العظة 96 عن القديس باسيليوس والقديس غريغوريوس الثاولوغوس الناطق بالإلهيات

العظة 96

القديس باسيليوس والقديس غريغوريوس الثاولوغوس الناطق بالإلهيات

 

أفتكر حقاً أنّ اليوم الحاضر يوحي إليّ في كلّ عام ليس بذكرى باسيليوس وغريغوريوس فحسب، بل بذكرى رئاسة الكهنوت. في يوم التكفير، مثله مثل اليوم المذكور في الناموس الذي كان بموجبه يدخل رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس مرةً واحدةً في كلّ سنة في اليوم العاشر من الشهر السابع، أي في الهيكل الكامل المبارك الطاهر.

“ويكون لكم فريضةً دهرية أنّكم في الشهر السابع في عاشر الشهر تذلّلون نفوسكم وكلّ عمل لا تعملون، الوطني والغريب النازل في وسطكم[1]“.

 

فإنّ العدد “سبعة” إشارة إلى القداسة والبركة والطهارة. والكتاب الموحى به من الله يشهد بذلك إذ يقول: “وبارك الله اليوم السابع وقدّسه لأنّ فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً[2]“.

ويروي الكتاب المقدس أنّ نوحاً بعد أن بنى الفلك لكي يسبح ويسير مع السيل العجيب غير العادي، كان قد صدر إليه الأمر بأن يُدخل إليه ضمن الحيوانات الطاهرة والطيور، سبعة أزواج أي ذكور وإناثها.

 

“من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكراً وأنثى. ومن البهائم التي ليست طاهرة اثنين ذكراً وأنثى. ومن طيور السماء أيضاً سبعة سبعة ذكراً وأنثى، لاستبقاء نسلٍ على وجه كلّ الأرض[3]“.

 

ويشير من جهة أخرى العدد “عشرة” إلى الكمال، كما تعلّمنا بذلك تقدمة العشور؛ وقول يعقوب الذي كان أوّل من نذر لله: “وهذا الحجر الذي أقمته عموداً يكون بيت الله وكلّ ما تعطيني فإنّي أعشّره لك[4]“.

وبالحريّ كان إبراهيم من قبله الذي أعطى لملكي صادق عشر غنيمته.

“ومبارك الله العليّ الذي أسلم أعداءك في يدك. فأعطاه عشراً من كلّ شيء[5]“.

والناموس أيضاً يحتوي عشر وصايا؛ وأيضاً بذار كلمة الإنجيل التي إذا كان مقدارها عشر عشرات أي مائة تأتي يثمر كامل: “وسقط آخر على الأرض الجيدة. فأعطى ثمراً. بعض مائة وآخر ستّين وآخر ثلاثين[6]“.

وأمّا المزروع على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم. وهو الذي يأتي بثمر فيصنع بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثين[7]“.

وكذلك أيضاً اسحق حينما زرع الشعير كان يأتي به إلى مائة ضعف من الحبوب: “وزرع اسحق في تلك الأرض فأصاب في تلك السنة مئة ضعف وباركه الرب[8]“.

وأيضاً داود النبي المرتّل صدر إليه الأمر بأن يغنّي على قيثارة لها عشرة أوتار. “وعلى ذات عشرة أوتار وعلى الرباب على عزف العود[9]“. “يا الله أرنّم لك ترنيمة جديدة برباب ذات عشرة أوتار أرنّم لك[10]“.

 

ماذا كان يتمّ إذن في يوم الكفارة هذا؟ “وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ الَّذِي يَمْسَحُهُ وَالَّذِي يَمْلأ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضاً عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ، وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ الْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ الْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ الْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ. وَتَكُونُ هَذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ». فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. [11]

 

أعتقد أنّ ذلك هو مغزى اليوم الحاضر. وفيه كذلك نحتفل بذكرى هذين الأبوين القدّيسين. وإذا قلنا إنّهما يباركان اليوم بداية العام، فإنّنا في ذلك لا نكون قد حِدْنا عن اللياقة، لأنّ باكورة البركة، تعيين سفير شهير أو قائد جيش تقيّ جدير بالمديح من المشرق، جلبها لنا هذان الرئيسان الحقيقيان، وهما المكرّسان المعززان للرب اللذان يستطيعان أن يصيحا مع بولس الرسول: “فأطلب إليكم أن تكونوا متمثّلين بي[12]“. “كونوا متمثّلين بي كما أنا أيضاً بالمسيح[13]“.

