الميمر 76 على العصفورَين في الناموس

الميمر 76

 

        ربنا اعطني ايضا عِشرة لتراتيلك، مَن يشبع من الكلام عن انتصاراتك،؟ افتح لي الباب لادخل الى كنز اسرارك، وأُخرج الغنى للعالم المعوز ليغتني به، افهمني الخفايا الموجودة في ناموسك، لانشرها على التجار بواسطة تعليمك، ادخلني العقل الى بيت ميامر غوامضك، اعطني القوة لاحملها للخارجيين.

        اسرارك تطلعت بدقة كالنيرات، والنبؤة فهمتك باشباه مختلفة، ظِلُ قتلك وقع على الذبائح وكان يُغفر بعض منها بسببك.

        يعقوب ينقد من لم يقرأوا اسفار موسى ويمدح المثقفين: لو وُجد هنا احد تعب في القراءات، فالموضوع الذي صممتُ ان اتكلم عنه واضح، من عمل مع الناموس بنشاط، يعرف اين توجه درب الميمر، من توجد فيه حركات المحبة للعِلم يفهم الاسرار الخفية التي اتحدث عنها، لو وُجد احد لم يقرأ اسرار موسى، كيف يقدر ان يسمع منا تفاسيرها،؟ جمال الالوان لا ينفع الاعمى شيئا، لانه لا يرى، فماذا يستفيد من ضوئها،؟ رعود الاصوات هي كلا شيء لاذن الاطرش، لانه لا يوجد له باب للسمع ليستقبلها، والعلم ايضا هو كلام فاسد لمن يبغضه، وبما انه لا يحب فكيف يقدر ان يقبله،؟ يا ابناء الثقافة اتكلم معكم فاسمعوني انتم، ولا تختلطوا مع البطالين الذين هم بلا فهم.

        هذا هو نمط الحقائق وهي خفية، والمحبة تقدر ان تكشفها للبرانيين، ايها المتميزون اسمعو بمحبة كما اقول بحواس النفس المتعطشة لتشرب من العلم، لو لم تحركك المحبة لتسمع فلن تستفيد، ولو لم تحب ما تصغي اليه فهو عبث، السر هو سر ولو انفضح ليس بسر، انه محبوب لانه مستتر عن المشاغبين، اسرار الابن تسمو على التفسير ومهما يزيد الكشف عنها فهي اسرار، كم من معرفة بحثت مواضعه منذ الازل، وبما انه غير محدود فلا يُحدد لما يوصف، اسرار ربنا لا تطلب بلاغة الكلمات لانها شمس وحيثما تظهر يشرق النور.

        السروجي يفسر النص كنمط للآلام وللمعموذية. العصفوران لا يغفران للبشرية انما رمز بهما موسى الى الابن وآلامه. ظِل المسيح كان يسقط على الذبائح ويعطيها القوة لتغفر.

– المخطوطات: روما 114 ورقة 64؛ روما 117 ورقة 440؛ روما 118 ورقة 243

– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. الميمر قطعة شعرية رائعة واسلوبه شيق جدا تكثر فيه الاسرار والرموز. يدعو السروجي الى الاستماع اليه بمحبة. يسمي المستعمين اليه ابناء الثقافة. يحاول السروجي ان ينشر التعليم للبرانيين ويدعو الى مطالعة الكتب المقدسة. الاسرار هي اسرار ولو فُسرت لما سميت بعدُ اسرارا. قد يرقى تاريخ تاليف هذا الميمر الى عهد الشباب يوم كان ملفاننا يعلم في منطقة الرها اي الى حوالي سنة 480-490م.

