البطريرك ديونيسيوس التلمحري

البطريرك ديونيسيوس التلمحري

 

تمهيد:

هذه صفحة مشرقة من صفحات تاريخنا المجيد، تتضمّن معلومات قيّمة عن الحياة الاجتماعية والدينية في القرن التاسع للميلاد كتبها بالسريانية العلامة الكبير المفريان ابن العبري (1286+) في الجزء الأول من التاريخ الكنسي[1] في معرض ترجمته لرجل عظيم هو البطريرك مار ديونيسيوس الأول التلمحري (845+) الذي خدم وطنه وكنيسته بإخلاص وتفان، رأيت أن أنقلها إلى العربية معلقاً عليها.

تحدّر البطريرك ديونيسيوس من بيت رهاوي عريق، ونشأ في بلدة تلمحرة[2]. ودرس وترهّب في دير قنسرين[3]، ورسم بطريركاً للكرسي الرسولي الأنطاكي سنة 818م واشتهر بعلمه وحسن إدارته، فصرّف الأمور بحكمة، ونال حظوة لدى الرؤساء السياسيين وفي مقدمتهم الخليفة المأمون الذي اصطحبه إلى مصر وانتدبه للقيام بمهمة سياسية هناك كما سترى. وكانت الكنيسة السريانية عصرئذ تزهو بالعلماء الأجلاء الذين زيّنوا جيدها بعقد فنون العلوم الدينية والمدنية، وكان المترجم أحدهم. فقد وضع بالسريانية تاريخاً عاماً من سنة 583 حتى سنة 843م بمجلدين. عرف البطريرك العلامة مار ميخائيل الكبير (1199+) أهميته فلخّصه، وضمّه إلى تاريخه الشهير، وفقد الأصل، وبقي المختصر. وقد نحله السمعاني خطأ تاريخاً وضعه راهب من دير زوقنين سنة 775م[4].

وقد عقد مار ديونيسيوس مجامع كنسيّة في الرقة عام 818م ودير أسفولس عام 828م وتكريت عام 834م وسنّ قوانين بيعية مهمة[5] تدلّ على تعمّقه بالفقه البيعي علاوة على تبحره بعلوم الفلسفة، واللاهوت، والتاريخ.

فدونك أيها القارئ الكريم ترجمة البطريرك ديونيسيوس التلمحري، بقلم العلامة ابن العبري، نقلتها عن السريانية وحاولت جهدي أن تكون قريبة من النص وعلّقت عليها لفائدتك.

(المعرّب)

 

تعريب النص السرياني والتعليق عليه:

(على أثر وفاة البطريرك قرياقس (817 +) اجتمع الجبّيون[6] مع القورسيين[7] وجاءوا إلى إبراهيم الذي كان قد أقيم عليهم بطريركاً دخيلاً، وقالوا له: حتى متى نبقى منفصلين عن الكنيسة ومحرومين؟ منذ أمد بعيد مات البطريرك الذي سعى مجتهداً لرفع عبارة (لنكسر الخبز السماوي) من كتاب خدمة القداس[8] العبارة التي من أجلها انفصلنا عن الكنيسة والآن نريد أن نتّحد بالكنيسة ثانية. فأجاب إبراهيم الدخيل محتالاً: «إنني حقاً قاسيت من أجلكم، واحتملت الذلّ والحقارة. فدعونا الآن نبقَ على ما نحن عليه، إلى أن يقام رئيس للأساقفة، فإذا أقام الأساقفة رئيساً لهم يتلفّظ بعبارة «لنكسر الخبز السماوي» ولو مرة واحدة، أكون محروماً ما لم أتخلَّ عن هذه الرئاسة وألجأ إلى السكينة». قال ذلك ظناً منه أن الأساقفة خوفاً من جماعة مساعديه المؤذين، يقيمونه رئيساً عليهم. وهكذا لزم الهدوء طيلة تلك السنة مطمئناً معتمداً على هذه الوسوسة.

أما الأساقفة فتداعوا واجتمعوا في الرقة في شهر حزيران سنة 818م وكان عددهم خمسة وأربعين أسقفاً[9]. وجاء ابراهيم وزمرة رهبانه (إلى الرقة) ونزلوا في فندق، مثيرين السجس من أجل عبارة «لنكسر الخبز السماوي». في الوقت الذي كان الأساقفة قد أجمعوا على أن من يرغب في أن ينطق بتلك العبارة فلا يمنعونه، ومن لا يرغب في قولها فلا يضطرونه إلى ذلك.

