الميمر 118 الثالث على اليشع والسلامية

الميمر 118

 

        غنى العالم يحمّل الثقل لمن يقتنيه، ربي بك اغتني لان غناك حياة لمن يحبك، كل مقتنى يقتنيه احد خارجا عنك هو فخ عظيم ومشنقة لمن يقتنيه، ربي نقتنيك لانك الغنى الذي لا يُسلب، وغناك يُكسب الحياة والتطويبات لمن يتبعه، هذا هو الغنى لما يكون احد غنيا داخليا، وكل غناه يسير معه حيثما سار، عبيد الرب كانوا اغنياء بالرب فقط، وكانوا فقراء في كل شيء يوجد في العالم، كان اليشع فقيرا وكان يثري الكثيرين ولا يملك شيئا وكان قابضا على الكل من رب الكل، ايها المتميز افهم بان الفقر مع الله هو مليء غنى وكل الكنوز لمن يقتنيه، من لم يرد ان يقتني شيئا مع الله هو فوق العالم ويامر الكل سيديا.

        زيارة اليشع للسلامية: كان يتقيد بوصية ربنا الجديدة منذ وقت (بداية) سيرته حسب (العهد) القديم، ربنا امر الرسلَ لما يدخلون الى المدن ان يسألوا: من يستحق (ليحلوا عنده)،؟ وبما ان روح الاولين والأخيرين هو واحد، فكان يتصرف اليشع بنفس الروح وبوضوح.

        السلامية صارت مثالا للنساء: صوّرت للنساء صورة محبوبة ومليئة جمالا، لينظرن اليها ويتشبهن بها مع رجالهن، يسهل على المرأة ان ترشد بعلَها بالحسنات، وبايمانها تصير لبيتها مثالا صالحا.

        مساواة الرجال والنساء في الطبيعة وفي المعرفة: ليست طبيعة النساء ناقصة من المعرفة، فلو يردن فانهن حكيمات جدا في افعالهن، العادات المرتخية ومحبة العالم الباطلة انزلت النساء من معرفة الله، والا فان طبيعة الرجل والمرأة هي متساوية في بريتها: الفكر والعقل والتمييز وكل المفاهيم.

        اليشع يبشر السلامية بولد: ونظرا لوجود التمييز والايمان فيها فقد عرفت ان تعرف ذلك القديس كما هو، النبي ايضا كان فطنا مثل الله وقد اراد ان يجازي اصحاب الافعال الصالحة. تدبير الله حكيم: تدبير الله سام جدا، ولا يوجد خطأ في أعماله الحكيمة، كل (افعاله) هي عجب للمتميزين، ولا تُدرك الا بمحبة الايمان، لما ياخذ الرب شيئا من الانسان كانه موهبة بالنسبة لمن يعرف ان يتامل فيه، لما اعطى الابنَ للعاقر كان موهبة، ولما اخذه ايضا كان يتعامل بنفس نعمته.

        اليشع بروحانيته يرى كل شيء: من وصل الى درجة اليشع لا توجد برية مخفية عنه ولا يراها، ما وراء العالم هو امام عينَي كل قديس، لانه يرى في الكل، والكل قريب منه ليتامله، الطبائع الصماء مفتوحة امام عينيه، ونظره يعبر ببساطة في كل البرايا، لا يوجد خفاء او تستّر ليقف امامه حتى تستتر البرية به لما ينظر اليها، البعد والقرب سيان لديه ليراهما وينظر الى كل الالغاز كانما الى كرة الشمس.

        اخفاء موت ابن السلامية عن اليشع: لماذا اذاً يا ترى اخفى الرب موت الصبي عن اليشع ولم يحس به لما مات،؟ لو كان يحس لكان يمنع الموت عنه، وبطلبه كان يزجره ولما اقترب منه، شعوره بالصبي وحفظه من الاذى ليس عظيما كما بعثه واعطاه لامه.

        جحزي مزود بعصا لا يبارِك او يبارَك في الطريق: كان يقول له: لو صادفك رجل في الطريق، لا تباركه ولو يباركك لا تردّ عليه، هذا ما قاله ربنا ايضا لتلاميذه: لا يسلموا ابدا على احد في الطريق، كلتا العبارتين اذاً كانتا تقالان بروح واحد لان ربنا منه اعطى الروح للانبياء، ولان روح الانبياء والرسل هو واحد.

        جحزي لم يقدر ان يبعث الميت: لم تكن العصا ضعيفة القوة لتحيي الميت، ماسكها كان فارغا ومجردا من الاعجوبة، تابوت العهد الذي شطر البحر وثلم السور واجترح القوات على يدي يشوع الكاهن العظيم، في جهة اخرى كان قد سُبي سبيا، وشعبه قُتل وكان يُجرجر مع المسبيين، لم ينتصر بايدي الكهنة الطماعين الذين حملوه، وهكذا لم تشتهر العصا بيدي جحزي.

