الميمر 155 على ملكيصاداق حبر الله العلي وعلى اسرار ربنا

الميمر 155

 

        التعليم يحمل غنى عظيما ليوزعه هلموا ايها المعوزون وسدّوا منه احتياجاتكم، له كنز وهو مضطر ليعطي لمن يطلب منه، اقتربوا ايها الفقراء واغتنوا من كنز لا يفتقر، انه ينبوع حلو يبهج شرابُه من يذوقه، هلموا ايها العطاش واشربوا الحياة من ينبوعه، هوذا التعليم قد صنع وليمة لكل العالم، ومن ليس جائعا لا يتلذذ من اتقاناته، هو دعا كل واحد بنعمته الى مائدته، ومن يتكاسل من الذهاب معه فهذا يعود اليه، انه يدعو كل واحد، غير ان كل واحد لا ياتي معه، ولا يتكيء على مائدته الا القليلون، مَن يقترب عند التعليم بدون محبة،؟ او لو اقترب ماذا يستفيد ما لم يحب.؟

        تحرك الميمر من قبل الضعيف ليتكلم عن ملكيصاداق الحبر العظيم والملك العادل، لا اعد بالتفسير لمن يسمعني، ولا احد يطلب هذا مني لان الامر يفوق طاقتي، منزلة هذا هي اسمى من التفسير، لان ابن الله الذي لا يُفسر يُشبهه.

        خبر هذا الحبر المليء عجبا قهرنا، فالكلمة اصغر من ان تصفه كما هو، خبر هذا اعظم منا ليوصف من قبلنا ادعو اذاً السكوتَ ليخيم على قصته، لا احتقره لما اقول لا اقدر (ان اتكلم عنه)، ولهذا اسكت وهذه هي كرامة لي، حيث تتعطل الكلمة لتصف شيئا ما، يحل السكوت محل كلام غير محدود، للمحبة فقط معرفة الخفايا، وبها يوصف كل ما يفوق المعرفة، حيث المحبة هناك حدّ الحلول، ولو وُجد الخصام تبطل الحقائق بالجدال، بالنسبة لمن لا يحب الحقيقة هي كذب، اذاً لتكثر الكلمة بمحبة عند السامعين.

        ملكيصاداق يختلف عن الكهنة اللاويين: ملكيصاداق لم يكن يتصرف مثل هولاء، لانه قرّب للاهوت ذبائح لامائتة، ذبح لله نفسا نقية وقلبا طاهرا، لانه جُعل لشخصه حبرا مليئا عجبا، ولهذا يشبهه ابن الله لانه دخل بدم نفسه ليطهر العالم كله.

        هذا وحده قام ليكهّن روحيا، وكان يتصرف مثل من راى الصليب بعينَيه، انه لعجب عظيم: كان يعيش في انظمة قديمة، وملأ بصرَه ليخدم امورا جديدة، لم يرَ الصليبَ وقد استنار مثل من رآه، وتصرف بموجب تعليم ربنا الجديد، ها قد خدم اسرار البيعة منذ ذلك الحين، ولم يكن له شريك معه في الكمال، هذا شرع يبني صهيونَ كما تعلمنا، واذ كان حبرا كان ايضا ملك البرارة، وصار فيها ملكا وكاهنا كما قلنا، لكي يخدم روحيا اسرارا جديدة، بنى الصادق بيت الاقداس عند الجلجلة لتستند في منازلها على اسرار البيعة.

        ملكيصاداق اكبر من ابراهيم لانه بارك ابراهيم كما كان الصغير يطلب البركة عادة من الكبير مثل يعقوب وعيسو اللذين طلبا البركة من اسحق الخ ..

        لماذا لا يذكر خبره في الاسفار مثل ابراهيم:؟ كان يتصرف بالروحانية، بعد عهد العلية تعلمت الارض ان تسجد لله بالروح ولهذا خفي خبره الى ان كشف ربنا خبره: كان الشعب متمسكا بعادات قديمة من الناموس، كان يتصرف بامور جسدية مثل طفل، ولم يكن يقدر ان يقبل امورا روحية، ولهذا كان يصعب تفسير خبر ذلك الذي تصرف بالروح في الازمنة الاولى، كان العالم “نفسانيا” ولم يكن يعرف ان يسمع الاشياء الروحية حسب ناموسها.

 

– المخطوطة: مخطوطة ماردين.

– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. لا يستعمل السروجي في المقدمة الاسلوب الشخصي. يقول ان موضوعه صعب ولهذا يحاول ان يسكت اكراما لملكيصاداق. الميمر تفسيري به ينقض كهنوت العهد القديم ويمجد كهنوت ملكيصاداق الذي لم يتقيد بالذبائح بل ذبح نفسه لله وقدم الخبز والخمر نمط الاوخارستيا وصار شبها للمسيح الكاهن الاعظم. قد يعود تاريخ تاليف هذا الميمر الى عهد شباب ملفاننا الى حوالي سنة 485-490م.

