الميمر 196 على الطوباوية البتول والدة الله مريم

الميمر 196

 

        ايها الصالح المفتوح بابه للاشرار وللخطأة، ساعدني لادخل وارى جمالك وانا مندهش، يا هري التطويبات الذي يشبع منه حتى الظالمون، اقتات بك لانك كلك حياة لمن يذوقك، يا كأسا تسكر بشرابها النفس فتنسى آلامها، منك اشرب وبك اتفقّه واذكر خبرك، وتعظم كلمتي بتراتيلك الجميلة، ساعد صغري لاتكلم عن عظمتك، بك ترتفع كلمتي الى العلى وتصفك، ربنا انت الكلمة الناطقة المليئة حياة، والميمرا العظيم الذي يعطي غنى لمن يسمعه، كل من يتكلم بك ولاجلك يتكلم، لانك كلمة وعقل الاذهان والافكار، افكار النفس لا تتحرك بدونك، ولا الالسنة تنبس الكلمة الا بك.

        يعقوب يصف مريم البتول: يا ابن البتول ساعدني لاتكلم عن والدتك، وانا اعترف بان وصفها يفوقنا، ثار فيّ الآن ميمر عجيب حتى انطقه، اصغوا ايها المتميزون باذن النفس بمحبة، بتول الاقداس دعتني اليوم لاصفها لنصفِّ سمعنا لخبرها اللائق لئلا يهان.

        مريم متواضعة: هي نفسها قالت: نظر الى تواضعها وحل فيها، ولهذا فانها تُمدح لانها جملت كثيرا، التواضع هو حد الكمال، لما يسبق احد وينظر الى الله حينئذ يتواضع، مثل مريم لم يتواضع احد من عالمنا، ومن الواضح بانه لم يرتفع احد مثلها، الرب يعطي الوحي حسب التواضع: لقد جعلها امه ومن هو مثلها في التواضع،؟ لو وُجدت اخرى اطهر واكثر حلما منها، لكان يحل فيها ولكان يترك مريم لئلا يحل فيها.

        مريم جميلة بحريتها: رايتُ وصدّقت بانها صارت امّا لابن الله لانها هي وحدها المرأة الاطهر في العالم كله، منذ ان عرفت ان تميز الخير من الشرور قامت في نقاء القلب وفي افكار قويمة، هذا هو الجمال: لما يكون المرء جميلا من الحرية وبارادته ينتصر جمال الكمال، مهما جمال الشيء (الصادر) من الله لا يُمدح لو لم تكن الحرية قريبة (اليه)، الشمس جميلة ولا تُسبّح من قبل المشاهدين، وهذه البتول التي يوصف خبرها من قبلنا قد جملت واختيرت بفضل ارادتها الصالحة.

        امومة مريم لله هي نعمة: جملت بقدر ما كانت الطبيعة تفسح المجال للجمال، اما وصولها الى هذه الدرجة فلم يكن من ارادتها، الى هنا مشت في فضيلة بشرية، اما اشراق الله منها فلم يكن من خاصتها.

        الرسالة نمط لمريم: ظهرت لنا مريم كرسالة مختومة كانت مخفية فيها اسرار الابن وغوامضه، اعطت جسمها النقي كورقة نظيفة وعليها كتب الكلمةُ ذاتَه جسديا، كانت رسالة لم تُختم بعد كتابتها انما ختمها وبعدئذ كتبها الله، دخل الكلمة داخل الاختام المحفوظة وحل فيها: بكارة في جسد المليئة عجبا وحبلٌ في بطنها.

        جبرائيل يبشر مريم وهي في الصلاة: ارسل المستيقظَ من افواج السماويين ليجلب البشارة للطوباوية المليئة جمالا، بدل الحية قام جبرائيل ليتكلم، وبدل حواء دخلت مريم لتقبل (الكلام)، بدل الكذابة التي ادخلت الموت بالحديث الذي طرحته، قام الصادق ليكرز الحياة بالخبر الذي جلبه، وبدل الام التي كتبت واذنبت بين الاشجار، اوفت البنت كل ذنوب آدم ابيها، انظر الى حواء وهي تصغي باذنها لتنصت الى صوت الحيالة وهي تصفر لها الكذب، هلم وشاهد المستيقظ وهو يسكب الحياة في اذنها ويزيل عنها سمّ الحية ويعزيها، من الباب الذي دخل منه الموت دخلت الحياة وحلت العقدة العظمى التي عقدها الشرير هناك.

        مريم تستفسر من جبرائيل: كيف يصير الحبل وهي بتول:؟ قالت له: كيف يتم ما قلته،؟ فانا بتول ولا توجد ثمرة للبتولات، في ذلك الوقت كانت الاسئلة تلزم كثيرا ليتضح خبر الابن لما يحل فيها: اتى اولا الروح وبعدئذ القوة حلت في الطاهرة كما قال لها: ياتي الروح والقوة تحل، قوة العلي هو الولد من العلي ذاك الذي حل فيها لياتي الى الولادة الجسدية، المسيح هو قوة الآب كما هو مكتوب.

        حواء صدقت الحية ولم تستفسر منها: حواء لم تسأل الحية لما اضلتها، لانها سكتت بارادتها وصدّقت الكذب، تلك سمعت بانها تصير الهة من الشجرة، ولم تقل كيف يصير ما تقوله؟. بسكوت حواء الاندحار والاسم النتن، وبكلام مريم الحياة والنور مع الغلبة.

        الروح القدس يقدس مريم: الروح القدس اتى عند مريم ليحل منها قصاص حواء وآدم الاول، قدّسها وطهّرها وجعلها مباركة في النساء، وحررها من لعنة اوجاع حواء امها، كانت تُدعى لتصير امّا لابن الله فقدسها الروح القدس وبعدئذ حل فيها، حررها الروح من ذلك الذنب لتصير اسمى من الجهالة لما يحل فيها بقداسة، تلك الاضافة-الذات الشريرة التي صنعتها الحية محاها منها وملأها قدسا ووداعة.

        قوة العلي اي الكلمة تجسد في مريم بعد تقديسها: ابن الله كان قد اراد ان يتأنس منها، فجعل اولا جسمها بدون خطيئة بواسطة الروح، الكلمة كان قد نزل ليصير جسدا، ولهذا نقى بالروح تلك التي صار منها جسدا، وجعلها طاهرة ونقية ومباركة مثل حواء قبل ان تتكلم معها الحية، اقامها في تلك الدرجة التي كان يقوم فيها حواء وآدم قبل ان يخطئا وبعدئذ حل فيها.

