الميمر 156 على ايوب البار لمار افرام

الميمر 156

 

        الحرب تصنع النصر والمعركة هي سبب الاكليل ومن الجهاد تُعرف بطولة الاقوياء، لما لا تحدث الحرب لا يوجد النصر وكلما تغيب المعركة لا يُعرف المقاتلون، لما يحارب احد ينتصر ولما ينتصر يشتهر، ومن لا يحارب كيف يخسر او يربح.؟

        ايوب انتصر بعد محاربته: وهكذا يوب البطل الذي انتصر في الجهاد قبل المعركة كان خبره بسيطا وبعد معركته انتصر، الحرب جعلته مشهورا بالانتصارات، ونشرت خبره بين الشعوب والامم، والسهام التي طُعن بها واحتملها سجلته محاربا قويا.

        بواسطته انكشف الشيطان بانه لا يعرف المستقبل وكان يظن بانه ينتصر ولم يحارب ليخسر، هنا خجلت معرفته وربط كذبه اذ لا يقدر ان يعرف المستقبل ويشهد قوله مع ايوب، الواحد يعرف الخفايا ولا يوجد عارف آخر، الواحد يبيّن المستقبل الخفي الذي تكلم بالانبياء، الشيطان لا يعرف ان يبين ما سياتي، انه بسحره يُضل الصبيان بالامور الماضية.

        الله هو العارف: قدم اليه سؤالا: من اين تاتي،؟ ولم يشأ ان يقول اني خسرت لكنه قال: كنت ادور، استتر في الدوران لئلا يكشف اندحاره وبدل قوله غلبني ايوب قال كنت ادور في الارض، العارف سأل حتى يردعه ولم يرد ان يتعلم، اما ناكر الحقيقة فلم يذكر ما حدث، ردّ بشيء بدل شيء لئلا ينفضح اندحاره، سئل عن اندحاره وبدأ يذكر بانه كان يدور، ثم وبخه عارف الخفايا مثل قائين، وبيّن له كما لو كان بالاصبع الطريق التي اتى منها، ورد عليه عارف الكل: ها قد وضعت قلبك على ايوب.

        المعركة الاولى: الرب مدح ايوب: لا يوجد على الارض مثل ايوب. لم يعرف ايوب بمدحه لما حارب مع الشيطان. لعله كان يصلي مع ابنائه الذين لقبوا بابناء الله مثل اولاد آنوش والقضاة.

        المعركة الثانية: ايوب لا يخافك باطلا حتى تكثر مديحَه، انه يعمل معك باجرته لماذا تعتبرها فضلا، انت اثريته مما لك؟ لماذا تمدح صدقاته.؟ ليُفحص في كور الفقر اذا كان صادقا، ولتُختبر برارته في ينبوع الاحتياج، اتركني اصير صيادا لمقتنياته وورثته، وبعد هذا لو ثبت فانه بالحقيقة بار.

        اللاعارف تكلم بوقاحة مع عارف الكل: اين هي معرفته اذاً لانه قد انفضح، حينئذ ترك عارف الخفايا ان يُجرب عبده ليخزي الشرير بوعده ولياخذ العادل النصر، قال له: كل ما يملكه ايوب هو مسلَّم في يديك، لا تمدّ عليه يدك فقط.

        السروجي يصف باسلوب ساخر الحوار الذي دار بين الابالسة وبين الشيطان معلمهم بخصوص ايوب الذي قهرهم جميعا. اعد الابالسة العدة ليقهروا ايوب ولم يقدروا.

        دعوة لتحمل التجربة مثل ايوب: المتميز يحتمل كل التجارب بدون تذمر ويسكت وينظر الى ايوب الذي جُرب ولم يُحتقر صِدقه، ايها المتميز تشبّه بايوب الذي انتصر في الضيق ولا تحزنك التجارب لانها توصلك الى الرِبح، احتمل كل تجربة تصادفك بدون تذمر واسكت، ولما تثبت مقاوما الوجع سوف يُطبع شبهك بايوب. لو جربك الشرير يبلغك النصر لو تغلب ويلاقيك الغنى كما التقى بايوب الظافر، ولو تُجرب من قبل ربك يصادفك واحد من الامرَين: ستتقوى لانك ارتخيت، او ستنتصر لانك اصبحت كاملا.

– المخطوطات: لندن 14584 ورقة 77؛ لندن 12162 ورقة 160؛ مطبوع بيروت.

– يرد في البداية وفي النهاية اسم مار افرام. مخطوطتان من القرن السابع-التاسع تنسبانه الى يعقوب ويرد في الحاشية القول: يعقوب استعمل الوزن الشعري السباعي-الافرامي. مطبوع بيروت (الجديد؟) وحده ينسبه الى افرام. النظريات الموجودة في الميمر يمكن نسبتها الى السروجي مثل: جهل الشيطان للمستقبل واعتبار اولاد ايوب “بني آلوهيم” الخ…

        لو صحت نسبته الى السروجي، ستسقط نظرية المصدر المونوفيسيتي (يأ) الجديدة نوعا ما والقائلة ان السروجي هو مستنبط الوزن الاثني عشري، ولم ينظم شيئا من الشعر بالوزن السباعي اي بالوزن الافرامي!. حسب ظننا، لا يستبعد ان يكون الميمر بقلم يعقوب الذي استعمل وزن افرام الشعري تيمنا بابيه الروحي، على مثال نرساي الذي استعمل في اشعاره نفس الوزن الافرامي-السباعي الى جانب الوزن الاثني عشري. الى جانب هذا الميمر نظم يعقوب قصيدة اخرى هي الميمر 157 بالوزن الاثني عشري على نفس موضوع ايوب البار. لم يذكر ملفاننا ولا المخطوطات بان الميمر الاول المرقم 156 على ايوب نظم بالوزن السباعي، والميمر الثاني المرقم 157 على ايوب البار نظم بالوزن الاثني عشري. قد يرقى تاريخ تاليف هذا الميمر الى فترة شباب ملفاننا اي الى حوالي سنة 485-490م.

