218 (ترجام) على جمعة الالم

218

(ترجام) على جمعة الالم

 

        يحرض ملفاننا مستمعه الذي يسميه “محب الفوائد الروحية” على القيام بهذه المناسبة بتمييز وليس كما لو كان بالعادة. ملفاننا يصف آلام المسيح. يتهجم على اليهود الذين حاولوا وبكل وسيلة انزال عقاب الصلب بالمسيح. قام اليهود بتادية رموز لم يفهموا معناها مثل: توشيح المسيح بستائر الهيكل الارجوانية لكي يستحق الموت، وبهذا اعترفوا بذبيحته وبملوكيته، كما طلبوا ان يتحرر برأبا السارق بدل المسيح، وبذلك صوروا صورة لآدم الذي حرره المسيح واوفى دَينه ومحا الصك المكتوب عليه بتجاوزه على الوصية. نتيجة لخطيئة اليهود تركهم الروح وزال كهنوتهم وخربت اورشليم. انظر، ميمره 53

 

– المخطوطات: ر 109، ر253، ل 14587، ل 14474، دمشق 12/20، دمشق 12/19، منكنا 546

 

– الدراسات:

Jacques de Saroug: six homélies festales en prose, édition critique du texte syriaque, introduction et traduction française par Frédéric Rillet, Brepols Turnhout Belgique, 1986, in PO. Tom. 43, Fasc. 196. pp. 610-628, (Texte pp.99-128)

Kollamparampil Thomas CMI, Jacob of Serugh Select festal homelies, Bangalore , 1997, pp. 278-291

 

 

(ترجام) على جمعة الالم

 

اهمية معرفة اسباب الاعياد لاكرامها بتمييز

        كلما تحتفل باحد اعياد ربنا ضع اولا في نفسك سبب العيد، ومن السبب ينزل عليك التمييز لتعطي الكرامة لكل عيد كما يستحق. لا يوجد شيء يفيد النفس كما لو حركها التمييز الى عملها. كثيرة هي الاعمال التي تُصنع بالعادة وليس بالتمييز. انت اذاً يا محب الفوائد الروحية ليحركك التمييز الى عملك ولا العادة. لننظر اليوم الى العيد بعين النفس النيرة التي يسهل عليها ان ترى الاشياء البعيدة كانما من القرب.[1]

 

المسيح الديان وقف اليوم امام القاضي بيلاطس

        اليوم كان يقف ديان الحكام امام الحاكم ليدان مثل المذنب. تحيرت السماوات[2] بهذه الامور، فلترتجف الارض من مكانها.[3] العشب[4] يجلس على الكرسي والنار تقف في المحكمة، الحشيش[5] الضعيف يسأل، واللهيب يدخل للمساءلة، اللهيب يحتضن العمود والهشيم يجلده بالسياط، بيلاطس جالس وربنا واقف، محرر الكل بحكمه دخل ووقف في المحكمة وصادفته خطايا العالم وهي واقفة امامه كجبل قوي كما هو مكتوب ان الرب جعله يصادف خطايا جميعنا.[6] صادفته خطايا آدم فدخل الى المحكمة وحملها ووضعها على راسه.

 

لم يكن يقدر احد ان يحمل ثقل خطايا العالم ما عدا ربنا-جبار العالين

        /612/ (101) من كان يقدر ان يحمل ذلك الثقل الجسيم بدل الكثيرين ما عدا جبار العالمين[7] الذي رضي ان يوفي ديون الكثيرين.؟ كانت العدالة حاملة صك حواء وتريد ان تنتقم ولا يوجد الوارث.[8] آدم رئيس الجنس سقط في هوة الموتى وجميع اولاده كانوا يُحبسون معه، وراءه الدَين العظيم، والعدالة عزيزة، والنقمة جسيمة ولا توجد رِجل لتقف.

