وبها ارعووا وحصَّوا أدبا ً وتعقُّلا ً.

أغنية: مجدٌ لعدالتك.

2-مَن مِن خلفك يا إلهي كان مؤهلا ً أن يتحرى عدالتك حتى يكن بإمكاننا أن نتحراها

نحن ونلج عبابها: ونَزنِ معوناتها التي بها يتحوَّل الفاجر المفرط إلى ممعنٍ في

الحشمة والعفاف.

3-لم يغرب عن خاطري يا إلهي كيف امتدت عدالتك وعادت المدنفين فكانت هي

بالذات طبيب أوجاعهم الخفي ومصدر حياتهم.

4-فبنانها اللدنة هي التي لمست بحب وحنان أوجاع مَنْ تماثل للشفاء بلمسات البُرء

والعافية.

5-عقابها مريحٌ ومحببٌ لمن اقتني=ى الحكمة: ودواؤها الحاد الفعَّال بزخم حبه يلتهم

ما يعلق بنا من أنتان: ويرتع بما يطرأ على النفس من رجس: ويداهمها من أقذار.

6-ما أجمل وقع غضبها على ذوي الرشد والتعقُّل: ودواؤها لا يروق لأخي الجهالة

الذي تطيب له تباريحُ أعضائه.

7-قوَّة إصرارها للبُريء والإندمال: لهي أقوى من الحاحها للعقاب والجزاء. فما لوَّحت

بالضرب والعقاب: إلا ولَوَت بالرحمة والحنان ومن وسط الاثنتين –البُرء والعقاب-

يتوالد الشفاء وتنبع العافية.

8-غضبها جميل وسخطها لذيذ وطعم مرارتها حلو المذاق فهو ينفح الذين اقتنوا طعم

المرارة بطعم الحلاوة الطيب اللذيذ.

9-راحتك يا سيدي هي مدعاة بطالة الذين أوهنهم الضعف واللامبالاة. وعصا تأديبك

هو سبب فائدة الذين أخذ منهم الانحطاط مأخذا ً ليصبحوا به تجارا ً.

10-عدالتك هي حافزة لقوتنا ونعمتك هي مسببة إهمالنا وضعفنا لجهل دائم وَعيَنا

وحجانا.

11-ففرعون مَسا قلبه بسبب نعمتك إذ أنه في الوقت الذي تلين ضرباته تقوى وتقسو

آثامُه: وبالتالي يقع في حنث الوعود.

12-فقد جَزَته عدالتُك: الذي أفرط بتضليلها: أختها الحرة. (ربما يعني بأختها النعمة)

التي بدورها حالت دون وقوعه في حومة الغضب من جديد.

13-ربَّاه ضع مَكري تحت طائلة توبيخك وانتهارك لإجحافه وتضليله كما فعلت مصر.

فصلاتي أكبر برهان بأني لا أّمّتُّ بأيةِ صلةِ شَبَهٍ بمصر لالتزامي ببابك واعتصامي

به.

14-صليبك ربي الذي انتصب في أبوابي الظاهرة ليحرسها من المخبئات فقد دكني

الذي هم في داخلي: وتلك فعلة لم أنتظرها ممن كان في الداخل بل من الأغراب

الخارجيين.

15-لقد رطم البحر وصدَّع البرج المنيع الذي به فزت وازدهرت: وأغارت علي الآثام

وابتنت لي مخدعا ً خجلت في استقامه وقضى علي نصيحته.

16-أصاح المغيرون الأسماع إلى صوت صلواتي التي أقمتها على أسواري. فاعترى

الخجل الشمس ومجوسها ومن سجدوا لها: لأني فزت بك وبإشارة صليبك.

17-في حومة الوغى وضراوة القتال كنت تسمع الصراخَ ينطلق من الكائنات التي

شهدت اقتتال الحق مع قوى الباطل: إذ حاز الحق على إكليل الغلبة فوق أسوار

متداعية ضعيفة.

18-كان عوز الحق يكيل الباطل بضرباته منكلا ً به تنكيلا ً. فقد أحسن به بزج أليم

ضرباته: فأيقن بنصرته بما اختزنت به من أوزار وذنوب.

19-ارتعدت أوصالي من يأس فظيع انتابني: فإني بعد أن نلت خلاصا ً ورتعت في

بحبوحة الغرقان: راح كهنتي الأماجد الميامين: يبنون مذابح تَقدِمات للأوثان بعد أن

رحَّفت أياديهم على مذبحي واهتزت فوق قرابيني.

20-ربَّاه لو استحالت حواسي السبعة إلى أنهار تسيل بفيضٍ في دموع: لما وفَّت ببكائها

حق انكسارنا ومذلتنا.

21-أسواقي وأزقتي التي كانت تصرخ بمسوح ورماد: اليوم تصخب بتعظيم شأن الذي

أصبح صديقا ً لمن كان يهزج أمام العجل في البرية.

22-لقد استعار جمال زنبق الحقل مرارة انغمس بها وتلبَّسها وثيقا ً: حتى كادت تكون

من صلبه: إلى درجة أنها راحت تضل حتى فروعها. فلما تفتحت أكمامها: وإذا بها

لا تفترُّ إلا عن طعم الصبر ومرارة العلقم.

 

 

-11-على وزن ما قبله.

 

1-إني أدعو في ضيقاتي القوة المثالية التي تُخضع لها كل قوَّة. فهي التي تستطيع أن

تكبح غضب الباغي: مثلما أرغمت اللغيون (اللجئوون)-جمع الشياطين-

أغنية: مجد لنعمته

2-يا إخوتي لقد دفع لي الشرير دينا ً لم أُقرِضْهُ له: والصالحُ دفع لي رحمة ً لم أكن قد

أعرتُها له: أدعوكم إلى العجب بهاتين القضيتين.

3-لقد اقتسم الصالح معي: أخذ ديوني وأعطاها لنعمته وتناول ظلمي وسلَّمه لعدالته.

تحنانه مَحَا صكَّ ديوني وأما ظلمي فقد فتح له ملفا ً ومحضرا ً في المحكمة-ملفَّ

حكمٍ-.

4-جُنَّ جنون الخطية وضاقت ذرعا ً مذ رأت النعمة: تنفح الحرية بزخم من قوتها بها

تتغلَّبُ على زلاتها.

5-لقد غلب مِرجَلُ حنانِك يا إلهي وطفحَ وسالَ وتفتَّحت ينابيع غمر سخطك. سخطٌ

للإبادة وحب لاسترجاع السليبة من براثن غلاتها.

6-في تلك الأيام التي زمجر الشرير ليَرميَ بي إلى الهلاك كما في مقلاع: بها بالذات

صرَّ الصالح النفس في حرارة الحياة.

7-ذوو النطق والكلمة اللذين لا يصمتون عن شكرك الدائم. أولئك الذين ساندوني وسط

لجج البحر الصاخب بأمواجه: كيلا أسقط: هم يرفعون لك عني يا إلهي أسمى آيات

الشكران.

8-من يستطيع قط أن يصمد حيال نعمتك: حتى أصمدَ أنا أمام تحنانك بثنائي وشكراني:

وقد أحاقت مراحمك بي من كل جوانبي.

 

 

-12- في مار يعقوب وزملائه. على وزن: عجبٌ كلّ ما احتملتَ يا سيدي.

 

1-ثلاثة من أفاضل الآباء الكهنة كانوا مثل النَيِّرين (هما الشمس والقمر الذين عنا

بهم يعقوب وإبراهيم وبابو وولغُش) الإثنين سلَّموا بالتتابع السُّدة واليد

والرعية من واحدٌ إلى آخر: عَظُمَ لنا حُزنُ الأول واشتدَّ لنا غمُّ الثاني. أما الثالث

والأخير فكان كُلُّه بكلِّه تعزية ً ومؤاساة ً.

أغنية: مجدٌ لك لأنك اخترتهم.

2-ذلك الذي اجترجَ الفرقدين: اختار به ثلاث منارات: ثبتها بثلاث ظلمات أمست

بدورها غياهب سجونٍ دامسة: أطفأت زوج المنارتين الأولى والثانية: أما الأخيرة

فكلُّها نورٌ وإشعاع.

3-ثلاثة كهنة قبضوا ببرهم على مقاليد مخازن الثالوث وفتحوا لنا بها ثلاثة أبواب كل

واحد يفتح بمفتاحه بابه بوقته.

4-الأول فتح باب التأديب الذي حل بنا. والثاني فتح باب الملكوت الذي نزل إلينا.

والثالث والأخير فتح بابا ً للبشارة التي زُفَّت إلينا وبادرتنا.

5-في الأول فتح بابا ً لاقتتال حشدين اثنين: وفي الثاني فتح بابا ً لملكي الروحين الاثنين

وفي الثالث فتح بابا ً لسُعاة الطرفين الاثنين.

6-في الأوَّل فتح باب الحرب: للاقتتال مع الآثام.

والثاني فتح الباب للملوك: لضراوة في القتال فيما بينهم

وفي الأخير فتح بابا ً لسُعاة الرحمة من أجل الرأفة والتحنان.

7-لقد تشبَّه السخط في الشمس سرَّا ً وصورة ً بتسليم ثلاثي مضطرد ومتتابع: فقد ابتدأ

عند الأول صَلُبَ وتقوَّى عند الأوسط غار وتلاشى في الأخير.

8-الشمس أيضا ً ترينا أشباها ً ثلاثة في جهات ثلاث فهي حادة وجميلة في بدايتها-عند

بزوغها-قوية قاسية في وسطها في رأدها عند الظهيرة-طيبة ومريحة في نهايتها-

عند الغروب وذلك وفقا ً لتكامل في الخليقة.

9-بدايتها سريعةٌ بهيَّةٌ: لأنها تسارع وتبادر في إيقاظ النيام من سُباتهم. وفي وقت

الظهيرة تكون حارقة قاسية: لأنها تنزل لتطهي الفاكهة والأثمار. نهايتها محبَّبة طيِّبة

لأنها بلغت الأوجَ والكمال.

10-مَن تَكُن تلك النذيرة التي اغتارت منها جميع الإناث على الإطلاق. تلك التي سار

بها التقليد والتسليم ووَفُر بها الترتيب ورقى بها التسامي وامتاز بها معلموها إلى هذا

الحد.

11-إنها امتيازاتٌ وصُوَرٌ لم تعطَ إلا لابنة إبراهيم. فيا لك من نذيرة أخذ الحسن

والجمال بجميع أطرافها: وعَونُها لا يُبادر إلا بحسب اجمالها ووقتها ظرفها وعدَّاتها

وخادمها هو رهن إشارة غوثها ومعوناتها: إذ أنه يماثلها في كل شيء.

12-لقد حلَّت عليها الوفرة وسداد الحاجة مكان الإعواز والفاقة. حل آباؤها فيها محل

الأهل الذين أنجبوها. ومعلموها محل تقدماتها. منها نشأتها مثل تربيتها وملابسها

لاءَمت مقياس قاماتها: وقدِّها الجميل.

13-لقد وضعت عدالة الرب كل هذه الاعتبارات في كفة ميزان ووازنت مقارنة واحدة

بأخرى كي بهذه العملية يحصل نفع وفائدة. فقد عذَّبتها باضطراد واستمرار كي بها

يتبلور الكمال.

14-في عصر ذاك الأول (الأب الأول) رتعَ السلامُ بها ومن ثم ولَّى وفي عصر ذاك

الثاني (الأب الثاني) الأوسط: ملوكٌ بادوا وملوك سادوا. أما في عصر الأخير:

حروب تتالت: وحروب بَطُلت واستكنَّت.

15-في الأول دخلت ترتيبات وأنظمة: فكما دخلت معه: معه أيضا ً خرجت. وفي

الأوسط (أي الثاني) اقترب الإكليل الذي أبهج كنائسنا ومن ثم ولَّى الإدبار وابتعد.

أما في الثالث والأخير فقد طلعت علينا النعمة التي تعذر إجزائها ورد جميلها.

16-الكاهن الأول: ناهض الغضب الأول. وانتصب ظلُّ الأوسط ليقِ من حر الظهيرة:

والثالث حذَّر من بحبوحة الأمن الفاشِ الظالم.

17-الحصار الأول قابله الكاهن المفضال الأوَّل. والحصار الثاني لاقاه الكاهن الثاني

أحشاء الرحمة: أما صلاة الأخير فقد سدَّت وأحكمت ثغرات السور بطريقة سريّة

خفية من التسللات المعادية الغاشمة.

18-نصيبين نُصبت على جداول المياه: أمواه خفية مستترة وأمواه خفية وعلنية. ينابيع

ثرة متدفقة داخلها: ونهر جميل رقراق خارجها.

النهر الخارجي أضلَّه. والينبوع الداخلي حفظها من يد الحدثان.

19-الكاهن الأول حرثها: مهتما ً بتربية أغصانَها في السماء وهو الآن رَهينُ أرضها

ومدفون فيها: وصار ثمرة حلوة مودعة في أحضانها. ولهذا عينه هم عليها الكاسح

المجتذ فانكفأ على أعقاب: لأن الثمرة التي أودعت داخلها حفظتها وحرستها.

20-لقد حان زمن اكتساحها فدخل هو وجر حارثها (فلاحها) كيلا يظهر كمن كان

يتربص لها ويطلبها. فسارعت هي بحيلة ودهاء وخبأته داخلها لتنجو هي بواسطة

فلاحها.

21-بنات نصيبين ذوات النطق والكلمة حذون حذو نصيبين التي وضعت الجسد بداخلها

فأصبح سورا ً منيعا ً خارجها. فيا بنات نصيبين: الجسد الحي مودعٌ في داخلكن:

ليكن سورا ً لحياتكن.

 

 

-13-على وزن ما قبله.

 

1-آباءٌ كثيرون ورعاة صار لهؤلاء الرعاة الثلاثة. والأم الواحدة في المدينة قد صار

لها بنات كثر عَدَدُها في كل الأقطار. فليَحلُ الأمن بكنائسها من جديد لأن السخط

دك أديارها وعواقريها.

أغنية: تبارك من اختار ثلاثتهم.

2-إن دأب وكد الأول أيَّد مساندا ً المدينة بضيقها. خبز الأوسط وخمرُه ضمَّد جراحها

يوم انكسارها أما كلام الأخير الحلو اللذيذ فقد نفح قرارتنا بطعم الحلاوة مذ اشتد

علقمُ الضيق ومرارةُ الأحزان.

3-الأول حرث الأرض وطيَّبها بكدِّه ونشاطه واقتلع منها الأعشاب: واستأصل منها

الأشواك: والأوسط أحاطها بسياج من الشبريق[2]. والأخير فتح مخرز سيِّده وبها صب

كلمات سيِّدها.

4-الكاهن الأول سد مسالك الأفواه بصومه. والكاهن الثاني ففر أفواه الغزاة أيام

الهجمات. أما الأخير فقد خزعَ ثغبا ً في الأذان كي يزينها بأحلاق الحياة وأقراط

الأبدية.