        رموز الميمر: السلامية رمز النعمة التي توسلت لينزل الرب لكي يحيي آدم. اليشع هو رمز المسيح. صغر اليشع وقاسى قامته على قامة الطفل دون ان يفقد كونه رجلا وبذلك رمز الى تجسد الابن. بسط يديه هو رمز الصليب. علية اليشع هي رمز الجلجلة. ابن السلامية هو رمز آدم. العصا التي كانت بيدي جحزي هي رمز النبؤة التي لم تبعث الميت.

– المخطوطة: لندن 17184 ورقة 31

– لا يرد في البداية ولا في النهاية اسم المؤلف. اروع ميمر تفسيري وقصصي، انه مليء بالحياة الروحية. اسلوبه جذاب ولا يمل القاريء من مطالعته. قد يرقى تاريخ تاليفه كبقية ميامره على اليشع الى فترة شباب السروجي اي الى حوالي سنة 490م.

 

 

الميمر 118

الثالث (على) اليشع والسلامية

(2ملوك 4/8-37)

 

المقدمة

 

1 غنى العالم يحمّل الثقل لمن يقتنيه، ربي بك اغتني لان غناك حياة لمن يحبك،

2 كل مقتنى يقتنيه المرء خارجا عنك هو فخ عظيم ومشنقة لمن يقتنيه،

3 ربي نقتنيك لانك الغنى الذي لا يُسلب، وغناك يُكسب الحياة والتطويبات لمن يتبعه،

4 لما كان يتغير الغنى ويزول من قانيه، لماذا يفرح به لانه قد ركب العجلة وبدّل المكان،؟

5 هذا هو الغنى لما يكون احد غنيا داخليا، وكل غناه يسير معه حيثما سار،

6 عبيد الرب كانوا اغنياء بالرب فقط، وكانوا فقراء في كل شيء يوجد في العالم،

7 /297/ كانوا فقراء من مقتنيات الوقت القصير، لكنهم كانوا اغنياء في الله وفي موهبته،

8 هذا هو الغنى: غنى كل يوم لمن يعرفه، الغنى الذي يثبت بدون تغيير لمقتنيه،

9 ولهذا اقتناه العادلون بدل كل شيء، لانه منه تنبع كل الثروات بدون تغيير.

 

اليشع كان فقيرا

10 هوذا اليشع قد وُضع مرآة لبني الحقيقة، ولما ينظرون اليه يتزينون بالجمال الباطني،

11 مشى في درب ايليا بنقاء بدون مقتنيات في الحياة النقية وبالفقر،

12 كان فقيرا وكان يثري الكثيرين ولا يملك شيئا وكان قابضا على الكل من رب الكل،

13 هكذا هي طريق بيت الله العظمى: انها ممهدة بالفقراء وهي اسمى من الاغنياء،

14 انها نقية وصافية وتبغض الغنى اللاثابت، ويسير عليها ابناء الملك بدون مقتنيات،

15 تتعلم الكمال من اليشع الذي كان تلميذ ذلك الجميل الممجد بين المعلمين،

16 من علّيته في [ شيلو[1] اعرفْ من هو لانه لم يقتن في منزله الكماليات غير اللازمة،

17 كان يستعمل فقط هذه الامور الضرورية /298/ حسب الحاجة دون ان يهتم بالكثير.

 

 

السلامية مستحقة ليحلّ عندها اليشع

18 المليء تمييزات مال الى بيت [ السلامية[2] لانها كانت مستحقة لتستقبله بمحبة ايمانها،

19 كان يتقيد بوصية ربنا الجديدة منذ وقت (بداية) سيرته حسب (العهد) القديم،

20 ربنا امر الرسلَ لما يدخلون الى المدن ان يسألوا: من يستحق (ليحلوا عنده)،؟[3]

21 وبما ان روح الاولين والأخيرين هو واحد، فبه كان يتصرف اليشع بوضوح،

22 راى بان السلامية كانت مستحقة ليحل عندها، وكان يزورها دائما اثناء مروره،

23 انت تفهم بانها كانت تستحقه بفضل تمييزها، وكلامها مع رَجلها بخصوص اليشع،

24 قالت الذكية لرجلها بخصوص اليشع: انا اعرف ان نبي الرب هو قديس،[4]

25 لم تكن تستقبله بخلاف العادة بدون تمييز، لكن بحركات الايمان المليء بالمحبة،

26 ولهذا قالت: اعرف انه قديس، وجمال ايمانها واضح بتمييز.[5]

 

السلامية مثال للنساء

27 صوّرت للنساء صورة محبوبة ومليئة جمالا، لينظرن اليها ويتشبهن بها مع رجالهن،

28 /299/ يسهل على المرأة ان ترشد بعلَها بالحسنات، وبايمانها تصير لبيتها مثالا صالحا.

