المرأة الشماسة

المرأة الشماسة

في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ـ دراسة تاريخية

 

 الربان فادي عبد الأحد

مدرس مادة الكتاب المقدس

في كلية مار أفرام اللاهوتية

 

 

«إن هاتين السيدتين تزعجان المدينة، لماذا يحترمهما السكان ويكرمونهما أكثر من الأساقفة […]»([1]) في بداية المسيحية كان ينظر للمرأة بمنظارين: منظار إيجابي كلما فسّرت على أنها صورة الكنيسة، وسلبي أو على الأقل أقل مرتبة من الرجل كلما مثّلت على أنها النفس في حين كان الرجل الروح لها. كانت المرأة الجسد الذي يجب أن يتبع الروح، وكانت الحواس المطيعة للعقل (الرجل)([2]) لا بل إن أغلب القصص والوثائق التي وصلتنا عن النساء في الكنيسة كتبتها أيدٍ ذكورية، ولهذا يصعب على الباحث أن يستقصي معلوماته عن المرأة في العصور الأولى للمسيحية بشكل موضوعي.

صورة المرأة هذه كانت قد رُسِمت بفرشاة الدين والثقافة أينما وجدت المرأة نفسها. وبهذا كان على الكنيسة أن تصارع وتتألم كثيراً لكي تجد لها مكاناً مناسباً في الثقافة الهيللينية، مكاناً يضمن للكنيسة هويّتها وأمانتها لسيّدها وفي نفس الوقت يحاكي ثقافة ذلك المجتمع. غير أن المرأة أُبعِدَت بشكل تدريجي عن مراكز صنع القرار في الكنيسة، ومن اعتلاء مناصب ذات سلطة قانونية. فما كان منها إلا الالتجاء إلى طُرُقٍ أخرى وإلى وسائل بديلة لتعبّر عن نفسها فتحقق دعوتها في صنع مستقبل الكنيسة وخدمة ملكوت الله.

في هذا البحث سأتكلم بشيء من الإسهاب عن التطور التاريخي لرتبة الشماسة في الكنيسة السريانية مبتدئاً بالكنيسة الأولى حتى عصرنا هذا. سأذكر في هذا البحث أيضاً رتبة الأرامل لأن بعض الوثائق التاريخية الأولى ساوت بين خدمتهن وخدمة النساء الشماسات في حين أن وثائق أخرى فرّقت بينهن بشكل واضح.

بداية سألقي الضوء على كيفية فهم العهد الجديد لخدمة المرأة. ثانياً، سأتكلم عن وثائق القرن الثاني إلى أوائل القرن الثالث. ثالثاً، سأتكلم عن رتبة الشماسية للبنات في كنائس شرق الأمبراطورية الرومانية فيما بين القرنين الثالث والسابع مسهباً في التدقيق بعض الشيء في كلٍ من «تعليم الرسل»، و«التقليد الرسولي». رابعاً، سأمرّ على بعضٍ من كتابنا السريان الذين ذكروا هذه الرتبة في كتاباتهم اللاهوتية منها والرعوية مبيناً كيف إن رتبة الشماسية للنساء قد انتقلت عبر العصور من المدينة إلى الصحراء ومن الجماعة الكنسية إلى أديرة النساء. قراءتنا للواقع التاريخي للشماسة في الكنيسة سيقودنا إلى أن نكتشف بشيء من المسؤولية لماذا أوجدت الكنيسة أصلاً رتبة الشماسات، ما هي العوامل التاريخية التي لعبت الدور في اضمحلالها، وماذا على الكنيسة بشكل عام أن تتعلم من هذا.

هل هناك أي ذكر لخدمة الشماسة في العهد الجديد؟

دارسو الكتاب المقدس يولون أهمية كبيرة لنصوص العهد الجديد فيما يتعلق بالمرأة وهذا لأن العهد الجديد كان قد كتبَ في بيئة لا تولي المرأة الكثير من الاهتمام أو الحرية. يذكر العهد الجديد للمرأة خدمتها المتميّزة في التتلمذ ليسوع وقت خدمته العلنية على الأرض. فهكذا نقرأ في لوقا البشير: «بَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ وَسُوسَنَّةُ وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ» (لو 8: 2ـ3). هذا يدل على أن البشير لوقا فهم خدمة المرأة كشيء ضروري لا بل كعنصر أساسي لبناء ملكوت الله ونمو الكنيسة المقدسة.

بولس الرسول يخبرنا أيضاً عن فيبي في رسالته إلى أهل رومية: «أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضاً.» (رو 16: 1ـ2). إن الترجمة السريانية لهذا النص توضح أن فيبي كانت ܡܫܰܡܫܳܢܺܝܬ̥ܐ التي تعني «خادمة» أو «شماسة». هذا مما يدل على أن نعت النساء اللواتي كنّ مع السيد المسيح بالشماسات يعود إلى أولى ترجمات العهد الجديد. يبدو أن الشماسة فيبي كانت من النساء الأوَل اللواتي وفّرن عوناً وضيافةَ للرسل في كنخريا منذ الأيام الأولى لانتشار المسيحية.