وأفلح الأساقفة بمصالحة المفريان باسيليوس مع المتاويين[10] ثم انتصب أحد الشيوخ في وسط المجمع وقال: «أما الآن وقد سمعنا هذه الأمور وقبلناها، فيجب علينا أن نبدأ بالأمر الذي هو باب كل الخيرات، (ألا وهو انتخاب البطريرك الجديد) فلنفرض على أنفسنا صوماً مدة ثلاثة أيام مواظبين على الصلاة، ليعدّ اللّـه لكنيسته الشخص الذي يعرفه تعالى أنه سيرعاها بالنقاء والقداسة، فحسن رأي الشيخ لدى الحاضرين، وصاموا ثلاثة أيام وصلّوا. ثم جلسوا، كل بحسب درجته، وأذنوا بعضهم لبعض لإبداء الرأي. فقال العديد منهم أنه ليس في ديورتهم من يليق بهذه الرتبة. وذكر آخرون أسماء أشخاص مشهورين مثل الملفان[11] اوتونوس وأخيراً انتصب الأسقف ثاودورس من دير مار يعقوب في كيسوم[12] وقال: «أستأذنكم أيها الآباء بالكلام، لقد جاء إلى ديرنا راهب من دير مار يوحنا بن أفتونيا وهو دير قنسرين، وأقام عندنا سنتين. وفحصناه فرأيناه أهلاً للرتبة» فلما قال هذا انفتح باب الحديث لأساقفة آخرين فأثبتوا رأيه فاتفقوا، وكتبوا كتاب الرضى ووقّع عليه بخطوطهم أولاً باسيليوس مفريان تكريت، ثم برحذبشابو أسقف المرج، فيوحنا أسقف مرعش، فأنسطاس أسقف دمشق. ثم بقية الأساقفة الواحد تلو الآخر.

يقول البطريرك ديونيسيوس في تاريخه: «إلى هنا أسجّل محققاً حوادث التاريخ بجرأة تامة. ولم أمدح من لا يستحق المدح محابياً، ولم أذمّ من لا يستحق الذم مرائياً. أما الآن فكنت أود أن يتناول هذه المهمة مؤرّخ آخر فيعلن أخطائي، ويمدح في أعمال الاستقامة إن استحققت المدح. لا أن أفعل أنا ذلك. وحيث أنه لا يوجد أحد سواي خبير بأموري مثلي، لذلك أتغاضى عن المدح، لئلا اتهم بأنني أكرم نفسي أمام ذويَّ، في الوقت الذي أعترف بضعفي وعدم جدارتي. فقد كنت عاجزاً قاصراً. وإنني لمستغرب جداً كيف أفحم الآباء الأساقفة الأطهار عندما رشحت لهذه الرتبة، ولا أقول أنهم ضلّوا وغشّوا بحسن ظنهم بي، ولكن كبسطاء القلب وسليمي النية. أخذوا على حين غرّة بشهرة حزتها من الخارج.

ولما كان رهبان دير قنسرين يومذاك مبدّدين، فقد كنت أقيم في دير مار يعقوب. فأرسل الآباء إلى هناك راهبين جبارين اصطاداني وشدّدا عليّ الحراسة. وكأنني فاعل إثم. حتى جاء الأساقفة الذين ظهروا لي أنهم أكثر قسوة (من الراهبين) بل بدون رحمة. حيث جروني إلى وسط المجمع وأنا أرفض ذلك معلناً ضعفي وعدم جدارتي، باكياً مبتهلاً إليهم ليتركوني وشأني ولكنهم وثبوا عليّ محاصرين إياي عنوة. حتى أنهم لم يترددوا أخيراً من أن يقوموا عن كراسيهم ويخرّوا راكعين أمام ضعفي، وإذ صعب الأمر عليّ كنت أصرخ قائلاً: إن الكهنوت ليس لضعيف وشقي مثلي، بل هو لسائر من ارتقوا إلى أوج الفضيلة، والكمال. (وهنا لم أستطع البقاء على عنادي). فلو مكثت في حال عدم الخضوع والطاعة، لوقعت في خطر العصيان أيضاً. لذلك ففي يوم الجمعة ساموني شماساً في دير العمود[13] ويوم السبت ساموني قساً في دير مار زكا[14]. ويوم الأحد غرة شهر آب سنة 818م قلّدوني رئاسة الكهنوت العليا الكاملة، وذلك في كنيسة الرقة الكبرى، وجعلوني، كما ذكروا لي أيضاً، وارثاً شرعياً للكرسي (الرسولي الأنطاكي) أنا الذي لا أستحق حتى أن أحلّ سيور الأحذية»[15].

وقد وضع عليه اليد[16] ثاودوسيوس مطران الرقة.

أما إبراهيم فلما خاب سعيه وانقطع أمله، حنق متوحشاً وقال لأصدقائه الجبّيين: «تأمّلوا بما فعله الأساقفة، أنهم قد أقاموا عليهم رئيساً من الدير والبلد اللذين حذفا عبارة «لنكسر الخبز السماوي» ولذلك أناشدكم بكلمة اللّـه، أن لا تواروا جسدي التراب عند موتي ما لم تقيموا عليكم رئيساً يخلفني، ولا تتصالحوا معهم البتة». وهكذا غادر ورفاقه على شقاق.