 

قبل المسيح – الوارث ان يوفي الدَين ويمزق صك آدم وحواء

        دخل المسيح وقبل الدَين ووضع الخطايا في نفسه ليمزق الصك بشخصه. قال انا الوراث،[9] انا اوفي الدَين الذي اغرق الجبار، وعرقل السريع، وربط الاقوياء، وخرب كل القبائل، واصعد اسكفات القبائل العظيمة ولم يقدر ان يقف امامه آنوش ونوح وملكيصاداق وابراهيم.[10] ماذا تُطالب به حواء،؟ ليُقرأ صكها. البتول اذنبت، ابن البتول اوفى، الحية لدغت الشابة، الشابة تعطي العقار لشفائها.

        بلغ الي ميراث الخربات، سلبني آل آدم واوفي مثل الوارث ولاجل هذا ارسلني ابي لاصير وارثا لآدم اذ اكتشف بانه يوجد وارث يقدر ان يوفي ديونه ويشيّد خرباته. لن اترك صورتنا فاسدة في الشيول، لن اترك شبهنا يداس في الحمأة من قبل سراق الهلاك. انا الوارث، انا اوفي كل ما هو مدين به آدم.

 

فحوى صك آدم: يجب عليه ان يتعذب وان يموت لانه تجاوز على الوصية

        قُريء صك آدم فوجد (فيه) بانه يجب عليه ان يموت لانه اكل من شجرة المعرفة،[11] وكانت تُسمع منه العبارة القائلة: انت من التراب وستعود الى الارض.[12] وبماذا اجرم آدم ليكون ذنبه هكذا عظيما.؟ لقد احتقر ربه، وسمع صوت امراته، ومد يده الى الثمرة، ووضع /614/ رجله في الفخ، وثلم سياج الناموس، وكسر نير الوصية، وعمّق وحفر له القبر، وفتح بابا للموت ليدخل ويفسد البرية.

        اي قصاص كان يستحق ذاك الذي صنع هذه الامور.؟ شخصه يستحق الخزي، وجسده الضرر، وظهره السياط، وقامته الصلب، ويداه المسامير، ورجلاه القيود، وراسه اكليل الاشواك، ووجهه البصاق، وفمه الخل والمرارة، وليُطعن بالرمح، وليطرح في الحفرة.[13]

 

الرب يحرر آدم من الشيول حيث سقط منذ ستة آلاف سنة

        قال ربنا احتمل كل هذه الامور ومن كلها اصنع له الحرية، واحتمل آلامه، واحتمل اوجاعه، واحمل ضرباته، وآخذ لعنته بصليبي، واستاصل اشواكه باكليلي، وازيل عيوبه باهاناتي، واحل قيوده بمساميري، واسلم جسدي للضربات وخداي للعذاب ووجهي سوف لن ارده عن الخجل وعن البصاق،[14] واشرب الخل، واغطس في بحيرة الموتى وافتش واجد هناك ذلك الشيء الذي كان قد فُقد من ابي في الجنة بمكر الحية العدوة، وادلي واصعد من است الهوة تلك الصورة المحبوبة التي طالت (اقامتها) في الحماة ستة آلاف سنة ولم تصعد (منها). [15]

 

صب الصالبون مكرهم ومرارتهم على المسيح

        ربنا قبل عليه دَين الاجناس، وحمل خطايا الكثيرين،[16] ودخل ووقف امام بيلاطس الوالي، اليهود الصالبون واعداء النور ومبغضو النهار العظيم لم يفهموا بعماهم بان البريء كان يدان بدل المذنبين ولم يلحق به عمل المذنبين. بدأ الهائجون يشتمون بتقريف الاثم صانع الخيرات بعبارات شريرة. فتحوا افواهمم بالهزء، ومدوا السنتهم بالاهانة، وفجروا المرارة من قلوبهم، وسكبت شفاهمم عكر التنين.[17]

 

الشيطان ابو الصالبين وزع عليهم الادوار لتعذيب المسيح

        /618/ (107) وزع الشيطان وجعلهم يقومون باعمال بعضهم بعضا مثل ذكي يجتهد من جهته بالشر. هيأ واعطى الحسد للكتبة، للشيوخ الغيرة، للفريسيين الاهانة، للصدوقيين الشتائم، مزج الغضب لقيافا، ولحنان الحقد، ليهوذا المكر، لهيرودس البغضاء، ولبيلاطس محبة السلطة. ووقف البار في الوسط كحمل ساذج في جمع ذئاب مفسدة.[18]

