الميمر 138 (ب) على المتوحدين

الميمر 138

 

ايها الحكيم اسمع من الجاهل كلمة الحق ولا تستح من ان تتعلم الحقيقة من الساذج، الحكيم يتنازل ايضا عند الساذج ليسمع منه لو لقي فيه ما يعينه، اقبل كلمتي واكون عندك مثل المرشد واستفد من هذه الامور التي كتبتُها لاخوّتك.

مرتبة المتوحدين هي اسمى من كل الطغمات، ويشن الشرير عليهم دائما كل المعارك، في الهدوء والقفر حيث (يسكن) المتوحدون فيه يشن الشيطان الحرب دائما ليقلقهم، يحرك في المتوحد في كل ساعة كل الافكار، وفي قلبه يصنع حربا ويحطمه، المكار محتال يحارب المتوحدَ لما يرى بان منادمته جُعلت مع الله.

المتوحد الحقيقي: يوجد من صاروا متوحدين خارج الامان، ويوجد من صاروا متوحدين في الامان، يوجد من هو بعيد عن العالم وهو داخله، ويوجد من هو فيه لكنه بعيد عنه وليس مرتبطا به. المتوحد هو مثل الملاك ولو هو جسدي لان مؤانسته جُعلت ليل نهار مع الله.

حرية الانسان لا يقدر الشرير ان يقهرها: نصرُ الشرير هو الاستمرارية التي يتعارك بها، وبها يعرقل المتوحدَ عن مسيرته، لا تخف ابدا من مناظر الخيال، فقوة الشرير ليست بشيء عند الحرية، انه لا يقدر ان يغصبها ويقودها بالاكراه لكنه يحارب فقط بالقلق وبالاغراء، يخفى عليه باي فخ يصطاد الانسان، ولهذا فهو يكثّر فخاخه بكل التغييرات، فلو كان واضحا باي فخ يصيد الانسانَ لكان ينصبه له في البداية لينتصر به.

كآبة القلب: لما تدخل كآبة القلب الى الفكر يبدأ يتالم، وهو لا يعرف لماذا يتالم، انه متضايق وحزين ويبكي وكئيب ومتاسف، ولا يدري ما هو السبب الذي يحزنه،؟ ولما تغلب اهواء الضيق المتوحدَ يتوقف في دربه ويظل شقيا وبدون فائدة.

الملل: الملل مصيدة عظمى بها يُربط الناس بالعالم، وبه يتعطلون عن مسيراتهم، يربطه به كما لو كان (بنسيج) العنكبوت، ويتعطل جهد دربه عن مسيرة الحسنات، ضع امامك اجرَك العظيم المحفوظ لك، واتكالا عليه اصنع معركة واغلب الشريرَ، فكّر بانه توجد نهاية لحرب العدو، ولا نهاية لمكافئتك.

الاهواء الجسدية: لو يوقظ فيك الهوى الشرير شهوة الجسد، تعلّم كيف تغلبها وتدوسها لتنال الاكليل، ارسم امام ناظرَيك المجد المحفوظ لجميع القديسين، والدينونة التي تصير في النهاية، أضعِف جسدَك بالسهر والتعب والجوع والعطش، وها قد انقذته من هوى شهوة الجسد. لا تسمح ابدا لبنات حواء ان يدخلن عندك لئلا يصير دنس في نفسك، لماذا تضطر ان تضيف معركة الى محاربتك، فلا مجال الا وتصير حرب برؤيا النساء،؟ ياتين اليك بمظهر محبة مخافة الرب، وبهذه الحجة تثور ضدك معركة ليست صغيرة.

“رأس البطال دكان الشيطان”: اربط فكرك بكلمة الرب في كل ساعاتك، ولا تكن فارغا لعمل اشياء اخرى، وزّع يومك بعدالة وبتمييز، وأدِّ لكل وقت عمله كما يلزم، لا تمكث فارغا ولا ساعة واحدة لئلا تتحرك فيك اهواء سمجة في هذه (الساعة)، اصرف اليوم كله مثل الحكيم، إما في الخدمة او القراءة او العمل والصلاة، الانسان الذي لا يعمل عملا، بالحقيقة هو ملقى في الشهوات.

تقويم الافكار كما يؤدب الاطفال بالحجارة: كل الافكار تثور في قلبك في كل الاوقات، فاضرب كل واحد منها بحجر، طوبى لمن يمسك اولادَكِ ويضربهم بحجر، الاطفال هم الافكار الموجودة في القلب، وذاك المؤدب هو حرية الانسان التي تدوسها، في بداية دربه يكون الطفل صغيرا ودربه قصير وقوته صغيرة، والفكر ايضا في بدايته هو ضعيف ويسهل ان يُداس، الشوكة في بداية نموها يسهل استئصالها، ولكن لو تكبر تؤلم من يقترب منها.

الغنى والفقر: من يحتاج الى امور العالم وغناه هذا هو فقير لانه يحتاج على كل شيء، ومن احتقر غنى العالم وكل ما فيه، فذاك غني لان غنى العالم لم يُخضعه، يوجد من يقتني الخبز اليومي وهو مثل غني، ويوجد من يقتني كثيرا من الغنى وهو مثل فقير، الارادة اذاً تُدان بالحقيقة، لانه بها يصير المرء غنيا وفقيرا، الارادة اذاً هي التي تنتصر او تُقهر، لانها اذ لا تقتني تقدر ان تقتني او لا تقتني. انتبه لئلا تقتني كيسا او مزودا على الارض وتجمع لك شيئا زائدا خارج جسدك، انتبه لئلا تضع نحاسا في كيسك ويراك يسوع وبهذا تنفصل عن عدد رفاقك.

محاربة الشيطان دليل على سمو المرتبة الروحية: يجب ان تفرح لو يحاربك الشيطان، من هنا اعرف بان درجتك هي اسمى من (درجة) الآخرين، لا يحارب مع المقهورين الذين ربطهم، انما يشن معركة ضد المنتصرين لعله يغلبهم.

محاربة الرذائل بالفضائل المعاكسة: بالشوك يقلع المرء الشوكَ من جسمه، هكذا ايها المتميز اغلب الهوى برفيقه، في جهادك حارب الحزن بالفرح واغلبه، واغلب الدنس بالشجاعة، ولما يعذبك فكر كبرياء الروح، الطم نفسَك، وباعمالك احتقر شخصَك، اخفض نفسك، وفي فكرك كن ناقصا ولا تفكر ابدا بانه يوجد آخر انقص منك.

إهمال قراءة الكتب المقدسة: لما ياخذ المتوحد يقرأ في الكتاب يجلب الملل والسبات ويعطّله، وحالما تدخل كآبة القلب الى الفكر، يترك القراءة وياخذ يحصي كل صفحاته، راى كثرة الصفحات الموجودة في الكتاب وتكاسل، بدأ يعدّها ليرى متى ينهيها، ويبدأ حالا يتذمر بدافع قطع رجائه، وبامره يجلب السباتَ لياتي اليه.

الاقتداء بالقديسين والكاملين: ضع امام ناظريك شبها مثل حكيم هولاء الذين صاروا كاملين بتعب المتوحدين، (مثل ايليا ويوحنا المعمذان). الرسام ايضا يضع امامه نموذجا عظيما، ونقلا عنه وبالوانه يصوّر ويعمل (لوحة) تشبهه، لا يجلب نموذجا ناقصا ويضعه امامه لانه يتطلع الى ذلك العظيم وليس الى ذلك الوضيع.

الصوم: يوجد من ياكل ويحافظ على الصوم بتمييز، ويوجد من يصوم وارادته (مرتبطة) في الاكل في كل ساعة، كلما يصير بدون تمييز هو بدون فائدة، وكل ما يصير بتمييز هو بدون خسارة، صوم يصير بدون تمييز هو بلا مكافأة، واكل بتمييز هو مثل صوم، صم لله في فكرك بتمييز، وارح اخاك بالطعام وهذا لك بمثابة صوم.

صلاة المتوحد لاجل جميع الناس: الالم الذي يصير بتمييز هو مفيد، والفرح الذي يصير بتهور هو خسارة، ايها المتميز تالم على الكثيرين الذين ماتوا في الخطايا وتالم عليهم في فكرك كانما تتالم على نفسك، ابكِ على هولاء الذين غرقوا في العالم كانما في البحر وقدّم التوسل بكثرة لاجلهم امام الحنّان، مدّ طلبتك عموما لاجل كل انسان، وبصلاتك اظهر للسامي صلاح قلبك.