        مريم تلد في بتوليتها كما ولد آدم امنا حواء: كما ولد ابونا امنا بدون زواج، ولدت هي ايضا لانها كانت مثل آدم قبل ان يخطيء، الروح القدس الذي كان قد نُفخ في وجه آدم وولد حواءَ، قبلته هي ايضا وولدت الابنَ، آدمُ ولد امّ الاحياء بدون زواج، وصوّر ولادة ربنا الذي هو معين الحياة، وضع اسما لحواء: امّ كل حيّ، وقد تنبأ بانها تلد لنا الحياة-ربنا الذي هو يسوع.

        مريم صارت معلمة للبيعة وللعالم: مريم هي مباركة لانها بسؤالها من جبرائيل تعلّم العالم هذا السر الذي كان مخفيا، لو لم تسأله كيف يكون هذا، لما تعلّمنا نحن تفسير خبر الابن، صارت الحكيمة فما للبيعة بذلك السؤال وتعلمت ذلك التفسير بدل كل البرية.

– المخطوطتان؟: نسخة ابيلوس، حياة ومؤلفات القديس يعقوب. [ قابلها بيجان على المخطوطة: لندن 14516 ورقة 143. ترك بيجان جانبا العديد من الاختلافات.]

 

– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. وردت بعض ابيات هذا الميمر في الليتورجية السريانية. الميمر روعة ادبية ولاهوتية. يقول ملفاننا: اتى الروح القدس الى مريم وقدسها وجعلها مثل آدم وحواء قبل خطيئتهما، وبعدئذ حل فيها الكلمة اي قوة العلي. اذاً مريم تلطخت بذنب آدم مثل البشر استنادا الى نص الرسالة الى العبرانيين 4/15 وبعدئذ قدسها الروح. قد يرقى تاليف هذا الميمر الى حوالي سنة 485-490م.

 

– الدراسات:

Carmen ejusdem sancti Mar Jacobi de Beata Virgine Dei genitrice Maria, in Abbeloos, De Vita, pp. 199-253

Costantino Vona, Sulla Beata Vergine Generatrice di Dio Maria, in Vona, pp. 115-134

Bickell, Gedichte, pp. 228-246

 

 

للقديس مار يعقوب

الميمر 196

على الطوباوية البتول والدة الله مريم[1]

 

المقدمة

 

1 ايها الصالح المفتوح بابه للاشرار وللخطأة، ساعدني لادخل وارى جمالك وانا مندهش،

2 يا هري التطويبات الذي يشبع منه حتى الظالمون، اقتاتُ بك لانك كلك حياة لمن يذوقك،

3 يا كأسا تُسكر بشرابها النفس وتنسى [ آلامها،[2] منك اشرب وبك اتفقّه واذكر خبرك،

4 يا من لا يحسد ان يعظم جنسنا غير المستحق، لتعظم كلمتي بتراتيلك الجميلة،

5 يا ابن [ العظمة[3] الذي صار ولدا لغاية الصغر، ساعد صغري لاتكلم عن عظمتك،

6 يا ابن العلي الذي شاء ان يصير من السفليين، بك ترتفع كلمتي الى العلى وتصفك،

7 ربنا انت الكلمة الناطقة المليئة حياة، /615/ والميمر العظيم الذي يعطي الغنى لمن يسمعه،

8 كل من يتكلم بك ولاجلك يتكلم، لانك كلمة وعقل الاذهان والافكار،

9 افكار النفس لا تتحرك بدونك، ولا الالسنة تنبس الكلمة الا بك،

10 الشفتان لا تعطيان الصوت بدون امرك، ولا للاذن سمع بدون موهبتك،

11 هوذا ثرواتك مبذورة على البعيدين والقريبين، وبابك مفتوح ليدخل عندك الاشرار والصالحون،

12 الكل ثري بك وانت تُثري الكل بدون كيل، ليغتنِ منك ميمر الجمال ويصفك،

13 يا ابن البتول ساعدني لاتكلم عن والدتك، وانا اعترف بان وصفها يفوقنا،

14 [ ثار] فيّ الآن ميمر عجيب حتى انطقه، اصغوا ايها المتميزون [ باذن[4] النفس بمحبة،

15 خبر مريم هبط عليّ بعجب ليبين نفسَه، انتم هيأوا افكاركم بتمييز.

 

 

القاب مريم البتول في التدبير الالهي

16 بتول [ الاقداس[5] دعتني اليوم لاصفها لنصفِّ سمعنا لخبرها اللائق لئلا يهان،

17 السماء الثانية التي حلّ في حضنها رب الاعالي، واشرق منها ليطرد الظلمة من الاقاصي،[6]

18 /616/ المباركة في النساء التي بها أستئصلت لعنة الارض، ومنذ عهدها انتهى القصاص،[7]

19 العفيفة والمحتشمة والمليئة جمال القداسة، ان فمي اصغر من ان ينطق كلمة بخصوصها،

20 بنت الفقراء صارت امّا لرب الملوك، واعطت الغنى للعالم المحتاج ليحيا منه،

21 السفينة التي حملت الكنوز والتطويبات من بيت الآب واتت وافرغت الغنى في موضعنا المعوز،

22 الحقل الصالح الذي اعطى الكدس بدون زرع، وكثرت منه الغلة العظيمة دون ان يُفلح،

23 حواء الثانية التي ولدت الحياة بين الموتى، واوفت ومزقت صك حواء امها،[8]

24 الصبية التي ساعدت العجوز الساقطة واقامتها من السقوط الذي سببته لها الحية،[9]

25 البنت التي نسجت حلة المجد واعطتها اباها وكسا نفسه لانه كان عريانا بين الاشجار،[10]

26 البتول التي صارت امّا بدون زواج بعجب، والامّ التي مكثت في بتوليتها بدون تغيير،

27 المقصورة البهية التي شيدها الملك ودخل وحل فيها ولم تُفتح الابواب امامه لما خرج،[11]

28 الشابة التي صارت كمركبة السماويين وحملت وزيحت ذلك الجبار الذي يحمل البرايا،[12]

29 /617/ العروس التي حبلت ولم ترَ الختن نهائيا، وولدت جنينا دون ان [ ترى موضع[13] ابيه.

 

يعقوب يتكلم

30 كيف اصوّر صورة لهذه المليئة جمالا بالوان بسيطة اذ لا يمكن مزجها لتصويرها،؟

31 صورة جمالها اسمى وامجد من مزجي، ولا اتجاسر حتى يرسم فكري صورة لمحياها.

