الميمر 157 على ايوب بلحن مار يعقوب

الميمر 157

 

        ملك الاثم ارسل وجمع عساكره ليشنّ بقوة الحرب على البار، رئيس الضلالة جمع معسكره وهيأ جيشه ليهجم ويلقي المحارب بمعركته، ابن الهلاك جمع وهيأ نفسه ليغلب جماعيا ايوبَ الذي حارب معه.

        تدمير الفدادين: كذب الشيطان كما كذب ذاك الذي بشر داؤد بقتل شاؤل وهو لم يقتله بالحقيقة ، اللص الحيال لبس شكلا كشكل الفلاح وجعل شبه منظره كمنظر الفلاح في الارض ليضل ايوب، هو السالب وهو القتال وهو الذي يجلب البشرى، لقد سبى الفدادين وجلب اخبار عصابة اللصوص العظمى.

        حرق الاغنام والرعاة: المحتال المفسد لبس شكل الراعي البسيط ليقدر ان يوشح ايوب الالم وهو يدهشه، الشكر للعلي الذي قبل قرباني، وارسل ناره وقدس ذبائحي دون ان اشعر، كنت اختار حملا واحدا لذبحه، والآن كل الغنم صار ذبيحة عظمى، لو انت صادق كمّل ارادتي وافرح فرحا، ولو انت كذاب انتقل من هنا ولا تضلني.

        هلاك الجِمال والجمالين: دخل الرسول الثالث بسرعة مثل الجمّال الذي نُهبت قوافله، لبس قميص وبر الجِمال بحيلة، ليس جيدا لانك نجوتَ من الكلدانيين الذين نهبوا جِمالي، لتلتهم النار غنائمهم لانك نجوتَ، ولتكن نهايتهم الهلاك، لماذا تركوك،؟، اذا نهب السالبون المقتنى الذي هو بلا حرية، فانا ابن الاحرار لن يخضعني كل جنسك.

        تدمير بيت ايوب ومقتل ابنائه: لبس الشيطان شبه الساقي الذي خرج من الوليمة ودخل باكيا ليحير ايوب باحبائه، رجاؤك مقطوع ومن الآن وصاعدا ماذا تعمل لان السيف التهم ورثتك ومواريثك،؟ الى متى تستمر في الوداعة فها قد تجردتَ من المقتنيات ومن اصحابها.؟

        اولاد ايوب العشرة ورمزية العدد عشرة: عشرة سرج انطفأت فجأة بنفخة واحدة، الاكليل المحبوب المزين بعشرة اختام، شجرة الخيرات المعلقة فيها عشر ثمرات، مقصورة الجمال المسنودة بعشرة اعمدة، يدا الجسم المشكلتان من عشر اصابع، قيثارة اللحن التي كانت ترتل بعشرة اوتار.

        ايوب يصلي: مبارك من اخذ عشرة خرافي وصارت ذبائحه، وفصلك عنها يا جديا بغيضا يا ابن الظلمة، مبارك من حصد كدسا ذا عشر باقات، ورماك والقاك يا زؤانا خارج حنطته، مبارك من قطع عشرة قضبان من شجرته، وشتلها في عدن اي جنة التطويبات. هذا العالم المولود فيه هو كاذب، ولا تخدعني اكاذيبه حتى اشتهيه، دخلتُ اليه عريانا واخرج عريانا دون ان أُهان، دخلتُ طاهرا واخرج طاهرا بدون ارجاس، الرب اعطاني والرب اخذ مني كما شاء.

        الرب يمدح ايوب: لا يوجد بار على كل الارض مثل ايوب: اذهب يا شيطان يكفي استهزاؤك بالصادق، ان حجتك مرفوضة، اذهب وعامله حسب ارادتك، لم يُجعل بارا شكليا بل بالحقيقة، ووداعته ليست بالغش حتى يختبرها الزمن، ليس فيه غش لتفضحه النار بحرارتها، انه ذهب مختار وكلما يُطرق يكثر جماله.

        الشيطان يطلب ايذاء ايوب: النفس محبوبة اكثر من كل شيء، والجسد مفضل ومحبوب اكثر من الاموال ومن المقتنيات، لو اصبتُه بجرح خبيث واخذتُ ابناءه لكان يشتمك وينظر اليك بوقاحة، اسمح لي ان اضربه على اعضائه حسب مقدرتي، وسيشتمك وجها لوجه كما وعدتُ.

        الرب يسمح للشيطان ان يعذب ايوب: ها انك مسلّط على اعضائه قطّعها والقها، واحفظ لي نفسه ولا تقترب منها بتمردك، هوذا النفس تسند الجسد اقترب واضربه، لا تضرب تلك التي سندته لئلا تتركه.

        بواسطة المرأة التي هي “نصف الرجل” يحاول الشيطان قهر ايوب: يا معلمنا لا تسرع لتغادر اثبت قليلا واستمر في المعركة لعله يضعف، الم تكن معك زوجة ايوب،؟ قال: لا، قال الابالسة: نصف قوتك زال عنك، لماذا لم تجلب امينة سرنا لتذهب معك لانه بها كانت ستنتهي المعركة وتجعلنا ننتصر،؟ بدون هذه ما معنى معركتك مع البطل، انها قوسك منذ البداية وانت باريها، في أي وقت تم نصرك بدون عونها،؟ الم تعلّمك معركة آدم ماذا تفعل حتى تغلب نصفه بنصفه ويندحر كله.؟

        ابناء آلوهيم وقعوا في الخطيئة بسبب بنات الناس، والجيل الفاسد: بنو شيت البهي تنجسوا بهن، واذ عثر الكثيرون بالكثرة، هذا الواحد كيف سيغلب لانها زوجته،؟ لو اندحر بها آدم رئيس الاجيال، ضعيف الناس كيف ينجو من حيلها،؟ لو خنقت بالماء الجميلين ابناء القضاة، هذا البغيض الا يزلّ ويسقط امامها،؟ حواء هي قوسك المختار منذ الازل، مُدّه وارمهِ به، وها قد طُعن وسقط بعافيته، لو لم تُجلب امينة سره لتصير معك فلن يسُرق ثباته من عند الحقيقة.

        زوجة ايوب تحاربه: لبست سلاحَ امّها حواء لتحارب مع ابن آدم الذي كان قد تفقّه اكثر من الحية، بنت حواء اخذت النصيحة مثل امها حواء لتوقع ايوبَ من العدالة مثل آدم، ايها الرجل الى متى تثبت في وداعتك،؟ اشتم وانجُ من العذاب الذي يؤذيك، من الذي لقّن هذه الكلمة لامرأة ايوب، الشيطان هو بداية موضوعها بدون نقاش.؟

        ايوب لا يسمع نصيحة زوجته ويحاول انقاذها من فخ الشيطان: سمع ايوب وفهم ما هو الموضوع، ولم يغضب على زوجته بقسوة، لم يسمّها العادلُ بالحمقاء كانما بالاهانة، لكن وبخها (قائلا): تكلمتِ مثل الحمقاء، راى بان زوجته عذبها العدو، فغار البار لئلا تظل عند الشيطان. كان يقول لها: لو قبلنا خيرات الرب، كيف الآن نعتذر من (قبول) شروره،؟ لما احسن علينا لم نتذمر من خيراته، والآن بعد ان اساء الينا لا نتذمر على ارادته، لن اترك وداعتي الى ان اموت: الموت يمنعني، اما انا فلن اشتم الهي، صارت التجربة كورا فاحصا وايوب ذهبا يتنقى بالضيق كما لو كان في الكور.

        تعجب الملائكة بايوب: نظر اليه المستيقظون فقط وهو يتعارك، ومن الارضيين لم يمكث واحد في الجهاد، غادر الناس وتحير ابناء العلى بالبطل وقام الملائكة ليروا معركة الايمان.

        قدوم اصدقاء ايوب: ذرّوا التراب على رؤوسهم وفي الهواء، لان جرح ايوب القبيح افزعهم، رجموا السماء بالتراب الذي القوه لانهم وجدوا بان عذاب الحجارة كان اهون من ذرّهم التراب في الهواء، مكثوا عنده سبعة ايام وسبعة ليال ولم يقدروا ان يتكلموا مع الوديع.

        ايوب يلعن يوم ولادته: بدأ يقول: ملعون اليوم الذي وُلدتُ فيه، خرجت كلمة الالم المبرح من فمه، بماذا اذنب اليوم الذي لعنه بمرارة،؟ وما ذنب الليل ليُهان،؟ هدّأ غضبه على اللاشيء ولم يجدّف، واذ غصبه الالم لعن بالضيق ما ليس موجودا.

        اصدقاء ايوب يوبخونه لانهم ظنوا بانه جدف على الله: سمعوا فقط بانه كان يشتم ويلعن، ولم يعرفوا بانه هدّأ غضبه على اللاشيء، بدأوا يتكلمون بعده وهم يوبخونه بسبب الموضوع الذي عالجه. من تعذب وهو بريء كما تقول،؟ واي مستقيم رايته يهلك بالضيق،؟ لو كان الله بالحقيقة عادلا فانت اثيم، ولو لم تكن قد اذنبتَ باثم لما كان يضربك.

        الرب يوبخ ايوب لانه اراد ان يفهم تصميم تدابيره: استفسر من العاصفة وابان له بان العالم في خنصره وقال لايوب هل تفهم كيف تتكون الامطار والثلوج،؟ وهل لك المام بالمجرة وبقية والكواكب وبطبيعة الظبيات وبقية الحيوانات:؟ اسكت يا ايوب فلا يفيدك التوبيخ، انه لخبر مخيف ان تقاضي مع الله، لله امور كثيرة مثل هذه، ومن يوبخه يُقرف بعجلته، من يوبخ يصنع السلام بين المتميزين، فالتوبيخ على الارض يرشد، وبخه ربه علنا دون ان يلومه، لئلا يلحق اللوم بالعبد الذي تعذب، التوبيخ من الاحباء مليء امانا، اما من العدو فان السكوت ينجب الموت.

        ايوب يتندم: ربي، لقد خُذلتُ ولا اعرف ماذا اقول لك: لقد ضعفتُ ولا افهم بماذا اجيبك، ربي لقد اندحرتُ فخذ النصر باستعدادك، وهوذا الخسارة قد لحقت بي ولن اكفر، استحقُ ايضا ان يضاف لي عذاب لو وُجد، ولن اقاضي وانا أُعذب من قبل المؤدب، لقد ادّبتني بالكلمات كما بالقضبان، وهانذ اتالم فضُربت لانني لم افهم ماذا قلتُ، ما طلبتُه كان اعظم مني دون ان اعرف، والآن بعدما تعلمتُ لن اتجاسر واناقشك.

        ايوب يرى الرب: سمعتُ فقط سماع الاذن قبل ان اتعذب، الآن طوبى لي لانني قابلتُك ولو انني تالمتُ، كنتُ اعرفك سماعيا فقط وخارجيا، اليوم هانذا (اعرفك) بالحقيقة وبالرؤيا، غلبتُ لانني قدرت ان اراك بضرباتي، ووصلت الى محيا خفائك بالتجارب.

        ايوب ينتصر على الشيطان: قُهر الشيطان وخجل وضعف من قبل البار وهرب المتمرد لان العادل غلب في التجربة، عاد البطل الى المعركة وكسر الشريرَ، والقى الماكر وبقوته داس على عنقه، رضّ راسَه بعقب الايمان السليم، والقاه وطرحه وجعله سخرية في الجهاد.

        الرب يكافيء ايوب: تكلم الرب وهرب الجرح الذي عذب ايوبَ، ورعد العلي وهربت الاوجاع من البار، ظفر الرحمن اكليلَ العافية ووضعه على المريض، تطلعت قوة اللاهوت واستقام الجسد، ولمع رمز القدرة البارية وجمل الجسم.

        مضاعفة اموال ايوب لا مضاعفة نسله لان نسله محفوظ في ملكوت السماء: من القليل بدأ يقتني الكثير، ومن الفضلات المباركة تضاعفت امواله، لماكان يدخل القليل كان يكثر، ولما كان يقترب من الزهيد كان يزداد، حلّت الموهبة بكثرة على كل ما اقتنى، وكافأ العادل تمييزه بكيل مليء،وتضاعف مقتناه الذي سلبه الشرير بهمجية، ظفر زواجه اكليل عشرة اختام كاملا، وبيّن كله جمالا كالجمال الاول، اتى الورثة مع المواريث التي هلكت، تضاعف مقتناه ولم يتضاعف نسله، ليبرهن له بان الاولين هم محفوظون في هري الحياة، قبل المكافأة اعطى الشجاعة بواسطة الامور الزائلة، اما المكافأة الحقيقة فقد حفظها للنهاية.

 

– المخطوطات: 14584 ورقة 86؛ لندن 12162 ورقة 168؛ لندن 14590 ورقة 7 (المخطوطات الثلاث ناقصة)

– ترد في البداية عبارة: “بلحن مار يعقوب”، وفي النهاية يرد اسم الطوباوي مار يعقوب الملفان. لا يُشك في صحة نسبة هذا الميمر الى ملفاننا، كما يُشك في صحة نسبة الميمر 156 الى السروجي. نحن نعتبرهما كليهما بقلم السروجي مستندين، كما فعل بيجان، الى اقدم المخطوطات التي تنسبهما اليه. هذا الميمر نظمه بالوزن الاثني عشري كبقية ميامره ذات المقاطع الاثني عشر حسب تقليد السريان (يأ). السروجي لا يستعمل في المقدمة الاسلوب الشخصي. الميمر معقد تفسيريا ولغويا لان نص سفر ايوب معقد اصلا. شرح كيف يسمح الرب للشيطان ان يجرب ايوب البار. في النهاية ينتصر ايوب على الشرير بقوته وحده بدون عون الرب، ولكن هذا الانتصار نادر لان النصر الحقيقي لا يتم الا بعون الرب وقوته. تطرق الميمر الى مواضيع كل كتاب ايوب تقريبا. قد يرقى تاريخ تحبير الميمر الى حوالي سنة 485-495م.

 

 

الميمر 157

على ايوب بلحن مار يعقوب

 

نصائح ملك الاثم لاتباعه

1 ملك الاثم ارسل وجمع عساكره ليشنّ بقوة الحرب على البار،

2 رئيس الضلالة جمع معسكره وهيأ جيشه ليهجم ويلقي المحارب بمعركته،

3 ابن الهلاك جمع وهيأ نفسه /203/ ليغلب جماعيا ايوب الذي حارب معه،[1]

4 شجّع ابناء جبهته بالمنطق، وبحيلته حثهم على المعركة،

5 يا جيوشي لا ترتخوا ولا تقلقوا لئلا يغلبكم رجل حاذق بمهارته،

6 اعرف بانكم محتالون ومتمرسون، غير انني اخاف [ لئلا تقلقكم[2] وداعته،

7 ها اننا نضلّ رويدا رويدا كل الاجيال، وانا حزين جدا لان القليلين قد تمردوا علينا،

8 اذا تمرد فانه لالم ووجع شديد لانني وعدتُ وهددتُ ان اغلبه هو وحده،

9 لم آخذ اذنا للمعركة، المنازلة مع ايوب هي جديدة فلا نفشل فيها،

10 اذا غلبنا سيكون مديحنا عظيما، واذا خسرنا تضاعف الخزي الذي يُقدّم لنا،

11 لعل ربه سمح لي بمحاربته لاجل الحاق الاندحار بي وانتصار عبده،

12 لا تخافوا لن يغلبنا ضعيف واحد، نحن حيالون سوف يُفضح ويخسر سريعا،

13 اخرجوا مثل الاذكياء على مقتناه، وعلى ورثته ولا ترتخوا وبيّنوا ذكاء اشكالكم.

 

الابالسة الملاعين هجموا على ايوب ومقتنياته وورثته

14 /204/ قبل الملاعين المشورة البغيضة من الاثيم، ونفذوها فعليا كما سمعوا،

15 طار المسمومون الى المعركة ضد ايوب، ونفثوا سريعا التهديد على مقتنياته،

16 ركض الوقحون لتخريب الابقار والقطعان والاسراب والرعاة بدون شفقة،

17 خرجت بروق رهيبة وكئيبة بسرعة من الظلمة لتخريب كل ما كان يقتنيه ذاك البار،

18 تلبدت فجأة غيمة الشرير واظلم المكان لينجز خصوصيته ابن الهلاك في الظلمة،[3]

19 غيمة الاثم ظللت وتلبدت بالظلام، وبرق الاثم شرع يخبط بشراسة،

 

20 هبّت [ رياح[4] الكذب العظيم على ارض ايوب وحبلت وانجبت الموت المستمر لمقتنياته،

21 تجمع الضباب المظلم ونخل الغضب، وبدأ يرش المصيبة المرعبة على كل ما اقتنى،

22 خرج فجأة فوج الابالسة على البار، وبوابل [ الابالسة[5] القاسي خبط حقوله،

23 قبيحو المنظر لبسوا اشباه الرعب، وتوزعوا عصابات عصابات على الوديع،

24 ذهب لص على فدادينه وعلى اتنه، /205/ وفوج آخر صار كالنار لتحرق غنمه،[6]

25 وآخرون ذهبوا الى جِماله [ متفرقين،[7] ولص آخر هبّ كالريح ليهجم بيته،

26 بدأوا يخربون باشكالهم كما أُرسلوا ويسلبون ويخربون وياخذون ويدمرون ويجمعون.

 

تدمير الفدادين والاتن (ايوب 1/14-15)

27 هولاء الذين ذهبوا الى الفدادين والى الاتن خرجوا كعصابة لصوص مسرعة تنهب بدون تاخير،

28 غيّروا وجوههم مثل السالبين الهائجين كثيرا وصرخوا بصوت عال على شكل عصابة سريعة،

29 واحد كان يقتل بدون شفقة، وآخر يسلب وهو يصرخ ويهدد الاكارين،

30 ابرزوا هناك رماحا وسيوفا وحربا طاحنة واقواسا وسهاما طائرة ودما مهراقا،

31 اتوا ونهبوا وقتلوا والقوا وخربوا وجمعوا ونفثوا [ وهزّموا[8] وافسدوا واخذوا مثل السالبين،

32 التقوا الشباب ونحروهم كما لو كان في الحرب، وقادوا الاتن والفدادين كما لو كان في السبي.