– الدراسات:

Mösinger I, pp. 45-57

Graffin Francois, Mimro de Jacques de Saroug sur les deux oiseaux, in OrSyr 6 (1961) 51-66

 

 

للقديس مار يعقوب

الميمر 76

على العصفورَين في الناموس:

كان الواحد يُقتل على ينبوع الماء وكانوا يطيّرون الآخر نحو الحقل[1]

 

المقدمة

 

1 ربنا اعطني ايضا عِشرة لتراتيلك، مَن يشبع من الكلام عن انتصاراتك،؟

2 افتح لي الباب لادخل الى كنز اسرارك، وأُخرج الغنى للعالم المعوز ليغتني به،

3 افهِمني الخفايا الموجودة في ناموسك، لانشرها على التجار بواسطة تعليمك،

4 ادخلني العقل الى بيت ميامر [ غوامضك،[2] اعطني القوة لاحملها للخارجيين،

5 وقف الفكر على الكنوز التي طمر موسى، ورآك هناك لانك خفي بين خزائنها،

6 صوّرك موسى سريا بدم الذبائح، ساعدني لاصفك كثيرا بدموع عينيّ،

7 /225/ طلبتي ضعيفة وقوتها اقلّ من موهبتك، اعط مثلك شيئا عظيما لتوصف به.

 

موسى طرد الخطيئة برشّ الدم: رمز دم المسيح

8 اسرار قتلك كانت قد تداولت بواسطة موسى، وكان يرش الدم على الذنوب ليغسلها،[3]

9 لما كانت الخطيئة تتكالب وتلدغ من يقترفها، كان يرش دما على الجرح ويطيّب،

10 كان العالم كله يتوق الى دمك، وكان يستعمل قطرات الدم المستعار،

11 كان الشقي قد ظن بانه يُغفرله بدم العجول، ولم يجمل الا اذا اغتسل بدمك،

12 اسرارك تطلعت بدقة كالنيرات، والنبؤة فهمتك باشباه مختلفة،

13 وجدت بان الخطيئة لا [ تُربط[4] الا بالدم، فاصعدت الذبائح لتخيفها بالدم الى حين مجيئك،[5]

14 ظِلُ قتلك وقع على الذبائح وكان يُغفر بعض منها بسببك،

 

15 الخطيئة كانت تراك في الدم وتخاف منك، ورائحة قتلك كانت تطردها لتنتقل،

16 كانت الاغنام والثيران اضعف من ان تخلص، قوة سرك كانت تنتصر بها لاجل الغفران،

17 كثرت اشكال الذبائح بواسطة موسى، /226/ حتى يرسم صورتك العظمى بالذبيحة من كل الوان،

18 لم يكن له لون كافٍ ليصورك به، فامتزجت كل الالوان في بعضها ولم تكف (لتصويرك)،

19 دم التيوس ودم العجول وافراخ الحمام واليمام والاجناس الاخرى باشكالها،

20 كثّر موسى الذبائح المبلبلة لاجلك حتى يبرهن بان قتلك العظيم يخلص العالم،

21 وجد الخطايا مضطربة اكثر من كل الاهواء، فاصعد الذبائح المختلفة ضدها،

22 لم يكن لموسى ذبيحة عظيمة مثلك ليقتل بها كل الذنوب بدل (الذبائح) الكثيرة،

23 كان يُقرب قربان واحد للنقيصة لان الدم كان ضعيفا ليلاشي بقوته (النواقص) الكثيرة،

24 لم يكن له دم ثمين كدمك ليغسل هو وحده العالم كله من الدنس،

25 ذبح العصفورَ الضعيف لاجل الخلاص من الخطيئة، كم من خاطيء يا ترى يخلص العصفور بقتله.!