 

 

من يقدر ان يرسم صورة لمريم؟

32 يسهل علينا تصوير الشمس بنورها وحرارتها اكثر من وصف خبر مريم في مجدها،

33 هل [ تُحبس[14] عجلة الاشعة تحت الالوان،؟ غير انه لا يُحدد الميمر الذي يصفها من قبل القوالين،

34 فيما لو تجاسر احد باي نظام يقدر ان يصورها،؟ وفي اية طغمة هي مختلطة لتوصف بها،؟

35 هل في البتولات،؟ وفي [ القديسات والعفيفات،؟[15] وفي نساء الرجال،؟ وفي الوالدات،؟ او في الامهات،؟

36 هوذا جسم الممجدة يحمل البتولية والحليب: الولد كامل والحضن مختوم ومن يفهمها،؟

37 [ قبل[16] ان تُرى قائمة في جموع الشابات، رايتُها تعطي الحليب للطفل مثل الامهات،

38 قبل ان اسمع بان يوسف [ رَجلها[17] يجلس معها، رايتُ بانها لم ترتبط بالزواج،

39 /618/ قبل ان اصمم لاحصيها في طغمة البتولات، اتاني الصوت: هوذا مخاض الولادة قد هجم عليها،[18]

40 افكر لاسميها زوجة بسبب يوسف، واؤمن بانها لم تُعرف من قبل المائت،

41 انظر اليها وهي تحمل ابن الوالدات، وارى بانها تقوم في درجة البتولات،

42 انها بتول، وامّ، وامرأة رجل، وغير متزوجة، فكيف اتكلم لو اتكلم لانها لا تُدرك.؟

 

يعقوب يتكلم

43 المحبة تحركني لاتكلم عن البهية وسمو [ ميمرها[19] اقوى مني، وماذا اعمل،؟

44 اصرخ علنا بانني لم اتمكن ولن اتمكن فاعود لاسرد بالمحبة خبر الممجدة،

45 المحبة فقط [ لا[20] تلام لما تتكلم لان تمييزها محبوب ويثري من يسمعه،

46 اتكلم بعجب عن مريم وانا خائف: الى اي مقياس عظيم صعدت بنت السفليين،؟

47 هل النعمة احنت الابنَ عندها،؟ ام هل هي جملت لتصير امّا لابن [ الله.؟[21]

 

 

نزل الابن بالنعمة وقبلته مريم بسبب طهرها

48 من الواضح بان الله نزل الى الارض بالنعمة، وقبلته مريم لانها كانت طاهرة جدا،

49 نظر الى تواضعها وحلمها وطهارتها، /619/ فحل فيها اذ يسهل عليه ان يحل في المتواضعين،

50 الى من انظر الا الى الحليمين والمتواضعين،؟ فنظر وحل فيها لانها كانت اكثر تواضعا من المولودين .[22]

 

التواضع قمة الكمال

51 هي نفسها قالت: نظر الى تواضعها وحل فيها، ولهذا فانها تُمدح لانها جملت كثيرا،[23]

52 التواضع هو حد الكمال، لما يسبق احد وينظر الى الله حينئذ يتواضع،

53 موسى العظيم كان متواضعا اكثر من كل احد فنزل الله عنده على الجبل بالتجلي،[24]

54 يُرى ايضا التواضع لدى ابراهيم الذي سمى نفسَه ترابا ورمادا بينما كان عادلا،[25]

55 يوحنا ايضا كان متواضعا لما كان يكرز بانه ليس مستحقا ان يحل (سير) حذاء الختن ربه،[26]

56 بالتواضع حسن المنتصرون في الاجيال المختلفة، لانه الطريق العظيمة التي بها يقترب الانسان عند الله،

57 مثل مريم لم يتواضع احد من [ عالمنا،[27] ومن الواضح بانه لم يرتفع احد مثلها،

58 الرب يعطي الوحي حسب التواضع: لقد جعلها امه، ومن هو مثلها في التواضع.؟

 

لو وُجدت امرأة اكثر تواضعا من مريم لكان الابن يحل في تلك المرأة

59 لو وُجدت اخرى اطهر واكثر حلما منها، /620/ لكان يحل فيها وكان يتركها لئلا يحل فيها،

60 ولو وُجدت نفس ابهى واقدس من نفسها، لكان يختار تلك ولكان يتركها،

61 ربنا نظر الى كل النساء لما نزل الى الارض، فاختار له واحدة: تلك التي كانت اجملهن،

62 فحصها ووجد فيها التواضع والقداسة والحواس النقية والنفس التي تحب اللاهوت،

63 والقلب النقي وكل افكار الكمال، ولهذا اختار الطاهرة المليئة جمالا،

64 نزل من موضعه وحل في المجيدة لانه لم يكن لها في العالم رفيقة تشبهها،

65 واحدة متواضعة وطاهرة ونقية وبدون دنس وهي كانت مستحقة لتصير [ امه[28] واخرى لا،

 

66 تطلع اليها ووجدها سامية وطاهرة من الشرور ولا تثور فيها الحاسة [ المائلة[29] الى الشهوات،

67 ولا التفكير الذي يفسح المجال للعهارة، ولا عِشرة العالم التي تنجب المضرات الشريرة،

68 ولا تشتعل فيها محبة اباطيل العالم، ولا تتصرف بافعال المراهقات،

69 وراى بانه لا توجد في العالم من تشبهها، فاخذها امّا ليرضع منها الحليب الطاهر،

70 /621/ كانت متميزة ومليئة محبة لله لان ربنا لا يحل حيث لا توجد المحبة،

71 لما صمم الملك العظيم ان ياتي الى موضعنا، ورضي ان يحل في اطهر ناؤوس في كل المسكونة،

72 وفي الحضن الطاهر الذي كان مزينا بالبتولية، وفي الافكار التي كانت [ مستحقة[30] القداسة،

73 انها مليئة جمالا في طبيعتها وفي ارادتها، لانها لم [ تتوسخ[31] بالشهوات غير الحسنة،

74 منذ طفولتها [ قامت في الاستقامة بدون دنس، وبدون ارجاس[32] مشت في الدرب بدون عثرات،

75 الطبيعة المحفوظة مع ارادة الحسنات، والبتولية في جسدها، وكانت موجودة كل يوم الاقداس[33] في نفسها.

 

يعقوب يتكلم

76 الفعل الذي جرى فيها ساعدني لاقول هذه الامور عن الجميلة التي لا توصف،

77 رايتُ وصدّقت بانها صارت امّا لابن الله لانها هي وحدها المرأة الاطهر في العالم كله.

 

مريم لم تحِد عن الناموس

78 منذ ان عرفت ان تميز الخير من الشرور قامت في نقاء القلب وفي الافكار القويمة،

79 لم تحِد من العدالة التي في الناموس، ولم تقلقها الاهواء المذمومة والجسدية،[34]

80 /622/ منذ طفولتها هبطت اليها حواس القداسة، وبتمييزها ربّتها فيها باحتراس،

81 كان الرب موضوعا ازاء عينيها في كل ايامها، وكانت تنظر اليه لتستنير منه وتلتذ فيه،

82 واذ وجد كم ان نفسها طاهرة ونقية، اراد ان يحل فيها لانها كانت نقية من الشرور،

83 واذ لم توجد مثلها امرأة قط، فقد تم فيها العمل العجيب الذي هو الاعظم من الكل،

84 كانت تلزم بنت انسان واحدة من الاناث، فاختيرت هي لانها كانت اجمل جميعهن،

 

85 الآب القدوس شاء ان يجعل امّا لابنه، ولم [يجد[35] مثل تلك التي اختارها لتصير امه،

86 الصبية المليئة جمالا خفيا منها وعليها، وقلبها نقي لترى الاسرار التي [ تمت[36] فيها.