 

مصائب ايوب (ايوب 1/14-19)

33 التهبت طغمة اخرى واضطرمت كالنار ونزلت من العلى وشبّت بالقطعان وبالرعاة،

34 ركضت واضطرمت نار الشرير وصرخت وصعد دخانها ولمع نارها ورعد صوتها،

35 /206/ احاطت سريعا بالقطيع من كل الجهات، وسقطت وحبست القطعان كلها كالفخ،

36 التهبت حرارتها وصعدت سخونتها وركض لمعانها وزأرت ونفثت بقوة لاجل الابادة،

37 صعد الدخان من الحريق كدخان التنور، سكيب ورائحة الغنم والناس الذين هلكوا،

38 فني الغنم والرعاة باللهيب، وكان جوق آخر يجنّ على جِمال ايوب،

39 قرضوا الشِبه من الكلدانيين وقتيا، ونهبوا جِمال ايوب واخذوها،[9]

 

40 اخذوا الجِمال وقتلوا الجمّالين بالسيف، واتوا فجأة مثل الكلدانيين واخذوها وهربوا،

41 خرجوا واتوا بشبه الريح من القفر الى بيت سكنى ابناء العادل حيث كانوا مجتمعين،

42 [ هبّوا كالريح] ودمروا البيت على الجميلين، [ ومات[10] الورثة مع المواريث في حرب الشرير.

 

اكذوبة شاب بشّر بقتل شاؤل، واكذوبة الشرير (2صموئيل 1/1-16)

43 شنّ الشيطان معركة رهيبة مع البار وجلب الى اذنه اخبارا محزنة وانباء قاسية،

44 ذاك البار كان هادئا وجالسا بوداعته، واقترب مبشرو الاخبار واحاطوا به،

45 الابالسة الذين جلبوا الاخبار الكئيبة كانوا مسرعين، /207/ ليسبق كل واحد منهم رفيقه عند البار،

46 ليجلب له البشرى ويسمع منه صوت التجديف وينال الاكليل مثل البطل من الجهاد،

47 ذهب الاول بسرعة اكثر من ذلك الشاب الذي جلب لداؤد الملك خبر شاؤل،[11]

48 كان قد حضر ليكذب بنفس الصورة، وقد قُبل بنفس الطريقة التي قُبل فيها ذاك،

49 نال كلاهما مجازاة واحدة كما يستحقان، كانا كاذبَين ومكافأتهما هي كبشائرهما،

50 استعملا الكذب عند الصادق، واستيقظ الحق وطالب بخصوصيته من الكاذبَين،

51 ذاك الذي جلب البشرى لداؤد قال ما يلي: انا قتلتُ شاؤل الملك، بينما لم يقتله،[12]

52 قال الابليس الذي بشر ايوب العادل بفدادينه: ان عصابة اللصوص وقعت عليها ولم تكن عصابة،[13]

53 صادف سيف مسلول شابا اضلّ داؤدَ، والحق السليم صادف الابليس الذي كذب على ايوب.[14]

 

البشرى الاولى: دمار الفدادين والاتن (ايوب 1/14-15)

54 اتى ذاك الاول مسرعا وجلب البشرى وتباهى لانه سبق رفاقه عند البار،

55 راى البطل جالسا وهادئا ووديعا، وتحايل عليه بمعركة وخدعة مهنته،

56 اللص الحيال لبس شكلا كشكل الفلاح /208/ وجعل شبه منظره كمنظر الفلاح في الارض ليضل ايوب،

57 مسك العصا كما لو انه ترك فدانه في الحال ووجهه كئيب مثل الهارب من السالبين،

58 البكاء في فمه، والدموع في عينيه، والخوف فيه، ويرتجف ويفزع ويتالم ويحزن ويرتعب،

59 هو السالب، وهو القتال، وهو الذي يجلب البشرى، لقد سبى الفدادين وجلب اخبار عصابة اللصوص العظمى،

 

60 بدأ يقول وهو يرتجف كله: لماذا انت هاديء يا ايوب ان ما جرى لك لعظيم،؟

61 نهب اللص الفدادين والاتن، فالوداعة ليست لازمة في كل الاوقات،

62 ماذا نعمل،؟ تعال لنرَ، كفى هدوءك، ان مقتناك قد سُلب وانت جالس في الهدوء،!

63 اللص الذي اتى وادركنا فجأة كان مخيفا، ولم يشاهد احد منه الغبار قبل مجيئه،

64 اباد الشبابَ ونهب الفدادين والاتن وانا وحدي نجوت منه لاخبرك.[15]

 

قال ايوب: كيف نجوتَ ايها الفلاح انت وحدك؟

65 نعم ايها البطال من الذي انقذك اذا كنت فلاحا،؟ وباية علة تم انقاذك من السالبين،؟

66 من كلمتك يعرف المرء كذبَك، والخبر الذي قلته [ يشتكي[16] على زيفك،

67 /209/ انت وحدك، ما هي غايتك،؟ وكيف نجوت،؟ واذا خربت الفرقة التي معك انت من انقذك،؟

68 لو انت فلاح بالحقيقة فانت بطال، ليت رئيس اللصوص اخذك معه ولم تنجُ،!

69 كان لك فدان واحد كما تقول، لماذا تركته وهربت اذا كان مُلكك،؟

70 لو كنتَ منهمكا في العمل، كيف تركك اللص،؟ ومن حررك من فدانك الذي سُبي،؟

71 انت دجال انتقل من هنا ولا تضلّني، انت كذاب، وملعون اللص الذي تركك ولم ياخذك.

 

ايوب يحطم سهم المبشر-الشرير الاول

72 السهم الاول الذي رماه الشرير ضربه على الصخرة، وعاد على عقبه ورجع ليضرب مرسله،

73 العادل كان لابسا سلاحا خفيا في المعركة، واذ وصله رمح المكر هرب منه،

74 كان يحمل ترس الايمان على افكاره، وسهام العدو المتقدة تحطمت عليه،

75 كان يلبس الحق كدرع امام المطارد، ولما دنا منه رمح الاثم تحطم عليه،[17]

76 كان يحمل الدرع المصاغ من الصدقات، ولم يكن مجال لسهم الاثم ان يدخل ويخرقه،

77 كان راكبا الحقَ مثل قائد جيش صنديد، ولم تؤذه الرماح المحيطة به من كل الجهات،

78 /210/ ركع الشيطان في المعركة البِكر تحت البطل وسبق ونال الخزيَ بسبب اندحاره،

79 سمع البار الخبر الرهيب ولم يتحير، واحتقر الاتن والفدادين التي راحت في السبي،

80 الصادق لم يلاحق مقتناه، شخصه فقط كان عظيما في عينيه وكان يحافظ عليه،

81 لم يحزن على الاتن والفدادين لان اتكاله لم يكن موضوعا عليها مثل الضعفاء،

82 يقوم الشرير ويقص له خبر السبي، وايوب يدوس على قصته التي احتقره بها.

 

البشرى الثانية: النار تحرق الاغنام والرعاة (ايوب 1/16)

83 ولما كان الرسول الاول يتعب في سرد خبره، اتى الثاني لينال هو ايضا اكليل الخزي،

84 لم يترك القادم الذي (اتى) قبله ان ينهي لئلا ينقطع الخبر الكئيب عن البار،

85 المحتال المفسد لبس شكل الراعي البسيط ليقدر ان يوشح ايوب الالم وهو يدهشه،

86 شبّه نفسَه بشبه الرعاة، واتى ليضل ذلك الوديع بحيلته،

87 ابان في رِجليه حذاء معوجا وعتيقا ورثّا ليجر العادل المستقيم الى التيه ويسخر منه،

88 حمل عصا الراعي وكانه ترك الغنم في الجبال، /211/ واتى ليُخرج من الامان محبَّ الامان،

89 افاح منه رائحة الغنم بمكره ليقلق حاسة شمّ محب الحق النقي،

90 كبّر ووسّع خطواته بحيلته مثل من تاتي وراء عقبه قطعان الغنم،

91 اطال كلمته لان الحاذق للهلاك ذكي في الحديث، وبلبل عباراته وافسدها بحيلته،

92 الابليس المحتال ابان نفسه مثل ساذج، وسرق شكل الرعاة وجلب البشرى،

93 بدأ يقول ليس السبي الذي اخذ الغنم، بل نار الرب نزلت على الرعية،

94 في بشراه كان مختلطا الخداع، وكانت الوشاية مدسوسة في الخبر الذي سرده،

95 حمل ايوبَ ليغار بقوله نار الرب احرقت غنمك، اعني محبك تركك فلا تعترف به،

96 القى النار والتهمت الغنم والرعاة، واتى ليبشر كانه ليس قريبا مما حدث،

97 اضرم الجمرات واصاب القطعان بحريقه، وبمتناقضاته القى اللوم على الرب،

98 انه اللهيب وهو نار الغضب ومحرق الغنم وهو القريب والشفوق وجالب البشرى،

99 ثيابه محروقة كانه خرج من الحريق، /212/ وهو مدخَّن وشقي كانه هرب من اللهيب،

100 وجهه محروق كانه خرج من بين الجمرات، وينفخ ويخاف كانه يزجر اللهيب،

101 رمز الحيال لذلك الذي سبقه ان يفسح له المجال، وقال له: اختم خبرك ايها الجاهل،

102 انت لا تملك حرفة الكذب ولستَ متمرنا على التناقض، فلماذا تتعب،؟

103 نتيجة رسالتك هي فاشلة، فانتقل اذاً وبداية حرب عجلتك هي ضعيفة وهزيلة،

104 لماذا تتجاوز بوقاحتك على رفاقك وانت لست ذكيا في متناقضات الكذب،؟

105 ما الفائدة من خبر اللصوص الذي جلبته لايوب صاحب الذكاء الذي لا يبالي بملوكَ الارض،؟

106 كان عليك ان تشكي ربه امامه، ليجدف على الله فقط وليس على اللصوص،

107 سكت الاول ليفسح المجال للثاني، ورمز اليه: اقتربْ وافحص نفسك لئلا تلام،

108 توجد الفرصة لتخجل مثلي فلا تتكبر، لايوب سهم ليرميك به كما رمى رفيقك،

109 الكتلة التي غلبتني ليست بعيدة عنك، ها انها امامك جرّب قوتك لو تقدر،!

110 لا افرح لتخسر مثلي ويربح ايوب، /213/ افضّل ان اكون خاسرا ولا ينجو هو،

111 هدأ الموج الاول من البار، والموج الثاني ارتطم بسفينته ليكسرها،

 

112 العاصفة اخذت رفيقها واعطتها الاضطراب، وحاصره موج بعد موج بسرعة،

113 دخل الموج واحاط بالعادل من كل الجهات، وسفينة ايمانه الخفية لم تتضرر،

114 كانت مركّبة بالصلوات بمهارة، ولما تُركت بين الامواج لم تتحطم،

115 سيل الشرير اصطدم في بناء الحكيم، ولم يزعزع اسسه لانه كان على الصخرة،[18]

116 كرر كلمته ذاك الذي جلب خبر الغنم، وهو متاسف لما حدث بسبب الحريق،

117 نزلت نار الرب من السماء وسقطت على غنمك، وهلك الرعاة باللهيب،

118 وانا فقط [ نجوتُ منها[19] لاقصّ لك بانه لم يظل شيء من الغنم بعد الحريق.

 

ايوب يشكر الرب لانه احرق غنمه كانها ذبائح

119 قال ايوب: الشكر للعلي الذي قبل قرباني، وارسل ناره وقدس ذبائحي دون ان اشعر،

120 الآن عرفتُ محبة الرب كم انه احبني، وبعنايته كثّر محرقاتي دون ان (اعرف)،

121 /214/ كنت اختار حملا واحدا لذبحه، والآن كل الغنم صار ذبيحة عظمى،

122 كنت اعطيه العشور من السمان، والآن كل القطعان [ قُربت[20] له،

123 ها قد ابان لي بانه [ يحب[21] كل القطيع، لان ناره التهمت الضعاف كالسمان،

124 ذبيحته لم ترذل الجرباء او المريضة، وقد حاباني وقبلها كالسمان،

125 من اكرم صديقه هكذا كما اكرمني، اذ حسنت مريضات الغنم وقُبلت وصارت ذبائح،؟

126 ولما كنت اختار افضل الغنم لاقربها، اليوم طوبى لي اذ لم يظل في قطعاني حتى المكسورة،

127 الرعاة صاروا قرابين، فمن لا يفرح بالذبيحة الكاملة لما تُقبل،؟

128 اذبح الشكر لقابل الكل، لانه وفّر لي تقريب الذبائح في كل يوم،

129 ذبيحتي كاملة، وقرباني طاهر، وارادتي صافية، ويفرح ضميري، ويشكر لساني ويسبّح الكل،

130 قرب هابيل ابكار الغنم وسمانها، وانا قربتُ كل الغنم ورعاته.[22]

 

ايوب يرد على المبشر الثاني: لم تستحق ان تكون قربانا لانك لم تحترق مع اغنامي

131 اعطيت [ مقتناي[23] وخدامي ذبيحة كاملة، /215/ تركت لك فقط ان تاكل النار قرباني،

132 اظن بانك لم تستحق ان تختلط في [ قرباني[24] الطاهر الذي رفضك والقاك من اختياره،

 

133 انت وحدك نجوت كما تقول، من الواضح اذاً بان الذبيحة ترتكتك بسبب قُبحِك،

134 العادل فصلك كالزؤان من بين الحنطة لئلا يصير دنس في [ قرباني[25] الذي اكلته النار،

135 وكان يلزم ايضا بالا تختلط في رعاتي، لئلا تنتقص كل الذبيحة بسببك،

136 بهذا عرفتُ بانك منقسم لانك [ حزين] وتريد ان تجعلني [ اندم[26] بسبب احتراق القطيع،

137 لو انت صادق كمّل ارادتي وافرح فرحا، ولو انت كذاب انتقل من هنا ولا تضلني،

138 تريد ان تضايقني واصير غريبا عن قرباني، فتمسك بضيقك وانا لا اترك فرحي.

 

البشرى الثالثة: إبادة الجِمال والجمّالين (ايوب 1/17)

139 خجل الرسول الثاني مثل الذي سبقه، واتى في عقبه الثالث ليخجل هو ايضا،

140 ولعل الثالث سأل من الذي سبقه: كيف انتهت المعركة في الجهاد،؟

141 يا رفيقي ماذا فعلتَ في دربك،؟ لا تخبيء عني، هل الموعد لائق،؟ او هل الفعل سيء،؟

142 /216/ هل ركع البطل او لم يرتخ في المعركة،؟ او هل بطل النشيط،؟ او هل يسير في برارته،؟

143 هل دخل شكلك واضلّ القويَ عن عمله،؟ او هل الشبه الذي تلبسه هو زائد،؟

144 هل عثر النسر المحبوب بالشبكة التي القيتها،؟ او هل تمرد ولم [ يتنازل[27] الى مستوى حيلك،؟

145 ما الذي اراه، وجهك مقطب ومنظرك كئيب لا يجمل ان تحني [ راسك[28] لما تخرج،؟

146 قصّ علي ما حدث لك ولا تمل، هل فيه القوة،؟ او هل نهمل المعركة،؟

147 اجاب ملاك الاثم للسائل منه: هو سيعلّمك ما حدث، فلا تتعبني،

148 ها انه موجود، لماذا سالتني مثل الجاهل،؟ اقترب اليه وتعلّم منه بدون جدال،

149 من خصوصيتك تعرف بالضبط خصوصيتي، وكما التقاك استقبلني بالحقيقة،

150 ايوب [هو [29] في الحياة ولا اقدر ان اكذب عليك لانه لا أُسأل ما هو قبره،؟

151 ادخل وانقل له الخبر الذي جلبته وانتظر قليلا وبدون تعب ستعرف منه كيف هو،

152 دخل الرسول الثالث بسرعة /217/ مثل الجمّال الذي نُهبت قوافله،

153 لبس قميص وبر الجِمال بحيلة، ورقبته مُشعِرة ومرقع حذاؤه بمهارة،

154 وظهره مقوس كانما ترك الجِمال بالحقيقة، ومشيته وئيدة كما لو تربى في الطريق،

155 يحمل حلقات الجِمال في يده مثل الجمّال، والخيوط [ معلقة[30] في ظهره بمهارة،

 

156 كلمته واضحة، وصوته عال، ومنظره اعتيادي، ويبكي ويولول بشدة كما لو كان حزينا،

157 الويل الويل يا ايوب، المصيبة التي لحقت بنا اليوم هي عظيمة: سبي في الامان، من لا يبكي لما حدث لنا،؟

158 اتى الكلدانيون ونهبوا القوافل وقسموها الى ثلاثة اقسام واتوا واحاطوا[31] بنا،

159 فوقعت الحيرة فجأة على قافلتنا، وسُلبت الجِمال وجمّاليهم،

160 لقد سمعت كم ان الكلدانيين هم اشرار، فلماذا اقصّ عليك كيف نهبونا،؟

161 لماذا انت خامل،؟ قم وهلم نذهب وندركهم ونعيد ما هو مُلكنا إما بالاكراه وإما بالتوسل،

162 لا احد يترك مقتناه ويجلس هادئا، هذا جبن بالنسبة اليك وليس صلاحا،

163 /218/ لا احد يبغض ما يقتنيه ويتركه، انها لخطيئة ان نترك ما لنا لدى الغرباء،

164 ها قد رايتُ بانك لم تحزن على مقتناك ولم تهتم بالجمّالين الذين ابادهم السيف،

165 ايها الرجل لك قلب صخري، ولا تشعر انت ألماس لا تتآكل متانته،[32]

166 ليست ببرارة ان تهمل ما لك، لقد أُخذ مقتناك وانت جالس مثل الوديع،

167 هوذا الجِمال قد نُهبت والتهم السيف الجمّالين، انا فقط نجوتُ لآتي واخبرك.[33]

 

ايوب يردّ على المبشر الثالث: لتلتهم النار الكلدانيين الذين تركوك تنجو منهم

168 حينئذ ردّ العادل: ليس جيدا لانك نجوتَ من الكلدانيين الذين نهبوا جِمالي،

169 لتلتهم النار غنائمهم لانك نجوتَ، ولتكن نهايتهم الهلاك، لماذا تركوك،؟

170 كما فهمتُ انك شريك السالبين، ولستَ بعيدا عن سر عصابة اللصوص المذكورة،

171 تشاورتَ مع الكلدانيين الذين سلبوا جِمالي، ولم تكتف فها انك تتوددني لتسلبني انا ايضا،!