ولما انفضّت جلسات المجمع رحل البطريرك ديونيسيوس إلى قورس. فاجتمع القسس والشمامسة وأبناء الشعب هناك. ولما علموا أن البطريرك لا يمنع أن تقال عبارة: «لنكسر الخبز السماوي» عادوا إلى الاتّحاد معه. فحرمهم إبراهيم فرجعوا القهقرى وغادر البطريرك قورس، ورحل إلى أنطاكية ومنها إلى ما بين النهرين. ونزل بغداد وحصل على براءة من الخليفة (العباسي) وطلب إليه التكريتيون أن يعرّج عليهم ويعيّد عندهم. ولكن المفريان باسيليوس كتب إليه قائلاً: «ليس الوقت مناسباً لمجيئكم إلى تكريت…» لذلك ترك طريق تكريت والموصل وصعد في طريق الفرات إلى قرقيسياء ووصل إلى قرى الخابور ونصيبين ودارا وكفر توثا مدن ما بين النهرين (العليا) ومن هناك ذهب لتحية الأمير عثمان واستصدر منه أمراً ببناء هيكل دير قنسرين العجيب الذي كان قد احترق. وأخضع رهبان دير اوسيبونا من كورة أنطاكية الذين كانوا قبلاً تابعين لابراهيم. حينئذ ذهب إبراهيم إلى الرقة إلى الأمير عبداللّـه بن طاهر (بن الحسين الخزاعي) وجاء أيضاً (إلى الأمير) البطريرك مار ديونيسيوس. وبعد مداولات بأمور كثيرة أمر الأمير حاجبه بأن يسأل المسيحيين الواقفين خارجاً من هو رئيسكم؟ وعندما خرج وسأل ألوف المسيحيين الواقفين أمام الباب صرخوا قائلين: ليس إبراهيم رئيساً علينا بل هو ليس مسيحياً. حينذاك حدّق الأمير بإبراهيم بغضب وعنفه قائلاً له: «أراك رجلاً دجّالاً ومضلاً»، وأمر فنزعت عنه قبعته. وزجره الأمير ثانية قائلاً له: «لا أريد أن أسمع أنك تدعى بطريركاً منذ الآن. فاحذر، والأجدر بك أن تهتم بنفسك. فاصرف الرهبان الذين معك ليذهبوا وشأنهم». وهكذا تفرّق إبراهيم ومن كان برفقته. ولكن إبليس لم يتركهم هادئين، حيث أنهم أرسلوا شمعون أخا إبراهيم إلى بغداد، ومعه كتاب (العهد) الذي كان علي بن أبي طالب (رضي اللّـه عنه)… قد أعطاه لدير الجب الخارجي فلما رأى آل علي كتابة جدهم، دخلوا على الخليفة واستصدروا براءة (لإبراهيم) ولما عاد شمعون (إلى الرقة) جمع الرهبان المتحزّبين (له ولأخيه)، وعندما أخبر البطريرك بذلك وكان يومذاك في أنطاكية، جاء هو أيضاً إلى الرقة، ودخل وإياهم إلى الأمير عبداللّه. ولما رأى الأمير البراءة فوجئ بالأمر ودهش. وأرسل إلى بغداد مبعوثاً خاصاً عاد بعد زهاء عشرين يوماً ومعه كتاب من المأمون يبطل فيه البراءة. حينذاك سلّم الأمير عبداللّـه إبراهيم إلى يد البطريرك لينفذ فيه إرادته. فجرّده البطريرك نازعاً عنه قبعته ثم صرفه فذهب إلى قورس مثيراً الفتن. ولما بلغ الأمير ذلك استقدمه إليه مقيّداً كأنه لص، وجرّده من قبعته ثانية وذلك أمام القرويين التابعين له، لعله يخجل ويكفّ عن شره.

وفي سنة 825م انتقل الأمير عبداللّـه إلى مصر وخلفه أخوه محمد، الذي خرّب الأبنية الجديدة في كنائس الرها، وهدم بيعة الأربعين شهيداً… فرحل البطريرك ديونيسيوس إلى مصر بحراً، وهبّت العواصف وارتفعت أمواج البحر ولم ينجُ إلاّ بشقّ الأنفس. ورست السفينة في ميناء مدينة تنيس[17] وهي جزيرة واقعة في بحيرة تجمعت من مياه فيضان النيل والبحر الكبير[18] وخرج مسيحيو المدينة لاستقباله وعددهم يناهز الثلاث ربوات[19] وجاء إليه البطريرك يعقوب[20] بابا الإسكندرية ومعه عدد من الأساقفة. وكانوا جميعهم مبتهجين بزيارته، وقالوا له أن مصر لم تحظَ بزيارة بطريرك أنطاكي منذ عهد مار سويريوس الكبير. يقول مار ديونيسيوس في تاريخه ما يلي: حينئذ أخبرناهم عن دخول البطريرك أثناسيوس المكنّى بالجمال[21] (إلى مصر) والاتحاد الذي عقده مع أنسطس[22] بعد الانشقاق الذي جرى على عهد بطرس[23] ودميانوس[24] (وأردف البطريرك ديونيسيوس قائلاً في تاريخه): ومن هنا علمنا أنهم لم يكونوا مهتمّين بدراسة الكتب فضعفت معرفتهم بالتاريخ.

وذهب البطريرك من هناك إلى محلّة الفرس، ودخل على الأمير طاهر، وبما أنه كان عزيزاً على الأمير كثيراً، لامه الأمير على ركوبه البحر قائلاً: «ما الذي اضطرك إلى القدوم إلى مصر، فقد كان بإمكانك أن تخبرني بكل ما تريد في رسالة». فدعا له البطريرك، وشكر له حسن صنيعه، وأخبره عن الشر الذي حصل في الرها. فكتب الأمير إلى أخيه (محمود) يعاتبه، ويأمره بأن يرفع يده عن الكنائس، وألاّ يقاوم البطريرك ويضايقه.

ثم استعطف البطريرك الأمير لأجل أهل تنيس الذين أرهقتهم الجزية فأخذوا يتشكّون حيث كان يؤخذ من كل واحد منهم غنياً كان أم فقيراً، خمسة دنانير[25].