إنّهما يظهران هكذا، إذ يقدّمان الآن الذبائح العقلية، ويمارسان الكهنوت ويصعدان الطلبات الطاهرة جدًّا من أجل قدس الأقداس، من أجل المذبح، ومن أجلنا نحن الكهنة أنفسنا الذين نقف أمام قدس الأقداس، أمام المذبح دون أن نكون مستحقّين، كي لا نُدان لا من أجل السلوك ولا من أجل الكلمة؛ لأنّ هذا ما تهدف إليه الذبيحة والصلاة من أجل المذبح، الذبيحة والصلاة من أجل قدس الأقداس، لكي على قدر استطاعتنا يظلاّن مقدّسين دون أن تلوّثهما أعمالنا وفساد البدع.

وهذا بالفعل ما كان الله رب السموات والأرض يعيبه بمرارة شديدة بواسطة أنبيائه أيضاً، على البعض الذين يدنّسون اسمه وهيكله أيضاً ويعطون الأمم فرصة للتجديف.

“كهنتها خالفوا شريعتي ونجّسوا أقداسي. لم يميّزوا بين المقدّس والمحلّل، ولم يعلموا الفرق بين النجس والطاهر، وحجبوا عيونهم عن سبوتي فتدنّست في وسطهم[14]“.

“لذلك فقُلْ لبيت إسرائيل، هكذا قال السيد الرب. ليس لأجلكم أنا صانع يا بيت إسرائيل بل لأجل اسمي القدوس الذي نجّستموه في الأمم حيث جئتم[15]“.

إذاً فإنّه لأجلنا نحن الذين نباشر الكهنوت في كلّ وقت وبالأخصّ في هذا اليوم الحاضر، لأجل كلّ الكنيسة أيضاً، احسب أنّ هذه الذبائح المعقولة والصلوات يقدّمها هذان الرئيسان العجيبان الكاملان باسيليوس وغريغوريوس، وهما اللذان تنظر إليهما كأنّهما رئيس كهنة حقيقي واحد، لأنّ لهما روح واحدة، ولهما نفس الأفكار، وقد ركضا نحو قمّة واحدة مرتفعة هي قمة الكمال. وبالفعل قد أظهرا في نفسيهما بالوقائع ذاتها رداء الرعاية الذي كان قديماً يصفه الناموس حسب الشكل، وتحقّق أخيراً بالكمال بالإنجيل حسب الحقيقة.

“وَهَذِهِ هِيَ الثِّيَابُ الَّتِي يَصْنَعُونَهَا: صُدْرَةٌ وَرِدَاءٌ وَجُبَّةٌ وَقَمِيصٌ مُخَرَّمٌ وَعِمَامَةٌ وَمِنْطَقَةٌ. فَيَصْنَعُونَ ثِيَاباً مُقَدَّسَةً لِهَارُونَ أَخِيكَ وَلِبَنِيهِ لِيَكْهَنَ لِي. وَهُمْ يَأْخُذُونَ الذَّهَبَ وَالأَسْمَانْجُونِيَّ وَالأُرْجُوَانَ وَالْقِرْمِزَ وَالْبُوصَ.

فَيَصْنَعُونَ الرِّدَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِقٍ. يَكُونُ لَهُ كَتِفَانِ مَوْصُولاَنِ فِي طَرَفَيْهِ لِيَتَّصِلَ. وَزُنَّارُ شَدِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ يَكُونُ مِنْهُ كَصَنْعَتِهِ. مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ. وَتَأْخُذُ حَجَرَيْ جَزْعٍ وَتَنْقُشُ عَلَيْهِمَا أَسْمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. سِتَّةً مِنْ أَسْمَائِهِمْ عَلَى الْحَجَرِ الْوَاحِدِ وَأَسْمَاءَ السِّتَّةِ الْبَاقِينَ عَلَى الْحَجَرِ الثَّانِي حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ. صَنْعَةَ نَقَّاشِ الْحِجَارَةِ نَقْشَ الْخَاتِمِ تَنْقُشُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى حَسَبِ أَسْمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. مُحَاطَيْنِ بِطَوْقَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ تَصْنَعُهُمَا. وَتَضَعُ الْحَجَرَيْنِ عَلَى كَتِفَيِ الرِّدَاءِ حَجَرَيْ تِذْكَارٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. فَيَحْمِلُ هَارُونُ أَسْمَاءَهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ عَلَى كَتِفَيْهِ لِلتِّذْكَارِ. وَتَصْنَعُ طَوْقَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. وَسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. مَجْدُولَتَيْنِ تَصْنَعُهُمَا صَنْعَةَ الضَّفْرِ. وَتَجْعَلُ سِلْسِلَتَيِ الضَّفَائِرِ فِي الطَّوْقَيْنِ.