 

 

ايضا

الميمر 156

على ايوب البار

لمار افرام[1]

 

المقدمة

 

1 الحرب تصنع النصر والمعركة هي سبب الاكليل، ومن الجهاد تُعرف بطولة الاقوياء،

2 لما لا تحدث حرب لا يوجد نصر، وكلما تغيب معركة لا يُعرف المقاتلون،

3 لما يحارب احد ينتصر ولما ينتصر يشتهر، ومن لا يحارب كيف يخسر او يربح،؟

4 بقتال الملوك يُعلن بطش قادة الجيوش، وبالخصام فيما بينهم يشتهر اصحاب القوة،

5 لما تهطل السهام في الحرب ينتصر رماة الاقواس، ولما تسبح السيوف في الدم يبين الاقوياء،

6 لما تقاوم الجبهة رفيقتها تُعرف من هي الاقوى، /181/ ولما تشن المعسكرات الحرب يُقهر فريق الضعفاء،

7 الحرب تسبب الفائدة لمن هو منتصر، والمعركة التي استبسل فيها تكسبه اسما صالحا،

8 الجبار الذي لا يحارب المرأة هي افضل منه، لماذا جبروته ما لم ينتصر في المعركة،؟

9 لو لم يحارب قائد الجيش يُعدّ من فريق النساء، ولو لم يشنّ المعركة لماذا يعدونه في الصف،؟

10 الحرب هي التخوم الحقيقي بين النصر والخسارة وتفصل بين كليهما وما ستكون نتيجة كليهما،

11 الى حين شنّ المعركة يتساوى الضعيف والقوي، ولما يتنشط البطل يُمدح بعدئذ بالاكليل،

12 المعركة تنصر البطل الذي تنشط في المبارزة، ومنها ينال مديحا لا يصله الى ان يتعارك،

13 قبل المعركة كان بسيطا وبعد المعركة [ منتصرا،[2] قبل الخصام هو غير معروف، وبعد الحرب يشتهر.

 

 

ايوب اشتهر بعد بلاياه

14 وهكذا ايوب البطل الذي انتصر في الجهاد قبل المعركة كان خبره بسيطا وبعد معركته انتصر،

15 الحرب جعلته مشهورا بالانتصارات، ونشرت خبره بين الشعوب والامم، والسهام التي طُعن بها واحتملها سجلته محاربا قويا،

16 الرماح التي في شرايينه هتفت لانتصار شخصه /182/ واشتهر لانه حارب كثيرا وانتصر لانه تعذب كثيرا،

17 عظم بسبب المعركة لانه سلب عدوه واغتنى وطرح الفريق الساخر وحل عنده النصر،

18 عدوه ظفر له اكليلا ونصره في الخطر الذي صادفه وطهره كالنار التي تطهر الذهب فجمل الذهب وانطفأت النار.

 

الشيطان لا يعرف المستقبل

19 به انكشف الشيطان بانه لا يعرف المستقبل لانه كان يظن بانه ينتصر ولم يحارب ليخسر،

20 تخاصم معه ليقهره ولم يجتهد ليكلله، ووقف في المعركة ليُسقطه ولم يعتنِ بنصره،

21 هنا خجلت معرفته وربط كذبه لانه لا يقدر ان يعرف المستقبل ويشهد حديثه مع ايوب،

22 واحد يعرف الخفايا ولا يوجد عارف آخر، واحد يبيّن المستقبل الخفي الذي تكلم بالانبياء،

23 الشيطان لا يعرف ان يبين ما سياتي، انه بسحره يُضل الصبيان بالامور الماضية،

24 لم ينل العرافة لنفسه ثم حارب مع ايوب، لم يتالم على النصر ثم حارب مع العادلين،

25 الابالسة الذين يضلون بالتعويذات، لماذا لم يعلّموا معلمهم،؟ والابالسة الذين ينفذون السحر كيف لم يُفهموا رئيسهم،؟

26 سخر وهدد بثقة وتكبر بالنصر، ووعد بانه يغلب ايوب وبذلك انفضح اكثر،

27 كيف يعرف الخفايا،؟ هنا تكبر بالنصر /183/ لم يتحقق وحيه لنفسه [ لمن[3] اذاً سيكشف المستقبل،؟

28 بالمعركة مع ايوب انفضح بانه لاعارف واتضحت لامعرفته لان ما وعده لم يتحقق،

29 لو كان يعرف ماذا يصير قبل ان يصير لما كان يتعارك مع ايوب لما غصبه العادل،

30 وكان يرد عليه مثل عارف الخفايا (قائلا): ربي لا اقدر ان اتعارك لان بطلك اقوى مني،

31 لو احارب اعرف بانه سيغلبني بقوته لانه يحبك اكثر مما يملكه ولن يكفر بك حتى وإن مات،

32 لو كان يعرف شيئا لاستعمل هذا الكلام ولما كثّر المواعيد ثم عاد ليصبح مغلوبا،

33 لا يجوز الادعاء بان الشرير يعرف المستقبل، لانه اتضح بانه لا يعرفه بوعيده على البار،

34 فكر الشيطان بشيء وحدث لايوب شيء آخر، هدد كثيرا ليغلبه فانتصر البار واندحر الشرير،

35 ما تمناه لايوب بلغ اليه في الحرب، ومن المعركة نال الضعف والخسارة،

36 بحروبه جعل ايوب شهيرا بين الشعوب والامم، ودرّبه بقطرات دم الجهاد وجعله ذكيا في المعركة،

 

37 صفّه في جبهة المنتصرين وعدّه مع جمع الاقوياء وخلطه في طغمة الظافرين وهوذا انتصاراته في كل الاجيال،

38 / 184/ كان قد دعاه للمخاصمة فاستعد، وقاده الى المعركة وتقاتل، وسحبه الى الحرب وحارب وانتصر في كل الجهات واشتهر،

39 صار محاربا في المعركة، وقويا في الجهادن وذكيا في المعركة التي نزل اليها، ونشيطا في الخطر الذي بلغه،

40 اخذ المديح من المعركة، ومن الخطر النصر، ومن المعركة الظفر، ومن الجهاد الاكليل،

41 هذا الغنى الوفير بلغ ايوبَ بواسطة الشيطان، وهذا الجمال الكثير بواسطة مبغض الجميلين.