فأصدر الأمير أمره بأن يؤخذ من الغني ثمانية وأربعون درهماً[26]، ومن متوسط الحال أربعة وعشرون درهماً، ومن الفقير إثنا عشر درهماً.

كما إن ثاودوسيوس مطران الرها[27] وهو شقيق البطريرك ومرافقه برحلته هذه إلى مصر تظلّم أيضاً لدى الأمير بالنيابة عن رعيته (فاستجاب الأمير طلبه وأنصفهم). وثاودوسيوس هذا هو الذي نقل من اليونانية إلى السريانية أشعار الثاولوغوس[28] وذكره الربان أنطون الفصيح بالمقالة الخامسة والأخيرة من كتابه الفصاحة، ونعته بمحب العلوم، والعجيب، والمجتهد بمعرفة اللغات المختلفة. من هنا نعلم أن الربان أنطون التكريتي عاصر البطريرك مار ديونيسيوس التلمحري. كما روى لنا ملافنة عصرنا وشيوخه. ومن دواعي العجب أن البطريرك قد أهمل رجلاً فاضلاً كهذا فلم يذكره في تاريخه.

وعندما أتمّ البطريرك مهمته في مصر ونال مبتغاه، رجع إلى سورية ليأخذ قسطاً يسيراً من الراحة. ولكنه لم ينجح من حرب الآلام التي أثيرت ضده من أجل الكنيسة، ذلك أن نونا الأرخدياقون الفاضل الشهير قدم شكاوى عن الأعمال الممقوتة التي كان فيلكسينوس مطران نصيبين يقوم بها. فعقد أربعون مطراناً وأسقفاً مجمعاً في رأس العين[29] وحرموا فيلكسينوس فقصد فيلكسينوس القوروسيين اولئك الذين كان هو نفسه، على عهد البطريرك قرياقس (817+) قد بدّد شملهم في بيت جبرين. فقصدهم الآن، واجتذب إبراهيم ورفاقه وأتى بهم إلى كنيسة نصيبين وعلى أثر ذلك انقسمت هذه الكنيسة إلى شطرين.

وفي هذا الزمان نشب خلاف بين اليهود من أجل رئيس الجالوت، حيث أن الطبريين أقاموا رجلاً اسمه داود، بينما البابليون أقاموا رجلاً آخر اسمه دانيال من أتباع بدعة (العنانيين) الذين ينقضون السبت ويحفظون يوم الأربعاء. وعندما رفعت دعواهم إلى الخليفة المأمون، قرر: أنه إذا ما رغب عشرة رجال من مذهب اليهود أو المسيحيين أو المجوس في أن يقيموا عليهم رئيساً (دينياً منهم) فلا مانع من ذلك.

ولأجل هذا القرار نزل البطريرك ديونيسيوس إلى بغداد، وقبل أن يقابل الخليفة، رفع إليه (السريان) البغداديون الشكوى ضد مطرانهم لعازر، فتباطأ (البطريرك) في النظر في دعواهم مؤجلاً ذلك إلى ما بعد زيارته تكريت لئلا يصير شعبنا هزءاً بين الشعوب الغريبة. ولكن البغداديين لم يصبروا بل أكّدوا عليه النظر في شكواهم ضد مطرانهم، واضطروا البطريرك إلى حرمانه فانقسمت الكنيسة في بغداد إلى فئتين. ورفع حزب لعازر الأمر إلى الخليفة، ضد البطريرك، لكن الخليفة المأمون الحكيم لم يشأ أن يحزن البطريرك وهو رجل رئيس (في قومه) وقد جاء من بلاد بعيدة ليقدم له آيات الإكرام ويحمل إليه الهدايا، لذلك أذن للبطريرك بعد مدة من الزمن أن يدخل على (المأمون) وسمح له وحده دون الأساقفة ومرافقيه كافة، بأن يقترب منه، وكان المأمون ممتطياً صهوة جواده يتنزّه في بستانه، فوجّه سؤاله إلى البطريرك قائلاً: ما شأنك ـ وكيف أحوالك؟ فدعا له البطريرك، وابتدأ كلامه بدعوى لعازر، موضحاً بأنه عندما حوكم قانونياً، وثبت جرمه، عزل فعصى الأمر قائلاً: لقد صدر لنا أمر، بأنه إذا اتفق عشرة منا فلهم الحق بأن يقيموا لهم رئيساً. فأجاب الخليفة قائلاً: أجل لقد أصدرت هذا الأمر لليهود أولاً، لأننا غير ملتزمين تجاهكم بإقامة رئيس عليكم. أجاب البطريرك: إن حكمتك تعرف جيداً الضمانات المعطاة لنا والعهود المعقودة بينكم وبيننا، عندما سلّم لكم آباؤنا أكثر المدن، وهذه العهود توجب على أن لا تبدّلوا شرائعنا. ومن الواضح أن لا تحفظ شريعة بدون رئيس لها. ومن شرائعنا هذه رئاستنا الكنسية. وبعد التداول بأمور أخرى، قال الخليفة للبطريرك… انصرف اليوم وعد إلينا ثانية في موعد آخر. وبعد عشرة أيام طلب البطريرك من لعازر السالك أمام الخليفة فذكّر الخليفة بوعده فقال المأمون ليأتِ البطريرك صباح اليوم التالي. كما دعا معه علماء الشريعة المسلمين الذين وجّه إليهم السؤال قائلاً: ماذا يتراءى لكم هل نحن ملتزمون بإقامة رؤساء (كنسيين) من المسيحيين، ما دامت السلطة سلطتنا؟ فأجاب هؤلاء: أنه لا يتوجب علينا سوى ألاّ نضطرهم إلى تغيير دينهم وعاداتهم. فطالما هم خاضعون لنا بأمانة، بإمكانهم أن يعيشوا في سكينة متنعّمين بالسلام الذي يوفره لهم جيشنا.