إلى جانب خدمة الشماسات كان هناك خدمة أخرى تحاول الظهور والتميّز عن مثيلاتها في الكنيسة: هذه كانت خدمة الأرامل. وصفُ الأرامل في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس يشير إلى أن الكنيسة لم تقبل كلّ أرملة في جماعة الأرامل إلا التي لا يقل عمرها عن الستين سنة «مَشْهُوداً لَهَا فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ» (1تي 5: 10). الرسالة نفسها توصف الأرامل بوصفٍ قريبٍ من وصف الشماسة في (3: 8ـ13). ولكن هل يعني هذا أنهنّ كنَّ موكلاتٍ بخدمة إكليريكية؟ A. G. Martimort في كتابه الفريد الشماسات: دراسة تاريخية، يقول: «ما كان لنصوص الكتاب المقدس أن تُقبَلَ على أنها تبرهن على وجود الشماسات في العصر الرسولي لو لم تثبت وثائق القرن الثاني هذا مبيّنة دوام استمرار رتبة الشماسات هذه»([3]).

وثائق القرن الثاني وبداية القرن الثالث

يخبرنا القديس إغناطيوس الأنطاكي (35ـ107 ب.م.)، أحّد أهم آباء الكنيسة الأولى والمعروف برسائله الرسولية وقت استشهاده عن النظام الإداري في الكنيسة، أي الأسقف فالكاهن فالشماس. غير أن رسائله لا تخبرنا عن أي خدمة للنساء. فرسالته إلى أهل سميرنا لا تذكر للأرامل والعذارى أي خدمة تميّزهن عن باقي الشعب: «سلامٌ أيضاً إلى عوائل أخوتي الذين لهم نساء وأطفال، وللعذارى المدعوات أرامل.»([4]) والقديس بوليكاربوس أسقف سميرنا الذي كتب في نفس الحقبة الزمنية لم يتوانَ عن ذكر ما معنى أن تكون المرأة أرملة: «على الأرامل أن تكنَّ متحفّظات حينما يمارسنَ إيمانهنّ بالرب. عليهن أن يتشفّعن باستمرار للكل. وليتجنّبن نشر الإشاعات واللغو والاتهامات الباطلة والسعي لامتلاك المال وسوء السلوك أياً كان. فليدركنَ أنّهنّ مذبحٌ لله»([5]). ثم يذكر القديس بوليكاربوس الشماسة، والشبان، والعذارى، والكهنة. هناك شبهٌ واضحٌ بين الأرامل في هذه الرسالة والأرامل المذكورين في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تلميذه تيموثاوس: إنّهنَّ «مذبحٌ لله» لأنّهنَّ بأخذهنَّ العطايا والهبات من المؤمن يقدمنه أمام الله في صلاتهن على مثال المذبح الذي يقدّم القرابين المرفوعة عليه.

بالمقابل لا يذكر ترتيليانس (160ـ225) لاهوتي الكنيسة الغربية العظيم، في كتاباته أياً من الكلَمتين diacona, ministra أو أياً من مرادفاتهما. يبدو أن الأرامل في عصره لم يلعبنَ أيّ دورٍ يُذكر، ولكنه ذكر للنساء مواهبهنَّ خارج الكنيسة فقط وليس داخلها. «خلال فترته الرعوية لم يقبل ترتيليانس أن المرأة يمكنها أن تمارس أيّ مهمة ذات طابع رعوي، أن تعلّم أو تعمّد… وبهذا كانت فكرة المرأة الشماسة بأيّ شكلٍ كان غريبة تماماً عن ترتيليانس»([6]).

القديس هيبوليتس (170ـ236) اللاهوتي الغربي من جهة أخرى كتب «التقليد الرسولي» واصفاً المهام المختلفة للمسيحي في الكنيسة. في هذه الوثيقة المهمة يذكر الرتب الكنسية الثلاث (الأسقف، الكاهن، الشماس)، التي كان الروح القدس يُدعى للحلول على مقتبليها مع وضع اليد. ووصف أيضاً الأرامل، والقُرَّاء، والعذارى، هؤلاء الذين حصلوا على هبة الشفاء مانعاً منعاً قاطعاً أي وضع يد أو رسامة للنساء.

وبهذا الصدد يتكلّم عن الأرامل قائلاً: «لتُقبَل الأرملة بالكلمة (بمجرّد إعلانها ذلك) فقط  ومن ثم لتحسب بين الأرامل رسمياً، ولكنها لا ترسم لأنها لا تقدّم القربان ولأن ليس لها خدمة ليتورجية. تختار الأرملة بالأحرى من أجل الصلاة وهذه مهمّة كلّ المسيحيين.»([7]) ما هو واضحٌ هنا هو أن الأرملة «تُختار» وهي لا «تُرسَم» كما هو الحال مع الأسقف والكاهن والشماس. يعلّق الكاتب Roger Gryson على هذا قائلاً: «إن سبب هذا الاختلاف هو أن الرسامة تُمنَح للإكليروس لأن لهم دوراً في الخدمة الليتورجية. غير إن الأرامل لم يكن لهنّ دورٌ ليتورجي خاص، لقد قبلنَ فقط من أجل الصلاة: الوظيفة العامة لكل المسيحيين».([8])

ما يمكننا استنتاجه في هذه المرحلة من بحثنا هو أن كلاًّ من القديس بوليكاربس والقديس ترتيليانس آباء الكنيسة الغربية يقصيان أي إمكانية لوجود رتبة الشماسات في الكنيسة. الأمر الذي يقودنا إلى استقصاء ودراسة آباء الشرق فيما يخص إمكانية وجود المرأة الشماسة في الكنيسة، ومهامها، ووضع اليد عليها ورسامتها.