 

ايوب يجني ارباحا من محاربة الشيطان

42 ابن الهلاك حمل كنوزه ودعا ايوبَ الى الحرب، حارب المظفر وغلبه وحصل على النهب واغتنى،

43 حتى الصديق لا يقدر ان يفعل لصديقه اعظم مما صُنع بواسطة العدو لايوب محبّ العدالة،

44 اصدقاؤه الذين استعدوا وجلسوا معه على الرماد لم يجلبوا الفوائد كما جلب له الشرير عدوه،[4]

45 لو يوجد شرير آخر شنّ عليه معركة اخرى لصار انسانا روحيا في كور التجارب المختبر،

46 كان قد حصل على ربوات ربوات الانتصارات بواسطة شرير واحد في معركة واحدة، ولو صادفه آخر لكان يضيف الربوات على الربوات،

47 اي صديق من الاصدقاء اضاف مديحا كهذا لصديقه كما عظّم الشيطان اسم وانتصار البار،؟

48 انسباؤه اعطوه نعجة واحدة ومرودة واحدة كفضل عليه، عدوه اعطاه كنزا عظيما لا تقاس خزائنه،[5]

49 /185/ الشيطان ربح الاذى لنفسه بسبب ايوب واغتنى البار [ بالتجارب[6] وخجل الشرير في حروبه،

50 اصابته الفضيحة مع الخجل من المعركة التي نزل اليها، هدد مثل الذكي واستعد وخسر مثل الضعيف واستحى،

51 الخصام الذي صنعه مع العادلين فضحه بانه لاعارف، وكثّر لايوب انتصارات واكسب خزيا لنفسه،

52 بعد هذه الحرب اتضح بانه لاعارف، واصبح سخرية وهزءا لان الغد خفي عنه،

53 يخفى عنه العمل الذي يصير في اليوم الآتي، واذ لم يكن يعرف النهاية حارب مع ايوب.

 

ايوب يحسن الى الفقراء والمحتاجين

54 راى بان البطل يتجبر في جهاد البرارة، فهدد ونزل ليتعارك وعظمت جريمة سقوطه،

55 وجد بان الطمع ليس مخلوطا في غنى البار، فتذمر محب الاثم من عدالة المستقيم،

56 راى مقتنى الوديع الذي لا يدوس حقل اليتيم [ وتكالب[7] ليدوسه باثم التجديف البغيض،

 

57 راى بان يده مبسوطة لتعطي كل يوم للمحتاجين، وبابه مفتوح للمتضايقين ويشبع الجياع من خبزه،

58 كان فرحا امام المتسولين ويسرّ بمن ياخذون، وقد جُعل اخا للمرضى ويحمل حمل المتضايقين،

59 ركبتاه صارتا سريرا للايتام وحمل ابناء الفقراء /186/ لاطف وقبّل وربى والبس وحرس واقات،[8]

60 الشيطان راى البار في هذا الجمال الرئيسي، فضربه سهم الحسد ليصنع في جماله دنسا،

61 صنع معه حربا خفية ونزل معه الى معركة ظاهرة، وخسر في الخفاء والظاهر ولحقته الهزيمة،

62 حاربه قبل معركة المقتنيات وهذا واضح مما قيل: ها انك وضعت قلبك على ايوب،[9]

63 كان الشرير والبار في جهاد خفي كل يوم، واذ كان كل يوم يندحر كان يجدد المعركة كل يوم،

64 هجمت معسكرات الشهوات ليحارب بها مع العادل، واغراه باغراءات صغرى ليوصله عند الكبرى،

65 القوي غلب اغراءاته وسخر من شهواته وكسر سهامه المتقدة واحتقره مع معاركه،

66 حارب مع الشهوة وغلبها وصادفه الحسد واندحر وتعارك مع الطمع وباستقامته رُذل،

67 اندحر الشرير بهذه كلها وكان يهيء معركة وجرب كثيرا ولم ينتصر وهدد ايضا ليحارب،

68 يعرف حتى اللاعارف بكثرة التجارب، والشرير لم يعرف خسارته طيلة مدة جهاده،

69 قُهر من قبل ايوب خفية وبدأ يحارب علنا وغلبه البار في كل المعارك سرا وعلنا.

 

الرب سأل الشيطان: من اين اتيتَ، الشيطان يجيب: كنت ادور في الارض

(ايوب 1/6-7؛ 2/3-4)

70 مدح رب ايوب العادل عبدَه في الجهاد /187/ وقدم توبيخا لمبغضه لعله يستحي،

71 صنع الشيطان معركة مع ايوب في ذلك الحين واذ اندحر من قبل البطل استقبله ربهما،

72 وقدم اليه سؤالا: من اين تاتي،؟ ولم يشأ ان يقول اني خسرت لكنه قال: كنت ادور،

73 استتر في الدوران لئلا يكشف اندحاره، وبدل قوله غلبني ايوب، قال كنت ادور في الارض،