«وَتَصْنَعُ صُدْرَةَ قَضَاءٍ – صَنْعَةَ حَائِكٍ حَاذِقٍ كَصَنْعَةِ الرِّدَاءِ تَصْنَعُهَا. مِنْ ذَهَبٍ وَأَسْمَانْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ وَقِرْمِزٍ وَبُوصٍ مَبْرُومٍ تَصْنَعُهَا. تَكُونُ مُرَبَّعَةً مَثْنِيَّةً طُولُهَا شِبْرٌ وَعَرْضُهَا شِبْرٌ. وَتُرَصِّعُ فِيهَا تَرْصِيعَ حَجَرٍ أَرْبَعَةَ صُفُوفِ حِجَارَةٍ. صَفُّ عَقِيقٍ أَحْمَرَ وَيَاقُوتٍ أَصْفَرَ وَزُمُرُّدٍ: الصَّفُّ الأَوَّلُ. وَالصَّفُّ الثَّانِي: بَهْرَمَانٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ. وَالصَّفُّ الثَّالِثُ: عَيْنُ الْهِرِّ وَيَشْمٌ وَجَمَشْتٌ. وَالصَّفُّ الرَّابِعُ: زَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ. تَكُونُ مُطَوَّقَةً بِذَهَبٍ فِي تَرْصِيعِهَا. وَتَكُونُ الْحِجَارَةُ عَلَى أَسْمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَسْمَائِهِمْ. كَنَقْشِ الْخَاتَمِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى اسْمِهِ تَكُونُ لِلاِثْنَيْ عَشَرَ سِبْطاً. «وَتَصْنَعُ عَلَى الصُّدْرَةِ سَلاَسِلَ مَجْدُولَةً صَنْعَةَ الضَّفْرِ مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. وَتَصْنَعُ عَلَى الصُّدْرَةِ حَلْقَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. وَتَجْعَلُ الْحَلْقَتَيْنِ عَلَى طَرَفَيِ الصُّدْرَةِ. وَتَجْعَلُ ضَفِيرَتَيِ الذَّهَبِ فِي الْحَلْقَتَيْنِ عَلَى طَرَفَيِ الصُّدْرَةِ. وَتَجْعَلُ طَرَفَيِ الضَّفِيرَتَيْنِ الآخَرَيْنِ فِي الطَّوْقَيْنِ وَتَجْعَلُهُمَا عَلَى كَتِفَيِ الرِّدَاءِ إِلَى قُدَّامِهِ. وَتَصْنَعُ حَلْقَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَتَضَعُهُمَا عَلَى طَرَفَيِ الصُّدْرَةِ عَلَى حَاشِيَتِهَا الَّتِي إِلَى جِهَةِ الرِّدَاءِ مِنْ دَاخِلٍ. وَتَصْنَعُ حَلْقَتَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. وَتَجْعَلُهُمَا عَلَى كَتِفَيِ الرِّدَاءِ مِنْ أَسْفَلُ مِنْ قُدَّامِهِ عِنْدَ وَصْلِهِ مِنْ فَوْقِ زُنَّارِ الرِّدَاءِ. وَيَرْبُطُونَ الصُّدْرَةَ بِحَلْقَتَيْهَا إِلَى حَلْقَتَيِ الرِّدَاءِ بِخَيْطٍ مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ لِتَكُونَ عَلَى زُنَّارِ الرِّدَاءِ. وَلاَ تُنْزَعُ الصُّدْرَةُ عَنِ الرِّدَاءِ. فَيَحْمِلُ هَارُونُ أَسْمَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي صُدْرَةِ الْقَضَاءِ عَلَى قَلْبِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ لِلتِّذْكَارِ أَمَامَ الرَّبِّ دَائِماً. وَتَجْعَلُ فِي صُدْرَةِ الْقَضَاءِ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ لِتَكُونَ عَلَى قَلْبِ هَارُونَ عِنْدَ دُخُولِهِ أَمَامَ الرَّبِّ. فَيَحْمِلُ هَارُونُ قَضَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى قَلْبِهِ أَمَامَ الرَّبِّ دَائِماً.

