Skip to content Skip to footer

لقاء اللجنة الدولية الخامس عشر-2018

تقرير اللجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي
بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية

إتشميادزين – أرمينيا، 29 كانون الثاني – 5 شباط 2018

في الفترة الواقعة بين 29 كانون الثاني و5 شباط 2018، عُقد في أتشميازين – أرمينيا اللقاء الخامس عشر للّجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتيّ بين الكنيسة الكاثوليكيّة والكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة، برئاسة نيافة الكاردينال كورت كوخ عن العائلة الكاثوليكيّة ونيافة الأنبا بيشوي ميتروبوليت دمياط عن العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة. وقد مثّل كنيسة أنطاكية السريانيّة الأرثوذكسيّة في هذا الاجتماع نيافة المطران مار ثاوفيلوس جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس وغاب عنه نيافة المطران مار ثاوفيلوس قرياقوس، مطران الإكليريكيّة اللاهوتيّة ورئيس مكتب العلاقات المسكونيّة في الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة الملنكاريّة، في الهند.

واستكمالاً لعمل اللجنة على الأسرار المسيحية، واصل المجتمعون نقاشهم في موضوع التوبة/المصالحة ومسحة المرضى والكهنوت. وقد قدّم نيافة المطران ثاوفيلوس قرياقس بحثًا تُلِي في غيابه عن “سر الاعتراف: أبعاده التاريخية والرعوية والليتوجية في التقليد السرياني الغربي”.

أخيرًا، تمّ تحديد موعد اللقاء القادم من 27 كانون الثاني إلى 2 شباط 2019، في روما، بضيافة المجمع الحبري لتعزيز الوحدة المسيحية.

في الجلسة الافتتاحية، رحّب الحاضرون بتعزيز العلاقات بين أطراف الحوار من خلال تبادل الزيارات المسكونية، ومنها زيارة صاحب القداسة ماتياس الأوّل إلى روما (26-29 شباط 2016) واستقباله من قبل قداسة البابا فرنسيس؛ الزيارة الرسولية التي قام بها قداسة الحبر الروماني إلى أرمينيا (24-26 حزيران 2016)؛ والجمعية العمومية لمجلس كنائس الشرق الأوسط في عمّان (6-8 أيلول 2016). وناقش الحاضرون أيضًا وضع المسيحيّين في الشرق الأوسط.

واستكمالاً لعمل اللجنة على أسرار التنشئة المسيحية، واصل المجتمعون في هذا الحوار نقاشهم في موضوع الإفخارستيا. وقد قدّم ممثّلا الكنيسة السريانية بحثَين عن سرّ القربان المقدّس بحسب التقليد السرياني.

تطرّقت الأبحاث إلى الأبعاد التاريخية واللاهوتية والكنسيّة للإفخارستيا، بحسب ممارستها في شتّى الكنائس. وسُلِّط الضوء على التراث المشترك بين مختلف الكنائس الرسوليّة، والذي يتألّف من نصوص ليتورجية قديمة رَسَمَتْ لاهوت الإفخارستيا وممارستها للأجيال اللاحقة، ولو أنّ كلّ كنيسة طوّرت هذه النصوص ووسّعتها بحسب تقاليدها الخاصّة. وتمّتْ مناقشة شؤون رعوية ذات صلة بأمور الرعايا في المهجر وتحدّيات العولمة ومخاطبة الأجيال الشابّة ومواءمة الليتورجيات التقليدية مع تطوّر الحياة الرعوية. وأكّدت النقاشات على الفهم الواحد لعقيدة الإفخارستيا، بما في ذلك فكرة أنّ جميع عناصر الأنافورة ضروريّة لتقديس القربان. واتّفق المجتمعون على أنّ الاختلافات في بعض الممارسات الطقسيّة (كوجود أنافورات متعدّدة، أو استخدام الخمير أو الفطير)، لا تُعدّ اختلافات جوهرية في العقيدة.

عصر يوم الأربعاء، 25 كانون الثاني، حضر أعضاء اللجنة صلاة الغروب التي ترأّسها قداسة البابا فرنسيس بمناسبة اختتام أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، في بازيليك القديس بولس خارج الأسوار في روما. ورحّب قداسته في كلمته بالمشاركين في الحوار وسأل في خطبته: “كيف نعلن إنجيل المصالحة هذا بعد قرون من الانقسامات؟ يساعدنا القدّيس بولس بنفسه لنجد الطريق. فهو يشدّد على أنّ المصالحة في المسيح لا يمكن أن تتمّ بدون تضحية، فيسوع قد بذل حياته ومات من أجل الجميع. بالطريقة عينها يُدعى سُفراء المصالحة، باسمه، ليبذلوا حياتهم فلا يحيوا لأنفسهم وإنما للذي مات وقام من أجلهم (راجع 2كو 14:5-15)، تمامًا كما يعلّمنا يسوع أنّنا عندما نفقد حياتنا في سبيله نربحها فعلاً (راجع لو 24:9). إنها الثورة التي عاشها بولس ولكنّها أيضًا الثورة المسيحيّة: ألاّ نحيا من أجل أنفسنا ومصالحنا وإنّما على صورة المسيح ومن أجله وبحسب تعاليمه، بمحبّته وفي محبّته.” وأضاف الحبر الروماني: “يمكن للمصالحة الحقيقيّة بين المسيحيين أن تتحقّق عندما نعترف بمواهب بعضنا البعض ونصبح قادرين، بتواضع ووداعة، من التعلّم من بعضنا البعض.”