 

يعقوب يتكلم

26 لنترك الآن كل الذبائح واشكالها، ولنتكلم عن العصفور الذي كان يُنحر،

27 لو وُجد هنا احد تعب في القراءات، فالموضوع الذي صممتُ ان اتكلم عنه واضح،

28 من عمل مع الناموس بنشاط، /227/ يعرف اين توجهت طريق الميمر،

29 من توجد فيه حركات المحبة للعِلم يفهم الاسرار الخفية التي اتحدث عنها،

30 لو وُجد احد لم يقرأ [ اسرار[6] موسى، كيف يقدر ان يسمع منا تفاسيرها،؟

31 جمال الالوان لا ينفع الاعمى شيئا لانه لا يرى، فماذا يستفيد من ضوئها،؟

32 رعود الاصوات هي كلا شيء لاذن الاطرش، لانه لا يوجد له باب للسمع حتى يستقبلها،

33 والعلم ايضا هو كلام فاسد لمن يبغضه، وبما انه لا يحب فكيف يقدر ان يقبله،؟

34 يا ابناء الثقافة اتكلم معكم فاسمعوني انتم، ولا تختلطوا مع البطالين الذين هم بلا فهم،

35 يجب عليكم ان تفهموا جمال الاسرار لانكم تالمتم من قراءات الغوامض.

 

نص ذبيحة العصفورين (لاويون 14/2-7)

36 اعطوني الاصغاء لانني صممت ان اتكلم عن ذبيحة العصفورَين التي امر بها موسى،

37 لما كثّر اشكال الذبائح كما قلنا، لنتكلم الآن عن هذه الواحدة بدل الكثيرة،

38 كان موسى قد امر لما يتطهر احد من برصه ان يجلب عصفورَين للذبيحة بدل التطهير،

 

39 /228/ وخشب الارز، والزوفا، وصبغ القرمز، وليامر الكاهن وليُنحر عصفور واحد على الماء،

40 ويعصرون دم ذلك الذي ذُبح على الينبوع، وذاك (العصفور) الحي وصبغ القرمز،

41 وخشب الارز والزوفا والعصفور الذي لم يُذبح يغمسها بدم العصفور الذي قُتل،

42 ويرش الكاهن على الرجل الذي طهر [ دما من الذبيحة التي جلب الرجلُ لاجل تطهيره،[7]

43 ويطيّر ذلك العصفورَ الحي نحو الحقل، وليطهر ذاك الذي يقرّب لاجل هولاء،

44 هذا هو نظام ذبيحة العصفور الذي كان يُقرب: واحد يُقتل وآخر يطير كما قلنا.

 

تفسير ذبيحة العصفورين

45 اذاً نستفسر: كيف، ولماذا، وباي سرّ، [ وباي نمط،[8] ولاية غاية صارت هذه الامور،؟

46 ماذا يفيد موت العصفور من يقربه،؟ وما هي القوة الموجودة فيه للانقاذ،؟

47 ما الفائدة من ذلك الذي تُرك ليطير، وماذا فعل ذاك الذي قُتل بعد موته،؟

48 او لماذا، وكيف يُعصر دمه على الماء،؟ او لماذا وباي سرّ ذهب ذاك (الواحد)،؟

49 او لماذا خشب الارز مع تلك الذبيحة،؟ /229/ او صبغ القرمز ماذا كان يفيد،؟

50 يا موسى العظيم الامور التي تصنعها هي خفية، ولا تُرى الا بحواس الايمان،

51 القربان ضعيف ما لم ينتصر فيه السرّ، وذبيحتك محتقرة لو لم تصور شيئا اعظم،

52 ايها الرجل ان موضوعك يستحق [ السخرية[9] ما لم يكن سرّا، فهل يوجد غفران بدم عصفور كما تقول،؟

53 [ الذبيحة تخيف[10] ما لم تكن الغازها صادقة، والقربان مرذول ما لم ترمز به الى شيء،

54 لنفرض بان موت العصفور كله حياة، كم من خلاص يقدر ان يصنع كما تقول،؟

55 لزم فهم شيء آخر لهذا النظام: كان دم (العصفور) الضعيف موضوعا بدل التطهير،

56 في هذه الذبيحة الحقيرة المنظر كان (يوجد) سرّ، فلا يحتقر احد امور موسى العظيم البسيطة،