        وكل واحد منهم كان يجتهد مثل ذكي في العمل الذي اوكله اليه ابوه الشيطان. الواحد القى الاهانة، والآخر اكثر الشتائم، رفيقه قبّل ومكر،[19] وُجد من كان يقذف البصاق، ووجد من كان يضرب بالقصبة، الواحد كان يطعن بالرمح، الآخر كان يحمل السوط، ذاك يجلب الخل، وهذا يهيء المرارة، الحكيم يظفر الاكليل، والحقود يركّب الصليب، من جميعهم تهيأ شر واحد باشكال كثيرة.[20]

 

فتش الصالبون عن شهود الزور ليتكلموا كذبا على ربنا ولم يجدوهم

        كانوا يفتشون ايضا عن شهود الزور ليتكلموا بالاكاذيب على ربنا ولم يكونوا يجدون. وها قد وجدت الجماعة اخت ايزابل الشهود بني الاثم بقدر ما تشاء وحيثما تشاء وكيفما تشاء. واذ يوجد فيها بنو الاثم، لماذا لم تجد شهودا لما فتشت عنهم لتشتكي على البار باثم.؟[21] اما الاسباب التي كان الشعب يشتكي بها على ربنا هي هذه: إما انه ينقض السبت، وإما يقول عن نفسه انه ابن الله، وإما يعد (قائلا): انا سابني الهيكل في ثلاثة ايام.[22]

 

شهد الشهود على ان المسيح شفى المرضى في يوم السبت ونقضه

        وبعد ان جلبوا الشهود بداوا يتعلمون منهم: ماذا يعرفون ليشهدوا للوشاية عليه. قالوا نحن نشهد بانه نقض السبت مرات كثيرة، قالوا لهم كيف.؟ قال المقرفون: في السبت صنع الطين ووضعه على عيني الاعمى وانفتح،[23] في سبت آخر دعا واحدا كانت يده يابسة وشفاها امام الجمع،[24] وايضا في سبت آخر حل واحدة /618/ (107) كانت مربوطة بالمرض وكان يتطلع اليه رئيس المجمع.[25] ويمكننا ان نبين الكثير من مثل هذه الامور لو اطال الحاكم علينا اناته ليسمعنا طويلا.

 

رفض الكهنة مثل هذه الشهادة لانها في صالح المسيح

        قال الكهنة: لا يلزم ان يدخل هولاء الشهود لئلا بدل ان يتكلموا ضده يصبحون من جانبه لكن كان يلزم ان تقال وتُخلط (حقيقة) فتحه للاعمى مع (حقيقة) جبله للطين. الآن بعد ان رُبطت تلك الاعجوبة في جريمته ستزولان كلتاهما، لئلا بسبب تلك (الاعجوبة) الصغرى، يسمع الحاكم بتلك (الاعجوبة) العظمى التي لعله لم يسمعها، لو جلبنا الشهود ليدخلوا ويتكلموا عنه (ويقولوا) انه يفتح العميان، وبذلك نجعل الحاكم يندهش حتى ينظر الى عدونا كانما الى شيء عظيم.

        ولهذا انه مكتوب بانهم فتشوا عن شهود الزور ضد ربنا ولم يجدوا الشهود كما ارادوا لان كل من كان ياتي ليشتكي كان يكرر الانتصارات والقوات التي اجترح ربنا بينما كان يريد ان يبين بانه قد نقض السبت بافعاله.