ومساء يوم الجمعة 27 كانون الثاني، استقبل قداسة البابا فرنسيس أعضاء اللجنة في لقاء خاصّ. وتوجّه نيافة الأنبا بيشوي إلى قداسته شاكرًا له كرم الضيافة وشارحًا عن عمل اللجنة: “نثمّن اهتمام قداستكم وجهودكم الحثيثة للحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط وهو قد تعرّض لصعوبات جمّة في السنوات العشرة الأخيرة. لدينا هواجس بشأن الهجرة القسرية والنزوح واختطاف الإكليروس والعلمانيّين وقتل أعدادٍ من المسيحيّين في أرض المسيحية التاريخية. نحن واثقون بأنّ قداستكم ستسمرّون في العمل من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط.”

وفي جوابه، حثّ قداسة البابا فرنسيس أعضاء اللجنة على مواصلة جهودهم “لتسهيل الطريق نحو اليوم المنشود الذي فيه ستكون لنا نعمة الاحتفال بذبيحة الرب على مذبح واحد، كعلامةٍ على الشركة الكنسيّة المستعادة بشكلٍ تامٍ.” وعقّب قداسته على موضوع القلق على المسيحيين في الشرق الأوسط، قائلاً: “كثيرون منكم ينتمون إلى كنائس تشهد يوميًّا على تنامي العنف والأعمال الوحشية التي يرتكبها التطرّف الأصولي… يكتب مار بولس: إذا تألّم عضوٌ تألّمتْ معه سائرُ الأعضاء (1كو 26:12). فآلامكم هي آلامنا. أضمّ صلاتي إلى صلاتكم من أجل نهاية الصراع ولكي يكون الله قريبًا من جميع الذين يعانون الأمرّين، لا سيّما الأطفال والمرضى والمسنّين. وبشكلٍ خاصّ، فإنّ قلبي مع الأساقفة والكهنة والمكرّسين والمكرّسات والمؤمنين المختطفين، الأسرى أو المستعبدين… فكما كان دم الشهداء في بداية الكنيسة بذار المسيحية الناشئة، كذلك اليوم ليكن دمُ هذا الكمّ من الشهداء بذارًا للوحدة بين المؤمنين، وعلامةً ووسيلةً للشركة والسلام المنشود في مستقبل قريب.”

أخيرًا، تمّ تحديد موعد اللقاء القادم الذي تقرّر أن يُعقَد من 29 كانون الثاني إلى 3 شباط 2018، في أشميازين المقدّسة، بضيافة الكنيسة الأرمنيّة الرسوليّة.

شارك في الحوار ممثّلون عن جميع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية (القبطية الأرثوذكسية، السريانية الأرثوذكسية، الأرمنية الأرثوذكسية بفرعيها، الحبشية الأرثوذكسية، السريانية الملنكارية الأرثوذكسية)، باستثناء الكنيسة الإريترية الأرثوذكسية. ومثّل كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية، نيافة مار ثاوفيلوس جورج صليبا، مطران جبل لبنان وطرابلس، ومار ثاوفيلوس قرياقس مطران الإكليريكية اللاهوتية الملنكارية في الهند.

بدأ اللقاء بزيارة قداسة البابا تواضروس الثاني في دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، حيث تحدّث قداسته عن الوضع الحالي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية مشدّدًا على أهمية الحوار بين الكنائس الشقيقة ونبذ الخلافات.

وفي اليوم التالي اجتمعت كل عائلة منفردة. ثم من الثاني إلى الخامس من شباط، التقى ممثّلو الكنائس من الطرفين وعرضوا مستجدّات العلاقات بين العائلتين، وتباحثوا في أسرار التنشئة المسيحية لا سيّما في الأساس الكتابي والآبائي للمعمودية، وفي العلاقة بين الكنيسة والأسرار، وفي خلاص غير المعمّدين.

وقد تقرّر أن يُعقَد اللقاء القادم في روما من 21-28 كانون الثاني 2017، بضيافة المجمع الحبري لتعزيز الوحدة المسيحية.