5-لقد انتزع أهرون الكاهن الأقراط من الأذان وصاغ عجلا ً. فالعجل المصاغ كان

عجلا ً ميتا ً أغار على المحَّلة: نطحها وأرداها قتيلة ً لا حراك بها: هشَّم بقرونه

اللذين صاغوا قرونه الصلبة.

6-أما كاهننا الثالث فقد نقب أذان القلب وعلَّق بها الأقراط التي صاغها من المسامير

التي سُخِّرت في الصليب الذي حمل ابن سيده وأحيا به أبناء جلدته وزملائه.

7-لقد ولدت النار إمنا ً للموت: الموت الذي يرعى في كل جسدٍ. فأين الموت الذي

غلب الموت: رعى أنفس بني البشر. العجل أعرض عن رعي الحشائش والأعشاب:

لأن عقول البشر قد أصبحت له مرعى ً خصبا ً يرتع بها.

8-لقد ولدت النعمة ولدا ً للخشب الأول القاتل. أيهذا الصليب يا ابن الخشب: يا من

ناهضت والدَك الخشبَ: وأغرت عليه: فاستحال عليه-الخشب-إلى مجلبة للموت (نبع

الموت) وصار الصليب نبعَ حياة وانبعاث.

9-الأفواه كلُّها انهالت بالسباب وأبدت علامات عدم الرضى عن الابن الذي وُلِد للموت

مؤخرا ً: ذلك الذي التهم الأجساد إلى جانب الأنفس مُثقِلا ً كاهل أبيه بالعار والمذلة

حتى جاء الصليب وقشع سحابة العار عن أبيه الخشب الأول. (أي شجر الفردوس).

10-لقد تشبه الابنان وحَذَوَا حذوَ أمَّيهِما اللتين ولدتاهما. فالعجل الذي ولدته النار أضرم

في الشعب نارا ً لا تُطفأ: والصليب ابن النعمة راح يوزِّع للخليقة نعما ً لا تزول.

11-أخمِد يا لساني واكبح زجَّ أخبار الصليب التي حَبِلتْ بها أفكاري فجأة وهي تتعذب

بآلام ولادتها: فقد حبلت بها في الأخير وهي تجمح في أن تكون من الأبكار.

12-وتناحر الجنينان داخل البطن فَهَمَّ الأكبر أن يَخرج أولا ً وألقى الصغير عاشق

البكورية يَدَهُ على عقبه ولمَّا ينلها بالميلاد: فنالها بأكلة عدس مطبوخ.

13-وإذا ما أبرزنا سيرة الآباء نر أن الأمور الأخيرة غالبا ً ما تتطاول على البكرية

كما في قصص وسير الصليب: التي هي أبكار الخليقة على الإطلاق.

14-إن كان الذي لا بداية له هو بكر الخلائق: سِيَرُه أيضا ً هي أبكارٌ تقدمت في سنيها

عن الخلائق بأسرها فأوعز يا رب لسيرتك أن تفسح مجالا ً لنُفرِّض ونَمدح خرافك

الأمناء.

15-الخادم الذي في تلمذته يحتل الدرجة الأولى: أُخِذَ كلامُه ضُوا ً لدرجته. والأوسط

الذي شغل الدرجة الثانية: نافت بشارته عن مكانته. والأخير الذي حاز على الدرجة

الثالثة: عَظُمَ كلامه كما عظم هو وسما.

16-الأول بأمور سهلة بسيطة أعد لطفولته حليبا ً. والأوسط: بأمور قليلة هيَّأ غذاء

لحداثته. وأما الثالث فبأمورٍ كاملة أغدق على نفسه غذاء لكماله وزادا ً لمثاليته.

17-والابنة التي كانت ترضخ لقوانين التربية كانت تتدرَّجُ متسلقة درجاتها: درجة تلو

الأخرى: مع معلميها وأبويها. فقد كانت حدثة في الأولى: وبث غرة بسيطة في

الوسطى وفي الثالثة حازت على الكمال والمثالية.

18-الأول كطفلة كان يهش لها: وكحدثة كان يخيفها ويرعبها. والأوسط كصبية كان

يزجرها وكيافعَةٍ كان يدغدغ شفافها. أما الثالث والأخير أتى إليها كمروَّضةٍ

مهذبة: طيبا ً حليما ً.

19-لقد ألقي إغواء وتأديبا ً لابنة يعقوب حرصا ً على حداثتها. وقرن سيفا ً وناموساً

مع جموحها وشبابها وأخيرا ً جاء هو إليها: طيبا ً وديعا ً: كما لو كانت مهذبة طائع.

20-الأول الذي ولد الرعية: حملت أحشاؤه ولادتها. والأوسط ذو الوجه البشوش

الصبوح هزج وأبهج حداثتها. أما الثالث والأخير ذو المحيا الذي يَقطر وقارا ً

وهيبة: فكان دائبا ً في أعمال العفاف بشبابها الغض المهيب.

21-الكاهن الأول الذي وَلد: أعطى ولادتها حليبا ً نقيا ً. والكاهن الأوسط: كرز بها

وأعطى نكهة لحداثتها. والثالث والأخير: فقد غذَّاها بزاد من أجل صحتها وعافيتها.

22-الأب الأول النشيط: قد اكتنز لها كنوزا ً لحداثتها. والأبُ الأوسط: أجزل عليها زاد

الكمال من أجل مسيرتها وسلوكها. أما الثالث فقد زوَّدها بزيت فاخر كثَّفه في أوانيها.

23-فهي عندما تصِلُ إلى الغنيُّ تفتح كنزَ الأول وتظهرُه. وعندما تدرك مكان المخلِّص

تُبرِزُ مُخلَّصي الأوسط. وعندما تخرج للقاء العريس تظهر زيت مصابيحها.

24-إنها تقدِّم أتعاب الأول: أمام من يُجزي المتعبين: وصدقةَ الأوسط أمام من أحب اللذين أعطوا بسخاء. وأمام الأخير: أمام فاحص المعارف والعلوم: راحت تقدِّم أبحاثه

وأحاجيه.

25-أما الخاطئ (ما أفرام) الذي تربَّى على يد الثلاثة: عندما يرون مثلَّثَ الأقانيم وقد

أوصد بابَ خِدرِه في وجهي: هرع الثلاثة وبادروا يطلبون من أجلي لكي بطلبتهم

يشق لي بابه قليلا ً لأدخل.

26-فيشق الخاطئ طريقه ويبادر ليدخل وهو يُحدِّق بنظرات الفرح والخوف: فينادي

المعلمون الثلاثة التلميذَ الواحد بالنعمة: ليلتقط من تحت المائدة فتات الحياة الذي

تساقط عنها.

 

 

-14-على وزن: الله الذي أحببتموه.

 

1-لو لم يكن الرأس مستقيما ً: لسمعت صوت تجني الأعضاء. لأن الرأس المنحرف

يخلُّ بمسيرة الأعضاء: التي تُرجِعُ وتمتُّ كلَّ الأسباب وتُعلِّقُها بالرأس.

2-إن كان وهو في حالة الرضى التامة نلقي عليه تبعة سيِّئاتنا فما هي الحال في حالة

الغضب والسوء. فحتى الله الذي هو طَيِّبٌ وحلوٌ يكون عرضة ً يُعذَّل ويلام بالمر

الغضوب.

3-تمثلت الأعضاء وتشبهت بالرأس: فاكتسبت هدوءا ً بنقائه طيبا ً بسكونه: عفة ً

بقداسته. معرفة ً ودرسا ً بحكمته.

4-حصَّلوا نكهة بدماثته ورزانته: حشمةً بوقاره: امتيازا ً بتجرده وفقره. ولكونه جميلا ً

بكلِّيته: هلموا نحسُنُ جميعا ً مع كُلِّه.

5-لاحظوا أن كلامه وأفعاله قد حصرت بمقاييس ومعايير وانظروا حتى أن خطواته قد

قيست باتزان رَزين. فهو قابض على ناصية نفسه بنفسه.

6-فقد صار سيدا ً لحداثته: وأخضعها تحت إمرَةِ الحشمة. أعضاؤه لم تتعرض للهوان

والإقلال: لأنها شُدَّت بسلطان وناموس استمد قوَّته من إرادته الصلبة.

7-لئن سبق تصرُّفُه الحسن مبكرا ً: سبق مقامُه وبكَّر. وبما أنه أسس أساسا ً متينا ً: قد

أصبح عاهلا ً في سن مبكرة: إذ اتخذهُ للشعبُ مبشرا ً وكاروزا ً.

8-فهو فاضل بين الكاروزين: ثقيفٌ (مثقفٌ) بين المتعلمين: مفوَّهٌ بين الحكماء: عفيف

بين إخوته: مُوَقَّرٌ بين أحبائه.

9-منذ حداثته كان مُتَوَحِّدا ً في مسكنين اثنين. فهو قدِّيسٌ في مسكن جسده: ووحيد داخل

بيته. وهو محتشمٌ في الخفاء وفي العلانية.

10-ولئن شوَّشنا المقاييس يا إخوتي: وظللنا السبيل إلى الرسالة الحلوة سوف نرجع

لنصبح تلاميذا ً للكمال الذي دعانا.

11-إنما البر حفظ مقياسه وقدَّه داخل إنائه. فقد اختاره لعلمه الأكيد: بأنه هذا الإناء قد

سبق واختاره أيضا ً. فحفظ به نكهته ورائحةَ ذاك الإناء من البداية وحتى النهاية.

12-العاهل المحتشم الوقور: الذي لم تسبق له أن غضب: وتصلَّب. فهو لم يعثر كما

عثرنا: فقد عرف حدَّه ووقف عنده: حافظا ً معايير نفسه: مُخضعا ً أفكاره لكوابح

ضميره.

13-بشخصه برهن مبينا ً حفاظه على مقاييس ومعايير زمانه. فكان المفروض بنا أن

نفقه زماننا الذي تنكرنا له: وفسدنا في الوقت الذي جزل به الذوق: وتَفُه طعمنا

ولات ساعة تفاهة-الناقل-.

14-الريح عندما تعصف تمني الثمر في مراحله الأولى بضربات التأديب. وفي مراحله

المتوسطة: تُنَكِّلُ به حرارة الشمس. وعندما تزول حِدَّتُها: تستجمع آخِرَتُه طعمَ

الحلاوة.

15-نحن معشر مَن أدَّبهم القدماء: ووبخهم الأوساط ونفحهم المتأخرون بطعم حلو لذيذ.

فما أن رُوِّضنا على الذوق السليم والمعنويات الطيبة الحلوة: حتى طغت التفاهة وعم

الفساد في صفوفنا.

16-وما إن بلغنا سنَّ الكمال والشيخوخة (البلوغ) لنمنع الشبان عن لهوهم ونبعدهم عن

غيِّهم: ونسمو بهم إلى درجة الوقار حتى نجد شيخوختنا هي الأحوج إلى التوبيخ

والإنتهار كما الأطفال.

17-لم يلجأ الأب الطبيب إلى الأساليب الإرغامية العنيفة: بل احتمل بأناة وصبرٍ

جميلين: ليزيدَ في احترام شيخوختنا: فإن كانت هي لم تعِ ما هي عليه من مقام سامٍ:

يعظُمُ هو لأنه فَقِهَ تزامُنَها بالتأكيد.

18-والذي يّدَّعي بأن المجتمع: لا يُساسُ: إلا بالعصي وأساليب العنف: والسارق لا

يستقيم إلا بالإرهاب والتخويف: واللص بالتهديد: واللا أخلاقي بالتشهير والافتضاح

إلخ…

19-بكل صراحة أُمحِضُهم جوابا ً: لو سارت الأعضاءُ الثواني بوفاق مع الرئيس الأول

لكانت جرَّت معها الثوالث بل الجسم كُلَّه يسير بأعقابها ويتبعها.

20-لذا لم تأبه الثواني بالأوائل: ولا الثوالث بالثواني: فأهينت الدرجات ومنيت بالإقلال

الواحدة من الأخرى. ولئن استخفَّ الداخليون ببعضهم: وطَّأهم الخارجيون وداسوهم

بالأقدام.

 

 

-15-على وزن ما تقدَّمه.

 

1-المرآة الت يُعكَّر صَفوُها لأن وجهها قد غشته الأوساخ التي تُشَكِّلُ غشاوة ً أما أعين

الناظرين.

أغنية: مبارك من سقل مرآتنا.

2-القبيح بها يخال نفسه حسنا ً جميلا ً: ومن خلا من اللوم بها يعاب ويفتضحَ فهي شنار

لمليحي الصورة اللذين جمالهم: لا يُرَوِّجُ المظاهر كما يتَّجر بالنفع والفوائد.

3-المعائب لا تُستأصَلُ منها مجرَّدِ النظر إليها: ولا المظاهرُ والزينات بها تكثرُ

والشوائب العالقة بها: إن لم تكن وَشيا ً ونقشا ً فهي خسارة واضحة: وفي الأخير

تصبح نقطة وصل بها تلتقي الخسارةُ وَبالا ً وخسرانا ً (الوَبالَ والخسران).

4-إن كانت المرآة مظلمة فهي بكاملها بهجة للأرذال السمجين الذين لا يتعيَّرون من

عيوبهم: ولكنها لو كانت مصقولة شفافة: فحسنها وزينتها: لتزدهر حربتنا وتزهو.

5-لقد تضاعف الوبال والخسران للطرفين الاثنين الطرف القبيح: والطرف الجميل: فلا

فلا الجميل خرج كاسبا ً ولا القبيح حَسُنَ وازدان. فاقتسمت المرآة الأذية ما بين

الطرفين.

6-لم تُرغم المرآة أحدا ً وتجره بعٌنف ليحدِّق بها عنوة قط. كما أن النعمة التي نزلت

على عدالة الناموس: لم يكن فيها زخم عُنف الناموس.

7-لقد صارت العدالة نكهة ً للعنف وزينة للقسوة: للحداثة والشباب. وبما أن الإنسانية

كانت حَدَثَة ً يافعة: خلعَت عليها (العدالة) نكهة القسوة: في الوقت الذي به: حافظت

على حريتها ولم تكبحها.

8-لقد احتوى مضمون العدالة: مفهومين اثنين للحداثة. الفتنة: (الافتتان أي الإغواء):

والتأديب. فلما تنزل بها (العدالة) تُقلِقُها. فتأديبها يردع الإصرار: والفتنة تليِّن

الأفكار.

9-غير لائق بنا أن نتزيَّن اليوم يا إخوتي بأحلام الأطفال. لأنها لا تتسع لأكثر من خبر

واحد لحداثتها وصغر سنها. وكيلا تصبح بلا عقل عندما يتطلب منها كبر العقل

والاتساع بالمعرفة.

10-فبدرجة الكمال: نزل هو إلى درجة الطفولية فهو يُحب ناموس العبوديَّة. ذلك

الناموس الذي يبرِّح بح حيث يصبو ويطمح: ويصفعه حيث يبتهج ويُسَرّ.

11-إن الزينة القسريّة ليست بحقيقية: لأنها مستعارة. ولا أحب وأسمى عند الله من أن

يتزين الإنسان بزينة من ذاته دنما قسرٍ أو عنف: لذا اغضى عن العنف وطرح القسر

جانبا ً.