– المخطوطات: اوكسفورد 135 ورقة 134 (نظام معكوس)؛ باريس 197 ورقة 52؛ لندن 17262 ورقة 198

– ابن العبري يقول كان اثنان وسبعون كاتبا يسجلون ميامر ملفاننا حينما كان يتلوها (مأ). لعل دانيال هو احد نساخ ميامر مار يعقوب السروجي. في هذا الميمر وردت عبارة تكشف بان السروجي “كتب” ميمره الى دانيال المتوحد حسب المخطوطة. ب. الذي يسميه: “حبيبنا”: تكلمتُ عن هذه الامور يا حبيبنا لاستفيد وافيد انا واصدقائي من كلمة الحياة بتمييز، ياخذ المرء من العوسج وردة شهية، ويترك الاشواك في مواضعها كما هي مكونة، خذ مني الجمال مثل وردة من العوسج واترك قبحي يظل عندي كالعوسج، ربي لا تنكر اجر لساني وتعب يديّ وكن مكافئا لتعب اصابعي وسهر عينيّ، اطلبْ من الصالح ان يقلل عذاباتي في يوم المجازاة، لان العادل يستجيب بالحقيقة لطهركَ، تضرع لاجلي لانني اعرف ذنبي، واذ تتعب لاجلي بصلاة فمك يزداد اجرك فلا تمل من القيام بهذا العمل، ايها المتميز تعجب من طول اناة الرحوم الذي اعطاني الكلمة لاتكلم بها بالرغم من كل شروري.

– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب ملفان بطنان سروج الذي ارسله الى تلميذه دانيال لما كان قد حبس نفسه. هل هو نفس دانيال الذي ارسل له الرسالة 27، 39؟. اسلوب الميمر يشبه اسلوب رسائله. انظر، رسالة/8، 11، 13، 14، 16، 17، 21، 22، 38، 39، 40، 42؟. هذا الميمر والميمر الذي قبله 137 هما ملف للحياة الروحية للمتوحدين في البيعة السريانية. لا يستعمل السروجي في المقدمة الاسلوب الشخصي. اسلوب الميمر قمة البلاغة السريانية. ملفاننا حجة في معرفة الحياة النسكية. لما تقرأ هذا الميمر تتعجب من النصائح والارشادات الناضجة والصادرة عن رجل مقتنع من الحياة الروحية، لا يغش المتوحدين ولا يحملهم فوق طاقاتهم لئلا يتعقدوا روحيا، انما جل اهتمامه هو ان يتبعوا المسيح الذي لا يخيب امل ورجاء وانسانية من يقتفي خطاه. قد يرقى تاريخ تاليف هذا الميمر الى حوالي سنة 500-510م.

 

 

له

الميمر 138

(ب) على المتوحدين[1]

 

المقدمة

 

1 مرتبة المتوحدين هي اسمى من كل الطغمات، ويشن الشرير عليهم دائما كل المعارك،

2 في الهدوء والقفر حيث (يسكن) المتوحدون، فيه يشن الشيطان الحرب دائما ليقلقهم،

3 يحرك في المتوحد في كل ساعة كل الافكار، وفي قلبه يصنع الحرب ويحطمه،

4 المكار محتال يحارب المتوحدَ لما يرى بان منادمته جُعلت مع الله،

5 [ ويحدث] احيانا بانه يعكّره [ بافكار[2] مختلفة /837/ ويثنيه عن عمله ومسيرة دربه،

6 ويحدث احيانا بانه يقلقه برؤى اشباه مختلفة ويعطله عن مسيرته،

7 يقاوم من يرى بان مسيرته في دربه هي قوية، ويشن عليه الحرب ليغلبه.

 

سلاح الشيطان هو استمراره في المعركة

8 سلاحه العظيم الذي به يغلب البشر هو استمرارية معركته الدائمة ليل نهار،

9 وبمحاربته [ يتغلب[3] على الكثيرين وينصب لنفس واحدة ربوات الفخاخ ليصطادها،

10 نصرُ الشرير هو الاستمرارية التي يتعارك بها، وبها يعرقل المتوحدَ عن مسيرته،

11 الشرير يلقي الملل دائما على المتوحدين، وبه يتراخون في جهاداتهم.

 

كآبة القلب تبذر ضيقا في قلب المتوحد فيتضايق دون ن يعرف سبب ضيقه

12 ولما تدخل كآبة القلب الى الفكر يبدأ يتالم، وهو لا يعرف لماذا يتالم،

13 انه متضايق وحزين ويبكي وكئيب ومتاسف، ولا يدري ما هو السبب الذي يحزنه،؟

14 ولما تغلب اهواء الضيق المتوحدَ يتوقف في دربه ويظل شقيا وبدون فائدة،

15 يحرم المتوحدَ من التالم والبكاء على نواقصه ويتضايق، ثم يتالم بدون فائدة.

 

 

المتوحد يعيش بلا همّ في العالم

16 /838/ لا يوجد للمتوحد في العالم اي همّ: لا همّ المقتنيات ولا الاموال العالمية،[4]

17 انه بعيد عن العالم الشرير وعن مسيرته وليست له حجة ليكون في ضيق،

18 ولهذا يضايقه الشرير بامور كثيرة ليقلق عقله بهذه الحجة من عمله،

19 ولعله يسأل نفسه لماذايتالم،؟ وليس له حلّ ليكشف لماذا يتضايق.

 

الشيطان يربط المتوحد بالملل كما لو كان بنسيج العنكبوت

20 انه يربط المتوحد بالملل الذي يقلق الحسنات وبه يعذبه،

21 به اولا يقلق كل واحد في بداية دربه، وهو سلاح به يحارب الانسانَ في البداية،

22 يلقيه كالظلمة امام الكثيرين ليضطربوا به، (ويتوقفوا) عن مسيرة الحسنات،

23 الملل مصيدة عظمى بها يُربط الناس بالعالم، وبه يتعطلون عن مسيراتهم،

24 انه يمده للمتوحد في بداية دربه، وبه يجسّه ليختبر ما هي قوته في معركته،

25 يربطه به كما لو كان (بنسيج) العنكبوت، ويتعطل جهد دربه عن مسيرة الحسنات،[5]

26 ولما تتسلط عليه كآبة القلب مع قطع الرجاء يتوقف في دربه ويبدأ يطلب الموت لنفسه.

 

الشرير يجرب المتوحد بفخاخ عديدة

27 /839/ ولو وجد بان المتوحد تغلب على فخه يبدأ حالا يضايقه برؤى الليل،

28 ويحدث احيانا بانه [ يُضلّه بنفس[6] الامور الطبيعية وبها يبيّن له الحسنات،

29 ويحدث احيانا بانه [ يعكره بالظل وبالخيال[7] ويقلقه (ويثنيه) عن مسيرته،

30 من يرى بان مسيرة دربه تمت بالقوة يبدأ حالا بالحرب معه بصفاقة،

31 يبيّن ضده علنا الحرب بامور كثيرة وهو يجسه ليرى باي فخ يمكنه اقتناصه،

32 لا يترك محاربته ولا ساعة واحدة، ويبدّل كل يوم شراكه باستمراريته،

33 نصرُ الشرير هو الاستمرارية التي فيها غلبة، واندحار الناس هو الملل الذي به يخسرون،

34 هذا الالم يضايق كثيرا من هو متميز في عمله وفي مسيرة دربه الى الله،

35 [ الشرير يصفّ (الملل) اولا ليحارب به،[8] وبه يجس من يحارب ليعرف من هو،

 

36 واستنادا الى هذا يقدر الشرير ان يعرف من يحارب، /840/ وهل يقدر ان يشن الشرير عليه معركة،؟

37 لو غلبه بالملل في بداية دربه صار مقهورا وترك مسيرة الحسنات،

38 ولو وجد المتوحدَ الذي حارب وغلب هوى الملل الاول سيخاف منه،

39 هوى الملل هو رفيع جدا بحيث يدخل الى الذهن ويحل في الافكار،

40 يعشعش هناك مثل السوس في الفكر ويظلم عقلَه ويعكر مسيرته،

41 به يُنسيه ما هي رتبته، وما هي معركته، وبه يهلكه لينسى طغمته وجماله السامي.

 

الناسك العائش في العُمر لا يجربه الشيطان بالملل

42 من هو في العُمْر (= الدير) لا يحدث له ضيق كثير من الملل وكآبة القلب مع قطع الرجاء،[9]

43 المتوحد الذي لا يقتني صوتا ولا عِشرة يعذبه بالم الملل هذا.