 

الله يحب الجمال الصادر من الارادة

87 هذا هو الجمال: لما يكون المرء جميلا من الحرية، وبارادته ينتصر جمال الكمال،

88 مهما جمل الشيء (الصادر) من الله لا يُمدح لو لم تكن الحرية قريبة (اليه)،

89 الشمس جميلة ولا تُسبّح من قبل المشاهدين: من المعلوم بان ارادتها ليست هي التي اعطتها النور،

90 من هو جميل هو (جميل) من الحرية ومالك جمالا /623/ ولهذا يُمدح لو كان جميلا،

91 الله ايضا يحب الجمال الذي (يصدر) من الارادة ويمدح الارادة الصالحة لما تجمل،

92 وهذه البتول التي يوصف خبرها من قبلنا قد جملت واختيرت بفضل ارادتها الصالحة،

93 هو نزل ليصير انسانا من بنت الانسان، ولانها قد جملت فقد اختيرت ليصير منها،

94 ولكون نعمته اعظم من (نعمة) المولودين، فجمال مريم يُمدح اكثر لانها صارت امه،

95 لقد جملت واختيرت من قبله بتواضعها وبطهرها وباستقامتها وبارادتها الصالحة،

96 لو جملت اخرى اكثر منها لكان يختارها، لان الرب لا يحابي لانه عادل ومستقيم،[37]

97 لو كان يوجد دنس او نقص في نفسها، لكان يفتش له عن امّ اخرى لا دنس فيها،

98 هذا الجمال الاطهر من كل [ جمال[38] يقوم بالارادة الصالحة بالنسبة لمن يقتنيه،

99 ولهذا يلزم ان يتعجب كل واحد بالممجدة: كم انها جملت حتى ان الرب اختارها امّا له.!

 

نزول الله وتجسده في مريم سببه نعمته ومراحمه

100 جملت بقدر ما كانت الطبيعة تفسح المجال للجمال، اما وصولها الى هذه الدرجة فلم يكن من ارادتها،

101 /624/ الى هنا سلكت في الفضيلة البشرية، اما اشراق الله منها فلم يكن عائدا اليها،

102 المليئة جمالا دنت بفضيلة نفسها الى حيث اقترب العادلون من الله،

103 اما اشراق [ الرب منها[39] جسميا فسببه هو نعمته وهو يُمدح كم انه رحمن،

104 جمال مريم وصل الى حد هذه الدرجة، ولم يوجد ولم يقم في العالم آخر اعظم منها،

105 ومن الآن وصاعدا لنعطِ البرارة للرب لانه بسط نعمته على البرايا بدون مقياس،

 

106 اعتبر بانه برى كل العوالم ولا تسعه، (وخليقة) مريم لا توجد اعظم منها بين [المولودات،[40]

107 كانت قد تطهرت مثل يوحنا ومثل اليشع ومثل ايليا ومثل ملكيصادق المشهورين،[41]

108 صعدت الى درجة هولاء الساميين بالجمال، ثم اختيرت لتصير امّا لابن القدوس،

109 اقتربت بنفسها الى حد الفضيلة ثم حلت فيها تلك النعمة التي هي بدون حد،

110 نظر اليها الرب (ووجد) بانها مليئة جمال القداسة فاراد ان يحل في حضنها الطاهر بقداسة.

 

المستيقظ بشّر مريم وهي تصلي على مثال دانيال وزكريا الكاهن

111 وارسل المستيقظَ من افواج السماويين /625/ ليجلب البشارة الى الطوباوية المليئة جمالا،

112 هبط جبرائيل رئيس القوات العظيم، ونزل عندها كما أُرسل من قبل العلي،

113 هي وحدها كانت تستحق السرّ العظيم لانها كانت ثرية في [ الايحاءات الالهية،[42]

114 قبلت مريم ذلك الوحي الروحي بالصلوات وبالنقاء وبالبساطة،

115 وهي قديسة وواقفة بعجب امام الله، وقلبها مسكوب بالمحبة لتصلي امامه،

116 كانت في الصلاة كما كان دانيال في الصلاة لما نزل عنده مستيقظ النار،[43]

117 زكريا الكاهن لما كان قائما في قدس الاقداس ليصلي امام الله تفقده المستيقظ،[44]

118 وهذه الشابة التي صارت اهلا لهذا الوحي العظيم كانت في الصلاة لما استقبلت المستيقظ الذي نزل (عندها)،[45]

119 الصلاة النقية تعقد السر مع الله، وتتحدث اليه وتسمع منه وتستند اليه،

120 نزل المستيقظ بينما مريم قائمة في الصلاة واعطاها السلام الذي أُرسل لها من قبل العلي.[46]

 

جبرائيل يسلم على مريم ويبشرها بولد، مريم تقول كيف يتم هذا وانا غير متزوجة؟

121 السلام لك يا مريم ربنا معك ايتها الطوباوية، انت مباركة، [ ومبارك[47] ثمرة بتوليتك،

122 /626/ لما سمعت كانت تفكر بتمييز: ما هي علة هذا السلام غير المألوف،؟[48]

 

123 قال المستيقظ: لا تخافي يا مليئة مراحم، الرب رضي عليك لتصيري امه ببتوليتك،[49]

124 هوذا منذ الآن تقبلين الحبل بقداسة وتلدين [ العظيم] الذي ليس [لمُلكه[50] انقضاء،

125 قالت مريم: كيف يكون ما تقوله،؟ انا لا اعرف رجلا ابدا فكيف اثمرُ،؟[51]

126 لقد بشرتني بابن ولا اعرف الزواج، سمعتُ بولد ولم ارَ الزيجة،[52]

127 الوقت الذي كانت مريم واقفة وتتكلم مع جبرائيل بالمتناقضات كان مليئا عجبا،

128 الفقيرة بنت الفقراء والملاك التقيا ببعضهما بعضا وتحدثا عن خبر كله عجب،

129 البتول الطاهرة ومستيقظ النار تكلما بعجب كلاما طمأن الارضيين والسماويين،

130 واحدة من النساء ورئيس جميع القوات ابرما الشرط لاجل مصالحة العالم كله،

131 جلس الاثنان بين العلويين والسفليين وتكلما وسمعا وصنعا الامان لانهم كانوا غاضبين،

132 الصبية والمستيقظ التقيا ببعضهما بعضا /627/ وعكسا القضية الى ان ابطلا خصام الرب وآدم،

133 دُرست المناقشة العظيمة التي صارت بين الاشجار فبطلت كلها وصار الامان،[53]

134 الارضية والسماوي تكلما بمحبة وبطلت مخاصمة كلا الجانبين واطمأنا.