 

مساواة الرجال والنساء في الطبيعة والقوى العقلية والارادية

29 ليست طبيعة النساء ناقصة من المعرفة، فلو يردن انهن حكيمات جدا في افعالهن،

30 العادات المرتخية ومحبة العالم الباطلة انزلت النساء من معرفة الله،[6]

31 والا فان طبيعة الرجل والمرأة هي متساوية في بريتها: الفكر والعقل والتمييز وكل المفاهيم،

32 وما لم تُنزلها العادة الى الضعف، يسهل على المرأة ان تفهم كل (شيء) بوضوح،

33 لاحظها لما تميل لتحب شيئا فانها لا تُمنع، ونفسها كلها تنشغف بمحبته بشدة،

34 انها مستنيرة كثيرا بامور تخصها، وما يلزمها ان تصنعه لها تفعله بجبروت،

35 حيثما تحب فانها بليغة جدا في المدائح، وحيثما تبغض فانها ماهرة جدا في اللعنات،

36 ولما تشتم رفيقتها فان شتيمتها حكيمة وقاسية، ولما تكذب تعرف ان تفتري بذكاء،

37 ولو تريد فانها نشيطة في كل هذه الامور ومستنيرة في التعليم الالهي،

 

38 انظر الى تمييز السلامية وتعلّم منها بانه كان يلزم على جميع النساء ان ينظرن اليها،

39 /300/ ويمارسن تعليم البرارة، ويرتبطن في فكر القداسة،

40 ويصرن لرجالهن مثالا صالحا، ويصبحن معلمات لمنازلهن،

41 وتصدر من افواههن نصائح صالحة في بيوتهن ولرجالهن واشخاصهن،

42 مثل تلك المرأة التي صارت مثالا لكل فوائد بمشورتها الصالحة: تبارك كل بيتها.[7]

 

اليشع يكافيء السلامية

43 وبايمانها ابانت لرجلها الطريق، وصنعت لذلك القديس مسكنا مقدسا في بيتها،

44 بمحبة نفسها التي كانت ساكنة في الله قالت لرجلها: ان نبي الرب قديس،

45 ونظرا لتواجد التمييز والايمان فيها فقد عرفت ان تعرف ذلك القديس كما هو،

46 واعطت النصيحة، وسمع الرجل المؤمنة واعدّا مكانا ليحل النبي لما يمرّ،

47 النبي ايضا كان فطنا مثل الله وقد اراد ان يجازي اصحاب الافعال الصالحة،

48 راى العلّية التي اتقناها له حسب ارادته بفقر وبتجرد وبعفاف،

49 واستعد ليجازيهم خيرا كما يجازي الله اعمال اصدقائه الصالحة،

50 /301/ ولئلا ينكر النبي تعب الايمان اراد ان يجازي اجر محبتها التي بها أُكرم،

51 دعاها النبي ليستفهم منها ماذا يعطيها، لتقول له ماذا تطلب منه ليعطيها،

52 الله ايضا يعطي هكذا لمن يطلب منه، ويريد ان يردّ كل الاسئلة لسائليها،

53 واستعد نبي الرب بنفس الفكر ليعطيها الشيء الذي تسأله لانها خدمته،

54 استفهم منها: هل تطلب منه بان يقول بدلها كلمة للملك او لقائد الجيش لمساعدتها.؟

 

اليشع الفقير يامر الملوك والقادة (2ملوك 4/13)

55 ايها المتميز افهم بان الفقر مع الله هو مليء غنى وكل الكنوز لمن يقتنيه،

56 اليشع امر ملوك الشعب مثل العبيد، وقادة الجيوش والسلاطين مثل الاجراء،

57 كلمة العظيم والغني محتقرة ومرذولة، وكلمته عظيمة وكان مثل سيد السادة،

58 بفقره اخضع الملوك ليطيعوه، واحترم كلمتَه قادة الجيوش ليؤمروا بها،

59 من لم يرد ان يقتني شيئا مع الله هو فوق العالم ويامر الكل سيديا،

60 ايها المتميزون تاملوا فقيرا في بيت الله يامر قادة الجيوش والملوك (لينفذوا) كل الاعمال،!

61 /302/ كان يقول للمؤمنة هل لك شيء لينقل للملك او لقائد الجيش لاجلك،؟[8]

 

62 قالت له: سيدي يجمل بي ان اقيم بين شعبي، ولستُ محتاجة ليساعدني السلاطين،[9]

63 هنا برهنت تلك المتميزة والطوباوية بان قلبها كان مرتبطا بعالم الله،

64 استقبلته لاجل رجاء الامور العتيدة، ولم تُلزمها امور العالم لتلتجيء اليه،

65 لم تبغِ ان يساعدها ملك او قائد جيش لان رجاءها كان موضوعا في ملك جميع الملوك.

