Skip to content Skip to footer

لقاء اللجنة الدولية السابع عشر-2020

تقرير اللجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي
بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية

العطشانة – لبنان، 26 كانون الثاني – 1 شباط 2020

في الفترة الممتدّة من 26 كانون الثاني حتّى 1 شباط 2020، عُقد اللقاء السابع عشر للّجنة الدوليّة المشتركة للحوار اللاهوتيّ بين الكنيسة الكاثوليكيّة والكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة، بضيافة بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، في المقرّ البطريركي في العطشانة – لبنان. ترأّس الاجتماع نيافة الكاردينال كورت كوخ رئيس المجلس الحبريّ لتعزيز الوحدة بين المسيحيّين، عن العائلة الكاثوليكيّة، ونيافة الأنبا كيرلّس الأسقف العامّ المساعد في أبرشية لوس أنجيلوس للأقباط الأرثوذكس، عن العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة. وقد مثّل كنيسة أنطاكية السريانيّة الأرثوذكسيّة في هذا الاجتماع نيافة المطران مار ثاوفيلوس جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس ونيافة المطران مار ثاوفيلوس قرياقوس، مطران الإكليريكيّة اللاهوتيّة ورئيس مكتب العلاقات المسكونيّة في الكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة الملنكاريّة، في الهند. وحضر الاجتماع أيضًا، بصفة مراقب، نيافة المطران مار بوليكربوس أوكين أيدين، النائب البطريركيّ في هولندا.

وقد شارك في الاجتماع أعضاء اللجنة الذين يمثّلون الكنائس الكاثوليكيّة: اللاتينيّة، السريانيّة الكاثوليكيّة، السريانيّة المارونيّة، الأرمنيّة الكاثوليكيّة، القبطيّة الكاثوليكيّة، والحبشيّة الكاثوليكيّة، والكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة: القبطيّة الأرثوذكسية، السريانيّة الأرثوذكسية، الأرمنيّة الأرثوذكسيّة لكرسي أتشميادزين – أرمينيا، وكرسي كيليكيا – أنطلياس – لبنان، والأثيوبيّة الأرثوذكسيّة.

يوم الاثنين 27 كانون الثاني 2020، التقى قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بأعضاء اللجنة بعد صلاة المساء، فرحّب بهم وتحدّث عن أهمية الحوار بين الكنائس، والمراحل المختلفة التي مرّ بها بالإضافة إلى تطوّر العمل في تقريب الكنائس أكثر نحو الوحدة في المسيح، رأس الكنيسة وعظيم أحبارها. كما شدّد على دور الكنائس الرسوليّة في حفظ إيمان الرسل والآباء وتعاليمهم. وأشاد قداسته بعمل اللجنة وشجّع أعضاءها على الاستمرار في بذل الجهود للوصول إلى الوحدة الكاملة بين الكنائس. واغتنم قداسته فرصة اللقاء لشرح الوضع العصيب للكنيسة السريانيّة في الهند.

بدورهم، شكر أعضاء اللجنة قداسة سيدنا البطريرك والبطريركية السريانيّة الأرثوذكسية على كرم الضيافة. ثمّ قدّم نيافة الكردينال كورت كوخ عرضًا موجزًا عن أعمال اللجنة وأهم النتائج التي توصّلت إليها.

كما لبّى أعضاء اللجنة دعوة غبطة البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكيّ، الذي استقبلهم في 28 كانون الثاني، في مقرّ الكرسي البطريركيّ في المتحف – بيروت، وأثنى على عملهم في التقريب بين العائلتين الكنسيّتين الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة الشرقيّة.

ويوم الخميس الواقع في الثلاثين من شهر كانون الثاني، زار أعضاء اللجنة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة في مقرّه البطريركي في بكركي، حيث حدّثهم عن الأوضاع الراهنة في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، ليقوموا بعدها بزيارة صلاة إلى مزار سيّدة لبنان في حريصا.

أمّا بخصوص أعمال اللجنة، فقد اجتمع أعضاء اللجنة في لقاءات منفصلة لكلّ عائلة على حدة، الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية.

ثمّ عُقدت الاجتماعات المشتركة التي كانت تُستهَلّ بمختارات من كتاب صلوات أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس لهذا العام.

وتناولت اجتماعات اللجنة المواضيع الـمُدرجة على جدول الأعمال، وتمحورت حول الخصائص الجوهريّة واللاهوتيّة للأسرار، بعد أن كانت اللجنة قد انتهت من تناوُل كلّ سرٍّ من الأسرار السبعة على حدة في الاجتماعات السابقة.

ودرست مجموعة أوراق عمل وأبحاث قُدِّمت في هذا الإطار.