172 كنتَ تحث السالبين وترشدهم، وبالنسبة الي: انت رفيق ومراء ومضلّ في الخفاء،

173 من كلامك عرفتُ ووقفت على القضية، وقصتك كشفت الكذب الذي بين شفتيك،

174 /219/ اذا اتى الكلدانيون بالحقيقة كما تقول، من كشف لك بانهم انقسموا الى ثلاثة اقسام،؟

175 ظهر بان القضية هي خاصتك، وفضيحتك بانت لي من لسانك،

176 لو لم يكن سرّك مختلطا مع السالبين، لما عرفتَ بانهم انقسموا الى اقسام،

177 اظن بانك قسّمتهم لما انقسموا، ودعوتَ الى مقتنياتي عصابات اللصوص المختلفة،

178 ارسلتها اقساما ثلاثة على الجِمال، وانت استلمت القسم الآخر من اموالي،

179 اذا نهب السالبون المقتنى الذي هو بلا حرية، فانا ابن الاحرار لن يخضعني كل جنسك.[34]

 

البشرى الرابعة: تدمير بيت ايوب ومقتل ابنائه فيه (ايوب 1/18-19)

180 خجل الرسول الثالث من البار، والرابع جلب البشرى لينال الويل،

181 لبس شبه الساقي الذي خرج من الوليمة ودخل باكيا ليحير ايوب باحبائه،

182 انه شاب في منظره بهي، في شكله محبوب، في حديثه هاديء، في مشيه [ ممشط[35] شعره، ويداه طاهرتان،

183 بدأ يتكلم وربط كلمته بالبكاء الماكر، وكثرت حسراته وتنهداته الصاخبة،

184 تنهمر الدموع من بؤبؤَيه مثل المظلوم، /220/ ويصعد البكاء من فمه مثل الحزين،

185 يتكلم بحزن ويضرب بيديه ويرتجف كله، ولسانه ملجم من الكآبة ويضطرب،

186 وكلمته غير مفهومة بسبب الالم مما حدث، يتحير ويندهش من مصيبة ما جرى،

187 اخذ يتكلم عاليا بحيلته ويداه موضوعتان على راسه بذكاء:

188 مصيبة عظمى، وحزن شديد، والم خبيث، وسبي مرعب، وموت مفجع بلغ اليك ايها البار.

 

موت اولاد ايوب العشرة (ايوب 1/2)

189 رجاؤك مقطوع، ومن الآن وصاعدا ماذا تعمل لان السيف التهم ورثتك ومواريثك،؟

190 الى متى تستمر في الوداعة فها قد تجردتَ من المقتنيات ومن اصحابها،؟

191 ابناؤك الاحباء وبناتك الجميلات كانوا قد تجمعوا في بيت اخيهم الكبير،

192 ولما كانوا ياكلون ويشربون في الوليمة متكئين وهادئين ومتنعمين في العفاف،

193 فجأة خرجت ريح قوية من اقاصي القفر واتت بشدة،

194 وكان صوتها مرعبا، وهبوبها قويا، وطاقتها عالية وشديدة وسريعة ومخيفة،

195 وسقطت على زوايا البيت ووقع حالا، /221/ وضربت [ زواياه[36] الاربع وصار تلا،

196 اوقعت البيتَ على الجميلين بقوة عظمى، فهلكوا على مشربهم، فمن لا يندب،؟

197 قُلب البيت عليهم وماتوا وكؤوسهم في ايديهم، وهوذا الخمر مختلط في الدم على المائدة،

198 الفضلات مطروحة مع الطعام على الفراش، وامتلأت فجأة افواههم دما وترابا،

199 الويل: قبل ساعة[مدعوون،[37] والآن مختنقون، قبل مدة متكئون محبوبون، والآن مطمورون،

200 من يتسلى بعد هذا وينسى المه لان الوليمة صارت شيول الهلاك للمدعويين،؟

201 من يزيل الحزن عنه اذ يرى الاخوة المظلومين مختنقين ومطروحين في الوليمة،؟

202 من يقترب من التعزية وله الرجاء بعد هذا الخراب الذي لم يُسمع بحدوثه من قبل احد،؟

203 بيت الاخوة صار معصرة لهلاكهم، والغضب صار مثل العاصر وافسدهم.

 

رمزية العدد عشرة

204 عشرة سرج انطفأت فجأة بنفخة واحدة، واظلم البيتُ الذي كان قد استنار بها،

205 الاكليل المحبوب المزين بعشرة اختام، ها انه مقطع وملقى ومبذورة اختامه وفاسد،

206 /222/ شجرة [ الخيرات[38] المعلقة فيها عشر ثمرات هزتها ريح وافسدت ثمراتها ويبست كلها،

207 مقصورة الجمال المسنودة بعشرة اعمدة،[ هجمها[39] الغضب على سكانها وصارت تلا،

208 يدا الجسم المشكلتان من عشر اصابع، قطعها سيف الغضب وبطلت حالا،

209 قيثارة اللحن التي كانت ترتل بعشرة اوتار، حطمها دمار وقطع اوتارها وتلاشى لحنها،

210 بعد هذا، اية شجاعة لك يا ايوب،؟ واي رجاء تنتظره لتتعزى به،؟

211 لعل المرء كان يتسلى بخصوص المقتنيات، من يتعزى بخصوص الورثة الذين هلكوا جميعا،؟

212 انا فقط نجوتُ واتيت لابيّن لك بان المك مرّ ومصيبتك فادحة وويلك مضاعف،

213 تكلم الشرير باصوات شجية امام البار ليقيمه في درجة الالم وقطع الرجاء،

214 رمى المستقيمَ بسهام قاسية بهذه الاخبار ليحنيه بحزن قاس على احبائه،

215 ذكر الحانا شجية امام الوديع ليسدّ فمه من التسبيح بالحزن،

216 /223/ جلد [ العادلَ[40] باخبار مرة ليحير قلبه ويقطع رجاءه من الله.

 

ايوب يردّ على الشرير: لا تحزن على ابنائي ايها الكذاب

217 سمع القوي هذه المصائب ولم يرتخِ لانه كان قويا بقوة الايمان الخفية،

218 داس السريعُ هذه الفخاخ وكسرها، واندحر الصياد الذي طمرها بمكره،

219 صعد النسر من الشراك واحتقرها، وصعد وحلّق في الغيوم وتركها،

220 اخذ يقول لعدوه بشجاعة: لا تثقل حزنك كثيرا لانه ليس حزنا،

221 يا زارع الكذب لا اطيع مكرك، انت كذاب، ووشايتك صدرت من لسانك.

 

مبارك من فصل الشرير عن ابناء ايوب العشرة

222 مبارك من اخرجك من بين حملاني يا ذئبا شرها لئلا تختلط مع افراخي يا باشقا حيالا،

223 مبارك من فصلك عن الصادقين ايها الكذاب، واخرج كذبَك من ذهب ابنائي المختار،

224 مبارك من اخذ عشرة خرافي وصارت ذبائحه، وفصلك عنها يا جديا بغيضا ابن الظلمة،[41]

 

225 مبارك من حصد كدسا ذا عشر باقات، ورماك والقاك يا زؤانا خارج حنطته،

226 مبارك من قطع عشرة قضبان من شجرته، /224/ وشتلها في عدن اي جنة التطويبات،

227 مبارك الذي اخذ عشرة رهائن من بيته، وها انه يحفظهم ليسكنهم في ملكوته.

 

ايوب لا يقطع رجاءه ويوبخ الشرير الكذاب

228 يا رسول المتناقضات لم تضايقني ولم يحزنّي كذبك يا مبغض الحقيقة،

229 تريد ان تضلّني وان اقطع الرجاء بخصوص احبائي، لقد ازداد رجائي بذبيحة ابنائي،

230 لا اسمع كلمتك لانها مليئة كذبا، ولن اصغي الى تعليمك يا معلّم الاثم،

231 اذا كنتَ ساقيا من اخرجك من البيت،؟ وكيف تركت الوليمة وافسد الغضب بعدك،؟

232 اذا كنتَ هناك، من انقذك من الفساد،؟ لماذا لم يغطك البيت الذي سقط مع المدعويين،؟

233 اذا كنتَ تقوم بمهمتك مثل الخادم، من اراك مخرج الريح،؟ وكيف اتت،؟

234 لماذا ذهبتَ الى اقاصي القفر اذا كنت ريحا،؟ وكيف تركتك تلك العاصفة وانت هناك،؟

235 من اقامك عند زاوية كل البيت لما صدمته الريح لترى كيف [ دمرته،؟[42]

236 من هو في الداخل كيف يرى ما هو في الخارج،؟ ومن هو في البيت كيف يرى اقاصي القفر،؟

237 /225/ لا يُسمع ويُعقل بانك في الخدمة وفي القفر وزوايا البيت كلها مليئة منك،

238 ها قد ظهر كذبك من قصتك، فانت الريح وانت العاصفة وانت المليء غضبا،

239 وانت المدمر، وانت الطامر، وانت الخانق، وانت العاصفة التي هدمت البيت، وانت الرسول،

240 وانت السيف الذي القى الجثث، وانت المهلك، حزنك لنفسك، فانا لا اترك تسليتي،

241 هوذا العصابة قد اخذت فداديني واتني، والنار اكلت غنمي فصارت ذبائح،

242 اتى الكلدانيون مجزئين واخذوا جِمالي، والدمار غطى عشرة اولادي في الوليمة،

243 ها قد تجردتُ من الميراث والورثة، والآن اقتربُ اكثر من الله،

244 تركني الغنى، ومقتناي انتقل، ومات اولادي، والآن اتكالي هو على الله وهو الاغنى من الكل،

245 المقتنى لا يخلّص الرجلَ من الضيق، ولا ينفع الابناءُ ذويهم بشيء،[43]

246 يزول الكل مع كل شيء، بالحقيقة واحد هو الثابت طوبى لمن لا يتركه،

247 هوذا النير الخفيف جدا الذي حملته منذ اليوم اذ ساعبد واحدا فقط كل يوم ببرارة.

 

 

ايوب يتامل في ولادتَيه

248 /226/ ها قد تجردتُ واشكر الرب بشجاعة فلا يوجد لدي اذاً همّ ولا غمّ،

249 مقتناي كان يعوقني حتى اسكت عن الشكر، الآن اشكر ليل نهار بتمييز،

250 اليوم ولدني كور كل التجارب الفاحص، وهانذا اشبه طفلا جديدا من البطن،

251 هانذا انظر الى ساعة ميلادي الاول، وهانذا قائم في ميلادي الثاني كما في الاول،

252 لي اللباس فقط اكثر من الطفل، خرجتُ عاريا من البطن وعاريا اعود (اليه)،[44]

253 لم أُدخِل الى العالم شيئا لما دخلتُ اليه وهذا واضح بانني لن أُخرِج منه شيئا،

254 احلق الشعر الذي تربى في [ رأسي،[45] لاخرج منه بدون اضافة كما دخلتُ اليه،

255 لا يلزم ان يمسكني العالم بشعرة من شعري، ساطهر الى (ان اصل) الى (حلق شعري) ثم اتركه،

256 هذا العالم المولود فيه هو كاذب، ولا تخدعني اكاذيبه حتى اشتهيه،

257 دخلتُ اليه عريانا واخرج مشلحا دون ان أُهان، دخلتُ طاهرا واخرج طاهرا بدون ارجاس،

258 /227/ لم افرح لان مقتناي كثر والله يشهد، والآن بعد زواله ثبتُّ فيما انا عليه مثل الصادق،

259 لم يكن اتكالي موضوعا على ابنائي بل على ربي، وما دام موجودا لا احزن بسبب فقري.

 

ايوب يمزق ثيابه ويحلق رأسه ويرضى بمصيبته

260 لا املك في هذا العالم شيئا، وها انا اشلح ولا يحتقرني بغناه،

261 هانذا قائم عريانا كما وُلدتُ، ليأتِ العالم ولياخذ ما يملكه لو وُجد عندي،

262 البار مزق معطفه والقاه وتركه وحلق راسه ليعقد الحبل لعدوه،

263 قام عريانا مثل ولد من بطن امه وهو غير مدنس [ ووسخ[46] بالشهوات،

264 الفرخ شلح قشرة بيضه اي كساءه وخرج منها، وانبت جناحَي الايمان وبلغ الى العلى،

265 السبّاح وجد بان البحر عالي الامواج، فشلح والقى عنه ثوبه لئلا يغرق،

266 مشى التاجر عاريا في درب الفزع، وحافظ على كنزه من اللصوص باحتراس،

267 القى الملاح كل آثاثه بين الامواج، واهتم بان يحفظ شخصه فقط من العاصفة،

268 البطل نزل عاريا الى المعركة ليتعارك، /228/ لئلا يصير ثوبه فخا له في الجهاد،[47]

269 اقترب الوديع ليس ليشتم بل ليشكر، فسمع الشيطان صوت الشكر بدل صوت تجديف،

 

270 كان قد مدّ قوس الايمان ببسالة وامطر سهام الصلوات على مضطهده،

271 كرر التسبيح امام الله وليس الشتيمة، وضاعف الشكرَ بالايمان بدون [ تذمر.[48]

 

الرب اعطى والرب اخذ: الشكر له (ايوب 1/21)

272 كرر المستقيم كلمات الذكاء في طلبته، وكشف الفيلسوف الالهي عن فكره،

273 خرجتُ عاريا من البطن، واعود عاريا، الرب اعطاني والرب اخذ مني كما حسن لديه،[49]

274 ليتبارك الرب الذي اعطاني واخذ ما له، له الشكر لانه اعطاني ولانه اخذ مني،

275 سلّم في يديّ مدة طويلة ما اراده، والآن بعد ان اخذه لا اتذمر لانه اخذ ما له،

276 ما اعطاني فقط اخذه مني دون ان يحسب، واستلم مني المال الذي سلمني اياه بدون الرِبى،

277 لو اراد ان يعاملني بحسب الربى، لما كنتُ اوفي واحدا بالالف من موهبته،

278 هو عاملني بالحسنى مثل الصالح، واجزل عليّ واعطاني فيلزم الآن ان اوفي مثل البار،

279 /229/ لا اخفي الآن شكره في هذا الوقت لانني كنتُ اتنعم كل ايامي من خيراته،

280 وبما انني لا املك شيئا لاعطيه بعد زوال مقتناي ساعطيه كل شكر اتمكن عليه،

281 لما اعطاني لم اطالبه بما اعطاني، واليوم ايضا لا الومه لانه اخذ ما له،

282 هو المسلط فلا يجوز لي ان احسابه، اعطى كما اراد، واخذ كما اراد فله التسبيح.

 

ايوب يقهر العدو الرابع

283 عظيم هو الجهاد الذي صنعه ايوب مع الشيطان لانه انتصر في الحرب في عدة معارك،

284 ركع الرسول الرابع في المعركة امام البار، وخجل مثل رفاقه ونال ضحك اقرانه،

285 الوديع احتقر الرماح الاربعة التي رماه بها الشرير، وكسر والقى سهامه المتقدة وسخر منها،

286 المقاتل غلب الفرق الاربع التي اتت واحاطت به، والقى رِجله على الافواج الاربعة التي سخرت منه،

287 القى الماكر في اربع [ هوات[50] حفرها امامه، وتجاوزها وعبرها بشجاعته،

288 الصادق احتقر الرسائل الاربع التي ارسلها الشرير، وداس واهمل البشائر الاربع التي جلبها المنقسم،

289 القى يديه ومزّق ثوبَه بتمييز، /230/ وشلح العالم ونزل ليحارب بنشاط،

290 بالثوب كان قد مزق العالمَ وخرج منه، واحتقر الشيطان المستولي على سلطة العالم.

 

 

الابالسة يوبخون رئيسهم لانه حارب ايوب القوي ولم يغلبه

291 خرج رسل المتناقضات وهم خجلون واخبروا معلمهم الشرير بما جرى،

292 صرخوا به (قائلين): ما لك وهذه الامور يا معلّم الاثم، عظيم هو الضحك الذي ناله جمعنا من قبل القوي،؟

293 لماذا وعدتَ دون ان تختبر من هو الرجل، كان يلزم ان تفحص قوتك ثم تستكبر،؟

294 من قال لك ان تصنع الحرب مع الصوان، انه يحطمك وهو لا يخاف من المعركة،؟

295 لماذا [ ارسلتنا[51] لنحارب مع الحجر الصلب، لانه ستتكسر الرماح والسهام لو اصدمت به،؟

296 لماذا ضربتَ بصدرك جبلا حجريا لانه سيبددك دون ان يتحرك من اسسه،؟

297 ما الفائدة لان الريح هبت على صخرة قاسية، لانها لم تقدر ان تاخذ منها شيئا،؟

298 لماذا السحر لتلك الافعى التي لا تلين، لكنها تدوس بذكائها كل سحرنا،؟

299 لماذا الوشوشات للصل الصم الاذنين، اذ لا يسمع لمن يوشوش له [ بارادته،؟[52]

300 /231/ لا تسبق وتهدد قبل ان تخبر، فاصلح الآن ما افسدته اذا استطعتَ،

301 هوذا وعدك موضوع رهينة عند الله، فاعطِ النصر كما وعدتَ بعجلتك،

302 ما الداعي لنتخاصم مع قوي [ اخذنا[53] بمتناقضاته كالحشيش الذي تاخذه الريح.؟

 

الشرير يردّ على اتباعه: لم تتقيدوا بارشاداتي لهذا قُهرتم

303 قال الشرير: اهدأوا يا رسلي لا تستعجلوا، عليّ ان اسلك سبيلا لانجز المهمة بدون رسلي،

304 لم تتنشطوا ولم تتقيدوا بموجب ارشاداتي لانكم صنعتم المعركة بسرعة وخسرتم،

305 هانذا اذهب لنرَ هل سيغلب حسب كلمتكم،؟ وهل يقاومني لما اقترب منه كما قلتم.؟

 

الابالسة يردون على رئيس جهنم: انت ايضا لن تقوى على ايوب

306 قال الابالسة لرئيس جهنم: لا تتكبر فالرجل حاضر وسيخزيك لو تتكبر،

307 انه مستعد وشجاع ليتعارك معك بجبروت، ها انه عريان ويقف وينتظرك فلا تتاخر،

308 هلم اذهب واسمع الخبر الذي سرده امام الهه، انه يباركه بدون هدوء بسبب ما صنعه،

309 الى الآن كانت المعركة التي يخوضها بسيطة، الآن انه قوي لانه يحارب وهو عريان،

310 لقد جنّ الرجل بمحبة ربه ونسي عذابه /232/ انه يشبه مجنونا ترك ثيابه بعتهه،

311 انه يشبه السكران الذي لا يميل اذنه الى الكلمة، ويبارك ربه دون ان يهدأ من شكره.