الشماسة في كنائس شرق الإمبراطورية الرومانية (القرنين 3ـ7)

مع «تعليم الرسل» أصبحت الشماسات جزءاً أساسياً من الكنيسة. إننا نعرف عن هذه الوثيقة فقط منذ عام 1854 غير أن النص الأصلي كتب في وقتٍ ما قبل النصف الأول من القرن الثالث. يحدّثنا الفصل الثالث من «تعليم الرسل» عن الأسقف، والشمامسة، والشماسات، والكهنة، والأرامل واليتامى قائلاً: «اعتبروا الأسقف لكم في مقام الله العلي، أما الشماس الذي هو في مقام المسيح فيجب عليكم محبّته، والشماسة التي هي في مقام الروح القدس يجب عليكم تقديرها. وليكن الكاهن لكم على مثال الرسل، أما اليتامى والأرامل فليعتبروا على شبه المذبح»([9]). بغض النظر عن ذكر الشماسات في هذا النص، إن بقية الخدم معروفة لنا من وثائق أخرى كما بيّنا سابقاً من كتابات القديس إغناطيوس الأنطاكي الذي ذكرَ لنا وظيفة الأسقف والشمامسة، ومن القديس بوليكاربوس الذي ذكر لنا الأرامل اللواتي اعتُبرنَ «مذبحاً لله». إن وضع الشماسات في هذا النص بعد الشمامسة مباشرة لهوَ أمرٌ بالغ الأهمية، وهذا للمقابلة بينهنّ وبين الروح القدس. هذه المقابلة تكمن في أن «الأدب السرياني إلى ما قبل 400 ب.م. يشير إلى الروح القدس في أغلب الأحيان بالاسم المؤنث ناعتاً إياه بـ (هي)»([10]). الفصل السادس عشر من نفس الوثيقة يُعطينا وصفاً دقيقاً عن دور الشماسات في الكنيسة. هذا الفصل يوضّح أن خدمة الشماسات لهي بين النساء فحسب. وهذه الخدمة مهمة لأسباب كثيرة: كزيارة وخدمة المرضى من النساء في البيوت الوثنية ومساعدة الكاهن في مسح النساء المعتمدات بالميرون المقدس. وإذا لم يوجد شماسة وقت العماد كان الكاهن يمسح رأس المرأة المعتمدة فحسب. مهمة الشماسة بعد هذا كانت تتجلى في استقبال وإرشاد وتعليم المرأة المعتمدة([11]).

في «تعليم الرسل» هناك فرقٌ واضحٌ بين الشماسات والأرامل، حيث أن دور الأرامل اقتصر على التأمّل والصلاة إذ منعنَ من التعليم أو المشاركة في عماد النساء. في حين أن الشماسات كنّ يعلّمن ويساعدن الكاهن في العماد. وفي نفس الوقت حُظِّرَ على كلٍّ من الأرامل والشماسات أن يقمنَ بالتعميد على حدٍّ سواء. كان الأسقف من يقوم بسرّ العماد المقدس أو الكاهن أو الشماس إذا ما أذنَ لهما الأسقف بهذا([12]). «لم يكن للشماسات دورٌ خلال الليتورجية الإلهية. في الواقع إن دورهنَّ في طقس العماد كان محدّداً جداً، كنّ ببساطة يكمّلن المسحة بـ (الميرون) الذي بدأه المحتفل بالسرّ (أي الأسقف، أو الكاهن، أو الشماس). ولم يكن مسموحاً لهنَّ القيام بالابتهال أو الاستدعاء. لا يمكن اعتبارهنَّ بأي شكلٍ كان على نفس مستوى الشمامسة، إذ كنّ مساعديهم»([13]).

على الرغم من أن المجمع المقدس في نيقية 325 ب.م. في قانونه رقم 19 أعلنَ ما مفاده أن الشماسات لن يُعتبرنَ بعد جزءاً من الإكليروس بل يحسبنَ في صفوف العلمانيين فلا ينلن وضع اليد فإن «التقليد الرسولي» يزوّدنا بكثير من المعلومات على أنه رغم أن الشماسات لا يؤذنُ لهنّ بالتعميد أو مسح المرأة بالميرون قبل أن يستهل الكاهن المعمّد هذا، ففي نفس الوقت ينلن بركة وضع اليد وبالتالي ينلن الرسامة أيضاً ويلعبن دوراً وسيطاً بين الأسقف والنساء الأخريات.