– الدراسات:

Traduction anglaise, in, HTM, TV 2 (1989), pp.30-55

 

 

للقديس مار يعقوب

الميمر 155

على ملكيصاداق[1] حبر الله العلي وعلى اسرار ربنا

 

المقدمة

 

1 التعليم يحمل غنى عظيما ليوزعه، هلموا ايها المعوزون وسدّوا منه احتياجاتكم،

2 له كنز وهو مضطر ليعطي لمن يطلب منه، اقتربوا ايها الفقراء واغتنوا من كنز لا يفتقر،

3 انه ينبوع حلو يبهج شرابُه من يذوقه، هلموا ايها العطاش واشربوا الحياة من ينبوعه،

4 هوذا التعليم قد صنع وليمة لكل العالم، ومن ليس جائعا لا يتلذذ من اتقاناته،

5 لقد دعا كل واحد بنعمته الى مائدته، ومن يتكاسل من الذهاب معه فهذا يعود اليه،

6 انه يدعو كل واحد، غير ان كل واحد لا ياتي معه، ولا يتكيء على مائدته الا القليلون،

7 من هم مسبيون بمحبته يسمعونه وهولاء فقط يريد ان ياتوا معه،

8 /155/ مَن يقترب عند التعليم بدون محبة، او لو اقترب ماذا يستفيد ما لم يحب،؟

9 المحبة اذاً تريد ان تقول كلماتها لمن هو خاصتها: هوذا التعليم قد دعاهم الى اتقاناته،

10 واذ يطلب كل يوم اصغاء من المستمعين، اليوم دعاهم بعجب عظيم لينصتوا اليه،

11 شبه الابن ابان جماله من القراءة فاستيقظ الحق ليتكلم عنه بصوت عال.

 

يعقوب يتكلم

12 تحرك الميمر من قبل الضعيف ليتكلم عن ملكيصاداق الحبر العظيم والملك العادل،

13 لقد استحوذ علي العجب لاتكلم عن ملك البرارة الذي لا يُفسر،

14 لا اعد بالتفسير لمن يسمعني، ولا احد يطلب هذا مني لان الامر يفوق طاقتي،

15 منزلة هذا هي اسمى من التفسير، لان ابن الله الذي لا يُفسر يُشبهه.

 

انت حبر الى الابد (مزمور 110/4)

16 انت بالحقيقة حبر الى الابد مثل ملكيصاداق الذي ارضى الآبَ بدون ذبائح،

17 انت على شبه هذا الكاهن المليء خيرات الذي لا بداية ولا نهاية لحبرويته،

 

18 لم يقبل ان يصير حبرا من قبل حبر آخر، ولم يسلّم الرئاسة الى كاهن آخر،

19 /156/ منه هبطت القداسة عليه ليكهّن، وفيه اشرقت الحبروية الكاملة كما في ربنا،

20 شبه هذا لا يوجد في احد الاحبار، لانه وحده خدم اسرارَ الصلب،

21 الكهنة الاولون سكبوا دم الحيوانات لله اما ملكيصاداق فجُعل حبرا بذبائح النفس،

22 الذهن الطاهر كان اعظم في عينَيه من القربان، وكانت الصلوات اثمن من الذبائح،

23 لم يكن يريد ان يلطخ يدَيه بدم الذبائح، فقرّب شخصَه بالكمال الى رب الاقداس.

 

الآباء قربوا ذبائح الحيوانات

24 قرّب هابيل ذبائح الغنم وسمانها، ونحر نوح البار الحيوانات بالذبائح التي صنعها،[2]

25 وذبح ابراهيم لله ثورا ثلثيا، وعنزة ثلثية، ويمامات مع فرخ الحمام.[3]

 

ملكيصاداق قرّب لله شخصه

26 ملكيصاداق لم يكن يتصرف مثل هولاء، لانه قرّب للاهوت الذبائح اللامائتة،

27 ذبح لله نفسا نقية وقلبا طاهرا، لانه جُعل لشخصه حبرا مليئا عجبا،

28 لم يعطِ لله شيئا خارجا عنه، بل جلب شخصَه بدل القربان بدون ادران،

29 ولهذا يشبهه ابن الله لانه دخل بدم نفسه ليطهر العالم كله،[4]

30 /157/ هو باقنومه صنع التطهير كما هو مكتوب، ولما طهرنا لم يقرّب من الذبائح المستعارة،[5]

31 جلب شخصَه بدل القربان مثل ملكيصاداق ليطهر العالم باسره بالمصالحة الكاملة.

 

ملكيصاداق يختلف عن كهنة العهد القديم

32 وهذا الحبر العظيم العجيب السيرة كان يتباهى باسرار الابن روحيا،

33 كان قد تفاضل بذهن الهي خفي، حتى انه توصل ليرسم حبروية الابن،

34 السرّ اختاره من بين الشعوب ليصير حبرا ليصور نمط ذلك الذي خلص الشعوبَ بذبيحته،

35 بافعاله لم يكن يشبه كهنةَ الشعب، لانه لم ينحر لله الحيوانات حتى يقربها له،

36 لم يكن لابسا الافود وواقفا في بيت الغفران، ولم يكن له لباس الكهنة لانه كان ملكا،[6]

 

37 لم يدخل ليكهّن بحلّة ومصنفة اللباس المزين الذي اعطاه الناموس للشعب الصبي،[7]

38 لم يدخل مثل هارون بسروال منسوج ومزين برمانات واجراس الذهب،[8]

39 لم يكن له عمامات واحجار ثمينة، لان مثل هذه الزينة لم تكن تليق الا بالصبيان،[9]

40 لم يقرّب شحم الكباش والكلى، انما عطّر صلاته لتصير محرقة بدون دخان،[10]

41 /158/ لم يجلب ذكور القطيع وسمانه، لانه اختار ان يكهّن بالافكار الصافية،

42 لم يغذّ المحرقة بالذبائح اللحمية، انما ذبح لله كل شكر يحبه.