57 صُور هناك قتلُ ربنا وذبيحته، لانه صار ذبيحة مائتة وغير مائتة،

58 في قربان واحد قتلٌ وحياة بدل الغفران، كما ان ربنا هو ميت ومنبعث بصلبه،

59 انه الذبيحة المقتول والحي وهو واحد، /230/ وانه مذبوح على الماء ويطير بسرعة في الهواء،

60 في كل اشكال الذبائح التي اصعدها موسى لم يظهر هذا الشبه الا في هذه (الذبيحة)،

61 هذه هي الذبيحة المسكوب دمها، كما لو كان في سرّ وهي حية وتطير لتصور نمط القتل العظيم،

62 من نفس الذبيحة حياة وموت كما كان ربنا ايضا ميتا في جسده وحيا في ابيه،

 

63 كان حيا فيما يخصه وراكبا العلى عند والده، وكان ميتا في ما يخصنا ويتفقد الموتى في اعماق الشيول،

64 واحدا كان الولد، وواحدا الوحيد، وواحدا المخلص الذي مات وانبعث، وخبره يفوق التفسير،

65 صوّره موسى بالذبيحة التي قربها على الينبوع، وخلط الدم والماء في بعضها ليتشبه به،

66 جرى من جنب مخلص الكل دم وماء، ولهذا سكب موسى الدم على الماء،[11]

67 ظِلّ القتل العظيم وقع هناك، وابرم شرطا لاجل الغفران بواسطة موسى،

68 بالدم كان قد رسم المعموذية فوق الماء، ولهذا قرّب الذبيحة عند الينبوع،

69 بالدم والماء اللذين اختلطا هناك صوّر هذا البطن الذي يلد كل يوم جميع الروحيين،

70 موسى خنق الخطيئة بالماء منذ ذاك الحين، /231/ لتنتصر المعموذية بالغفران،

71 لو لم يكن يرسم صورة للمعموذية، لماذا سكب الدم على الماء لاجل الغفران،؟

72 كان يقود من يطهر عند الينبوع، ليغسل الاثم سريا بالماء والدم،

73 بذبيحته كان قد صوّر قتل ربنا كما قلنا، وبالينبوع ابان جمال المعموذية،

74 اين وجدتم ذبيحة تطير ما عدا هذه، او قتيلا يعطي الحياة ما عدا ربنا،؟

75 كان موسى يثير هذه الاسرار على الذنوب، وبقربانه كان يستأصلها من النفوس،

76 هناك كان يخيف الموت برائحة الحياة، ليصنع بالقربان فرجا لمن كان يخطيء،

77 حمل اللاوي صورة النور بذبيحة الاسرار، ليطرد باشراقها الظلمة التي اعمت النفس،

78 كان قد صوّر بذبيحته كل صورة الصلب، ليبرهن بانه يطهر من يتدنس،

79 ولو لم يصور الصليب بالحقيقة كما قلتُ، ماذا كان ينفع خشب الارز عند الينبوع،؟

80 صنع التطهير بالقرمز لون الدم وخُتم كل نمط الحقائق،

81 ايها المتميز انظر الى كل الذبيحة التي كانت تُقرب: /232/ لقد صوّرها موسى اكيدا بقتل [ الابن،[12]

82 ببرص الرجل مثّل هناك اثم العالم، ومزج الدم والماء ليطهر ذلك الذي تدنس،

83 من الينبوع اصعد صورة للمعموذية، وبالقرمز كرز لون الصلب،

84 بخشب الارز ثبت الصليبَ فوق الماء، وصوّره بالدم لئلا ينقص جمال آلامه،

85 لصق الزوفا على جروح ذاك الذي طهر، ورش عليه الدم ليغسله السرّ من الدنس،

86 دم ربنا طهر العالم من الارجاس، وقتلُه العظيم لاشى الدنس الكثير،

87 انه الذبيحة الذي منه جرى ماء ودم، ورش العالم وبه طهر برص نفسه،

88 هذه الذبيحة صورها نمط (العصفور) الذي قتلوه وطار، وطهر الملوثين وركب العلى ليرتفع،

