الميمر 130 على ذلك الرجل الذي كان فيه لغيون الابالسة

الميمر 130

 

        يا ابن الله كل خصوصياتك هي عجيبة، ساعدني بالاندهاش لاتكلم عنك بتمييز، لتحركني محبتك وانا اندهش بامجادك وليسبّحك فمي وانا اعترف بانك لا تُدرك، ليُنطق من قبلي الميمر العظيم بدون خصام بالحان بسيطة مليئة عجبا بسبب عظمتك، ليشرق النور من نعمتك على افكاري وليثمر لساني كلمات تسبيح ترضيك، ليس لانك محتاج على تسبيح الارضيين، لكن ليعظم الجنس البشري لما يسبّح.

        عدم الجدال: انت الله، وانت ابن الانسان، ومَن يفحصك،؟ انت من الآب ومن مريم، ومن يجادل عليك،؟ ليسكت المعلمون فهوذا صيادو الاسماك اخذوك ليتكلموا عنك ببساطة للعالم كله، لتسدّ فمها حكمة الفلاسفة لان البشارة انتشرت في البلدان بواسطة الجهال، موضوع ابن الله العظيم يتطلب المحبة، لانه بدون المحبة لا يوصف فيما لو وُصف، ليهرب الفحص، ولتدخل المحبة الى الجماعات، لانه بها يليق ان تتحدث عن الابن بدون خصام، لو يتكلم عن موضوعه بمحبة ذاك الذي يتكلم، يجمل به كل ما يقوله عن مخلصا، لكن لو يظن بانه يفسره فقد سقط من موضوعه وصار ملاما ومهزوزا وغير حكيم، موضوع الوحيد يسير فوق الكلمة حيث لا يوجد مجال للمعلمين ليفسروا.

        الشياطين تعذب هذا الرجل الشقي: نهش ألفا باشق حمامة واحدة ضعيفة، وقام الصياد وبسط كنفه واخذها منها، النفس البتول صورة الملك المليئة جمالا خطفها الابالسة ليفسدوها وها انها تهلك، خطف الابالسة ذلك الانسانَ وسكنوا فيه، وبجنونهم عذبوه مدة طويلة.

        لماذا يحب الشياطين المقابر؟: لماذا يحب الابالسة القفر اكثر من الامان، وموضع الموتى اكثر من مسكن فيه الاحياء،؟ يحب الشرير موضع الموتى ليسكن هناك لان موت الناس صار من قبل الشيطان، لان صورَ البشر هي فاسدة هناك، يركض الابالسة ليروا الفساد الذي يحبونه، وبكبريائهم يضحكون ويستهزئون بالجثث المتجمعة في الشيول كأكمات وتلال عظيمة.

        اسم الابالسة هو لغيون: ربنا شرع يسأل ذلك السارقَ: ما اسمك،؟ ارتعب ابليس ليتكلم، وردّ ابليس على ربنا لما سأله ان يقول ما اسمه:؟ قائلا له: اسمنا لغيون لاننا كثيرون، وحالا اعترف بان له رفاقا وهم كثيرون، كان يعرف بان ربنا سيرسله الى العمق فسجل رفاقه ليذهبوا معه حيث يذهب، سُئل واحد، وبما انه كان يبغض انداده فقد جعلهم يُمسكون لينزلوا معه الى تحت الارض، لم يكن يقتني المحبة ليتستر على انداده.

        الابالسة يطلبون ان يدخلوا في الخنازير: الحاكم ايضا لما يقبض على السراق في موضع ما، يصدر الحكم ويرسلهم الى موضع آخر، ليحمي الموضع من سرقات بني الاثم كان يطردهم ليخرجوا منه لانهم اجرموا فيه، وهكذا ربنا لما تفقد موضعنا بشبهنا، فقد نفى وطرد منه الاشرار مثل الحاكم، ولما كان يخرج ابليس من احد بكلمته كان يرسله الى اسفل الارض ليصير هناك، ولهذا كان الابالسة يتوسلون الى ربنا بالا يرسلهم الى اللجة مثل رفاقهم، وكانوا يتوسلون اليه ليدخلوا في الخنازير، لان الابالسة يبغضون مقتنيات البشر، ربنا اعطى الخنازير بدل النفوس ليبين بان الانسان اثمن من المقتنى.