74 العارف سأل حتى يردعه ولم يرد ان يتعلم، اما ناكر الحقيقة فلم يذكر ما حدث،

75 وضع قلبه على ايوب وخسر خفية في الحرب، ولما سئل اجاب: كنت ادور وامشي في الارض،

76 ردّ بشيء بدل شيء لئلا ينفضح اندحاره، سئل عن اندحاره وبدأ يذكر بانه كان يدور،

77 ثم وبخه عارف الخفايا مثل قائين، وبيّن له كما لو كان بالاصبع الطريق التي اتى منها،[10]

78 الكذاب قال: درتُ ومشيت في الارض، وردّ عليه عارف الكل: ها قد وضعت قلبك على ايوب،

79 سأله مثل من لا يعرف: من اين تاتي،؟ ورد عليه مثل عارف الكل: وضعتَ قلبك على عبدي ايوب،

80 سأل الشريرَ عن دربه كما سأل قائين عن اخيه، وكشف للشرير ما فعله كما كشف لقائين بانه قاتل.[11]

 

معركة ايوب الاولى

81 وضعت قلبَك على عبدي ايوب الذي لا يوجد مثله على الارض: /188/ انه وديع ومستقيم وجماله رئيسي،[12]

82 هذا هو الاكليل الاول الذي ظفر به البطل وكلل الذكي بانتصارات ولم يعرف بانه انتصر واشتهر،

83 ربه ذكر هذا الخبر بغيابه، ولم يشعر بانه قد مُدح لتقول: ولهذا قد تعارك،

84 لو عرف ايوب ما قيل عنه لما كان جهاده عظيما لانه تباهى بمديحه،

85 لو سمع ما قيل عنه: لا يوجد مثله على الارض، لاحتمل بدل الرماد النار وبدل الدود الافاعي،

86 كان المديح خفيا عنه ولم يكن يعرف بانه تجربة، ولهذا فان جهاده قوي لانه جُرب دون ان يعرف،

87 لم يُدعَ الى الحرب ولم يقم جبهة مثل ذكي، ولم يدربوه على المعركة وانتصر في المعركة التي نزل اليها،

88 صادفه الخطر فجأة وتعارك دون ان يكون مستعدا، احاطت به الكمائن من كل جهة واذ لم يكن مهيأ فقد دمرها،

89 صفعه المطارد فجأة وعاد وقتل السالبَ، ولم يصرخوا: الحرب الحرب، ولما نازلوه اسقطهم،

90 مُدح دون ان يعرف ووُضع ليحارب وحده، صار شرطا بخصوصه والقصة خفية عنه،

91 البار هاديء ولا يعرف بانه خُصص لينزل الى الحرب، وعدوه ينظف سلاحه والمعركة مستترة عنه،

92 ولهذا فان جهاده عجيب لانه حارب دون ان يتهيأ، /189/ هذا هو جمال اكليله لانه ناله وبعدئذ احس به،

93 لم يسمع ما قال ربه عنه: لا يوجد مثله على الارض، هذه العبارة قيلت خفية وبعد مدة اعتلنت.

 

ايوب وابناؤه في الصلاة (ايوب 1/6؛ 2/1)

94 لعل ايوب وابناؤه كانوا في الصلاة في ذلك الحين، وكان يقوم في الطلبة هو وابناؤه بتمييز،

95 كان وقت الصلاة كما ترمز القصة: اتوا ليقفوا امام الرب، من هذا اعلمْ بانها كانت صلاة،

96 كانوا واقفين امام الرب، وامام الرب (تعني) الطلبة، وبما ان قلوبهم طاهرة فقد سُميوا: ابناء [ الله،[13]

97 في وقت كان يقوم ايوب وابناؤه في الصلاة كان بينهم الشيطان كالزؤان بين الحنطة،

98 كانت الباقة المباركة قائمة وعندها الاشواك المرة، الحمامات تهدر في الصلاة والافعى تنفث حسدها.

 

الشيطان يردّ على الرب كنت ادور في الارض

99 خسر في الحرب خفية والتقاه الرب بالسؤال وقال له مثل لاعارف: من اين تاتي،؟

100 الخاسر الناكر كان يقول: درتُ في الارض، فوبخه كما كررنا (وقال له): ها قد وضعت قلبك على ايوب،

101 ابان له بانه حارب وخجل ومدح ايوب في الجهاد (قائلا:) لا يوجد مثله على الارض، وهذا كاف للبار.

 

المعركة الثانية مع ايوب

102 سمع الشيطان وتذمر وازداد الوجع على وجعه والتفّ كالتنين وكان يغلي في سمّه،

103 /190/ خسر في المعركة ثم هدد ليكرر سقوطه استحى في الحرب الاولى وتهيأ للحرب الثانية،

104 وبما ان النصر هرب منه فقد لبس الكذبَ وصار مغلوبا في حربه ولاعارفا في وعيده،

105 ووقحا في جسارته وتكلم مع الرب قائلا: ايوب لا يخافك باطلا حتى تكثر مديحَه،[14]

106 انه يعمل معك باجرته لماذا تعتبرها فضلا، انت اثريته مما لك، لماذا تمدح صدقاته،؟

107 انه يتباهى بما لا يملكه فلا يلزم تمجيده، غناه ليس من اجتهاده، ولهذا فالمعركة هي بلا شفقة،

108 لم يغتنِ بتعبه حتى يصير مقتصدا، عينه شبعت مما تملكه، ثم صدّق على جميع القادمين،

109 لما يعطي مما تملكه تكافئه اضعافا، اجرته لا تبيت عندك، ما هو اذاً فضله،؟[15]

110 موهبتك هي عظيمة وليس ايوب بارا، انت اكثر صلاحا من الاسياد وليس عبدك اكثر عدالة من الناس،

111 حلّت يدُك على بيته واغنيته بكل الملذات، وضعت ينبوعا في يده وكلما يمسكه يتكاثر،

112 هوذا خزائنه مليئة بكل الخيرات فكيف يحرم السائلين،؟ وموهبتك متراكمة في مسكنه وكل من ياتي اخذ احتياجه،