 

بدل الحية يتكلم الملاك، وبدل حواء تسمع مريم (تكوين 3/1-5)

135 كان قد [ تغير[54] الزمان السيء الذي قتل آدمَ واتى زمان حسن آخر لينبعث به،

136 بدل الحية قام جبرائيل ليتكلم، وبدل حواء دخلت مريم لتقبل (الكلام)،

137 بدل الكذابة التي ادخلت الموت بالحديث الذي طرحته، قام الصادق ليكرز الحياة بالخبر الذي جلبه،

138 وبدل الام التي كتبت واذنبت بين الاشجار، اوفت البنت كل ذنوب آدم ابيها،[55]

139 حواء والحية تبدلتا بالمستيقظ وبمريم، وصلح الخبر الذي تعثر منذ البداية،

140 انظر الى حواء وهي تصغي باذنها لتنصت الى صوت الحيالة وهي تصفر لها الكذب،[56]

141 هلم وشاهد المستيقظ وهو يسكب الحياة في اذنها ويزيل عنها سمّ الحية ويعزيها.

 

 

مقارنة بين حواء وبين مريم، وبين جبرائيل والشيطان-الحية

142 ذاك البناء الذي استاصلته الحية بناه جبرائيل، وقوّمت مريم الاسس التي نقضتها حواء في عدن،

143 /628/ بتولتان بُشرتا كلتاهما من قبل رسولَين اثنين أُرسلا في جيلَين الواحد ضد الآخر،

144 الشيطان ارسل بواسطة الحية السر لحواء، وارسل الرب بواسطة المستيقظ البشارة لمريم،

145 صنع جبرائيل نقضا للميمر الذي تفوهت به الحية ضد الشرير في اذن مريم بسبب حواء،

146 جدد الموضوع وبكلماته نقض المتناقضات، تكلم الحقيقة وابطل كل الكذب،

147 البتول خُدعت من قبل الغاشم في عدن وصارت اذنها صفارة للخدعة العظمى،[57]

148 وبدل هذه فقد اختيرت بتول اخرى، [ ونُطق[58] الحق في اذنها من قبل العلي،

149 من الباب الذي دخل منه الموت دخلت الحياة [ وحلت] العقدة العظمى التي عقدها [ الشرير[59] هناك،

150 حيث كثرت الخطيئة والموت منذ البداية، تفاضلت ايضا النعمة لتحيي آدمَ،[60]

151 الحية لم تعطِ السلام لحواء لما تكلمت معها، لانه لا يوجد سلام في الطريق المليئة موتا،

152 زمرت [ فيها[61] الخديعة ونفخت فيها الإفك وسكبت فيها الاثم والمشورات السيئة والمتناقضات الكاذبة،

153 وضعت في الوسط العداء وسرّ القتل وحقد الدم /629/ بالكلام الذي وجّهته الى آدم،

154 وضد هذه الامور دخل ووقف المستيقظ رسول الابن، وجلب لمريم خبر الحياة من قبل الله،

155 اعطاها السلام وزرع فيها الحياة ودعا لها بالامان والتقاها بالمحبة وابطل كل الامور الاولى،

156 اساس الاثم الذي كانت الحية قد شيدته حينذاك استاصله بنزول ابن الله لئلا يصلح ايضا،

157 لما [نزل[62] ثلم السياج الذي كان موضوعا بين الجهتيَن ليصير الامان بين الارضيين والسماويين،

158 ولهذا كان المستيقظ قد اعطى السلام لمريم كعربون الامان العظيم للعالم كله،

159 كان يقول لها: السلام لك يا مريم ربنا معك، تقبلين الحبل وتلدين ابنا في بتوليتك.[63]

 

 

مريم تستفسر من الملاك عن حَبَلِها، حواء لم تستفهم من الحية كيف تصير الهة؟

(تكوين 3/1-6؛ لوقا 1/26-38)

160 قالت له: كيف يتم ما قلته فانا بتول ولا توجد ثمرة للبتولات،؟

161 في ذلك الوقت كانت الاسئلة تلزم كثيرا ليتضح [ خبر[64] الابن لما يحل فيها،

162 مريم سألت لنتعرّف نحن من الملاك على ذلك الحبل الذي يفوق خبره التفسير،

163 مريم هي مليئة جمالا لمن يتامل فيها، وكم هي [ محبوبة[65] (امورها) للمتميزين،؟

164 /630/ هذه التي سألت لتتعرف منه على حبلها، كانت مبادرتها ومنها (صدرت) المنفعة لمن يسمعها،

165 حواء لم تسأل الحية لما اضلتها، لانها سكتت بارادتها وصدّقت الكذب،

166 هذه الشابة سمعت الحقيقة من الصادق، واذ كان الامر هكذا فقد تعقبت عن التفسير،

167 تلك سمعت بانها تصير الهة من الشجرة، ولم تقل كيف يصير ما تقوله،؟[66]

168 وهذه التي قال لها المستيقظ انها تحبل بابن الله، لم تقبله الى ان تعلمت الحقائق،

169 بتول آدم لم تتشكك من الكذاب (الذي قال لها) انها تصعد الى درجة اللاهوت بشخصها،

170 هذه التي قيل لها انها تلد [ ابن الله[67] فحصت وفتشت وتعقبت وتعلمت ثم سكتت،

171 انظر الآن كم ان هذه اجمل من تلك، فاختارها الرب بسبب جمالها وجعلها امه،

172 كان يسهل عليها ان تسكت، وكان يسهل عليها ايضا ان تسأل، وبتمييزها تعلمت الحقيقة من الملاك،

173 بقدر ما هي حواء مذمومة في خبرها (بقدر ذلك) تنتصر مريم وتُرى حكمتها ازاء جهالة تلك،

174 بقدر ما هي محتقرة تلك الاولى بسبب ذلك الفعل، /631/ وجه هذه هو مسفر بخبر الابن،

175بقدر ما هي تلك جاهلة(بقدر ذلك) هذه هي حكيمة لمن يفهم، لان كل ما اذنبت تلك(ضد)الله اوفته هذه،

176 بتلك (حدث) السقوط، وبهذه القيام لكل جنسنا، الخطيئة بحواء، ومن عند مريم البرارة،

177 بسكوت حواء الاندحار والاسم النتن، وبكلام مريم الحياة والنور مع الغلبة.

 

الروح القدس ياتي اليك وقوة العلي تحل عليك (لوقا 1/35)

178 اجابت المستيقظ: كيف يتم ما تقول،؟ وبدأ يفسر [ دربَ الابن[68] ونزوله عندها،

179الروح القدس ياتي عندك بقداسة، وقوة العلي تحل عليك ايتها المليئة تطويبات،[69]

 

180 هنا فاض كيل الميمر عن اللسان ولا يوصف الا بعجب الايمان،

181 الموضوع يتطلب حواسا اسمى من العادة، ومحبة [ تحب[70] ان تتكلم عنه بدون مخاصمة.