وأكّد أعضاء اللجنة في اجتماعاتهم على أنّ ثمار عمل المسيح الخلاصيّ تُعطى في التاريخ البشري عبر علامات حسّية وأفعال رمزيّة تمنح للمؤمنين النعمة فتجعلهم “شركاء الطبيعة الإلهيّة” (2بطرس 1/4). وضمن التدبير الخلاصي، ميّزت الكنيسة بعض الأعمال والممارسات الضرورية من أجل تقديس المؤمنين وبناء جسد المسيح، وهذه تُسمَّى “الأسرار”.

وأشار أعضاء اللجنة إلى أنّ السرّ في كلا التقليدين الشرقيّ والغربيّ، هو شيء أو حدثٌ مرئي أو ملموس يعبّر عن حقيقة سامية. فمصطلح “سرّ” يُستخدَم للإشارة إلى سرّ الثالوث الأقدس والتجسّد والفداء، وكذلك الأعمال الليتورجيّة التي من خلالها يمنح الرب النِّعَم الخلاصية للمؤمنين. وهذا ما خَلُص إليه آباء الكنائس الشرقية والغربية واللاهوتيون عبر العصور، منوّهين إلى أنّه لم يكن للأسرار عدد محدّد عبر التاريخ، لكن في مراحل لاحقة، حدّدت الكنيسة ذات التقليد الغربي (اللاتيني) سبعة أسرار، ثمّ حذت الكنائس الشرقية حذوها لاحقًا، فأضحت الأسرار سبعة: المعمودية، الميرون أو التثبيت، الإفخارستيا، التوبة، الكهنوت، الزواج، ومسحة المرضى، مع الإيمان بأنّ الرب يسوع هو الذي أسّس هذه الأسرار، والرسل نظّموها، والآباء القديسون حفظوها، والمؤمنون مارسوها في الكنيسة، وأنّ سرّ الإفخارستيا هو سرّ الأسرار.

ولفت أعضاء اللجنة إلى أنّ تحديد الأسرار بسبعة ليس للحدّ منها، بل للتعبير عن كمال نعمة الله وعمله الخلاصيّ، إذ أنّ العدد (7) هو الأبلغ تعبيراً عن الكمال في الكتاب المقدس، وهو يعبّر عن وحدة الله مع الخليقة، حيث أنّ العدد (3) يشير إلى الثالوث الأقدس والعدد (4) إلى الخليقة بأسرها في أربعة أقطار العالم.

فحياة الأسرار وعملها وفاعليتها هي مشاركة في سرّ عمل الله الآب الخلاصيّ من خلال ابنه الوحيد الرب يسوع المسيح بقوّة الروح القدس.

ودرس أعضاء اللجنة الأوجه المتعدّدة للأسرار، وكيفيّة ممارستها في الكنائس الشرقيّة والغربيّة، ومن هو الذي يقوم بها ويمنحها، ومن هو الذي يقتبلها، وسواها من الأمور المفصَّلة في القوانين الكنسية، مشيرين إلى أنّ جميع المؤمنين المعمَّدين يشاركون في الأسرار، لكنّ البعض يقومون بمنحها بعد أن يكونوا قد نالوا الرسامة المقدّسة، وأنه فقط في الكنيسة الكاثوليكيّة اللاتينيّة يحقّ للشمامسة أيضًا، فضلاً عن الأساقفة والكهنة، أن يمنحوا سرّي العماد والزواج.

ونوّهوا إلى أنّه بحسب المفهوم الكاثوليكيّ الغربيّ (اللاتينيّ)، فإنّ الزوجين هما مانحا السرّ في سرّ الزواج، بصرف النظر عن ترؤّس أسقف أو كاهن، في حين أنّ مانح سرّ الزواج في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة والكنائس الأرثوذكسيّة الشرقية هو الكاهن أو الأسقف.

وجدّد أعضاء اللجنة التأكيد على أنّ المؤمنين المعمَّدين هم فقط الذين يُمنَحون السرّ، لافتين إلى أنه في حين تقرّ الكنيسة الكاثوليكيّة بصحّة الزواج بين معمَّد وغير معمَّد، فهي لا تعتبر هذا النوع من الزواج سرًّا.

وناقشوا مقاربات كلٍّ من كنائسهم في شؤون سرّ الزواج الذي له خصوصيّة، كونه يشتمل على أطر قانونيّة وأخرى رعويّة.

واطّلع المجتمعون من نيافة الكردينال كوخ على أبرز التطوّرات واللقاءات على الصعيد المسكونيّ، والتي تمّت منذ اجتماع اللجنة في العام المنصرم، فضلاً عن الزيارات المتبادلة بين عدد من رؤساء الكنائس.

وقرّر أعضاء اللجنة عقد اجتماعهم السنوي القادم، بضيافة المجلس الحبريّ لتعزيز الوحدة بين المسيحيّين في الفاتيكان – روما، في الفترة الممتدّة من 24 إلى 30 كانون الثاني عام 2021.

جميع الحقوق محفوظة لموقع دائرة الدراسات السريانية ©