113 امتلأت الارض من مقتنياته وتحركت الجبال من قطعانه، فلو البس العراة لماذا تكثر مدحه،؟

114 /191/ يعطي كِسرَ الخبز الصغيرة وتجمع الاكداس في الحقول، بدل القليل ياخذ الكثير انه لعار لو مُجّد،

115 اختبره لو كان صادقا بدون موهبتك كما هو حاليا، خذ العطية من عنده وها قد فحصتَ برارته،

116 ليكن غريبا عن غناه ولنرَ هل يصنع فضلا،؟ ليُجرد من مقتنياته ولنرَ هل يقترب من الصلاة،؟

117 ليتسلط السيف على قطعانه، وها قد انقطت طلبته، ليصبح معوزا ومحتاجا، وها قد اختُبرت عدالته،

118 لياخذ الموت ورثته وليثبت لو كان وديعا، ليخسر كل ما يقتنيه ثم ينتصر لو كان صادقا،

119 اعرف لو افتقر بانه سيكفر بك وجها لوجه، ولو خسر سينساك ولن تاتي على باله،

120 ايوب يحب موهبتك ولا يحبك كثيرا، فلو تحجب موهبتك سينظر اليك كانما الى عدو،

121 محبته مرتبطة بغناه وبرارته بمقتنياته، انه يصعد الذبائح لاجل اولاده ولا يعشّر لك بسبب المحبة،

122 يصلي كل يوم بسبب غناه ويتبرر لانه في بحبوحة، ياخذ اجرة صلاته لانه يضيف كل يوم الى غناه،

123 كلما كانت موهبتك فائضة لا تنقطع طلبته، وكلما كثرت غلاته لا يهمل الصدقات،

124 برارة المستقيمين تُفحص بالاحتياج، ويُعرف التمييز بجهاد العوز،

125 لو افتقر وتبرر ليُلقب قويا وذكيا، ولو شتمك لما يحتاج اتضح بانه خداع،

126 ليبرم الشرط في الوسط وليُجرب كما اقول، فلو لم يشتمك كما تقول حينئذ يليق ان يُمدح،

 

127 ليُفحص في كور الفقر لو كان صادقا، ولتُختبر برارته في ينبوع الاحتياج،

128 اتركني اصير صيادا لمقتنياته وورثته، وبعد هذا لو ثبت فانه بالحقيقة بار.

 

الرب يسلم مقتنيات ايوب بيد الشيطان (ايوب 2/6)

129 اللاعارف تكلم بوقاحة مع عارف الكل: اين هي معرفته اذاً لانه انفضح بوعده،؟

130 البطل المطروح والمكسور يتكبر بالغلبة، والضعيف الذي اندحر في الجهاد يسخر ايضا من المعركة،

131 حينئذ ترك عارف الخفايا ان يُجرب عبده ليخزي الشرير بوعده ولياخذ العادل النصر،

132 قال له: كل ما يملكه ايوب هو مسلَّم في يديك، لا تمدّ عليه يدك بفضل الاذن الذي اعطيته لك،[16]

133 اعطاه مالا للمعركة ليخزي كبرياءه، وسمح له ان يشنّ المعركة لينال الاندحار،

134 تركه ينزل الى الحرب ويُطعن هناك مثل آحاب لما اذن له بالمحاربة ليُفضح بانه لاعارف،[17]

135 لم يبغض عبده لما تركه في يدَي مبغضه، كان يحبه محبة ولم يمنعه من الانتصار،

136 /193/ خرج روح لا مثيل له وابان محبته بشهادته وترك عدوَّه يجربه ليكثر تمجيده.

 

دعوة الى احتمال كل التجارب على مثال ايوب

137 المتميز يحتمل كل التجارب بدون تذمر ويسكت وينظر الى ايوب الذي جُرب ولم يُحتقر صِدقه،

138 ايها المتميز تشبّه بايوب الذي انتصر في الضيق ولا تحزنك التجارب لانها توصلك الى الرِبح،

139 احتمل كل تجربة تصادفك بدون تذمر واسكت، ولما تثبت مقاوما الوجع سوف يُطبع شبهك بايوب،

140 لو جربك الشرير يبلغك النصر لو تغلب ويلاقيك الغنى كما التقى بايوب الظافر،

141 ولو تُجرب من قبل ربك يصادفك واحد من الامرَين: ستتقوى لانك ارتخيت او ستنتصر لانك اصبحت كاملا،

142 لم يبغض ايوب بغضا وتركه في يدَي الشيطان ولم يهمل ابراهيم ولهذا جربه بوحيده،[18]

143 خليلا الله كلاهما اغتنيا واشتهرا بالتجارب الواحد جُرب من قبل ربه والآخر من قبل الشيطان،[19]

144 الرب جرب ابراهيم ليس ليعرف تفكيره لكن ليعرّف محبته للاجيال الآتية الى المسكونة،

145 ترك ايوبَ يُجرب ليس لانه لم يكن يعرفه، لكن ليخجل الشيطان ولينتصر البار.