 

        رجل اللغيون نمط للعالم: امر الابالسةَ ولم يعصوا كلمته لينتقلوا من انسان صار مثالا للعالم كله، هذا جُعل بعذابه صورة ونمطا لكل العالم الذي عذبه الابالسة، كان العالم قد جنّ بمحبة اصنام الوثنية، وسكن فيه الابالسة وخنقوه بالذبائح، ضرب راسه بالحجارة التي ظنها آلهة، ففقد عقله ولم يعرف من هو ربه، مزق العالم والقى عنه ثوب الايمان، وكان قد انفضح بالوثنية، موسى ربطه بفرائض ثقيلة وبالنواميس وبالوصايا وحلها، العالم الذي جنّ قطع وحل كل الوصايا كقيود واكبال وسلاسل ثقيلة.

        المعموذية تعطي العالم ثوب الايمان: واعطاه ثوب الايمان فلبسه وصار محتشما، وغطى اهانته بالثياب المنسوجة من الماء، وصلح عقله بمعرفة كل البرارة، واطمأن حالما تفقده الرب يسوع، هلم الآن وانظر الى ذلك الذي خرج منه الابالسة وانظر الى العالم الذي شفاه المسيح (كما شفى) هذا وذلك، هوذا العالم منحن امام رِجلي الصلب، وهو مطمئن وساجد ومتواضع ولابس الايمان. ما صار هناك نمطيا وسريا، عرفه العالم بوضوح بالصلب، وصلح العالم مثل ذلك الذي خرج منه الابالسة، وعاد الى الامان من قفر الكفر.

        الخنازير نمط الشهوات: نمط كل الاهواء الشريرة مصور بالخنازير، لان ربنا طرد الابالسة والاهواء من الانسانية، بالابن الصغير الذي رعى الخنازير في الغربة، يُفسر لك بان الخنازير هي الاهواء.

        ارسال الشياطين الى اللجة دون ان يريدوا: لبى طلبهم بالدخول في الخنازير كما توسلوا اليه، وارسلهم الى اللجة دون ان يريدوا.

  • المخطوطتان: روما 118 ورقة 197؛ اوكسفورد 135 ورقة 168

– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. في متن الميمر الخطي يوجد 360 بيتا. في الميمر الحالي يوجد 362 بيتا. في المقدمة يتطرق السروجي الى الجدال ثم يفسر نمطيا وسريا قصة صاحب اللغيون ليرى فيه رمز العالم وعبادة الاوثان. قد يرقى تاريخ تاليفه الى فترة المخاصمات الجدالية اي الى حوالي سنة 482-485م.

 

 

 

للقديس مار يعقوب

الميمر 130

على ذلك الرجل الذي كان فيه لغيون الابالسة[1]

(مرقس 5/1-20؛ لوقا 8/26-29؛ متى 8/28-34)

 

المقدمة

 

1 يا ابن الله كل خصوصياتك هي عجيبة، ساعدني باندهاش لاتكلم عنك بتمييز،

2 لتحركني محبتك وانا اندهش بامجادك وليسبّحك فمي وانا اعترف بانك لا تُدرك،

3 ليُنطق من قبلي الميمر العظيم بدون خصام بالحان بسيطة مليئة عجبا بسبب عظمتك،

4 /684/ ليشرق النور من نعمتك على افكاري وليثمر لساني [ كلمات تسبيح[2] ترضيك،

5 يا ابن الله اعطني الكلمة كما لو كان لتسبيحك، لان كل الافواه ملزمة بتسبيحك،

6 ليس لانك محتاج على تسبيح الارضيين، لكن ليعظم الجنس البشري لما يسبّح،

7 الكل لو يعرفك يعظم بك ولاجلك لانك العظيم حتى لما اتيت الى الصغر،

8 اردتَ وتنازلت وتشهد الاعالي بانك عال، صعدتَ وارتفعت وتشهد الاعماق بانك سفلي.