 

المسيح قرب ذاته لابيه وطهر العالم

43 ولهذا يشبهه ابن الله لانه طهر العالمَ بدم نفسه بدون ذبائح،

44 انه جلب منه الذبائح ليقرب للآب ليطهر به العالمُ المحتاج الى الغفران،

45 ربنا لم يكهّن بشكل بني هارون الذي طهر الشعبَ بالدم البسيط والذبائح الصغيرة،

46 قرّب شخصَه ليدخل بقربان نفسه الى قدس الاقداس الذي لم يدخله احد ما عداه،[11]

47 صار رئيس الاحبار وادخل نفسَه الى بيت الغفران، لئلا يقرّب الجسد الميت مثل اللاويين،

48 وضع في المحرقة جسمه “الناطق والنفساني”، ليصير خبز وجوه للآب لاجل المصالحة،[12]

49 كان قد ذبح شخصَه ورشّ دمه الطاهر على شعبه، لانه حبر وذبيحة ورب الاقداس،

50 لم يرش دمَ عجلة على معسكره، رذاذ جلده بيّض العالمَ من الادران،[13]

51 حبروية بني لاوي لم تكن كاملة: كانت تخدم ظِلالا الى حين مجيء (ربنا)،

52 /159/ ولهذا انت حبر ليس مثل هارون، لكن يشبه ملكيصاداقَ تماما،

53 وهذا ايضا هو حبر وملك البرارة، وقد ذبح ذهنه الخفي بسرّ عظيم.

 

ملكيصاداق يخدم اسرار الصليب والبيعة

54 هو وحده قام بنظام روحي ليخدم اسرار الصلب هذه،

55 الكهنة القدامى كانوا يتصرفون جسديا، ومنذ الازل اصعدوا الذبائح من الحيوانات،

56 هذا وحده قام ليكهّن روحيا، وكان يتصرف مثل من راى الصليب بعينَيه،

 

57 هوذا منذ عهد هابيل والى حنان وقيافا جميع الاحبار ذبحوا لله ثيرانا واغناما،

58 هذا هو نظام الامور القديمة التي كانت سارية، ولم يبيّن لنا الكمالَ الا الصليب،

59 من عهد ربنا بدأت الروحانية تشرق، لانه يحب حواس النفس اكثر من الذبائح،

60 هذا الحبر الذي يوصف خبره الآن من قبلنا كان ينهج النظام الذي ابانه المسيح،

61 انه لعجب عظيم: كان يعيش في انظمة قديمة، وملأ بصرَه ليخدم الامور الجديدة،

62 لم يرَ الصليبَ وقد استنار مثل من رآه، وتصرف بموجب تعليم ربنا الجديد،

63 /160/ تخطى الاجيال ونزل ليتطلع الى الصلب ليرسم به حبرويتَه سريا،

64 ترك وراءه نوحا وابراهيم المشهورَين ولم يتشبه بذبائحهما ولو انهماكانا مختارَين،

65 ها قد خدم اسرار البيعة منذ ذلك الحين، ولم يكن له شريك معه في الكمال،

66 ها قد وجدنا رسولا جديدا في (عهد) قديم فيه تُخدم الاسرار وانماط مصف الرسل.

 

ملكيصاداق يبني اورشليم

67 هذا شرع يبني صهيونَ كما تعلمنا، واذ كان حبرا كان ايضا ملك البرارة،

68 بنى اورشليم واقام اسوارها بقوة، وصار فيها ملكا وكاهنا كما قلنا،[14]

69 كان يليق ايضا ان يضع هذا الملك اسسَ “قرية القوة” التي سيظهر فيها ملك الملوك،

70 بتلك الحبروية الكاملة تهيأت منذ البداية مدينة الاقداس ومحل الصلب المحبوب،

71 هذا كان قد شيد المحصنة صاحبة الكنوز، لتحل هناك سكينة الاسرار منذ الازل،

72 كان قد جُعل حارسا لمكان الصلب، لكي يخدم روحيا الاسرار الجديدة،

73 بنى الصادق بيت الاقداس عند الجلجلة لتستند في منازلها على اسرار البيعة،

74 /161/ كان كنعانيا وهذا واضح لجميع العارفين، وبلد مملكته يشير ايضا الى هذا.[15]

 

لا بداية ولا نهاية لحياة ملكيصاداق (عبرانيون 7/1-3)

75 موسى لم يحصِ عشيرتَه بين القبائل وكان غريبا عن سلسلة بيت ابراهيم،

76 لم يخصص له بداية ولا نهاية ليكون شبهه فوق الحد مثل شبه المسيح،

77 هنا بولس تطلع وراى بوضوح ووصف خبره كثيرا وبعجب،

78 لم يسجل الناموس اباه ولا امه، وفي التسلسل لا وجود لجنسه: اي مَن الذي ولدَه،؟

79 ليست بداية ايامه واضحة في القراءات، ولا نهاية سنواته معروفة في الكتب،

80 ولهذا انه يشبه كثيرا ابن الله، وحبرويته تقوم الى الابد بدون تغيير.

 

حيث المحبة هناك حلول الاستفسارات

81 الموضوع سام ولا يوصف الا بحواس روحية لانه خفي كثيرا عن الفهم،

82 للمحبة فقط معرفة الخفايا، وبها يوصف كل ما يفوق المعرفة،

83 حيث المحبة هناك حدّ الحلول، ولو وُجد خصام فتبطل الحقائق بالجدال،

84 بالنسبة لمن لا يحب الحقيقة هي كذب، اذاً لتكثر الكلمة بمحبة عند السامعين،

85 /162/ خبر هذا الحبر خفي عن المعرفة، ولو لم تفسره المحبة يصعب الكلام عنه.

 

ملكيصاداق حبر ابدي

86 اخفى الكتاب ولادته وموته لاجل هدف لئلا يجعل له بداية ولا نهاية،

87 ستر قصتَه عن السامعين احتراما له، ليُسمى في القراءات حبرا الى الابد،

88 مات واحترس بحذر شديد بالا يصفه لئلا يهينه امام السامعين بذكر موته،

89 لو كان يوم ولادته واضحا وموصوفا لكانت تحصره الكلمة وتحدده تحت البداية،

90 ولو عُرف متى وكيف مات،؟ لكان يضمحل وينتهي خبره وحبرويته،

91 والآن ما دامت ولادته مجهولة وموته مخفيا، فان خبره محترم ليُعتبر كانه حبر ابدي.

