خطبة إرتجلها في ذكرى تأبين
شهيد الجو الرئيس ( عميد طيار ) مفيد سارة
كثيرون ينزلون إلى الميدان وقليلون ينالون الجعالة
ليست الحياة إلا ميادينا دامية يخوض غمارها الإنسان بقوته وشجاعته فيخرج منها إما منتصراً ظافراً وإما مندحراً فاشلاً ولكن هناك معركة دامية لا يستطيع الإنسان خوضها مهما كان عظيماً ومهما كان شجاعاً . ولم تكن تلك المعركة إلا الموت.
فالموت هو كأس يشربها الإنسان وإن كان عاجلاً او آجلاً ولكن هناك فرقٌ عظيم بينَ موتِ الإنسان العادي والإنسان المثالي.
فالإنسان العادي تنتهي حياته عند فوهة القبر أما الإنسان المثالي تبتدئ حياته عند فتحة القبر فبعد أن يوضع تحت الثرى يفتح التاريخ صفحة من صفحاته ليظم رجلا عظيما صفحاته الجميلة فيخلد له إسماً عاطراً مكللاً بجليل الأعمال والمآثر والآن وفي هذه الوقفة القصيرة يفتح التاريخ صفحته الذهبية ليعيد إلى ذاكرتنا أعمالاً عظيمة ومآثراً حميدة قام بها الراحل العظيم ألا وهو الرئيس مفيد . ذلك البطل المغوار الذي عارك الحياة فخرج منها منتصراً ظافراً تلوح على جبينه أمائر الفوز والإنتصار. فالتاريخ فخور ليظم إلى صفحاته رجلاً كهذا.
ونحن نعيد ذكرى فقيدنا الغالي والألم يخر الفؤاد فبأي دموع نبكيك وبأي قلم نرثيك فمهما بكيناك ومهما رثيناك فهو قليل بحقك .
فأن دموعنا وعبراتنا ترعج سكينة نفسك الطاهرة بل تقلق حقك الأسمى لأنك غني عن الدموع والعبرات , لأنك تحررت من عالم الألم والحزن .
مفيد …. مفيد
سرت في طريق الحق وعرفته حق المعرفة فحررك الحق من قيود الأنانية وحب الذات فكتبت لنفسك الخلود فاهنأ في خلودك وتنعم في حقيقتك وتمتع في عالم الحق والخلود الى ماشاء الله .
جاهد مفيد عطرالله ثراه جهاد الأبطال الميامين فسجل لنفسه إنتصاراً عظيماً فحفظ إسم مع سجل المجادهين الظافرين بل رفعه الله إلى مصاف الأبطال الخالدين . فكان ميدان جهاده حق الوطن وحق الحرية والكرامة , فحق الوطن عبء ثقيل لا يستطيع حمل لوائه إلا من أوتى قوة روحية جبارة تهزأ بمصاعب الحياة ومتاعبها مهما كانت صاخبة غاضبة ومنحه الله نعمة ترفعه فوق الضيق والألم والإرهاق والإضطهاد فكم من مرات عديدة كان يتلاقى مفيد مع الضيق والألم فكانت روحه الطاهرة تهلل لإستقبالها بصدر رحب وثغر باسم .
أجل تلاقى مع الألم والضيق وشرب كأسيهما حتى الثمالة , حتى قضى باسم الثغر مرتاح الضمير تياه الجبين فكارثتنا عظيمة بفقدك يابطل الحق وفاجعتنا كبيرة بموتك يا أبن العراق البار وخسارتنا فادحة لا تعوض …..
ايه أيها النسر الكسير يامن حلقت في فضاء هذا العالم وجلت البر والبحر وأنت مرتاح البال مطمئن القلب لمهارتك وشجاعتك التي يعرفها كل من عرفك ولكن أسفاً لجناحيك ان تتحطم فتسقط سقوط الزهرة العبقة التي تقصفها الرياح القاسية .
أجل كنت كزهرة عبقة في روضة جمهوريتنا الفتية.فقصفتها الرياح المعربدة فذبلت وذهبت بقاياها مع طيات الأثير .
وأن حادثة سقوطك أذهلت الجميع وأدهشت الجميع ولكن ما العمل وإرادة الله شاءت أن تأخذك لتظمك إلى مصاف المجاهدين حيث تنال إكليل فوزك وإنتصاراتك التي سترددها لك الأيام معلنة أعمالك المجيدة التي قمت بها وأنت في ظيقتك فنم قرير العين مرتاح الضمير يا عزيزنا الغالي لأنك وفيت قسطك من الجهاد والبطولة فذهبت إلى ربك وأنت ناصع الجبين نقي الفؤاد .
فيا طيور السماء ويا نسور الجو إذا ما حلقتِ عالياً ومررتِ فوق , رفرفي عليه قليلاً وأحملي له زهرة واحدة لأنه سار معك مدة طويلة وأنتم يا أصحابه إذا ما مررتم فوق قبره اذرفوا دمعة واحدة لتبرد جثمانه الطاهر لأنه كان عزيزاً على الجميع .
اجل ياطياري الجو إتركوا دمعة واحدة لأنه رافقكم في السراء والضراء وشارككم أفراحكم وأحزانكم وترك كل شيء لأجلكم ولأجل خدمة وطنه العزيز الذي أحبه كثيرا ومات في سبيله .
فأضفروا له إكليل المجاهدين الظافرين إكليل الشهداء الخالدين وأذكروه دائما فان في ذكراه حلاوة وعذوبة .
وفي الختام اقول رحمك الله ياعزيزنا مفيد وطيب الله ثراك وجعل الجنة مثواك إنه سميع مجيب اللهم آمين فآمين .
———————————————-
خطاب تأبيني ارتجله ثم دونه في 7/10/ 1958م
تجدون طياً صورة عن الصفحة الأولى مرفقة بخط يده
منقول من الموقع الرسمي لمحبي المطران بولس بهنام