 

اليشع يبشر السلامية العاقر بولد

66 اراد النبي ان يعطي لها ابنا دون ان تطلبه، واذ لم تسأل ولدا تناله من الله،

67 وعرف البهي بانها كانت عاقرا، وزوجها طعن في السن فحارب الشرَين وغلبهما،

68 تعارك مع العقر والشيخوخة، وجنى النبي العظيم ثمرة من كلتيهما،

69 راى النبي عاقرا وشيخا محرومَين من الولادة واغناهما بموهبته،

70 كانت كلمة الرب في فم ذلك القديس، وكان يسهل عليه ان يصنع البنين من الحجارة،[10]

71 ولهذا وعد ان يعطي ثمرة ويبهج المرأة العاقر والرجل الشيخ،[11]

72 /303/ كانت تشرق من بين شفتيه قوة عاملة ولم تقدر الطبيعة ان تعصيه لما كان يامر،

73 وعد المعوزة بثقة وكما وعد انجز الرب (وعده) واعطاها ثمرة،

74 العاقر شبعت والمعوزة فرحت بالثمرة واغتنى البيت بالوارث المحبوب وابتهج سكانه،

75 انتصر اليشع الذي امر وجعل الحضن العاقر يثمر، والسلامية سّرّت بابن  تحتضنه.

 

موت ابن السلامية (2ملوك 4/18-20)

76 اراد الرب ان ينتصر ايضا عبده المختار، ويعظم اسمه بالعجائب التي تتم،

77 ارسل الموتَ وقطف الثمرة المحبوبة التي نمت والجفنة العاقر التي تحمله لبست الحِداد،

78 اعطاه واخذه ليبين قوته العظيمة، لان حياة وموت العالم كله موضوعان في يديه.

 

لا تُدرك اعمال التدبير الالهي الا بالايمان

79 تدبير الله سام جدا، ولا يوجد خطأ في أعماله الحكيمة،

80 كل (افعاله) هي عجب للمتميزين، ولا تُدرك الا بمحبة الايمان،

81 لما ياخذ الرب شيئا من الانسان كانه موهبة بالنسبة لمن يعرف ان يتامل فيه،[12]

 

82 لما اعطى الابنَ للعاقر كان موهبة، ولما اخذه ايضا كان يتعامل بنعمته نفسها،

83 /304/ اراد ان يعظّم ويزين موهبته لتصير محبوبة وعظيمة على النائلين،

84 اعطى ولدا للمرأة العاقر ولم يكفها، واعطاها من الميت حيا لتفرح به،

85 ضاعف مضاعفة تلك الموهبة المحبوبة التي اعطاها ليكثر جمالها ويُمدح بها النبي العظيم،

86 اعطاه القوة ليعطي الابناء للعواقر، واضاف له (القوة) ايضا لينقذ الموتى من الموت،

87 بنبؤته جعل البطن العاقر والشيول يثمران، وابان قوته بالحضنَين اللذين كانا معوزَين،

88 ولكي ينتصر جبروته في العالم كله، امات الرب حينئذ ابن السلامية،

89 نظر الله الى ايمانها كم كان عظيما، وكانت تطلب منه بدون شكوك ان يحيي الميتَ،

90 ولهذا اخذ ذلك المحبوبَ والمعوز لتتجاسر امه وتطلب حياة الموتى من المختار،

91 كان يعرف بانها لن تترك ذلك القديس الا وبعثه، ولهذا اخذه منها بالموت،

92 حكيم القلب ارسل الموتَ الى المحتاجة وجرّد مسكنها الذي كان قد اطمأن بحبيبها.[13]

 

اليشع يبعث ابن السلامية (2ملوك 4/21-37)

93 هذه المليئة عجبا وايمانا لم ترتعب لتقطع الرجاء بسبب الميت،

94 /305/ كان النبي العظيم عظيما في عينَيها كما هو، وكانت اكيدة بانه ينتصر على الموت ويحيي الميت،

95 ملأت نفسها ايمانا لا يُقهر، وصفّت النبي ضد الموت وهي واثقة،

96 مات حبيبها ولم تفتح قبرا ليدخل اليه لكنها وضعته في تلك العلية التي تُنبع الحياة،[14]

97 كانت تعرف من يحل في ذلك المبيت، وكانت واثقة من انه سيشرق الحياة حالما ياتي،

98 وضعت الصبي في بيت اليشع واغلقت في وجهه لياتي النبي ويطرد الموت من خدره،

99 وضعت الجثة في سرير الرجل لالهي لياتي ويسحق الموت الذي سحق مضجعه،[15]

100 ادخلت الميت الى وكر الاسد، واغلقت الباب ليزأر بالموت ويفلته بسرعة.