 

ياتي الروح ليقدس مريم وبعدئذ يحل فيها قوة العلي اي الابن الكلمة

182 مطلب الحياة في كلمة المستيقظ، ولماذا يا ترى لزم ان ياتي الروح القدس قبل الوحيد،؟

183 اولا الروح وبعدئذ القوة حلت في الطاهرة كما قال لها: ياتي الروح والقوة تحل،

184 قوة العلي هو الولد من العلي ذاك الذي حل فيها لياتي الى الولادة الجسدية،

185 /632/ المسيح هو قوة الآب كما هو مكتوب، وقبل هذا اتى الروح القدس عند مريم،[71]

186 وهكذا بشّرها المستيقظ الذي اتى من بيت الآب: ياتي الروح وبعدئذ تحل قوة العلي.

 

الروح القدس يقدس مريم ويحررها من قصاص آدم وحواء

187 الروح القدس اتى عند مريم ليحل منها قصاص حواء وآدم الاول،[72]

188 قدّسها وطهّرها وجعلها مباركة في النساء، وحررها من لعنة اوجاع حواء امها،[73]

189 كانت تُدعى لتصير امّا لابن الله فقدسها الروح القدس وبعدئذ حل فيها،

190 حررها الروح من ذلك الذنب لتصير اسمى من الجهالة لما يحل [ فيها[74] بقداسة.

 

الابن-الكلمة اخذ من مريم جسدا بدون خطيئة (عبرانيون 4/15)

191 نقى الامَّ بالروح القدس وهو يحل فيها لياخذ منها جسدا طاهرا بدون خطيئة،

192 ولئلا يكون وسخا الجسد الذي لبسه نفسيا، فقد نقى البتول بالروح القدس وبعدئذ حل فيها،

193 ابن الله كان قد اراد ان [ يتأنس[75] منها، فجعل اولا جسمها بدون خطيئة بواسطة الروح،

194 الكلمة كان قد نزل ليصير جسدا، ولهذا نقى بالروح تلك التي صار منها جسدا،[76]

195 /633/ ليتشبه بنا في كل شيء لما ينزل ما عدا كون جسده طاهرا وبدون خطيئة.[77]

 

 

المسيح-آدم الثاني صار مثل آدم قبل خطيئته

196 الله ذاته اراد ان يصير مثل الانسان، وطهر البتول بالروح وجعلها امه،

197 ليصير للعالم آدم الثاني من قبل الله ويساعد ذلك الاول الذي اسقطته الحية،[78]

198 ولما يدخل ليقاضي ركن العالم لن يجد فيه الخطيئة التي تفتح الباب للموت،[79]

199 واذ لا يخضع ابن الانسان للقصاص يخرج الله ذاته من بنت الانسان الى العالم.

 

مريم: حواء الثانية الجديدة هي مثل حواء وآدم قبل خطيئتهما

200 ولهذا فانه قدس بالروح تلك القديسة الشهيرة والمليئة تطويبات والبتول الطاهرة،

201 وجعلها طاهرة ونقية ومباركة مثل حواء قبل ان تتكلم معها الحية،

202 اعطاها الجمال الاول الذي كان لامها قبل ان تاكل من الشجرة المليئة موتا،[80]

203 والروح الذي اتى جعلها مثل حواء الاولى التي لم تسمع مشورة الحية وميمرها البغيض،

204 اقامها في تلك الدرجة التي كان يقوم فيها حواء وآدم قبل ان يخطئا وبعدئذ حل فيها،

205 ذخيرة البنين التي كانت لابينا آدم اعطاها لمريم بالروح القدس لما حل فيها.[81]

 

كما ولد آدم حواءَ ولدت مريم المسيح

206 /634/ كما ولد ابونا امَّنا بدون زواج، ولدت هي ايضا لانها كانت مثل آدم قبل ان يخطيء،

207 الروح القدس الذي كان قد نُفخ في وجه آدم وولد حواءَ، قبلته هي ايضا وولدت الابنَ،[82]

208 اقتنت مريم ايضا الطهارة التي كانت لآدم بالروح الذي اتى (عندها) فولدت بدون حركة الشهوة.

 

سبق الآب ورسم آدم وحواء على صورة ابنه (رومية 8/29-30)

209 آدمُ ولد امّ الاحياء بدون زواج، وصوّر ولادة ربنا الذي هو معين الحياة،

210 مسبقا عرف حواءَ وآدمَ ورسمهما بصورة ابنه الوحيد.[83]

 

 

حواء امّ الاحياء، مريم امّ الحياة

211 حواءَ البتول ولدها آدمُ بقداسة ولقبها بالاسم امّ الاحياء وكان قد تنبأ،[84]

212 لانه منها تظهر الحياة في العالم بالولد الثاني وتلد هي ايضا في بتوليتها ابنا لله،

213 في نبؤة آدم كان ربنا ينتصر وهو الحياة، وصارت مريم البتول امه،[85]

214 وضع اسما لحواء: امّ كل حيّ، وقد تنبأ بانها تلد لنا الحياة-ربنا الذي هو يسوع،[86]

215 مريم صعدت الى طهر تلك الولادة لان الروح قدسها وبعدئذ حل فيها ابن الله،

216 قدس جسدَها [ وجعلها[87] بدون شهوة بغيضة /635/ كما كانت حواء البتول قبل ان تشتهي،

217 الروح القدس الذي اتى عندها اخرج منها الخطيئة التي دخلت الى آدم بحركات الشهوة،

218 تلك الاضافة-[ الذات[88] الشريرة التي صنعتها الحية محاها منها وملأها القدس والوداعة،

219 وجعلها جديدة ورآها الرب جميلة جدا مثل الاولى، وبعدئذ حل وتجسد فيها،

220 ولهذا قال الملاك: ياتي الروح قبل نزول الكلمة الى مريم لما حل فيها.[89]

 

استحقت مريم ان تتكلم مع الملاك لتفسر لنا تجسد الابن-الكلمة

221 مريم هي مباركة لانها بسؤالها من جبرائيل تعلّم العالم هذا السرّ الذي كان مخفيا،

222 لو لم تسأله: كيف يكون (هذا)، لما تعلّمنا نحن تفسير خبر الابن،

223 جمال الموضوع الذي اعتلن جهرا هو من فضلها اذ صارت سببا ليُوضح [ لنا[90] من قبل الملاك.