12-فكما أنه بحكمة ودراية سمح بالقسر والعُنف بوقتها: هكذا بالحكمة والدراية منعها

في الوقت الذي به مرغوبٌ بالتواضع والدعة: عوضا ً عن القسر والعنف والقسوة.

13-وكم يليق بالحداثة التي رزحت تحت ثقل التأديب: وما أكرَه أن تستعبد الحكمة[3]

مثقلة تحت نير العنف: البغيض وأن يصبح العنف والقسوة أسيادا لها (أي الحكمة)

(والرشد).

14-انظر مليا ً كيف أن الله رتّب تقاليدي ومسيرتي بالرعاة الذين قاموا برعايتي.

والمعلمين الذين فيَّضهم الله لي. وبالآباء الذين منَّ عليَّ بهم وأعطانيهم.

15-أولئك الآباء الذين فوائد أشخاصهم موزونة بحسب أوقاتهم وأزمنتهم. فائدة الحذر

بمن كان صدِّيقا ً: والتشجيع بصُلحِها: اتضاعا ً وَدِعَة ً بمن نهجوا النهج السويّ

اللائق.

16-لقد سارت كل مراحل حياتي بميزان عرض أمام طفولتي الحذر: وأوضح أمام

شبابي الخوف والرعدة: وفي مرحلة رشدي وحكمتي (أي سن الكمال) اتحفها

بتواضع ودعة.

17-في مرحلة عشوائية الطفولة: صار لي مربيا ً صارما ً: عصاه منعتني من الطيش:

وَعظُه كفَّ عني الإثم: ومن البذخ واللهو تخديرة.

18-لقد هيأ لشبابي أبا ً غيرَ الذي كان لدي منذ حداثتي. فذاك كان على جانب كبير من

القسوة: بقدر ما كنت عليه من وَهَنِ الشيخوخة الهارئة. أمَّا هذا فكلُّه تواضع ودعة.

19-عندما تدرجت في مراحل حياتي: وعبرت مرحلة الحداثة والشباب ولّى عني

شعور الخوف الأول: ومعه وَلَّتْ الرهبة الثانية: إذ قيَّض لي راعيا ً طيبا ً حليما ً.

20-وإني منذ الآن اتخذ كمالا بقُربه ومجالسته: درسا ً من عظاته. هدوءا ً وسكينة من

طيبه: طُهرا ً وعفة ً من جلاله ووقاره.

21-مباركٌ من قيَّض لي آباءً كما لو وزنهم بميزان: لتتزامَن معوناتي مع أوقات

محنتي. وأدويتي بحسب آلامي وأوجاعي. ومُحَسِّناتي بقدر جمالاتي وروعتي.

22-نحن الذين أربكنا هذا التسليم والترتيب الجميل وبلبلناه. إذ نشدنا العنف والقساوة في

أزمنة الحلم ليبكتانا ويؤنبانا كأحداث يافعين.

 

 

-16- في: إبراهيم أسقف نصيبين، على وزن: قُتل الأطفال من أجل ميلادك

 

1-إئذن يا رب لضئالتي أن ترميَ فلسَها بخزينتك: أسوة بتاجر رعيتك الذي نمّا وزناتِ

تعليمك وارتحل وبلغ ميناء سلامك: لأتحدَّث عن راعيه الذي صار رئيسا ً للرعية

كان هُو التلميذ الثالث: وقد صار المعلم الرابع. مبارك من جعله تعزية لنا.

2-أظفر ورودَهم الجميلة: وبراعِمَهم الطيبة بمحبة واحدة إكليلا ً بهيا ً وأزين مفرق ذلك

المعلم الأكبر وتلميذه. الذي انفصل وارتحل عنه مثل أليشع. فقد على مرجل اختياره

واصطفاه وثبته وترقى وأصبح رئيسا ً ومعلما ً. تبارك من أعلى شأنه.

3-فرح السمويون مُذ رَأوا الأغنام ترعى بذات المرابض التي يرعون هم بها: وديرُ

الرعاة تهللت مُذ رأت تسلسُلَ درجاتهم. فقد اختاره وثبته عقلا ً في جسم الكنيسة

الكبير إذ أحاطت به أعضاؤه واحتشدت لتبتَع منه حياةً وتعليما ً وخبزا ً جديدا ً.

مبارك من جعله مخزنا ً لهم.

4-لقد اختاره من بين رعاة كثيرين: إذ أدلى بشهادة تجربة برِّه: فقد فحصه ردحا ً في

تسلمه القطيع (الأغنام) وأين صفاءه زمنا ً طويلا ً في كور التجارب. وقد اجتاز

الاختبار بنفسه وجعله سورا ً لكثيرين. ليكن صومُك سلاحا ً لربوعنا وصلاتك ترسا ً

لمدينتنا. ولتَفُح معطرتُك برائحة الرضى: وليتبارك من قدَّس ذبائحك.

5-الراعي الذي ارتحل عن أغنامه: سرَّحها هو ورعاها في مروج الروح: وبعصاه

المجيد حفظها من الذئاب الخفية. ليمتلئ مكان معلمك الشاغر: الذي يتلوَّح شوقا ً

لسماع أنغامه الحلوة. فقد أقامك عمودا ً في بلدة الشعب المرتجف الهلوع: كي

بصلاتك يستند عليه مبارك في جعلك لنا عمودا ً ودعامة.

6-لقد سلَّم (المعلم)يمينه لتلميذه: والسدةَ لمن كان أهلا ً بها: والمفتاح سلمه لمن كان

أمينا ً: والقطيعَ لمن عم فضله وزهت سيرته: حَريَّة ٌ يدُك أن ترحِّف على القربان.

وجديرٌ قربانك بالغَفارة (أو الاستغفار). ويَليق لسانُك بالتعزية: سلطتك نبتة ٌ أمنٍ

وسلام. في الداخل ملائكة وفي الخارج جماهير محتشدة. تبارك من اختارك مجلبة

للسعادة.

7-ليتألق تعليمك ويسمو بالفعل أكثر من الكلام الكثير الزائد. وبما أنك ممن زرعوا

كلاما ً قليلا ً افلح أرضنا بالأعمال. كي بالزرع الضعيف الواهن يتقوَّى ويشتد

بالعمل الكثير المتواصل وسواقط الحصاد القديم تأتنا الواحد بثلاثين وأما زرع

حصادك الجديد يعطي الواحد ستين. مبارك من يكثَّف الواح إلى مئة ضعف.

8-الغضب عندك غير ساري المفعول: لأن السلام والهدوء يُغرقانك بكليتك. أما الغيرة

فخامدة لديك ومنطفئة: لأنها لا تضطرم حيال محبتك المستعرة المتقدة على الدوام.

حطمت شوكة الحسد كيلا تُفلتَ وتطعنَ أحدا ً في الخفاء: ناهيك عن عنصري الثلب

والاغتياب المفكرين اللذان لا يلقيا عندك أذنا ً صاغية لأن مسمعيك لا يروجان لهما

جوابا ً لأن الحقيقة الناصعة تروق لك ومحبذة لديك: مبارك من زين أعضاءَك.

9-إنك لتمحض رأيك السديد لشعبك: مثال يثرون الذي كان يمحض النصح بني العبران

تذهب بكليتك مع من يرتأي عليك بالفائدة والنصح: مع أنك تهرب بكليتك ممن غاير

النصح والإرشاد. اتخذت من رحيعام عبرة به تختار الظهيرة النافعة والإرشاد: وبه

تمقت ظاهرة الضغينة والغيرة. مبارك من وعدك بالدراية والرشاد.

10-الموهبة التي خُصِّصتَ بها: انحدرت إليك من العلاء. حذار أن تدعوها باسم إنسان

واحترس من أن تسلمها بسلطان آخر. فالشيطان يروج موهما ً بأنه ليس هنالك مَن

يدرك مكانَها: وبأنَّك اقتبلت تلك الموهبة الحرة من الناس: لنُستعبد للناس: تبارك من

حدر موهبته.

11-لقد ارتسمت صورةُ سيدك على محياك: وقد برزت أشباهه على كلِّك. فقد ارتحل

واحدٌ عنا: وهو لم يزل باق معنا: فبك الأولياء الثلاثة الذين ارتحلوا عنا. كن لنا

حصنا ً منيعا ً مثل يعقوب وأحشاء رحمة مثل بابو: وخزينة وعظ مثل ولغُش: تبارك

من صورهُم.

12-وبما إني ربيب هذه الرعية وأتحدَّرُ من انسيابها: لم أتوان عن واجبي وأغمظه: بل

صوَّرت تمثالا ً للاثنين بمواد وأفرجة الاثنين لأبرز مُحسِّناتهم للقطيع وجمالاتهم

للرعية. وبما أني أصبحت خروفا ً ناطقا ً لك يا إله إبراهيم أرفع إليك أسمى آيات

الشكران في عهدِ إبراهيم مبارك من جعلتي بوقار له.

 

 

-17-على وزن ما قبله.

 

1-أيُّهذا الكاهن الذي تسلَّم رئاسة الكهنوت وخدم الرعية بعد معلمه. جميلٌ يستلم بعد

مفضال: عفيفٌ بعد الوقور: سهَّارةٌ بعد الصوَّام. معلمُك لم يبارحك قط. فقد رأينا

المرتحل الراقد في شخص الحي. هي ذي أشباهُه مرتسمة على محيَّاك وخطأك في

أعقابه. فأضاء كلُّه من كُلِّك. مبارك بخير خلف لخير سلف.

2-الثمرة التي تحمل صورة فرعها: عندما تُشيد بجذعها لم تُبخسنا وتُجرِّدنا من طعمها

الحلو اللذيذ (الحديث عن الراعي) فقد مثَّلت وجسَّدت كلامه بإحكام: لأنك بالأفعال

تممته وأكملته. فقد وضح بك تعليمة: وبسلوكك فُهِمَ تفسيرُه: وبكمالك كان تأويلُه.

مبارك من أفاض فضلك.

3-الراعي الأخير الذي سما وأصبح رأسا ً لأعضائه (الثني) الصغير الذي أخذ

البكورية ليس بأثمانِ كيعقوب ولا بالغيرة مثل أهرون الذي اغتار منه أخوتُه

اللاويون فقد تسلَّمها بمحبة مثل موسى مع كونه أكبر سنا ً من أهرون. فقد سُرَّ بك

أخوتك مثله: مبارك من اختارك بإجماع ووئام.

4-الحسدُ والغيرة معدومان بين أعضاء الجسم الواحد لأنها كلها ترضخ طائعة بمحبة

لإمرتهِ وهو يتفقدها بغاية الرحمة. الرأس هو الرقيب للأعضاء يتلفت إلى كل

الجهات والنواحي. فهو بحنانه الشامل سامٍ متضع وهو يتنازل حتى الأكعاب: ليزيل

عنها المضار. مبارك من مزج حُبَّك فينا.

5-لم يتبقى على الوثنية سوى أن تُضرم نارَها وتلهب كاهل الشيخ. فقد قضت الشيخوخة مع ما تجرعنه من مرارة الوثنية ورقدت: في الوقت الذي زهت الحداثة به

وتعاظمت فقام لها البطل المغوار الشاب: وواصل الجهاد وحمل العبء المداهم

البغيض ليقابل العنف والإرهاب المفعَم بالوثنية وكدخان بلغ أشدَّه وكما جاء: قضى

وزال: وكانت نهايته في بدايته. مبارك من نفخ به وأزاله.

6-لقد أراعك صوت التغير وهو يحثك إلى الجهاد. فقمت مجددا ً مثل داوود ودخلت

ساحة القتال: فارتعدت أوصال جليات الثاني. لم تكن عشوائيا ً وبدائيا ً غرَّا ً في

قتالك: ولكنك كنت ذا خبرة في فنون القتال وأسراره. لمَ لا وأنت تشن الحملة تلو

الحملة بالخفاء على قوى الشرير. فهذه عادةُ من حذق فنون الحرب الخفية: أن

يحصل على إكليل ظاهر. مبارك من اصطفاك فخرا ً لنا.

7-قبل أن يدخل أيوب حومةَ التجربة تمرَّس وتمرن عليها عقلا ً وجسدا ً. فخرج من

التجربة منتصرا ً ظافرا ً. يوسف انتصر في المخدع. وأولاد حاننيا في أتون النار

الساجرة. وفي جب الأسود ظفر دانيال. ضلَّ الشيطان مذ حاول ظنا ً منه بأنه قادرٌ

على أن يوقع بقوة ظفرهم في الخفاء. فأضاف على محاولته إخفاقا ً علنيا ً. مبارك

من فرَّط في افتصاحه.

8-والحارث الذي توثَّن زرع الأشواك بيسارِه. حمل عليه الحارث العادل الأمين وأغار

علبة مجتذا ً يسارَه. ملأ يمينَه من بذار كلمات الحياة وشرع يزرعها في القلوب. لأن

أنبيائه ورسله عبثوا بأفكارنا وحرثوها بالكفر والتضليل. بكَ أنت وليس بغيرك

تُحرث أنفسنا. مبارك من اختارك لنا فلاحا ً حقيقيا ً.

9-فإن قلَّ كلامك: فاحرُث أرضنا بالأعمال. ليقوى عود القصب مع الجذور والعمل

الجميل لهو أَحَبَّ من سماع الكلام الكثير. بذارك يأتي الواحد بمئة والوِخري

(المتأخِّر) يعطى الواحد بستين. والكاتي (السواقط) الواحد بثلاثين. مبارك من أكثر

غلَّاتك.

10-ليس حسنا ً أن يظلمَ النور: وغير لائق بالملح أن يعتريه الفساد. ولمَّا تماشى

الزفرة مع طلاء الرأس: كما لا تبدوا الأوساخ محببة على وجه المرآة ولا قوة شفاء

للأوجاع: عندما تفسُدُ العقاقير. وما خبا المصباح يوما ً إلا وكثرت هنالك العثرات.

فليُطرد ظلامُنا بنورك. مبارك من هَيَّأك لنا سراجا ً متألقا ً لألاءً.

11-لقد اختلق لك كتبة ً وحكاما ً. ووضع لك من يسأل ومن يعطي وهيأ لك ولاة

ووكلاء (ومهتمين). ولكلٍّ سلَّمَه مهامه علَّه يصبح بمقدوره أن يلطخ ويشوِّش

ويصدئ الفكر واللسان الذي ب تقدم الطلبة النصوح غفارة عن كل الشعب. مباركٌ

من جمَّل خدمتك.

12-مهما صفا الفكر وتنقى اللسان: مهما رُحِضت الأيادي واستنار الجسد فهذا قليل

على الكاهن ولقب الكاهن: الذي يقدم الجسد الحي. فليرحض بكليته دائما ً: لأنه يقف

دائما ً وسيطا ً ما بين الله والإنسانية. مبارك من نقى خدامه.

 

 

-18-على وزن ما قبله.