 

الشيطان وزمرته يجربون ايوب

146 قال له: هوذا كل شيء يملكه مسلّم في يديك، شلّحه من كل ما يقتني وها انك ترى خفية جماله،[20]

147 /194/ قبل الشرير الامرَ وهيأ نفسه للحرب وشن خصاما وتذمر ليتجبر بالحرب،

148 الاثم الخفي نظف سلاحه والاثم العلني استل سيفه ومدّ قوسه الى الخطيئة ليرمي به العادل،

149 دعا صفوفه الى الحرب ودعا الى المعركة [ افواجه[21] وجمع كل جيشه ليحارب بالعديدين،

150 هبّوا كالرياح الى كل الجهات وصرخوا في كل الاقاصي، وطار في الارض بسرعة ودعا الابالسة خدامه،

151 احاطت عساكره الافاعي البغيضة بالصلّ وحثهم على الحرب ضد الأيل الجميل،[22]

152 تجمع كل اليسار بطرفة عين سريعة واخذت الظِلال تاتي عند معلّمها-الظلمة،[23]

153 ركض ضباب حزين ورياح قوة الخطيئة ومعها غيوم حالكة-الابالسة انسباء الماكر،

154 اتى السود والمخوفون والفحم المسجور والحالك وتوجهوا من كل جهة فصارت ظلمة حالكة،

155 قادت الظِلال بعضها بعضا واشتد الليل الكئيب واختلطت الظلمات في بعضها بعضا وتلبد الظلام،

156 تجمع كل معسكر الافراد المصبوغين بالسواد الحزانى محبي الظلمة الذين تشبههم مناظرهم،

157 استعد الافواج والحشود وصفوف الخطيئة /195/ وعقدت حلقة المسرعين واشتدت طغمات الثورويين،

158 توحدت وصارت شيئا واحدا زمرة الشرور الحابكة واستدارت ووقفت كصفّ معسكر اللصوص.

 

الابالسة يستفسرون من الشيطان: لماذا هذه الحرب؟

159 ولعل الابالسة سألوا معلمهم رئيس جهنم (قائلين): ما هو سبب التجمع الذي اقلق كل معسكرنا،؟

160 لماذا دعيتنا وانت مستعجل وها اننا نراك قلقا،؟ أبِن لنا ما هي القضية فنحن لا نبطل من الاذى،

161 هل استتب السلام في احدى الجهات او الامان في احد البلدان،؟ هل كثر الحق في بعض الامكنة،؟ او هل لا يُذكر الاثم،؟

162 هل شلت الخطيئة،؟ او هل لا يسعى الطمع،؟ هل ضعف الاثم وبطل،؟ ام هل الاثم ليس سريعا،؟

163 هل الخطايا بطلت من المسيرة،؟ او هل انتهت المضرات،؟ ام هل الاذى تلاشى من الوجود،؟ او هل ليست الخسارات مستمرة،؟

164 أبِن لنا ما هي معركتك لانك دعوتنا بسرعة،؟ اوضح لنا لماذا جمعتنا وانت تبتعد عن المعركة،؟

165 من انشأ جبهة ضدك لانك جلبتنا الى مساعدتك،؟ أبِن لنا من هو عدونا وقف وكن انت متفرجا،؟

166 لنرَ برمز من غلبك وسيكون خاسرا بسرعة،؟ واشر اليه بالاصبع من بعيد وانت لا تقترب من المعركة،

 

167 ها انه يوجد بيننا من هم: مسمومون وحاذقون في كل الشرور ومحتالون ومدربون ومعاكسون ومتمرنون ومتعلمون على الرذائل،

168 وخداعون ومنقسمون ووقحون وجسورون واقوياء واذكياء /196/ وعارفون وماهرون ومتنفّسون واشرار وكذابون،

169 ومخاصمون ومعتادون على الحرب ومفترون ومحبو الاثم وغاشمون وعطاش الى الدم ومبغضون ومفتعلو الشرور،[24]

170 ومنطقيون في الخطيئة ومسرعون للفساد ومستمرون في المعركة ومتمرسون في الحرب،

171 لم [ نبطل[25] من الجهاد، ولم نمل من المعركة، ونحن معتادون على الاذى ومهتمون بالخطايا،

172 ما هو داعي مجيئنا لاننا جميعنا تجمعنا سوية،؟ واحد ينجز مهمتك لماذا يبطل الكثيرون،؟

173 لو ازداد الامان عند واحد يقدر واحد ان يصنع الخصام، ولو تمّ اتفاق وتفاهم فواحد يلقي انشقاقا،

174 لو كثرت المحبة، واحد يقدر ان يقلق بالحسد، ولو كانت القضية دموية فواحد يقدر ان يقتل الكثيرين،

175 لو كانت معركة بار يلزم الاستمرارية، ليرافقه واحد حتى يعرقله وليذهب كل واحد الى عمله،

176 جمعتنا الى مكان واحد وهيأتنا لمعركة واحدة، والارض مليئة بالامان بعد ان ابعدتنا عن كل الجهات،

177 لو تُعرقل استمراريتنا ستبطل مهنتنا، اطلقنا بسرعة الى دروبنا لاننا قد نصبنا [فخاخا[26] كثيرة.

 

الشيطان يردّ على اعوانه: لنحارب ايوب سوية

178 لما تكلم خدام الشرير معه بهذه العبارات، [ الظلمة[27] ردّت على عساكرها هولاء،

179 /197/ يا عساكري هلموا نحارب جميعنا مع ايوب لانه غلبني ونجا من حيلي ما لم يقع بواسطة الجماعة،

180 اتركوا كل الفخاخ وهلموا ننصب هذا الفخ بحكمة، تعطلوا قليلا من كل المعارك حتى نطرد ايوب البطل،

181 ربه مدحه وتالمتُ، ومجّده امامي وتحطمتُ، ودعم عدالته فضربني سهم الحسد،

182 وبخني لانني تعاركتُ معه وتضاعف مديحه لانه غلبني، احتقرني وجعلني ضعيفا ومدح كثيرا ابن بيته،

183 تحايلت طويلا لارميه وابان لي بانه كان يلاحظني وقال لي معيّرا: ها قد وضعتَ قلبك على عبده،[28]

184 كان يتباهى بعبده (قائلا): لا يوجد على الارض مثله، وبعد هذا ما العمل،؟ كيف نبطل من محاربته،؟[29]

185 لو كان جنسنا مائتا لهو ميت بسبب شدة ضيقي، رعد رويدا رويدا وغلبني ونال المدائح،[30]

 