خدمة الشماسة في «التقليد الرسولي»

هذه الوثيقة المهمة التي تعود إلى سنة 380 ب.م. تتكلم عن الأسقف في مقام «الآب» والشماس في مقام «الابن» ثم تتكلم عن الشماسات ما مفاده: «لتُكَرَّم الشماسة عندكم في مقام الروح القدس غير عاملة أو متحدّثة بأي شيء بدون الشماس، كما أن المعزّي لا يقول أي شيء من نفسه ولكنه يعطي مجداً للمسيح منتظراً عمل مشيئته. فكما أننا لا نقدر أن نؤمن بالمسيح بدون تعليم الروح، هكذا لا يُسمَح لأي امرأة مخاطبة الشماس أو الأسقف من دون الشماسة»([14]). نرى هنا بشكل واضح كيف أن الشماسة لعبت دوراً وسيطاً بين الأسقف وباقي النساء وبمعنى آخر بين الإكليروس والنساء العلمانيات، هذا الدور الذي لم يلقَ الاهتمام المطلوب في مجمع نيقية كما أشرنا سابقاً. على كلّ حال كان «التقليد الرسولي» حريصاً جداً على أن يفصل ويزيل أي شبه بين وظيفة الأسقف أو الكاهن ووظيفة الشماسة التي يبدو أن بعض النساء كنّ يخلطنَ بينهنَّ: «أما الآن فيما يخصّ قيام المرأة برتبة المعمودية فليكن معلوماً لديكم […] أننا لا ننصحكم بهذا لأن هذا العمل يعتبرُ خطيراً بل فظيعاً وغير وَرِعٍ […] فلو كانت المعمودية مسموح القيام بها من قبل النساء فبدون شكٍّ لكان ربّنا قد تعمّد من قبل أمّه لا بواسطة يوحنّا، غير أنه أرسلَ نساءً معنا لنفس المهمّة حينما أرسلنا لنعمّد»([15]).

الشماسة هي من يساعد في عمل امرأة أخرى مكمّلة المسحة المقدّسة للمرأة المعتمدة بعد أن يكون الكاهن أو الأسقف قد بدأها: «أرسم أيضاً الشماسات اللواتي هنّ مؤمنات وقدّيسات […] ففي عماد المرأة يقوم الخادم بدهن رأسهنَّ فقط بالزيت المقدس وبعده تقوم الشماسات بمسحهنّ، لأنه ليس هناك أي ضرورة أن تُرى المرأة من قبل الرجال. فعند وضع اليد فليدهن الأسقف رأسها كما كان الكهنة والملوك قديماً يُدهنون»([16]) وفي وقت رسامة الشماسة يضع الأسقف يديه عليها ويقول الصلاة التالية: «أيها الإله الأبدي. يا أبا ربّنا يسوع المسيح. يا خالق الرجل والمرأة. يا من ملأت بالرّوح مريم ودبّورة وحنّة […] يا من لم يرفض أن يولد ابنه الوحيد من امرأة، الذي في قدس أقداس الشهادة وفي المذبح قد رسم نساءً ليكنّ متعهّدات لأبوابك المقدسة. أنظر الآن أيضاً إلى أَمَتِكَ هذه المقبلة لترسم لرتبة الشماسة وأفض عليها روحك القدوس وطهّرها من كل إثم الجسد والروح لكيما تقوم باستحقاق بالعمل الموكل إليها لمجد اسمك ولحمد مسيحك الذي معه الحمد والشكر يليق بك وبالرّوح القدس إلى الأبد آمين»([17]).

دعونا في هذه المرحلة نلخّص ما يمكن معرفته عن رتبة الشماسة من «تعليم الرسل» و«التقليد الرسولي»: إن الشماسة تنال وضع اليد من قبل الأسقف وترسم إلى رتبة الشماسية. يجب على الشعب وباقي الإكليروس احترامها وتقديرها في مقام الروح القدس. يمنح لها دورٌٌ تبشيري في المجتمع. لها دورٌ في مساعدة خادم سرّ العماد في وقت عماد النساء. لها دورٌ تعليمي للنساء الجدد المعتمدات. هناك فرقٌ واضح بينهن وبين الأسقف من جهة، وبينهن وبين الكاهن والشماس من جهة أخرى إذ لا يسمح لهن القيام بسرّ المعمودية. لهنّ دورٌ وسيط بين الأسقف وباقي النساء وبهذا فمكانتهنّ كانت ذات طابع إداري ومسؤول. والأكثر من هذا كما هو مؤرّخ في Testamentum Domini «شهادة ربّنا يسوع المسيح»، هذه الوثيقة المحفوظ نصّها بالسّريانية والعربية والأثيوبية، والتي كانت معروفة أصلاً للقديس سويريوس الأنطاكي (538 +)، كانت الشماسة في قدّاس عيد القيامة تقوم بإيصال القربان المقدّس للنساء الحوامل اللواتي لا يقدرن على المجيء إلى الكنيسة للاحتفال بالعيد([18]).