 

1-لقد طابق إسمك لإسم إبراهيم: إذ صرتَ أبا ً لكثيرين مثله: سوى أنك لم تكن زوجة

مثلما كانت سارة لإبراهيم. ولكنك اتخذت الرعية زوجة وشريكة لك: فأحسن تربية

أطفالها ببرِّك وليصبحوا لك أبناء روحيين: أبناء موعد: ورثة بعدن (الفردوس)

مبارك من مثَّلك بإبراهيم.

2-ياثمرة العفاف الجميلة يا من بك سُرَّ الكهنوت وارتضى. أنت صغير إخوتك مثل ابن

يسى فقد جاش القرن بالزيت ومسحك. ورفرفت اليمين واختارتك. الكنيسة تاقت لك

وأحبتك: والمذبح الطاهر لخدمتك. الكرسي (أو السُّدة) العظيم لوقارك. وكلها سويَّة

تهرع لتشترك بإكليلك. مبارك من أجزل انتصاراتك.

3-هذه هي رعيتك أيها الطوباوي: قم لزيارتها ونفقد خواطرها: أيها النشيط. كان

يعقوب ينظِّم قطعان أغنامه. هُبَّ أنت ونظِّم أغنامَها الناطقة. انفح البتولين بجمال

الحشمة النقي والبتولات مِنهنَّ بالطهر والعفاف.

بنقاء نصِّب كهنتها: ورؤساءها بتواضع. والمدينة ادعمها بالبر مبارك من ملأك

بالفهم والرشاد.

4-النعجة الصحيحة احفظها: والمريضة المدنفة عُدها: والكسيرة اجبرها: والضالة

اخرج في طلبها. ارعها بمروج الأسفار المقدسة ومن ينابيع المعرفة الثرَّة اروِ غليلَها

الحق يكون سورا ً لك والصليب عكازك. والبرُّ سلامك. مبارك من أجزل أفضالك.

5-ليكن شعبك في قطيعك كالقوة التي كانت مع داوود. فإن كان ذاك (داوود) قد خطف

الخروف الزمني المائت من فم الأسد. فكم يليق بك أنت أيها المفضال: أن تستعر

غيرة ً وتسترجع: النفس التي ترجح قيمتها من كل شيء: من براثن الشرير. تلك

التي لا تُشرى إلا بشيء واحد: بدم المسيح. مبارك من بيع واشترى الجميع.

6-كان يشوع يؤدي الخدمة لموسى ولقاء خدمته اقتبل منه اليمين. (وضع اليد) لأنها

قامت بخدمة الشيخ الجليل: ومنه أيضا ً اقتبلتَ أنت اليمين لقد سلَّم موسى ليشوع

قطيعا ً: كان نصفهُ من الذئاب: ولك سُلِّمت الرعية: ربعها أو بالكاد ثلثها نقي. مبارك

من وشَّى رعيَّتك.

7-لتحلَّ بك محبة موسى لأن محبته كانت ذات امتياز وانفراد في نوعها: وغيرته غيرة

تمتاز بوعي ورشاد. قورح وداثان اللذين انشقا: شق الأرض التي كانوا يقومان عليها

وبشق ٍّ أبطل الشقاق. وقد عرَّف بألداد وميداد بأن محض إرادته بأن يتنبأ الشعي

بجملته. مبارك من ارتضى بإرادته.

8-لقد آثر إليشع فقر إيليا النبي وإعوازه عن الوفرة والمال الكثير. معوزٌ أعطى معوزا ً

عطيَّة رجحت عن كل العطايا. ولئن أحببت فاقة معلمك الغني الخفي: لينضح ينبوع

كلامه منك: للروح التي استحالت إلى سبابة تعزف لك وبك مشيئَتَها: مبارك من

خازنا ً أمينا ً.

9-ليس هنالك من يتجنى على اختيارك: لما تتصف رئاستك به من تواضع ولا من

يغتاظ من عظتك لأن حديثك يوحي بالطمأنينة. وليس مليس من ييأس من صوتك

لحلاوة في نبرة أمرك. وليس هنالك من يشكو من نيرك: لأنه هو الذي يعاني نيابة

عن أعناقنا مخففا ً ثقل أنفسنا. مبارك من اختارك من أجل راحتنا.

10-لا تتدنى أمام الطاغية العاتي: ولا تَخُر أمام الجاهل المنحط علِّم وليِّن. الأغنياء:

شجِّع واكسَب المعدَم المسكين. أزوِج (القاسي بالحلم الليِّن: بمعنى المقارنة) وسريع

الغضب بطويل الأناة: ومن تحّلى بالصبر الجميل. اصطد الأشرار بشباك الصالحين.

واللصوص المختلسين بالأسخياء الوهَّابين: أما ذوي النجاسة فبالأطهار. تبارك من

اختارك لنا صيادا ً بارعا ً.

11-اجتعب لك أمزجة وأدوية كثيرة انهض وتجوَّل بين المرضى المدنفين: اعطِ دواء

لمن كان مُعاقا ً: وحفظا ً لمن كان صحيحا ً. عالج الداء بأكثر من وصفةٍ واحدة في

حال استعصاء الداء على الدواء الأول. كثِّف له العناية وشدد عليه الرقابة: حتى

يمتثل للشفاء التام. وبهذا تزيد خبرتك وتتضاعف. تبارك من عانى من ضرباتنا

وقروحنا.

12-لِتَكُن أرض مشيئتك وحقل عملِك: وقطيعا ً داخل حصيرتك: وخرافا ً أصحَّاء تحت

رعايتك. لتكن أنت الرأس العالي ونحن أختاما ً نزين إكليلك. نرتضي بك وترتضي

بنا: لأنه لا أحب ولا أحلى من أن يلتئم الكاهن مع شعبه تبارك من غرس بك الوئام

والألفة.

13-أنصت إلى الرسول عندما كان يقول لهذه العذراء التي خطبها إني أغيركم بغيرة

الله: غيرة ليست بجسدية: بل روحية. غِر أنت بطهر ونقاء. لتعلم من تكون ولمن

تنتسِب: بل تحب وبك تولَه (من والِه) بيسوع خطيب الحق. تبارك من طَهُرت

غيرتُه ونقت.

14-الكنيسة كالمرآة تتلبس أشباه الشخص الذي ينظر بها ومسيرتها تشبه معلميها: فهي

ضعيفة مع الراعي الضعيف: ومزدهرة: مع الراعي النجيب الهمام. هكذا الأمر في

الملك والمملكة: الكاهن والرعية: فالمملكة تأخذ طابع المَلِك: والرعيةُ تأخذ طابعَ الكاهن. تبارك من ختمها بأشباهه.

15-لقد رقد الآباء الثلاثة الأفاضل. يعقوب: وبابو: ووُلغُش دون أن يكتبوا وصية بعد

مماتهم لانشغال أفكارهم في وصيتي الله وعهديه. ولكنهم تركوا لنا تركة كبيرة:

ظاهرة الفغر ونكران الذات. فقد ضمَّنا الطوباويون إلى قطَّاع ملكيَّتِهم: لأنهم لم

يمتلكوا شيئا ً في حياتهم: بل صارت كنيستُهم كنزا ً لهم. تبارك من بواسطتهم حصَّل

ممتلكاته.

16-يعقوب الكاهن المفضال: ازدَهرت الكنيسة معه مِثلَه. ولئن اقترن حبُّه بغيرته

اتشحت بمحبة ومخافة. بابو الكاهن محب الصدقات: به الكنيسة خلصت الأسرى

بنقود. وبالكاهن وُلغُش-سفر الناموس-فتحت قلبها للكتب والأسفار. وبك أنت. تجزل

معوناتها. تبارك من عظَّم تجارها (أي بك يا إبراهيم).

 

 

-19- منه وعلى وزنه.

 

1-أيها المتبتل الذي صار (عريسا ً) همز عقلك قليلا ً بمهماز الغيرة اتجاه قرينة شبابك:

بأن تكفَّ عن معشر عشاقها المتعددين الذين تبعوها في حداثتها. انتهرها واجمع

فكرها لتعرف مَن هي ولأيٍّ تنتسب. بك تجتهد وبك تُحب ختن الحق (المسيح) تبارك

من خطبها لوحيده.

2-اغتاظ الفلاح من الزؤان الذي نبتت وانتشر (الأصح تسلل) وثبَّت جذوره بين السنابل

وإنه لمن السهل أن تُستأصَل الأعشابُ الغريبة لأنها من منبت محتقر وضيع. ولو

تهيأت التهوية القليلة للزروع يشتد عودها وتتغلبُ عليها. لِما لا وقد زُرِع باشتراك

الفلاحين الثلثة: فهو بالتأكيد سيأتي الضعف الواحد بثلاثة وبثلاثين وستين ومئة.

تبارك من كثَّف غلاتِه.

3-من المفروض على الراعي الجديد أن يتفقد الرعية باضطراد وجدَّة كي يعرف

عَدَدَها: وما هي احتياجاتها: تلك الرعية المشتراة بدم كبير الرعاة. ادعُ الخروفَ

باسمه: واجعله يمرُّ: لأنه ينتمي إلى رعية سُجِّل اسمُها وأحصي عددُها في سفر

الحياة. تبارك من طلب تقريرا ً في إحصائها وتعدادها.

4-هي ذي خطيبة سيدك معك: احفظها من كل أذيَّة: ومن اللذين دنَّسوا المحافل

بوضعهم أسماءهم عليها. أما هي (الخطيبة) فاسم خطيبها مكتوب عليها: فاحرص

عليها لئلَّا تشركه (هي) باسم آخر. فهي لم تُرحض بعمادها باسم انسان: بل لتعترف

بالأسماء التي بها تعمدت وغطست باسم الآب والابن والروح القدوس. تبارك من

باسمه دُعيَت وتسمَّت.

5-لقد حرص الرسول الذي خطبها بألَّا تتدنَّس (هي) بأسماء مزيَّفة حتى ولا بأسماء

حقيقية: لا باسم الصفى ولا حتى باسم هو (أي الرسول الذي خطب الخطيبة للرب)

فالرسولين كانا خطابَي حق لأنهما أناطا اسم خطيبها بها. أما المزيَّفين فحالُهم حالُ

المشركين الذين ألبسوا الأغنام أسماءهم. مجد لاسمك يا خالقنا.

6-وسمُ النعاج أيها الأخوة لا يغيره إنسان بالظاهر والعلن: والايم الذي يحمله الصك

المختوم: لم يغيِّره أحدٌ أو يضف إليه. فالذي يزوِّرُ الختم لهو سارق محرِّف: والذي

يغير الاسم لهو زائف ومُعاب. لقد بُدِّل اسم المسيح بآخر: والأسماء المزيفة قد

تصدَّرت المجامع المدنَّسة. تبارك من باسمه دعى أغنامه.

7-القِ نظرة على الأنبياء وعلى الرسل ولاحظ كم وثقت صلة الشبه بينهم. فالأنبياء

أعطوا اسم الله لأغنام الله: والرسل أعطوا اسم المسيح لقطيع المسيح: هكذا المزيفين

فقد قويت صلة الشبه بينهم بعضهم لبعض: أولئك الذين باسمهم تدعى المجامع

والمحافل التي بها (زنوا) تعني هنا أشركوا. مبارك من به تقدسنا.

 

 

 

-20-منه وعلى وزنه.

 

1-لكون يوحنا مصباحا ً لألاءً فضح نوره الفاسقين. سارعوا في إطفاء المصباح:

ليطلقوا عنان رغباتهم. فكن أنت مصباحا ً بهيا ً واخرس أعمالَ الظلمة. فعندما يتألق

تعليمك لا يجرؤ أحد أن يمارس أعمال الظلمة في الوقت الذي به يسطع نور تعليمك.

تبارك من عملك سراجا ً لنا.

2-سعادة كبيرة كانت تتخلل فقر إيليا النبي. قام أليشع بخدمته وطالب بضعفي الأجور

لقاء خدمته. فقد أعطته جمالا ً مضاعفا ً لأنه اتشح لجمالاتها المزدوجة. أما أنت

فستحصل على ميراث خزينة حكمة وَلغُش: لقاء إغرامك بفقره وعوزه. تبارك من

يغني تعليمك.

3-ليخزى النهم بصومك كما خزي بصوم دانيال. ولتخجل الشهوة عند بدنك: كما

خجلت عند يوسف الصديق. ولتهن عندك محبة المال: كما وهنت عند الصفا.

ولتربط في الأرض وتحل في السماء إسوة به: للتَّشابُه الوثيق بين إيمانك وإيمانه.

تبارك من سلَّمك خدمته.

4-لقد شابهت حشمتك حشمة أليشع: وبتوليتك بتولية إيليا امتثال عينيك وصبرك كأيوب.

وأحشاؤك مثل أحشاء داود. وغير ذي غيرة مثل يوناثان: شدَّتُك كشدة إرمياء.

وطيبك هو طيب الرسل. لك قديمُ الأنبياء ولك مستحدثات الرسل. تبارك من ملأك

من كنوزهم.

5-لتكن إكليلا ً للكهنوت وبك تزدهر الخدمة. لتكن أخا ً للقسيسين. وناهيا ً للشمامسة:

ومعلما ً للشباب: عَصاة وعكازَا ً للشيخوخة: سورا ً للنقيات الطاهرات. وليثبت

السَويُّ بعهدك وتزدان الكنيسة بجمالك. تبارك من اختارك لخدمة الكهنوت.

6-لتبطل بفقرك أعياد بيت جحزي الغير مرغوب بها وبقداستك تزول طقوس بيت

عالي النجسة. ولتخمد بوئامك التحية الفاشَّة التي خرجت من شفاه الإسخريوطي

الغاش. أذب كلَّ أفكارنا وصُبَّها بقالب مَشيب جديد. تبارك من صهرنا وسبكنا

بكوره.

7-ليُخذَل بعهدك المال الذي أصبح سيِّدا ً لحريتنا. وليَبطُل بك داؤنا الذي ألفنا وجودَه

بيننا وراق لنا مكوثُه داخلنا. وأبطل مفعُول مسببات العادات المخسرة التي تملكت

بنا. وكما تملَّك الشر بنا بالعادات السيِّئة. ليرجع الخير ويتملك بنا بالعادات الصالحة.

فكن أنت يا سيدي سببا ً في إسعادنا (معونتنا) تبارك من اختارك لأجل حياتنا.

8-لتقتلع العادات السيئة من بين الصفوف. ولتُحجم الكنيسة عن المقتنيات ريثما تصبح

قادرة على اقتناء الأرواح: فإن فعلت لقامت بعمل رائع ٍ مذهل ٍ عجيب. أما الموتى:

فلا يدفنوا بقطع الأمل على الطريقة الجارية لدى القوم غير المؤمنين: بحلل فاخرة

ومراثيٍ وعويل إذ حريٌ بالحي أن يلبس حُلَّتَه: لأن الميت بكليته موارى وسط القبر.

تبارك من أرجعنا إلى ترابنا.

