اللـقـاء العاشر

لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية

فى الشرق الأوسط

دير مار أفرام السرياني ـ معرة صيدنايا ـ سوريا

19 ـ 21 نيسان/ أبريل سنة 2007م

الـبــيــان الـمـشـتـرك

باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين

نحن البابا شنودة الثالث، بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والبطريرك إغناطيوس زكا الأول عيواص، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، والكاثوليكوس آرام الأول، كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا الكبير، نشكر ربنا يسوع المسيح، الذي منحنا أن نجتمع مرة أخرى، لكي نصلي معاً، ونتدارس الموضوعات والخدمات ذات الاهتمام المشترك، وذلك في دير القديس مار أفرام السرياني بمعرة صيدنايا، دمشق ـ سوريا. هذا هو اجتماعنا العاشر، منذ عام 1998 كرؤساء لكنائسنا، في إطار شركتنا التي أعددناها عام 1996 وقد شارك معنا أعضاء اللجنة الدائمة التي سبق أن عيناها.

وفي اجتماعنا بمعرة صيدنايا، أكدنا وحدتنا في الإيمان عبر القرون الماضية، وهي أساس عقائدنا المشتركة وتعاليمنا اللاهوتية. وبالاستناد العميق إلى الكتاب المقدس، والإيمان والتقليد الرسوليين، والمجامع المسكونية الثلاثة (نيقية 325م، القسطنطينية 381م، أفسس 431م)، وكذلك تعاليم آباء الكنيسة، استمرت وحدة كنائسنا الأرثوذكسية الشرقية، في الحياة والإيمان، فصارت هكذا نبعاً حياً للقوة الروحية والالتزام الرعوي. إن وحدة إيماننا هذه، تظهر بجلاء في شركتنا الإفخارستية، وأسرارنا الكنسية.

وفي تضامننا ووحدتنا في الإيمان، لا نحصر أنفسنا في وحدة كنائسنا، بل نشعر بالمسؤولية أن نجاهد من أجل الوحدة الكنسية العامة في منطقتنا وفي أنحاء العالم، فنحن نعتبر وحدة الكنائس أولوية لدينا كما أننا سنظل على التزامنا الكامل في الحركات المسكونية كافة، سواء من خلال مجلس الكنائس العالمي، حيث الشراكة العالمية، أو مجلس كنائس الشرق الأوسط حيث الشراكة الإقليمية. وسنستمر في أداء دورنا النشط في مجلس الكنائس العالمي، كما أننا نعبر عن رضانا لما تبناه المجلس في عملية اتخاذ القرار، أن يكون بالإجماع، الأمر الذي التزم به بنجاح منذ اجتماعات الجمعية العمومية التاسعة، في بورت الليغري ـ البرازيل. إننا نشجع اللجنة الدائمة الخاصة بالإجماع والتعاون، أن تستمر في الإيفاء بأهداف اللجنة الخاصة بمشاركة الأرثوذكس في مجلس الكنائس العالمي. كما أننا سوف نستمر في أداء دورنا النشط في مجلس كنائس الشرق الأوسط متطلعين برجاء إلى اجتماع الجمعية العمومية في قبرص من 26ـ30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007.

ويود البابا شنودة الثالث، والبطريرك إغناطيوس زكا الأول، أن يعبرا عن تقديرهما العميق لقداسة الكاثوليكوس آرام الأول لإسهامه المسكوني الطويل، عبر أربعة عشر عاماً، كمقرر للمجلس.

وفي جهادنا من أجل وحدة جميع الكنائس، نحن نشترك بنشاط في عدد من الحوارات اللاهوتية المشتركة، مع الكنائس: الأرثوذكسية والكاثوليكية الرومانية والأنكليكانية، واللوثرية، والمصلحة، وفيها نعبر عن أرثوذكسيتنا الأصيلة حول التعليم الخاص بطبيعة السيد المسيح. لقد أدرك هؤلاء اللاهوتيون تماماً، الذين كانوا يعتبروننا monophysites (أي أصحاب الطبيعة الواحدة)، أننا miaphysites (أي أصحاب الطبيعة المتحدة)، تابعين تعاليم أبينا المشترك القديس كيرلس الإسكندري، ما زالت هناك خلافات مع الكنائس الأخرى تحتاج إلى المزيد من الحوار والمناقشات ولا بد أن نتوقع أن إستقبال الكنائس للاتفاقيات اللاهوتية المشتركة، الناجمة عن الحوار، تحتاج إلى بعض الوقت والصبر.

وحول الحوار اللاهوتي بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية، فقد قام قداسة البطريرك المسكوني بارثولوميو بتعيين الرئيس المشارك الجديد للجنة الحوار، وهو المطران عمانوئيل من فرنسا ليقابل الكاثوليكوس آرام ليساعده في مهمته.

وهكذا التقى الرئيسان المشاركان للجنة الحوار، المطران عمانوئيل من فرنسا والمطران الأنبا بيشوي في كاثوليكوسية الأرمن لبيت كيليكيا
ـ انطلياس ـ لبنان في 17 (نيسان) ابريل 2007 وتبادلا الرأي حول الخطوات المستقبلية بهذا الصدد.

أما اللجنة العالمية للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية، فقد عقدت اجتماعها الرابع في 28 بناير (كانون الثاني) ـ 3 فبراير (شباط) 2007 في روما. وسوف تعقد اجتماعها الخامس بمشيئة الله في دير القديس مار أفرام السرياني للسريان الأرثوذكس، معرة صيدنايا، دمشق ـ سوريا، من 27 بناير ـ 2 فبراير 2008.