89 ذبيحة ربنا طهرت العالم من الدنس، وصنع التطهير وعاد الى موضعه بقوة عظمى،

90 صعد من القتل وهو ملطخ بدم ذبيحته، ورش المدنسين وطار في الهواء ليطهرهم،

 

91 موسى صوّر هذه الاسرار بذلك التطهير، /233/ لانه لا فائدة قط بدم العصفور،

92 موسى تطلع الى انماط الابن بالوحي، ومنها وبها كان يتعامل مع الادناس،

93 راى بان العالم يشبه الرجل الابرص، وفهم بان الشقي لا يطهر الا بالدم،

94 راى بان الولادة الروحية تصير من الماء وصوّر برهانا مليئا عجبا لهذه الامور،

95 راى بان الخشب-الصليب يطهر كل الارجاس، فوضع خشب الارز في ذبيحته ليتشبه به،

96 نظر الى هدف الصلب الذي يقطر الدم، فجلب لون القرمز ليصور مثله،

97 راى بان لابن يطير في الهواء بعد قتله، فالقى لاكرامه ذبيحة تطير ومصبوغة بالدم،

98 عجيبة هي الاسرار التي قام بها موسى، ولا تُسمع الا بآذان الايمان،

99 انه لقول عجيب لما كان يقف الرجل الابرص، وكانوا يرشون عليه الدم والماء ليطهر،

100 كانوا يخيفون ذلك الدنس بلون القرمز المنتصر والمليء آلاما حتى يهرب منه،

101 كانوا قد قربوا له خشب الارز الملطخ بالدم ليطهر تحت راية الصلب،

102 نحروا عصفورا على الينبوع، (وعصفور) آخر طار، /234/ [ ليُرتل[13] قتل ربنا بكليهما،

103 موسى قبل بالوحي: ماذا وجب عليه ان يصنع، ليترك قسما من الذبيحة في الحياة وقسما يقتله،

104 وذاك العصفور الذي تركه صبغه بالدم حتى يشترك بالذبيحة دون ان يتالم.

 

يعقوب يتكلم

105 هذا هو نمط الحقائق وهي خفية، والمحبة تقدر ان تكشفها للبرانيين،

106 ايها المتميزون اسمعو بمحبة كما اقول بحواس النفس [ المتعطشة[14] لتشرب من العلم،

107 لو لم تحركك المحبة لتسمع فلن تستفيد، ولو لم تحب ما تصغي اليه فهو عبث،

108 لو لم تقف في موضع الكلمة لما تقال فهي غريبة عنك ولا تقدر ان تفهمها،

109 للكلمة حديث آخر توصف به، وتطلب حواسا متميزة في النفس لتنصت اليها،

110 لا فائدة من صوتها لمن يسمعها: لها ان تعطي شيئا آخر لمن يصغي اليها.

 

الابن غير محدود وغير موصوف

111 [ السرّ] هو سرّ ولو انفضح [ ليس[15] بسرّ: انه محبوب لانه مستتر عن المشاغبين،

112 اسرار الابن تسمو على التفسير /235/ ومهما يزيد الكشف عنها فهي اسرار،

 

113 كم من معرفة بحثت مواضعه منذ الازل، وبما انه غير محدود فلا يُحدد لما يوصف،

114 كم من حكماء تزاحموا على ميامره باشكال مختلفة، ومن الواضح بانهم لم يصفوه كما هو،

115 كم من حكمة ناقضت بعضها بعضا، ولم تقدر ان تحدده لانه بدون حد،

116 كم من علماء ازدادوا علما كما ظنوا، لكنهم لم يعرفوا لانهم لو عرفوه لما كانوا يجادلون،

117 كم [ وُصف[16] من قبل الكثيرين باقوال كثيرة، وسرّ كلمته خفي في سرّيته (ويظل) كما هو،

118 كم ظنوا بانهم ادركوا وبلغوا الى قمة الحكمة، ولما وقفوا عليها دهورتهم لانهم ضلوا بها،

119 اسرار ربنا لا تطلب بلاغة الكلمات لانها شمس وحيثما تظهر يشرق النور.