9-الشهوة علة الشرور وأطماع بيت عالي: وهي التي حفزت لصوصية بيت جحزي

وقَدحَت افتضاح بيت نابال: أما أنت فَطُمَّ الينابيع الذميمة كيلا يستفحل أمرُها وتصبح

دفقا ً عارما ً وينتجُ عنها تلوُّث ٌ ذميم يصيبك شيء من رذاذها. ليسد الرب ينابيعها.

تبارك من أعمل جفافا ً في ينابيعها.

10-إعطِ أفضلية الكلام للشيخ: وسلم الصبي ظاهرة الصمت. كي يعرفك الغريب الذي

يعتِّبُ بابك: من ترتيبك ونظامك. مَن يتكلم أولا ً ومن هو المتكلم الثاني: والثالث…

فإذا ما حافظ كلٌّ منهم على فمه وعرف كلٌّ مقامَه ودرجته: لا محالة يدعوك ذاك

الغريب: بالطوباوي المرتب الأنيق: ليكمل الرب مقاصِدَك.

11-لتكن مقالة حقك واحدة: ولا غضاضة في إبراز المقولات العديدة المستعارة.

لترسخ صورة البر على قلبك: ولا بأس من ارتسام علامات كثيرة على محيَّاك:

وكأنك تظهر: حزينا ً: بشوشا ً: فاترا ً وأمام الأثيم غاضبا ً: وفرحا ً مسرورا ً أمام

السوي الحشيم. كن واحدا ً للعزة الإلهية: ومتعددا ً أمام بني الإنسان. تبارك من كان

كُلّا ً مع الكل.

12-وإن جال في مسمعك خبرا ً سيئا ً من أناس صادقين غير مضللين أَسِل من دموعك

وأطفئ النار التي استعرت بالطرف الثاني. ليشركك المتعقلون في الطلبة: وافرض

صياما ً على ذوي المعرفة: وليهيمن على قلايتك الحزن الشديد على من ضلَّ

وانحرف في معارج الخطية. ريثما يُسترجع بنصيح التوبة: تبارك من وجد الخروف

الذي ظلَّ وانحرف.

13-لا تعط أذنك لأحد: لئلا يغرقك الدجالون. ولا تُعِر رجلك لكل إنسان: كيلا يضلك

الدُناة. ولا تُسَلِّم نفسك لكل أحد مخافة أن يطأك العاتون. واحفظ كفتيك من الغاش

كيلا يلتقط حسكا ً بيديك كن قريبا ً على مبعدة وبعيدا ً على مقربة. تبارك من كان

قريبا ً وبعيدا ً في آن واحد.

14-هوذا نبأ مجيء الملك الجديد يرعد ملجاجا ً عبر المسكونة: مُكسبا ً المختَلَسين

تشجيعا ً والمختَلِسينَ خوفا ً وذعرا ً. فقد حان وقت غثيان ذوي النهم والبطنة: أن

يتقيأوا كل ما ابتلعوه وازدردوه: ويرتعدوا خوفا ً من جانبك حتى تلقي العادات

نهايتها بين الكهنة والملوك العادلين. تبارك من غضب وعاد فأشفق.

15-هنالك من وجد متفرجا ً فسنَّح (أعني تغاضى): وهناك من اضطرَّه هواه فضاق

ذرعا ً. واحدٌ يفكر بأن الحكم محفوظ ومنتظر: وآخر يفكر بأنه لن يأتيَ. هنالك من سرق وروى غليله (عطشه) وهناك من سرق وتعطش للسرقة سرق الفقراء

والميسورون: والجائعون سرقوا بمقدار: وأما الشبعون فقد سرقوا بدون مقدار.

تبارك من امتحن كل مقاصدنا.

16-والآن فُسِحَ المجال وأبرز كلٌّ إرادته وقصده: كيف هو (قصدُه) ولمن يشبه ومَن

وممَّن كان اختياره. فقد رفع التجربة من كل إنسان لعله يستنكر من لم يبغض قط.

فقد فسح لنا مجال التبصٌّر: بأن العقابَ يجدي أكثر من هذا الترتيب والنظام

(السلطان) تبارك من انتهرنا من أجل صالحنا.

17-فهو لم يشأ أن يكدن عنقنا تحت نيره عنوةً: بل أرضى لنا: فشمخنا لأنا إذا عصينا

ودنت منا الأذيَّة: نرجع ونحب نيره قليلا ً: ونختار قضيب تأديبه الطيِّب لأن راحتنا

جلَّما يُتعِبُنا ويُضنينا. أما الراحة الحقيقية فهي منوطة: بشظفه وقساوته. وبنيره الخِفَّةُ

والانعتاق من العناء. تبارك الذي عناؤه حلوٌ لذيذ.

18-العالم أشبه بجسد تملك به الداء واشتدَّت عليه حمى الوثنية واستفحلت. مَرِضَ

وسقط طريحا ً: أتت يمين الرحمة والتحنان جسَّته وفحصته واجتذت منه الحفنة التي

كانت هي بالذات سبب عِلَّتِه ودنفه. عَرِق بالعافية: نهض وعاد إلى صحته. مجد لتلك

اليد التي عادته في محنة مرضه.

19-ليعمُّ السلام بعهدك في الأرض التي أيقنت باحتشائك بالطمأنينة والأمن ولتشيَّد

الكنائس بعهدك وبك ترجع لتلبس محاسنها من جديد ولتنفرج (لتفتح) أسفارُها:

وتُصفُّ موائدُها: وبها يزهو شمامستها لينطلق ويفوح الإيمان منها (من الكنائس)

باكورة ً لسيِّد السلام. تبارك من يُدُّ الحياةَ بكنائسنا.

20-لتصعد صلاتُكَ إلى السماء: وتصطحبُ معها مصالحة ً ووفاقا ً وليُمطر ربُّ السماء

خيراته على شرورنا: ولينتشر عزاءه على كربنا: ويجمع شملَنا التي تبددت وتشتتت

(تحت كل نجم). وليوقظ غيرتَه على محبَّته لتتصف عدالتُهُ لذلِّنا. ولتمحُ نعمته إثمنا.

تبارك من بارك رعيَّته.

21-بما أن الكاهن والملك الأول يحملون واحدٌ صورةَ الآخر وكأنهما وُزنا وكيلا بكفتين

متساويتين: هكذا وَلغُش وابن الملك. فليتشبَّه المتأخران ببعضهما: كما كان هؤلاء

متواضعين ورزينين. ليكن الهنة أنوارا ً ساطعة والملوك أشعتها المتألقة. والحكام

قبسا ً نورانيا ً. تبارك من أنار نفوسنا.

22-من المملكة يصدُر القانون: والغفارة من الكهنوت. فمن الغضاضة أن نضعفَ

وندني الاثنتين. ومن القساوة أيضا ً أن تتشدد وتقوى الاثنتان. فمفروض أن تتشَّدد

الواحدةُ وتحلُم الأخرى بدراية وعقلانية. ليمتزج الخل بالرحمة. وبهذا يصبح كهنوتا ً

حلوا ً لذيذا ً: ومملكتنا قوية وحازمة. تبارك من مازج صالحنا.

23-ليمِل الكهنة نحو الملوك: ليشكلوا سورا ً للإنسانية منيعا ً. فيأتِنا نصرٌ من عند

الملوك. وإيمانٌ من المراتب الكنوية. نصرٌ يحفظ الأجساد وإيمان يعسكر حول

الأنفس. الملوك يخرسون الخصام. والكهنة يُسكِتون البحوث والإستقصاءات: لتبطل

الضيقات ومعها المجادلات غير المجدية. تبارك ابنُ مسالم الكل. ومجد لك على

آلائك.

 

 

 

-21-   على وزن: أيها الملك السموي هدِّئ من روعه (اضطرابه)

 

1-إن مثلك يا سيدي: الذي قدمته في الأرملة: لهو برهان ساطع مقنع. تلك (الأرملة)

التي ذهبت إلى الحاكم الجلمود ذي القلب المتحجِّر الصلد القاسي: والأحشاء الفولاذيَّة

غير المطاوعة. لتُعمِل في قلبه لينا وطراوة.

2-الصالح الذي يدنو ممَّن يطلبه ويتَّجه إليه بكليته قبل أن يلتفت (من يطلبه) إليه ويفتح

له مخزنه قبل أن تضِل إلى بابه.

 

-22-

 

1-لقد أشرَك يا سيدي أبنائي وأحبَّائي بي: وأنكروني.

فقد اغتاظوني بك: وأرضوا أخرى غريبة (أي أم غريبة غير الكنيسة) وبما أنك كنت

أنت نقطة الخلاف ومِحوَر الحصام: بك أيضا ً يكون ارعواؤهم ومرضاتهم

2-فأصبح مكللة عفيفة ذات هوية وانتساب. وأصبح أمَّا ً تجمع أولادها داخلها وتخرج

مبغضيها خارجا ً عنها ومن بقي داخلها من أولادها تحتفظ بهم. المريض نقيا ً معافى

من الزؤان.

3-أيها الطبيب برهن عن نطاسيك في أعضائي. وارتُق ما اجتُذَّ من أعضائي ركِّبها

وثبِّتها: حتى تبرزَ للعيان وكأنها لم يسبق لها أن فُصلت واجتذَّت من ذي قبل.

4-ذلك لأن الشرير فرح شامتا ً بآثامي. وساخرا ً بأعضائي. اكسب أعضائي جمالا ً

يُعمِل في قُبحِه كآبة وكربا ً. وليندم على الثمن الذي تقاضاه مذ رآني وقد زهوت

بالحسن والجمال.

5-ليلقنني درسا ً في العذاب كيلا يُنكي علي. فقد تألمت في اختتاني وتعذَّبت بانفصال

أعضائي مني. فلنحرَصنَّ إذن بالصِّحة التي حُزنا عليها مؤخرا ُ: لئلا تبيد وتضيع.

6-لأرفع لك آيَ الشكران بمعيتهم على الدوام. فقد علمتني درسا ً في الألم في تجربة

لاستهتار مني. فضممتني واقتنيتني وأمحضتني خالص المحبة.

7-وأنا الفقير البائس ألتمسُ منكِ يا كنيستي أن تقيمين الصلاة من أجلي: ليُجزني الربُّ

فرحا ً بوَحدتِكِ: لأني تألمت جدا ً بانقسامِكِ وانشقاقِكِ: كي بحِماكِ أدخلُ معكِ بحابح

الملكوت.

 

 

-23-

 

1-إنه لمن السهل يا سيِّدي على الطبيب أن يستلخ عضوا ً من الأعضاء. ولكنه يتعذر

عليه إرجاعه إلى مكانه. أما أنت يا سيِّدي فالاثنتان تسهلان عليك لكونك أنت الله.

أغنية: اسمع إلى صرخة أولادي.

2-اثنتا عشر سنة والأطباء دائبون في الفضائح في الكشف عن المرأة التي كانت تنزف

دما ً: فقد أوسعوا في افتضاحها لمَّا أسعفوها. فإن كان العلاج افتضاحا ً؟ فما هي

الحال من دونه؟

3-فمهما زادوا في افتضاحها: حَرِصتَ أنت إلَّا أن تشفيَها. وبما أنها اختبأت ودنت من

ردائك: وليس من جسدك فقد صار الرداء المحتشم طبيبا ً عالجها وأبرأها.

4-حريٌّ بك يا سيدي أن تلبس كنيستِك ثوبَ الحشمة: لأنها تدنَّتِ إلى درجة أن عابري

السبيل عرَّجوا ليروا ذلَّها وعارها. أزدتَ في حشمة الزائلة ُ: وخطيبتك أوسعتها ذلَّا ً

وافتضاحا ً.

5-إن تزامُن محنتي لم يتماشى بحسب ذلك الإمتداد الزمني فقد دام ست سنوات متتالية

وهي تشكل نصف المدة للضربة والمحنة الأولى. فرحماك: أدمُل الجرحَ الجديد كما

عافيت من قبله الأوصاب القديمة.

6-فإن كنت أعرضت عني وتركتني لقُبح ٍ بسيط اعتورتني؟ فما هو مدى إقلالك لمن

أهان امرأته العائبة القبيحة؟ فأحبب معائبي واعطه مثالا ً كيف يُحبُّ زوجَه ويهتمُّ

بشأنها.

7-أنت من أضفيت جمالا ً على ليَّا القبيحة النعابة. فقد كانت كليلة البصر أما أولادها

فكانوا أيَا ً في الحسن والجمال. أما أنا يا سيدي: فمع أني أتحلى بالحسن والجمال:

انهال عليَّ أبنائي بالقدح والهجاء.

8-أنت هو الوحيد بل وأمك الوحيدان اللذان فاق جمالكما كلَّ جمال. أنت بلا عيب يا

سيدي وأمك أيضا ً لم تَلصَقْ بها وحمة ُ دنسٍ أو شائبة ُ عيبٍ فلمن يعود شبه أولادي

وقد تحدَّروا من بين جمالين وحسنين اثنين.

9-أبوك: عندما أخذ على عاتقه الجماعة المعابة التي أشركت بالعجل قد مقت أولادَها

لأنهم خُتِموا بصورة ومثال الغريب.

10-وها هم بإشارة ذلك الغريب يطاعنون الأولياء. فقد طعنوا موسى والأنبياء في كلِّ

وقت وزمان. وأنت من تعلم كلَّ العلم كيف مثَّلوا بك وبرَّحوا بك.

11-الرسول خطبني لك بتولا ً طاهرة: فقد مَقتتُّ عجلَ آبائي وولهت هائمة ً بحبك أنت.

فلا تدعنَّ خرافي أبنائي الواحد يناطح أخاه بطعانٍ شرسٍ.

12-فهم نَسجٌ من ذلك الخروف الذي: دينَ ولم بنبس ببنت شفه ذُبحَ ولم يتجنَّى: صُلِبَ

ولمَّا يشتكِ. حَيا (عاش) ورجع إلى العناء المسبق من جديد: ليمنح حياةً لقاتليه.

13-أنتم لستم من ذريَّة آدم الذي تطاول دونما حق مشروع. ذاك الذي ابنُه اغتال أخاه

مجانا ً خارجا ً عن دائرة القانون. أنتم سليلو أبناء الروح ومن ذريَّةِ أبناء الماء.

14-أقصُّ عليكم أنا أيضا ً حكايتي وأتلو عليكم قصتي: فقد رجموني: ولم أَغضب.

صلبوني ولم أشتم. أعملوا بي حريقا ً ولم أتلفظ بالسباب. فتشبَّهوا بربكم وسيدكم

وتمثلوا بأمِّكُم واقتفوا إثر من وَلَدتكم. (نصيبين تتكلم).

15-لقد دعي أبناءُ البشر أبناء الأفاعي وذلك لم يكن لطبيعتهم: بل بأعمالهم. فرجيعُ[4]

(مرارة) الحريَّة لهو أقوى بكثير من حدَّة سم الأفعوان.

16-ولقد دعي بنو البشر آلهة وذلك ليس لكونهم آلهة بل دعوا آلهة بالنعمة أما أنتم فقد

أعدَّت لكم معها شبها ً ونسبة.

17-إنه لمن دواعي العجب: أن تنتسب الذات الإلهية لكم. وأنتم بتَتُّم حبل نسبتكم إليه.