 

مريم الحكيمة صارت فما للبيعة بذلك السؤال

224 صارت الحكيمة فما للبيعة بذلك السؤال وتعلمت ذلك التفسير بدل كل البرية،

225 ولو لم يكن لمريم حواس سامية لما كانت تصل لتتكلم مع المستيقظ،

226 لو لم تكن تقتني جمالا منها وعليها، لما كانت تتحدث حديثا مع جبرائيل،

 

227 /636/ هي بذاتها صعدت الى هذه المرتبة الى ان ياتي عندها ذاك الروح مكمل الكل،

228 من الله امتلأت نعمة اسمى من الكل، وحل في حضنها الوحيد ليجدد الكل.

 

كتب الكلمة نفسه في مريم-الرسالة

229 ظهرت لنا مريم كالرسالة المختومة التي كانت مخفية فيها اسرار الابن وغوامضه،

230 اعطت جسمها النقي كورقة نظيفة وعليها كتب الكلمةُ ذاتَه جسديا،

231 الابن ذاته هو الكلمة وهي الرسالة كما قلنا، وبها أُرسل الغفران للعالم كله،

232 كانت الرسالة التي لم تُختم بعد كتابتها انما ختمها وبعدئذ كتبها الله،[91]

233 ختموها وكتبوها وقُرئت دون ان تُحل، لان الآب كشف بها اسرارا فوق العادة،

234 دخل الكلمة داخل الاختام المحفوظة وحل فيها: البكارة في جسد المليئة عجبا والحبَل في بطنها،

235 بها ارسل لنا الآب البشائر المليئة تطويبات، وبها الغفران لصكوك جميع المذنبين،

236 بها أُرسلت الحرية لآدم الذي كان قد أُستُعبد فصار وارثا ودخل في البنين كما كان (سابقا)،

237 بها صنع العلويون الصلح مع السفليين وصارت الجبهتان في امان عظيم لانهما كانتا غاضبتين،

238 /637/ بها رُفع الخجل عن الاناث، وزال عار جميع النساء عن القبائل،

239 بها مُهدت الطريق الى عدن لانها كانت مغلقة، وهربت الحية واجتاز الناس عند الله،

240 بها ازال الكاروب رمحه لئلا يحرس بعدُ شجرة الحياة الذي القى بنفسه على آكليه،[92]

241 هي اعطت لنا الثمرة الحلوة المليئة حياة لناكل منها ونحيا الى الابد مع الله،

242 منها كان قد اشرق شمس البرارة، والنور البهي الذي طرد الظلمة عن الاقاصي.[93]

 

تطويبات مريم (لوقا 1/46-55)

243 الآب رضي ان تصير امّا لوحيده، ولهذا فان طوباها اعظم من طوبى [المولودين،[94]

244 بنور نفسها قالت مريم بسبب ثمرتها: لي تعطي الطوبى كل القبائل،[95]

245 هي نظرت الى اية درجة صعدت ووجدت بان العالم يعطيها الطوبى بعجب عظيم،

 

246 سبقت ونظرت الى المستقبل وتحدثت عنه (قائلة): شعوب الارض تعطي الطوبى لبتوليتها،

247 عرفت بالروح بان ابنها ملك جميع الشعوب، وطالبت بالطوبى من الالسنة كجزية.

 

لنعطِ الطوبى للطوباوية مريم

248 اذاً لنقل الطوبى للطوباوية /638/ لان طوباها اعظم من افواه العالم كله،

249 طوبى لها لانها قبلت الروح القدس، وطهرها ونظفها وجعل ناؤوسا وحل رب الاعالي في منزلها،

250 طوبى لها لان جمال بتوليتها العظيم ثابت، واسمها ينتصر بجبروت في العالم،

251 طوبى لها لانه صار على يديها تجديد لآل آدم، وبها قام الساقطون من بيت الآب الذين كانوا مطروحين،

252 طوبى لها لانها اسمى من زواج المتزوجات، ووجهها مسفر بولد الوالدات المحبوب،

253 طوبى لها لان جسدها لم يتوسخ ابدا بالشهوة، وها انها منتصرة بثمرة بتوليتها المحبوبة،

254 طوبى لها لان العظيم المليئة الاعالي منه والصغيرة له حل في بطنها الصغير والفقير،

255 طوبى لها لانها ولدت ذلك القديم الذي انجب آدمَ، وبها تجددت كل البرايا التي كانت قديمة،

256 طوبى لها لانها اعطت قطرات الحليب من اعضائها لذلك الذي برمزه فاضت امواج البحر العظيم،

257 طوبى لها لانها حملت وحضنت وحببت جبار العالمين الحامل الارض بقوته الخفية مثل الطفل،

258 طوبى لها لان المخلص اشرق منها على السبي، وبغيرته ربط السالب وطمأن الارض،[96]

259 /639/ طوبى لها لانها وضعت فمها الطاهر على شفتَي ذلك الذي يتغطى السواريف من لهيبه،[97]

260 طوبى لها لانها بحليبها الطاهر ربّت الثديَ العظيم الذي منه ترضع العوالمُ الحياةَ مثل الطفل.[98]

 

الخاتمة

261 طوبى لها لان ابنها يعطي الطوبى لجميع الطوباويين، مبارك الذي اشرق لنا من طهرها بقداسة.[99]

 

كمل (الميمر) على والدة الله والبتول القديسة مريم

1 – بعد تعريبنا للاجزاء الخمسة من الميامر المختارة وعددها: 1-195 ميمرا، الحقنا بها الميامر الاحد عشر التي نشرها بيجان في اخبار الشهداء والقديسين دون ان يرقمها كما رقم الميامر في الاجزاء الخمسة. اعطينا لهذه الميامر الارقام التالية: 196-206

اخبار الشهداء والقديسين صحيفة 614-865

  1. Martyrii qui et Sahdona quae supersunt omnia, Parisiis-Lipsiae, 1897, pp. 614-865, edit. Paulus Bedjan (Mimro 196-206)

 شإبا دسؤدًا ودقديًشا

[2] – ل: المها

[3] – آ: البتول

[4] – آ: هبط. آ: باذنَي

[5] – نص: القدس

[6] – مريم هي “السماء الثانية” بالاستعارة لانها احتضنت رب السماء، غير ان السروجي يعتبر مريم اعظم من السماء. انظر، ميمره 205 على البتولية والزنى..، انظر، ميمره 201

[7] – لوقا 1/42. في الليتورجية السريانية وردت مبعثرة الابيات: 16-18. انظر، الاشحيم 81-82

[8] – مريم توفي صك حواء؟ في نصوص اخرى المسيح وحده يوفي الصك العمومي الذي كتبه آدم وحواء. انظر، ميمره 10 على ابانا الذي في السماوات

[9] – تكوين 3

[10] – تكوين 3/10-11

[11] – حزقيال 44/1

[12] – حزقيال 1، 10

[13] – نص: تصادف موضع

[14] – آ: تفكر

[15] – ل: بالزوجات وبالمتواضعات

[16] – ل: لما

[17] – آ: رفيق

[18] – يقبل السروجي ان يهجم المخاض على مريم. انظر، ميمره 201. في نصوص اخرى ينفي هذه الفكرة. انظر، ميمره196، 199؟؟