غير أن هذه الوثيقة تصف لنا الأرامل وصفاً قريباً من الشماسات كما علمنا عنهنّ من بقية الوثائق: «ليُمسَحنَ النساءُ (المعتمدات) بواسطة النساء الأرامل اللواتي لهنّ أولوية في حين أن الكاهن يتلو الصلوات عليهنّ. على نفس المنوال ليحجب النساءُ الأرامل (النساءَ المعتمدات) بستارٍ حينما يتلو الأسقف عليهن ما يجب أن يعترفن به وما يجب أن ينكرنه»([19]). في هذه الوثيقة، لسنَ إذاً الشماسات من يقمنَ بمسح المعتمدة بل الأرامل اللواتي أوكلَ إليهنَ دورٌ تبشيريّ تعليمي في المجتمع والكنيسة أيضاً: «انصحنَ النساء غير المطيعات. علّمن الجاهلات. واهدينَ الخطاة وارشدهن للتواضع […] على (الأرملة) أن تعلّم النساء اللواتي يدخلن الكنيسة كيفية التصرّف، وترشد الخارجات من الكنيسة. عليها أن تعلّم بصبر المُرشدات (مرشدات التعليم الديني) ما هو مناسبٌ وضروري […]»([20]). ما هو واضحٌ هنا هو أن الدور الليتورجي والرّعوي الذي منحه «تعليم الرسل» للشماسات قد أعطي هنا للأرامل. هل هذا يعني أن الأرامل في «شهادة ربّنا يسوع المسيح» هُنَّ شماسات في الأصل؟ A. G. Martimort يجيب على هذا السؤال بالسّلب لأن الوثيقة أعلاه ـ والكلام هو للكاتب ـ تفرّق بينهن بشكل واضح في أكثر من مكان فيما يخصّ دورهنّ في الجماعة. على سبيل المثال في حالة المرأة الحامل التي لم يكن بمقدورها حضور قدّاس عيد القيامة، إذ كانت الشماسة هي من يأخذ لها القربان المقدس ـ كما أشرنا آنفاً ـ وليس الأرملة.

الشماسة: من المدينة إلى الصحراء ومن الكنيسة إلى أديرة النساء

كانت الشماسات ذوات شأنٍ عظيم عند القديس سويريوس بطريرك الكرسي الأنطاكي الذي نفاه خصومه إلى مصر. فإذا كان هذا القديس العظيم أراد أن يبعث برسالة رعوية إلى الكنيسة في أنطاكية كنّ الشماسات أحد مصادره المهمّة لإيصالها إلى الكنائس في أنطاكيا. هذا مما يدلّ على أن الشماسات كنّ مثقفات وذوات شأنٍ مهمٍّ في حياة الكنيسة. في إحدى رسائله الرّعوية المؤرّخة ما بين (519ـ538) سُئِل البطريرك القديس أن يشرح الفرق ما بين رسامة الكهنة والشمامسة من جهة، وبين رسامة الشماسات من جهة أخرى فكان جوابه كالتالي: «فيما يتعلّق بالشماسات وخاصة في أديرة النساء، لا تجري الرسامة بحسب الحاجة للاحتفال بالأسرار وإنما كمصدر فخر لمقتبليها ليس إلا […] أما في المدن فإن الشماسات على وجه العادة يوكَلنَ بخدمة النساء فيما يتعلّق بالغسل الإلهي للولادة الجديدة»([21]).

مجموعة أخرى من القوانين السريانية تدعى بـ أسئلة من آباء الشرق تعطينا وصفاً فيما يتعلّق بخدمة الشماسات. فالقانون التاسع من هذه الوثيقة يشير إلى أن في الشرق كانت الكنيسة ترسم رئيسات الأديرة كشماسات وكان يوكل إليهن إعطاء القربان المقدس لباقي الراهبات في الدير. أما القانون الحادي عشر من نفس الوثيقة فيدلّ على أن رسامتهن يجب أن تكون «بحسب عادة المكان» الموجودين فيه. والأكثر من هذا فإن الأسقف «في الشرق» «يضع هرّاراً على كتفها كالشماس تماماً»([22]).

قوانين يوحانون بار قوروس في مطلع القرن الثالث عشر تزوّدنا أيضاً بمعلومات مهمّة عن مهام الشماسة. هذه القوانين تدلّ على أن الشماسة يمكنها أن تصب الخمر والماء في كأس القدّاس وهذا بإذن الأسقف فقط([23]). وفي اجتماعات النساء يمكن للشماسة أن تقرأ الإنجيل المقدس أو أي قراءة أخرى من الكتاب المقدس([24]). يمكنها أيضاً وضع البخور في المبخرة تالية صلاة قلبية، لا بصوت عالٍ([25]). يمكنها أيضاً تنظيف المذبح وإشعال الشموع وغسل الأواني المقدّسة([26]). غير أن القديس يعقوب الرّهاوي لاهوتي الكنيسة السريانية العظيم في نهاية القرن السابع يؤكّد على أن رسامة الشماسة لا تكون باسم المذبح فهي فقط في الكنيسة([27]).

القديس يوحنا ابن العبري (1225ـ1286) يخبرنا في كتابه منارة الأقداس «أن الشماسات موجودات في الكنيسة على مثال الأرامل كما كتب لنا كلمندس الإسكندري أنه في وقت تقديم الذبيحة الإلهية كانت الشماسات تقف في المذبح وراء الأفيذياقونيين. وقال يعقوب الرّهاوي أن ليس للشماسة أي عمل قط داخل المذبح، بل أن تكنس المذبح وتنير الشموع خارجه متى ما أُمِرت بعمل هذا. وكان لها الحق أيضاً أن تأخذ الأسرار من الكوّة في حال عدم وجود أي كاهن أو شماس وأن تعطيها للنساء والأطفال. وفي حال كان هناك إمرأة بالغة مستعدّة للعماد كانت (الشماسة) ترشمها بالميرون مثلما كانت تمسح بمسحة المرضى المريضات من (النساء)»([28]).