فاستأذن البطريرك الخليفة وبدأ كلامه قائلاً: «إن آباءك المرحومين أثبتوا لنا رئاستنا (الكنسية) ومنحونا براءة بذلك. وأنت نفسك أيضاً أصدرت لنا براءة مماثلة. (فنرجو) أن لا تسنّوا لنا الآن شريعة جديدة». حينئذ سأله الخليفة قائلاً: لماذا أنتم المسيحيين دون سائر المذاهب تستصعبون هذا الأمر؟ فأجاب البطريرك قائلاً: «إن أولئك أيضاً مغتاظون، ومع ذلك فإن رئاسة المجوس واليهود هي رئاسة جسدية  تؤخذ بالوراثة، أما رئاستنا فهي روحية تتثبت بمخافة اللّه. والخسارة فيها ليست خسارة ذهب بل هي تصيب (كبد) إيماننا. ومن المعروف أن القصاص الذي نحكم به على المذنبين لا يكون بالضرب والقتل وخسارة الأموال، بل إن كان (المذنب) أسقفاً أو قسيساً ننزع منه درجته (الكهنوتية) وإن كان علمانياً[30] نطرده من البيعة» فقال الخليفة منبّهاً: «لا مانع من جهتنا من أن تنزعوا عن الخاطئ درجته وكرامته نابذين إياه. ولكن لا نستحسن البتة أن تطردوه من البيعة. وتمنعوه من الصلاة. لأن على الخاطئ خاصة أن يصلي ويسأل اللّـه غفران خطيته». وأمر الخليفة قاضياً اسمه اسحق[31] قائلاً له: «افحص جيداً فيما إذا كان لعازر بعقيدته خاضعاً للبطريرك، فإذا كان كذلك، نفّذ أمر البطريرك فيه». وهكذا خرج البطريرك من مجلس الخليفة المأمون وقد أشاد بذكره الفقهاء لجرأته. وكان ذلك في شهر آذار من سنة 829م.

وفي تشرين الثاني من سنة 830م قام البطريرك برسامة أسقف بدلاً من لعازر ثم رحل إلى تكريت ومنها إلى الموصل. وفي غضون ذلك توفّي المفريان باسيليوس في دير عينقا بظاهر مدينة بلد فرسم البطريرك دانيال من دير بيرقوم[32] مفرياناً ثم رحل إلى سورية في كانون الأول من السنة ذاتها.

وفي تلك السنة جاء الخليفة المأمون إلى كيسوم فخرج البطريرك للقائه هناك. ولكنه لم يدركه لأنه رحل سريعاً إلى دمشق، فلحق به البطريرك، وبوساطة لعازر، السالك أمام الخليفة، رحّب به الخليفة، وسرّ بهداياه. وأمر أن يرافقه إلى مصر، ليرسله سفيراً إلى المسيحيين القاطنين في القسم السفلي من النيل[33] ليكفّوا عن تمرّدهم.

فذهب إليهم البطريرك ديونيسيوس (تلبية لرغبة الخليفة) ورافقه (الأنبا) يوسف بطريرك مصر[34] وسعيا لمصالحتهم ولكن الوالي الأفشين[35] رفض الصلح وأحرق قراهم وكرومهم وبساتينهم وقتل الكثيرين منهم وسجن الباقين وأرسلهم بمراكب إلى أنطاكية ومن هناك إلى بغداد فمات أغلبهم في الطريق. ورجع البطريرك إلى الخليفة المأمون يخبره بأن أهالي الوجه البحري مظلومون (تعدّى عليهم الأفشين). واستأذن الخليفة وسافر إلى دمشق.

ويخبرنا البطريرك (في تاريخه) أنه رأى البابا يوسف والأساقفة الأقباط المصريين، شعباً عفيفاً، متواضعاً غنياً بالمحبة الإلهية. ويقول أيضاً، لقد عظمنا في عيونهم بهذا المقدار بحيث أن كل امتيازات البابا (الإسكندري) وما يجب تقديمه له من آيات التكريم في ولايته قدّموها لنا طوال مدة إقامتنا بين ظهرانيهم. ولكننا وجدنا عندهم عادات لا تليق بفضيلتهم. من ذلك عدم تمرّسهم في دراسة الكتب المقدسة، فالرهبان خاصة كانوا مجرّدين من هذه النعمة، ولم يكن الطامعون بنيل الرتب الكنسية يهتمّون باقتناء المعرفة والحكمة. بل يحرصون على إعداد الذهب ذلك أن الفرد منهم لا يتمكّن من البلوغ إلى درجة رئاسة الكهنوت بأقل من مائتين أو ثلاثمائة دينار. وعندما لمناهم على ذلك تذرّع البابا بعذر قائلاً: «إن ثقل الجزية المفروضة على كنيسة الإسكندرية بلغت بنا إلى هذا الوضع المخالف للشريعة». كما أننا لمناهم لأنهم لا يعمّدون الأطفال الذكور قبل أن يبلغوا من العمر أربعين يوماً. ولا يعمّدون الإناث قبل أن يبلغن من العمر ثلاثين يوماً[36] ولذلك فأطفال كثيرون يموتون دون عماد.