«وَتَصْنَعُ جُبَّةَ الرِّدَاءِ كُلَّهَا مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ وَتَكُونُ فَتْحَةُ رَأْسِهَا فِي وَسَطِهَا. وَيَكُونُ لِفَتْحَتِهَا حَاشِيَةٌ حَوَالَيْهَا صَنْعَةَ الْحَائِكِ. كَفَتْحَةِ الدِّرْعِ يَكُونُ لَهَا. لاَ تُشَقُّ. وَتَصْنَعُ عَلَى أَذْيَالِهَا رُمَّانَاتٍ مِنْ أَسْمَانْجُونِيٍّ وَأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ. عَلَى أَذْيَالِهَا حَوَالَيْهَا. وَجَلاَجِلَ مِنْ ذَهَبٍ بَيْنَهَا حَوَالَيْهَا. جُلْجُلَ ذَهَبٍ وَرُمَّانَةً جُلْجُلَ ذَهَبٍ وَرُمَّانَةً عَلَى أَذْيَالِ الْجُبَّةِ حَوَالَيْهَا. فَتَكُونُ عَلَى هَارُونَ لِلْخِدْمَةِ لِيُسْمَعَ صَوْتُهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ أَمَامَ الرَّبِّ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ لِئَلاَّ يَمُوتَ.

«وَتَصْنَعُ صَفِيحَةً مِنْ ذَهَبٍ نَقِيٍّ. وَتَنْقُشُ عَلَيْهَا نَقْشَ خَاتِمٍ «قُدْسٌ لِلرَّبِّ». وَتَضَعُهَا عَلَى خَيْطٍ أَسْمَانْجُونِيٍّ لِتَكُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ. إِلَى قُدَّامِ الْعِمَامَةِ تَكُونُ فَتَكُونُ عَلَى جِبْهَةِ هَارُونَ. فَيَحْمِلُ هَارُونُ إِثْمَ الأَقْدَاسِ الَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعِ عَطَايَا أَقْدَاسِهِمْ. وَتَكُونُ عَلَى جِبْهَتِهِ دَائِماً لِلرِّضَا عَنْهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ. وَتُخَرِّمُ الْقَمِيصَ مِنْ بُوصٍ وَتَصْنَعُ الْعِمَامَةَ مِنْ بُوصٍ وَالْمِنْطَقَةُ تَصْنَعُهَا صَنْعَةَ الطَّرَّازِ.[16]

“«وَهَذَا مَا تَصْنَعُهُ لَهُمْ لِتَقْدِيسِهِمْ لِيَكْهَنُوا لِي: خُذْ ثَوْراً وَاحِداً ابْنَ بَقَرٍ وَكَبْشَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَخُبْزَ فَطِيرٍ وَأَقْرَاصَ فَطِيرٍ مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ وَرِقَاقَ فَطِيرٍ مَدْهُونَةً بِزَيْتٍ. مِنْ دَقِيقِ حِنْطَةٍ تَصْنَعُهَا. وَتَجْعَلُهَا فِي سَلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَتُقَدِّمُهَا فِي السَّلَّةِ مَعَ الثَّوْرِ وَالْكَبْشَيْنِ. «وَتُقَدِّمُ هَارُونَ وَبَنِيهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَتَغْسِلُهُمْ بِمَاءٍ. وَتَأْخُذُ الثِّيَابَ وَتُلْبِسُ هَارُونَ الْقَمِيصَ وَجُبَّةَ الرِّدَاءِ وَالرِّدَاءَ وَالصُّدْرَةَ وَتَشُدُّهُ بِزُنَّارِ الرِّدَاءِ وَتَضَعُ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَتَجْعَلُ الْإِكْلِيلَ الْمُقَدَّسَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَتَأْخُذُ دُهْنَ الْمَسْحَةِ وَتَسْكُبُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَتَمْسَحُهُ. وَتُقَدِّمُ بَنِيهِ وَتُلْبِسُهُمْ أَقْمِصَةً. وَتُنَطِّقُهُمْ بِمَنَاطِقَ هَارُونَ وَبَنِيهِ. وَتَشُدُّ لَهُمْ قَلاَنِسَ. فَيَكُونُ لَهُمْ كَهَنُوتٌ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً. وَتَمْلَأُ يَدَ هَارُونَ وَأَيْدِيَ بَنِيهِ.

«وَتُقَدِّمُ الثَّوْرَ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الثَّوْرِ. فَتَذْبَحُ الثَّوْرَ أَمَامَ الرَّبِّ عِنْدَ بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ. وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَتَجْعَلُهُ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ بِإِصْبِعِكَ وَسَائِرَ الدَّمِ تَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ. وَتَأْخُذُ كُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي يُغَشِّي الْجَوْفَ وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالشَّحْمَ الَّذِي عَلَيْهِمَا وَتُوقِدُهَا عَلَى الْمَذْبَحِ. وَأَمَّا لَحْمُ الثَّوْرِ وَجِلْدُهُ وَفَرْثُهُ فَتَحْرِقُهَا بِنَارٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. هُوَ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ.