 

السلامية تصعد الى جبل اليشع لتدعوه

101 وضعت الميت وسلكت دربها الى اليشع لياتي ويعيد سبيا اخذه الموت منها،[16]

102 ذهبت لتدعو الطبيب الذي يعرف ان يحيي ميتا، لياتي ويضمد الصبي الميت وينبعث،

103 بايمانها جسّت كم ان قوته قادرة، وطلبت منه ما يسهل عليه فعله مثل الجبار،

 

104 توجت وصعدت الى جبله لتجلبه، وينزل ويُصعد الميت من حفرة الموتى،

105 /306/ الذكية اخفت السرّ عن زوجها لئلا يتذمر الى ان يحيا الصبي ثم تكشفه له،

106 كانت واثقة بان النبي حالما ياتي معها سيبعثه، فاخفت السرّ الى ان ينبعث،

107 تركت الميت وركضت الى شجرة الحياة لتقطف منه حياة الموتى بقوة عظيمة،

108 ذهبت بحرارة وبلغت الى جبل البهي، والايمان الذي يحيي الموتى يشتعل فيها،

109 اقتربت منه ومسكت رجليه لتطلب منه، فكشف الرب له عن نية المؤمنة،[17]

110 تبين له لماذا كانت حزينة، ففزع بعجب: لماذا اختفي السرّ عنه،؟

111 صرخ في جحزي لانه اراد ان يُبعدها (وقال له): اتركها لان نفسها كئيبة جدا.[18]

 

اليشع يرى الخفايا

112 الرب اخفى ولم يبين لي لماذا، اعلموا ايها المتميزون بان ذلك الحكيم كان يرى الكل،؟

113 نفسه استنارت بالنبؤة كالنهار، وبالنسبة له كانت الخفايا جلية ليعرفها،

114 كان يلتهب من ايحاءات الله اكثر من الشمس، ليرى من قرب الامور البعيدة،

115 العلى والعمق والعرض والطول كان جليا امامه، لانه كان قديسا ويدرك الكل مع القديسين،

116 /307/ من وصل الى درجة اليشع لا توجد برية مخفية عنه ولا يراها،

117 ما وراء العالم هو امام عينَي كل قديس، لانه يرى في الكل، والكل قريب منه ليتامله،

118 الطبائع الصماء مفتوحة امام عينيه، ونظره يعبر ببساطة في كل البرايا،

119 لا يوجد خفاء او تستّر ليقف امامه حتى تستتر البرية به لما ينظر اليها،

120 البعد والقرب سيان لديه ليراهما وينظر الى كل الالغاز كانما الى كرة الشمس،

121 هذا الرجل كان قد ادرك ليرى الكل، فعليك ان تعرف هذا من كلمته لتلميذه.

 

لماذا اختفى موت الصبي عن اليشع؟

122 قضية السلامية التي لم يشعر بها، اراد الرب واخفاها عنه لاجل غاية،

123 كما ذكر النبي العجيب لجحزي خادمه: الرب اخفى ولم يبين لي الشيء الذي صنعه،

124 لان كل الافعال كانت جلية ليراها، ويقال ان الفعل الذي اختفي اخفاه الرب،

125 اعني لو لم يُخفِ الرب عني لكان ذلك الفعل جليا امامي مثل كل شيء،

126 لماذا اذاً يا ترى اخفى الرب موت الصبي عن اليشع ولم يحس به لما مات،؟

127 /308/ لو كان يحس لكان يمنع الموت عنه، وبطلبه كان يزجره ولما اقترب منه،

 

128 شعوره بالصبي وحفظه من الاذى ليس عظيما كما بعثه واعطاه لامه،

129 نزل الجبار الى هوة الموتى وسحب منها الميت الى الحياة واقتنى في العالم اسما شهيرا،

130 لقد أُخفي عنه سرّ موت الولد، ليوصف جبروته بالآية التي اجترحها،

131 لينزل ويشن معركة عجب مع الهلاك ويغلب الموت بحياة الموتى التي كانت تشرق،

132 النبي الذي لم يشعر حُفظ لهذا العمل، ولما احس ايقظ نفسه (ليصنع) الاعجوبة،

133 دعا جحزي واعطاه العصا وارسله ليذهب ويطرد الموت عن الصبي بقوة عظمى،[19]

134 قالت امه: حي هو الرب وحية هي نفسك لا اتركك الا واخذتك لتحيي حبيبي،[20]

135 سيدي كنت عاقرا وكنت في حمى من مضايق اوجاع الولادة والم موت الوالدات،

136 ولم اكن اريد ان الد ولا ان ادفن ولا ان ارى ابدا المخاض ولا الآلام،

137 انت تعرف بانني لم اسأل منك ولدا /309/ لكن قلت لا تسأل ليصير لي ابن،[21]