ويقول أيضاً مار ديونيسيوس، إننا شاهدنا المسلات في هليوبوليس[37] عاصمة مصر التي كان فوطيفار حمو يوسف حبراً عليها. وقد قدت كل مسلة من حجر واحد فقط من الصخر الصلب أي الرخام، يبلغ ارتفاعها ستين ذراعاً[38] وعرضها ست أذرع. مع العلم أن الأعمدة الموجودة في هليوبوليس الخارجية أي بعلبك، ارتفاع الواحد أربعون ذراعاً فقط. وفي أعلاها كخوذة الجنود صنعت من نحاس أبيض ووزن الواحدة ألف رطل[39]… ويقول البطريرك أيضاً: «إننا رأينا في مصر الأهرام التي يذكرها اللاهوتي غريغوريوس النزينزي (390+) بأشعاره، وهي ليست مخازن يوسف كما ظنّ بعضهم، ولكنها أبنية فخمة عجيبة شيدت فوق قبور الملوك القدامى، وهي ثابتة وقوية غير متزعزعة، وقد نظرنا عبر ثغرة فتحت خصيصاً في جانب أحدها، ورأينا أنه بعمق خمسين ذراعاً، مرصوف بالحجر، ومساحته خمسمائة ذراع من الأسفل، وارتفاعه خمسمائة ذراع بصورة مربّعة تنتهي بذراع واحدة من فوق بارتفاع مائتين وخمسين ذراعاً. أما مقياس حجر البناء فبعضها بطول خمس أذرع وبعضها عشر أذرع، وتظهر الأهرام عن بعد وكأنها جبال عظيمة.

وقال أيضاً أنه رأى بيتاً مبنياً على نهر في موضع، مجرى النهر فيه واحدٌ قبل أن يتفرّع إلى أربعة فروع، وكأن البيت بركة مربعة ينتصب في وسطها عمود من حجر مسطرة عليه الدرجات والمقاييس[40] وعندما يفيض النهر في شهر أيلول وتدخل المياه داخل البيت، يأتي كل يوم المسؤولون الموكلة إليهم هذه المهمة، ويقرؤون مقياس الماء في ذلك العمود. فإذا بلغ أقل من أربع عشرة درجة، فإن جزءاً صغيراً من أرض مصر يشرب ماء فقط، ولا تزرع غلة ولا يجبى خراج في ذلك العام. وإذا بلغ مقياس الماء خمس عشرة أو ست عشرة يكون زرع الغلة وسطاً وكذلك جباية الخراج. وإذا صعد المقياس إلى سبع عشرة أو ثماني عشرة درجة تشرب مصر كلها وتزرع الغلة ويجبى الخراج كاملاً. وإذا فاض إلى عشرين درجة فإنه يحدث خراب عظيم ولا تكون غلة في تلك السنة.

في سنة 835م نزل البطريرك إلى تكريت ووضع حدّاً للنزاع القائم ما بين المتاويين والتكريتيين، وحدّد أن يذكر اسم مطران دير مار متى في كنيسة التكريتيين في الموصل مرتين فقط في السنة، في عيد الشعانين وفي (حفلة) تقديس الميرون. على أن تكون الأولوية، بعد ذكر اسم البطريرك الأنطاكي لمفريان تكريت في المشرق كله. وإن البطريرك انتخب توما ورسمه مفرياناً لتكريت خلفاً لدانيال الذي قد انتقل إلى جوار ربه. وعاد البطريرك إلى سورية، ثم رجع أيضاً إلى بغداد للسلام على الخليفة المعتصم الذي خلف أخاه[41] المأمون. والتقى البطريرك هناك بابن ملك الحبشة الذي جاء إلى بغداد للسلام على الخليفة أيضاً.

 

وسنة 837م مات إبراهيم المشاق، واجتمع الأساقفة المشاقون وأقاموا أخاه شمعون خلفاً له. ووضع عليه اليد فيلكسينوس أسقف نصيبين المحروم وكان القورسيون يرغبون في إتباع البطريرك مار ديونيسيوس ولكنهم كانوا تابعين لشمعون مرغمين لتأثير أقربائهم فيهم. كما قد كتب عن السامريين، الذين كانوا يتّقون الرب ولكنهم يعبدون آلهتهم[42].