 

ابن الله تنازل ليتشبه بملكيصاداق

92 هذا الحبر كان يصوّر ابنَ الله، اذاً خبره محترم وخفي لئلا [ يهان،[16]

93 رب الاحبار حطّ ذاته بسبب محبته ليتشبه بالحقيقة بملكيصاداق،

94 حصر مجيئَه ببداية وبنهاية، بينما هو بعيد عن العوالم واتقاناتها،

95 ابان خبرَه متى وُلد،؟ وكيف مات،؟ /163/ لئلا يهان لما تُذكر اموره الصغيرة،

96 ربنا الخفي كشفته البشارة بالميلاد وبالموت، واخفت خبر ملكيصاداق بينما كان جليا،

97 الصغير عظم، ونزل العظيم الى الصغر، لتوجد له انماط في العالم لكي تصوّره،

98 لو لم يخْلِ ابن الله نفسَه، اي شبه كان يوجد في العالم يشبهه،؟[17]

99 ابن الاحرار اخذ شبه العبد من البطن، ولهذا كان يُشبّه باشباه مختلفة،[18]

100 انت حبر مثل ملكيصاداق الخفي خبره الذي قام ليكهّن روحيا بدون ذبائح،

101 الكتاب احترم هذا الكاهن بامور كثيرة ليشبه ابنَ الله على قدر الامكان،

 

102 اخفى بالسكوت ولادتَه وموته بحكمة لئلا يوصف بصغر لا يليق به،

103 ضخّم صورتَه لتصير اعظم من صورة المولودين، لتكفي وتصل الى سمو جمال ابن الله.

 

ابن الله معروفة ولادته وموته وملكيصاداق لا تُعرف ولادته ولا موته

104 موسى المعلم الذي فسّر كل القبائل، تجاوز بالسكوت ولادةَ هذا الحبر،

105 وجد بان شبهه هو اسمى من التفسير، فلم يحتقره ليخلط موضوعَه بموضوع المائتين،

106 سجّله حبرا وملكا كما هو /164/ واخفى عدد ايامه لئلا يُفسر،

107 لم يبين اسم والدَيه في القبائل الست، لئلا يحطه من العظمة بذكر جنسه،

108 بربنا فقط كان يليق التواضع لانه ابن الله، وكان يوصف مثل ابن يوسف،[19]

109 من الواضح بان مريم هي امه بينما هو ربها، ويشتهر يوسف بالابوّة بينما ليس قريبا (من الابوّة)،

110 انه لعجب عظيم: الكنعاني مستتر في الكتب، وربُ الاجناس والقبائل جليّ ويُهان،!

111 ابن الحي اتى الى الميلاد والموت وخبره واضح، وهذا الحبر خفي كانه لم يمت بينما هو مائت،

112 احترمه الكتاب اذ لم يحصره تحت النهاية، لانه لم يدلِ بنهاية سنواته في الكتب،

113 كانت تُذكر كل اموره السامية وامجاده ليكون منتصرا في حبرويته لانه لامحدود،

114 اهانة ربنا وتواضعه واضح في الكتب، اذ قبل البصاق واحتمل الجلد وشرب الخل،[20]

115 تهتف البشارة بدون خجل (قائلة) انه: مربوط ومعلق ومصلوب ومطعون ومقتول ومحنّط وملفوف ومدفون،[21]

116 آلام الابن هي اختام مجده، لانه بهذه تعلّم العالم كم انه يحبه،

117 بقدر ما يهان تزدهر محبته لانها بلا حدّ، /165/ من الواضح بانه مقتول ويوقظ الموتى من قبورهم،[22]

118 مصوّر في الكتب صلبُه وموته امام جميع الشعوب، ولا يعتبره اهانة اذ استعمله للخلاص،

119 الحق واثق بانه مهما يوصف بالصغر لا يصغر او يتغير من عظمته،

120 ومن الواضح جدا بانه مذبوح في المحرقة بدل الحمل، فهو حبر ابدي مثل ملكيصاداق في بيت الغفران،

121 ابان الكتاب شبهَه جيدا، واعطاه اسم الحبر والملك ليُكرم به.

 

ملكيصاداق قدّم الخبزَ والخمر

122 موسى سجّل موت آدم وشيت وآنوش وابان علنا موت نوح وابراهيم،

123 وسجّل في السِفر ملكيصاداق حبرا وملكا فقط ولم يبيّن لنا عدد ايامه،

 

124 احترم حبرويته الروحية بنظام، لئلا يخلط الموتَ في خبرها لانها ابدية،

125 سمّاه بتمييز ملكيصاداق وملك ساليم لانه ملك البرارة والسلام،[23]

126 هذا اخرج عند ابراهيم خبزا وخمرا حتى يشترك العادل باسراره الروحية،[24]