 

 

الشيطان يحارب ايوب باستمرارية

312 سمع الشيطان واعطى القوة لمعسكره ودعا الى نجدته كل طغماته سوية،

313 هذه هي المصيبة: اذا غلبنا الضعيف، سيستهزيء بكل جبهتنا بكبريائه،

314 يلزمني الثبات والذكاء، انه سيُقهر بالاستمرارية فلا املّ من محاربته،

315 [ ليتني[54] اضرب جسمه بدون شفقة لعل بأس قوته يخفّ قليلا.؟

 

ايوب البار هو احد ابناء آلوهيم

316 اقترب الشرير وراى ايوب يصلي ويحيط به فوج العادلين امام الله،

317 ولما صار النهار تجمع بنو آلوهيم ووقفوا امام الرب ووقف بينهم الشيطان ايضا،[55]

318 ابناء آلوهيم هم الابرار كما قلنا، وزينهم بهذا الاسم من باب الاحترام،[56]

319 واحد من هولاء هو ايوب الذي انتصر واقترب المتميز ليصلي امام الرب.

 

الرب يمدح ايوب البار الذي لا يوجد مثله على الارض

320 واتى الشرير ليعيق صوت طلبته واحتقره العادل: هل وضعتَ ايضا قلبك على عبدي ايوب،؟[57]

321 /233/ انه وديع ومستقيم ولا يوجد مثله في الارض كلها، ويثبت في وداعته بعد آلامه،

322 وها انك تجرني لابيد ايوب، وبدون سبب اضرب ضربة الهلاك مَن لا يستحق،

323 كم احتمل دون ان يشتم او ان يجدف او ان يتذمر، وابان محبته بانه يحبني كثيرا،

324 من يصبر اكثر من ايوب في البطولة، لاحظ بانني لم اكن افتخر به عبثا.؟

 

العافية كنز لا يثمن

325 قال الشرير: النفس محبوبة اكثر من كل شيء، والجسد مفضل ومحبوب اكثر من الاموال ومن المقتنيات،[58]

326 يعطي الرجل كل ما يقتنيه لاجل نفسه، ولكي ينجو يحتقر الاموال والمقتنيات،

327 لو استجابت قوة المرء صاحبها فانها ثروة عظمى والعافية هي كنز لا يُسبر غوره،

328 الجسم السليم لا يشبهه الكيس المليء، وعِشرة الجسد المتعافي هي احسن من عِشرة البنين،

329 الاعصاب القوية التي لم تنحل من الضيقات هي احسن من الاموال التي لا تنقص،

 

330 والاعضاء التي لم يفسدها الداء المزمن هي اقوى من [ الابنية[59] التي لا تنهار،

331 سلامة العظام هي احسن المقتنيات /234/ والجسد السليم هو ثروة عظمى تفوق كل شيء.

 

الشرير يردّ على الرب: لو ابتلي ايوب شخصيا سيكفر بك

332 سبيتُ مقتناه واذ لم اتركه له لم يحزن، وخنقتُ ابناءه واذ هو موجود هو عزيز ضدي،

333 انه سليم كالصخرة وماذا يفكر بسبب زوال مقتناه،؟ ويشبه الجبل فكيف يحزن على احبائه،؟

334 لو سبيتُ جسده بالمرض بدل فدادينه لكان يتركك بانقسامه وياتي عندي،

335 لو نفختُ النار في جسمه بدل اغنامه لارتفع صوت التجديف من فمه كالبخور،

336 لو سبيتُ بدل جِماله عظامه لكان ياتي الى جهة اليسار ولصار منا،

337 لو اصبتُه بجرح خبيث واخذتُ ابناءه لكان يشتمك وينظر اليك بوقاحة،

338 من يحارب مع حجر صلب قوي الباس دون ان تخبطه غيمة الاوجاع ليضعف ويرتخي،؟

339 من يتعارك مع الصوان القوي كله، دون ان تصيبه الحمى منذ وجوده،؟

340 من يشنّ معركة على صخر جميلة الجسم، لانه لم يظهر ولم يحدث فيه اثر الجرح،؟

341 اسمح لي ان اضربه على اعضائه حسب مقدرتي، وسيشتمك وجها لوجه كما وعدتُ،[60]

342 /235/ مدّ يدك واضرب عظامه، ولو لم يشتمك ساخجل لما يُختبر جبروته،

343 انه لا يحبك اكثر من جسمه المتباهي به، انه يحب جسده ولو ضربته سيتركك،

344 عامله اذاً كما قلتُ ولو كان صادقا بعد هذا ليُمدح هو، ولاخجل انا.

 

الرب يرد على الشيطان ويسمح له بضرب ايوب (ايوب 2/6)

345 اذهب يا شيطان يكفي استهزاؤك بالصادق، ان حجتك مرفوضة، اذهب وعامله حسب ارادتك،

346 لا يوجد غش في ذهب ايوب، لماذا تتعب،؟ انه مصهور ومصفى ويجمل جمالا في الكور،

347 لم يُجعل بارا شكليا بل بالحقيقة، ووداعته ليست بالغش حتى يختبرها الزمن،

348 انه جميل في الباطن باستقامته اكثر من الخارج، وكلما اختبرته يجمل جمالا لانه جميل،

349 ليس فيه غش لتفضحه النار بحرارتها، انه ذهب مختار وكلما يُطرق يكثر جماله،

350 لا يوجد وسخ في ذهب ايوب لتفحصه الارض، انه مختبر وموزون بالبرارة سبعا بسبعين،

351 انه مسلّم في يديك اضرم نارك وافحصه وراقبه، فلا يختبيء غش في باطنه المليء جمالا،

352 انفخ لهيبك وانزل ايوب لينتصر فيه /236/ وسيُطفئه ويدوسه ويصعد منه،

353 مدّ قوسك وارمِ السهم واضرب جسمه ولاحظ بانه سيقلعه ويكسره ويطرحك.

 

الرب لا يسمح للشرير ان يمس ويؤذي نفس ايوب

354 ها انك مسلّط على اعضائه قطّعها والقها، واحفظ لي نفسه ولا تقترب منها بتمردك،[61]

355 هوذا النفس تسند الجسد اقترب واضربه، لا تضرب تلك التي سندته لئلا تتركه،

356 لو تتركه ستنتهي معركتك ايضا، دعها تقوم وتحرسه ليكثر عذابه،

357 كلما تحرس النفس الجسد يمكن ان يتعذب، اتركه مسنودا بها وافحص قوته لترى كم انه يحتمل،

358 انتبه بالا تحل رباطاته بعجلتك، لئلا تصير لك حجة وتقول انه كان يجدّف،

359 هوذا الجسد ممدود بكفالة النفس امام ضرباتك، انا مددتُه وليس من شأنك ان تحله متى ما (شئتَ)،

360 اكسر عليه كل القضبان الموجودة في شجرتك، فاذا عذبته وجدّف عليّ انت قوي،

361 اضرب واجلده على حقويه بقدر ما تشاء، فلو قُهرت وداعته ليس صادقا،

362 افرِغ كل جعبتك وارمِ واثقب جسمه، فلو اطلق عليّ شتيمة واحدة كن منتصرا،

363 /237/ كوّم كل جبل ثقلك على رقبته، فلو احنيته ليعمل معك فقد اسأتُ ومدحتُه،

364 لتمطر كل غيمتك البرد على جمجمته، فلو اسكته عن التسبيح فانت قوي جدا،

365 لا تترك حجرا في كومتك الا وتقذفه به، فلو غيرته وصار غريبا عني فقد بيّنتَ قوتك،

366 اخرِج كل رياح عاصفتك للقائه، فلو غرق في موجه فانه منقسم،

367 اذهب واطمر له كل فخاخ حيلتك، فلو مسكه واحد يلام وانتَ تُمدح،

368 افرش كل حبال مكرك في سبله، فلو تعثر بواحد منها فليس متميزا،

369 اضرب من هو غير مذنب بدون شفقة حسب ارادتك ولا تترك لك حجة اخرى لتتذرع بها.

 

الشيطان يهجم على ايوب بعد نيله السماح من الرحمن

370 أُعطي الاذن من قبل الرحمن لمن هو بلا مراحم على البار وهو لا يعرف،

371 خرج قتّال البشر مهددا وملأ قوسه وصفّ فيه سهام الاوجاع الحاملة العذابات،[62]

372 رمى الوديعَ وضرب المستقيم وتناثر جسمه وقطعه، وبشراسة طرح من هو بلا ذنب،

373 نفخ نارا واشتعلت الاوجاع في جسد العادل، سجر لهيبا واضطرم وجع في كل اعضائه،

374 /238/ قدح اللهيب [ وتركه[63] يشتعل فيه، وغلي في جسمه وتقيأ الجرح بسبب العذاب،

375 نبعت منه فجأة اورام الغضب المليئة قروحا، وبدأ جسده يرشّ الفساد النتن،

376 القى الذئب الشره اظافره ومسك الحمل، ونتف صوفه ومزق جِلده لكنه لم يذقه،

377 الاسد الاثيم غرز اسنانه في ثور العمل وعضه وافسده، لكنه لم يكسره لانه كان شجاعا،

 

378 غيمة الاوجاع خبطت العادلَ بقوة، ورش جسده القيح والدم على اعضائه،

379 طُعن المستقيم بجروح كثيرة، وفسدت كل صوره الجميلة،

380 ريح الكذب ضربت الشجرة وتناثرت اوراقها، لكنها لم تيبس لان جذورها كانت على المياه،

381 صار الضيق شتاء قاسيا وخلع ثياب ايوب، وتجرد ووقف كشجرة في كانون،

382 جرحه كان مريرا وقاسيا اكثر من كل الجروح، ومهما وصفته فانه اقسى من ان يُسرد،

383 جرح واحد في كل جسده دون ان يتجزأ، بدأ جرح خبيث في عقبه وانتهى في راسه،

384 سوط واحد بضربة واحدة افسده كله، /239/ ولم يظل مكان خاليا من الجرح،

385 ولم تكن تُعرف بداية الجرح ولا نهايته، وكان واحدا ومريرا في كل جسمه،

386 الشيطان ضرب ذلك البار بكل قوته: انه لعجب عظيم كيف ثبت امام قوته،؟

387 لم يكن الشرير يقدر ان يضربه اكثر من هذا، اذاً من الواضح بانه لم يُشاهد مثل ذلك الجرح.

 

الشيطان لم يضربه على راسه ومخه لئلا يجنّ (ايوب 2/7-8)

388 الحيال المفسد لم يبدأ بضرب راسه، القىالنارَ في اخمص رِجليه ليحترق كله،

389 بدأ بالسرّ من اساسه ليستاصله ويلقيه، وقطع جذوره من الارض ليسقط كله،

390 بدأ بخراب البيت من اساسه حتى يرميه ويلقي الرعب بسقوطه على جميع مشاهديه،

391 ضربه من عقبه حتى راسه بدون شفقة، عذبه بالجلد وابيضت عظامه كما لو كان بالحرارة،

392 وبضربه اولا على رجليه عطّل مشيه، فسقط على الارض وتعطلت مسيرة خطواته،

393 فتح التنين فمه العظيم على الفروج، ومسكه برِجليه وانتشر السمّ الى مخه،

394 الشيطان لم يضربه على مخه لئلا يجنّ، اقتربت الضربة الى مخه ثم توقفت،

395 /240/ لم يدخل الوجع الى بيت العقل لئلا يجنّ ويجدف على الله دون ان يدري،

396 الشيطان ضربه حتى مخه وليس على مخه، لان العادل [ منع[64] المتمردَ من مثل هذه الضربة،

397 لم يسمح له ان يُفقده عقله وهو يضربه، لئلا يجدف دون ان يعرف بفقدان عقله،

398 فسدت كل اعضائه من الضيق، وبادت كل اشباهه بالجرح الخبيث،

399 تناثر بالضربات شعر راسه وجلد وجهه، وظل مخه فقط قائما مثل الحارس،

400 عيناه شلحتا زينتهما بالفساد، والجبين والاهداب والبآبيء اقتنت منظرا بغيضا،

401 الجرح ثلم قاعدة الانف وسط المحيا، وقبح شخص ذلك الجميل البهي،

402 برد الاوجاع خبط اذنيه وسقطتا على الارض وجُرّد من الحاجب سبيل سمعه،

403 احترقت شفتاه بالنار التي خرجت من فمه واشتعلتا كورود حرقها الحر،

404 افسد الجرح ظهره وبطنه وفخذيه، وصار عظما ووقف كجثة عظمية شلحت لحمها،

 

405 تناثرت شفتاه بجرح صدر من اظافره، /241/ وصارت يداه كشجرة مقطوعة الاغصان،

406 الجرح شلّح كل لحم رِجليه ويديه، [ وقصبتا[65] رجليه شلحتا لحمها وسقطتا،

407 اخذ خزفا ليحك جرحه لان اظافره مع اصابعه زالت بسبب الآكلة،[66]

408 لوث كل البيت برائحة كريهة اصدرها الجرح وافاحها الجسد وشلحها الجسم،

409 فرش الرماد بدل الاسفنج وجلس عليه، ليعطر تلك العفونة بيبوسته،

410 حمل الخزفَ وفرك قيح الجروح من اعضائه، واستلمه منه الرماد ونشّفه.

 

اصحاب ايوب يتركونه ويهربون

411 الاطباء لم يقتربوا من جرح ايوب،ولم يُجسّ جرحه ويُعرف كيف هو،؟

412 تركه وهرب العبيد والاجراء والرفاق، واذ كان يدعوهم لم يكونوا يجيبونه في ضيقه،

413 [ هربت[67] الجاريات من عنده والحرات، وابتعد عنه جميع اقربائه مثل غريب،

414 لم يسمعه سكان بيته لما كان يدعوهم، ولم [ يمكث[68] عنده انسباؤه لما كان يصرخ،

415 جميع معارفه تركوه وهربوا واهملوه، /242/ وسلم فقط على خزف ورماد من كل مقتناه،

416 الخزف فرك جسمه والقى عنه الرطوبة، والرماد شرب كل جسده الذي تقيح،

417 تجردت كل عظامه من الضيق، وقام ليحارب مع الشيطان [ بالهيكل العظمي،[69]

418 مسكت النفس الاعصاب والعظام فقط وقامت، والقوي المظفر لم يرتخِ بضرباته،

419 وقفت العظام كالاقواس ضد الشرير، وبدل السهام حاربت الاعصاب مع القوي،

420 فمه جُعل جعبة مختارة لسهام الريح، وبلسانه ركّبها والقاها بقوة،

421 امطر سهام الايمان في طلبته، وبرماح صلواته اعمى الشرير.[70]

 

الشيطان ضرب ايوب ولم يقهره

422 خرج الشيطان وذهب الى معسكره مولولا وهو يكرز الويلات لعساكره ابناء الظلمة،

423 انكسار سيء، ووجع قاس، وعار عظيم، وسخرية دائمة، وهزء يومي، واهانة كل ساعة،

424 ها قد جُعل فريقنا اضحوكة واسما نتنا لكل احد، لان ضعيفا حاربني وغلبني بجبروت،

425 هوذا الهيكل العظمي يتعارك معي ويسخر مني، هلموا واذهبوا وشاهدوا كم ضربته وهو مندهش،

 

426 /243/ ها قد جلدته ونثرت لحمه بالضربات، انه يحاربني بعظام مجردة وبعناد،

427 لا اقدر ان اضرب ايوب اكثر من هذا، لقد تعبتُ وهو لم يُقهر في المعركة،

428 ها قد زرعتُ فيه جرحا خبيثا وانبتُ اوجاعا ونفخت فيه نار الغضب واحترق كله،

429 ذاب جسده وامتص جسمه الرماد، وفركه الخزف ووقفت قصبتا رجليه مشلحتين،

430 لا اعرف كم اضربه واين اضربه،؟ وبدون اعضاء بماذا يُضرب الانسان لا اعرف،؟

431 سُلخ ظهره فاين تستقر سيور [ الجلد،؟[71] ويداه مطروحتان فكيف يقدر الرباط ان يوثقه،؟

432 مشطتُه بالاوجاع واضرمت النار وحرقت جسمه، فكيف امشط العظام بعد تجريدها من اللحم،؟

433 سلختُ ضلوع جنبيه وهو يُجلد، وجعلها فخاخا امامي لاسقط فيها،

434 تعجبتُ منه: كم سخر من المعركة، ضعفت ذراعي بضربه كثيرا وهو لم يتذمر،

435 لن انتصر في كل ضرباتي له لماذا اتعب،؟ علي ان ارفع الاصبع اذاً لانني خسرت.