[19] – آ: الميمر

[20] – آ: لو، نص: دلو

[21] – آ: القدوس

[22] – اشعيا 66/2

[23] – لوقا 1/48. وردت في الليتورجية السريانية مبعثرة البيوت: 46-50. انظر، الاشحيم 256-257

[24] – عدد 12/3

[25] – تكوين 18/27

[26] – لوقا 3/16

[27] – نص: العالم

[28] – آ: امّ

[29] – آ: تميل

[30] – آ: المستحقة له (للقداسة

[31] – ل: جُربت

[32] – ل: خطيئة قامت وبدون دنس

[33] – ل: القدس

[34] – يستعمل ملفاننا فعل (سطو) ليبرهن بان مريم لم تحد عن الناموس مثل آدم والشيطان

[35] – نص: (ارفي) ترك، سوني يصوب: (اشكاح) وجد؟

[36] – نص: تمّ، سوني يصوب: تموا

[37] – ايوب 34/19، رومية 2/11؛ مزمور 11/7، 92/15

[38] – ل: ادناس. انظر، ميمره 161

[39] – آ: منها المسيح

[40] – آ: المولودين

[41] – يقول ملفاننا ان ايليا نجا من الموت لانه لم يخضع للشهوة. انظر، ميمره 80 على اسرار وانماط المسيح، وميمره 108 على الطوفان. في ميمره 206 على الميلاد يؤكد بان الشيطان “ينظر” الى جميع البشر بدون استثناء لكي يحترم نص الرسالة الى العبرانيين. عبرانيون 4/15

[42] – آ: في الوحي الالهي

[43] – دانيال 6/11-12، 23

[44] – لوقا 1/1-25. في النص الانجيلي لا يوجد: قدس الاقداس بل الهيكل، ولا يوجد المستيقظ بل الملاك

[45] – لوقا 1/26-38. . في النص الانجيلي لا يوجد نص مريم في الصلاة لما بشرها جبرائيل

[46] – لوقا 1/28

[47] – آ: مبارك. لوقا 1/28، 42. يعقوب يخلط نص الملاك مع نص اليصابات

[48] – لوقا 1/29

[49] – لوقا 1/30

[50] – آ: ملك للملك. لوقا 1/32-33

[51] – لوقا 1/34

[52] – لوقا 1/34. ترد مبعثرة في الليتورجية السريانية هذه الابيات: 120-126. انظر الاشحيم 217-219

[53] – تكوين 3/1-5

[54] – ل: اشتحلف، نص: اثحلف

[55] – بنت حواء اي مريم اوفت ذنوب ابيها آدم. هذه مبالغة السروجي الذي لا يقبل عادة ولا يقول في نصوص اخرى ان يفي الذنوب الا المسيح. انظر، ميمره 53 على الصلب

[56] – الحية تصفر (اشرِق) في اذن حواء عبارة يستعملها السروجي ونرساي بتاثير من افراهاط. اهمية الاذن في مجال الخلاص: حواء سمعت باذنها كلام الحية فنتج عنه الموت لها وللجنس البشري، وسمعت مريم باذنها بشارة جبرائيل فنتج الخلاص والحياة للبشر اجمعين

[57] – اذن حواء البتول في عدن صارت صفارة (مشروقيةا مشروقيثو) للحية التي نفخت فيها. تكوين 3

[58] – نص: ونُطق الحق لها

[59] – آ: وحل. ل: الموت

[60] – رومية 5/26

[61] – آ: فيه

[62] – آ: يخرج. افسس 2/14

[63] – لوقا 1/28، 31. ورد هذا البيت في الليتورجية السريانية. انظر، الاشحيم 217-218

[64] – آ: شربو، نص: شربِه

[65] – آ: محبوبين

[66] – تكوين 3/5

[67] – آ: ولادة الابن

[68] – آ: يفسر درب الملك

[69] – لوقا 1/35. الروح القدس مرة مؤنث ومرة مذكر في البيت 203

[70] – آ: حكيمة

[71] – 1قورنثية 1/24

[72] – تكوين 3/16-19

[73] – لوقا 1/42؛ تكوين 3/16

[74] – نص: فيه

[75] – آ: يُطعّم

[76] – يوحنا 1/14

[77] – عبرانيون 4/15

[78] – تكوين 3؛ 1قورنثية 15/45-49؛ رومية 5/14

[79] – يوحنا 16/11؛ رومية 5/12. المسيح اخذ جسدا من مريم بعد ان قدسها الروح القدس وجعلها مثل حواء ومثل آدم قبل الخطيئة ولهذا لم يكن الموت مسلطا عليه. ولما مات المسيح فقد مات بارادته (آخ دصبو). هذا ما يقوله نص قانون ايمان نيقية حسب ترجمته السريانية القديمة

[80] – تكوين 3،خاصة 3/1-7

[81] – 2قورنثية 12/14

[82] – تكوين 2/7

[83] – رومية 8/29-30

[84] – تكوين 3/20. يعقوب يعتبر آدم كاهنا ونبيا. انظر، ميمره 5

[85] – يوحنا 14/6

[86] – تكوين 3/20

[87] – ل: جعله

[88] – آ: والذات. تكوين 8/21. يستعمل يعقوب كلمة الاضافة (توسفتو) ويعني بها (يأرا بيشا  يَصرو بيشو) الذات الشريرة او الخطيئة التي اضيفت الى طبيعة آدم الجميلة بعد الخطيئة. يؤكد السروجي في مواضع عديدة على طهر الطبيعة الآدمية قبل الخطيئة. وبهذا يعبر عن ايمانه بخلود آدم قبل الخطيئة مناهضا تيار تاودوروس المصيصي والديوفيسيتيين اتباعه

[89] – لوقا 1/35

[90] – آ: بها

[91] – “دبيث الهو”: كان يمكن تعريب: كتبها “اقانيم الله او “آل الله” لان الافعال: ختم وكتب هي في الجمع. مريم رسالة كتب الكلمة الالهي ذاته فيها. انظر، رسالة/4، 16، 36. انظر، ميمره 38 على في البدء كان الكلمة، وميمره 96 على قطع راس يوحنا

[92] – تكوين 3/24. بلاغة يعقوب استعمل 7 مرات (بها) في البيوت: 235-240

[93] – ملاخي 4/2

[94] – آ: يليذي، نص: ديليذي

[95] – لوقا 1/48

[96] – آ: ارعو، نص: لارعو

[97] – اشعيا 6/1-6

[98] – المسيح هو ةدا الثدي العظيم الذي منه ترضع العوالم الحياة. انظر ميمره، 60 على يوحنا الانجيلي

[99] – متى 5/3-11، لوقا 6/20-26. بلاغة يعقوب استعمل 13 مرة (طوبى لها) في البيوت: 249-261