 

الاناء بما فيه ينضح

120 لما تتطلع النفس الى جمال اشكالها تحمل منها القوة بمحبة لتصفها،

121 في كل جمال توجد قوة ليعطي شيئا، ويقدر ان يحمّل من يراه مما هو،

122 لو تلقي بعينك لى الزانية بشهوة، يحمل جسدك حركات مضطربة من الشقية،

123 /236/ لما ترى الذهب او اي جمال كان فانه يربطك به لو اشتهيته،

124 في كل عنصر قوة حسب شكله، ويعطي مما له شيئا لمن يفكر فيه،

125 وبهذا الشبه، النفس التي ترى اسرار الابن تحمل منها بهاء الكلمة لتكشفه،

126 واذا كان الذهب يسبي بمنظره وهو ارضي، كم بالحري غنى الاسرار يجذب من يراه،؟

127 واذا كانت الزانية ترسل غليانا لمن ينظر اليها، كيف يظلم اللاهوتَ من يتامل فيه،؟

128 من الدنس ينضح الدنس، ويربط بجبروت من يصادفه بما هو خاصته.

 

العقل يتاثر بما يرى

129 وللطهارة قوة ايضا مثلها، ولما يراها احد يحمل منها ما هو خاصتها،

130 جمال الاسرار صادف العقل بين القراءات وقبل منها بعجب اشعاعا ليتكلم عنها،

131 المعرفة رأت صورة الصلب العظيمة وحملت قوة لتصرخ علنا على انتصاره،

132 الذهن رأى جمال [ الصلب اللائق[17] وحبل منه ليلد شيئا يشبهه.

 

 

عصيات يعقوب (تكوين 30/37-43)

133 واذ سمحت العصيات للغنم ان يحبل، /237/ كم بالحري ستنسكب الاسرار العجيبة على المعارف،؟

134 القضبان المقشرة اعطت الوانا مختلفة للغنم، والافكار حملت من القراءات ميامر منظومة،

135 النفس تطلعت الى الاسفار، ورات هناك جمال الابن وها انها ملزمة لتصفه،

136 موسى العجيب صوّره بذبائحه وقرابينه، ليصير الغفران بظِل الجسم العظيم،

137 طهّر العالم بظِل ابن الله، كما شفى الرسل المرضى بظلهم،[18]

138 كان العالم ابرص باثم النفس ومليئا ادناسا، وكانت ضربته عظمى ولا حدود لدنسه،

139 كان نتنا بذبائح الوثنية الكثيرة وبمحرقات الاصنام الفاسدة العديدة،

140 كان ملطخا بدم كل الذبائح الذي كان يفيضه، ومدنسا ببرص بغيض في كل جسمه،

141 اتى ربنا ليصير ذبيحة لاجل تطهيره، ومحبته حلت محل الكاهن وبها قُرب،

142 قبضوا عليه ليدخل ويصير لاجل العالم بدل القربان، ويطهر ذلك الدنسَ الملتصق به.

 

النعمة تقول للمسيح: العصفور لا يقدر ان يطهر برص-اثم العالم

143 وكانت تقال مثل هذه الامور من قبل النعمة للمسيح-الذبيحة لما كان يدخل ليقرب ذاته:

144 ربي، لا يقدر موت العصفور ان يطهر /238/ برص العالم من الدنس الكثير الموجود فيه.