 

الكلام بالمحبة وبالبساطة عن ابن الله

9 انت الاله، وانت ابن الانسان، ومَن يفحصك،؟ انت من الآب ومن مريم، ومن يجادل عليك،؟

10 ليسكت المعلمون، هوذا صيادو الاسماك اخذوك ليتكلموا عنك ببساطة للعالم كله،

11 لتسدّ فمها حكمة الفلاسفة لان البشارة انتشرت في البلدان بواسطة الجهال،

12 انت المسيح ابن الله بدون خصام، انت الكلمة الذي صار جسدا بدون تعقيب،[3]

13 انت ربنا الذي لبس جسدنا بمحبته، والهنا الذي صار معنا لاجلنا،[4]

14 /685/ انت [ الهنا[5] وها انت معنا عمانوئيل، وكل من يفسر ليخَف وليحب وهو يسجد لك،

15 موضوع ابن الله العظيم يتطلب المحبة، لانه بدون المحبة لا يوصف فيما لو وُصف،

 

16 ليهرب الفحص، ولتدخل المحبة الى الجماعات، لانه بها [ يليق[6] ان تتحدث عن الابن بدون خصام،

17 لا يُجدّف عليه من قبل الناطقين في اسواقهم لانه اراد واتى الى اقصى حدّ الصغر،

18 ربنا هو واحد من الآب ومن مريم، وله وفيه العظمة وله وفيه الصغر ايضا،

19 ولكونه عظيما فهو اله، ولانه اراد ان يصير منا فهو ايضا انسان،

20 دربه ممهد فوق كلمة الناطقين لان اباه خفي وامه بتول، ومن يفحصه،؟

21 ان تلد البتول ليس اعتياديا ولا طبيعيا، لكن ليتعجب من يسمع دون ان يجادل،

22 الآب خفي والام بتول للوحيد، وهو عجب ولا يوصف بالخصام،[7]

23 ذاك الذي يتكلم لو يتكلم عن موضوعه بمحبة يجمل به كل ما يقوله عن مخلصا،

24 /686/ لكن لو يظن بانه يفسره فقد سقط من موضوعه وصار ملاما ومهزوزا وغير حكيم،

25 موضوع الوحيد يسير فوق الكلمة حيث لا يوجد مجال للمعلمين ان يفسروا.

 

التدبير الالهي

26 نزل كالمطر على الاراضي [ الخربة[8] ونبتت الشفاءات كالورود في العالم كله،

27 ابان نفسَه كالنهار على الجهات، وهربت الاوجاع كالظلال من بهائه،

28 بتعليمه استنارت النفس التي كانت مظلمة، وبمعوناته شُفي الجسد الذي كان مجروحا،

29 اعطى الحياة للنفس والشفاء للجسد واقات وغفر واصلح العالم الذي كان مضطربا،

30 لما كان يرى جسدا مجروحا كان يشفيه [ ويقويه[9] وبعدئذ كان يجتاز،

31 ولو صادفته نفس افسدها اثم عظيم، كان يصلحها ويغفر لها ثم كان يتركها،

32 سند المشلولَ بغفران الذنوب وبالعافية، وبرر العشار واتكأ معه على مائدته،[10]

33 فتح الاعمى، وغفر ذنوب الخاطئة، وسمح للنازفة ان تسرق منه القوة،[11]

34 بالطين انار عينَي الاعمى المظلمتَين، /687/ وباصابعه فتح الآذان المغلقة،[12]

35 طهّر البرصَ واعطى النور لابن طيماي لانه غني وبابه [ مفتوح[13] امام الآخذين،

 

36 بكلمته كان يطرد الابالسة من النفوس، [ وبامره كان يهزّم الابالسة من الانسانية،[14]

37 اخرج الابالسة من النفوس التي [ هي[15] مُلكه مثل الاكار الذي يستاصل الاشواك من الحقول.

 

الرجل الذي كان فيه لغيون

38 وبعد هذه الامور صادفه رَجل كثير الابالسة، كانت تسكن فيه فرقة الابالسة الدنسين،

39 الجوق السفّاح المتعطش الى دم البشر، سكن جمع الاشرار في نفس واحدة واطمأنوا.

 

يعقوب يتكلم

40 تحركتُ لاتكلم عن هذا الشقي، انصتوا ايها المتميزون الى الخبر الذي يحيّر من يسمعه.

 

الابالسة عذبوا هذا الرجل كثيرا

41 في انسان واحد سكن لغيون باسره، انه لالم عظيم: كم احتمل الشقي من الجسورين،!