138 والآن بعد ان صار واخذه الموت، هلم واذهب واجلبه وكما اعطيته لي ابعثه ايضا اذ يسهل عليك ذلك،

139 من حضني العاقر اثمرتُ ولدا دون ان اسأله، اتوسل اليك اعطني الحياة من بين الموتى،

140 تعوّد البيت على صوته ومحبته احيِه اذاً لئلا يُحرم من موهبتك،

141 جعلتَ الشيخَ يمسك العصا دون ان يسال، واتى الموت وخطفها منه وها انه يقع،

142 هلم واعطه اياه ثانية ليستند عليه لئلا يخرّ عتيق الايام بالم ابنه،

143 سيدي، الموت سخر منك باخذه الصبي منا، هلم واستهزيء به لئلا يستهزيء بما هو مُلكك،

144 انه موهبتك وقد اخذه الموت، خذه منه واعطه لنا ايضا لينتصر جبروتك.

 

أُمر جحزي بالا يسلّم على احد في الطريق، كما امر الرب رسله

145 امرأة المحبة قالت لرجل الروح هذه الامور، وبطلبها سجرته ليعمل حسب ارادتها،

146 ارسل جحزي واعطاه عصا كما قلنا، وامر الفتى بان يسكت ولا يتكلم في الطريق،[22]

147 كان يقول له: لو صادفك رجل في الطريق، لا تباركه ولو يباركك لا تردّ عليه،

148 هذا ما قاله ربنا ايضا لتلاميذه: /310/ لا يسلموا ابدا على احد في الطريق،[23]

149 كلتا العبارتين اذاً كانتا تقالان بروح واحد لان ربنا اعطى منه الروح للانبياء،

150 بالمسيح ايضا كان قد تحكّم اليشع، وكرر كلمة ربه لتلميذه قائلا:

 

151 لو صادفك رجل في الطريق لا تباركه لان روح الانبياء والرسل هو واحد،

152 قال اليشع: لا يبارك رجلا في الطريق وقال مخلصنا للرسل: لا يسلموا،

153 هذه هي الغاية: ان يكون كل واحد يقظا على فعله، ولما يُرسل ليتنشط في الطريق التي سلكها،

154 حتى يسير سريعا عمل الدرب بيقظة وبقوة وباستمرار،

155 لئلا يتراخى او يقطع الرجاء من عمله، فيتوقف دربه والعمل الذي ينجزه لاسباب مختلفة،

156 وهكذا يكون المرء يقظا لما يُرسل لئلا يبارِك او يبارَك لكونه مستعجلا،

157 ويكمل باجتهاد وبنشاط ما أُمر به، وهذا ما تطلبه كل طريق التلمذة،

158 تعلم الرسل بالا يسلموا على احد في الطريق ليزيل عنهم كلام التوافه البطال،

159 ولا يتكلموا الا بالكرازة /311/ ولا يتعاطوا الا بما يعود اليها،

160 ولا يُذكر من قبلهم خبر خارجا عن (الكرازة) حتى لو كان السلام، الا اذا (كان السلام يعود الى الكرازة)،

161 وبما ان اليشع كان ينقاد بنفس الروح فقد امر خادمه بالا يبارك رجلا في الطريق.

 

جحزي لم يبعث الميت كما لم ينتصر تابوت العهد بايدي الكهنة الطماعين

162 اخذ العصا واجتاز امامه كما امره، ووصل الى الميت ووضع العصا عليه كما قال له،[24]

163 لم يخف الموتُ ويهرب من التلميذ، ولم يترك الجثة وينتقل لانها كانت مغلقة،

164 لم تكن العصا ضعيفة القوة لتحيي الميت، ماسكها كان فارغا ومجردا من الاعجوبة،

165 تابوت العهد الذي شطر [ البحر] وثلم السور واجترح القوات على يدي يشوع [الكاهن[25] العظيم،

166 في جهة اخرى كان قد سُبي سبيا، وشعبه قُتل وكان يُجرجر مع المسبيين،[26]

167 لم ينتصر بايدي كهنة طماعين حملوه، وهكذا لم تشتهر العصا بيدي جحزي،[27]

168الضعيف حمل عصا قوية ولم يجترح بها كالتابوت الذي لم ينتصر بالطماعين الذين حملوه،

169 في التلميذ لم تكن توجد قوة لينفذ، لكن العصا كانت مليئة بالقوة كالتابوت،

170 /312/ الموت احتقر ذلك السارق ولم ينتقل، لكنه لم يرد ان يهين العصا لانها كانت عصا العجب،

171 لما اتى صاحب العصا ابان له باية قوة ارسل الخادم لو كان يجتهد.