 

دعوة المتوحد لمحاربة الملل وكآبة القلب وقطع الرجاء

44 اسمع ايها المتميز السالك في درب المتوحدين وتعلم وشاهد فخاخ الشرير (لتعرف) كيف تحارب،

45 اعرف كلَ واحدة كيف هي وحارب ضدها كلها بحكمة وتغلّب عليها،

46 لو تسلط عليك فكر كآبة القلب ادعُ رب الكل ويريك كيف تتغلب عليه،

47 /841/ انه معك ويحارب الشريرَ معك، خذه معك وبه تتغلب على العدو،

48 امسك سلاح طول الاناة والقوة ضد هوى كآبة القلب والملل،

49 وانهض مثل المستيقظ واعلم بان الشيطان جلب عليك الملل ليمنعك من المسيرة في دربك،

50 تعلّم وشاهد بان قطع الرجاء وكآبة القلب هما فخ العدو وبهما يقلقك،

51 اغلبها اولا في بداية معركتك وسِرْ في دربك لئلا يربطك بها كما لو كان (بنسيج) [العنكبوت[10] ويضحك عليك،

52 ضع امامك اجرَك العظيم المحفوظ لك، واتكالا عليه اصنع المعركة واغلب الشريرَ،

53 فكّر بانه توجد نهاية لحرب العدو، ولا (توجد) نهاية لمكافئتك، فشجّع نفسَك،

54 وفكر ايضا بان معركتك ومحاربتك تنتهي ولا (توجد) نهاية لجنة النور المحفوظة لكَ،

55 وبدل ان تتالم عبثا بدون فائدة، افرح [ برجاء[11] الطوبى العظيم المحفوظ لك،

56 عملك اجعله [ يصير[12] مستمرا في كل الاوقات، ولا تفسح ابدا مجالا لكآبة القلب في نفسك،

 

57 افرح بجهادك وحارب فمنه تنال الاكليل /842/ وقطع الرجاء الذي يؤذيك لن يدخل اليك،

58 معركتك ومحاربتك هي لوقت قصير، فحارب فيه لتبلغ الى [ الملكوت،[13]

59 اولا سبّح واشكر ربك على خيراته، ولا تفتح فيك بابا للضيق او للملل،

60 ارفع نظرك فوق الى السماء في كل وقت، ولا يكن فيك موضع فارغ لكآبة القلب،

61 اربط افكارك في الفردوس وفي لذاته، ولا تمل من محاربة الغاشم،

62 ايقظ نفسَك لعملك بنشاط ولا ترتخِ لتتسلط عليك كآبة القلب،

63 لو لم يلمّ الشيطان بعادتك هذه، سوف لن يقدر ان يعكّرك من عملك بقطع الرجاء.

 

التفكير في الموت يطرد كآبة القلب والملل

64 ارجُ في قلبك بان الوصية التي تاخذ نفسك تاتي وراءك كل الايام، وها انك سوف لن تحزن،

65 فكّر في كل وقت في ساعة موتك مثل حكيم، وقطع الرجاء الذي يهلك نفسك لن يدخل اليك،

66 انتظر في كل ساعة نهار موتك، وها قد تغلبتَ على فكرة كآبة القلب والملل،

67 ارسم امامك ساعة موتك، وها انك تنتصر على [ الالم والضيق[14] وقطع الرجاء وكآبة القلب،

68 /843/ ايها المتميز حارب بهذه الاسلحة وهذه المعارك مع الملل وها [ انك تنتصر،[15]

69 لا يوجد شيء يبطّل هذا الالم مثل تفكيرك في ساعة موتك في كل حين.

 

المتوحد يحارب الشهوة الجسدية

70 وبعد ان تغلبت على الضيق وكآبة القلب، هيّء نفسك لعله يشن عليك حربا (اخرى)،

71 انظر مثل حكيم يريد ان يحيا وافهم باي هوى يريد ان يشن الحرب عليك،؟

72 لو وجدته يحاربك بالشهوات الطبيعية، اعلم ايها المتميز كيف تنتصر عليه،

73 لو يوقظ فيك شهوة الجسد الهوى الشرير، تعلّم كيف تغلبها وتدوسها لتنال الاكليل،

74 ارسم امام ناظرَيك المجد المحفوظ لجميع القديسين، والدينونة التي تصير في النهاية، وخف ايها المتميز،

75 فكر في ذلك الوقت الذي يدخل فيه الختن ليرى المدعويين، ومن ليس لابسا البسة المجد يلقونه خارجا،[16]

76 تذكّر بانه مكتوب: لا احد يرى الله [ بدون مجد[17] القداسة، فحارب اذاً هكذا،

77 انظر الى جهادك الذي سينتهي في وقت قصير، ولهذا كن قويا في معركتك ونِل الاكليل،

78 خذ لك الفرص لتغلب بها شهوة الجسد، /844/ وبها حارب في كل ساعة مع الهوى البغيض،

 

79 أضعِف جسدَك بالسهر والتعب والجوع والعطش، وها قد انقذته من هوى شهوة الجسد،

80 ادعُ في كل حين الخفيَّ الذي ينظر الى افكارك، وبيّن بانك تريد ان تغلب الشهوة وينصرك،

81 لتكن عِشرتك في الصلاة في كل حين، [ والمستجيب لك والموجود الى جانبك يخلصك،

82 اربط فكرك بكلمة الرب في كل ساعاتك،[18] ولا تكن فارغا لعمل اشياء اخرى.

 

لا يظل المتوحد فارغا ولا ساعة واحدة

83 وزّع يومك بعدالة وبتمييز، وأدِّ لكل وقت عمله كما يلزم،

84 لا تمكث فارغا ولا ساعة واحدة لئلا تتحرك فيك اهواء سمجة في هذه (الساعة)،

85 اصرف اليوم كله مثل حكيم، إما في الخدمة او القراءة او العمل،

86 الانسان الذي لا يعمل عملا، بالحقيقة هو ملقى في الشهوات كما هو مكتوب،[19]

87 لتكن [ عِشرتك في الصلاة او في العمل [ وها انك غير فارغ للتفكير بالزوائد،[20]

88 واذ لا تبطل من احدهما كما قلنا /845/ لا يقدر الشرير ان يحرك فيك شيئا يؤذيك،

89 [ انه] لا يبطل من المعركته ساعة واحدة، انتبه [ لئلا[21] تتكاسل في جهادك لئلا يطرحك الشرير.

 

الحرية تؤدّب الافكار بضربهم بالحجارة! (مزمور 136/9)

90 كل الافكار تثور [ في قلبك[22] في كل الاوقات، فاضرب كل واحد منها بحجر،

91 لتكمل فيك (عبارة) طوبى لمن يمسك [ اولادَكِ[23] ويضربهم بحجر،

92 الاطفال هم الافكار الموجودة في القلب، وذاك المؤدب [ هو[24] حرية الانسان التي تدوسها.

 

يسهل قمع الفكر في بدايته لكونه بعد ضعيفا

93 في بداية دربه يكون الطفل صغيرا ودربه قصيرة وقوته صغيرة، والفكر ايضا في بدايته هو ضعيف ويسهل ان يُداس.

 

يسهل قلع الشوكة بدون اذى لما تكون صغيرة

94 الشوكة في بداية نموها يسهل استئصالها، [ ولكن لو[25] تكبر تؤلم من يقترب منها،

95 هكذا اذاً [ لما تثور الافكار[26] يسهل ان تُداس، ولكن لو تطول تكتسب القوة،

96 لا يهمل العدو من معركته ساعة واحدة مع من هو متوحد،

97 المتوحد لا يقتني عملا ليُربط به، ولهذا يُحزِنه الشرير (باشياء) كثيرة،

98 /846/ من سلك طريق المتوحدين هذه يلزم ان يكون مستعدا للمحاربة في كل ساعة.

 

على المتوحد ان يفكر في يومه القائم فيه فقط

99 ايهاالمتميز الذي اختار ان يكون متوحدا، فكّر في عملك وكن قويا في مسيرة دربك،

100 [ لا تضع مسافة طويلة امام عينيك، لئلا يثقل تعبك عليك في مسيرة دربك،[27]

101 المسافر يكمل دربه ميلا بعد ميل، [ وانت ايها المتميز كمّل دربك[28] يوما بعد يوم،

102 لا تجمع في فكرك طول حياتك، لانك لا تعرف متى تنتهي مسيرة دربك،

103 فكّر بانك تنتهي يوما بعد يوم وفكر في زوادك مثل انسان [ يسير في الطريق،[29]

104 ابدأ النهار بمسيرة قويمة واقضِهِ هكذا، ولا تفكر ابدا بان لك يوما آخر لتحارب فيه،

105 واجِه قتّالَ الناس مثل الحكيم، وفي فكرك كن مثل المسافر في كل الايام،[30]

106 من يبيت مبيتا في موضع ويسافر منه لا يفكر ابدا في قلبه (بشيء) آخر الا في دربه،

107 انتبه ايها المتميز: لا يوجد هدوء في مسيرة دربك، انها تسير سيرا ليل نهار الى (وقت) النهاية،

108 /847/ انت في طريق لا تهدأ مسيرتها ابدا، الى ان يامر الرمز الخفي الذي يدبّرها،

109 العالم هو درب لا يهدأ نهائيا من المسيرة الى ان تامر ارادة العلي التي برته في البداية،

110 من هو على الدرب يهتم بتكميل دربه، ولو يترك مسيرته تتوقف طريقه،

111 وانت ايها المتميز ضع امام عينيك: في ذلك النهار القائم انت فيه، بانك تسافر فيه،

 

112 في الحقيقة لا احد يعرف يوم موته، ولهذا لنكن في حذر لئلا يفاجئنا،[31]

113 من يحب شيئا لا يقدر ان يشبع منه، ومن يحب الرب لا يقدر ان ينفصل عنه،

114 [ ضيق[32] هو هذا العالم، ولو هو صغير يهيء لنا مجدا عظيما كما هو مكتوب.