 

الابالسة ينصحون معلمهم باقحام زوجة ايوب في معركتهم

436 اجاب عساكر العدو بعد هذه الامور /244/ لكي يشجعوا المقهورَ في المعركة،

437 يا معلمنا لا تسرع في المغادرة اثبت قليلا واستمر في المعركة لعله يضعف،

438 الم تكن معك زوجة ايوب،؟ قال: لا، قال الابالسة: نصف قوتك زال عنك،

439 لماذا لم [ تجلب[72] امينة سرنا لتذهب معك،؟ بها كانت ستنتهي المعركة وتجعلنا ننتصر،

440 بدون هذه ما معنى معركتك مع البطل،؟ انها قوسك منذ البداية وانت باريها،

441 في اي وقت عُرض عملك بدون مشورتها،؟ واين [ تركتها[73] وانتصر قدمك ببطولة،؟

442 منذ متى طمرتَ فخا من دونها،؟ واين مددت الشبكة في البرية بدون حيلها،؟

443 اين وضعتَ الخصام على الارض ولم تكن معك،؟ وفي اي وقت تم نصرك بدون عونها،؟

444 الم تعلّمك معركة آدم ماذا تفعل حتى تغلب نصفه بنصفه ويندحر كله،؟

445 ابناء آلوهيم وقعوا في الخطيئة بسبب بنات الناس، والجيل الفاسد: بني شيت البهي تنجسوا بهن،[74]

446 واذ عثر الكثيرون بالكثرة، هذا الواحد كيف يغلب لانها زوجته،؟

447 /245/ لو اندحر بها آدم رئيس الاجيال، ضعيف الناس كيف ينجو من حيلها،؟

448 لو خنقت بالماء الجميلين ابناء القضاة، هذا البغيض الا يزلّ ويسقط امامها،؟

449 حواء هي قوسك المختار منذ الازل، مُدّه وارمهِ به، وها قد طُعن وسقط بعافيته،

450 لو لا تُجلب امينة سرّه لتصير معك فلن يسُرق ثباته من عند الحقيقة،

 

451 لو لا تخون شريكته تجارته فلن يُسلب لانه يحرس كنزه بحذر،

452 اذهب وانصحها كما نصحتَ حواء لتحاربه ولما تغلبه ستُغلب به ويندحران كلاهما.[75]

 

الشيطان يقبل نصيحة الابالسة ويستعين بزوجة ايوب

453 قبل الشرير نصيحة بني جبهته البغيضة، الضعيف الذي اندحر فاراد ان تعينه امرأة،

454 ذهب واغرى الضلع الضعيف لتصير معه، [ وبعونها[76] يغلب العادلَ الذي حاربه،

455 كان قد طلب امرأة مساعدة وابان سخريته، ودعا ان تقوي ضعفه من هي بدون قوة،

456 الصياد المكار اقترب والقى للحمامة لقطا لتجلب رفيقها وتاتي وتدخل في مصائده،

457 الذئب الشره القى طعاما مغشوشا للنعجة، /246/ لتصير مع زوجها طعاما لما تُمسك،

458 قدّم لها الملل وقطعَ الرجاء مع القنوط الذي ينجب الالم والفكر البغيض،

459 القى عليها سهام الحيرة العظمى والحزن، وطاردها بالحلم وافزعها بمناظر الخيالات،

460 جلب وملأها كل الافكار والانقسام وجمع وطمرها [ بهمّ[77] الحزن العظيم البغيض،

461 بدأت تفكر بالمصائب التي احاطت بها من كل الجهات وبالضيقات الكثيرة التي اصابتها،

462 خطرت على بالها العصابة التي وقعت على الفدادين، والسيف الذي ارتوى من الاتن وفلاحيها،[78]

463 فكّرت بالقطعان والرعاة الذين اكلتهم النار، وبالكلدانيين الذين سلبوا الجِمال مع الجمالين،[79]

464 صعدت غيمة الالم عليها فجأة، ودون ان تعرف طمرها ضباب الحزن،

465 داهمتها مصيبة البيت الذي وقع على احبائها، والكآبة بسبب ثمراتها العشر التي فسدت،[80]

466 جمعُ بنيها الذي كان يصرخ تحت التل، وحشدُ عشرة اولادها الذين دعسهم الغضب،

467 شريكها مطروح ولحمه متناثر بالنتونة، وسهام الجرح القاسية الحادة معلقة فيه.

 

زوجة ايوب تحارب زوجها (ايوب 2/9)

468 /247/ امرأة ايوب نظرت الى هذه الامور واندحرت ورفعت الاصبع لتستسلم للعدو،

469 ضعفت افكارها بسبب الشيطان الذي عذبها كثيرا، [ وانجذبت[81] الى مشورة العدو البغيضة،

470 لبست سلاحَ امّها حواء لتحارب مع ابن آدم الذي كان قد تفقّه اكثر من الحية،

 

471 بنت حواء اخذت النصيحة مثل امها حواء لتوقع ايوبَ من العدالة مثل آدم،

472 بدأت تعلّق الخبر الذي سردته بقطع الرجاء، وابتغت وتوجهت الى هدف الملل،

473 ايها الرجل الى متى تثبت في وداعتك،؟ اشتم وانجُ من العذاب الذي يؤذيك،[82]

474 من لقّن هذه الكلمة لامرأة ايوب،؟ الشيطان هو بداية موضوعها بدون نقاش،

475 لمن قيل: اشتم ومُت الا لايوب،؟ او من نجا من العذاب بالشتيمة،؟

476 ممن تعلمت بانه لم يكن يموت لو لم يشتم،؟ ومن كشف لها بان هذه العلة دعته ليتعذب،؟

477 مَن شتم ومات ظاهريا كما قالت له،؟ وممن سمعت بانه كان يتعذب بهذا السبب،؟

478 لقد اتضح بانها كانت امينة سرّ العدو، /248/ ومنه تعلّمت ان تتناقش مع شريكها،

479 الى متى تثبت في هذا العذاب،؟ وكم هي قوتك لتستمر في هذه المصيبة،؟

480 الم يكفي للمؤدب بانه ضربك حتى يُبعد يده عنك،؟ الم يتعب لما اضاف الكثير على ضرباتك،؟

481 الم تملّ من الالم الذي احتملته،؟ الم تتضايق بفساد جسمك بالنتونة،؟

482 لقد سُلب مقتناك، واحترقت اغنامك، ونُهبت جِمالك، واختنق بنوك، وما هو رجاؤك بعد هذه الامور،؟[83]

483 تريد ان تنهي بنفس الفكرة التي بدأتَ بها، ألا تلين من قسوتك بعد هذه الاوجاع،؟

484 لماذا لا تشتم وتنجو من العذاب،؟ كم تتعذب وتحتمل وانتَ تتالم،؟

485 القِ على الله شتيمة واحدة، وها انه ياخذ نفسك ويحلك من هنا كفى مكوثك في هذا العذاب،

486 بدون الجسد كيف تقدر ان تحيا النفس،؟ لقد اخذ جسدَك وترك النفس فيك لاجل العذاب،

487 لقد ضربك لكي تشتم، لماذا انت بطال،؟ سوف لن تفلتَ من الضربات ما لم تشتم،

488 اعطِ الشتيمة، وخذ الموتَ الملي حنانا، القِ تجديفا ونَل الراحة بواسطة الموت،

489 مدّ الكلمة التي تضايقه براس لسانك، /249/ وها انه يريحك من العذاب بسبات الموت،

490 انه لن يبطل من ضربك ما لم تشتم، كلما استمر تجلّدك فالعذاب قاس والمدة طويلة،

491 انه ينتظر هذا، ولهذا اضاف الى ضرباتك، اشتم وستنجو من الآلام التي تهطل عليك.

 

ايوب يقول لامرأته: لقد تكلمتِ مثل حمقاء (ايوب 2/10)

492 قال ايوب: ملعون هو محرر هذه الرسالة، وملعون هو معلّمها ومحررها ومرسلها،

493 هذه الرسالة كتبها وارسلها ملك الاثم، ولن اسمع امره لانه ينجب الموت،

494 هذه الثمرة اعطتها تلك الشجرة السيئة، ولن اذوق من شرها الذي أُعطي لي،

495 هذه العنبات المرة التي أُعطيت لي هي من تلك الجفنة الملعون جذرها منذ البداية،

496 هذا الخبر الخداع ينخس مثل الحية وهو من ذلك الملعون الذي اضلّ حواء ومكرت بآدم،

 

497 هذا السم الذي [ فاض[84] عليّ من شفتيك هو من تلك الافعى التي سخرت من امكِ بين الاشجار،

498 هذا الميمر المكتوب بالتناقض الذي ردده فمكِ يخص ذلك الهماس محامي الاثم ومعلم الكذب،

499 انا اصمّ عن هذا الخبر ولن اسمعه، ولا اقبل ان تدخل في اذنيّ نصيحتكِ البغيضة،

500 /250/ هنا تكلمتِ مثل الحمقاوات، [ فأنهي] خبركِ ولن اسمع تراجمك [فاتركي[85] نصيحتك،

501 سمع ايوب وفهم ما هو الموضوع، ولم يغضب على زوجته بقسوة،

502 عرف بان التعليم يخص الآخرَ، فاجابها بهدوء وليس بتهديد،

503 لم يسمّها العادلُ بالحمقاء كانما بالاهانة، لكن وبخها (قائلا): تكلمتِ مثل الحمقاء،

504 شبّهها باحدى الحمقاوات لانها اسرعت وتعاونت مع العدو بشكوكها،

505 راى بان عصابة اليسار سلبت شريكته، وخرج وراءها بالتعليم حتى يعيدها اليه،

506 راى بان زوجته عذبها العدو، فغار البار لئلا تظل عند الشيطان.

 

لماذا نقبل خيرات الرب ولا نقبل شروره؟ (ايوب 2/10)

507 كان يقول لها: اذا قبلنا خيرات الرب، كيف الآن نعتذر من (قبول) شروره،؟

508 لما احسن علينا لم نتذمر من خيراته، والآن بعد ان اساء الينا لا نتذمر على ارادته،

509 لما اعطانا كل الملذات لم نشتمه، ولما اخذ ما يخصه لماذا تُقرب له الاهانة،؟

510 /251/ لما تنعمنا من غلاته لم نشتمه، والآن بعد ان اراد ان يحجبها لماذا يُشتم،؟

511 لما ارسل الخيرات الى منزلنا لم نكفر به، واليوم اراد ان يجربنا فيلزمنا بالا نتراخى،

512 لقد تنعمنا من خيراته، فليس من العدل ان نرذل ونحتقر شروره مثل المتمردين،

513 لو هربنا من خيراته لما احسن علينا لكان من السهل اليوم ان نبتعد عن شروره،

514 لو كفرنا لما كانت موهبته متراكمة في مسكننا، لم يكن صعبا اليوم ان نعطي الشتيمة،

515 لو وصلته الاهانة من عندنا لما اثرانا، لكان يُشتم بفقرنا لما يحرمنا،

516 الآن كيف نقبل نصف (القضية) ونرذل نصفها، لا يجمل ان نردّ الاهانة بدل التاديب،؟

517 حاشا لي ان املّ او اتذمر بسبب تاديبه، لانه مسلط ليؤدب ويقتني حسب ارادته.

 

ايوب لن يترك وداعته مهما كلف الامر

518 لن اترك وداعتي الى ان اموت: الموت يمنعني، اما انا فلن اشتم الهي،[86]

519 لن اخرج من البرارة حتى لو كان بالموت، ساثبت فيها ولن اتذمر وانا اتعذب،

 

520 لو أُضيف لي عذاب سافرح ايضا، ولو اشتد الوجع اكثر ساشكر ايضا،

521 /252/ كلما انهالت علي الضربات كلما ازدادت محبتي، وكلما ازداد علي الضيق ازدادت محبتي.

 

ايوب يتحدى الشيطان ويشير اليه بان يحاربه بطريقة اخرى

522 اذهب يا شيطان، ان طريقك هي بلا فائدة، وتعب مهمتك هو فارغ من الربح،

523 اذهب وانصب لي فخا آخر بحيلتك، لان هذا هو مكسور ولن يصطادني بمكره،

524 انظر لعله ظل لك سهم آخر لم ترمني به، فحدد راسه وارمني به لو قدرتَ،

525 فتش عن فرصة لعلك نسيتَ حيلك، وكن حكيما بالنسبة الي لتُحتقر بعدما اغلبك،

526 هيء لي حربا اخرى بخديعتك لكي تُقهر فيّ كل قوة بطولتك،

527 لو تريد ان تجدد الجهاد سوف لن اهرب، لانه ما لم امت فلن ابطل من المعركة،

528 لو تركتَ قضيبا [ آخر[87] لم تضربني به، هوذا ظهري ممدود ليتحمل فكرّر ضرباتك،

529 انت لا تتعب وانا لن اتذمر من العذابات، انت لا تهرب [ فهذه[88] الحرب هي وليمة بالنسبة الي،

530 لقد تعوّدتُ على البطولة التي دربتني عليها، ولو اصعدُ من الجهاد فانها خسارة لي،

531 /253/ المعركة التي نزلتُ اليها لن تنتهي الا بالموت، فالحياة لا تقدر ان تقصّر غلبتي في المعركة.

 

الشيطان يتعجب من ايوب الذي لم يسقط بتجربة شبيهة بتجربة آدم

532 تحير الشيطان من ذكاء البطل الحقيقي: كم ان وداعته هي ذكية ولا تُطال،

533 تعجب به كيف قفز الفخ رئيس الفخاخ الذي به سقط آدم الاول بواسطة زوجته،

534 تعجب به كيف احتقر السهم المحدد الذي طُعن به رئيس البرايا وشلح مجده،[89]

535 طال الجهاد وايوب يسخر من المعركة، وكثر الضيق وهو يهدد عدوه،

536 ضعف جسمه وعقله قوي بالبطولة، وفسدت اعضاؤه وفكره قوي بالقوة،

537 اشتد شره وايمانه لم يُغلب، تضاعفت ضرباته وكان يتقوى للمحاربة،

538 كملت عقد مصائد العدو، ولم يعثر المتميز بواحدة منها،

539 كسر فخاخه وحل شراك حيلته ولم يقلق الحكيم بحيلته.

 

ايوب ذهبٌ في كور التجربة

540 صارت التجربة كورا فاحصا وايوب ذهبا يتنقى بالضيق كما لو كان في الكور،

541 كلما كان الكذاب ينفخ في اللهيب، كلما كان يجمل في نار الاوجاع ويتنقى بها،

 

542 /254/ كلما كان الحدّاد يطرقه على السندان ،كلما كان يتزين ليصير حِلية للملكوت،

543 كلما كان ينزل مطر الآلام على نتونته، كلما كان ينبت من الرماد ليعطي الاثمار،

544 كلما كان يخبط برَد الاوجاع شجرة جسمه كلما كان يورد ليصنع اغصان الايمان،

545 كلما كان يشتد شتاء الغضب على نبتته، كلما كان ينمو ليكبر ويتجاوز الغيوم،

546 كلما كان يشتد برد [ الجرح[90] على اعضائه، كلما كان يغلي بالبرارة ويذوبه،

547 صرعه الغضب مثل العاصر بالجرح الخبيث، وكان يحاول ان يدوس بعقبه عاصره،

548 انه زرع جيد وقع وصار حمأة في الارض، فنبت وصعد واتى الى هري الحياة بمئة.[91]

 

قدوم اصدقاء ايوب لتسليته (ايوب 2/11-12)

549 تحير القريبون من تحمّله لما كان يُضرب، وقدم البعيدون ليروا المه ومدى تحمّله،

550 قدم احباء ايوب واتوا عنده بعد سماعهم اخبار المصيبة التي لحقت به من كل الجهات،

551 كان قد انتشر[92] خبر المه في البلدان، وسرت بين الشعوب المحنة التي اصابته،

552 كل الاقاصي احسّت بصبره، /255/ وطول اناته وحيرهم بقوته،

553 ملّ البعيدون من المعركة التي شنها، ولم يرتخ في الجهاد وهو يخوضها،

554 رفع الاصبع جميع المشاهدين من معركته، والمجاهد كان يتجبر ببطولته،

555 فرغت كل جهات المسارح لان المعركة طالت وغادرها جميع المتفرجين.

 

الملائكة يشاهدون منظر ايوب

556 نظر اليه المستيقظون فقط وهو يتعارك، ومن الارضيين لم [ يمكث[93] واحد في الجهاد،

557 زوجته ايضا انفصلت عنه اثناء الوجع العظيم، فمن كان يتبعه في المعركة التي شنّها،؟

558 غادر الناس وتحير ابناء العلى بالبطل وقام الملائكة ليروا معركة الايمان،

559 خرج اهل البيت لانهم لم يتمكنوا ان يحتملوا، وقدم البعيدون لمشاهدة الحرب التي كان يخوضها.

 

اصدقاء ايوب لم يعرفوه بسبب تشويهه فذروا التراب على رؤوسهم

560 تهيأ كل رجل من بلده واتوا عند البار لتعزية ذلك الوديع بسبب ما جرى له،

561 هولاء الذين سمعوا بعذابه اتوا من بعيد [ لتعزيته[94] بسبب الضيقات التي احاطت به،

 

562 اتوا ووصلوا اليه واقتربوا وراوه ولم يعرفوه، فحلّت عليهم المصيبة وتذمروا وصرخوا بمرارة،

563 /256/ اصدقاؤه راوا [ الصديق[95] الحقيقي مجرورا ومطروحا ولم يقدروا ان ينظروا اليه من الحزن،

564 وجدوا بان شخصه قد تغيّر بالجرح الخبيث، وغمرهم حزن عظيم بسبب فساده،

565 راوا الوجه الذي غيّرته الآكلة، فمزقوا ثيابهم حزنا عليه،

566 ذرّوا التراب على رؤوسهم وفي الهواء، لان [ جرح[96] ايوب القبيح افزعهم،

567رجموا السماء بالتراب الذي القوه لانهم وجدوا بان عذاب الحجارة كان اهون من ذرّهم التراب في الهواء،[97]

568 واذ اصابهم هذا الالم بسبب رؤيته، ماذا كان سيحل بهم لو دخلوا الى التجربة،؟

569 ولما راوا العذاب اقتربوا من التجديف، فلو بلغهم لكان قليلا لو شتموا ربوات المرات،!

570 دون ان يُعذبوا ذرّوا الرمل في العلى، لو تالموا اية اهانة كانت ستحل بهم،؟

571 بدون الضربات ذروا التراب على الله، فلو ضربهم لما وجّهوا اليه الشتيمة فقط،

572 عُذب ايوب وتذمروا دون ان يتالموا، وجُلد، وهم يلقون التراب في العلى،

573 البار مطروح في بحر الاوجاع ولا يغضب، وهم راوه من بعيد وتذمروا،

574 ايوب يحك الجرح بالخزف ولا يحزن، وهم راوا رؤية فقط وتذمروا كثيرا،[98]

575 [ المعذب[99] لم يكن يتعذب بضرباته، وقهر الوجع المشاهدين ولم يثبتوا،

576 من يُضرب هو ساكت والذين ينظرون اليه رفعوا الصوت، مَن شاهدوا ملّوا، ومَن يُجلد لم يُقهر.