127 كان قد قرّب في بيت الغفران الخبز والخمر ليخدم سرّ البيعة منذ ذلك الحين،

128 لم يُصعد ثيرانا واغناما، بدل القربان /166/ كان يكهّن بالخبز والخمر كل ايامه،

129 استعمل انظمة البيعة الروحية، وكان دم الذبائح محتقرا في عينيه حتى يقربه،

130 ميز مبدأ حياة البشر ليقرّبه كباكورة بذهن قريب من الله،

131 لم يكهّن احد هذه الاسرار ما عداه، الى عهد ربنا الذي كشفها بصلبه،

132 هو وحده صار مشاهدا لهذه الانماط، حتى يخدم روحيا في بيت الحبروية،

133 لم يكن له رفيق في العالم ليخدم معه، وكان يتباهى بخدمته بمفرده،

134 لم يدخل احد الى الرتبة الروحية الى عهد الصلب ما عداه وحده،

135 راى ابراهيم العادل مستحقا للشركة معه، ومن قربانه ميز واخرج ليخلطه معه،

136 حمل الخبزَ والخمر وخرج: اي الجسد والدم، [ ليشرك[25] ابا الشعوب باسرار ربه،

137 لم يكن يوجد آخر مستحقا في هذه الاجيال ليختلط بتلك الخدمة المليئة جمالا،

138 نفس ذلك المتميز استراحت عند ابراهيم ودعاه الى تلك الذبيحة ليتنعم بها،

139 /167/ ذاك البار كان تعزية لهذا الحبر، لانه كان يلتهب كل يوم بمحبة الرب،

140 لهذا فقط اعطى خبزَ وخمر الاسرار ليختلط في حبرويته الربانية،

141 كان ينظر الى الارض المليئة كلها بالاصنام، وكان جميع الشعوب يجنّون بآلهتهم،

142 البرية تضلّ باصنام باطلة وميتة، ووُجد حبر واحد للرب فقط على الارض،

143 واذ لم يوجد ابناء الخدمة ليريحوه، فقد خرج واستراح عند ابراهيم لما كان يجتاز،

144 امسك بخليل الرب ليتكيء على مائدته، ومن خدمته اخرج الخبزَ والخمر المقدس.[26]

 

ملكيصاداق يبارك ابراهيم (تكوين 14/19-20)

145 خلطه بالاسرار وكان يثريه بالبركات، وقد رآه وتاق اليه وبدأ يباركه ويلاطفه،

146 مبارك ابرام من قبل الرب مالك السماء والارض، ومبارك الرب الذي سلّم في يديك جميع اعدائك،[27]

147 نفسه تبعت ارادة ابرام الصالحة، وبالمحبة سكب كل البركات على راسه.

 

ابراهيم اصغر من ملكيصاداق (عبرانيون 7/7)

148 هلّم وشاهد مَن كان يُبارك من قبل مَن: هذا الناقص من قبل ذلك العظيم المشهور،

149 لو كان ابراهيم اعظم منه لكان هو يبارك، وبما انه قد بورك فنظن بانه كان الاصغر،

150 /168/ لم يكن يجرؤ الناقص ان يبارك الاعظم منه، لان الكامل كان يبارك الناقصَ.

 

اسحق يبارك يعقوب وعيسو

151 يعقوب الصغير كان يُبارك من قبل ابيه، وعيسو البكر سأل البركات من الشيخ.[28]

 

اسرائيل يبارك ابناءه ونوح يبارك ابناءه

152 اسرائيل كان يبارك جميع ابنائه، ونوح (بارك) الثلاثة ومن الواضح بانهم كانوا اصغر منه،[29]

153 وذاك الحبر الذي كان افضل من ابراهيم كان يباركه كانه ناقص ليعظم هو ايضا،

154 ابرام ايضا قبل منه بدون شكوك واحنى راسه ليُبارك من قبل ذلك العظيم،

155 تحير ابراهيم بروحانية الكاهن العظيم، وقبل بركاتِه بالايمان.

 

ابراهيم يقدم العشور لملكيصاداق (تكوين 14/20؛ عبرانيون 7/1-10)

156 لقد ميز هو ايضا ليرضيه بعشوره، وكان يكرمه بباكورة كل ما يقتنيه،

157 شبهُ ربنا اخذ ما هو خاصته من البار، وكان يظهر بالحبروية اللابسة الاسرار،

158 بابراهيم، اعطى جميع الشعوب العشور للحبر الاعظم اللابس اسرار ابن الله،

159 ابو الشعوب اعطى العشور بدل جميع الشعوب، وقرّب الهدايا للحبر كما لو كان من جميعهم،[30]

160 ذاك الذي كان مزمعا ان ينجب الاحبار والملوك على الارض عشّر لهذا الكاهن بدل نسله،

161 /169/ اسمع ماذا قال الرسول بخصوصه: لاوي ايضا عُشّر لانه كان في ظهره،[31]

162 سبط لاوي اعطى الباكورة بواسطة ابراهيم اي لصورة الابن التي كانت تُرى في ملكيصاداق،

163 بعشوره عشّر كهنةَ الشعب واخضعهم ليؤدوا ايضا الجزية للابن،

164 لاوي الذي استلم عشور كل الشعب كان ايضا يُعشّر هنا لهذا الحبر،[32]

165 الكهنة الذين اخذوا كل الباكورة من كل الاسباط، اعطوا الباكورة لهذا الكاهن الاعظم،

 

166 ولهذا كان يلزمنا حبر آخر مثل ملكيصاداق، وليس مثل هارون الذي كان قد عشّر،

167 مثل ذلك الذي اخذ الهدايا المتميزة من ابراهيم، وليس مثل هذا الملطخ كل يوم بدم الذبائح،

168 لاوي الناقص كان قد عشّر للحبر الاعظم الذي يشبه ابنَ الله بالرتبة التي علّمها،

169 لهذا النقي من النتونة ومن المحرقة وغير الملطخ بالدم لانه كان يعيش روحيا،

170 كان يلزم ان يقوم لنا حبر على نمط هذا القادر ليُخرج المراحم للعالم وليس الذبائح،

171 كان يُقال: انت حبر مثل ملكيصاداق وليس مثل هارون المليء بسكيب الذبائح كل يوم،

172 /170/ كان يليق به ان يتشبه بملكيصاداق الذي اقام هو وحده الرتبة الروحية.