وبهذا العصر انتابت المؤمنين في كل مكان محن مختلفة… ولذلك كتب البطريرك مار ديونيسيوس إلى إيوانيس أسقف دارا، الذي بناء على طلبه كتب البطريرك كتابه في التاريخ، قائلاً: «لا حاجة لي أن أوضّح لحكمتك عن الضيقات التي اجتازها، فهي قاسية إلى درجة أنني أقضي ليلي دون أن تغمض لي عين، ونهاري دون أن آخذ فيه قسطاً من الراحة. هذا إلى محن أخرى، وعذاب القلق الذي يحرق القلب ويذوي الجسد، فالقلب السريع الإحساس والشعور هو سوس العظام. لذلك أبكي وانتحب على حياتي أنا الشقي، فإن خطاياي أفضت بي إلى أن أتجرّع هذه الكأس. وعندما أرى بعيني ما يقاسيه أبناء الكنيسة من ذل، وحزن، وضيقات تزداد يوماً بعد يوم، يكتئب لها قلبي ويشتد ألمي. فالموت هو المنقذ الوحيد للخلاص من هذه البلايا. لذلك أتوق إليه توقي إلى شيء جيد وصالح. هنا ختم هذا المغبوط (البطريرك ديونيسيوس) كتابه في التاريخ. وانتقل إلى جوار ربه في اليوم الثاني والعشرين من شهر آب سنة 845م ودفن في دير قنسرين، وقد خدم البطريركية سبعاً وعشرين سنة ورسم مائة أسقف.

 

الهوامش

————————————————————-

([1])ـ وضع العلامة مار غريغوريوس يوحنا ابن العبري (1286+) مجلّدين في التاريخ الكنسي، ينطوي المجلد الاول على تاريخ بطاركة أنطاكية من عهد الرسول بطرس وحتى سنة 1285م. وكلمة بطاركة جمع لبطريرك وهذه لفظة يونانية تعني رئيس الآباء وهو في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، رئيس الكنيسة الأعلى في العالم أجمع… أما المجلد الثاني فينطوي على تاريخ جثالقة المشرق الملقبين بالمفارنة من أيام الرسول توما وينتهي بترجمة ابن العبري نفسه إلى سنة وفاته. وكلمة مفارنة جمع لمفريان وهذه لفظة سريانية تعني المثمر وهو اسم لصاحب رتبة كنسية خاصة بالكنيسة السريانية مرادفة للجاثليق فهو دون البطريرك وفوق الأسقف وكان كرسيه في تكريت ثم نقل إلى دير مار متى فالموصل ـ وللكتاب نسخ قديمة في مكتبات الفاتيكان واكسفورد، والقدس، وغيرها. نشره المستشرقان ابلوس ولامي، منقولاً إلى اللاتينية سنة 1877 ـ 1879.

([2])ـ بلدة قريبة للرقة اسمها اليوم تل المناخير.

([3])ـ أنشئ هذا الدير في اوائل القرن السادس على شاطئ الفرات مقابل بلدة جرابلس واشتهر بالعلماء الذين تخرجوا فيه واندثر في القرن الثالث عشر للميلاد.

([4])ـ انظر اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانية للعلامة البطريرك أفرام الاول برصوم (1957+) الطبعة الثالثة، بغداد 1976 الصفحات 320 و321 و339.

([5])ـ في خزانتنا البطريركية في دمشق نسخة سريانية من الإثني عشر قانوناً التي سنّها في مجمع الرقة (انظر المصدر السابق ص 340).

([6])ـ نسبة إلى دير الجب الخارجي الذي كان يقع في برية الفرات بين حلب ومنبج وقد اندثر.

([7])ـ نسبة إلى بلدة قورس ولعلها تقع قرب منبج.

([8])ـ كان المحتفل بالقداس بحسب الطقس السرياني القديم يقول عند كسر القربان «لنكسر الخبز السماوي» وفي عهد البطريرك جورجي (790+) حدث خلاف في الكنيسة بسبب ذلك. فحذفت العبارة، واحتدم الجدال على ذلك. وقد كتب البطريرك جورجي رسالة ضافية أنفذها إلى كوريا شماس (بيت نعر) بهذا الخصوص. وعقد البطريرك قرياقس (817+) مجمعاً في بيت جبرين سنة 808م وحرم الجبّيين المنفصلين عن الكنيسة لرفضهم العبارة المذكورة أعلاه.

([9])ـ عقد العلامة البطريرك أفرام برصوم (1957+) فصلاً في موضوع انتخاب مار ديونيسيوس التلمحري بطريركاً. وأثبت جدول الآباء الذين وقّعوا محضر جلسة انتخابه، ونشر ذلك في مجلته البطريركية القدسية (السنة السادسة 1939 ص 213 ـ 219) ومما قاله: «وقد عدّ العلامة ابن العبري آباء المجمع المقدس خمسة وأربعين نقلاً عن ميخائيل الكبير. ولا عبرة بما ورد في جدول الأساقفة في تاريخه حيث جاء فيه أن عددهم كان ثلاثة وأربعين فإن ذلك من سهو النساخ. أما نسختنا القديمة العهد المكتوبة بنحو من أربعين سنة بعد الحدث المشهور فقد ورد عددهم ثمانية وأربعين لأن ثلاثة من الآباء وقّعوا بواسطة وكلائهم فعدوّا في ضبط الانتخاب في جملة آباء المجمع.

([10])ـ نسبة إلى دير مار متى في جبل مقلوب شرقي الموصل. أسس في القرن الرابع للميلاد وهو لا يزال عامراً.

([11])ـ كلمة سريانية تعني المعلّم تطلق على علماء السريان جمعها ملافنة.

([12])ـ بلدة كانت تقع ما بين حلب والرها وهي الآن خربة.