 

اشارت الحية الى الصالبين ان يوشحوا المسيح بثوب القدس ليتمكنوا من قتله

        ولما غلي فيهم الحسد واضطرم فيهم الافك واشتعلت نفسهم بشهوة القتل وهم يلتهبون بالغضب ليسكبوا الدم البريء فتشوا عن السبب فوجدوه بفضل حكمة الحية الاولى وفكروا بخداع قائلين: لنلق عليه من ثياب القدس لانه مكتوب في الناموس من يقترب الى ثوب القدس ليُقتل قتلا،[26] وبهذه الحجة يستوجب الموت حتى لو شاء ان يطلقه الحاكم وسوف لن توجد فرصة لينقذه من الموت.

        ولما فرحوا بهذا الحل الدموي وهو احد (حلول) اعماق التنين جلب الكهنة ستائر القدس وصنعوا قميص الارجوان والبسوه لربنا بالسخرية.[27] استراحت نفسهم مُحبة القتل لانهم وجدوا بانه قد فُسر لهم بالتاكيد ليصرخوا: انه مستوجب الموت كانما من الناموس. وتعرف بان الامر هو هكذا من اسئلة الحاكم ومن صرخة الشعب ولما اقاموه امام قال بيلاطس: أي شر اقترف؟ قالوا: ليُقتل حسب الناموس لانه لبس ثوب القدس.

        /620/(108) بيلاطس كان يسالهم ويقول: ماذا صنع من السوء.؟ كانوا جميعهم يصرخون ويقولون: انه مستوجب الموت.[28] لم يبينوا الشرور التي طولبوا بان يبينوها لكن صرخوا بقوة نفسهم: انه مستوجب الموت، وهم مستندون على ذلك الحل الاثيم الذي وجده كهنتهم المزيفون.

        كلما كانوا ينظرون الى ربنا المتشح بستار القدس كانوا متاكدين بانه قد استوجب القتل[29] حسب الناموس، ولم يكن لهم شيء آخر ليقولوه الا انه مستوجب الموت. كانوا يعرفون لماذا يصرخون غير ان (هذا الامر) كان خفيا عن الحاكم. سرهم الماكر كان مخفيا في كمين قلبهم، وعباراتهم الاثيمة كانت ترعب سمع الحاكم. كان الحاكم يسأل (شيئا) آخر وكان الصالبون يصرخون (شيئا) آخر، هو كان يسأل ان يبينوا له ما هي افعال ذلك الذي اسلم لكي يدينه من افعاله، وهم كانوا يقولون فقط: انه مستوجب الموت.

 

يعود الى الحاكم ان يصدر الحكم ولا يجوز للمشتكي ان يصدر الاحكام

        صرختهم تجاوزت حد اللياقة، وكانوا يقولون الشيء الذي لم يكن (يجوز) لهم قوله. كونه يستوجب الموت او لا يستوجب الموت يعود الى الحاكم تبيانه وليس الى مقرفي ذلك المحكوم عليه. لقد اسكرهم الحسد ولهذا كان صراخهم وكلماتهم تخالف كل الواجب.

 

نزعت ستائر القدس ولبسها المسيح: قرب خراب اورشليم

        كان يليق اذاً برب الاقداس وهو متشح مناديل القدس. بفضل تلك الحجة وخلال العيد العظيم خرجت الثياب للوارث من صناديق بيت ابيه. كان الكهنة يشلحون المذبح ويوشحون ربنا.

 

 

رئيس الكهنة مزق ثوبه وزال كهنوته لما علم من يسوع بانه المسيح

        كان قد اقترب زمان خراب قرية القدس، ولهذا كانت تعطى لرب القدس ثيابه ليظل البيت خرابا.[30] عظيم الكهنة كان قد استحلف ربنا (قائلا): استحلفك بالله الحي ان تقول لي فيما لو انت هو المسيح.[31] ولما رد عليه ربنا بالحقيقة، ارتجف ومزق ثوبه.[32] كان الكهنوت محبوسا /622/ (111) في ذلك الدنس ولما شاهد القدوس مزق ثوب الكاهن وهرب والتجأ الى ربه.

        انا اذاً اؤكد (قائلا): هكذا لو لم يمزق رئيس الكهنة قميصه في تلك الساعة لكان يتمزق من ذاته دون ان يقترب منه. في نفس الوقت نُزعت الحبروية من لاوي ليقوم بدله الحبر على شبه ملكيصاداق.[33] ومع تمزيق الكاهن لقميصه، تمزقت حبرويتهم واضمحلت.