 

ملكيصاداق كان يتوسل لاجل جميع الشعوب

173 ولعله كان يتوسل كل يوم لاجل جميع الشعوب، وكان ينتحب في الطلبة لاجل عودتهم،

174 قبل ان يجيء ربنا الى العالم في سنوات حياته حل محله وهو يتوسل لاجل المصالحة،

175 ابن الشعوب الذي لبس نمط ابن الله كان يحمل توسل الشعوب ويُدخله عند العظمة،

176 الكاهن الاعظم تعب لاجل العالم حسب امكانيته وتعلق في الرجاء ولم يتشكك من الخلاص،

177 كان يحمل اثم العالم ويقف في بيت الغفران، ويحفظ محلا لذلك الذي ذبح الخطايا بقتله،

178 كان قد اخذ الحِمل ليقيم جبهة للبرارة بحبرويته الروحية غير المنحلّة،

179 كان بهيا كل يوم ليكهّن روحيا بقوة الحياة غير المنحلة،

180 كان قد احتقر ورذل كل الذبائح المنظورة، وكهّن كل ايامه بالافكار الخفية،

181 لم يخدم في تلك الحبروية التي كانت ستنقضي، لكن بهذه الثابتة روحيا الى الابد،

182 /171/ واذ لم ينحل كهنوته لاجل نظامه، ها انه يوصف كانما هو حي في حبرويته.

 

انت حبر الى الابد على رتبة ملكيصاداق (مزمور 110/4)

183 ولما رآه داؤد في هذه الرتبة الروحية كان يسميه حبرا ابديا كما انه لم يمت،

184 كان قد نظر الى جميع الاحبار منذ عهد آدم، ونظر الى المسيح ليقارن بمن يشبّهه،

185 داؤد ايضا صار باطنيا بذهن الروح ليرى جميع احبار العالم وتغييراتهم،

186 يقف هابيل ويحمل الابكار مع السمان، ويميز نوح كل الحيوانات الطاهرة من الدنسة،[33]

187 نظر الى ابراهيم الذي كان يقطّع الذبائح التي جلبها، وكان يصفّ عضوا ازاء رفيقه،[34]

188 وراى هارون قائما على ناموس الشعب، ولابسا الافود ومتشحا بعمامة مليئة بالصور،[35]

 

189 ابهام يده مصبوغ بالدم وشحمة اذنه، ويُصعد الذبائح المختلفة من الحيوانات،[36]

190 يحمل السكين وياخذ الشحم من الذبائح، ويقوم كل يوم على قرابينه بالنتونة،

191 نظر داؤد الى هولاء الاحبار بحكمة ونظر الى المسيح الذي لم يشبه واحدا منهم،

192 واذ كان ينظر بدقة راى ملكيصاداقَ بينهم ولم يرَ الذبيحة في خدمته،

193 /172/ انه كامل واسمى من اشباه جميع الاحبار، ولا يشبهه الاولون ولا الاخيرون،

194 يقوم طاهرا ليكهّن بشخصه ولا يشبهه احد من الاحبار ما عدا ربنا،

195 واذ نظر داؤد رفع صوته الى مخلصنا: انت حبر مثل ملكيصاداق وليس مثل هولاء،

196 اعني هذه الصورة تشبه هذا بالوانه الجيدة وبصوره الجميلة،

197 دخل وميزه من بين جميع الاحبار الذين صاروا، ونشر خبره ليتعلّم العالم من يشبه،

198 ذاك الذي هو افضل من ابراهيم الشهير، ويمسك ليخدم رتبة الامور الروحية،

199 هذا الذي لم يقم حبر آخر من قبيلته، لانه فريد في كهنوته مثل مخلصنا،

200 ربنا ايضا لم يشرق من سبط ابناء لاوي، لانه اراد ان يظهر من عشيرة الملوك،

201 ابن الملك اتى الى المملكة وصار حبرا مثل ملكيصاداق الكاهن وملك البرارة.

 

يعقوب يتكلم

202 خبر هذا الحبر المليء عجبا قهرنا، فالكلمة اصغر من ان تصفه كما هو،

203 خبر هذا اعظم منا ليوصف من قبلنا /173/ ادعو اذاً السكوتَ ليخيم على قصته،

204 لا احتقره لما اقول لا اقدر (ان اتكلم عنه)، ولهذا اسكت وهذه هي كرامة لي،

205 حيث تتعطل الكلمة لتصف شيئا ما، يحل السكوت محل الكلام غير المحدود،

206 وسبب سكوتي يعود الى عظمة الميمر، فالسكوت ينفع ويلزم لخفايا الخبر،

207 ميمره يطلب كلمة واضحة ذات صوت، وسكوتا مليئا عجبا بسبب عظمته،

208 الفكر واللسان مربوط بخبره، لكي يتكلم الفم ويتعجب العقل بامجاده،

209 السكوت عن قصته كانه ليس سكوتا، ولكي اتعجب هانذا اسكت كما لو كان لاكرامه،

210 لم ينته مثل خبره حتى اسكت عنه، يوجد فيه شيء لا يوصف الا بالسكوت،

211 ولما اسكتُ فانا احمل عجبه في حواس النفس واتكلم عنه كما لو كان في باطني،

212 خرجتُ اذاً لاتكلم معكم كما سمعتم، وهانذا ادخل الى بلده وانا صامت،

213 خبره مليء عجبا عظيما لمن ينظر اليه، ويجب ان تمتلئوا عجبا منه اكثر من سماعه.