 

الدخول من الباب الضيق

115 اسمع ايها المتميز وافحص لو كانت كلماتي صوابية (أم لا) ثم تاكد من هذه (الكلمات) التي صممت ان اعرضها امامك،

116 من الذي [ انتصر[33] في المعركة دون ان يحارب،؟ ومن نال قط اكليلا بدون جهاد،؟

117 [ لو لا توجد المعركة، لا غلبة ولا اكليل[34] ولا مكافأة بدل الاتعاب من قبل المجازي،

118 /848/ من يريد ان يكون ظافرا دون ان يحارب،؟ ومن ينال قط اكليلا بدون جهاد،؟

119 بماذا تريد ان تكون وارثا في الملكوت، لو تقطع الرجاء في المعركة مع الشيطان،؟

120 بماذا تريد ان ترث المجد في العالم الجديد، لو لم تنتصر بالاكليل بسيرتك،؟

121 لو تتكاسل في العمل الذي تقوم به، باي عمل تقتني مجدا واسما صالحا،؟

122 ايها المتميز اجلب هذه الامور الى ذهنك، وهوذا الملل قد ابتعد عن فكرك،

123 ايها المتميز فكر بان لمعركتك نهاية، ولا نهاية لاكليل المجد الذي ستناله،

124 لا تمل بالحروب ولا بالمضايقات التي يُعطى لك ملكوت العلى بفضلها،

125 انه مكتوب في الرسول بالحقيقة يلزم ان ندخل الى ملكوت العلى بضيقات كثيرة،[35]

126 مخلصنا ايضا لما كان يعلم قال: اجتهدوا ان تدخلوا في الباب الضيق والصغير،[36]

127 لا يمكن ان يتنعم واحد في العالمَين، اذاً لا تطلب ابدا العالم وراحاته،

128 قال لذلك الغني: اذكر بانك قبلتَ خيراتك في حياتك، /849/ ولعازر احتمل بلاياه،

129 هوذا ذاك يستريح لانه تعذب، وانت تتعذب، هذا ما علّمه ابن الله لمن يسمعونه،[37]

130 ايها المتميز شجّع نفسك وانت تنظر الى المجازي الذي يكافيء كل واحد باستقامة،[38]

131 افرح بعملك واشكر ربك في كل حين، لانه رفعك ووضعك فوق ثقل كل العالم.

 

المتوحد هو مثل الملاك ولو هو جسدي

132 ايها المتميز انظر الى نفسك: كم انك محفوظ من العالم ومن شروره التي لا تُحصى،

133 انظر الى العالم والى سكانه: كم انهم معذبون بكل اعمال كلها شرور في كل حين،

134 وماذا [ يستفيدون من ذلك السعي والتعب العظيم المقرون فيه سوى الخبز اليومي،؟[39]

135 وانت ايها المتميز لما وقاك الصالح من هذه الامور، هوذا احتياجاتك تُسد لك بهدوء نفسك،[40]

136 ولعل الهدوء والراحة التي انت فيهما ايها المتميز يرمزان بالحقيقة الى ذلك الهدوء والراحة،؟

137 هذا (الامر) لعله يبين لك ذلك الخفي لانه هكذا يستريح العادلون في الملكوت،

138 المتوحد هو مثل الملاك ولو هو جسدي /850/ لان مؤانسته جُعلت ليل نهار مع الله،

139سيرته مختلطة مع الروحيين بتجرده لو لم يقتن في العالم شيئا ليرتبط به.

 

بالارادة يصبح المرء غنيا او فقيرا

140 من ليس مربوطا بثقل العالم فهذا هو غني لانه لم يتنازل ابدا ليقتني منه شيئا،

141 ذاك الذي لا يفكر بان غنى العالم هو شيء، هذا هو غني لانه احتقر كل ثرواته كزبل،

142 من يحتاج الى امور العالم وغناه هذا هو فقير لانه يحتاج على كل شيء،

143 ومن احتقر غنى العالم وكل ما فيه، فذاك غني لان غنى العالم لم يُخضعه،

144 من يسد حاجته بامور ضرورية، فالشيء القليل يعتبره كثيرا وهو مثل غني،

145 من هو غني ويريد ان يغتني اكثر، ذاك هو فقير لانه لم يصبح غنيا في غناه،

146 يوجد من يقتني الخبز اليومي وهو مثل غني، ويوجد من يقتني كثيرا من الغنى وهو مثل فقير،

147 يوجد من هو فقير كلما اقتنى الغنى، ويوجد من يكفيه القليل الذي يقتنيه وهو مثل غني،

148 الارادة اذاً تُدان بالحقيقة، لانه بها يصير المرء غنيا وفقيرا،[41]

149 من يقتني الغنى ولا يشبع هو فقير، /851/ ومن لم يقتن شيئا وهو سعيد هو غني،

150 مهما اغتنى الطماع في العالم لا يشبع ابدا، وما الفائدة مهما كان غنيا ونفسه جائعة،؟[42]

151 من ليس مرتبطا بثقل العالم ويحل في الراحة، هذا بالحقيقة اقتنى الغنى في نفسه،

152 القلب الواسع هو مثل الغني بشيء قليل، والقلب الضيق هو مثل الفقير بشيء كثير،

153 من تكفيه حاجته من الامور الضرورية، هذا يعرف ان يحب الغنى الذي لا يعذبه،

 

154 ومن يحب الفقر بتمييز، [ فجماله[43] يسمو على كل (جمال) بتمييزه،

155 [ لما[44] يحتمل الاغنياء كل الشرور في العالم، هو يسمو على شرور العالم وثقله،

156 لو المتوحد هو كامل في هذه الامور سوف لن يُعرقل بمحبة العالم ولا بافكاره.

 

على المتوحد ان يفرح بمحاربة الشيطان له لان درجته اسمى من الآخرين

157 لو انت متميز يلزم ان تشكر لاجل هذه الامور ولا تتالم لو تصادفك الآلام هنا،

158 يجب ان تفرح لو يحاربك الشيطان، من هنا اعرف بان درجتك هي اسمى من (درجة) الآخرين،

159 لا يحارب مع المقهورين الذين ربطهم، انما يشن المعركة ضد المنتصرين لعله يغلبهم،[45]

160 /852/ انه يخاف من المنتصرين لئلا يُلقوا قوته، والخاسرون ربطهم ولا يتعب بهم،

161 ايها المتميز لتكن هذه علامة جلية لك، لو تريد ان تعرف درجتك بالحقيقة،

162 ايها المتوحد اعرف درجتك من معركتك، ومن جهادك انظر الى اين وصلت[46] منزلتك،؟

163 الاكار ايضا يعرف من زرعه كم هي غلّته، وحسب عمله يجمع اثمار زرعه،

164 الشرير ايضا كلما يحارب معك كثيرا، بقدر ذلك يزداد جمال نفسك لو غلبتَه،

165 لو لم يدخل الذهب الى [ النار[47] لا ينظف، ولو لم تصادف الحرب العادلين لا يُفحصون،

166 ولما تتطلع الى درجتك السامية ومنزلتك انتبه لئلا تفكر (معتبرا) نفسك شيئا عظيما،

167 [ لئلا] يفرح الشرير بظنونك بانك كامل، وبهذه الحجة [ يستضعفك[48] ويلقيك بكبرياء الروح،

168 انه يُدخل ويقدّم بحيلة فكر كبرياء الروح الى الذهن وبه يُهلك الانسانَ،

169 انه يُضلّه حتى يفكر ويظن عن نفسه بانه كمّل دربَ البرارة [ وبه[49] يُهلكه.