«وَتَأْخُذُ الْكَبْشَ الْوَاحِدَ فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. فَتَذْبَحُ الْكَبْشَ وَتَأْخُذُ دَمَهُ وَتَرُشُّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. وَتَقْطَعُ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ وَتَغْسِلُ جَوْفَهُ وَأَكَارِعَهُ وَتَجْعَلُهَا عَلَى قِطَعِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ وَتُوقِدُ كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. هُوَ مُحْرَقَةٌ لِلرَّبِّ. رَائِحَةُ سُرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ.

«وَتَأْخُذُ الْكَبْشَ الثَّانِيَ. فَيَضَعُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. فَتَذْبَحُ الْكَبْشَ وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ وَتَجْعَلُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ وَعَلَى شَحْمِ آذَانِ بَنِيهِ الْيُمْنَى وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ الْيُمْنَى. وَتَرُشُّ الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. وَتَأْخُذُ مِنَ الدَّمِ الَّذِي عَلَى الْمَذْبَحِ وَمِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ وَتَنْضِحُ عَلَى هَارُونَ وَثِيَابِهِ وَعَلَى بَنِيهِ وَثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ فَيَتَقَدَّسُ هُوَ وَثِيَابُهُ وَبَنُوهُ وَثِيَابُ بَنِيهِ مَعَهُ. ثُمَّ تَأْخُذُ مِنَ الْكَبْشِ: الشَّحْمَ وَالْإِلْيَةَ وَالشَّحْمَ الَّذِي يُغَشِّي الْجَوْفَ وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالشَّحْمَ الَّذِي عَلَيْهِمَا وَالسَّاقَ الْيُمْنَى. فَإِنَّهُ كَبْشُ مِلْءٍ. وَرَغِيفاً وَاحِداً مِنَ الْخُبْزِ وَقُرْصاً وَاحِداً مِنَ الْخُبْزِ بِزَيْتٍ وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً مِنْ سَلَّةِ الْفَطِيرِ الَّتِي أَمَامَ الرَّبِّ وَتَضَعُ الْجَمِيعَ فِي يَدَيْ هَارُونَ وَفِي أَيْدِي بَنِيهِ وَتُرَدِّدُهَا تَرْدِيداً أَمَامَ الرَّبِّ. ثُمَّ تَأْخُذُهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَتُوقِدُهَا عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْمُحْرَقَةِ رَائِحَةَ سُرُورٍ أَمَامَ الرَّبِّ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ.

«ثُمَّ تَأْخُذُ الْقَصَّ مِنْ كَبْشِ الْمِلْءِ الَّذِي لِهَارُونَ وَتُرَدِّدُهُ تَرْدِيداً أَمَامَ الرَّبِّ فَيَكُونُ لَكَ نَصِيباً. وَتُقَدِّسُ قَصَّ التَّرْدِيدِ وَسَاقَ الرَّفِيعَةِ الَّذِي رُدِّدَ وَالَّذِي رُفِعَ مِنْ كَبْشِ الْمِلْءِ مِمَّا لِهَارُونَ وَلِبَنِيهِ فَيَكُونَانِ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُمَا رَفِيعَةٌ. وَيَكُونَانِ رَفِيعَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ ذَبَائِحِ سَلاَمَتِهِمْ رَفِيعَتَهُمْ لِلرَّبِّ.

«وَالثِّيَابُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي لِهَارُونَ تَكُونُ لِبَنِيهِ بَعْدَهُ لِيُمْسَحُوا فِيهَا وَلِتُمْلأَ فِيهَا أَيْدِيهِمْ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَلْبِسُهَا الْكَاهِنُ الَّذِي هُوَ عِوَضٌ عَنْهُ مِنْ بَنِيهِ الَّذِي يَدْخُلُ خَيْمَةَ الاِجْتِمَاعِ لِيَخْدِمَ فِي الْقُدْسِ.[17]

“فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ. وَجَعَلَ عَلَيْهِ الْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِالْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ الْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ الرِّدَاءَ وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ الرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ. وَوَضَعَ عَلَيْهِ الصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي الصُّدْرَةِ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ. وَوَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَوَضَعَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ الذَّهَبِ الإِكْلِيلَ الْمُقَدَّسَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.[18]

 

قد ارتديا الحلّة الكهنوتية بأعمالهما، بعد أن اغتسلا أوّلاً بمياه الفلسفة وحياة الرهبنة. لقد سار باسيليوس نحو حياة التوحّد الطاهرة بعيداً عن مساكن الناس المنغمسين في المادة. وكان غريغوريوس يرعى أباه المريض فكان يسلك في المدينة بالصبر الحقيقي زاهداً في أسلوب حياة اللامبالاة، لدرجة أنّه كان أحياناً يجعل الصمت الكامل للسانه قاعدة.