 

 

ملكيصادق ملك وحبر في نفس الوقت

214 اين رايتم قط ملكا جُعل حبرا، /174/ ويمسك بيده سلطتَين ربانيتَين،؟

215 انه لابس المملكة والكهنوت، وكان يُسمى سيد العالم وكان ايضا غافرا،

216على راسه التاج، وكلمة الحياة على لسانه: للناس هو ملك، وهو حبر عظيم للاهوت،

217 مصور في اكليله اسم السيادة والقدرة الآمرة، وفي حبرويته القدس والحياة والغفران،

218 انه ملك ولا يحارب على الولاية، لانه كان ملك السلام ولم يكن يقترب من الخصام،

219 لم يلقَ خطرا ولم يكن يخرج للغزوات، وقد جُعل ملكا للبرارة وليس للحرب،

220 بنى اورشليمَ واستولى على موضع الصلب، ولم يحارب ليستولي على الموضع باستثناء هذا،

221 كان كفؤا ليخدم هذه الاسرار: هذا الموضع الذي هو مكان القتل العظيم،

222 السلام والامان كانت ولايته التي لا تُحدد، ومملكته برارة لا تُقهر،

223 من لقبه تعرف كم كان عظيما، لانه لم يكن بارا لكن ملك البرارة،

224 لم يكن خاضعا تحت الوصايا الجسدية، لانه كان حالاّ في مملكة النفس بدون ناموس،

225 /175/ كم كان عظيما حتى ان ابراهيم رئيس الآباء كان قد عشّر له وتبارك منه،

226 من ابراهيم عليك ان تعرف عظمته لانه [ كشف[37] خبره وعرف كل واحد برارته.

 

سرد لقصة ابراهيم

227 هلم وشاهد محبة رئيس الآباء كم كان قريبا من الله بافعاله،

228 لما دعاه الصوت ليخرج من بيت ذويه ولم يتاخر ليسأل لماذا (يخرج)،؟[38]

229 واذ كان يرحل في بلدان الملوك الوثنيين، لم يكن له مسند راس في ولاياتهم،

230 في موضع طرده الجوع وبدّل المكان، وفي جهة اخرى أُخذت امرأته ولم يتذمر،[39]

231 حدث انه حفر بئرا واخذوه منه، وحدث ايضا بان امرأته قد أُخذت،[40]

232 ينقصه البنون، وكان كثير التجارب، يحب ربَه وفي الايحاءات هو نبي عظيم،

233 هذا الذي كان يتوق كل يوم ليرى الابنَ، وقد رآه وفرح بايحاءات الصلب،[41]

 

234 هذا الذي ربط وحيدَه ليصير ذبيحة، وابان جليا بالتجارب من كان يحب،[42]

235 هذا الذي لا توجد صحيفة في الاسفار ليس موجودا هناك /176/ وهو البداية والنهاية بين القراءات،[43]

236 هذا الذي انجب الانبياء والكهنة وملوك الارض، ويوصف باسهاب في كل الاسفار.

 

ملكيصاداق اعظم من ابراهيم

237 هذا العظيم كان انقص من ملكيصاداق، وبواسطة هذا كان يعرف عظمة ذلك،

238 انظر في الكتب الى ساق ابراهيم السامي، وعُد لترى بان ساق هذا الحبر اعظم منه،

239 ارفع عقلك وانظر الى ابرام في الملكوت، اي حضن واسع يملك في الموضع السامي،؟[44]

240 ولما ترى كم انه ارفع من المقاييس، اعلم بان مقياس الاعظم منه يفوق كل حدّ،

241 انظر الى ابراهيم كم هو قريب من الله، ووُجد واحد آخر داخله يباركه،

242 هذا الحبر حمل البركات من بيت ربه مثل الوكيل واخرجها لابرام العبد الصالح.

 

لماذا لا يُذكر ملكيصاداق في كل الاسفار مثل ابراهيم؟

243 لماذا كان خبره خفيا ولا يوصف كما ينتصر خبر ابراهيم في كل الاسفار،؟

244 هذا الرجل كان يتصرف بالروحانية، ولم يكن يفهم العالم اخبارَه الالهية،

245 كان مستيقظا كل يوم في خدمة الرب الخفية، ولهذا كان خبره مستترا كسيرته،

246 منذ (عهد) ألسِنة النار تعلمت الارض /177/ هذه الاسرار: ان تسجد للآب بالروح فقط،[45]

247 واذ كانت هذه الرتبة صعبة للاجيال الاولى، فقد استتر خبر هذا الذي تصرف هكذا،

248 العالم كله لم يكن يفهم اسرار تلك الحبروية الى ان كشفها ربنا،

249 كان العالم يتربى بالحليب مثل الطفل ولم يكن يقدر ان يتناول يوميا طعاما سليما،[46]

250 ولهذا اخفى الكتابُ ذلك الذي تصرف روحيا لئلا يوصف باسهاب.

 

الروحي والنفساني

251 ولهذا كتب الرسول بخصوصه: الكلمة عظيمة وصعبة للتفسير،[47]

252 وفي الوقت الذي تكلم فيه الرسول كان الشعب متمسكا بعادات قديمة من الناموس،

 

253 كان يتصرف بامور جسدية مثل الطفل، ولم يكن يقدر ان يتقبل الامور الروحية،

254 ولهذا كان يصعب تفسير خبر ذلك الذي تصرف بالروح في الازمنة الاولى،

255 كان العالم نفسانيا ولم يكن يعرف ان يسمع الاشياء الروحية حسب ناموسها،

256 الروحي يدين كل احد وهو لا يدان، والنفساني هو مثل الطفل: فمَن يدين،؟[48]

257 واذ كان ملكيصاداق روحيا لا نفسانيا /178/ فانه لم يكن يُدان حتى يفهموا كيف هو،

258 كان يحل كل يوم في طعام الروح الكامل، ولم يشأ الكتاب ان يبين خبره للنفسانيين،

259 ولهذا لما كان يكتب بولس بخصوصه كان يقول: الكلمة صعبة للتفسير،[49]

260 انتم الآن جسدانيون ولا اقدر ان ابيّن لكم كل نظام الاشياء الروحية،

261 بيّن فقط بان ملكيصاداق هو اعظم من ابراهيم لكي يُمدح الخفي بواسطة العلني،

262 لم يكن العالم قد استنار بعدُ بنظام الروحانية، لذا صعب عليه ان يسمع خبر ذلك الروحي.