 

 

ربنا روح النبؤة وبه تتحرك كما يقوم الجسد بالنفس

172 اسرار ربنا هي جمال النبؤة وبدون (الاسرار) لو وُجدت (نبؤة) فليست جميلة،

173 هو اعطى للنبؤة القوة والنور والتنفيذ لترسم انماطه بوضوح،

174 منه اخذت الالوان المختارة التي لا تُدرك لتصوّر صوره بحكمة بين القراءات،

175 ربنا هو روح النبؤة الحي، وبه تتحرك كما يقوم الجسد بالنفس،

176 به كان اليشع قد تجبر بالانتصارات لانه كان يلبسه في كل درب نبؤته،

177 النبي العظيم كان يتصرف باسرار ربنا، ولهذا انار اكثر من الشمس على البرايا.

 

اليشع رمز المسيح

178 به تسلح لما نزل ليحيي الميت وصوّر انماطه في كل طريق سلكها،

179 نزل من الجبل كما نزل المسيح من عند ابيه ليحيي الصبي كما احيا ربُه آدمَ،

180 كل طريق مهمات ابن الله صُورت بوضوح بكل الافعال التي عملها.

 

السلامية رمز النعمة

181 /313/ بالمرأة التي صعدت وتوسلت ليحيي الميت كانت تُرسم النعمة بوضوح.

 

ابن السلامية رمز آدم

182 الصبي (تشبه) بآدم، والنبي تشبه بابن الله وبعدئذ احيا الميت.

 

العصا لم تبعث الميت رمز للانبياء الذين لم يبعثوا آدم

183 بالعصا التي ارسلها ليحيي الميت ولم يحيه هي مصورة طريق الانبياء الذين أُرسلوا،

184 آدم مات بالقصاص الذي اعطته اياه الثمرة، ودخل توسل لاجله من قبل النعمة،[28]

185 اعطى الرب الروحَ للانبياء وارسلهم ليطردوا منه الموت والضلالة القابضة عليه،

186 وبما ان هولاء الذين اتوا كانوا عبيدا فلم يقدروا ان يحييوا آدم المربوط بحبال الشيول،

187 النعمة طلبت من الله ان ينزل ويعطي الحياة للميت المطروح وينبعث،

188 كان يُغرى لينزل الى الارض بتوسلها ولم تبطل من التوسل الا بعد ان نزل،

189 واهتمت به مثل امّ رحوم وانزلت الربَ من قمة الاعالي وبعث آدمَ،

 

190 امّ الصبي صورت هذا النمط على الجبل وبطلبتها نزل اليشع ليحيي ابنها،

191 لم تتركه لما ارسل العصا معها /314/ لانها كانت تريد ان يرسم هو طريق ابن الله،

192 لينزل ويحيي وارث ابيه الذي مات، ويصوّر آدمَ الذي سيحيا ويعود الى عدن،

193 هذه الطريق كانت تُرسم من قبل اليشع، لما هبّ ونزل من جبله بقوة عظمى،

194 قبِل توسل تلك الام التي مات ولدها، ونزل معها ليعيد لها ابنها الى الحياة.

 

اليشع ينبسط على الصبي ويبعث ابن السلامية

195 نزل النبي وهو مليء روحا وايمانا ونبؤة ومحبة وقوة وتنفيذا،

196 تخرج منه اسرار الابن كالاشعة، ويحمل انماط ربه كالمصابيح،

197 نفسه مليئة حياة الموتى والجبروت، وتركض معه القيامة التي جلبها عند الموتى،

198 تتبعه امّ الصبي وتنزل معه، وهي مليئة ايضا رجاء عظيما بالانبعاث،

199 اتى النبي ووصل الى شيلو بجبروت، ووجد الميت مطروحا على سريره وفي عليته،[29]

200 بسط نفسه بحكمة على الجثة وحرك السرّ الذي يعطي الحياة لمن يتبعه،

201 وضع فمه على فم الميت المطروح، ووضع عينيه على عينيه كما هو مكتوب،[30]

202 وبسط يدَيه ووضعها على يدَيه اعني /315/ طبع ذاته كليا لينبعث به.[31]

 

صغر قامة اليشع رمز لتنازل وصغر الابن بالتجسد

203 هنا يوجد عجب يسمو على كلمة الانسان، وعلى الالسنة حتى تصفه جسميا،

204 رجل كامل كان قد قاسى نفسه بصبي صغير وصغر حسب قامته ولاجله،

205 قامة الرجل كانت تمتد على الولد، فنزلت الى مقياس الصبي لاجل هدف،

206 هناك صُور العظيم الذي اتى الى الصغر والسامي الذي نزل الى التواضع ليحيي آدم،

207 بالرجل الكبير الذي صار هناك صبيا بنمط، كان يُرسم الله الذي صار انسانا،

208 كان قد صغر الرجل وقام بمقياس مثل ولد ولم يفقد ابدا كونه رجلا،

209 وابان في العالم لما صار الله انسانا ثبت في خصوصيته اي انه اله مثل والده،

210 لم يطرأ تغيير على الرجل الذي صار صبيا، والله الذي صار انسانا لم يتغير،

211 الرجل الكبير صغّر نفسه على ولد، وقام في مقياسه بينما كبره لم يصغر،

212 ابن الله خزن عظمتَه في بطن صغير، وفيه لم يصغر العظيم ابدا عما هو عليه،

 