وإذ شدّا وسطيهما بحزام ضبط النفس والامتناع عن الشهوات، تمسّكا بالبتولية، وغلبا بالقوة هياج الأهواء المخزية وحرارتها. عاملا إنسان الشرّ العتيق بعنف وقاوماه، وأتيا بنفسيهما إلى الإنسان الجديد حسب الطبيعة. وبعد أن مرّا معاً بهذا الحزم بكلّ ترتيب التعاليم المعقولة مجتهدين في الاهتمام بها، دُعِيا إلى أوج الحكمة الإلهية، وذاقا ذبائحها واشتركا في شرابها. “ذبحت ذبحها مزجتْ خمرَها. أيضاً رتّبتْ مائدتها[19]“. واشتهيا حلاوة الكلمات الإلهية، ورغبا فيها بطريقة حسية فلم يبتعدا عنها، بل تمتّعا بها وامتلآ منها بكلّ قوّتهما دون أن يشبعا.

ردعا البدع الكاذبة في التعاليم الدنيوية، واستخدما ضعفها لكي يؤكّدا الحق. هكذا قبل مسحهما بمسحة رئاسة الكهنوت، كانا قد لبسا الحلّة البهية التي تختلف باختلاف ألوان الفضائل وتنوّعها، وهذا ما يُشير إليه نموذج الملابس المذكور في الناموس، القرمز والكتّان والمواد الشبيهة. كانا يلبسان التونية التي تنزل حتّى القدمين كاملةً من الطرف الأوّل إلى الطرف الآخر، حتّى أنّه لا يوجد شيء لا تغطّيه الفضيلة.

وأيضاً قد تمنطقا بالزنار الكهنوتي الذي يلتفّ حول التونية معطياً بهاءً في الشكل، ومن ناحية أخرى، لا يضغط بقوة ويحفظ الطهارة. كانا يتذكّران فعلاً ذلك الذي كلّم حزقيال وقال عن الكهنة: “ولتكن عصائب من كتّان على رؤوسهم ولتكن سراويل من كتّان على أحقائهم. لا يتنطّقون بما يُعَرِّق[20]“. لأنّه يجب أن يبدأ الكهنة بمعاملة هجمات الشهوات القوية معاملة عنيفة، وأن يبدأوا بالاجتهاد في الأعمال، وسوف يمتلكون زناراً لا يعامل بعد بالعنف، بل يضمن الطهارة ويحفظها ويذكّر بها.

وقد لبسا أيضاً الحلة الداخلية وهي ضمن الملابس الكهنوتية أيضاً، منسوجة ابتداءً من أسفل كمثل تصاعد الفضائل، وتعطى على قدر الاستطاعة معرفة الأسرار المخفية التي لا ينطق بها. كان قميص المسيح هو وحده القميص المنسوج ابتداء من فوق.

“ثم أنّ العسكر لما كانوا قد صلبوا يسوع أخذوا ثيابه وجعلوها أربعة أقسام لكل عسكري قسماً. وأخذوا القميص أيضاً. وكان القميص بغير خياطة منسوجاً كلّه من فوق[21]“.

لأنّه الكلمة العليّ الذي يُنزل علينا كنوز الحكمة والمعرفة ويسكبها من فوق.

“المدّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم[22]“.

لا يحتاج إلى التدريب على الفضائل، إذ أنّه الذي لا يعرف خطية.

“لأنّه جعل الذي لم يعرف خطية خطيّة لأجلنا لنصير نحن برّ الله فيه[23]“. وهو يُعطينا مثال الحياة الفضلى بما كان يفعله حسب التدبير الإلهي.

هذان الشجيعان(؟) لم يكن لتنقصهما أيضاً العلامات الرمزية التي توضع فوق الأكتاف[24]. فوضعا بتهليل واحدة منها على كلّ كتف. كانت هذه أيضاً مثل أحزمة موضوعة على الأكتاف، إذ كانت مثل السلاسل منسوجة من الذهب ومن خيوط أخرى ذات ألوان جميلة. كانت تحيط بصدريهما وفي نفس الوقت تشدّ التونية الكهنوتية. كانت تصوّر محبّة العمل وممارسة الفضائل العقلية. وكان يُشير إليها الكتاب المقدّس الذي يقول عن يساكر أحد أبناء يعقوب: “انزلق وهو يحني كتفه لكي يعمل وأصبح إنساناً يزرع الأرض”.