 

اصدقاء ايوب مكثوا عنده سبعة ايام بدون كلام (ايوب 2/13)

577 مكثوا عنده سبعة ايام وسبعة ليال ولم يقدروا ان يتكلموا مع الوديع،

578 خرست اصواتهم بتنهدات قطع الرجاء، ولم يوجهوا اليه في تلك الايام كلمة الفم،

579 من هنا يعرف المرء كم ان جهاده كان عظيما حتى هرب منه المشاهدون،

580 سبعة ايام لم يقدروا ان يتكلموا لان عذاب الرَجل [ العادل[100] كان قاسيا،

581 وضعوا اياديهم على افواههم لانهم راوا المه، وصاروا في حِداد وسكوت بسبب ضرباته،

582 لم يعرفوا ماذا يقولون بخصوص المه، ولهذا صبروا وصاروا موتى ولم يتكلموا،

583 لم يكونوا يقدرون..[101]من سماعه،

 

584 /258/ [ فهموا[102] بان شرّه استعصى على الطب واختاروا السكوت لئلا يُتعبوه بالتسلية،

585 راوه مربوطا وملقى في الالم والاوجاع الصعبة، فربطوا السنتهم من كل الكلمات.

 

ايوب يلعن يوم ولادته دون ان يذنب لان هذا اليوم هو غير موجود

(ايوب 3/1-3)

586 راى البار بان اصدقاءه اتوا لاجل تسليته، ففتح فمه ليحثهم على الكلام،

587 بدأ يقول: ملعون اليوم الذي وُلدتُ فيه، خرجت كلمة الالم المبرح من فمه،[103]

588 بماذا اذنب اليوم الذي لعنه بمرارة،؟ وما ذنب الليل لكي يُهان،؟

589 هدّأ غضبه على اللاشيء ولم يجدّف، واذ غصبه الالم لعن بالضيق ما ليس موجودا،

590 ماذا يخسر اليوم الذي لعنه لانه فات،؟ واذ لم يكن موجودا كيف يتالم من اللعنات،؟

591 قذف شتيمة في الريح وعبرت وتخلص من هبوبها، ورجم الهواء ليبرّد وجعه العظيم،[104]

592 لعن ذلك اليوم وقال: ليكن مظلما، ايها البار ان هذا واقع موجود دون ان تتكلم عنه،[105]

593 كيف يشرق النور في اليوم الذي مضى وكمل مسيرته وانتهى خبره ولم يعد موجودا،؟

594 كيف تعود الشمس على اعقابها وتبدّل مسيرتها /259/ لتذهب وتنير في نهار امسى لاشيئا،؟

595 من يقدر ان يهدم الاسابيع والسنين والازمنة، ويعيد الصباح الى يوم ميلاده ليعمل فيه،؟

596 من يسلب [ عدد[106] ساعات الشمس وينزل ويصل الى ساعة ميلادها او يعتّمها،؟

597 ما ذكره ايوب في المه هو زيادة، لانه بضيقه لعن يوم ميلاده ليكون مظلما،[107]

598 كان قد لعن النهار ولم يبرد المه، واضاف وشتم معه الليل بمرارة،

599 [ قال[108] العادل: ليكن ذلك الليل مجردا من الشكر، ولا يدخل فيه التسبيح،

600 انه لواضح بانه صار غريبا عن التسبيح الذي دخل حيث دخل لما رُتل،

601 في نهار ذكره دخل الليل مع تسبيحه وكان فارغا من صعود ودخول التسبيح فيه،

602 سوف لن ياتي وسوف لن يدخل فيه التسبيح، [ وما قاله البار كان زيادة،[109]

603 من يسبّح او يشكر في الليل الذي مضى، واذ ليس موجودا من يقوم ويسبّح فيه،؟

 

604 ايوب القوي تكلم هنا كلمة مجانية بدون مسؤولية ومجازاة ولم يجد فيها ضررا،

605 /260/ ذم الليل الذي امضاه بسبب الضيق لانه لم يغلق الرحم ولم يولد،

606 لو صنع الليل هذا الامر الذي يعود الى الله، لماذا تذم الليلَ ايها البار،؟

607 راوا ثبات البطل الحقيقي ومدى احتماله، ولم يجدف او يتذمر على الهه،

608 لم يغضب على الباري الذي صوّره في البطن، بل شتم الليل اللاموجود بدون ضرر،

609 لم يجدف على القادر الذي يحيي [ ويميت،[110] بلعناته كان يغضب على اللاشيء،

610 لم يغضب على المصوّر الذي صوّر شخصَه بل كان يهان الليل البغيض الذي لا شخص له،

611 لم يغضب على المهني الذي ركّب جسمَه، بضيقه سخر من الليل الذي لم يذنب،

612 لعن ما ليس موجودا لئلا يجدف على الموجود، قذف اللعنات واخذتها الريح الى العدم.

 

اصدقاء ايوب لم يفهموا لعانته وحسبوها تجديفا على الله

613 اصدقاء ايوب لم يفهموا ما قاله ولم يعرفوا بانه لم يجدف بما ذكره،

614 سمعوا منه كلمات الالم بدون تفكير، ولم يتبينوا ويمعنوا النظر في ثباته،

615 سمعوا بوضوح الخبر الذي سرده /261/ ولم يدركوا تفسير تمييزه،

616 سمعوا فقط بانه كان يشتم ويلعن، ولم يعرفوا بانه هدّأ غضبه على اللاشيء،

617 كان يُسمع صوت الشتيمة من شفتيه، ولم يكن يشتم حتى يتذمر،

618 سمع احباؤه فقط بانه يتذمر، ولم يعرفوا بان لعناته كانت باطلة،

619 بدأوا يتكلمون بعده وهم يوبخونه بسبب الموضوع الذي عالجه،

620 فتحوا موضوعا ليلوموا من هو بلا لوم ليلصقوا الذنب بالطاهر الذي انتصر،

621 الّفوا جدالا لكي يجرّموا بالمنطق ذلك الذي غلب بالدهاء في معركة الشرير،

622 بدأ كل واحد منهم يتكلم معه كما لو كان بالتهديد كانما وجدوا عبارات العار.

 

حديث صديق ايوب الاول (ايوب 4)

623 فتح الاول فمه ليتكلم امام ايوب وهو يحتقره في بداية الخبر الذي سرده،

624 لو استمررتُ في الحديث معك ستتعبُ ولا اقدر ان احجب كلماتنا عنك،

625 هوذا الموتى يسكتون بسبب الكلمة التي تفوه بها فمك، اعني انا الحي انتصر عليك،

626 الاصدقاء الذين اتوا ليسلّوا الصديق المعذب /262/ صاروا مجادلين ليقرفوا وداعته،

627 هولاء الذين اكتسبتهم المحبة العمومية ليروا المه، بعباراتهم اضافوا عذابا الى ضرباته،

628 ابناء يمينه الذين قدموا لمساعدته، لبسوا سلاحا ليقهروه بالمتناقضات،

 

629 جوق عِشرته انقسم على تاديبه، وقوته صارت ضده في موضع الفزع،

630 فوج الاصدقاء الحقيقيين انشق، والّف ميمر التوبيخ ضد العادل،

631 ..خارجيا وجمال الذهب الخفي[111]..لم يقبلوا،

632 بعيني الجسد..وقطع الرجاء وبتلك العين..كانوا يراقبون،

633 مدّوه في التوبيخ ضد وجعه وامطر سهام..تجربته،

634 خبطه برد عباراتهم..ولان نبتته كانت قوية لم تتضرر،

635 صارت كلماتهم كسياط حادة ولم يتالم الذكي بضرباتها،

636 كان يتعذب من قبل احبائه بعار الوجع: عذابك قادر ان يشهد بانك لست عادلا،

637 /263/ من تعذب وهو بريء كما تقول،؟ واي مستقيم رايته يهلك بالضيق،؟[112]

638 لو كان الله بالحقيقة عادلا فانت اثيم، فلو لم تكن قد اذنبتَ باثم لما كان يضربك.

 

الاهل والاصدقاء وبخوا ايوب المنتصر

639 تطلع احباء ايوب العادل الى هذا الهدف، وبهذه الحجة بدأوا يوبخون من هو بلا لوم،

640 من كان ينتصر في المعارك التي الّمت بايوب: لقد حاربه اهل البيت والخارجيون،؟

641 من كان يتجاوز هذه الفخاخ العظيمة والمحتالة التي نصبها الشرير امام الوديع واحتقرها،

642 من كان يُضرب بهذه السهام ولم يكن يقع لان البعيدين والقريين كانوا يرمونه بها،؟

643 من كان يواجه هذه المخاطر ولم يكن يُقهر اذ صار الاحباء مضطهدين وحاربوه،؟

644 من كان يتحمل الاهانات التي لحقت به من قبل الداخليين والخارجيين ولم يكن يجدف،؟[113]

645 امرأته تدخلت في الحرب لتوقعه، واحباؤه صاروا فوجا لعدوه،

646 لما كانت زوجته ضده لم يضعف وكان يتعارك ضد نصفه..،

647 وراى الاشرار نصفه يحارب.. وتذمر وشفى نصفه..،

648 /264/ ..وزوجته نُهبت..توبيخا كان قد صنع وكسبها..،

649 من كان يسليه..حيث امرأته..كانوا ضده،

650 هوذا النصر.. الذي ناله من الجهاد فتضاعفت معركته مرتين في الاقطار الاربعة،

651 اربع (قضايا) خفية واربع جسدية حاربته ونال ثمانية انتصارات في المعركة التي خاضها،

652 قضية الاتن، والفدادين، والقطعان، والجِمال والجمّالين، والابناء،

653 وقضية زوجته، والاصدقاء الثلاثة الذين تسلحوا ضده،

 

654 غلب الثماني..واحتقر ببطولته،

655 جرّمه اصدقاؤه وهو المنتصر، وعرضوا قضاءه ونصحت امرأته ان يشتم وينجو من بين الاحياء،

656 طارده الابالسة بالاخبار المريرة، وغلب البطل هولاء جميعهم ونال الاكليل،

657 اصدقاء ايوب كانوا يحبونه اكثر من الابالسة، وحاولوا ان يجرّموه اكثر منهم،

658 هولاء جلبوا الاخبار فقط وابانوا المصائب ولم يجادلوه بالمتناقضات،

659 احباؤه اثاروا جدالا على معركته، وتسلحوا ضده بنظريات ليقرفوه،

660 /265/ عظيم هو ثبات البطل الحقيقي ومدى صبره في المعركة الدائمة التي شُنت عليه من كل الجهات،

661 انه مطارد من قبل الاصدقاء وزوجته والشيطان، وهو مربوط بالضيق ومعذب بالفقر،[114]

662..لحمه، وقوي مشيه، ومرعبة معركته، ومن الزائد جادله احباؤه واضافوا اليه الاوجاع،

663 انه مسلوب، ومجرد، ومظلوم، ومقرف، وملقى، ومطروح، وهو عادل، ومعاب، ومن لم يكن يجدف وهو في هذه الحالة،؟

664 يُضرب وهو مستقيم، ويُعذب وهو وديع، ويُضايق وهو بار، من كان يُجلد هكذا ولم يكن يتذمر،؟

665 الشيطان غاضب ويرميه بسهام الاوجاع..،[115]

666 ..المليء بالفخاخ من كان يقفز ولم يكن يقع،؟

667 من كان يمر في هذه الشراك ولا يعثر،؟ ومن كان يدوس هذه الفخاخ ولا يتاذى،؟

668 اصدقاء ايوب قدموا ليسلّوه، فاتوا ليجادلوه ويزيدون العار لتحطيم قلبه،[116]

669 ..، /266/ ولو لم تخذلني قوته لكان يسهل علي ان اغلب،

670 لو كان يقول لي كلمات بدل كلمات لكنتُ انجو بطهر يديّ وانا منتصر،

671..ولو جلست العدالة في المحكمة كنتُ أُغلب،

672 لو اقتربتُ من عرشه لكنتُ منتصرا لانه لا يوجد مجال للمحاباة في استقامته،

673 كنتُ اشتاق ان ادخل عنده في نظام عادل، وشهودي هناك هي كل اعمالي وكلمات انتصاري،[117]

674 في ذلك الموضع يزن الحق كلَ الافكار، هنا تغطي الخطيئة القضاء ولا يُعقب،

675 هناك موضوع ميزان الحق بين الجهات، هناك سألتُ ان تدخل كلماتي وافعالي،[118]

676 امام نظام قضاء العدالة كنتُ اشتاق الى تلك المحكمة لأُقاضى فيها،

677 وانجو من هنا لانني اتعذب بالخفاء وبدون سؤال لماذا أُعذب طويلا،؟

 

678 انه اثم..[119]

679 ..امام الحاكم الى محكمتك اتيت حيث لا يدان نهائيا من هو بريء،

680 ..اخذ ثقة استقامته، وببساطته بدأ يقاضي حاكم كل القبائل،

681 اراد ان يصعد الى موضع مجلسه ولم يفكر بان المستيقظين لا يصلون اليه وهم روح،

682 كان قد وعد ان يملأ فمه توبيخا، يا ولدَ الارض لماذا توبخ انظر الى طبيعتك،؟[120]

683 تبجح ليعرض القضاء امامه في موضعه السامي، ولم يفهم بان الكواريب لا يخطون عنده،

684 طلب ان يصعد الى حيث لا مجال للمستيقظين ويعرض قضاءه في الموضع الخفي عن الروحيين،

685 الطين المجبول الّف ميمر التوبيخ ليصعد..الى قمة العلى مع الجابل،[121]

686 ..ومدّ نفسه ليقاضي الله،

687 وبما انه لم يكن مذنبا فلم يكن يخاف من الديان، ومع السؤال كان يهدد بثقة،

688 راى الله بان برارته كانت عظيمة في عينيه فاشفق على تعبه..لئلا ينتقص.

 

الرب يبيّن لايوب اطراف العالم في خنصره

689 ولانه ظن بان العدالة هي كعدالة الله اراد ان يخيفه باخبار قدرته البارية،

690 جلد عبدَه بمصائب قدرته العاملة المحيرة /268 ليس لانه اذنب بل [ لئلا] يذنب،[122]

691 ..ولكي يخيف الترابَ الذي هدده ليحكم معه،

692 علق البرية كما لو كان في الخنصر امام البار، ليُفهمه كم انه قوي حتى يدين الكل،

693 احنى جسده..الشتائم، لئلا يلقي رِجله في الاثم ويمشي نحوه،

694 صفّ وابان له تلال اتقان الاقاصي العجيبة ليضيف البرارة الى عدالته،

695 علّق اطرافَ ثوب العالم العظيم الواسع، ليبين له احضان كل الجهات الواسعة،

696 اخذ صورة المستفسر واقترب اليه، لكي يتعلم ايوب الامور المخيفة لما يُسأل.

 

من العاصفة الرب يجيب لايوب (ايوب 38-41؟)

697 واجاب الرب ايوبَ من العاصفة وقال: من هو الذي يكثّر الكلمات بدون معرفة،؟[123]

698 كان يسأله بالتوبيخ: من هو هذا،؟ اعني من انت ايها التراب (لتجيب) هكذا..،؟

 

699 انك بار..، ولا اريد ان تخطو [ عندي[124] لانك تراب،

700 اعرفُ بالحقيقة بان ذهبك مختار، فليس حسنا ان تقاضي معي لانك لستَ مثلي،

701 /269/ بعجلتك هددتَ ان تصل الى مجلسي، هلم لابين لك لو كنت تقدر ان تصل (عندي)،

702 قِف وشدّ حقويك بجبروت فهانذا اقدّمك للسؤال لتجيب امامي،[125]

703 ها قد نزلتُ الى مجلسك لاتكلم معك، ولما تغلبني قد تصعد وتصل الى مجلسي،

704 لما اسألك ردّ علي وانت على الرماد، ولو تغلب ترتفع بعدئذ عند النورانيين،

705 درّب نفسَك بالمتناقضات وانت في موضعك، ثم تجتاز لتحكم معي في موضع الاحياء،

706 طهّر لسانَك بالاسئلة بين معارفك لتجابه المحكمة بذكاء في موضعك فقط،

707 ولا تضف وتحاول ان تنتقل خارج موضعك فامكث هنا في عش جمعِك العظيم،

708 ولن تسيل بعد امواج قوتك..،[126]

709 يا ايوب بيّن لي لو كنت قويا في المذهلات وقصّ لي لو كنتَ صامدا بامور مخيفة،

710 هل امرتَ الصباح متى ياتي الى الانسانية،؟ وهل دخل امرك ومزّق النور وسلك في سبيله،؟[127]

711 هل سمعك الليل وغيّر الموضعَ بخلاف عادته،؟ وهل اصغى اليك المساء وترك تخومه بخلاف عادته،؟

712 اين يحل الظلام لو تعرف،؟ /270/ والى اين انتقل ليل البارحة لو تفهم،؟

713 امسك بذراعك اكناف الارض لو تقدر، والقِ منها جميع الاثمة وبيّن قوتك،[128]

714 لو كانت في يديك مسيرة الازمنة وانظمتها، امنع النور عن الخطأة لئلا يروا،[129]

715 هل دخلتَ الى اعماق البحر العظيم الخفية،؟ وهل وجّهت دربك الى اللجة التي تحت اسسه،؟[130]

716 انت لا تخبيء عني آثار اعقابك في اسفل الجبال، بيّن لي سبيلك كيف بدأتَ تمشي هناك،؟

717 من فتح لك الباب لتاتي عند اللاشيء،؟ ودخلتَ الى موضع اسفل الارض،؟[131]

718 من انار لك لتجتاز في ظِلال الموت اذ كنتَ تدعي المقاضاة في موضع الاحياء،؟[132]

719 لو تعرف كم هو عرض الارض، اقدّم لك سؤالا واحدا اعطني التفسير،؟[133]

 

720 في اي درب يحل النور،؟ وكيف يسافر،؟ وبماذا يمشي،؟ والى اين يخرج،؟ وكيف يستريح،؟[134]

721 هل يوجد مسكن الظلام عنده ام لا،؟ هل هو قريب منه او بعيد من ميعاده،؟[135]

722 هلم وبيّن لي تخوم النور والظلام، وكل واحد منهما في اي سبيل يذهب الى بيته،؟

723 ابسط اصابعك لتحصي عدد الازمنة، /271/ واحسب شهور (وايام) وساعات ميلادك،[136]

724 اصنع الاحصاء ويسهل عليك مسك الحساب، وحدد فقط عمرك لا (عمر) الآخرين.