من غير المرجّح أن الشماسة كانت تستهلّ رشم المعتمدات بالميرون إلا إذا عُنيَ بهذا إكمال مشحهنَّ بالميرون كما رأينا في الوثائق الأكثر قدماً. من الواضح إذاً أن الشماسات هنا ليس لهنّ أي عمل داخل المذبح وقت تقدمة الذبيحة الإلهية. إنما لهنّ الحق بأخذ الأسرار من الكوّة في حال عدم وجود كاهن أو شماس. والشماسة هي التي تكمّل مشح المعتمدات بالميرون مثلما تمسح المريضات منهنّ بمسحة المرضى. قبول الكنيسة التدريجي لمعمودية الأطفال أعفى الشماسات شيئاً فشيئاً من خدمتهن كمساعدات للكاهن وقت عماد النساء البالغات. غير أن هذا لا يعني إعفاءهن بشكل كامل من وظيفتهن كشماسات إنما مكان قيامهن بهذه الخدمة قد انتقل من المدينة إلى الصحراء ومن الكنيسة إلى أديرة النساء.

عرفت المسيحية في العالم السرياني نوعين من التبتل. الأول هو ܩܕܝ̈ܫܬ̥ܐ أي القديسات. والثاني هو ܒܬܘ̈ܠܬ̥ܐ أي العذارى. كنّ بسيطات في مأكلهنّ وفي مشربهنّ وفي ملبسهنّ وفيما يقتنينه. صرفن حياتهن في الصلاة والتأمل إلى جانب دراسة الكتاب المقدس وحياة الخدمة في مساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضى. هكذا فَهِمنَ حياتهن مع المسيح على أنها تضحية بالذات من أجل الآخرين والتصاقٌ بالله على الأرض.

في القرن الثالث كان هناك نوعٌ آخر من النظام الكنسي للعلمانيين وهو ܒܢܝ̈ ܘܒܢ̈ܬ̥ ܩܝܳܡܐ أي أبناء وبنات العهد. استمرّ هذا النظام حتى منتصف القرون الوسطى. كان أبناء وبنات العهد يعيشون في بيوتٍ منفصلة وينذرون الفقر والعفّة والطاعة. كانوا يعملون بشكلٍ منتظم وجاد مع كهنة الرعاية ومع الأساقفة. كانت مهامهم تتضمّن خدمة المرضى في المستشفيات التابعة للكنيسة إلى جانب الترتيل في الكنائس مع الشعب. حياة الخدمة هذه جعلت الكل يندهش من عمق محبّتهم للمسيح وللآخرين ولهذا حسد بعضُ النساء مريم وأفاميا على طريقة حياتهما مستغربين: «إن هاتين السّيدتين تزعجان المدينة، لماذا يحترمهما السكّان ويكرمونهما أكثر من الأساقفة […]». يا لعظمة العمل الذي كان أبناء وبنات العهد يعملونه في خدمة الآخرين ونكران الذات.

ولنا مثال آخر من حياة شيرين في القرن السابع التي مارست حياةً نسكية قاسية. كانت هذه القديسة في ثمانينياتها حينما كان الرهبان ورؤساء الأديرة يقصدونها لطلب المشورة الروحية. ومثال آخر هو فبرونيا التي كانت مثقفة في اللاهوت بشكل عال. يطول الحديث عليهن وتكثر الأمثلة ونحتاج لبحث منفرد ليف حقهن.

لم يبق الكثير للشماسة اليوم من مهام الشماسة في القرون الأولى للمسيحية، إلا أن صورة المرأة الشماسة في وقتنا الحاضر في كنيستنا السريانية الأرثوذكسية تشعّ محبةَ وعطاءً. فالشماسة في كنيستنا هي اللاهوتية التي تتبع دورات الإعداد اللاهوتي ليؤهلها لمواجهة المجتمع وأسئلته. وهي في بعض الأحيان تمثلنا في المحادثات الرسمية مع باقي الكنائس في الحوارات المسكونية. وهي التي تقوم بتثقيف الشباب دينيّاً في مراكز التربية الدينية وهي التي تقوم بعمل جبار خلال الحفلات الدينية بالإعداد لها والترتيل والتنظيم. وهي التي ترنم وقت تقدمة الذبيحة الإلهية مشنفة آذان المؤمنين.

خاتمة:

في شرق الإمبراطورية الرومانية لم يكن مسموحاً للمرأة أن تشارك في الحياة السياسية كشغل منصب إداري إذ كانت هيمنة الرجل في الثقافة الهللينية تسيء إلى حقوق المرأة وهويتها بشكل يضمن للرجل تفوقه وتعاليه. هذا كان السبب في عدم تمتع المرأة بحقوقها في اتخاذ القرارات الخاصة بحياتها. ولهذا فإن الكنيسة عندما أعطت المرأة هذه الحقوق فيما يخص تقرير حياتها وشغل منصب إداري وخَدَمي في الكنيسة كانت تُعرِّض  نفسها للنقد من قبل المجتمع، غير أن الكنيسة في الشرق فهمت مكانة المرأة على ضوء مكانتها في الإنجيل المقدس.