وقد أرسل سيادة رئيس أساقفة كنتربري روان ويليامز أخيراً، وفداً لزيارتنا في لبنان ومصر وسوريا، للتباحث في إمكانية استئناف الحوار بين كنائسنا والأنكليكان ولكي يتحقق الهدف، نحن نتوقع أن يلتقي رئيس أساقفة كنتربري في اجتماع رسمي مع صاحب القداسة الكاثوليكوس آرام الأول، المسؤول عن الحوارات اللاهوتية في اجتماعاتنا. إن غرض هذا الاجتماع هو أن يوضح الوضع الحالي للأنكليكان ويتناقش مع رئيس الأساقفة وجهات النظر والأمور ذات الإهتمام المشترك بين كنائسنا الثلاث والكنيسة الأنكليكانية، وكذلك الخطوات العملية اللازمة لإعادة تنشيط الحوار.

وقد تلقينا دعوة من الاتحاد العالمي اللوثري من خلال قداسة الكاثوليكوس آرام الأول، نحو تشجيع إنماء العلاقات مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، وإنشاء آلية لعلاقات ثنائية منتظمة. ونحن نرحب بهذه الدعوة التي تفتح الطريق لحوار مشترك، وسوف نوجه هذه الدعوة إلى بقية أعضاء عائلتنا.

إننا نعي بعمق الأحداث المحيطة بنا في الشرق الأوسط وندعو كنائسنا إلى أن تعمل باستمرار من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط. وإن الحوار الإسلامي ـ المسيحي جزء لا يتجزأ من تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا في هذه المنطقة، ولقد كانت كنائسنا على الدوام في حوار مع الإسلام، وما زالت. وفي إطار التطورات الجديدة الحادثة في العراق، والوضع الراهن في العراق وفلسطين، لا بد من بذل الجهود، من أجل تعميق الاحترام المتبادل والمطلوب بين المعلمين والباحثين وقادة المجتمع، المسلمين والمسيحيين. إن من حق أي شخص أن يشرح أو يدافع عن ديانته، لكن دون عدوان أو تجريح في ديانة الآخر. ونفس هذا الكلام ينبغي أن ينطبق على وسائل الإعلام الحديثة، التي أصبحت أداة بالغة الحساسية، في التأثير على علاقة الثقافة والأديان والأمم.

إننا ندين كل صور العنف فالديانة يجب أن تدعو إلى الحب والرجاء والمصالحة، والسلام والعدالة وحقوق الإنسان. ولا يجب استخدام الأديان في تحقيق أهداف غير دينية. ونحن ندعو أولئك الذين يستخدمون العنف، أن يحلوا مشاكلهم من خلال الحوار والفهم المتبادل.

ونحن نركز ـ بصورة خاصة ـ على العراق الجريح، الذي يعاني من الأعمال المدمرة لبعض القوى الشريرة فهذا الوضع الحرج اضطر عدداً هائلاً من أبنائه العراقيين، من مسلمين ومسيحيين، إلى هجر بلادهم. لهذا فنحن نحث الأمم المتحدة وجميع المنظمات الإنسانية ليمدوا يد المعونة إلى اللاجئين حيث كانوا، إلى أن يعيد الله إلى وطنهم الأمن والاستقرار.

إننا نؤمن أن عملية السلام يجب أن تستمر مع قوة دفع جديدة، ليحصل الفلسطينيون على دولتهم المستقلة وحق العودة إلى وطنهم ويجب أن ترضخ إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، فتنسحب من كل الأراضي العربية المحتلة، بما فيها مزارع شبعا في جنوب لبنان، ومرتفعات الجولان، والقدس. إن الطريق الوحيد للسلام الدائم في الشرق الأوسط لن يأتي إلا من خلال تحقيق العدالة الكاملة.

إننا نصلي راجين أن يصل القادة اللبنانيون سريعاً إلى فهم متبادل، ناتج عن أسلوب الحوار، لكي يقودوا لبنان إلى الأمن والسلام والاستقرار، لمصلحة جميع مواطنيه من خلال مشاركة طوائفه كافة.

إننا نراقب وبرضى أن المسيحيين في إيران يشاركون في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويتمتعون بممارسة إيمانهم المسيحي، ويقومون بدورهم في بناء الوطن.

وإذ نحيي رئيس الجمهورية العربية السورية، سيادة الدكتور بشار الأسد، وكل رؤساء الطوائف المسيحية فيها، وكل الشعب السوري، نلحظ بفرح إشغال المسيحيين في سوريا في عمليات التجديد، يمارسون حريتهم الدينية، ويعيدون تنظيم أنشطتهم الكنسية، ويقومون ببناء كنائس وأديرة جديدة، ويلعبون دوراً نشطاً في المجتمع، من أجل الاسهام في تقدم الوطن.

إننا نهيب بأبنائنا في الشرق الأوسط وكل العالم أن يظلوا مرتبطين بالإنجيل ووصاياه وأحكامه، وأن يساهموا بنشاط أوفر في الحياة والشهادة. إننا نلتزم بالتعاون المستمر والمتعمق، وسوف نلتزم أيضاً ـ بإرشاد الروح القدس ـ بمزيدٍ من التجديد والحياة لشهادة كنائسنا، وبخاصة في مجالات التعليم واللاهوت والدياكونية (الخدمة) والكرازة والمحافل المسكونية، وما زالت اللجان الفرعية للجنة الدائمة مستمرة في خدمة معاهدنا اللاهوتية والشبيبة والنشر المشترك.

ونود في ختام اجتماعنا العاشر أن نعبر عن شكرنا الجزيل للبطريرك مار إغناطيوس زكا الأول لحسن ضيافته لنا.

وندعو لمؤمني كنائسنا أن يكون سلام ربنا يسوع المسيح معهم على الدوام.

شنودة الثالث
بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
إغناطيوس زكا الأول عيواص
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق
آرام الأول
كاثوليكوس بيت كيليكيا