منشور بطريركي

للمثلث الرحمة الخالد الذكر العلامة

مار إغناطيوس أفرام الأول برصوم بطريرك أنطاكية وسائر المشرق

 

بسم الأزلي السرمدي الواجب الوجود الضابط الكل

إغناطيوس أفرام الأول بطريرك الكرسي الرسولي الأنطاكي.

(محل الختم)

حضرات الإخوة أصحاب السيادة مطارنة الأبرشيات الجزيل وقارهم والأبناء الروحيين نواب الأبرشيات والخوارنة والقسوس الموقرين، والشمامسة وجميع طبقات المؤمنين المكرمين. حرستهم العناية الربانية بشفاعة السيدة العذراء مريم وجميع القديسين والشهداء أمين.

نهدي إليكم بركتنا الرسولية ولتكثر لكم النعمة والسلام بالرب ونقول:

يخبرنا التاريخ الكنسي أن عيد الميلاد المقدس كان مدة نحو أربعة أجيال، ويحتفل به وعيد الدنح (أي الغطاس) في يوم واحد وهو السادس من كانون الثاني. وفي الربع الأخير من المائة الرابعة لما بحث آباء الكنيسة فيه بحثاً مدققاً، اتفقوا على الاحتفال به في اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول، وخصّصوا اليوم السادس من كانون الثاني بعيد الغطّاس، على ما ذكر القديس سويريوس موسى ابن كيفا مطران بيت كيونا وبارمان في خطبته في عيد الميلاد. ومن هنا نستدل على أن الكنيسة المقدسة قبلت في بكر الأعياد تبديلاً خلافاً لعادة الآباء الأولين، وذلك حباً للتدقيق، وتفضيلاً للصواب والحق. وهذا لا يمسّ كرامة العيد المقدس بشيء ما. ثم إن العالم المدني والكنسي كله كان سائراً بحسب الحساب اليولياني، وظل كذلك أجيالاً مديدة مدة ستة عشر قرناً.

ومنذ نحو ستمائة سنة نشأت عند بعض العلماء الفلكيين فكرة تصحيح ذلك الحساب الذي تكوّنت فيه بسير السنين الطوال فروق في الدور الفلكي، تجمّعت من دقائق، فساعات، فبعض أيام، وانتهى ذلك بعد سنين كثيرة حتى قرّر نخبة من العلماء تصحيح الحساب، فبدّلوه معتبرين زيادة يوم واحد في كل قرن أي مدة مائة سنة، بحيث أمسى اليوم الفرق بين الحساب اليولياني القديم والحساب المصحّح الجديد ثلاثة عشر يوماً.

ولما كان حرصنا الأبوي على مصالح الكنيسة المقدسة، يستوجب منا العناية بكم من سائر الوجوه، ورأينا ظروف الزمان توجب أن نمعن النظر من الوجهة الإدارية في قضية أصبحت عامة وعالمية، وهي مسألة حساب الأيام والأعياد التي أمست نقطة حساسة توجب الالتفات إليها، تذاكرنا فيها مع السادة أعضاء مجمعنا المقدس فرأينا أن معظم الأمم والملل في العالم قد اتفقت كنائسياً وسياسياً على اعتبار الحساب (المصحّح) المسمى بالغربي، وأصبحت جميع مصالح العالم تجارياً وسياسياً تسلك بموجبه ـ ومن المعلوم أن هذه المسألة ليست مسألة دينية أو مذهبية، لكنها مسألة فلكية عالمية.

ولما كان مجمع دير مار متى سنة 1930 قد أذن لأبنائنا في الأمريكتين أن يعيّدوا بحسب الحساب الغربي الجاري في بلادهم، ولما كان مجمع حمص الثالث سنة 1946 قد بحث في هذا الموضوع وتركه لمجمع تال، ولما كان في خريف سنة 1952، قد بلغ إلينا التماس مطارنة ملبار بالإجماع باستعمال الحساب المصحح، رأى مجمع حمص الذي عقدناه في 15 تشرين الثاني هذا العام أن يقرّر برأي الأكثرية، السلوك بحسب التماس أكثر أبرشياتنا من الآن فصاعداً بالحساب المصحّح المسمّى الغربي، الذي عمّ قبوله عند أكثر الفرق المسيحية في العالم كله، فوافقنا على هذا الرأي. وعليه بحسب منشورنا هذا الرسولي، نعتبر يوم الأربعاء الواقع 2 كانون الأول شرقي اليوم الخامس عشر منه، وفيه يبدأ صوم الميلاد، فنعيّد عيد الميلاد في الخامس والعشرين غربي. ومن ثم يكون سير الأعياد كلها على هذا الحساب، ويلغى عندنا الحساب الشرقي، أما حساب الصيام الكبير وعيد الفصح فيبقى على حسابنا القديم.

فنوصيكم جميعاً بالاعتماد على هذا الأمر والسلوك بموجبه والنعمة معكم دائماً.

صدر عن قلايتنا البطريركية في حمص

في اليوم الثاني من شهر كانون الأول سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف

وهي السنة الثانية والعشرون لبطريركتنا