أدت الكثير من الأمور إلى تحجيم دور المرأة الشماسة في الكنيسة كما ذكرنا آنفاً. بعض هذه العوامل كانت ثقافية المضمون وبعضها الآخر كان له شكل ديني. ففي زمن السيد المسيح كانت المرأة تعتبر خادمة للرجل وأحد مقتنياته. حتى أن المجتمع اليهودي منعهن من دراسة التوراة أو حتى الحصول على حق الانفصال عن رجالهن وطلب الطلاق. وبهذا فإن تعاليم السيد المسيح كان لها طابع ثوري فيما يخص المرأة. فمن المرأة ولد ابن الله، وهي كانت أول من تتبعه وآمن برسالته وبقيت تخدمه وتلاميذه خلال الخدمة العلنية على الأرض. هي التي بقيت معه عند الصليب حينما تركه الكل. وهي كانت أول من عاين قيامته المجيدة وأول من أرسل ليبشر بها. وهي كانت حاضرة عند حلول الروح القدس ناقلة البشارة إلى أقاصي الأرض. وبازدياد عدد التلاميذ كانت «كلمة الله تنمو وتزيد» (أع 24: 12) وبهذا كان على الكنيسة أن تنظم نفسها في المجتمع الهلليني وفي نفس الوقت أن تحافظ على أمانتها للمسيح.

إن وجود النساء في الكنيسة كشماسات كان أيضاً محاولة للوصول إلى جميع فئات المجتمع بمن فيهم النساء، ويمكن أن يُقرأ هذا الأمر أيضاً على انه محاولة لفتح أبواب التواصل بين الإكليروس والعلمانيين. السبب الآخر لوجودهن كان أيضاً المهمة التعليمية والتربوية التي كانت الشماسة موكلة بها تجاه النساء والأطفال في البيوت الوثنية التي كانت فيها نساء مسيحيات وذلك لسهولة الوصول إليهن من قبل الشماسات. بمعنى آخر كان على الكنيسة أن ترسم النساء شماسات لأنها احتاجت لهن في إعلان كلمة الله للجميع وخاصة النساء والأطفال ولخدمة ملكوت الله.

إن النساء يحملن مستقبل البشرية بشكل فريد في ذواتهن لأن الحياة إنما تنبثق من رحمهن. وبهذا تكمن المقابلة بين رحمهن كأمهات يلدن الجنس البشري ورحم المعمودية الذي يلد بنين وبنات روحيات لله. لكن ما حصل تاريخياً هو أن النساء غالباً ما وصفن في المجال الروحي كجنس ضعيف ومصدر للتجارب وما إلى ذلك. وحيث أن الكنيسة استعاضت عن عماد النساء البالغات بعماد الأطفال ما كان من رتبة الشماسات إلا الازدهار في الأديرة: في ذلك المكان الذي يغيب عنه الرجل الذي يوصفهن بالضعيفات وبمصدر التجارب حائلاً دون قيامهن بمهامهنّ الليتورجية والرعوية.

هل تنتهي الرواية ههنا أم أن الكنيسة مدعوة لأن تقرأ قصة وتاريخ المرأة الشماسة على ضوء قصة حواء والعذراء مريم: قصة السقوط والفداء «لكي تقوم (الشماسة) باستحقاق بالعمل الذي أوكل إليها» على ما يقوله التقليد الرسولي. يقول القديس البطريرك ميخائيل الكبير (1166ـ1199): «إذا ما رأى أسقف معين أن هناك حاجة لرسامة شماسة لسبب ملح فليرسم عندها امرأة بالغة ذات إحسان معروف لأن الرسل والآباء القديسين قد سبق فقرروا هذه المواصفات للرسامة»([29]). وفي الختام لا يفوتنا ذكر قديسنا العظيم مار أفرام الذي لمع في سماء الكنيسة بمواقفه المشرِّفة تجاه المرأة إذ يقول في أحد ميامره عن ولادة المسيح: «ليُمجِّد النساءُ العذراءَ مريم لأنه كما أن في حواء أمهنَّ عظيماً كان خزيهنّ هكذا في مريم أختهن رفيعاً كان مقامهنّ. مبارك الذي انبثق من النساءّ!»([30]).

أختم بحثي هذا بما قاله قداسة سيدنا البطريرك مار زكا الأول عيواص عن الشماسة في الكنيسة السريانية: «تكريس الشماسات قد أعيد في عصرنا هذا وابتدأنا تكريس بعض منهن مرتلات أي عضوات في جوقة الترتيل ونسميهن شماسات. وليس لهن من هذه الصفة سوى الاسم فقط وعندما يكرسن يذكر رئيس الكهنة أن فلانة تُكرَّس شماسة مرتلة، ولا تلتزم هذه المرتلة بالقوانين التي كانت تلتزم بها الشماسة في الماضي. كما ليس لها حقوق تلك أو امتيازاتها ولا واجباتها فهي مجرد مرتلة في الكنيسة، وغالباً ما تكون خادمة في مراكز التربية الدينية. وهي كسائر الفتيات متى شاءت تزوجت وتبقى مكرسة شماسة مرتلة ومعلمة ومرشدة في مراكز التربية الدينية. قد تكون هذه خطوة مشجعة ليعاد إلى الكنيسة تكريس الأرامل شماسات، كما كان في الماضي»([31]).

 

للأعلى

 

الهوامش :


([1]) ـ Mary And Euphemia,” in Holy Women of the Syrian Orient, trans. Sebastian P. Brock and Susan Ashbrook Harvey (Berkeley: University of California Press, 1987), 40-62..