في الجلسة الافتتاحية، نوّه الكاردينال كوخ بزيارة قداسة الكاثوليكوس مار كاراكين الثاني، كاثوليكوس عموم الأرمن للبابا فرنسيس في روما في الثامن من أيار 2014، وبزيارة قداسة الكاثوليكوس مار آرام الأول، كاثوليكوس بيت كيليكيا، لقداسة البابا الروماني، في الخامس من حزيران 2014. وأعرب نيافته عن حزنه العميق لرحيل المثلث الرحمة قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول، بطريرك وأنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، في الحادي والعشرين من شهر آذار 2014. وذَكر نيافة الكاردينال حضورَه ممثّلاً عن قداسة البابا فرنسيس، حفلَ تنصيب قداسة البطريرك السرياني الجديد مار إغناطيوس أفرام الثاني، في 29 أيار، في سوريا، وتوجّه إليه مجددًا بالتهاني الأخوية الصادقة. فردّ نيافة الأنبا بيشوي بشكر الكاردينال على استضافته للّقاء وتحدّث بإيحاز عن المئوية الأولى لمجازر الإبادة الأرمنية والسريانية التي يُحتفل بها هذا العام.

أمّا عن نتائج اللقاء، فصادق المجتمعون على الوثيقة الثانية الصادرة عن حوارهم اللاهوتي، التي ستُعرَض على السلطات المختصّة في كل كنيسة للنظر فيها وإجراء ما يلزم. عنوان الوثيقة هو “ممارسة الشركة في حياة الكنيسة الأولى وتأثيرها على سعينا نحو الشركة اليوم”. تبحث الوثيقة المؤلّفة من أربع وسبعين فقرة، في طبيعة العلاقات التي سادت بين مختلف الكنائس قبل انشقاق القرن الخامس. وتُبيِّن أن التعبير عن الشركة الكاملة كان يتجلّى بأشكالٍ مختلفة من العلاقات المرتكزة جميعها على القناعة الراسخة بأن سائر الكنائس تشترك في الإيمان الواحد. وتظهر هذه التعابير المتنوّعة عن الشركة من خلال: 1- تبادل الرسائل والزيارات (الرسمية وغير الرسمية) التي تخطّت حدود الإمبراطورية الرومانية؛ 2- المجامع التي عُقدت لحلّ المشاكل اللاهوتية والإدارية؛ 3- الصلاة والطقوس المتشابهة؛ 4- الاشتراك في تكريم الشهداء والقديسين المشتركين؛ 5- نموّ الرهبنة وانتشارها بين سائر الكنائس؛ 6- رحلات الحجّ إلى مزارات الكنائس المختلفة.

ولاحظ المجتمعون في ختام الوثيقة أنّ الكثير من العلاقات التي كانت قائمة بين الكنائس في القرون الأولى استمرّت إلى يومنا الحاضر على الرغم من الانقسامات، وبعضها أُعيد إحياؤه مؤخّرًا. فعلى ضوء هذه التطورات، قرّر المجتمعون أن يبحثوا بانفتاح وإيجابية المسائل اللاهوتية والعملية التي ما زالت عالقة، ليحدّدوا إلى أي درجة يمكن القبول بهذه الاختلافات واعتبارها مشروعةً وأنّها لا تغيّر شيئًا في جوهر الإيمان. هذا ما سيُبحث في اللقاءات القادمة التي ستتركّز حول أسرار التنشئة المسيحية، حيث سيناقش المجتمعون ما إذا كانت إعادة ترميم الأشكال المختلفة للشركة التي كانت قائمة في الكنيسة في القرون الخمسة الأولى، تكفي لإعادة الشركة الأسرارية الكاملة اليوم. في هذا الإطار، سيتمّ التطرّق حتمًا إلى مسألة أسقف روما ومكانته في الشركة المرجوّة.

وظهر يوم الجمعة 30 كانون الثاني، استقبل البابا فرنسيس أعضاء اللجنة المشتركة، ومن جملة ما قاله صاحب القداسة: “أذكر بتقديرٍ عميقٍ الالتزامَ والحماسَ الملهمَ للحوار، لدى المثلث الرحمة قداسة مار إغناطيوس زكا عيواص، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، الذي انتقل العام الماضي. فمعكم، أضمّ صلواتي إلى صلوات إكليروسه والمؤمنين في كنيسته، من أجل الراحة الأبدية لخادم الله الأمين. في هذه الأوقات، نشعر بالهول والحزن العميق لما يحدث في الشرق الأوسط، لا سيما في العراق وسوريا. أفكّر بجميع سكّان المنطقة، بما فيهم إخوتنا وأخواتنا المسيحيين وسائر الأقليات الذين يعانون من آثار صراعٍ أليم وطويل الأمد. وأضمّ صلاتي إلى صلاتكم من أجل إيجاد حلّ سلمي للأزمة ومن أجل استمطار رحمة الله ورأفته على جميع من أصابتهم هذه المأساة.”

في النهاية، تمّ تحديد موعد اللقاء القادم الذي سيُعقَد من 30 كانون الثاني إلى 6 شباط 2016، في القاهرة، بضيافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

جميع الحقوق محفوظة لموقع دائرة الدراسات السريانية ©