 

قهر الرذيلة بالفضيلة المعاكسة اي قلع الشوك بالشوك

170 /853/ اسمع ايها المتميز كيف تغلب كبرياء الفكر، وشُنّ الحرب بحكمة واغلب [الشريرَ،[50]

171 بالشوك يقلع المرء الشوكَ من جسمه، وهكذا ايها المتميز اغلب الهوى برفيقه،

172 [حارب ضد [ هوى] كآبة القلب وقطع الرجاء، واغلب الشرير لان منزلتك عظيمة،[51]

 

173 لما تثور فيك اهواء الكآبة لتدنسك فكّر بان منزلتك هي اعظم من (منزلة) الكثيرين وتشجع،

174 لما يعذبك الملل وكآبة القلب، افرح في دربك واطرد عنك الملل،

175 لما تملّ انظر الى درجتك كم انها سامية، وافرح برجائك واغلب الهوى الذي يدنسك،

176 في جهادك حارب الحزن بالفرح واغلبه، واغلب الدنس بالشجاعة،

177 ولما يعذبك فكر كبرياء الروح، الطم نفسَك، وباعمالك احتقر شخصَك،

178 اخفض نفسك، وفي فكرك كن ناقصا ولا تفكر ابدا بانه يوجد آخر انقص منك،

179 قال بولس: احسب كل امرء افضل منك، انظر ايها المتميز الى بولس الذي امر بان [تصغّر[52] نفسك،

180 اضغط عليك واغلب هوى كبرياء الروح، /854/ ولا تفكر في [ قلبك [53] نهائيا بانك شيء،

181 وكما غلبت كآبة القلب بفرح القلب، اغلب ايضا كبرياء الروح بتواضع الروح.

 

يُجرب المتوحد باهمال قراءة الكتب المقدسة

182 في كل الفرص يهتم الشرير ليغلبك، فاهتم لتقهره وتلقي قوته،

183 انه مرهف وحيال: كل ما يلذ لكل احد، به يربطه لعله لن يحل عنه وثاقه،

184 يحدث بانه يربط من يغلبه بالمجد الباطل، وبه يهلكه ليخرج (من العالم) فارغا،

185 يحدث ويحمله على الظن بانه فاق بغناه الكثيرين، ليضع قتّال الناس الدنس فيه بهذه الفرصة،[54]

186 يحدث بانه يربطه بهوى كآبة القلب، وبها يعطله عن المسيرة في الحسنات،

187 لما يباشر المتوحد ليقرأ في الكتاب يجلب الملل والسبات ويعطّله،

188 وحالما تدخل كآبة القلب الى الفكر، يترك القراءة وياخذ يحصي كل صفحاته،

189 راى كثرة الصفحات الموجودة في [ الكتاب[55] فتكاسل، وبدأ يعدّها ليرى متى ينهيها،

190 ويبدأ حالا يتذمر بدافع قطع رجائه، /855/ وبامره [ يجلب[56] السباتَ لياتي اليه،

191 الشرير يجلب [ النعاس[57] ويعلّقه فوق عينيه لتثقلا به، ويسكب عليهما سباتا عميقا،

192 انه يربط الناس بالملل كما لو كان بالسلاسل، ويعطّلهم عن عمل البرارة،

193 هذا ما يصنع الشرير بمن يتراخى ليمنعه عن عمله بكل الفرص،

194 ولهذا يجب على من هو متوحد ان يشنّ المعركة ضد كل الاهواء كما هي،

195 فلو يتراخى لاحد الاهواء الثائرة فيه، سيقع في وقت واحد ويصير محتقرا.

 

دعوة المتوحد الى الاقتداء بالكاملين

196 اسمع ايها المتميز اسلك درب المتوحدين وكن قويا وانتصر في المعركة ونَل الاكليل،

197 مثل الحكيم ضع امام ناظريك قدوة هولاء الذين صاروا كاملين بتعب المتوحدين،

198 انظر الى ايليا وتعبه العظيم وتنسكه، ومثل الحكيم تزاحم على تعبك بتمييزه،[58]

199 انظر الى يوحنا النذير وتعبه العظيم الذي بعد كل هذه الاعمال قتله بالسيف المتعطشون الى الدم.[59]

 

الرسام يرسم الصورة نقلا عن نموذج كامل

200 الرسام ايضا يضع امامه نموذجا عظيما، ونقلا عنه وبالوانه يصوّر ويعمل (لوحة) تشبهه،

201 /856/ لا يجلب نموذجا ناقصا ويضعه امامه لانه يتطلع الى ذلك العظيم وليس الى ذلك الوضيع،

202 وانت ايها المتميز انظر الى من هم اسمى منك، وتامل فيهم وتشبه [ واقتدِ[60] بهم بحسب امكانيتك،

203 انه مكتوب في الرسول خذوا الانبياء قدوة بسبب طول اناتهم في ضيقاتهم واقتدوا بهم،[61]

204 لا تنظروا الى الذين سقطوا وغرقوا في العالم الشرير، لكن الى هولاء الذين غلبوا بمسيرة سلوكهم.

 

ليس كل غني غنيا ولا كل فقير فقيرا

205 يوجد من صاروا متوحدين خارج الامان، ويوجد من صاروا متوحدين في الامان،[62]

206 يوجد من هو بعيد عن العالم وهو داخله، ويوجد من هو فيه لكنه بعيد عنه وليس مرتبطا به،

207 [ يوجد من هو فقير وقلبه يفكر في غنى العالم،[63] ويوجد من هو غني ولا يحسب غناه شيئا،

208 يوجد من يملك ولا يرتبط بما يملكه، ويوجد من لا يقتني شيئا في العالم ويفكّر في غناه.

 

الارادة تنتصر او تُقهر

209 الارادة اذاً هي التي [ تنتصر[64] او تُقهر، لانها لما لا تقتني تقدر ان تقتني او لا تقتني،

210 يوجد من هو قريب من العالم وهو بعيد عنه وعن [ محبته،[65] ويوجد من هو بعيد وهو قريب منه ومرتبط به،

211 /857/ الارادة تُقبل كما هي، وهي التي تدان بالحقيقة كما هي.

 

المتوحد والصوم

212 يوجد من ياكل ويحافظ على الصوم بتمييز، ويوجد من يصوم وارادته (مرتبطة) في الاكل في كل ساعة،

213 كلما يصير بدون تمييز هو بدون فائدة، وكل ما يصير بتمييز هو بدون خسارة،

214 صوم يصير بدون تمييز هو بلا مكافأة، واكل بتمييز هو مثل الصوم،

215 ايها المتميز صُم في فكرك ولو تاكل، وفي صومك كن مثل الآكلين ومثل الشاربين،

216 صم لله في فكرك بتمييز، وارح اخاك بالطعام وهذا (الامر) هو لك بمثابة الصوم،

217 تمسك بهذا: لا تصنع نهائيا مرضاة جسدك، وكلما تصنعه بتمييز هو راحة الرب،

218 تقدر ان تكمل كلا الامرين بتمييز بهدفَين كما قلنا،

219 ارح اخاك بالطعام الجسدي، وتمسك بصومك في فكرك لرائي الكل،

220 فاحص الكل يعرف ما هو صومك، وما هو اكلك لانه يتطلع [ اليه[66] كما لو كان الى الشمس.

 

على المتوحد ان يتجنب صحبة بنات حواء

221 ايها المتميز حافظ على عِشرتك على قدر الامكان من الكثيرين الذين لا يقتنون هدف مخافة الرب،

222 لا تسمح ابدا لبنات حواء ان يدخلن عندك لئلا يصير دنس في نفسك،[67]

223 لماذا تضطر ان تضيف معركة الى محاربتك لانه لا مجال الا وتصير الحرب برؤيا النساء،؟

224 ياتين اليك بمظهر محبة مخافة الرب، وبهذه الحجة تثور ضدك معركة ليست صغيرة،

225 اجعل عِشرتك مع القديسين من [ رايك،] وفي كل ساعة كن معهم [ للفائدة بتمييز،[68]

226 اربط عقلك في اسفار الروح وفيها [ ترى[69] الملكوت وجهنم وأفِد نفسك،

227 ايها المتميز: عملك عظيم فلا تستهجنه، لعل الشرير يضع فيك دنسا لو تهمله،

228 لما تتلذذ في جنة [ النور] في اليوم العظيم، هناك ترى [ كم ان درجتك عظيمة[70] وطغمتك مجيدة.

 

يعقوب يتكلم

229 ايها المتميز كنت تسمع ايضا بان كآبة القلب تعذب نفسَك وتضايقك،

230 ايها الحكيم اسمع من الجاهل كلمة الحق ولا تستح ان تتعلم الحقيقة من الساذج،

 

231 /859/ الحكيم يتنازل ايضا عند الساذج ليسمع منه لو لقي فيه ما يعينه،

232 اقبل كلمتي واكون عندك مثل المرشد [ واستفد[71] من هذه الامور التي كتبتُها لاخوّتك.