186 ربه يشهد لا انا بانه لا يوجد على الارض مثله، اذاً هنا هي معركة كل الارض المغلوبة،

187 هوذا معركة كل المسكونة (محصورة) في اختبار هذا البطل، لو غلبنا هذا هوذا كل الارض قد انتصرت،

188 لنبطل من كل المعارك ولنهتم [ بهذه[31] فقط، فلو ننتصر بها سيتضح بانه لا يقدر ان يلاقينا،

189 لا يوجد على الارض مثل ايوب اذاً انه ملك الابرار، /198/ هلموا نقتل الملك وهوذا كل الولاية قد خضعت،

190 ليُطعن قائد الجيش وليمت، وهوذا افواجه قد تبددت، ليضعف رئيس الشعوب ويُستولى سريعا على عساكره،

191 لا نتعارك مع الكبير ولا نقترب من الصغير هلموا نحارب مع ايوب وبه ننتصر على كل الارض.[32]

 

الابالسة يردّون على الشرير رئيسهم: اين بأسك لان ايوب قهرك؟

192 ردّ الابالسة بعنف جوابا على الشرير رئيسهم: يا رئيسنا اين بأسك لانك لم تقهر قوة رجل واحد،؟

193 واين هي حيلك فقد تمرد عليك وديع واحد،؟ ماذا حل بمهنتك لان بسيطا واحدا اهانك.؟

 

زمرة الابالسة تحارب ايوب: وصف رائع لهذه الحرب

194 أبِنه لنا وظَل ساكتا، لماذا تتعذب بمعركته،؟ الضعيف فينا يحاربه ولا يهتم به الكثيرون،

195 لو قوته هي من نحاس سوف لن يثبت امام جوقك، ولو هو قوي كجبل فنفخة فمك تهجمه،

196 وقفت زمرة المؤذين امام معلمهم الكذاب، وبالمناظر تباهوا على البطل ليتعاركوا معه،

197 تجمع ووقف لغيون الاثمة امام الاثيم لينزلوا سوية وجماعيا الى الحرب مع البار،

198 صنع فوج الوقحين المكلوب ضجة وقلقا ليبينوا للملك الاثيم شجاعتهم على المعركة،

199 مدّوا صفوفهم على الاقاصي وحبسوا الارض في وسطها وتجمعوا الى موضع واحد وانحصروا في ملء الكفّ،

200 لما تبددوا على الجبال مادت الارض بجموعهم، /199/ وملأوا الكف والتصقوا في بعضهم بعضا وصاروا واحدا مليئا بكثيرين،[33]

201 لما يسعون راكضين بسرعة يطيرون الى كل المسكونة، ولما يطيرون على كل الجهات عادوا واتوا كانهم لم ينتقلوا،

202 لما يهبّون كالعاصفة يلتهبون كاللهيب وينفخون الريح ويقدحون النار وتكثر بروق الخطيئة،

203 عادوا وطاروا الى العلى وتشبهوا بغيوم حزينة، لما ينتقلون افواجا افواجا صار الليل في وسط الظهر،

 

204 لما يتجمعون ويتبددون ويصيرون واحدا ويصبحون مثل الكثيرين، ولما ينبتون كالسرو يصغرون ويصيرون
[ كالشبر،[34]

205 لما يدورون ويتجمعون يظهرون جماعات جماعات، يعودون ويخبئون افواجهم وصاروا فجأة كانهم غير موجودين،

206 لما يلمعون كالنار تصاعد دخان افواجهم عادوا وانسكبوا كالماء ويرشون الارض بدون رطوبة،

207 لما ينفخون يضرمون النار ويصعد الدخان بدون اخشاب، ولما يستنشقون الجمرات في الهواء انقدح وصار اللهيب،[35]

208 ابانوا نمط الحرب بقطع السلاح الكثير، وكانوا يجنّون باشباه كمعركة الافواج،

209 شكّلوا جيوشا وقادة جيوش وملوكا وعبيدا باشباه وظلال الخطيئة ومناظر الكذب،

210 شكّلوا صفوف اللابسين وصوَر المحاربين ورماة حاملي السلاح وفوجا آخر للمشاة السريعين،

211 /200/ منجنيق الاتراس امامهم والجيش اللامحدود وراءهم الفرسان في دروعهم والمشاة في اشكالهم،

212 آخرون لابسون الدروع، وآخرون ظهروا بالسيوف، وآخرون حاملو الاقواس، وآخرون كانوا مسلحين بالرماح،

213 الخوذ على رؤوسهم والجعبة والسهام وراءهم، يصوّبون ويرمون ومضطربون ويصخبون ويقلقون،

214 ملأوا جعبة الحرب امام قائد جيش امتهم، وبجنونهم ابان الكذابون معاركهم،

215 حثوه ليشن المعركة على الجبار المحارب، وبكثرتهم جعلوه يترجى النصر على ايوب.

 

الهجوم على فدادين ايوب واتنه وقطعانه وجماله واولاده

216 راى الشرير جيشه وفرح، ونظر الى صفوفه وتشجع، وبدأ يامر افواجه لمحاربة المنتصر،

217 يا جيوشي لا ترتخوا بهذه الحرب التي تصادفنا، وعدت بالنصر فلا تلحق بي الخسارة،

218 انه رجل حاذق في الحرب، والمعركة محتقرة في عينيه، ويلمّ جيدا بالامر لانه تربى في المعركة،

219 لو يحس بالحرب لن يخسر لانه محارب، ولو لم يسقط فجأة لا يوجد من يقهره،

220 نلاقيه بمفاجأة سريعة لئلا يشعر ويعذبنا، ونهجم عليه كعاصفة ولن نتركه يعرف نفسه،

221 ليُطعن بفوج السهام لان واحدا واحدا لا يؤذيه، وليُرمَ بربوات الرماح لان واحدا يحتقره كثيرا،