فإن كان سبب إقلاعكم عن النسبة الإلهية بقصد الانتساب إلى الخليقة: وَيحَكُم فقد

انتسبتم وتشبَّهتم بالعبيد.

18-أمجادٌ لك يا إلهي لأنك لم تعدَّ لنا شبها ً وانتسابا ً إلى الخلائق بل نسبة معك ولك.

فالمجد لك يا سيد الخلائق على تمازجك ومخالطتك.

19-ومما لا يثير العجب أن تتقارب وتتناسب المخلوقات بصلة واحدة: لأنها كلُّها

تنصهر في إناء العبودية الواحد. تبارك السيد الذي شاء وارتضى بعبيده أن يصبحوا

أنسباءه.

 

-24-

 

1-إن كانت الطبيعة يا سيدي مقيتة بآلامها. قبيحة بانفعالاتها. ذميمة بآثامها: فهي شهية

بثمارها: جميلة بمحاسنها.

أغنية: بادر إلى مسالمة أبنائي.

2-ما هي الوسيلة ربَّاه التي بها يستفيق بنو البشر ويصحون على إحساسهم بآلامهم:

وحدادهم في أحزانهم وخجلهم بآثامهم: إذ كانت خطاباهم سببا ً ومبعثا ً في تباريحهم

وضرباتهم.

3-الأغصان المجتذة المكتسحة من أشجارها تشمئز من جراحها والخدوش مقيتة ٌ

وقبيحة المنظر عندما تندمل وتختم فما أكرهها يا سيدي إن بقيت على حالها جديدة

نازفة.

4-شقَّ الرداء نفسه ورتعته من جديد: أعاد فعلتَه ثانية: وللمرة الثانية أعدت صياغته.

اصطبغ بدمك يا سيدي وفَسُد وشقَّ عليك الطاعة وتمرَّد عليك.

5-لم أزل أعلِّلُ النفس بالأمل بأن جراحي وخدوشي ستختم وتندمل فهي مهما شذَّت

وانحرفت عنك فهي توَّاقة ٌ لأن تتلمَّسك ومع أنها زلَّت وسقطت فهي تظنَّ بأنها آلت

إليك وإليك انتهى أمرُها.

6-أبرز لهم ذاتك يا نورُنا لأنَّهم ينشدونك ويطلبونك. فإن شذُّوا وسقطوا وقد ظنوا بأنهم

قد اشتدُّوا وانتصبوا. تنازل أنت رباه وبرهن لهم بأنك تتنازل إلى الساقطين.

7-وبما أن حشاشاتي (أكبادي) أي أولادي قد انفصلوا مني: ولمدة ست سنوات وهم

ليسوا في وجودي: غرَب الحزن عن ضامرِ نسائي اللاتي خبأن الحزن على أولادهن

وتناسينه: لم يَبرح أولادي مخيلتي أذكرهم دائما ً لأن أمواتي لم يواروا الثرى.

8-رباه: لا تسمح بأن يهزأ بي عبيدُك الغيارى: ولا تشأ بأن أكون مدعاة لومٍ لبكائي

على أمواتي وهم على قيد الحياة. فيا ليتهم فارقوني وانفصلوا عني بموتهم: لكان

الأمر أسهل من انفصالهم عني وهم على قيد الحياة.

9-ليتني نقَّلتُ أناملي على وجوههم وأغمضت أعينهم: وبمزامير ومراثي رافقتهم إلى

مثواهم وسلمتهم إلى محيي الكل. كي يستجبني يوم القيامة أعود وأُكحلُ عيناي

بمرآهم من جديد.

10-ها أنذا رباه أتجرَّع كأس حزنهم لمرتين اثنتين. حزني على الذين خاروا في

الطريق ودفنوا في أرض غريبة: ومرةً أخرى أحزن على الذين قضوا نحبهم في

مساكنهم بهوان عظيم داخل مدنهم وقراهم.

11-هييء ربَّاه لحياتهم قيامة التوبة. ولمماتهم بحتا ً وأنشودة. نفرحُ بحياتهم: ونطوف

بأجسادهم بتجلَّة واحترام.

12-لتتعلمنَّ كيف نحزن بصوت البقرات والنعاج اللاتي بثغَينَ على أولادهن الضائعين

وليسوا بموجودين: وكأنهنَّ أصبحن حنَّ بالذات في عداد الضائعات الهالكات.

13-فإن وُجِدوا ورجعوا: فيضفن فرحة على شوقهنَّ الزائد. وكأنهن هُنَّ بالذات وُجِدنَ

وَرَجِعن: وما يخيفني بذلك يا ربي هو أن تُغيرَني بالبهائم والعجماوات.

14-لقد أَغَرت جماعة الأشرار منهمكا ً عليها بإفراط بالبريَّة وبأسراب السنونو التي

تُنَظِّمُ الأوقات والفصول. فقد أكثر من امتداح جماعة الطير وأفرط في ثناء البرية:

لتخجل الحرية ُ بسوء تصرفها ولا مبالاتها.

 

 

-25-على وزن ما قبله.

 

1-بحرقة ودموع سخينة يا ربنا: كنت تبكي على أورشليم أم الصالبين التي بها كان

أولادها يجتمعون بألفة مع بعضهم البعض: الوِ راحما ً على كنيستك التي انشق

أولادها داخلها.

أغنية: أشفق عليَّ لأني أصبحت هزءا ً للغريب.

2-أولئك اللذين أيَّد واحدُهم الآخر في انشقاقهم بانسجامٍ وفكرٍ واحد. أما أولادي الذين

كان من المفروض عليهم أن يمتثلوا لمحبة واحدة: راحوا يشقون الحقيقة الواحدة

ويجزؤون البِرَّ الواحد.

3-الأفاعي التي تلتهم أبناء جنسها وأخوتها تراها تلتئم وتحب أصدقاءها: وخرافي

يستحيلون إلى ذئابٍ خاطفة ينهش واحدُهم أخاه ثم أغاروا على الراعي العام بغية

التهامه وتضريسه.

4-لقد وعدت المدينة (أورشليم) بأنك ستجمع أفراخها مثل أمٍ تحت جناحيها. وبرُّك

يجمع شتات أولادي تحت جناحي.

5-لقد أوسَعتَ تعزيتك لصموئيل عندما نبذه الأثمة الأشرار وبه نبذك الشعب. وكنيستك

رباه هي مثالك فقد أبغضني أولادي لأنهم نبذوا كاهنك.

6-ولسابق علمٍ منك بأنه زمن الشتيمة والسباب: لم تعطني ولدا ً راعيا ً فتيا ً حسنا ً

جميلا ً: ذلك لأن السباب والشتيمة تلحق في الحداثة والشباب على الفور.

7-منهم يشتمونني بالشيخ المسن. ويفتضحونني بالعفيف المحتشم حتى أن الطبيعة ربَّاه

لا تفسح المجال لكلمة الشتيمة أن تدنوَ من الشيخوخة عاجلا ً.

8-فهم لم يقيموا أصواما ً ولم يسهروا بمعية الشيخ ذلك لأن يقظته تُضني الشباب.

فطلبي يا سيدي أن يُقبلوا ويمتثلوا معه لمعايير المقارنة ومقاييس الموازنة.

9-فهو فقير معوز: وهم مختصمون مهتاجون. هو لطيفٌ طيِّب: وهم ذوي بأسٍ أشدَّاء.

هو مُتَّضعٌ عادل: وهم ظالمون. ولعلهم برَّحوا في اتضاعه متكبرين.

10-لقد تجردوا عن الرحمة مع الرجل الرحوم فبتحقيرهم لوالدهم وبافتضاحهم لأمهم

جعلوا مني شيخة مُشتِّمة بذاك الشيخ العجوز.

11-من ذا الذي لا يكتئب علي لدى المعرفة لأي حالٍ قد آلت آخرتي. فقد ثَقُلت حداثتي.

وتهزَّأت شيخوختي: ووضعني أولادي موضعَ دعةٍ وإقلالٍ فأمسيت سخرية ً

للصالبين.

12-لقد قضى ذوو الاستقامة وماتوا وارتحلوا: وتركوني مرتعا ً للسخرية والعار: حتى

الأحناف بسببهم قد عرَّجوا وتحروا عني: واليوم وقد أصبحت وكلٌّ يشير إليَّ

بالبنان.

13-لقد سِيقَ أبطالي: كُمَّلي: وأفاضلي. لأنهم جعلوني مُظَفَّرة مُكلَّلة ومُغبَّطة بين شعوب

الأرض. وبما أني أصبحت اسما ً علما ً معروفا ً فقد أمسيت إناء سخرية، وهزيء

ومهانة.

14-راح كلُّ فرد يُوسِعُ لي كرامة ً واحتراما ً بالمزايا الحميدة: والسيرة الصالحة: حتى

الأغرابَ والأحناف أولوني احتراما ً وكرامة بسببهم. أما اليوم يا سيدي فقد أصبحت

منبوذة ً من خاصتي.

15-أين آل مصيرُ أعفَّائي؟ المظفَّرين بأصوامهم: المثابرين على عمل الخير:

والدؤوبين في الأعمال الصالحة. فذاك الطعم يختلف عن مُعطَياتِ هذا الملح.

16-واحدٌ منهم كفيل بمرضاة الملك. واثنان يكفلان مسرَّةَ وانشراح ملك الملوك (عزاء)

اخترتهم وسقتهم واحدا ً تلو آخر تقدمة وقربانا ً لك.

17-لقد جمع فلاحيَّ ثماري: طيّبة ً دانية ً. طعمها برٌّ وحلاوتها محبة ٌ. واليوم وقد طال

فلُ شتائي فقد فَسُدَت فاكهتي: وتلفت أثماري.

18-لقد عبثت عواصف الشتاء البغيضة ُ الخفية وأودَت بالبرعم بثلوجها وصقيعها مذ

نبت وانحسر عن الأكمام. فَغَدا دّنِفَ الانتماء، ومريضا ً منذ بداياته.

19-حُسنُ أوراق (أشجار) ذاك العصر: فضح ووَارى جمالَ أثمار هذا العصر. العصر

الذي أشجارُه هي بأمَسِّ الحاجة للكسح والتقصيف والتشذيب الكثيرين. ما أُحَيلى

حسن الأقدمين. إن جمالهم يفوق حمولة أبناء هذا العصر.

20-لقد استحالت الأصيافُ إلى أشتاءٍ. فتبلبلت الفصول وحارت الفاكهة وتوقفت: وأفسِدَ

طَعمُها. فغدت المسمِّنةُ دانية فاسدة. والمبكِّرةُ تافهة ً لا طعم بها.

21-الفاكهة المتأخِّرة الآخرية ٌ مثل ضوِها ونَدِّها فصل الشتاء. الذي بها رائحته وطعمُه

اللذان بهما تتغلَّب على فاكهة اليوم التي دنى جَنيُها واستَوت في الصيف.

22-لقد امتلأت معاصري وفاضت. بخمرٍ ليس ذي زخم. وكأنه ليس بجديد ونشوتُه

فاترة ساكنة. فهو لا محالة قديمٌ مُغاير مختلف. (المقصود في القديم إن مدة فعاليته قد

قضت).

23-من المسلَّم به أن الخمرة الجديدة جيَّاشة زخمة. والمعَتَّقة تدوم نشوتها لوقتٍ طويل:

أما خمرة هذا العصر فهي مختلفة عن هاتين الاثنتين. نشوتُها وليست بجيَّاشة: طعمُها

فمؤقت تفَّاهة.

24-كان من المفروض بها أن تغليَ بالحلاوة: فأمست وكأنها لا تجوش وتضطرم إلا

بالحنق الذي يعود به الغضب إليها. لك رباه تتضح الآخرة لما تؤول.

25-لست بلائمٍ رباه لطول وامتداد فصل الشتاء. إذ عصفت ريحُ الجنوب وبها اشتدَّ

زمهريرُ الشمال: حتى أن جنوب الصحو غيوما ً كالحةً: لبَّدت فوق أجوائي.

26-مثلما أيقظك التلاميذ لدى اهتياج البحر: استيقظت وبصوتك أخرست العاصفة:

استجب ربَّاه لصوت الدموع السخينة التي توقظك في كلِّ يوم.

27-مطتوبٌ ربَّاه! أنك أتيت من الشمال وأذبت صقيع المصريين فازدَهَى الشعب

وخرج. بادر بانبلاج الصيف البهي وأزدنا بهجة وحبورا ً.

28-صيف به تستوي فاكهتي: وتكتنز حبيبات زروعي: به تحسُن أوقاتي وتعبر أيام

آلامي. به تنتهي أحزاني وبه أجاهر بأعيادي.

29-لتتكاثر أثماري بنعمتك الواحد بمئة: حتى ينزل هذا الفائض منزل فائدة للأرض

التي ألفت واهتمت بجني دوانيها في عدان الشتاء.

30-كان الجوع المعنوي (الخفي) وافرا ً قاسيا ً فضمرت غلالُ البرّ ولشدَّة وطأة الجوع

تلاشى خبز المحبة عن متناول بني البشر. فتشتتوا تحت كل نجم. وأُهمِلوا في كل

صوب وحدب.

31-أجرَّاؤك ربَّاه مليئة بالخير والبركة لمن شاء وأراد. فإن كانت مخازن يوسف قد

تصرَّفت وتدبرت أمرَ المجاعة مخزنك أنت يغذي إيماني مئة ضعف بضعف.

32-أجزل لنا من خيرات تعليمك ثلاثين ضعف من الصوم: ومحبة ً تعود لنا الضعف

بستين: وبرُّك يأتنا الضعف بمئة بخيرك العميم.

33-رباه أنت من قلت (لأعَوِّضنَّ عليكم السنين التي قضمها الجرار الزاحف

والصرصار) فأجزني ربي أكثرَ بكثير لأن الجراد المعنوي التهم إيماني وأغصَّه.

34-بروح الضلالة غَزَتْ أرضُ المجالدين حقلَ كلامِهم: قد وهمَتْ النفسُ بسغبٍ فظيع

لأنها لم تختزن برَّا ً في قرارتها.

35-ربي أحرث بطاحي لمرة أولى وثانية وثالثة لأنك ثلاثيا ً عَمَّدت شطاحَ أنفسنا:

وكنيسة أرواحنا وبثثت بها حياة ً.

36-لقد فلح رُسُلُكَ: وثنَّوا وثلَّثوا: وزرعوا وحصدوا. وتعاقبت سواقطُ حصادِهم وتيابلت

ونمت وملأت الأرض بأهرَّاء التعليم.

37-وكما تيابلت جذورُها ووصلت إلينا فستبقى مسلَّمة متعاقبة إلى أن تأتي في مجيئك

الثاني: تلك الجذور التي عجز ملوكُ الأرض عن اجتذاذها بحد السيف.

38-مهما أعطيك ربِّي فهو قليلٌ عليك. ومهما تمنحني أستشره إلى المزيد. سغبت

محبتك إلى خاصتنا. وإلى خاصتك تعطش عِوَزي واحتياجي.