42 مبغضو الناس جعلوا ذلك الانسان الذي سكنوا فيه [ مجنونا[16] وضايقوه وعذبوه،

43 انه مكتوب لم يكن ذاك الذي جنّ يلبس الثياب، ولم يكن يسكن في البيوت لانه لم يكن يقدر،[17]

44 محبو القفر كانوا قد [ طردوه[18] من الامان /688/ ولم يتركوه يسكن في جوار الناس،

45 على كثرتهم سكنوا فيه كانما في بيت كبير دون ان يتضايقوا لانهم اتفقوا على التخريب،

46 اطمأنوا بذلك الشر الذي لا حدّ له ليصيروا على كثرتهم مثل (شخص) واحد حتى يضايقوه،

47 الابالسة يبغضون دائما بعضهم بعضا، لانه لا توجد المحبة في الارادة المليئة شرّا،

48 انهم اشرار واعداء ومليئون مكرا وكذبا وعداء وضلالة عظمى بكل الاشكال،

49 لا توجد فرصة ليحب ابليس ابليسا رفيقه ولا لتكون فيه محبة وامان لقريبه،

50 انهم حيالون ومحبو الكذب والرئاسة وعظماء ومتكبرون وكبرياؤهم اسقطهم،

51 انهم غاضبون ومقلقون ومضطربون ومتعطشون لى الدم وماكرون ولم يعرفوا ابدا ما هي المحبة،

52 ها انهم لا يحبون ابدا الله الذي صنعهم، فكيف يمكن ان يصيروا احباء لاقرانهم،؟

53 ابغضوا الله والبشر الذين هم صورته، ويبغضون كثيرا بعضهم بعضا كما قلنا،

54 وبشرّهم لما يُدعون للتخريب يتجمعون بارادة واحدة للتدمير،

 

55 وعليك ان تتعلم من هذا الشقي الذي صار /689/ عشّا معذبا للابالسة مدة طويلة،

56 تمسكوا ببعضهم بعضا كما لو كان بمحبة ودخلوا وسكنوا فيه وصاروا مثل (شخص) واحد ليفسدوا نفسا واحدة،

57 عليك ان تتعلم بالالفَين اللذين دخلوا وسكنوا في رجل واحد كم انهم مهتمون بالتخريب،[19]

58 الذئاب الكثيرة نهشت نعجة واحدة، فانحدر الراعي وخطف منها (النعجة) الضعيفة،

59 نهش ألفا باشق حمامة واحدة ضعيفة، وقام الصياد وبسط كنفه واخذها منها،

60 النفس البتول صورة الملك المليئة جمالا خطفها الابالسة ليفسدوها وها انها تهلك،

61 خطف الابالسة ذلك الانسانَ وسكنوا فيه، وبجنونهم عذبوه مدة طويلة.

 

لماذا يسكن الابالسة في القبور؟ (مرقس 5/2، 5)

62 كان مسكنه بين الجبال وفي القبور، وبالنسبة الى المتميزين يوجد استفسار عظيم عن هذا،

63 لماذا يحب الابالسة القفر اكثر من الامان وموضع الموتى اكثر من مسكن فيه الاحياء،؟

64 يحب الشرير موضع الموتى ليسكن هناك لان موت الناس صار من قبل الشيطان،

65 التجاوز على الوصية والضلالة التي صارت من قبل الشيطان /690/ هي السبب الذي صنع الموتى منذ البداية،

66 ولهذا عساكر الشرير يحبون القبور ويسكنون ويستريحون فيها كما سمعتم،

67 اعني انهم ادخلوا الموت الى الانسانية وهم مفتخرون لانهم صاروا سببه بمكر عظيم،

68 ولهذا يقبلون الى موضع القبور المليء موتى ليستهزئوا بالجنس البشري: كم انه أُهين،!

69 ويضحكوا ويسخروا من القبيلة العظيمة التي صارت ضعيفة وبلغت الى الفساد ومكثت على التراب،

70 واذ كانت صور البشر فاسدة هناك، يركض الابالسة ليروا الفساد الذي يحبونه،

71 وبكبريائهم يضحكون ويستهزئون بالجثث المتجمعة في الشيول كألاكمات والتلال العظيمة،

72 ويقول الابالسة في الهلاك مثل هذه الامور: حربنا صنعت هذا العمل في البشر،

73 هذه الاجساد المكومة هنا تلالا تلالا هي من التعليم الذي علّمه رئيسنا الشرير لحواء،

74 هذا الخراب واليد العالية والاسم العظيم يتبعنا لان المكر الذي قتل هو مُلكه،

75 يُذكر [ الثعبان[20] الذي ذهب وصنع كما أُمر وصار سببا لهذا الفساد في كل المسكونة،

76 /691/ ولهذا يتوجه الابالسة دائما الى القبور لانهم صاروا سببا للموت الذي قتل آدم،

 

77 الشرير هو منذ البداية قتّال الناس ولهذا يحب ان يرى الفاسدين في تجاويف الشيول،[21]

78 ولهذا كان الانسان الذي سكن فيه هولاء الابالسة يسكن في القبور كما قلنا.