([2]) ـ Mary And Euphemia,” in Holy Women of the Syrian Orient, trans. M. G. Mara, “Women,” in Encyclopedia of the Early Church V. II, (Cambridge: James Clarke and CO, 1992), 881-882.

([3]) ـ A. G. Martimort, Deaconesses: An Historical Study, trans. K. D. Whitehead (San Francisco: Ignatius Press, 1986), 25.

([4]) ـ The Epistle of St. Ignatius to the Smyrnaeans,” in Early Christian Writings, trans. Maxwell Staniforth (London: Penguin Books, 1968), 99-105.

([5]) ـ The Epistle of Polycarp to the Philippians,” in Early Christian Writings, trans. Maxwell Staniforth, 119-124.

([6]) ـ A. G. Martimort, Deaconesses: An Historical Study, 29.

([7]) ـ De Praescripitione,” 41, 5 (CCL. 1, 221, 12-15) in The Ante-Nicee Fathers III, trans. Grand Rapids, (Mich.: Eerdmans), 263.

([8]) ـ Roger Gryson, The Ministry of Women in the Early Church, trans. Jean Laporte and Mary Louise Hall (Collegeville, Minnesota: The Liturgical Press, 1980), 24.

([9]) ـ De Praescripitione,” 41, 5 (CCL. 1, 221, 12-15), 263.

([10]) ـ Susan Ashbrook Harvey, “Women in the Syrian Tradition,” in Woman in Prism and Focus: Her Profile in Major World Religions and in Christian Traditions, Prasanna Vazheeparampil ed. (Rome: Mar Thoma Yogam, 1996), 69-80. For further reading see Sebastian Brock, “The Holy Spirit as Feminine in Early Syriac Literature,” in After Eve: Women, Theology and Christian Tradition, ed. Janet Martin Soskice (London: Marshall Pickering, 1990), 73-88.

([11]) ـ Sebastian Brock and Michael Vasey eds. The Liturgical Portions of the Didascalia, chapter 9, ii.26. 22, 23.

([12]) ـ Ibid, 21. Chapter 14, iii.9.

([13]) ـ A. G. Martimort, Deaconesses: An Historical Study, 43.

([14]) ـ The Apostolic Constitutions,” in The Ante-Nicene Fathers, vol. VII, Alexander Roberts and James Donaldson eds. (Edinburgh: T and T Clark, 1989), 385-505.

([15]) ـ Ibid., 385-505.

([16]) ـ Ibid.

([17]) ـ­Ibid., 385-505.

([18]) ـ Ignatius Rahmani ed., Testamentum Domini nostiri Iesu Christi, bk. II, 20: 7 (Mainz, 1899). As it is quoted in A. G. Martimort, Deaconesses: An Historical Study, 50.

([19]) ـ Ibid., 47, 48. Bk. II, 8: 12.

([20]) ـ Ibid., 48. Bk. I, 40: 2.

([21]) ـ E. W. Brooks, The Sexth Book of the Selected Letters of Severus, vol. 2, pt. I (London: Willians and Norgate, 1903), 193-94, letter 62. as it is quoted in A. G. Martimaort, Deaconesses: An Historical Study, 128.

([22]) ـ The Syndicon in the West Syrian Tradition, trans. A. Voobus (CSCO 368, Louvain, 1975), 159 (text, p, 165). As it is quoted in Sebestian Brock, “Deaconesses in the Syriac Tradition,” 69-80.

([23]) ـ Canon 38 (Latin Trans. In P. Hindo, Disciplina Antiochena Antica. Syri, II, xxvi; 1951), 337. As it is quoted in Sebestian Brock, “Deaconesses in the Syriac Tradition,” 69-80.

([24]) ـ Ibid., 69, 80. Canon 42.

([25]) ـ Ibid., 69, 80. Canon 35.

([26]) ـ Ibid., 69, 80. Canon 36, 37, 40.

([27]) ـ The text by Jacob translated in Voobus, The Syndicon in the West Syrian Tradition, I, 202-204, 242. As it is quoted in Sebestian Brock, “Deaconesses in the Syriac Tradition,” 69-80.

([28]) ـ R. Kohlhaas, Jakobitische Sakramententheologie im 13. Jahrhundert, der Liturgiekommentar des Gregorius Carhebraeus, LQF 36 (Munster, 1959), 25. As it is quoted in A. G. Martimort, Deaconesses: An Historical Study, 169. See also the translation of this book into Arabic by Mar dionisios Behnam Jijawi under the title Lamb of the Sancturary, (Aleppo: Mardin Publishing House, 1996), 439.

([29]) ـ See I. M. Voste, Additamenta (Vatican City, 1944), 201-2. As it is quoted in A. G. Martimaort, Deaconesses: An Historical Sturdy, 167.

([30]) ـ Translated by A. Edward Johnson “Nineteen Hymns on the Nativity of Christ in the Flesh,” XV, 23 in The Nicene and Post-Nicene Fathers, Vol. XIII, part 2. Philip Schaff and Henry Wace eds. (Edinburgh: T and T Clark, 1989), 223-262.

([31]) ـ البطريرك زكا الأول عيواص، بحوث تاريخية دينية أدبية ج 1 (العطشانة: منشورات دير مار يعقوب البرادعي، 1998)، 223.

 

للأعلى