“كما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً هكذا بهم”

يسرنا أيها الإخوة الأحباء والأبناء الأعزاء أن نتوجه إليكم بهذه الآية المقدسة التي فاه بها ربنا يسوع المسيح في موعظته الخالدة على الجبل، والتي هي دستور مسيحيتنا وإنسانيتنا في آن معاً، وقد اتخذناها شعاراً لاجتماع مجمعنا المقدس الذي عقدناه برئاستنا في دير مار أفرام السرياني ـ معرة صيدنايا ـ دمشق ما بين 9ـ14 أيلول 2002.

وقد لبّى دعوتنا إخوتنا أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء مطارنتنا من كل الأبرشيات، الذين شاركونا بآرائهم السديدة وخبراتهم ومحبتهم وحرصهم معنا على مصلحة الكنيسة وخير أبنائها ومؤمنيها.

ويهمّنا أن نلخّص لكم في منشورنا هذا الرسولي أعمال وقرارات مجمعنا المقدس لتقفوا على أهمية هذه الأعمال والقرارات التي أشبعناها بحثاً ودرساً بما يرضي اللّـه ويريح الضمير ويخدم الكنيسة والإنسانية.

وقد درسنا دستور الكنيسة الذي أعاد فيه مجمعنا المقدس النظر مراراً وفي هذا المجمع أعطيناه الصيغة النهائية وصادقناه ليكون في متناول الإكليروس والمؤمنين على السواء.

وكذلك درسنا نظام المجالس الملية المحلية وقانون الأحوال الشخصية ولأهمية هذين القانونية والنظامين ولحجتهما إلى تمحيص وتدقيق أكثر، وبعد إجراء التعديلات على بعض المواد والبنود فيهما كلّفنا أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء أن يأتونا بآرائهم بعد التشاور مع الاختصاصيين حتى نقرّهما في اجتماعنا المقبل ويكونا في متناول الجميع.

ودرسنا أيضاً موضوع المجلس الملي العام الذي هو أمنية الإكليروس والعلمانيين على السواء، ولم نتوصّل إلى قرار نهائي بهذا الخصوص وعوضا عن ذلك أن نبدأ بإنشاء مجلس ملّي موحّد للأبرشيات في كل قطر يكون نواة لما نفكر به مستقبلاً.

ودرسنا شؤون الأبرشيات ووضع الإكليروس والعلمانيين والمؤسسات والجمعيات الكنسية. نود في هذه المناسبة أن نلفت اهتمام أبنائنا الكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة الملتزمين إلى ضرورة ممارسة الصلوات في أوقاتها وألاّ يهملوا صلواتهم الخاصة وكذلك أن يمارسوا الأصوام التي تفرضها وتوصي بها الكنيسة المقدسة بكل إيمان خلاصاً لنفوسهم وقدوة للمؤمنين. وكذلك أن يحافظوا على إيمان وعقيدة الكنيسة بكل محبة ورجاء ولا سيما ممارسة فضيلة الطاعة لرؤسائهم والمسؤولين عنهم مقيمين من ذواتهم مثالاً حسناً للقريبين والبعيدين. وبركة الرب تحل على أبناء الطاعة.

كما درسنا شؤون كنيستنا في الهند وتمسك المؤمنين هناك بإيمان الكنيسة وكرسيها الأنطاكي المقدس. وفرح المؤمنون هناك بقيامنا برسامة مفريان (جاثليق) جديد لهم بتاريخ 26/7/2002 هو غبطة مار باسيليوس توماس الأول مفريان الهند.

ودرسنا الحركة المسكونية ودور كنيستنا فيها ونشكر اللّـه إننا من روادها والعاملين فيها بكل إخلاص والساعين إلى تحقيق أهدافها ولا سيما في عملنا في مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط وكثير من المجالس والجمعيات والمنظمات المسكونية في العالم.

ودرسنا أيضاً ظروف الهجرة وشؤون أبنائنا في الوطن والمهجر وإننا نؤكد على أبناء الكنيسة أن يحافظوا على حضورهم في شرقنا العزيز شهادة لربنا يسوع المسيح حيث بدأ رسالته السماوية أولاً ومحافظة على تراث آبائنا وأجدادنا ولا سيما لغتنا السريانية الحبيبة.

وبذلنا وقتاً طيباً في دراسة شؤون شبيبتنا من الجنسين ولا سيما العاملين في المجالس والمؤسسات والجمعيات الكنسية ومراكز التربية الدينية والكشاف وسائر اللجان التي تعمل ببركة الرب وبتوجيه الكنيسة، وإننا نثني على نشاطاتهم وتمسكهم بإيمان الكنيسة المقدسة وتقاليدها السامية.
كما عالجنا مواضيع مختلفة تخص بعض أبرشياتنا وما له أهمية بحضورنا في كل مكان يقيم فيه مؤمنون من كنيستنا المقدسة.

وفيما نبارككم ونستمطر النعم السماوية عليكم جميعاً، نسأله تعالى أن يحفظكم فرداً فرداً ويبارك البلاد التي تعيشون فيها ويزرع أمنه وسلامه في العالم أجمع ويحقق رسالته السماوية في الأمم والشعوب «كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً هكذا بهم» والنعمة معكم ܘܐܒܘܢ ܕܒܫܡܝܐ ܘܫܪܟܐ.

صدر عن قلايتنا البطريركية في دمشق ـ سوريا

في اليوم الرابع عشر من شهر أيلول سنة اثنتين وألفين للميلاد

وهي بدء السنة الثالثة والعشرين لبطريركيتنا