([13])ـ في مدينة الرقة. عمّرته القيصرة ثاودورة (548+) اندثر في القرن العاشر للميلاد.

([14])ـ في مدينة الرقة وعلى جانبيه نهر البليخ زاره هارون الرشيد يوماً وقد اندثر.

([15])ـ قول المؤلف هذا تضمين لقول يوحنا المعمدان عن السيد المسيح حيث قال: «يأتي بعدي من هو أقوى مني الذي لست أهلاً أن أنحني وأحلّ سيور حذائه» (مر 1: 7).

([16])ـ وضع اليد، وفي السريانية، سيوميذ: أي الرسامة الكهنوتية. وسميت كذلك لأن الراسم، أثناء طقس الرسامة، يضع يمينه على رأس قابل الرسامة.

([17])ـ وهي اليوم قرب مدينة المنزلة بجوار الاسكندرية وتقع عند التقاء النيل بالبحر الأبيض المتوسط وبها جزيرة تحمل الاسم نفسه (تنيس).

([18])ـ أي البحر الأبيض المتوسط.

([19])ـ الربوة: نحو عشرة آلاف نسمة.

([20])ـ هو الأنبا ياكوبوس (810+).

([21])ـ ولد في سميساط، وتهذّب وترهّب في دير قنسرين، عرف بالجمال لاتمامه قانون ديره بخدمة نقل الملح على الجمال مدة سنة. رسم بطريركاً على الكرسي الرسولي الأنطاكي سنة 595م وتوفي سنة 631م. أهم أعماله، عقد الاتحاد مع الكرسي الاسكندري. وقد وصف ذلك في رسائل شتّى كتبها بالسريانية لها قيمتها الأدبية والتاريخية.

([22])ـ هو البابا أنيسطاسيوس الذي جلس على الكرسي الاسكندري عام 598م وتوفي عام 611م.

([23])ـ هو بطرس الثالث البطريرك الأنطاكي (591+).

([24])ـ هو دميانوس بابا الاسكندرية، جلس على الكرسي البطريركي سنة 563م وتوفي سنة 598م.

([25])ـ دينار: لفظ أخذ من اللفظ اليوناني اللاتيني «ديناريوس اوريوس» أطلق على وحدة من وحدات السبكة الذهبية عند العرب الذين عرفوا هذه العملة الرومانية واستعملوها.

([26])ـ الدرهم، وحدة من وحدات السبطة الاسلامية الفضية أخذ اسمه من الدراخمة اليونانية.

([27])ـ عالم جليل، درس في دير قنسرين، وترهّب ورسم كاهناً، تعمق باللاهوت والفلسفة وأجاد آداب السريانية واليونانية وأتقن العربية. ورسم مطراناً للرها سنة 813م وانتقل إلى جوار ربه سنة 832م له تاريخ كنسي وجيز من سنة 754 إلى سنة 812م ونقل من اليونانية إلى السريانية أشعار غريغوريوس النزينزي (390+).

([28])ـ الثاولوغوس كلمة دخيلة في اللغة السريانية معناها: اللاهوتي وهو لقب أطلق على غريغوريوس النزينزي (390+) بطريرك القسطنطينية. وكان لاهوتياً كبيراً وشاعراً مفلقاً وخطيباً مفوهاً.

([29])ـ بلدة تقع عند منابع نهر الخابور في سورية.

([30])ـ العلماني في المصطلح الكنسي هو الذي ليس بإكليريكي أي غير حائز على رتبة كهنوتية مهما صغرت.

([31])ـ لعله اسحق بن ابراهيم الخزاعي نائب الخليفة المأمون على بغداد واسحق هذا ابن عم طاهر بن الحسين.

([32])ـ كان يقع قرب مدينة بلد على ضفة دجلة.

([33])ـ وهم أهالي الوجه البحري في دلتا النيل والواقع شمال القاهرة.

([34])ـ هو الأنبا يوساب بابا الاسكندرية، جلس على الكرسي البطريركي سنة 823 وتوفي سنة 841م.

([35])ـ الذي عيّن والياً على مصر سنة 823م.

([36])ـ كذا في النص السرياني، ولعل هذا سهو من الناسخ حيث أن الأقباط الأرثوذكس حتى اليوم لا يعمّدون الأطفال الذكور قبل أن يبلغوا من العمر أربعين يوماً. ولا يعمّدون الأطفال الإناث قبل أن يبلغن من العمر ثمانين يوماً لا ثلاثين كما جاء في النص السرياني.

([37])ـ هليوبوليس وتعرف اليوم ببلدة عين شمس وتقع في القاهرة ولا تزال إحدى المسلات قائمة في حي المطرية شرقي مصر الجديدة.

([38])ـ الذراع من المقاييس القديمة طوله الآن بين الخمسين والسبعين سنتمتراً.

([39])ـ الرطل، اثنتا عشر اوقية أو 2564 غراماً.

([40])ـ يعرف حالياً بمقياس الروضة أو مقياس نهر النيل وهو في القاهرة بمصر، والقصر لا يزال موجوداً ويسمى بقصر المانسترلي وقد اتخذ مقراً لإعادة التراث الفني.

([41])ـ في النص السرياني (أباه) ولعله من الناسخ.

([42])ـ انظر سفر الملوك الثاني (17: 33).

 

للأعلى