 

الروح القدس مزق ستار الهيكل وخرج منه وسوف يترك خرابا

        ولكي يتحقق هذا (الامر) يشهد لي حجاب الباب الذي تمزق الى اثنين من فوق الى الاسفل.[34] لو تمزق قميص الكاهن بيدي الكاهن، فحجاب بيت القدس باية اياد تمزق الا بواسطة الروح القدس الذي تركهم وخرج.؟ هوذا متروك لكم بيتكم خرابا.[35] الكهنوت هرب، والحبروية رُفعت، والمسحة انتقلت، وقرية القدس اراحها الفساد.

        انظر وها انك تجد الهيكل مشلحا ولباس الكاهن ممزقا والحجاب ممزقا الى اثنين. اخذت ثياب خدمة رب بيت القدس التي القتها عليه العبرانية المخطوبة. لما تريد (المرأة) ان تطلّق خطيبها تطرح ثيابه، وهكذا ايضا الجماعة التي كان فكرها قد انهزم من القدوس القت كل الحبروية التي اعطاها اياها والبستها اياه بمنديل المذبح.[36]

 

 

لا تناقض في قول الانجيل: مرة لبس يسوع قميص الارجوان، ومرة قميص الحرير

        احد الانجيليين قال: البسوا ربنا قميص الارجوان،[37] وآخر قال: قميص الحرير.[38] وكلمات الرسل ليست متناقضة لكنها تؤيد بعضها بعضا. احد ثياب الخدمة كان نسيجه الحرير وصوره ارجوانية وهذا نفسه البسه الكهنة لربنا، ولهذا احد المؤرخين ذكره من لونه ورفيقه ذكره من (اللون) الآخر لكي يبرهن الواحد على نسيجه والآخر على صوره، ولهذا قال احد الانجيليين البسوه قميص الحرير، وآخر /624/ (112) قال: ثياب الارجوان كما كان (بالحقيقة) من الارجوان ومن الحرير.[39]

 

لون الارجوان والحرير يعلن الجلد والدم

        هذان اللونان يعلنان بمنظرهما: الجلد والدم، لمن يفكر في امور الطبيعة التي ليست بعيدة من الانماط الروحية. هذه الحلة المصبوغة بالدم والمصورة فيها الآلام سبق والبسها للختن اقرباء الشيول هولاء الذين ارسلوا من قبل الموت ليُدخلوا الاحياء بين الاموات. ولشدة حقدهم الذي كان متعطشا الى القتل اسرعوا وصوروا الوان الجلد بالارجوان والوان الدم بالحرير. ولما كان يُسخر منه فقد لبس الآلام بالاسم وبعدئذ قبلها بالفعل.

 

اكليل الشوك يعلن تاج ملوكية المسيح

        كانوا قد ظفروا اكليل الاشواك ووضعوه على راسه،[40] وبالاكليل كانوا يرسمون ايضا ضرباته، لا تُحصى الاشواك ولا يُحسب حد ضرباته، من اشواك كثيرة اكليل واحد اعني من آلام كثيرة موت واحد، داروا وجمعوا الاشواك وتذكروا وجلبوا الآلام واعطوها لربنا: من اشواكهم الاكليل، ومن آلامهم الموت.

        يا لهم من حرفيين ماهرين بالشرور، وحكماء للفساد، وحيالين للضربات، واثرياء بحلول القتل، ومدربين بالدم البريء، واصدقاء الشيطان، وبنو سر الموت. لقد تحكموا وصنعوا اكليلا وصوروا الموت بالتاج ووضعوه على راس الملك، سبقوا وصوروا انماط هذه الامور التي ستحدث قبل ان يدخلوه (امام) الحاكم، ورسموا على البار جلده بالارجوان، وبالحرير دمه، وبالاشواك اوجاعه، وبالاكليل موته. واصعدوا الصورة لضرباته قبل ان يتعذب لكي يُشاهد موته بالصور قبل ان يموت.