 

العالم الزائل والعالم الباقي

233 ايها المتميز لماذا يدخل الضيق الى فكرك، ولاي سبب تجعلك كآبة القلب مظلما،؟

234 لو تتعذب بالامراض فهذه فائدتك، ولو يعذبك العوز [ يلزم[72] ان تفرح،

235 جمال دربك هو الفقر والعوز وبدونهما كيف تكون متوحدا،؟

236 لو كان قوتك وفيرا فانت غني، ولو كنت غنيا فان عِشرتك موضوعة مع الاغنياء،

237 غنى المتوحدين العظيم هو الفقر، ولو لا تملك الفقر فانت لستَ معهم،

238 لو راحات جسدك هي كثيرة في هذا العالم، كيف تريد ان تجد الراحة في ذلك العالم،؟

239 كلما كثر عذابك هنا ستستريح هناك، ولو لست متضايقا في هذا العالم يلزم ان تتالم،

240 ايها المتميز انظر الى هذه (الامور) كلها وافرح برجائك، وكثّر عملَك في هذا العالم لتستريح في ذلك (العالم)،

241 /860/ [ ستصير[73] دينونة باستقامة لكل احد، وكل واحد ينال هناك كما فعل هنا،

242 العدالة تقوم هناك في اليوم العظيم وتزِن اعمال البشر،

243 ومن ياخذ هنا الراحات في هذا العالم، محفوظة له هناك الجلدات والعذابات،

244 ومن احتمل كل الشرور في هذه الحياة، يكافئونه هناك باجر في الدينونة المستقيمة،

245 ولهذا يلزم ان تفرح ايها المتميز بكل الضيقات التي تجدها هنا في هذا العالم،

246 هنا تفرح في الالم العظيم الى ابد الابدين ولا توجد نهاية لخيراته ولا لشروره،

247 الشرور التي تنتهي لا تضايقك، ولا تفرحك الخيرات التي لا تدوم،

248 الفرح الكامل هو الذي لا يزول الى الابد، والالم العظيم هو ذاك الذي لا ينتهي وهو [ موجود[74] الى الى الابد،

249 في هذا العالم لا تفرح ابدا بمسراته، ولا تتالم ابدا بضيقاته التي تبطل سريعا،

250 خيرات وشرور هذا العالم هي موجودة فقط حتى القبر ولا شيء (آخر) ايضا،

251 هذا العالم هو تحت التغيير والمحاباة، /861/ في ذلك (العالم) كل واحد ينال حسب عمله،[75]

 

252 [ كلما قصّر احد] هنا راحاته يكافئونه هناك، وكلما [ استراح[76] في هذا العالم يعذبونه هناك،

253 انظر ايها المتميز وكثّر افعالك وعذاباتك، وكلما يكثر تعبك  بقدر ذلك تكثر مجازاتك.

 

الفرق بين حياة المتوحد وبين حياة الساكن في العُمر

254 ايها المتميز انظر الى كل هذه الامور [ وستستفيد[77] وازجر وانصح نفسَك والكثيرين،

255 لاحظ بان من هو متوحد وهو وحده يدبر نفسَه مثلما يريد في كل ما يريد،

256 لا [ يوجد من يُخضعه ويدبره ويعمل كل ما يريد[78] بدون مانع،

257 من هو في العُمر هو تحت الخضوع والقمع لانه لا يفعل كل ما يريده بين الكثيرين،

258 من يُخضِع نفسه لاخوته عمله هو شيء آخر، وآخر هو (عمل) من يدبر نفسه في كل ما يريد،

259 ايها المتميز يلزم على من هو متوحد ان يرى كم انه بعيد من عدة صعوبات عالمية،

260 ليرَ هذه الامور الموجود فيها مثل الحكيم، وليشجع [ نفسه ويفرح بتعب[79] دربه،

261 /862/ وبدل الالم وكآبة القلب التي تضايقه يلزم ان يفرح ليتمم دربه بالكمال،

262 ليضع الرب امامه في كل ساعة كالمرآة، وها انه لن يخاف من [ الالم[80] ولا من الضيق،

263 لينظر الى العالم وهو لا شيء ولا يدوم، وليطرد عنه الالم والضيق والحزن،

264 لنتامل باولائك الذين عاشوا فيه قبلنا ولنرَ الى اين وصلوا ولنسلِّ نفسنا،

265 لننظر الى جسدنا كم هي كثيرة مشاكله، ولا نتالم ابدا لو نجونا من شروره.

 

على المتوحد ان يتالم ويبكي لاجل كل انسان

266 ايها المتميز ليكن فكرك [ في كل ساعة[81] في هذه الامور سوف لن تعذبك آلام الضيق والحزن،

267 لو يتشكى منه هولاء الذين هم في العالم، المتوحد الذي ليس مرتبطا به لماذا يتضايق،؟

268 الالم الذي يصير بتمييز هو مفيد، والفرح الذي يصير بتهور هو خسارة،

269 ايها المتميز تالم على الكثيرين الذين ماتوا في الخطايا وتالم عليهم في فكرك كانما تتالم على نفسك،

270 ابكِ على هولاء الذين غرقوا في العالم كانما في البحر وقدّم التوسل بكثرة لاجلهم امام الحنّان،

271 تضرع ايضا لاجل [ من[82] يقوده الشيطان، /863/ ليعيده الصالح ممن نهبه بجسارته،

 

272 مدّ طلبتك عموما لاجل كل انسان، وبصلاتك اظهر للسامي صلاح قلبك،

273 اذا [ حدث] دنس او نقيصة في نفسك، ابكِ بتنهد وطهر نفسك [ بالتوبة.[83]

 

على المتوحد ان يبتعد عن المال الذي هو اصل كل الشرور

274 اهتم وانتبه لئلا تهمل الوصايا التي وضعها لك معلمك لتحفظها بحرس،

275 لا تهتم حتى بالغد كما أُمرتَ وتحتقر كلمة معلمك يسوع فيغضب عليك،[84]

276 انتبه لئلا تقتني كيسا او مزودا على الارض وتجمع لك شيئا زائدا خارج جسدك،[85]

277 انتبه لئلا تضع نحاسا في كيسك ويراك يسوع وبهذا تنفصل عن عدد رفاقك،[86]

278 ولئلا يوجد فيك من اصل كل الشرور، ويغضب يسوع ويرد وجهه عن منزلك،[87]

279 لو تخزن لك من اصل كل الشرور، يسوع يغضب منك ايها الرجل ففكر فيما تعمل،

280 اينما وُجد اصل كل الشرور هناك موجودة معه اثمار اصل الشر،

281 ومن الاصل تنمو اغصان واوراق واثمار /864/ لان كل شيء مرتبط في الاصل ومؤسس عليه،

282 اذاً خذ اولا الاصل من نفسك، وها قد قطعتَ معه بالحقيقة اثماره،

283 ألم توصى ايها المتوحد بالا تهتم ابدا حتى باللباس،؟ انتبه [ لئلا[88] تضل وتفعل هذا،

284 [ يسهل] عليك ايها المتوحد اكثر من جميع الناس ان تنجز كل هذه الامور كما [أُوصيتَ،[89]

285 واذا تهمل ما يسهل عليك ولا تحفظه خَف ايها المتميز لئلا يصيبك الم من جراء هذا،

286 اهتم ايها المتميز لتكمل [ هذه الامور،[90] وها انك لم تعد فارغا لتتالم وتتضايق بدون فائدة،

287 ليكن تفكيرك في كل حين في هذا العمل، ولن يوجد فيك مجال للضيق وللحزن.

 

المتوحد يتمتع بالهدوء والسكينة

288 وبالاضافة الى هذه الامور انظر الى الهدوء والراحة المتوفرة لك وتمتع بها في فكرك بلذة،

289 هناك الكثيرون مرميون في تعاسة العالم وثقله، وانت تحل في هدوء وسكينة بلذة،

290 ايها المتوحد [ في اي هدوء وراحة تعيش لو تتميز[91] ايها الرجل لقد كوفئتَ اجرة تعبك،؟

 

291 لك مثل هذه الامور في هذا العالم /865/ وهناك ترث ملكوت العلى لو تشاء،

292 الغنى العظيم في هذا العالم هو صحة الجسد، والمجد العظيم في العالم المزمع هو صحة النفس،[92]

293 واذا فقد الجسد غناه بالاوجاع، انتبه لئلا تفقد النفسُ غناها بارتخائها،

294 يا احبائي، كلتا الحالتين خسارة  فادحة: ان يصيبنا الالم والحزن في العالمَين.

 

على المتوحد ان يشكر الرب على احساناته

295 يجب ان يفكر المتوحد بهذه الامور في كل ساعة وان يصير طبيبا له ويفيد نفسه،

296 واذ تنظر ايها المتميز الى هذه الامور التي سردتُها اشكر ربَك لاجل احساناته التي لا تُحصى،

297 ميز وتامل في الحسنات التي صنعها لك، واسجد واشكر الرب الصالح في كل حين،

298 لو تميز اي احسان هو موجود عندك، لن تقدر ان تبطل من الشكر ولا ساعة واحدة.