39-لتكن مخيِّلتي أرضا ً لك. احرُثها باسم أبيك. وباسمك أنت ثنِّها وثلِّثها بروحِ قدسك.

لِتُصعِّدَ آيَ الشكران وباقات التمجيد لمرسلك.

40-ذلك لأنك أرجعت أبنائي: وجمعتني بأحبّائي. فإن كانت جماعة الطير تفرح بلمِّ

شعثِ فراخها: فأيةُ أمٍ لا ترقص فرحا ً لاجتماع وندامة أحبائها.

41-وليميزوا صوت أمهم بنعمتك وليُبادروا إليّ راجعين وعائدين كي نعترف. أنا وهم

بحقٍ واحد وبرٍّ واحد.

 

 

-26-على وزن ما قبله.

 

1-كما طرحت حبيبات الحنطة عنها العور عندما بَلَغَتْ واكتملت يا بُني: هكذا

الصديقون خلعوا عنهم كلَّما لا فائدة منه ونفع. ذلك لأنه لا يجوز للعور أن يختلط مع

حبيبات الحنطة.

أغنية: مجدٌ لسيادتك.

2-زوجُ الحمام الوادع: الحاذقان الحكيمان: موسى ودانيال: عبَّا من مناهل الحكمة في

أوساط الأفاعي. واحدٌ تهذَّب بحكمة المصريين: وآخر نهل من حكمة البابليين.

3-واحد أعرض عن حكمة السحرة: وآخر أهمل حكمة المنجمين: ووفقا بين الحداثة

وبي ن الحكمة الكونية التي في الطبيعة: كتوفيق النسيبَين: قبسِ النور: ومُقلَةِ العين.

4-كانا يجمعان بين الدها وسلامة القلب. الحيلة والبساطة. كانا طاهرين وراشدين:

حذقَين وادِعَين. عاينا الفضيلة فاتشحا بها. ترصَّدا السوءة فأعرضا: عنها وخلعاها.

5-وكالإنسان الحذر الذي لا يمشي في طريق لا يعرفها: كانا لا يمشيان في طريق

مظلمة لأنهما لا يعرفانها: لأنهما يَخبَران طريقا ً واحدة هي طريق النور.

6-كانا يتحليان بصفاء الصبية عند الشرور وبنقاء الأفطام عند الشهوات وببراءة

الأطفال عند الكبرياء. كُمَّلا ً عند الواجب. أبطالا ً في العفة: محتشمين لدى الطهارة.

7-من رأى قط ذئاب المعلمين قد أَمْسَوا محتشمة ً للحملان وأفاعٍ للحمائم: صقارا ً

للعصافير: ليتعلموا عاداتهم؟

8-هو الشرير يا إخوتي من (دس السّم في الدسم) المرارة بالحلاوة. والظلمة بالنور.

باطِلَه: في الحق. شرَّه بالنعمة. إثمه في البر.

9-فقد اختار له أولنٍ طاهرة مقدَّسة وصبَّ بها حثالته وملأهم بأوحاله وطغت عليهم

حمأتُه: ودسَّت بهم تعليمَ السحرة ومقالةَ المنجمين.

10-مكث وطالت مدة بقاء رواسبه في النقاء: لعلَّ الحق يألف الظلمة لتُضِلَّه كي

يتغاضى ويتعايش داخل الباطل.

11-وفكرةٌ خالجته إذا ما نفث حثالة وسيان (ما نتن من الطين) تعليمه بأولاد الصدق

والحق: الأفواه. يعود ذلك كله بالصالح والنفع: ولكنه كان لا يؤول إلا بالشر والشتاء.

12-واحتمل: إذا ما انتفض الأصفياء وطرحوا وتحرروا من الرواسب والحثالة التي

دسها بهم اللعين: لا يعقل أبدا ً ألَّا يبقى طعمها وزخم تعليمها عالقا ً بها إلى حد ما.

(الترجمة بتصرف لاستقامة المعنى).

13-بهذه الطريقة احتال ونجس آنية الخدمة التي طالما اتسخت لا يمكن تطهيرها:

ليقطع أمل الشعب: كيلا يصبو إلى الرجوع.

14-فقد خجل في الاثنتين. فلم يستطع أن يدنس الآنية التي في الطبيعة: لأن سيد الآنية

قد طلبها: وتلك الراحة (راحة اليد) هي التي أتت وطهَّرتها. (المعنية راحة يد الرب)

15-لقد صار كتابها فيضا ً: وجَهُزَ تفسيرُها. فقد صيغت وسُكيت في الكور وبيدَي

دانيال. رُحِضَت الآنية وتطهَّرت: حَسُنَت وتنقت.

16-والخوارج اللذين خرجوا عنها بهوان: آبوا ورجعوا وببهاء ٍ دخلوا. والذين بسبابٍ

وشتائم بارحوا: بكرامةٍ وثناء عادوا. فسبحوا ربَّ الكل لأن بنو الضلالة عادوا

وارتدُّوا.

17-الأواني التي بالطبيعة: انتهرته دونما طبيعةٍ. وأواني الحرية أفحمته بالإرادة.

شحتت الآنية بالحق وانطلقت تنضح بالبر بسخاء.

18-والأواني التي اكتنزت بالباطل: انكفأت وأُريقَت وأُفرغت ونضحت. جَدَّ الشريرُ

جاهدا ً ليُصلح من شأنها ويعبئها من جديد.

19-لقد كفأها وقلبها موسى عشر مرات في مصر وعاد[5] دانيال وقلبها أيضا ً في بابل.

ربُّنا حطمها وأحالها إلى مسحوق دقيق.

20-أما الآنية: أبناء الحق: فقد شحنهم بقوة في ذاتهم. وهم قاموا باستنضاح ذواتهم

بذاتهم. إذ استنزفوا وأفرغوا ذواتهم من طعم المرارة: وصبوا عوضا ً عنها برَّا ً

مقرونا ً بطعم المحبة الحلو اللذيذ.

21-أما نحن الذين صبَّ مخلصنا بنا برَّه وملأنا بحقه. انكفأ الوعاء وأريق تلقائيا ً.

فرجع الإناء وملأ فارغه حثالة وخصاما ً.

22-تباركت يا خالقنا يا من أصبحت لنا صائغا ً ومازجا ً آنية من التراب مفكرة

وراشدة. لا تمتلئ يا رب آنيتُنا (لا نمتلئ) ترابا ً عوض كنز الحق.

 

 

 

27-على وزن سابقه. تقريض في بيطوس أسقف حرَّان.

 

1-اذكر يا رب صلوات إبراهيم في حرَّان وصلوات يعقوب بالفدان. وجُد بتعزيتك

على ساجدك: الذي بمحبته تناول صلاتهما ولبسها لأحبائك.

أغنية: أمجادٌ لمن اختاره.

2-فقد حسن بشمائلهما وظفر بأصوامهما: وأضاف على حُسنِه جمالا ً فائقا ً لأنَّه حدَّق

بمرآتِك. العفيف الطاهر الذي منع فمه من الكرمة (جفنة العنب) ولم يقرب نتاجَها.

3-لقد اعتادت حرَّان أن تُغِمَّ بيتَ يعقوب: تلك التي هدرت أتعابه وأجوره. إذ استحمق

لابان وخدع وزيَّن الأخت وأدخلها عوض أختها.

4-(ما هكذا ترد الإبل في ديارنا بالابان) إن مثل هذه الفعلة لا تُمارَسُ في

ديارنا بالابان. فعادتُك تشهدُ عليك أحد أمرين. فإما أن تكن أنت وحدُك دجالا ً:

وبلدُك صادقا ً وبريئا ً أو أن بلدك موسوم بسمتك أنت وغارق بك.

5-تلك الفعلة التي تقلبت في إعطائه الأجور عشر مرات: تتقاذفه من مكان لآخر. لعلَّ

هذه صفات أهل ديارك أن يبخسوا الأجور: وعندما يتَّفقون على بتِّها يحنثون

وينكرون ويُخلفون.

6-فقد أهمل خزنته: وهمَّ ليقتتلَ مع الذي عانى من حيله وفخاخه وذاق الأمرَّين من

متعرجاته: لأنه خدَع الصدِّيق مسخر من الجميل.

7-ولئن قام الملاك (اليقظ) لنجدة السهَّار: في الطريق وفي حرَّان: ضَعُف لابان بُسنته

ونومه لأن الحلم غلبه ودحره: وأنى بإكليل نصر لذاك السهَّارة أجورَ يقظته.

8-لقد اختار قُرَّحا ً وأخفق: وغُلبَ عليه باتقائه النعاج الحور. لقد أصبح لابان تيسا ً

قارحا ً (أرقطا ً) في تقلباته فهو السحابة ُ المُجهضة: والدولاب المتردد المتقلِّب.

9-لقد لاحظ سيدُه جهدَه ومعاناته: وصمتَه حيال ظُلمه: ولا مبالاته عندما يُغلَبُ على

أمره: كلَّله بالظفر: لأنه كثَّف الصلاة إلى المجيب السامع.

10-الشيخ اليعازر الذي نزل وخطب أختَه: أغرقه بالخيرات لأنه تلمَّس مكره وعَرِف

ذاتَ صدرِه. ذلك لأن لابان كان متشحا ً بالدار ومتقمصا ً بمن سكن لديار.

11-فقد حمَّل عشرة جمال وأنى بالخيرات الوافرة: ليقنع كلَّ فم بأن وقت الحرية قد حان

(أو ربما تكون قد اشترى الحرية)، فقدَّم الرشاوى لِسَغبِ حران. بتقدماتِه وخيراته.

12-وذاك الشيخ ذو الوجه الكريم السافر: اختلسها بمعرفة ودراية. فمكتوب بأنه خلع

على والدها وأجزل العطاء لأُمِّها فبلابان طفَّح وأفاض: لأنه نزل منهم منزلة لسان

وكلمة.

13-لقد أتت العادة لتختصم مع صديق القضبان اللدنة الأعزل الذي يحمل عصاه إشارة

الصليون فقد طغى عليه وأغرقه بكل الحيل: لأنه مسكين نقي السريرة.

14-لقد أضلت به كمائنه في الحفل: وسط الأغنام. فما مدى صدق رجل لا إله له؟ وإن

كان قد أبغض بنات صُلبه فعلى من يلوي ويختلج قلبه بالرحمة يا ترى؟

15-لقد صدَّق الصافي وعود الغاش الكاذب: لأنه تستَّر باسم إبراهيم إذ خدع العريس

وأضله وسط حفلة عرسه.

16-وبما أنه كان يغرر بجنس إبراهيم: أمسى يعقوب مخبرا ً: في كوره كشف عن

معدنه النحاسي البخس (الحديث عن لابان لا عن يعقوب) وعُرف بتقلباته بأن كان

مناهضا ً ومبغضا ً لبيت اسحق.

17-لقد جاش وغلى ولم يخفِ شرَّه كي يبرز متشحا ً بأعمال الخير. زاعما ً بأن

الواجب والرابطة الاجتماعية تمنعه من ذلك: ليصبح مجردا ً عن الصلاح. وبذلك

أوضح بأن إرادته هي مغايرة لكل وفاق وصُلح.

18-أما يعقوب فلأنه كان من أبناء السلام: قبل بذلك الحل السلمي: واشترى التهم

الطمَّاع بوجبة كان يرتضي بها: فهمَّ العادل لنجدة الصديق ومن وجب له السجود:

اتفض لمعونة من خرَّ وسجد له.

19-وبما أن حُسِدَ بطريقة مقيتة: وبُغض دونما سبب أو علة. طورد واضطُهِد بأسلوب

مرعب: واظب الصلاة دون انقطاع: خَلٌص بطريقة عجيبة: سُرَّ وابتهج بهجة عارمة

20-لابان الذي لاحظ بأن كلما فعله كان مغايرا ً وعكسيا ً: حذا حذوَ يعقوب رجع عن

غيِّه: وامتثل للصلح (سيد الأحكام) وأقام عهدا ً معه: قبَّله وتركه وارتحل.

21-الصافي بكليته: نجا من ذاك –المُدَلَّح-المعكَّر بجملته. العادلُ فصلهم وإلى الأبد

فرَّقهم. رست الحثالة في الأعماق وطاف الصافي إلى علوِّه ورجع-كلٌّ لقاعدته

ومكانه-

22-أضرع إليك رباه بألا تصْنع بنا هكذا في زمننا. فإن كان الجذرُ المر: لا يرفض

الجذرَ الحلو ليتطعم به فمع كونهما مغايرين: فهما متوائمين متآلِفَين.

23-كم هو سهلٌ رباه على العناصر الحرة غير المقيَّدة: أن ترجع إلى وحدتها

وتواؤُمها: فمن سقط يبكي: ومن نهض وقام يساند ويثبت.

24-وإن كانت الحيوانات: التي هي من أولاد النسل الغريب: قد أحبَّت ذوي طبعها:

وارتضت بها: وأرضعتها وإن افترقت فصوتُها يُعرِبُ عن ألمها وانفعَالاتها.

25-لنكن رباه. أنا وأولادي (نصيبين على أولادها) متشبهين بالملائكة الذين يفرحون

بالتائبين فإن لم أكن حزينة ً: فأنا ملامة ٌ. لأني أُعَدُّ أمَّا ً نافرة وبلا رحمة في نظر

الملائكة.

26-ما أقرب صلة أحشائي بأولادي: أولاد صلبي وطبيعتي. وأبناء حقي من وقت لآخر

ينهشون أثمارهم: لأنهم أغضبوا الفلاح.

27-عزِّه-الفلاح-يا رب: لأن الصقيع والفيضان والغمر: حالو دون غرس النبتة الجديدة

مع غرسته. فقد ضرَّروا بالقديمة. وفي الجديدة أوقعوا فاجعة ً أليمة.

28-عزه (الأكار والفلاح) لأنه منذ البداية دبَّت الدودة في أرضه وزفتت السوسة

بمخازنه. فأفسدت ما هو في الداخل: والتهمت ما هو في الخارج.

29-بُخس حقُّه-الفلاح-في الاثنتين وأصبح صِفرَ اليدين: ليغتنِ بالاثنتين: فبارك الزرع

الخارجي: والمخازن الجوانية املأها من نعمك. وليفض تعليمُك بجديد وبقديم.

30-خرج الراعي الجديد: وبوغت بالأعاصير والغيم الكثيف من جديد. فتشوش الرعاةُ

وأحبوا الذئاب إذ خالوا بأن الراعي هو أيضا ً من جنس الذئب السرحان الضاري.

31-لتستوِ بنورك بصائر وعقول الرعاة الذين سَمُجَت أبصارُهم واكفهرَّت بظلامٍ دامس

وليرجعوا إلى الراعي الحق ويرعون خرافَه.

32-ولئن تواءَمت وتآلفت الكباش مع الذئاب في الفلك: استضرى الخروف ونطح أخاه.

فانتهر ربَّاه الشيطان الذي أحال الخراف الوادعة: إلى ذئاب رهيبة ومخيفة-ضارية-

33-أنَّى لذاك راعي الخراف أن يحوِّل الذئاب: أنى للفلاح أن يحوِّل الزوَان إلى بُرٍّ

خالص.