222 /201/ ليُغطّ بغابة الرماح لانه لا يتالم بضربة واحدة، لتسقط عليه [ غيمة[36] السيوف لان واحدا لا يقطع شريانه،

223 كونوا اشداء في محاربته لانه مستعد مثل ذكي، انتبهوا لئلا ينتصر ويصير تجمعكم سخرية،

 

224 تفرّقوا عصابات عصابات لتكون حربكم بدهاء، هلموا من جهات عديدة ليحتار لما يراكم،

225 [ ليذهب[37] بعضكم على فدادينه، وآخرون على اتنه، واضرموا النار في قطعانه، وانهبوا جماله وجمّاليه،

226 واهجموا البيت على ورثته ليزداد حزن احبائه، واجلبوا لي اخبارا مرعبة عن [الاموال[38] وورثتهم،

227 ليسمع بالمصائب التي جرت عليه، وليستصغر التجديف عنده، ولا يتاخر الخبر عن رفيقه لئلا يهمل سماعه،

228 ليلحق الخبر بالخبر الآخر لتكون القصة محزنة، ولتاتِ البشائر المرة سوية لتحطمه،

229 ليدخل امامه المرسلون الجالبين اخبارا مقلقة، ولا ينته الاول الا ويبدأ بعده الآخر،

230 لتقلقه اخبار المصائب الجارية المفجعة والمخيفة، لئلا يوجد هناك مجال لتدخل اليه التسلية،

231 ليسمع [ بسبي] الفدادين، وبموت الشباب، لياتِ خبر [ حريق[39] الرعاة والقطعان،

232 /202/ ليُبشر بسبي الجِمال وموت الجمّالين، لياتِ خبر موت احبائه فجأة في النهاية،[40]

233 استعجلوا وانجزوا المهمة بنشاط كما قلتُ، لا تتاخر المعركة لئلا يلبس المقاتل،

234 عودوا عندي سريعا وانتم حاملون النصر، واجلبوا لي سريعا خبرا يفرحني لكونكم قد انتصرتم.

 

الخاتمة

235 لا ينتشر الخبر في الارض: ان ضعيفا غلب جبهتنا، حاربوه بشدة، وها انه يسقط امامكم.

 

كمل (الميمر) على اللحن البسيط[41]

[1] – ل: في الحاشية: استعمل وزن مار افرام. تحوم حول الميمر 156 شكوك بخصوص نسبته الى السروجي. المخطوطة (مطبوع بيروت) تنسبه الى افرام. المخطوطتان اللندنيتان (12162، 14584: القرن السابع-الثامن، الثامن-التاسع) تنسبانه الى يعقوب. تقول الواحدة في الحاشية ان يعقوب استعمل وزن مار افرام. الاسلوب مختلف عن اسلوب بقية الميامر السروجية، وهذا لا يعني بان الافكار هي مختلفة عن افكار ملفاننا في ميامره الاخرى. الوزن السباعي الذي استعمله افرام لم يستعمله السروجي ابدا استنادا الى كل المصادر المونوفيسية. نحن شخصيا لا نرى حرجا ان يكون الميمر منظوما من قبل السروجي الذي يكون قد استعمل وزن مار افرام الشعري ولو مرة واحدة في حياته.! نشر بيجان هذا الميمر لانه تبع اقدم مصدر خطي ينسبه الى السروجي. عربناه بعد ابداء هذه الملاحظات ليكون القاريء والباحث على بينة من الامر

[2] – نص: انتصر

[3] – انظر، ميمره 154

[4] – ايوب 2/13؟

[5] – هذا البيت غامض؟

[6] – ل 14: بالتجربة

[7] – ل 14: وأُمر

[8] – ل 14: بالتجربة. ايوب 31

[9] – ايوب 1/6؛ 2/3

[10] – تكوين 4

[11] – تكوين 4

[12] – ايوب 1/6-7؛ 2/3-4

[13] – بر: الآلهة. تكوين 6/1-4. بناي آلوهيم هم الابرار او القضاة وليس الملائكة. خروج 22/8-9، 28 انظر ميمره 108 على الطوفان، وميمره 157 على ايوب

[14] – ايوب 1/9

[15] – لاويون 19/13

[16] – ايوب 2/6

[17] – 1ملوك 22/29-40

[18] – تكوين 22

[19] – يعقوب 2/23

[20] – ايوب 2/6

[21] – ل 14: فوجه

[22] – ابليس وعساكره يشنون الحرب ضد الايل-ايوب

[23] – متى 25/33. جهة اليسار تعني الشياطين بعكس ابناء اليمين اي الملائكة والاخيار

[24] – عدد المؤلف 26 صفة من صفات ابليس واعوانه في البيوت: 167-169

[25] – ل 14: نصعد

[26] – نص: فخاخ

[27] – بر: لان الظلمة

[28] – 1/8؛ 2/3

[29] – 1/8؛ 2/3

[30] – الشيطان يؤكد بان طبيعته (طوهمو) هي غير مائتة

[31] – بر: ولهونو، نص: وعال هونو

[32] – فكرة المؤلف هي لو سقط ايوب سيسقط جميع الابرار. انظر، ميمره 34

[33] – الابالسة يتجمعون على كثرتهم وبغضهم لبعضهم بعضا ويصبحون كانهم واحد في ملء كف اليد. انظر ميمره 130 على الرجل الذي فيه اللغيون

[34] – نص: اشبار

[35] – بلاغة استعمل 8 مرات (لما) في البيوت 200-207

[36] – ل 14: غيوم

[37] –  ل 14: اذهب. ايوب 1/14-17

[38] – ل 14: وارث

[39] – ل 14: مسلوبات. ل 14: الاتن. ايوب 1/14-16

[40] – ايوب 1/17-19

[41] – بر: كمل ميمر مار افرام على ايوب البار