 

لتبطل ذبائح وزوفا موسى وقرمزه

145 ادخل انت وصِر ذبيحة وطهره من ادرانه، ورش عليه دمك فيطيب جسمه النتن،

146 الى هنا تعب الناموس وصوّر لك انماطا فليسترح اذاً: تكفي الذبائح الضعيفة [الميتة،[19]

147 اسكب دمك الثمين على العالم، وها قد طهر، [ ماذا تفيده ذبائح العصافير التي كانت تُنحر،؟[20]

148 ارفع خشب صلبك على جروحه، وليبطل زوفا موسى وقرمزه،

149 افتح له جنبك وهات منه الماء والدم، واصبغه به وليطر معك لما تصعد،[21]

150 تكفي الاسرار لقد قضت مهمتها حسنا فلتسكت اذاً، طهّر خاصتك بك ومنك مثل متفقد الكل.

 

 

الابن يُصلب لاجل كل العالم

151 تقدم ربنا الى الذبح ليطهر الكل، فتجسدت فيه خطايا العالم ليقتلها،

152 رفع الاثمَ وتوجه نحو القتل، وبذبيحته يموت اثم العالم كله،

153 مسك الخطيئةَ لما كانوا يجلدونه ليصير ذبيحة، ولما صلبوه سمرها بالمسامير لئلا تملك،

154 ربطوا الابن بدل كل الذبائح التي اصعد موسى، /239/ ليكون قتله لتطهير كل العالم،

155 طعنوه هناك وجرى منه ماء ودم، لتتهيأ بالحقيقة المعموذية للتطهير،[22]

156 صليب الابن تلطخ بدمه الغافر بدل ذلك الخشب الذي صبغه موسى بدم العصفور،

157 كان قد افيض الدم المطهِّر على الذبيحة، وبلونه حل محل صبغ القرمز،

158 بهذه الذبيحة صار التطهير للعالم الابرص، وبطلت ذبائح العصافير التي لم تكن تنفع،

159 هذا الغسل خنق الاثم الذي اقلق الارض، ونظف دنس [ الجسم[23] كما لو كان من البرص،

160 هذا هو الطاهر الذي قُرب لاجل الدنسين، وبذبيحته طهر الكثيرين من الدنس،

161 بهذا الرشاش غُسل جرب النفس، ومنه لبست الطهر لانها كانت عارية،

162 هوذا قربان لم يطهر به واحد فقط، بل جموع وعوالم وصفوف وطغمات وآلاف،

163 في هذا المعين اختنقت الخطايا الكثيرة: كم (شخص) كان يقدر ان يطهر دم العصفور،؟

164 دم الصليب طهر العالم الذي كان مدنسا، وبه خُتمت اسرار موسى الكثيرة،

165 /240/ صعد الجبار وركع على المذبح ليصير ذبيحة لئلا يتعب العالم بعدُ بالذبائح لاجل التطهير.

 

ماء ودم جنب المسيح يطهران العالم

166 بصليبه فتح المعموذية ليس من الارض لكن منه فتح ينبوعا يطهر الكل،[24]

167 كل الينابيع تتدفق من العمق الى العلى، وهذا [ الجدول[25] سار من العلى الى العمق،

168 على الصليب صار جنب المسيح معينا جديدا، ففجر جدوله نحو السفليين ليطهرهم،

169 لم تصعد امواج (المعين) الشريف من الارض، لكن العلى تقيأه بالحنان ليطهر الدنسين،

170 من قمة الصلب نزل الى العمق، فتقوى تياره وجرف اثم العالم كله،

171 جرى الى الاسفل ولم يتدفق من الارض الى العلى، ارسله العلى وقبله العمق ليطهر به،

 

172 كان جدول الممجد ممزوجا بالدم والماء، لئلا ياخذ ماء العالم ليختلط به،[26]

173 ربنا لم يصنع ذلك التطهير مثل موسى الذي جلب الماء من جهة والدم من (جهة) اخرى.