34-إنها فرصة مواتية أمام الكهنة ليغيِّروا الذئاب إلى جانب الزؤان فهم يجهدون    بالذئاب لتصبح حملانا ً وبالأشواك لتمسي زرعا ً حقيقياً.

35-أيِّد ربَّاه الفلاح وأعنه ليزيِّن الأرض الظامئة بمجارٍ غزيرة. وريحان-آس-عَطِرٍ

وبسروٍ باسقٍ: وسنديانٍ ناطق: وأرزٍ مجيد.

36-فتصبح بأغصانها مأوىً وقيلولة ً للطير المنهَك الذي قدم من مسافات بعيدة ليُرتِّل   لك داوودا ً بألحان: ومجدا ً بأنغام.

37-وأنا الخائر الكابي قد هاض مني الجنحُ وثَقُل ومَن قاعس فمَه وقلَّصهُ عن السهر

والتسبيح: ليطلب لأجلي السهَّارون بقيثاراتهم والأعفَّاء المحتشمين بكناراتهم.

 

 

 

-28-على وزن ما تقدَّم.

 

1-لم تكن رفقة شبيهة بأخيها لابان: لما كانت عليه من حكمة وسريرة نقية: ولما كان

هو عليه من الخدعة النكراء. فبخديعته خلصت ونجت رفقا: وبحكمتها ضلَّ لابان

وتاه.

أغنية: أو ردَّة: أمجادٌ لمن لا يخفاه شيءٌ.

2-ذات السريرة النقية (رفقة) التي تبعت الشيخ الذي استاقها. ذو السموّ العالي: لما رأى

بأنها تذكر إبراهيم: أرسل وخطبها وأدخلها إلى ميراثه.

3-خرجت حبة الحنطة من بين الأشواك والزؤان: ومن قصور الأحناف والوثنيين: إلى

منازل الصالحين.

4-سيِّدُهم خفي وماكر-أو-معلمهم باطنيٌّ محتال: وهم تعلموا مهنته ونجسوا على منوال

حيلته: لأنه تعب بهم كثيرا ً: لينتظموا بحزبه. ويصبحوا آنية وتبَّعا ً له.

5-فهم بمفهومهم قادرون أن يستشفوا ويكنهوا مفهومه إذ أن ليَّا أيضا ًلم نَمتُّ بصلةِ

شبهٍ إلى راحيك: والصنم أيضا ً لم يقترب بصلة قرابة وشبه إلى الله.

6-فإن كانت الأخت غير شبيهة بأختها مع كونها من طبعها ومن جنسها فكم بالحري

الغريبة: الظلالة: التي تكنَّت ودعيت باسم الله.

7-ومع أنهم خدعوا يعقوب: تنازل الصديق وملك الأرض التي أعطوه فأودعها بذاره

داخلها مخافة ألا يبقى بذاره بأرض الزؤان.

8-هو البر الذي لم يخضع حقُّه للكفر وقدسيَّته للنجاسة أبدا ً. وأبى ذَيلُه أن يتَّسخ وحُلَّته

أن تلَطَّخ.

9-رفقا تدرَّعت بمهنته وخرجت للقائه وبمكيدته وقعت معه في المعركة وبذات السلاح

الذي صاغه: رجعت وتقلدته وقهرته.

10-ومع أن عيسو كان ابنها البكر فقد عرفت بأنه كان مغايرا ً لنسل الأبناء الشرعيين

الحقيقيين. ما يفي بأنه كان يمتُّ بصلةِ شبه إلى حرَّان بتصرفاته وتدابيره.

11-لقد حل معلم الحرَّانين في عيسو فتنكَّرت (خدعت) ودحرت من عَلَّم بني آدم أن

يمارسوا فعلة شيء بديلا ً عن شيء آخر.

12-فدعت يعقوب الوديع ونكرته غشا ً وألبسته جلودا ً: حافظة سر الشيطان كي يُدحَرَ

بكليته في جميعها.

13-فقد غشته وجرَّدته من كنز البركات. قصَّفَتهُ وحردته كيلا يبقى نزرا ً (ذرة ً) عليها

لابن اليسار لتتسرَّبَ إليه.

14-وبذات الأسلوب الذي نضحته من البركان: أوفدت الوادع: إناء الصفاء. نزل إلى

حرَّان كسحها وجرَّدها ليُفقِرها ويذلها.

15-لقد تغلبت رفقا على المخادع الغاش فوقا ً وتحت-أي في الأعلى وفي الأسفل-فبغشّه

غشَّته وتغلبت عليه بالبركات. انتصرت عليه بالحداثة التي أحضرها لأتباعه.

16-وأوفدت الصياد وأطال المكوث وصاد الصبيتين: مثالا ً للمجالس التي تفتقر إلى

طول الأناة وبها تنفع الاثنتان.

 

 

 

-29-على وزن ما تقدَّم.

 

1-عصفت روح الضلال والطغيان: وأنبتت في حرَّان معقل الأبالسة أشواك الوثنية

وزؤانها وعوسجها فارتوت وسكرت بالتقدمات والأضاحي.

أغنية: ردَّة: بك أولادي يَفِدون.

2-لقد أنيت آدم الأشواك في الأرض لأنه تجاوز الوصية بمحض إرادته هو: أما

الأحساك فبإرادتها هي نبتت وترعرعت في حرَّان.

3-من أجل بني البشر: نزل الفلاح إلى الأرض لأن ساكنوها استحالوا إلى شوك

وأحساك: ليصيروا حنطة ً وحَبِّ بُرٍّ خالص. أشواكٌ ظفرت أشواكا ً لرأس المزارع

الفلاح.

4-لم يُهدَر زرع ذلك المثل الذي مثله: بأن الأشواك ترجع لتصير وردا ً وسوسنا ً

إكليلا ً للمزارع الفلاح: الذي عانى من إكليل الشوك.

5-لتصبح الأشواك حنطة بنعمتك: أمام ذاك الفلاح الذي نعب ودئب في حران

ولتستحيل إلى سروٍ وريحان وبراعم: إكليلا ً لمجاهدك البطل.

6-راعيك يا ربي يشبهك في جميع المجالات. فكما شابه عارُه اتضاعك ليشابهك

بعظمتك: كي يَعظُم على سدَّته.

7-لِيَمُدَّ ممهدا ً طريق المصالحة والتسوية ومسالك الأفراح من الرها إلى قلب حران

يمشون من كنيسة إلى أخرى بكل وئام واتفاق.

8-ومن الرها ينزل الشيخ ويزور متفقدا ً حران. الابنة التي رباها. وابن الرها ينزل

ويزور أمَّه ويعود إلى خطيبته حران.

9-إملأ بنعمتك الشق الذي سببه الشرير. فقد شق شقا ً كبيرا ً. ليفصل الجانبين الاثنين

إلقه في جُرفه (شقه) وقدَّ جسر عبور فوقه.

10-لتشكرك على آلائك. لأنك استصلحت الطريق ومهدتها أمام الجموع الوافدين

لمهرجان العيد: ومن وفدوا بسهولة يرفعون لك الشكران بغزارة وسخاء.

11-وبالأصالة عنهم يهتف لك يعقوب واسحق وإبراهيم ثناء ً بامتنان فإن كانت

أسماؤهم قد أعانت الساجدين للعجل: فكم بالحري شعبنا الذي يقطن الفدان تغمره

الفرحة: لمجرَّد ذكرهم العطر العبَّاق.

12-وكما بخميرة إبراهيم سيق الآباء حملة ً إلى حرَّان. هكذا بخميرة الرسل ساق وأنى

برسل من أبناء حزبه ومؤيديه.

13-لقد وَفد على مكاننا الأنبياء بواسطة عظام يوحنا التي بعضها مودعٌ في أرضنا.

بكوريَّه وشموني وبصديقهما حبيب قَدِمَ الشهداء لتفَقُّدِ خواطِرِنا.

 

 

 

-30- على وزن: عروسة الملك.

 

1-لقد قدم إبراهيم الطبيب ليعودَها: لأنها مريضة ً مدنفة. جسَّها وعاينها وتعجب.

وأُرجع إلى أرض كنعان ووصل أرض مصر. فقد عاد الجسمَ كلَّه وزاره ونزل

وداوى وضمَّد بكلمة الحق. فإن لم يكن إبراهيم كفوءا ً لك يا حران فمن هو الذي

يقدر أن يداويك. تلك هي حرَّان التي نعمت بعلتها وراق لها مكروهُها.

أغنية: أو ردَّة: تبارك من لم يترك الإنسانية أبدا ً لأنه كثَّف عدد مفتقديها وعائديها.

2-الطبيب يعقوب الشهير بين الأطباء: قَدِمَ إلى حران ليكشف عليها[6]. جسَّها خلَّاها

وتركها من دون أن يعتني بها. عشرون حولا ً. وهو يهذبها ويطوِّعها ولأنه لاحظ

بأنها جُنَّت وضمرت له الشر: أعرض عنها وارتحل. مياهُك مرَّة يا حرَّان: وطعم

بنيك طعم صبرٍ وعلقم. بالصليب اقتن طعما ً حلوا ً يا حرَّان.

3-بابل هي جارة ذلك البناء الذي عورض بناؤوه. مصر جارة السدوميين. أما أنت يا

حرَّان فموقعك هو بجوار أورفليس المجيدة (الرها) الحسناء. أيتها الابنة تشبهي

بأمِّك التي تقوم مقام الملح من المعمورة واستصلحي طعم عقلك بنكهة مبادئها

وتعليمها.

4-من ينظر في المرآة يزدان بها للحال. أنت يا حرَّان القذرة مرآتًك القابعَة أمامك

لترضي المسيح. انظري إليها واسُني بها لتصبح عونا ً لك أو ربما سبب عارٍ لك

وافتضاح.

5-لقد لاحظوا مصرَ المريضة وقد تعافت بالطبيب المطلق. وبحران وقد تفشى داء

الوثنية الخبيث (سَلطان الوثنية) وما أن امتثلت للشفاء: فلا يستأمن شفاؤها منه لأنه

لا بُد يُنكي بشتى الأسباب وضربته لا محالة قاضية. بابل وحرَّان ومصر المدن

الثلاث انقسمت ولبست الأسماء الثلاثية.

6-كم شابه العالم ذاك التمثال الكبير: الذي رآه الطاغية. رأسُه بابل. أرض اليهود

حَقويه: ووقعت منه مصر موقع القدمين والساقين. جسمٌ كبير تعب به كبار

النطاسيين. والصالح بتدابيره وأعماله مده وبسطه للعيادة كطبيب كبير إلى جميع

الجهات والأمصار.

7-ومثل إبراهيم الطبيب الذي باشر بمداواته من الرأس نازلا ً إلى الأسفل. هكذا

موسى داواه من جهة الأرجل يا له من مريض اكتنفه أطباؤه من كل جهاته: وراقت

له سقطتُه في مرضه أكثر من استشفائه. تبارك من لم يترك الإنسانية أبدا ً. بل

كثَّف معوناتها على مد الحقب والعصور.

8-لقد عالج يوسف الصديق أرضَ مصر كمن عالج الأعقاب الدَنفة. والأنبياء عالجوا صهيون كمن عالج القلب منها هكذا دانيال طوَّع بابل وزيَّن منها الرأس الذي اشترس

وجُنَّ جنونه في البرية ومن ثمة شفي وقدَّم الشكران. مصر الطيبة الشهيرة بأمزجتها

وأدويتها قست عليها أسقامُها وآلامها وذلك كان بمحض إرادتها.

9-مثلما يشتكي الجسم من المرض هكذا الكون كله شكى من داء الضلالة. أكبَّ عائدوه

الأطباء المصيَّتون والحُّوا في شفائه من مرضه النفسي الخفي-ما عناه الروحي-

لينهض ويثني على الطبيب الذي لوى عليه وغمره بحبه وحنانه. المجد لمن جَوَل

الأولياء الصالحين في كل جهة ليتفقد أمور المعمورة المريضة الدنفة ويعودوها

باستمرار.

10-لم يكن بوسع الأطباء أن يشفوا العالمَ بكل ما أُوتُوا من أدوية وعقاقير. رمقه

بالتحنان الطبيب الذي لا تستعصي عليه معضلاتُ الأمراض. شَرح من جسد

شريحة ً ووضعها على آلامه وداوى وباءنا ومرضنا بجسده ودمه: ودَمل ضربتنا:

المجد لدواء الحياة الذي قوي على الداء وداوى أوجاع النفس بتعليمه ومبادئه.

11-يسوع هو طبيبنا وكما به وجدنا منذ البدء: هكذا به تعافينا وهو الإله الذي يكنه

طبيعة آلام النفس. وهو الخالق وهو الآسي. وهو الطبيب وهو الدواء الناجح. المجد

لمن خلق من العدم شيئا ً لم يكن. وما أن أخطأ وسقط أنهضه وأقامه.

12-أطباء هذا العالم يصحب علاجهم ألمٌ وانفعال: ويدهم مرهوبة الجانب عند ذوي

العاهات والآلام. وتنقُّل يدِك يا ربي ومرورُها على بلوانا لهو محببٌ لدينا وعزيز.

وأنامِلُكَ ربي هي لمسة ُ المراحم والتحنان. تبارك الذي من هدب ردائه المبارك

اللَّدُن خرجت قوَّةٌ أعملت شفاء ً بهدوء وسلام.

13-أيها الصالح الذي كدَّ وانهمك في العالم ليصبح جسما ً سليما ً معافى ً على الإطلاق.

لا تهمل رباه بحق رحمتك عضوا ً واحدا ً ضعيفا ً. لينتظم رباه بجسم الأولياء

الصالحين. وليكن تصنيفه بمعيتهم وإلى الأبد. فيا أيها الصالح الذي أعاد تركيب

الأذن المقطوعة: لا تقتطعني منك لأني أغضتك وأغضبت

 


[1] ولربما عنى النمر المنقَّط الذي يحوي جلده كلَّ الألوان. والله أعلم.

[2] لقد شرحت في مكان آخر معنى الشبرق: الشبريق هو نوع من الأشجار الشوكية تستعمل سياجا ً ما بين تخم وآخر وحقل وهذه الكلمة بقيت مستعملة حتى الآن في مناطق صدد ونواحيها.

[3] ربما عنى هنا الرشد

[4] الرجيع هو الحثالة المرة التي تبقى في آخر تبقى في آخر الزق من الخمر وفي آخر الخابية والدن النح فهو رجيع مرٌّ كالعلقم. فرجيع الحرية هو أقوى بكثير من حدة سم الأفعوان وهو في حدته وقوَّته

[5] ببساطة تعني وأضاف. وضعتها في الترجمة وعاد لتبقى محافظة على المعنى الاستمراري أو الفعل المستمر أي أن موسى كفأها عشر مرات وعاد دانيال أي استمر في العمل الذي قام به موسى في مصر في بابل فتُرجَى الملاحظة.

[6] الكشفية الطبية