 

 

ركع الصالبون امام المسيح-الاله وقالوا: السلام يا ملك اليهود

        كانوا قد ركعوا ايضا على ركبهم امامه وهم يسخرون منه قائلين: السلام يا ملك اليهود.[41] انا سمعت بانهم ركعوا على ركبهم /626/ قدامه، اما استهزاؤهم به فهذا يعود اليهم. انه مكتوب: له تنحني كل ركبة (موجودة) في السماء وعلى الارض.[42] وصالبوه الساخرون اعطوا له السجود ايضا بارادة شريرة. له السجود، ولهم الارادة الشريرة، ولانه بالحقيقة الملك في عالمه لم يختف اسم مملكته حتى لما كان يسخر منه اعداؤه.

        وكل ما هو خاص بالمملكة اخذه بالاسم من اعدائه: القميص والاكليل والسجود والسلام واسم الملك واعداؤه راكعون امامه على ركبهم ويعطونه السلام ويدعونه ملك اليهود.[43]

 

زوال الكهنوت والملوكية عن اليهود

        هم كانوا يفعلون (هذه الامور) بالسخرية، اما هو فكان ياخذ منهم ما هو مُلكه. اي ملك قام في شعبهم منذ ذلك الاكليل وفيما بعد،؟ او أي كهنوت ثبت لديهم منذ ان القوا منديل القدس على ربه.؟ كهنوت ومملكة اليهود أُخذت منهم بثياب السخرية وباكليل الاشواك واعطوها لذلك الذي هي مُلكه ولو انهم فارغون وخربون.

 

صرخ اليهود: ليصلب يسوع وليحرر برأبا

        ادخلوه واقاموه قدام الحاكم وجميعهم كانوا يصرخون: ليُصلب.[44] حسد المرضى السخفاء الآسي لانه اخذ منهم امراضهم، ابغض المكسورون المجبر لانه ضمد مجانا كسورهم العظيمة، سألت رفيقة الاشرار ان يطلق اللص ويُصلب ابن الصالح الذي شفاها، جعلها حاكمها تختار: مَن تريد ان يعطى لها.؟ وابانت فكرها: انها تحب اللص اكثر من آسي المرضى.[45]

        قال الحاكم: من تريدون ان اطلق لكم،؟ هل اطلق لكم برأبا او يسوع المسمى المسيح.؟ وصرخ جميعهم وقالوا: برأبا.[46] النبؤة نطقت بواسطة الجهال، الحق انشد بواسطة الكذابين. لقد كرزوا ما سيصير دون ان يعرفوا ماذا يقولون. يسوع صُلب بدل برأبا وقد اتى ليحله من القيود. لماذا رُبط ربنا الا لكي يحل آدم.؟ او ماذا كان يعني هذا السر لما كان يُطلق في ذلك العيد سجين الا نمط آدم الذي حُل من رباطاته في عيد الصليب.؟

 

 

برأبا نمط لآدم

        /628/ (116) الآب الرحمن جعل آدم ابنا بنعمته ليصير وارثا لمقتناه، ولهذا ان آدم هو برأبا لما اذنب. رُبط في الشيول ولما دنا العيد العظيم الذي فيه حُل من رباطاته كان اللص محبوسا من قبل العبرانيين وكان يسمى هو ايضا: برأبا. ولما سالهم بيلاطس مَن تريدون ان اطلق لكم،؟ قالوا: برأبا. هم كانوا يحبون اللص، بينما كانت النبؤة تصرخ في افواههم: ليُطلق آدم.[47]

        دخل الذي يحل المربوطين[48] الى السجن وهاجت الصرخة من قبل الشعب لكي يُطلق ذاك السجين بسبب دَينه. مَن بدّل اسم ذلك الذي كان حبيسا في ذلك الحين لكي يدعى برأبا الا التدبير الغني بالتمييز الذي شاء ان تصير صرخة في فم كل الشعب بخصوص آدم، ثم يُطلق.؟ مَن تريدون ان اطلق لكم،؟ وصرخوا جميعهم وقالوا: برأبا.[49]