 

التطويبات للمتوحدين

299 بالحقيقة طوبى لمن انهى حياته بهدوء النفس وبالمؤانسة مع الله،

300 طوبى لمن لم يعثر كما لو كان بمصيدة في العالم الشرير [ وبحبائله[93] التي لا تُحصى،

301 طوبى لمن لم يتنازل حتى بافكاره ليندمج في مقتنى العالم كلما سنحت الفرصة،

302 /866/ طوبى لمن لم [ يندمج[94] في الارضيات، وصارت منادمته وصحبته مع الروحيين،

303 طوبى لمن لم يتلطخ بالشهوات ولم يحمل معه ثقل الذنوب الى المحكمة،

304 طوبى لمن ابهج ربَه في مسيرة دربه لانه [ يعظّم[95] مجدَه امام العالمين في يوم تجليه،

305 طوبى لمن [ ادخل[96] وزناته مع ارباحها باسفرار الوجه لما يطلب ابن الملك ما يخصه،

306 طوبى لمن لم يُذم هناك من قبله (ويُقال له): لماذا لم يعمل ويتاجر بالوزنة التي اخذها،؟

307 طوبى لمن لم يخجل هناك امام الديان لما يجازي كل واحد (حسب) أعماله باستقامة،[97]

308 طوبى لمن يرث الحياة والاسم والمجد التي لا تزول في وقت قطع الرجاء،

309 طوبى لمن عبر جسر العالم الشرير وهو غير مدنس ووجّه دربه الى الملكوت،

310 طوبى لمن يطالب باجره بوجه مسفر، وبسيرته اقتنى الملكوتَ والاسم [ الصالح.[98]

 

الويلات للمتوحدين

311 الويل لمن خرج من هنا بثقل الذنوب، وصار محتقرا امام الديان في يوم مجيئه،

312 الويل لمن لم يصور امامه تلك اللحظة /867/ التي فيها يدين ابن الملك باستقامة،

313 الويل لمن يبلغه هناك الالم والبكاء، فسوف لن تنتهي خيراته ولا شروره،

314 الويل لمن يسمع هناك من ابن الملك: اذهبوا عني يا ملاعين الى تلك النار المخيفة [الابدية،[99]

315 الويل لمن لم يلبس ثياب المجد، فيراه الختن في الوليمة ويُخرجه منها،[100]

316 الويل لمن يخرج الى الخارج في وقت فيه يدخل العادلون ليتنعموا في خدر الحياة،

317 الويل لمن لم ياخذ من هنا زوادا معه، سيسعد هناك كل واحد كما عمل،

318 الويل لمن لم يتعب ويقتن زيتا في انائه ليضيء بمصباحه هناك امام ابن الملك،[101]

319 الويل لمن يصير في الظلمة في وقت يحمل العادلون مصابيحهم وهي مضاءة،

320 الويل لمن ينظر اليه الختن هناك بغضب، ويطرده خدامه ويرسلونه الى الظلمة.[102]

 

المتوحد الحسن السيرة يسمع: هلم ايها العبد الصالح رث خدر النور

321 ايها الحكيم المتميز [ فكّر[103] في كل ساعة بهذه الامور وابعد عنك الضيق والحزن،

322 صوّر امام ناظريك هذه الامور في كل [ حين[104] وخف لئلا تبطل من التنهدات والبكاءكل يوم،

323 /868/ انظر الى المواعيد [ الصالحة[105] وافرح برجائك وانظر الى العذابات وايقظ نفسك للعمل،

324 لا يكن فيك شيء بغيض وخفي ومستتر، لان كل شيء جلي كالشمس في العالم الجديد،

325 من هنا اعتنِ وحسّن خفاياك لتُمجد بواسطتها لما تنكشف علنا في النهاية،

326 لا تصنع شيئا ابدا لاجل المجد الباطل لانك ستنال اجرك هنا ولا شيء آخر،[106]

327 اكشف عملك لرائي الكل وحسّن سيرتك له وحده وليس للآخر،

328 ضع الله امام عينيك كمرآة وعلّق فيه نظرك في كل حين ولا تخف ابدا،

 

329 توقّع ان تسمع من ابن الملك تلك العبارة: ادخل وتنعم يا عبدا صالحا في خدر النور،

330 خَف ايضا من ذلك الصوت الرهيب لئلا يقول لك: لا اعرفك [ من انت[107] وستظل في الخارج.

 

على المتوحد ان يقتني الملكوت وليس العالم

331 انه لعجب ايها الرجل لو وُجد فيك موضع فارغ لتفكر بشيء خارج هذه الامور التي ذكرتها امامك،

332 اتعجب بك ايها المتميز المليء حكَما لو وُجد فيه تفكير آخر خارج هذه الامور،

333 بالحقيقة العالم وما فيه يزول، /869/ اذاً لا تتالم لاجل ما هو مثل الظِل،

334 تصير دينونة باستقامة لكل واحد لانه لا يترك ابدا حتى الفكر بدون تعقيب،

335 لا تتعلق ابدا بمقتنى العالم حتى بافكارك، لانه لا يجمل ان يفكر المتوحد بهذه الامور،

336 مقتناك ملكوت العلى وخدر الحياة، لماذا تتنازل الى شيء صغير وتفقد (الملكوت)،؟

337 وكما تحصل [ على مقتنى هذا العالم، هكذا يُقلل لك بالحقيقة  من ذلك (المقتنى)،

338 ارفع عقلك عما يوجد في هذا العالم لترث بالحقيقة التطويبات في ذلك الخفي،[108]

339 بدد من قلبك ظلمة الملل، واهتم بدربك مثل نشيط وكمل مسيرتك.

 

المتوحد لا يخاف من الشرير لانه لا يقدر ان يغصب الحرية

340 لا تخف ابدا من [ مناظر الخيال،[109] فقوة الشرير ليست بشيء عند الحرية،

341 انه لا يقدر ان يغصبها ويقودها بالاكراه لكنه يحارب فقط بالقلق وبالاغراء،

342 يخفى عليه باي فخ يصطاد الانسان، ولهذا فهو يكثّر فخاخه بكل التغييرات،

343 /870/ لو كان واضحا باي فخ يصيد الانسانَ لكان ينصبه له في البداية لينتصر به.

 

من يزرع بالدمع يحصد بالفرح (مزمور 125/4)

344 ايقظ نفسَك لعملك بجبروت، [ وخاصة[110] لا تملّ من زرع زرعك،

345 داؤد النبي قال: من يزرعون بالدموع يحصدون بالفرح لانهم زرعوا بالدموع،[111]

346 من يحمل الزرع يمشي [ ويبكي،[112] ويعود بفرح وهو يحمل الباقة،

 

347 من زرعوا بالتعب والدموع هم اولائك الذين يحصدون ويحملون باقة الفرح في يوم الانبعاث،

348 من يحمل الزرع ويبكي حسب قول داؤد هو من لم يعمل ولم يزرع جمالا في نفسه،

349 [ من لم يزرع] عملا في نفسه في وقت الاثمار بالم ودموع، يبكي لانه لا يحمل [الباقة بفرح،[113]

350 ايها المتميز ازرع عملَك في نفسك بالم ودموع لتحمل باقة الحياة بفرح وقت الاثمار.

 

يعقوب يتكلم

351 تكلمتُ عن هذه الامور يا حبيبنا لاستفيد وافيد انا واصدقائي من كلمة الحياة بتمييز،

352 ياخذ المرء من العوسج وردة شهية، ويترك الاشواك في مواضعها كما هي مكونة،

353 /871/ خذ مني الجمال كوردة من العوسج واترك قبحي يظل عندي كالعوسج،

354 ربي لا تنكر اجر لساني وتعب يديّ وكن مكافئا لتعب اصابعي وسهر عينيّ،

355 اطلبْ من الصالح ان يقلل عذاباتي في يوم المجازاة، لان العادل يستجيب بالحقيقة لطهركَ،

356 من يذنب عليه ان يتوسل لاجل صك ذنوبه، فتضرع لاجلي لانني اعرف ذنبي،

357 لقد قيل عني: العبد الذي يعرف ارادة سيده ولا يكملها يلزم ان يُضرب كثيرا،[114]

358 واذ تتعب لاجلي بصلاة فمك يزداد اجرك فلا تمل من القيام بهذا العمل،[115]

359 ايها المتميز تعجب من طول اناة الرحوم الذي [ اعطاني[116] الكلمة لاتكلم بها بالرغم من كل شروري.

 

الخاتمة

360 مبارك الذي يعظّم بموهبته [ من لا[117] يستحقون، وبهذا هو يُمجد، له التسبيح.