 

هل تعرف كيف تتكوّن الامطار والثلوج؟

725 يا ايوب قل لي في اي زمن دخلت الى اهراء الثلج والبرد المحفوظة والخفية عن الكل،؟[137]

726 هوذا اسئلة كثيرة وانت صامت من الكثيرة، فسر لي واحدا وخذ النصر،

727 بيّن لي في اي درب يتوزع النور،؟ ومن يكيل ويعطي الضوء لساعات النهار،؟[138]

728 كيف تخرج المناظر والاصوات فجأة، ويتحرك الهواء وينجب الرياح بقوة،؟[139]

729 كيف يحمل الهواء المياه السائلة في اكنافه، ويصعدها ويرشها بسرعة على كل الجهات،؟[140]

730 هل انت ابو المطر الوابل في الحضن الواسع،؟ او من انجب القطرات من العاصفة،؟[141]

731 اي كيل سكب من الهواء والقاها وبذرها وارسلها الى الزروع،؟

732 اي بطن حمي وولد الجليد والندى وزرقة .. السماء من انجبها،؟[142]

733 هوذا المياه السائلة تتصلب كالحجارة، وبالامر تغلق اللجج ولا تنسكب.[143]

 

هل لك إلمام بالمجرة والثريا والجبار والجوزاء وبقية النجوم؟

734 هل فيك القوة لتقوم وتغلق بوجه الثريا وتمنع مسيرة سرعتها من الاندفاع،؟[144]

735 هل رايت الموضع الذي يخرج منه سبيل الجبار،؟ او هل تطير معه في العلى ولا يتجاوزك،؟[145]

 

736 ضع اعقابك على آثاره لو تقدر وسِرْ [ وراءه[146] وحيث يحل توقف عن الركض،

737 اعطه الموعد او هو يعلّمك متى يسافر، واصطحبه وادخل واسترح معه في المنزل،

738 هوذا العجلة تخرج لتاتي قم وامنعها انت وسدّ طريقها ولا تمر فيها نحو الصباح،[147]

739 القِ يدك واربط عجلتها لو تقدر، وخذ السلطة من قائدها واستعملها انت،

740 قم وقدها مثل الحوذي الى حيث تشاء و..،[148]

 

هل لك إلمام بطبيعة الظبيات والحمر الوحشية والجواميس وغيرها؟

741 … والظبيات واصنع الاحصاء واحفظ العدد وبيّن الشهور،[149]

742 بيّن وبرهن متى تحبل،؟ ومتى تلد،؟ ومتى تركع في كهوفها لما تستريح،؟[150]

743 كن راعيا لقطيع البهائم الهمجية وضع سلطتك على قطعانها بقوتك،

744 /273/ انظر الى افراخها لما تتربى بعنايتك، ولما تُفطم ميّزها باهتمامك،

745 اربط الحمار الوحشي تحت بأسك وليعمل معك، وبعملك اربط ابن الاحرار بنير العبيد،

746 اربط بربط عنق الجاموس ليحرث حقلك، ولاحظ هل يطيع حتى يحرث معك باستمرار،؟

747 اربط رقبته بنير عملك لو سمعك، واترك عملك على جهده ليخدمك،

748 هوذا اندادك درّب نفسك بحروبها ولا تتكبر لتقاضي مع قدرتي البارية.

 

يا ايوب هل لك إلمام بطبيعة النعامة؟

749 تفرس في احضان النعامة وخَف وبعدئذ ترتفع الى موضع مجلسي لتقاضي،[151]

750 انظر اليها تستاصل الغابات بثورتها ولا تتوقف، ولما تكبر تنثر بجناحيها كل الاشجار،

751 وتطير وتصادف بستانا وتقع امامها وتاتي وتعشعش ولا يوجد عشّ يقلقها،

752 تترك بيتها فوق الارض بحماقتها، وتبيض في التراب وتحمي افراخا قوية،

753 يُداس فرخها من قبل الحيوانات ولا يعيش وتعود الى تعبها عبثا وهذا لا يعود اليها،

754 كثّرت الفراخ ولم تلدها لنفسها ولم تعش وهذا كان من عند الله لكي يهلكها،

755 /274/ الله كثّر الحكمة لقوتها، ولم يوزع لها الفهم ليبيّن لها اين تلد،

756 هل معرفتك عملت هذه الغرائب،؟ او امرك اقام هذه الامور القوية.؟

 

يا ايوب هل لك إلمام بالباشق والنسر وغيرهما؟

757 هل بحكمتك قلت وصار الباشق السريع، واكتسب سلاحا: اظفارا وجناحَين ضد الطيور،؟[152]

758 هل يرتفع النسر بكلمة فمك الى قمة الهواء، ويطير ويتجاوز الغيوم ثم يعود.؟[153]

 

الرب يوبخ ايوب دون ان يلومه

759 اسكت يا ايوب فلا يفيدك التوبيخ، انه لخبر مخيف ان تقاضي مع الله،

760 لله امور كثيرة مثل هذه، ومن يوبخه يُقرف بعجلته،

761 كانت تُسمع هذه الاصوات من العاصفة، وايوب ساكت ويسمع بالم وبهدوء،

762 كان الذهب الجيد ملقى في الكور الفاحص، وربه ينفخ ليزيد لمعان جماله،

763 البار مضروب بسيوط الالم دون ان يذنب، ويُجلد باخبار حتى يزداد (جماله)،

764 من يوبخ يصنع السلام بين المتميزين، فالتوبيخ على الارض يرشد كما هو مكتوب،[154]

765 ايوب وبخه ربه علنا دون ان يلومه، لئلا يلحق اللوم بالعبد الذي تعذب،

766 /275/ التوبيخ من الاحباء مليء امانا، اما من العدو فان السكوت ينجب الموت،

767 لما صمت ايوب ضربه الشيطان  بقروح وتقوى ليصطاده بتجربة كما لو كان بالكمين،

768 ضربه الشيطان دون ان يطلق توبيخا، ووبخه ربه دون ان يضربه بالتاديب.

 

ايوب يرد على الرب ويعترف بضعفه (ايوب 40/1)

769 سمع البار هذ المصائب وتحير وبدأ يتكلم بضيقه بصوت عال،

770 ربي، لقد خُذلتُ ولا اعرف ماذا اقول لك: لقد ضعفتُ ولا افهم بماذا اجيبك،؟

771 التصق لساني ويصعب علي ان اجادلك، انتهى كلامي وبماذا اقابل متناقضاتك،؟

772 تعطلت عباراتي ولا اعرف بماذا اجيبك،؟ وقد حقرني فكري ولا اقدر ان اسير معك،

773 ربي لقد اندحرتُ فخذ النصر باستعدادك، وهوذا الخسارة قد لحقت بي فلن اكفر،

774 استحقُ ايضا ان يضاف لي عذاب لو وُجد، ولن اقاضي وانا أُعذب من قبل المؤدب،

775 ولن احاكمك لانني ضعيف محروم والجدال لا يؤدي الى النصر،

776 واذ لم اجادل فقد قُهرتُ بامور كثيرة لانني لا افهم كل اسئلة عجائبك،

777 /276/ التجيء اذاً الى السكوت ليكون حارسي لئلا اجتاز في موضع المحكمة لاقاضيك،

778 يجدر بي ان اسكت مثل المذنب ولا اقترب منك بالجدال لانني لا اقدر على ذلك،

 

779 ها قد وضعتُ يدي على فمي لئلا يقاضيك ويسعى الى الخفايا التي لا تُفهم،

780 ربي تكلمت مرة واحدة فلا تعذبني امور كثيرة لانني لن اجيب جوابا كالاول،

781 لكلمة واحد يكفيها سؤال واحد، وهوذا كلمتي قد خسرت بامور كثيرة لانها كانت حقيرة،

782 لن اضيف الكلام مرة ثانية، ربي ليتني لم اتكلم بدافع الضيق.

 

ايوب الواشي يصبح المشتكى عليه

783 رفعتَ ايها البار محكمتك الى مجلس العلي، فكيف الآن لم يثبت سؤالك على الرماد،؟

784 قبل مدة كنتَ تحكم وتوبخ وتهدد، والآن اقررتَ قائلا: انا لا اضيف كلاما،

785 المحكوم عليه رفع الاصبع قائلا: انا مذنب قبل ان تنتهي اسئلة الامور الطويلة،

786 واذ لم ينهِ الحاكم كل كلماته، فقد اقر المسؤول بالحكم الصادر عليه،

787 تضاعفت اسئلة الحاكم ضد ايوب ليزيد له ايضا تحذيرات من الامور الخفية.

 

الرب يرد على ايوب (ايوب 40/6-24)

788 /277/ اجاب الرب ايوبَ من العاصفة وقال له: قم واستعد ايضا فالاسئلة لا زالت تثور من موضوعك،

789 شدّ حقويك بجبروت بالمتناقضات، انا اسألك قم وعلّمني الحقائق،[155]

790 هل لك ذراع الجبروت مثل الله،؟ او هل تصرخ بصوت ممجد مثله،؟

791 البس البهاء والجبروت وعظمة المجد، وتوشح ايضا بجلال وابهة البهاء والقوة،[156]

792 اسكب غضبك على الاثمة وابِدهم، واستلّ سيفك على الاثمة وافنِهم،

793 القِ جميع الخطأة على التراب واطمرهم، واسقِط والقِ جميع الجسورين واخذلهم،

794 حطّ المتكبرين عن السلطة واذلهم، وارفع المتواضعين الى درجات عالية،

795 وانا ايضا لما اراك تفعل هكذا لن اظلمك دون تمجيد قوتك،

796 لما تصنع يمينك هذه الامور بجبروت، اظفرُ لك اكليل المجد من المدائح،

797 ولو كانت هذه الامور تصعب عليك، كيف يمكن ان تقاضي صانعَها مع ضعفك.؟

 

البهموت الضخم (ايوب 40/15-24)

798 /278/ بين الدبيب الحقير يوجد حيوان يخيفك وخبره يقدر ان يفزع عجلتك،

799 هوذا التنين البهموت العظيم الذي صنعتُه معك: ان خبره يخيفك لو يوصف،

800 انه محير في بريّته، ومخيف في منظره ومرعب، وجبلته عظيمة، ومنظره قوي وعجيب،

 

801 لا يشبه الدبيب ندّه باي شكل من الاشكال، ولا الحيوانات ولا البهيمة بقوته،

802 لا يقتات وياكل العشب كالثور لانه بهي بدون طعام ويسمن من اللاشيء،[157]

803 انه بداية كل الدبيب وهو موضوع لذلك لكي يثير الحرب على المجادلين بخبره،

804 كثرة الجبال هي محجوزة لسكناه، وهو يحل في موضع واسع على “التوه والبوه”،[158]

805 لو اجتمعت كل البهيمة والحيوان البري لسترها تحت ظِله وهي قليلة بالنسبة اليه،

806 بالنسبة اليه لا يوجد ظِل ليستره لانه ليس ضعيفا ليجلس ويستتر في ظل القصب،

807 لو يقفز لا يخاف ابدا من النهر، ولا يوجد خوف في [ فكره[159] لانه قوي،

808 هو متاكد بانه لو اراد وانسكب الاردن في فمه، طبعا هذا لا يحدث انما يعني بانه واثق لكونه شجاعا،

809 /279/ لو اراد ان يغير المكان لا يرجع الى الوراء لان العلي يحطّ غيومه ويحتفل به.

 

ايوب والبهموت ولوياثان (ايوب 40/25-32؛ 41/1-26)

810 ماذا يا ايوب: لو رايته هلا تفزع،؟ وهل فيك القوة لتلقي الشبكة وتحبسه،؟

811 هل تقدر ذراعك ان تلقيه في الشبكة دون ان تضعف، او يمينك تسحبه بالخيط كالحمامة،؟

812 لو تقدر ضع اللجام في فمه وبعدما تغلبه نطلب منك ان تسخر منه،

813 ليكن لك عبدا الى الابد لو سمعك، وبقوتك احمله واضحك عليه كالعصفور،

814 لو تخاف فتش عن شركاء وخذهم معك ووزع المهمة على الكثيرين واغلبه لو قدرتَ،

815 ضع عليه يدك واعتبره نصرا، واقترب منه فقط ويكفي لاعلان غلبتك،

816 اقترب ولا تخف فلا مرارة له ولا يؤذيك، دربك مفتوح، لماذا تقف مثل الخائف،؟

817 انه نوع هاديء لا يتذمر ولا يغضب، رؤيته فقط تكفي لتخيف من يتطلع اليه،

818 مَن يقدر ان يقف امامي بجبروت، هيء نفسَك واغلب في المحكمة وبعدئذ تفتخر،

819 العالم يخصني ولن اسكت مثل الخاسر، اردتُ ان تنازل الدبيب فقم على قوتك،

820 /280/ من ينصب شبكة ليمسكه ويسخر منه،؟ او من يقدر ان يكبحه بشكل من الاشكال،؟

821 من يقدر ان يفتح باب فمه ويتكلم معه،؟ ومن يحصي منابت اسنانه دون ان يخاف،؟

822 فمه مغلق ومربوط ومختوم منذ الازل، وجسمه ممجد ولحمه سمين بدون غذاء،

823 ضوء عينيه يخرج مثل اشعة الصباح، ويصدر من فمه كمصابيح النار،

824 انه قائم مثل الحجر وثابت مثل حجر صلب، ويحير الافكارَ التي تتأمل فيه،

825 الحديد يحسبه كالهشيم امام اللهيب، والنحاس كالخشب العفن والمنخور،

 

826 يسخر من [ القوس[160] ويحتقر صفوف السهام، وحجارة المقاليع محتقرة امامه كالاعشاب،

827 يضحك على الرمح وحدّة السيف مستهجنة عنده، وهو واثق من اللجة لو نزل اليها كانما (يمشي) على اليابسة.

 

يا ايوب انت لا تغلب الحيوان فكيف تجادل مع الرب؟

828 حدّد هذا وهو دبيب وجادل معه، وبعدما تغلبه هلم وقاضني في موضع مجلسي،

829 ايوب بيّن بهذا خبرتك لو كنتَ قويا، وبعدما يُرى جبروتك هلم واصعد عندي،

830 ادخل الى المحكمة مع هذا وناقشه، /281/ ولما يثبت سؤالك بالجدال حينئذ تقابلني،

831 اقترب عند هذا واسخر منه بمنطقك، وبعدما تدحره بالمتناقضات قاضِ عدالتي،

832 بيّن بطولتك بهذا لو كنتَ جبارا، وبعدما تغلبه جدد المعركة لاجل المحاربة،

833 اختبر قوتك بهذا المشلول وبدون ارجل، ولو ادركته وجّه مسيرتك نحو قوتي،

834 قف قدام هذا واعرض القضاء مع السؤال، وبعدئذ هلم الى الجدال النهائي،

835 ولو غلب التنينُ منطقَك بسكوته، كيف تتكلم مع القوي ولا تذوب،؟

836 لو لم تقاض مع الدبيب [ وهو ضعيف،[161] كيف تقاضي الجبار لانك ضعيف،؟

837 لو لم تقترب عند هذا المصنوع نِدّك، كيف تصل عند الصانع بسرعتك،؟

838 الحية غلبتك، كيف تجادل مع الباري،؟ الدبيب امتهنك فكيف تقاضي ديان الكل.؟

 

ايوب يشكر الرب لانه رآه بواسطة آلامه (ايوب 42/1-6)

839 قال ايوب: ربي اعرف بانني ضعيف، [ ربي[162] لا يخفى بانني ناقص ووهن،

840 اعرف ان قوتك تصنع هذه الامور، /282/ انت قادر ان تصنع هذه كلها وهي بسيطة بالنسبة اليك،

841 انت ذراع سامية ولا حدّ لسلطتك، ولا تُقهر قوة بأسك العظيمة،

842 رمزك هو عملٌ به تؤمر كل البرية، ولو تتكلم مع الطبائع قليلا تحل المصائب،

843 فكري جلي لك، يكفي بانك ادّبتني بعجائبك، ربي يكفيني [ الم] تاديبي [القاسي[163] الاوجاع،

844 ضميري لا يخفى عليك لانك تفحص الكل، ولا يوجد فكر مستتر عنك لانك ترى الكل،

845 لقد ادّبتني بالكلمات كما بالقضبان، وهانذ اتالم فضُربت لانني لم افهم ماذا قلتُ،

846 ما طلبتُه كان اعظم مني دون ان اعرف، والآن بعدما تعلمتُ لن اتجاسر واناقشك،

 

847 ربي اسمعُ ليس بجدال لكن بالم، اصغِ لانني اتكلم ليس بقضاء بل بالدموع،

848 سمعتُ فقط سماع الاذن قبل ان اتعذب، الآن طوبى لي لانني قابلتُك ولو انني تالمتُ،

849 كنتُ اعرفك سماعيا فقط وخارجيا، اليوم هانذا (اعرفك) بالحقيقة وبالرؤيا،

850 حينئذ بالسمع الذي كان يُملّح بالايمان، والآن بالحقيقة المربوطة برؤيا العينين،[164]

851 /283/ غلبتُ لانني قدرت ان اراك بضرباتي، ووصلت الى محيا خفائك بالتجارب،

852 اضف لي وظَلّ عندي ايضا لاتامل فيك، [ اضربني[165] بدون شفقة وامكث معي طويلا لاشبع من رؤيتك،

853 ضاعف تاديبك واكشف رؤيتك لاطمع فيك، وارسل جَلْدا ولا تنتقل عني الا وشبعتُ منك،

854 ايها المؤدب شدد قضبان المك للتاديب، وانت ايها الرحمن ازِح ضبابك لاراك في ضيقي،

855 لا افضّل ان اتخلص من [ العذاب[166] وتنتقل عني، من المهم لي ان اتعذب واراك طويلا،

856 هذا الالم صار سببا لاتمكن من رؤيتك، اذاً ليكثر الآن لكي استمر في (رؤيتك)،

857 محياك هو مكافأة لكل ضيقي، ولا انتظر اجرا آخر لانني قد كوفئتُ،

858 باية هدايا كنتُ اصل لارى وجهك،؟ الوجع فتح لي بابا اليك لاتامل فيك،

859 لم اكن استحق رؤيتك بكل القرابين ايها الملك، لقد اذنبتُ كثيرا لاتعذب وأُجازى اجر مجدك،

860 لا اجادل لقد حُلّت مشكلتي بدون نقاش، وانتصرتُ لانني رايتك: اسكتُ اذً وانا على التراب،[167]

861 ربي هانذا قائم منتصرا فمن ادينُ،؟ /284/ انظر اليك ولماذا اطلب امورا كثيرة،؟

862 الرماد الذي اجلس عليه هو ملكوت لي، لانني قدرتُ وانا عليه ان اقابل جمالك يا رب الملوك،

863 الجرح الذي لبستُه هو اجمل من الحرير لي، لانني استحققتُ ان ارى ثوب مجدك من العاصفة،

864 بهذا الضعف عظمتُ كثيرا فانا احبه، ولم اقابلك بالصحة كما قابلتُك الآن،

865 اهدأُ اذاً واستريحُ هنا على التراب والرماد وهو ملكوت لي، وبه رايتك دون ان اتوقع ذلك.