كان مخلّصنا الصالح يلوم الفرّيسيين لأنّهم “يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها على أكتاف الناس وهم لا يُريدون أن يحرّكوها بإصبعهم[25]“. ومن ناحية أخرى، كان باسيليوس وغريغوريوس يحملان الصبر ومحبة العمل ترمز إليها الشارات اللامعة على أكتافهما. كانا يُعطيان مثالاً للعمل الذين كانوا تحت سلطانهما، وبأعمالهما، وكانا يشجعان بالقدوة الحسنة عليه، ويصيحان أنّ نير الإنجيل هيّن وحمله خفيف. “لأنّ نيري هيّن وحملي خفيف[26]“.

وعلى صدرهما أيضاً كانت صدرة القضاء. وبالنسبة للحواس، كانت حسب النموذج المذكور في الناموس، نسيجاً مزدوجاً طوله مثل عرضه، وكانت مزيّنة أيضاً بالذهب وبألوان صبغة، فهي تزدان من فوق بأربعة صفوف من الحجارة الكريمة. وبالنسبة للمعنى العقلي، كانت تشير إلى الطهارة المؤثرة المختبرة، فهي للروح رداء. وهذا فعلاً ما يرمز إليه الذهب، كما ترمز الحجارة البرّاقة إلى الرأي الثابت السليم المتّصل بالإعمال الصالحة المعلن لكلّ الناس الواضح غير المتغيّر.

وهي بعدد الأربعة صفوف تعني أنّ الصدرة كانت مغلفة من كل ناحية. كانت مثنية لأنّ ذلك القماش كان مبطّناً وملفوفاً على نفسه، وذلك كان يعني أنّه يجب على الكاهن أن يعامل حركات فكره المعقولة كما لو كانت جديدة، ويراجعها حتّى يكون في مأمن من كلّ جانب.

إذن جين كان هذا الرئيسان في الكهنوت يحملان صدرة القضاء المصنوعة بهذا الكمال، كانت لهم المعرفة وكان لديهم الحق.

“وتجعل في صدرة القضاء الأوريم والتميم لتكون على قلب هرون عند دخوله أمام الرب. فيحمل هرون قضاء بني إسرائيل على قلبه أمام الرب دائماً[27]“.

“ووضع عليه الصدرة وجعل في الصدرة الأوريم والتميم[28]“.

فكانت الصدرة مشغولة بفنّ يقع تحت الحواس حسب كتاب الناموس: وبالنسبة للناحية العقلية كانت تشير إلى الإعلانات العالية عن الأشياء الإلهية وإلى ظهور الحقّ. فإنّ من يمتلك في طهارته الحركة المعقولة مستنيرًا ومتقوّيًا، يتألّق بالنور الحقيقي.

بعد أن استنار هذان القدّيسان اللذان نحتفل بهما بذلك النور، أظهرا تعاليم غزيرة غنية، مليئة. كانا يقوّمان الأخلاق الشرسة المتوحّشة ويهذّبانها، فيجري التأمّل الطبيعي في حكمة الخالق كما يجري من أماكن سرية؛ تلك الحكمة التي نراها في الخلائق المنظورة التي تملأ العالم، وكانا يُدركان سموّ علم اللاهوت من فوق بالذهن والكلمة، على قدر ما تصل إليه الأفهام، وينقلانه إلى الآخرين برأي مستساغ متّزن.

وكما كانا يلبسان الرداء صدرة القضاء كانا مدبرين ووكيلين روحانيين لعمق الكتاب الإلهي، لا يحتقران جمال الحرف الظاهري وبساطته الخارجية ويغترفان ويمتصان غنى الروح المخفي في الكتاب المقدس حسب درجات العلم الراسخ، ولا يسكران بكأس الجهل الذي يحوي مختلف التفسيرات الخاطئة أو الخيالية التي تشرّبت بخداع الهراطقة وسفاهتهم، وزوّدت جمال الحقيقة بالروايات الخيالية التي تليق بتفسير الأحلام.

كان الأفضل لهؤلاء أن يهانوا حسب طريقة اليهود تبعاً لفهمهم السقيم للكتاب، من أن يصلوا بكبرياء جاهلة وقحة إلى القش الخفيف غير المعقول الذي يليق بالحيوانات بدلاً من القمح المغذّي الذي يليق بالأرواح العاقلة.