 

صاحب اللغيون كان يُقيد بالسلاسل والاكبال (مرقس 5/4)

79 كانوا يربطونه بالاكبال والسلاسل ولم يمكث في امان الناس: الابالسة لا يحبون الامان،

80 كان يُربط وكان يُحرس بالسلاسل وكان الشقي يقطّع رباطاته ولم يكن يستقر،

81 كسر اكباله وقطع سلاسله وخرج وصار جارا للموتى وسكن معهم في بيت الهلاك،

82 لما كان يهتم الاصدقاء والرفاق وابناء العشيرة ويلبسوه ويجعلوه محتشما، كان يمزق ثيابه ويهتك نفسه،

83 كانوا يتوسلون اليه ليمكث لدى اقربائه ولم يكن [ يطيع[22] ليمكث ولا ليصير محتشما،

84 كان معذبا ومتجردا ومتضايقا ومطرودا ومليئا ويلات ومختلطا مع الموتى ويتحمل المخاوف في القبور كل يوم،

85 نسي جنسَه وقطعوا رجاءهم من الطريد وتركه الاصدقاء لانه صار رفيقا للموتى،

86 /692/ فسدت صورُه الجميلة بالبرد والحر اللذين كانا يعذبانه بتغييراتهما،

87 في الشتاء الجليد والثلج والهبوب والعواصف، في الصيف العطش (وحرّ) الظهر والرياح الحارة،

88 كانت قد تغيرت كل الاوقات على المعذب، وبدلته ايضا وتشبه كله بالميت،

89 كان الرجل قد اقتنى منظرا مخيفا وقبيحا ومليئا رعبا وكان يُفزع من ينظر اليه،

90 كان مخيفا ويتيه بين القبور كالخيالات، ويخاف عابرو السبيل ان ينظروا اليه.

 

ربنا يجتاز هناك وينقذ الرجل صاحب اللغيون

91 حينئذ توجه ربنا بمراحمه ليجتاز في الموضع الذي كان يسكن فيه ذاك الشقي،

92 لاجله مرّ هناك ابن الله ليطرد فوج الابالسة منه لما يصادفه،

93 الراعي الصالح ذكر النعجة التي قطّعها جمع الذئاب المفترسة واتى لينقذها منها،[23]

94 الابالسة راوا ابن الله وخاف الاشقياء، واشرق النهار واضمحلت الظلال الكثيرة،

95 الايل الشاب قام على عش الحيات وتكلم معها وارعبها وافزعها وارجفها وهزّمها،[24]

96 المراحم تفقدت النفسَ المعذبة والمهانة لتخلص من السالبين الذين يقودونها،

97 /693/ اشرق الجبار على السراق وجعلهم يولولون بخوف عظيم وارعبهم لكي يهربوا،

 

98 قوة ابن الله الخفية افزعتهم وبدأوا يهربون كالدخان من العاصفة،

99 ربُّ البرية مسك اللصوص مع سرقاتهم وكان يسائلهم ويتحقق معهم مثل الحاكم.

 

الابالسة يذكرون اسمهم: لغيون

100 ولول ابليس لانه راى الابن يطالب بمُلكه وصرخ بخوف قائلا: ما لنا معك،؟[25]

101 ربنا شرع يسأل ذلك السارقَ: ما اسمك،؟ وارتعب ابليس ليتكلم،

102 وردّ ابليس على ربنا لما سأله ليقول ما اسمه:؟ قائلا له: اسمنا لغيون لاننا كثيرون،

103 كان يُسأل مثل اللص امام الحاكم وحالا اعترف بان له رفاقا وهم كثيرون،

104 كان يعرف بان ربنا سيرسله الى العمق فسجل رفاقه ليذهبوا معه حيث يذهب،

105 سُئل واحد، وبما انه يبغض انداده فقد جعلهم يُمسكون لينزلوا معه تحت الارض،

106 بسؤال واحد اقرّ وصرخ بان له رفاقا ولم يكن يقتني المحبة ليتستر على انداده،

107 كانت قد اشرقت عليهم قوة ابن الله الخفية وربط ذلك اللغيونَ كله مثل الجبار،

108 /694/ وبدأ الابالسة يتوسلون الى الابن بالم عظيم لئلا يرسلهم الى اللجة،

109 اتضح بانه كان يريد ان يرسلهم اليها لانهم توسلوا بالا يرسلهم الى اللجة،

110 جميع الابالسة الذين اخرجهم ربنا من الانسانية كان يرسلهم الى ذلك الموضع مثل الحاكم،

111 ومما جرى لاندادهم عرف هولاء الى اين يذهبون، ولهذا توسلوا خائفين.