 

ايوب ينتصر على الشيطان

866 قُهر الشيطان وخجل وضعف من قبل البار، وهرب المتمرد لان العادل غلب في التجربة،

867 عاد البطل الى المعركة وكسر الشريرَ، والقى الماكر وبقوته داس على عنقه،

868 رضّ راسَه بعقب الايمان السليم، والقاه وطرحه وجعله سخرية في الجهاد،

869 وضع عليه دنسا ليكون عارا في كل الاجيال، وخجل في تهديده وصار هزءا لجميع الابطال،

870 زلّت رِجله وشعرت البرية بسقوطه وترنح وهو يحارب، وصار اضحوكة لجميع المتفرجين،

871 ركع في الجهاد وسجنه ايوب بيت-الاوجاع، وسقط وهو يسخر وقام البار ومشى على صدره،

 

872 عاد الحمل ومزّق الذئبَ الذي قطعه،/285/ ودخل الفروج وشقّ الحية وهي تبتلعه،

873 قام المريض ضد القوي وغلبه في المعركة، والقى ضعيفُ الجسم القويَ وجعله هزءا.

 

الرب يعيد الى ايوب الصحة والاموال

874 تكلم الرب وهرب الجرح الذي عذب ايوبَ، ورعد العلي وهربت الاوجاع من البار،

875 ظفر الرحمن اكليلَ العافية ووضعه على المريض، واشتدت اعضاؤه التي نخرتها القروح،

876 تطلعت قوة اللاهوت واستقام الجسد، ولمع رمز القدرة البارية وجمل الجسم،

877 قام المهندس وبنى البيت الذي سقط، وجدد اسسه التي انهارت بالضربات،

878 تكلم الرعد من العاصفة ونمى الزرع، ومن عفونته لبس الاوراق،

879 نزل الصوت كالمطر على الجذر وبدأ يتحرك ويشلح ويلقي عنه لباس عفونته،

880 الربيع سقى حنطة الرماد التي عفنت فيه، ونبتت وصعدت وعقدت الساق لتاتي بمئة،

881 رش الندى على وردة افسدها الحر، [ وفرحت[168] اثماره وجمل لونها ولمع جمالها،

882 سقت المياه جفنة جردها شتاء الاوجاع، فغليت واعطت [ اوراقا[169] واثمارا كثيرة،

883 /286/ اتى السقي الى شجرة عارية واورقت اغصانها وامتلأت احضانها وتكلل جمالها،

884 قام البار-الذهب الذي خرج من الكور ولمع جماله واستنار لونه وطهر منظره،

885 انجبه حضن الاوجاع الضيق، وخرج طاهرا وصدّره بطن القروح وقام جميلا،

886 القاه رحم الرماد الحقير فنخل وردة، وسقط من كنف كل الضيقات وهو متشح بهاء،

887 خرج من بين الآلام مثل جنين بدون عيوب وخال من جرحه، وجسده سليم وجسمه جميل،

888 وقام الولد الذي ربّته الاوجاع وهو غير مدنس ونجا من عش الجروح وصارت كانها غير موجودة،

889 الجرح هرب، والضربة اختفت، والوجع زال، والضيق انتهى، والمحنة عبرت، والالم تلاشى،

890 وانطفأت الضربات، وجملت [ القروح،[170] وزالت العيوب، وغاب فعل تلك العفونة بالصحة،

891 نال الاكليلَ من الجهاد، وقام المنتصر وصنع النصر ببطولته وعظم الرجل،

892 تعذب من قبل لغيون الابالسة ولم يرتخِ، وبنصره غلبهم وصاروا سخرية.

 

الرب يوبخ اصدقاء ايوب (ايوب 42/7-9)

893 اراد العادل ان يكشف جمال ايوب، /287/ فوجّه توبيخا مع التقريع الى اصدقائه،

894 تجلى الرب في الرؤيا عليهم لاجل عبده ليعلن جمالَ برارته بامور علنية،

 

895 لم تتكلموا بعدل مع عبدي ايوب، الرب الصالح اعترف بعبده بدون خجل،[171]

896 كان ينصر العبدَ الصالح بمحبة، واجاب ان عدالته هي كاملة،

897 خذوا قرابين واذهبوا واجلبوها له وهو يجلبها لي وتوسلوا اليه وهو يطلب مني،[172]

898 اذهبوا وقرّبوا لي ذبائح بيدَي الطاهر الذي غلب، فلو لم يرضني بتوسله انا غاضب عليكم،

899 لو لم احابِه فانا احتقركم واعتبركم [ سخرية[173] لكونكم غير عادلين.

 

نهاية ايوب المباركة (ايوب 42/10/17)

900 تكررت رؤيا الله على اصدقاء ايوب، واخذوا المواعيد ووصلوا اليه بسرعة،

901 العبد الصالح بدأ بالذبيحة من بعد الضيق، ومن الجهاد بداية تعبه كانت الصلاة،

902 قام من الاوجاع وهرب ليكون عاملا للذبائح، ونجا من الآلام وتنشط على الطلبة،

903 بدأ المظلوم يسترجع ما له من السالب، /288/ وعاد السبي لياتي باسره الى صاحبه،

904 انهزمت العصابات وعادت المقتنيات الى اصحابها، وهرب المطاردون وعاد السلب الى صاحبه،

905 بالقليل بدأ يقتني الكثير، ومن الفضلات المباركة تضاعفت امواله،

906 لماكان يدخل القليل كان يكثر، ولما كان يقترب من الزهيد كان يزداد،

907 جرى مقتناه كينبوع متدفق السيل، ولم يكن ينضب وكان يزداد ويتضاعف،

908 لم يوجد في اغنامه عقر ومرض او عقم، ولا في قطعانه من تاخرت ولادتها او لم تعش،

909 حلّت الموهبة بكثرة على كل ما اقتنى، وكافأ العادل تمييزه بكيل مليء،

910 كثرت اغنامه التي بادت بالحريق، وتضاعف مقتناه الذي سلبه الشرير بهمجية،

911 ظفر زواجه اكليل عشرة اختام كاملا، وبيّن كله جمالا كالجمال الاول،

912 اتى الورثة مع المواريث التي هلكت، وحضرت المقتنيات مع اصحابها الذين جُردوا منها،

913 فرحت الشجرة بالثمرات العشر التي نبعت منها، /289/ واغتنت الجفنة بالعناقيد العشرة التي حملها حضنها.

 

 

نسل ايوب لم يتضاعف كالمقتنيات لانه كان محفوظا في هري الحياة

914 تضاعف مقتناه ولم يتضاعف [ نسله،[174] ليبرهن له بان الاولين هم محفوظون في هري الحياة،

915 بالنسبة الى الامور الظاهرة قبل ضعف كل ما فقده، والامور المحفوظة تُعطى في يوم [المجازاة،[175]

916 تضاعف قطعان العادل لا يعني بانه كافأه مكافأة، المكافأة هي محفوظة عند العدالة لليوم العظيم،

917 قبل المكافأة اعطى الشجاعة بواسطة الامور الزائلة، المكافأة الحقيقة حفظها للنهاية.

 

الخاتمة

918 انتصر البار واندحر الشيطان في الجهاد، مبارك الذي اعطاه اكليل الغلبة بصموده.

 

كمل الميمر على ايوب الذي الفه الطوباوي مار يعقوب الملفان

 

[1] – 2تسالونيقي 2/3

[2] – ل 14: لو، نص دلو. تبلهخون، نص: تبلهيخون

[3] – 2تسالونيقي 2/3

[4] – ل 14: ريح

[5] – ل 14: ابليس. ايوب 1/14

[6] – ايوب 1/14-16

[7] – ل 14: وتفرق. ايوب 1/17

[8] – ل 14: وهزّم

[9] – اخذ الله شبه الملائكة واخذ الملائكة شبه الانسان في قصة ابراهيم. انظر،ميمره 153. الشيطان ايضا يقدر ان يقرض شبه الحية كما ورد في سفر التكوين وان ياخذ شبه البشر. في هذا الميمر استعار الشيطان شكل وشبه الكلدانيين ثم الرعاة ثم السقاة الخ.. 2قورنثية 11/14

[10] – ل 12، ل 90: هبت ريح، ل 14: هب كالريح. ل 14: مات (مفرد). 2صموئيل 14/7؟

[11] – 2صموئيل 1/1-16

[12] – 2صموئيل 1/10

[13] – ايوب 1/14-15

[14] – 2صموئيل 1/15

[15] – ايوب 1/15

[16] – نص: يشتكي عليها

[17] – افسس 6/13-17

[18] – متى 7/24-27

[19] – ل 90: ها قد نجوت. ايوب 1/16

[20] – ل 14: قرّب

[21] – ل 14: يحبه

[22] – تكوين 4

[23] – ل 14: مقتنى

[24] – ل 14: بقربان

[25] – ل 14: بقربان

[26] – ل 14: حزينة. ل 14: لتندم؟

[27] – ل 14: اتحتي، نص: اتتحتي

[28] – ل 14: اصبح، ل 12، 90: رآك

[29] – ل 14: ايضا

[30] – نص: معلقون، بيجان يصوب: معلقة

[31] – ل 14، 90: احاطوا بي

[32] – السروجي ينعت ايوب بالماس تماما كما ينعت آدم بكلمة الالماس نظرا لوجود التلاعب اللغوي فيها: ادم.ادموس آدم آدموس

[33] – ايوب 1/17

[34] – اروع عبارة قالها ايوب: الشيطان لا يقدر ان يغصب حرية الانسان

[35] – ل 14: مسَكَر، ل 217: مسَعَر؟

[36] – ل 14: كنوثه، نص: كونوثه

[37] – نص: الشهيون

[38] – ل 14: غصن

[39] – ل 14: هجمه

[40] – ل 14: العادلين، ل 12، 90: الرجل

[41] – متى 25/32-33

[42] – ل 14: دمرتِ

[43] – امثال 11/4؟

[44] – ايوب 1/21

[45] – ل 14: راس. ايوب 1/20

[46] – ل 12، 14: مصياا، نص: مصاا. ايوب 1/20-21

[47] – نزع ايوب قشرة بيضته ونبت جناحاه ليطير. الانسان في البحر ينزع ثيابه ويلقي امتعنه ليخلص نفسه من الغرق. انظر، ميمره 122

[48] – ل 14: رعومو، بيجان يصوب: روعومو

[49] – ايوب 1/21

[50] – ل 14، 90: هوون، ل 12: هوون، نص: هُوُن

[51] – ل 14: ارسلتني

[52] – نص: بارادتها. ملفاننا يذكر السحر او النغم أي الصفير الذي يؤثر على الحيات لجعلها ترقص فلا تعود تؤذي

[53] – ل 14: اخذني

[54] – ل 90: مذين، في الحاشية: مَن دين

[55] – ايوب 1/6، 2/1؛ تكوين 6/1-4

[56] – انظر، ميمره 108 على الطوفان الذي الفه قبل هذا الميمر

[57] – ايوب 1/8؛ 2/3

[58] – ايوب 2/4. انظر، ميمره 122 على يونان

[59] – ل 14، 90: البناء

[60] – ايوب 2/5

[61] – ايوب 2/6

[62] – يوحنا 8/44. ملفاننا يقول: الله الرحمن سمح للشيطان الذي ينعته بمن هو بلا رحمة ليضرب ايوب

[63] – ل 12: وتركها، ل 14: تركه

[64] – نص: منعها

[65] – ل 14: قصبات، ل 12: بقصبات، ل 90: سقط في المزبلة

[66] – ايوب 2/8

[67] – ل 14: هربوا

[68] – ل 14: مكث (مفرد)

[69] – ل 14: بهياكل عظمية

[70] – ملفاننا يقول حارب ايوب بهيكل عظمه الشيطان-العدو. اعتبر العظام كالسهام التي تخرج من فم ايوب الذي يعتبره الجعبة

[71] – ل 12: جلدات

[72] – ل 14: تجلبه

[73] – ل 14: تركته

[74] – تكوين 6/1-6. انظر، ميمره 108

[75] – تكوين 3

[76] – ل 14: وبعونه. يعقوب يسمي زوجة ايوب: الضلع الضعيف. تكوين 2/21-22

[77] – ل 14: بزينة

[78] – ايوب 1/14-15

[79] – ايوب 1/16؛ 17-18

[80] – ايوب 1/18-19

[81] – ل 14: وانجذبت اليه، ل 12: كانت قد انجذبت

[82] – ايوب 2/9

[83] – ايوب 1/16-19

[84] – ل 14: سمعت

[85] – ل 14: انهِ. ل 14: اترك. ايوب 2/10

[86] – ايوب 27/5-6. انظر رسالة/1

[87] – ل 14: حرِنو، نص: احرِنو

[88] – ل 14: ولي، ل 90: واي. العبارة قوية. كيف يعتبر ايوب الحرب وليمة؟

[89] – آدم كان لابسا المجد، وشلح مجده بعد خطيئته

[90] – ل 90: جروح. بلاغة يعقوب استعمل 6 مرات (كلما) في البيوت: 541-546

[91] – متى 13/23

[92] – نقص في المخطوطة: ل 14584؛ النص مأخوذ من المخطوطة: ل 14590

[93] – ل 90: مكثوا

[94] – ل 90: للكلام في قلبه

[95] – ل 90: الاصدقاء؟، المراحم؟

[96] – نص: الم

[97] – نقص في المخطوطة: ل 12162

[98] – ايوب 2/8

[99] – مثنغدانو، نص: مثنغدُنو

[100] – نص: يهمل، بيجان يضيف: العادل

[101] – كلمات غير مقروءة. ينقص عجز البيت!

[102] – نص: فهم، بيجان يصوب: فهموا

[103] – ايوب 3/1-3

[104] – 1قورنثية 9/26

[105] – ايوب 3/4

[106] – نص: اعداد، بيجان يصوب: عدد. ايوب 3/5-6

[107] – ايوب 3/4

[108] – الفعل لا يُقرأ. ايوب 3/6-7

[109] – ل 90: ومفيدا كان ما قيل؟

[110] – نص: ويموت، بيجان يصوب: ويميت. تثنية 32/39؛ 2ملوك 5/7

[111] – نقص في المخطوطة ل: 12162

[112] – ايوب 4/6-7. اصدقاء ايوب يقولون بنظرية كون المصائب ناتجة من الاثم والخطيئة

[113] – بلاغة يعقوب استعمل 5 مرات (من) في البيوت: 640-644

[114] – نقص في المخطوطة: ل 14590؛ بقية النص من المخطوطة: ل 12162

[115] – ثمانية اسطر لا تُقرأ

[116] – سبعة اسطر لا تُقرأ

[117] – اربعة اسطر لا تُقرأ

[118] – ايوب 31/6

[119] – اربعة اسطر لا تُقرأ

[120] – ايوب 23/4

[121] – ايوب 10/9، 33/6. لا يقرأ سطران

[122] – بخط آخر: لفظ؟. خمسة اسطر لا تُقرأ

[123] – ايوب 38/1؛ خروج 19/16؛ مزمور 18/8-14، 50/3، 77/17-19

[124] – نص: دصا..، بيجان يصوب: دصاذاي

[125] – ايوب 40/7

[126] – ينقص صدر البيت. او لعله توهم الناشر بترتيبه بعد النقص الكثير الذي سبقه؟

[127] – ايوب 38/12

[128] – ايوب 38/13

[129] – ايوب 38/15

[130] – ايوب 38/16

[131] – ايوب 38/16

[132] – ايوب 38/17

[133] – ايوب 38/18

[134] – ايوب 38/19

[135] – ايوب 38/20

[136] – ايوب 38/21

[137] – ايوب 38/22-23

[138] – ايوب 38/24

[139] – ايوب 38/25

[140] – ايوب 38/25

[141] – ايوب 38/28

[142] – ايوب 38/29

[143] – ايوب 38/30

[144] – ايوب 9/9

[145] – ايوب 38/31

[146] – ص: وراءها

[147] – ايوب 38/32

[148] – نقص في المخطوطة: ل 12162 . نقص في النص

[149] – ايوب 39/1

[150] – ايوب 39/2

[151] – ايوب 39/13-18.  النعامة (شَبُحين)

[152] – ايوب 39/26

[153] – ايوب 39/27-30

[154] – ايوب 5/17؟؟؛ امثال 3/11-12؟

[155] – هنا ينتهي نقص المخطوطة: ل 14584

[156] – مزمور 93/1؟

[157] – ايوب 40/15. يقول نص ايوب: البهموت ياكل العشب كالثور. يعقوب يقول: لا ياكل العشب كالثور ومع ذلك يسمن. ملفاننا يخالف النص الكتابي لعله يؤمن باسطورة قديمة عن البهموت او التنين او فرس البحر

[158] – تكوين 1/2

[159] – نص: دعيونيه؟، سوني يصوب: رعيونيه

[160] – ل 14: قشتو، نص: بقشتو، ل 12: بالحقيقة

[161] – ل 14: بذلحشو؟، نص: بذ حالوش

[162] – ل 14: يهمل

[163] – ل 14: آلام. ل 14: قشيَثي، نص: قشيَث

[164] – ايوب 42/6، 1قورنثية 13/12

[165] – ل 14: اضربنا؟

[166] – ل 12: عذابات

[167] – ايوب 42/6

[168] – نص: وفرح، وسر؟، بيجان يصوب: وتفرح

[169] – ل 14: ورقة

[170] – ل 14: قرح. البيتان 889-890 هما جمل مركبة من فعل وفاعل فقط

[171] – ايوب 42/7

[172] – ايوب 42/8

[173] – ل 14: بسخريات

[174] – عربنا (يلدو) نسله. تضاعفت الاموال والمواشي. ايوب 1/3-4؛ 42/12. اولاد ايوب لم يتضاعفوا: في البداية وفي النهاية كانوا سبعة بنين وثلاث بنات. ايوب1/2؛ ايوب 42/13

[175] – ل 14584: مكافاءات