وحقًّا قال أحد الأنبياء في كلمات شبيهة: “أنّهم يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة. زرع ليس له غلّة لا يصنع دقيقاً. وإن صنع، فالغرباء تبتلعه[29]“.

ولكن لم يكن باسيليوس الكبير وغريغوريوس الثاولوغوس كذلك. هما بالنسبة لي رداء العقل والأحكام والمعرفة والحق. وإنّي أقارن كلماتي الفقيرة من جميع الوجوه، بتعاليمهما الملهم بها من الله. فإذا وجدتُ مع كثرة تأمّلي في تعاليمهما أنّ كلماتي لا تعكس صورة مشابهة لما تقدّمه تعاليمهما، فإنّي في الحال أصحّحها وأجتهد أن أرفعها إلى مستوى أشبه بتعاليمهما.

إنّهما من أجل ذلك كان رداء آرائهما سميكاً صلباً قويًّا، لأنّه حسب إحدى وصايا الناموس، كان معلّقاً بتلك الكتافيات الموضوعة على أكتافهما، مجتمعاً ومرتبطاً بالصبر ومحبة العمل. وبالفعل يقول الكتاب بوضوح: “ويربطون الصدرة بحلقتيهما إلى حلقتي الرداء بخيط من أسمانجوني لتكون على زنار الرداء. ولا تنزع الصدرة عن الرداء[30]“.

كانت الكتافية منسوجة مثل السلسلة، وكانت لها دروع صغيرة طويلة مرتبطة بها تجمعها بهذا الرداء. وكانت مصنوعة من الذهب بمزيج من ألوان كثيرة. وكان يمكن بسبب شكلها الدائري تسميتها عجلات أو أطباق صغيرة أو شيء من هذا القبيل. ولكنه يليق بالأكثر أن نسمّيها دروعاً صغيرة ومستديرة، أو مستطيلة، لأنّه يجب أن يُحاط رئيس الكهنة من أمامه ومن خلفه بدروع اليقظة فينذر، خشية أن تضرب فكرة معادية من الأرواح الشريرة هذا الرداء، فيضطرب فحص الأحكام وتبعد عنه المعرفة والحق بسبب اختلاط الشرّ.

يجب أن يقدم رئيس الكهنة هذا الدرع الذي يسمعون قضاءه، كمجاهد أول ورئيس أركان حرب، فيتعلّموا ويشتركوا في نور المعرفة والحق؛ وأن يطرد عنهم كلّ سهم يأتي من الغزاة. وهكذا دافع باسيليوس وغريغوريوس عن الكنيسة، حينما قاوما بشجاعة ضربات وهجمات الأعداء آريوس وأمونيوس ومقدونيوس؛ وهما الآن أيضاً يدافعان عن الكنيسة باستعدادهما ضدّ كل هرطقة فيقلبانها وينتصران عليها.

“إنّهما يحملان السلاح المقدس على جبهتيهما[31]“. ومع بولس ينظران “مجد الرب بوجه مكشوف[32]“. إنّهما يتوّجان رأسيهما بتاج ذي مظهر جميل ناتج عن كلّ هذه الزينة. وعلى رأسيهما الإكليل الثلاثي المستدير المدبّب الرفيع يظهر بشكل ما كأنّه السماء، وهو يُشير إشارة تامّة بوضوح يليق بالكهنة، إلى أنّهم مواطنو ملكوت السموات لابسو الفضائل المتقدّمة من أسفل إلى أعلى.

ليتنا جميعاً لا نظهر هناك غرباء في يوم الدين بالنعمة وبمحبة الله العظيم ومخلّصنا يسوع المسيح الذي له المجد مع الآب والروح القدس، الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدهور. آمين.

 

الهوامش :


[1] لا 16/29

[2] تك 2/3

[3] تك 7/ 2-3

[4] تك 28/ 22

[5] تك 14/20

[6] مت 13/8

[7] تك 13/ 23

[8] تك 26/ 12

[9] مز 92/3

[10] مز 144/9

[11] لا 16/ 32-34

[12] 1كو 4/16

[13] 1كو 11/1

[14] حز 22/ 26

[15] حز  36/ 22

[16] خر 28/ 4-39

[17] خر 29/ 1-30

[18] لا 8/ 6-9

[19] أم 9/2

[20] حز 44/18

[21] يو 19/ 23

[22] كو2/3

[23] 2كو 5/21

[24] خر 28/ 6-14

[25] مت 23/4

[26] مت 11/30

[27] خر 18/30

[28] لا 8/8

[29] هو 8/7

[30] خر 28/ 28

[31] خر 28/ 26-28

[32] 2كو 3/18