213 صار اليشع صورة ونمطا لابن الله، /316/ وبرهن بجلاء كيف يصغر لما يخلصنا،

214 كان قد قاسه به ليخاف منه الموت ويترك الجثة المغلقة بين الموتى،

215 طبع النبي نفسَه في الصبي وهو ينبعث، وصغر مثله واعطاه الحياة بالسرّ العظيم،

216 سقط على الميت ليقيمه من سقوطه، انبسط على الجثة لتنبع منه لها الحياة،

217 وضع فمه على فم الميت اعني سكب الحي النفس في الميت الذي كان منبسطا عليه،

218 وتجاسر حتى يصوّر صورة لربه: كيف سيعمل لما يتنازل ليحيي آدم الميت والمطروح،

219 سقط على الميت واقامه معه في الحياة اعني ان الابن اضطجع في الشيول واحيا آدمَ،

220 ارتهن لاجل الجثة وهو يحييها، ووُضع بدلها واخذها بالم من الهلاك،

221 هكذا وضع ربنا نفسه كرهينة بدل آدم لما كان يخلصه وبعدئذ انبعث.

 

اليشع ببسط يديه ومشيه هنا وهناك صوّر الصليب

222 بسط يديه ووضعها على يدي الصبي الميت، فراى الموتُ الصليبَ وهرب من اليشع،

223 لما مدّ ذراعيه على ذراعي الميت صوّر الصليبَ ولهذا انتقل وهرب الموت،

224 كل هذه الامور التي تمت هناك هي مليئة اسرارا، /317/ فبدون سر ابن الله لا توجد الحياة،

225 صار الصليب على الجثة وفي العلية لانه مشى هنا وهناك ورسم آية الابن،

226 كان الرجل مطبوعا [ بصلب[32] ابن الله، ولهذا قدر ان يعطي الحياة مثل الله.

 

علّية اليشع رمز الجلجلة

227 علّية ذلك القديس صارت كالجلجلة وهو (صار) مثل ربنا الذي اثمر الحياة للميت وعاش،

228 السالب راى علامةَ الملك عند اليشع، وعاد السبي المسلوب ليرجع الى موضعه،

229 من علّيته طرد الموتَ بالصلب، وظهرت هناك بوضوح حياة الموتى،

230 بهذه الاسرار نزل النبي من قمة الجبل وصور هذه الانماط على الميت لما كان يحييه،

231 نظر الى هنا وقاسى نفسه على ذلك الصبي، وصغر معه ولاجله ليحيا به،

232 الرجل نزل الى مقياس الصبي واعطاه الحياة كما اشرق الله على آدم بقامة انسان.

 

الخاتمة

233 بعث الصبيَ بسرّ ربه واعطاه لامه، مبارك الحي الذي مات كما شاء واحيا آدمَ.

 

كمل الميمر الثالث على اليشع

[1] – بيجان: في العبرانية: شونيم، سوني: في الفشيطتو شيلومويتو. 2ملوك 4/12

[2] – بيجان: في العبرانية: شونيمويتو

[3] – متى 10/11

[4] – 2ملوك 4/9

[5] – 2ملوك 4/9

[6] – 1بطرس 3/3

[7] – امثال 31/10-31

[8] – 2ملوك 4/13

[9] – 2ملوك 4/13

[10] – متى 3/9

[11] – 2ملوك 4/14-18

[12] – ايوب 1/21؟

[13] – ايوب 9/4

[14] – 2ملوك 4/21

[15] – 2ملوك 4/21

[16] – 2ملوك 4/22-26

[17] – 2ملوك 4/27

[18] – 2ملوك 4/27

[19] – 2ملوك 4/29

[20] – 2ملوك 4/30

[21] – 2ملوك 4/28

[22] – 2ملوك 4/29

[23] – لوقا 10/4

[24] – 2ملوك 4/31

[25] – نص: بحر، بيجان يصوب: الماء؟. نص: كوهنو، بيجان ؟، سوني: يشوع ابن نون لم يكن كاهنا. يشوع 3، 6

[26] – 1صموئيل 4/1-11. 1صموئيل 2/12-17، 22-36

[27] – 1صموئيل 2/12-17، 22-36

[28] – تكوين 2/16-17، 3، خاصة 3/6

[29] – 2ملوك 4/21

[30] – 2ملوك 4/34

[31] – 2ملوك 4/34

[32] – نص: زبيفوقتيه (خطأ؟)، سوني يصوب: بزقيفوثيه