        الارادة هي شريرة، والصرخة هي حسنة. رُبط يسوع واطلق برأبا، جرم البار، وانتصر المدين، حبس البار، وخرج المذنب، جلد ربنا، وحفظ آدم من الجلدات. الشمس احتضن العمود، واللهيب جلد بالسياط، الجبار حامل ثقل العالم ويرفع بآلامه اوجاع المجرمين، الغني اوفى دَين الفقراء ومزق الصك الذي لم تقدر ان توفيه كل الاجيال.[50] الصليب جدد البرية بآلامه، واقام عالما لافاسدا بضرباته.

 

الخاتمة

ولهذا البيعة تصرخ وصوتها عال (وتقول): انا لا افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح[51] الذي، له التسبيح في كل زمان والى ابد الابدين آمين.

 

 

 

 

 

 

 

[1] – يعقوب يؤكد بان النفس الطاهرة ترى الخفايا. انظر، ميمره 88، 118

[2] – ارميا 2/12

[3] – اشعيا 13/13

[4] – ايوب 13/25

[5] – اشعيا 40/6

[6] – اشعيا 53/6

[7] – اشعيا 9/6. المسيح يحمل خطايا “الكثيرين” أي خطايا كل العالم. يوحنا 1/29

[8] – قولوسي 2/14

[9] – متى 21/38، عبرانيون 1/2

[10] – عاموص 9/1، تكوين 11/1-9؟

[11] – تكوين 3/17

[12] – تكوين 3/19

[13] – متى 26/67، متى 27

[14] – اشعيا 50/6

[15] – آدم مسجون في الشيول منذ ستة آلاف سنة. هذه النظرية هي تذكير بنظرية ملفاننا عن “الالفية”

[16] – عبرانيون 9/28، اشعيا 53/12

[17] – عبارة المرارة او السم او العكر او القيء الذي يتقيأه او ينفثه او يسكبه التنين او الحية ترد لدى ملفاننا. انظر، ميمره 15، 86، 137، 144. انظر، رسالة/11، 12

[18] – متى 10/16

[19] – متى 26/49

[20] – متى 27/30، 26/67، يوحنا 19/34، متى 27/34، مرقس 15/17

[21] – متى 26/59-60

[22] – يوحنا 5/18، متى 26/61، مرقس 14/61

[23] – يوحنا 9/6-7

[24] – متى 12/9-14

[25] – لوقا 13/10-17

[26] –  عدد 4/14

[27] – متى 27/28

[28] – متى 26/66، متى 27/23

[29] – متى 26/66، متى 27/23

[30] – متى 23/38

[31] – متى 26/63

[32] – متى 26/64-65

[33] – مزمور 110/4، عبرانيون 7/11، 17. ملفاننا يؤكد ويقول ان تمزيق ثياب رئيس الكهنة كان سيحدث مزقها رئيس الكهنة ام لم يمزقها. يعطي مثال تمزيق حجاب الهيكل بواسطة الروح القدس

[34] – متى 27/51

[35] – متى 23/38

[36] – يذكر ملفاننا عادة “القاء ثياب الخطوبة” لما تطلق المرأة خطيبها. قد تبرهن هذه العادة على الطلاق القانوني في عصره ؟

[37] – يوحنا 19/2، مرقس 15/17

[38] – متى 27/28

[39] – ملفاننا يفسر نصي متى (ومرقس) ويوحنا ويقول ليسا متناقضين. هنا تبين اهمية التفسير الحرفي في تعليم ملفاننا

[40] – متى 27/29

[41] – متى 27/29

[42] – فيليبي 2/10، اشعيا 45/23

[43] – متى 27/29

[44] – متى 27/22

[45] – متى 27/17، 21

[46] – متى 27/17، 21

[47] – برابا هو صورة لآدم. انظر، ميمره 53

[48] – مزمور 146/7

[49] – متى 27/17، 21

[50] – قولوسي 2/14

[51] – غلاطية 6/14