 

المعموذية معين بتول يلد الشيوخ ويجعلهم شبابا

174 من الجدول نفسه اجرى للعالم ماء ودما، ليطهر بقوة واحدة الدنسين الذين تلوثوا،

175 هذه بئر سماوية نزلت الى الارض /241/ واطلقت فيضها على الارجاس لتطهرهم،

176 المعين البتول الذي يلد كل يوم ببتوليته، وكلما انجب حضنه مقدس وولده طاهر،

177 ابن البتول فتحه بآلام صلبه، ولن ينغلق قبل ان يتجدد العالم كله،

178 هوذا الشيوخ ينزلون فيه ويصبحون اطفالا، لانه حضن طاهر ينجب جميع الجميلين للحياة،[27]

179 هوذا جرَب العالم يُغسل ويطهر به، وتصعد منه اجسام نقية بدون قروح،

180 موسى صوّر هذه الصورة بذلك التطهير: اللاوي لم يصنع الكمال بدم العصفور،

181 لما كان ياخذ الرجل ثيابه عند الينبوع كان يُصور به عماذ العالم بوضوح،[28]

182 لما كانوا يرشون الماء والدم على جروحه، كان هذا الرشاش ينتصر به كما قلنا،

183 موسى حمل هذه الالوان بذبائحه السلامية، ولهذا كانت الصور التي صورها للحقيقة ناجحة،

184 دم ربنا صنع الغفران، وزاد الحياة، وطهر المدنسين، واعطى المغفرة، وشفى الامراض،

185 وتحنن على الخطأة، وبرر العشارين، وازال الذبائح، واسقط الاصنام، وسحق الصور، وخنق الذنوب،

186 وبه مُحيت الخطايا، وبه مات الاثم، وبطل الظلم، وملك الامان، وكثر السلام، وتقوّت المحبة.

 

الخاتمة

187 وبه وباسراره طهّر العالمَ من الدنس، مبارك الاول الذي هو الاخير ولا يتغير.[29]

 

كمل (الميمر) على العصفورين

 

[1]– – ر 114. لاويون 14/2-7. ر 117: على هذين العصفورين المأمور في الناموس بان يُذبح الواحد على ينبوع الماء والواحد يطيّره الكاهن وهو حي

[2] – ر 118: عتائقك)، نص: عمائقك

[3] – خروج 12، 24/6، 8؟

[4] – نص: تربط، بيجان يصوب: تُغسل؟

[5] – عبرانيون 9/22

[6] – ر 117: كتُب

[7] – ر 118: يهمل عجز البيت

[8] – نص: وباية فرصة

[9] – نص: الجريمة

[10] – ر 114: الذبيحة هي مخيفة، ر 117: ذبيحتك هي مخيفة

[11] – يوحنا 19/34

[12] – ر 114: للابن

[13] – ر 118: ليحرس

[14] – ر 117: التي تقدر

[15] – ر 118: هذا. ر 118: او لاو، نص: افلو. اروع تفسير للسر: السر سر ولو انكشف لم يعد سرا، ولهذا يكون السر مهما ومستترا عن المجادلين وغيرهم. انظر، ميمره 57

[16] – ر 117: وصفوا

[17] – ر 117: العظيم المعموذية

[18] – اعمال 5/16

[19] – ر 117: ليجلب

[20] – ر 118: ماذا تنفعها ذبيحة العصفور التي تُنحر لها؟

[21] – مرقس 16/19-20

[22] – يوحنا 19/34

[23] – ر 117: الاجسام

[24] – يوحنا 19/34

[25] – ر 118: ذبيحة

[26] – تقيأت الحية سمها في العالم ولم يعد صالحا. نزل ماء المسيح من العلى او من جنبه وهو غير مسموم ليطهر العالم. الماء يعني العنصر الطبيعي ويعني ايضا زرع البشر وهو رمز للمعموذية

[27] – يوحنا 3، خاصة 3/4

[28] – لاويون 14/8

[29] – اشعيا 41/4؟، رؤيا 22/13