 

كمل

 

 

[1] – ب: الميمر الذي الفه القديس مار يعقوب ملفان بطنان سروج الذي ارسله الى تلميذه اسمه دانيال لما كان قد حبس نفسه

[2] – و: يحدث. و: برؤى

[3] – و: حُسين، نص: حُسِن

[4] – انظر، ميمره 137

[5] – انظر، رسالة/25، 28

[6] – و: بهم يعكر، ل: بتلك يعكر

[7] – و: بالظل وبالخيالات بها يضل، ل: بظلال الخيال بهم يضل

[8] – ل: صفه اولا..به..وبه

[9] – الشيطان لا يجرب الناسك الذي يعيش في الدير (العُمر) الحياة المشتركة لانه ليس محروما من صحبة الرهبان، اما الناسك المتوحد المحروم من صحبة الرهبان، هذا يجربه الشيطان بالملل بسبب وحدانيته

[10] – ل: دبغوكي، نص: دباغووغاي

[11] – ب: عال سابريه، نص: عام سابريه

[12] – ب: كان

[13] – ب: ملكوت العلو

[14] – و: الآلام والموت، ل: الالم والموت

[15] – ل: تنتصر عليها

[16] – متى 22/1-14، خاصة 22/11؟

[17] – ل: بدون جمال. يوحنا 1/18؛ 1طيمثاوس 6/16؛ متى 12/1-14؟

[18] – و: يهمل. فقط في المخطوطة: ل

[19] – امثال 13/4

[20] – ل، و: معاشرته. و: وهوذا عقله غير فارغ للافكار الزائدة

[21] – ل: ذاك. ل: لو

[22] – و: في نفسك تثور، ب: في نفسك

[23] – ل: لاولادكَ. مزمر 136/9. للسروجي موقف الطف في باب التربية لما يتكلم عن محبة ولطف الام وحنان الاب. انظر، ميمره 53، 91. العهد القديم كان يسمح بمثل هذا التاديب القاسي. اشعيا13/16. للسروجي نظرية استمدها من الكتاب المقدس لتاديب الاطفال قبل ان يبلغوا ويتقوى ساعدهم فيصبح تاديبهم صعبا لا بل مستحيلا. يعطي مثال الشوكة التي يسهل استئصالها في صغرها وتؤذي من يقلعها في كبرها. يطبق هذا المثل على افكار القلب التي يعتبرها الاطفال والمؤدب يعتبره الحرية التي تقذف الحجارة لتاديب الاطفال

[24] – فقط في المخطوطة: ل: هي

[25] – ل: لما تنمو

[26] – ل: وايضا..تولد

[27] – ل: يهمل

[28] – ل، و: وهو هكذا يكمل دربه بخطوات (بخطواته) وانت

[29] – ل: يسافر من هنا

[30] – يوحنا 8/44

[31] – متى 24/42-44

[32] – و: اولصونو كير، نص: اولصونو لام. 2قورنثية 4/17

[33] – ل: يعمل

[34] – ل: يهمل

[35] – اعمال 14/22. “الرسول” يعني بولس او رسائل بولس. العبارة نادرة في ميامر يعقوب

[36] – لوقا 13/24

[37] – لوقا 16/25-26. انظر، رسالة/1، انظر، ميمره 16

[38] – مزمور 9/8؟

[39] – ل: وفيهم.  و، ل (مضافة بخط آخر): يرثون من شرور هذا العالم سوى الخبز اليومي فقط قال ربنا

[40] – هل ينقد يعقوب ما كان يحدث بين الرهبان المنتمين الى شيعة “المصلين” (مألينّا مصاليوني) الذين كانوا يمتنعون عى العمل بحجة اقامة الصلوات؟ لهذا السبب نراه يشدد على اهمية العمل وعدم ترك فراغ في الحياة بدون عمل ولو لمدة ساعة واحدة

[41] – انظر، رسالة/1

[42] – متى 16/26؟

[43] – و: غنى، ل: جمال

[44] – ب: كاذ، نص: دخاذ

[45] – نص: يغلبونه، سوني يصوب: يغلبهم

[46] – ب: مطِيث؟، نص: مَطيَث

[47] – ل: كور. امثال 17/3؛ ايوب 23/10

[48] – ل: لو، نص: دلو. ل: نُشف، نص: نَشفِل

[49] – نص: وبها

[50] – ل: في معركتك

[51] – ب: اهواء. و: يهمل كل البيت

[52] – نص: صغّر. غلاطية 6/3؟؛ 1قورنثية 15/9؛ افسس 3/8؟

[53] – نص: وتفكير. غلاطية 6/3

[54] – يوحنا 8/44

[55] – و: في الكتب، ل: في كتابه

[56] – و: ومثل، ل: ويعلق؟

[57] – و: شنثو، ل: لشنثو، نص:لناومثو

[58] – 1ملوك 17-22؛ 2ملوك 1-2

[59] – متى 14/1-12

[60] – ل: لممريو، نص: لمذميو

[61] – اعمال 3/25؛ افسس 2/20؟

[62] – الامان (شينا شاينو) يقصد به سكن البشر لا القفر والبراري حيث يسكن المتوحدون

[63] – ل: يهمل

[64] – و: تدان. انظر، رسالة/1

[65] – و: وقهره

[66] – ل، ب: اليك

[67] – يعقوب متزمت بخصوص النساء اذ يقول لا يمكن الا ان تصير حرب برؤيا النساء!. لملفاننا نصوص رائعة عن عظمة المرأة الام التي تمثل النعمة. متى 5/28

[68] – و: صحبتك. ل: في فوائد. و: دائما

[69] – و: ينزل

[70] – ب: الحياة. ل: انها عظيمة

[71] – و: وزائدا. ملفاننا يقول انه “يكتب” ميمره للمتوحد زميله بصفته المرشد الروحي. هذا النص هو دليل قاطع على ان معظم ميامر ملفاننا كتبها بيده قبل القائها او ترتيلها، ولو لم يصل الينا منها بخطه شيء. القسم الآخر من ميامره سجله النساخ الذين كانوا يدونونها لما كان يلقيها

[72] – ل: ووُلي، نص: زوذيق

[73] – نص: التي ستصير. مزمور 9/8؛ رومية 2/6

[74] – نص: يقوم

[75] – مزمور 9/8؛ رومية 2/6

[76] – و: كلما زجر احد. ل: يستريح

[77] – ل: وافد ذاتك، ب: فانت افد ذاتكدآت لوخ اوتار

[78] – ل، ب: يوجد احد يدبره ويخضعه، ل: وكما يريد يفعل

[79] – ل: نفسه ويفرح في مسيرة

[80] – و: الآلام

[81] – و: كلها

[82] – نص: ذاك

[83] – ل: الذي يحدث. ل، ب: من الارجاس

[84] – متى 6/34

[85] – متى 10/10

[86] – متى 10/9

[87] – 1طيمثاوس 6/10

[88] – نص: لا

[89] – ل: مامورة. ل، ب: المكتوبة

[90] – نص: التي هذه

[91] – ل: ميز انت في اي راحة وسكينة

[92] – الغنى الوحيد والحقيقي في العالم هو صحة الجسد. صحة النفس في العالم المزمع هي المجد!

[93] – ب: وبشورعوثيه، نص: وبشارعوثيه

[94] – و: اثعارزال، نص: اثفاركال

[95] – ل: ماوريب، نص: ماوريب

[96] – ل: سلّم. متى 25/14-30

[97] – 2طيمثاوس 4/14

[98] – ل، ب: المجد. يعقوب 2/7. بلاغة يعقوب استعمل 12 مرة (طوبى لمن) في البيوت: 299-310

[99] – ل، ب: المعدة لكم. متى 25/41

[100] – متى 22/1-14، خاصة 22/11

[101] – متى 25/1-13

[102] – متى 8/12، 25/30. بلاغة يعقوب استعمل 10 مرات (الويل) في البيوت: 311 -320

[103] – ل، ب: اجب

[104] – و: مثل الحكيم. يشدد ملفاننا على اهمية البكاء في حياة المتوحد. البكاء هو المعموذية الثانية في المصطلحات الرهبانية!. انظر، ميمره 29، 51، 90

[105] – ل، ب: والتطويبات

[106] – متى 6/6

[107] – و: الرجل. متى 7/23

[108] – و: مقتنيات هذا العالم هكذا تقتني من الامراض في العالمين. و: تهمل البيت 338

[109] – و: مخاصمات وخيالات

[110] – ل: بنشاط

[111] – مزمور 125/4

[112] – و: من. الدموع في حياة المتنسك سببها: الزرع بالدموع والحصاد بالفرح حسب المزمور 125/4

[113] – و: ومن زرع. ل: باقة الافراح

[114] – لوقا 12/47. البيوت: 351-359 قد تكون شهادة لاعتبار ملفاننا “راهبا” كما تشير الى ذلك بعض المصادر المونوفيسية!

[115] – و: كمل الميمر على المتوحدين بمعونة ربنا

[116] – نص: اعطى

[117] – نص: ومن لا