 

ملكيصاداق هو شبه لابن الله

263 [ ولعله[50] الآن ايضا لا يسهل قبول خبره لكونه عجيبا وغير محدود،

264 هذا الذي دان العالمَ كله بالروحانية وهو لم يُدن لانه كان يتصرف بحسب الكمال،

265 هذا الذي عرف ان العالم كله جسدي، ولم يقدر العالم ان يعرفه لانه روحي،

266 هذا الذي صار شبها للابن، ورسم انماطه بخدمته الروحية التي لا تُدرك،

267 هذا الذي وضع تاجا خفيا وتاجا علنيا، وامتدت سلطة قدرته الآمرة على الجهتين،

268 /179/ جُعل ملكا بالخفاء على نفسه ودبّرها، ولم يوجد فيه هوى [متمردا[51] على سلطته،

269 كان علانية ملكا ومتسلطا على البلد، ولم يحارب مع من هم حواليه بسبب امانه،

270 لم يتعارك مع الاهواء ليستولي عليها، لان مقياسه العظيم كان قد صعد من الجهاد،

271 ولم يحارب مع ملوك الشعوب على الولايات، ولم يكن يطلب سوى السلام والبرارة،

272 كانت بعيدة عنه الاخطار الظاهرة والاهواء الخفية والحروب الخارجية والافكار الباطنية،

273 كان ملكا على الخفايا وعلى الظواهر، وله الامان وهو مليء سلاما بدون معركة،

274 لراسه التاج، ولحريته الاكليل العظيم، انه طاهر ومسالم وهو [ بدون[52] حرب في مملكته،

 

275 تجاوز الجهادَ وقام في بلد الكمال، وهناك قدر ان يصير حبرا بعجب عظيم،

276 تجاوز مقاييس الكهنة والملوك والابرار الى ان صار حبرا يشبه ابنَ الله،

277 وبما ان صورته العظيمة كانت اجمل الصور فقد تشبّه به رئيس الاحبار وهو ربه.

 

الخاتمة

278 /180/ كان يقال: انت حبر مثل ملكيصاداق، مبارك الذي طهّر العالمَ بقتله وذبيحته.

 

 

 

 

[1] – انظر ميمره 41 على قول داؤد: انت حبر الى الابد على شبه ملكيصاداق

[2] – تكوين 4/4؛ 8/20-21

[3] – تكوين 15/9

[4] – عبرانيون 9/12

[5] – عبرانيون 1/3

[6] – خروج 28/6-14؛ تكوين 14/18

[7] – خروج 28/4، 6. ملفاننا يكرر كلمة الصبي (بيت 37) الصبيان (بيت 39) ليسخر من اليهود المتمسكين بذبائح الحيوانات !

[8] – خروج 28/31-33

[9] – خروج 28/40، 9

[10] – خروج 29/13

[11] – عبرانيون 9/1-13

[12] – خروج 35/13. عبارة لاهوتية تؤكد ناسوت المسيح الحقيقي: الجسم الناطق والنفساني

[13] – عدد 19/1-10؟

[14] – تكوين 14/18. ملك ساليم اي اورشليم

[15] – اسم ملكيصاداق كنعاني يعني ملك البرارة (مالكو دزداديقوثو). ملكيصاداق كان يعبد الاله العالي (ايل عليون) الذي كان يُعبد في فينيقيا

[16] – نص: نتوسل، بيجان يصوب: يهان

[17] – فيليبي 2/7

[18] – فيليبي 2/7

[19] – لوقا 4/22

[20] – متى 26/67؛ 27/26؛ 27/34

[21] – يوحنا 19/34؛ مرقس 16/1؛ متى 27/59

[22] – متى 27/53

[23] – تكوين 14/18

[24] – تكوين 14/18

[25] – نص: يشترك، بيجان يصوب: يُشرك. تكوين 17/5-6

[26] – يعقوب 2/23

[27] – تكوين 14/19-20

[28] – تكوين 27

[29] – تكوين 49؛ تكوين 9/24-27

[30] – تكوين 17/5

[31] – عبرانيون 7/9-10

[32] – نحميا 10/37-40

[33] – تكوين 4/4؛ تكوين 8/20

[34] – تكوين 15/9-11

[35] – خروج 28/6-14؛ خروج 28/39

[36] – خروج 29/20

[37] – نص: رِجل، بيجان يصوب: كشف. ملفاننا يقبل بازدواجية  الملوكية والكهنوت في ملكيصاداق. يقول انه كاهن لانه صار شبها للمسيح وانه ملك مسالم، ولكن ليس مثل الملوك الذين يحاربون ! في نصوص اخرى ينقد مثل هذه الازدواجية او الثنائية. انظر، ميمره 163، 206

[38] – تكوين 12/1

[39] – تكوين 12/10-20

[40] – تكوين 21/22-26؛ تكوين 20

[41] – يوحنا 8/56

[42] – تكوين 22

[43] – ابراهيم موجود في كل صحائف الكتاب المقدس، وهو البداية والنهاية على مثال المسيح! انظر البيت: 243

[44] – لوقا 16/19-31

[45] – يوحنا 4/23

[46] – 1قورنثية 3/2؛ عبرانيون 5/12-14

[47] – عبرانيون 5/11

[48] – 1قورنثية 2/14-15. ملفاننا يقارن بين “الروحي” وبين “النفساني المرادف للجسدي”!

[49] – عبرانيون 5/11

[50] – نص: كبَر، بيجان يصوب: اخبَر

[51] – نص: سام، بيجان يصوب: متمرد

[52] – نص: لو، بيجان يصوب: دلو