 

ربنا طرح الابالسة في اللجة مثل حاكم ينفي السارق الى بلد آخر

112 لما يقبض الحاكم على السراق في موضع ما، يصدر الحكم ويرسلهم الى موضع آخر،

113 ليحمي الموضع من سرقات بني الاثم، ويطردهم ليخرجوا منه لانهم اجرموا فيه،

114 وهكذا ربنا لما تفقد موضعنا بشبهنا فقد نفى وطرد منه الاشرار مثل الحاكم،

115 ولما كان يخرج ابليس من احد بكلمته كان يرسله الى اسفل الارض ليصير هناك،

116 وكان ربنا يحبس الابالسة في إست الارض ويحبسهم كما لو كان في الجب الموضوع لسجن كل الاجناس،

117 ولهذا كان الابالسة يتوسلون الى ربنا بالا يرسلهم الى اللجة مثل رفاقهم،

118 وكانوا يتوسلون اليه ليدخلوا في الخنازير، لان الابالسة يبغضون مقتنيات البشر،

119 /695/ قالوا له: لو تُخرجنا من الناس مرنا ان نذهب الى المقتنى الذي ليس بشيء.

 

 

الابالسة يدخلون في الخنازير: الانسان اثمن من المقتنيات

(مرقس 5/11-13)

120 ربنا اعطى الخنازير بدل النفوس ليبين بان الانسان هو اثمن من المقتنى،

121 اعطى الخنازير وخلص النفس المحبوبة اليه ليعرف بانه لم يكن يريد سوى النفس،

122 اعطى بدل الانسان ليس فقط المقتنى لكن اعطى نفسَه للصليب وخلص آدم،

123 ولكي يحتقر الابالسة الذين سعوا على [ المقتنيات[26] سمح لهم ودخلوا في الخنازير كما توسلوا اليه،

124 بيّن بوضوح بانه لم يكن يحب سوى آدم، واتى وراءه وليست المقتنيات محبوبة لديه،

125 وجد بان التوسل الذي توسله الابالسة ليس بشيء، فعرف وسمح فدخلوا في الخنازير كما توسلوا اليه،[27]

126 ربنا بدّل الذهب بالزبل العفن ولم يتاسف، واعطى اللاشيء واخذ شيئا عظيما،

127 طرد اللغيون من تلك النفس المتضايقة وهناك اشرقت قدرته العاملة كالنهار،

128 ابان جليا بانه يامر سيديا العساكرَ الخفية وجميعهم يطيعونه.

 

صاحب اللغيون رمز للعالم

129 امر الابالسةَ ولم يعصوا كلمته لينتقلوا /696/ من انسان صار مثالا للعالم كله،

130 هذا جُعل بعذابه صورة ونمطا لكل العالم الذي عذبه الابالسة هكذا،

131 كان العالم قد جنّ بمحبة اصنام الوثنية، وسكن فيه الابالسة وخنقوه بالذبائح،

132 ضرب راسه بالحجارة التي ظنها آلهة، وفقد عقله ولم يعرف من هو ربه،

133 مزق العالم والقى عنه ثوب الايمان، وكان قد انفضح بالوثنية،

134 لم يكن يدخل الى بيت الرب الذي هو امان لكنه احب الاصنام الميتة واكرمها،

135 العالم جنّ ولم يكن يدخل الى بيت الله مثل ذلك الرجل الذي لم يكن يسكن في البيوت،

136 صُور العالم بذلك الرجل الذي شفاه ربنا، كل العالم شفاه من الجنون الذي كان يقوم فيه،

137 كل العالم جنّ وتكالب بمحبة الاصنام وخرج وراءه (سكان) بيت الله مثل الاحباء،

138 وكانوا يمسكونه ليمكث في امان بيت الله، وكان يهرب ليسكن في قفر الوثنية،

139 وكانوا يربطونه بالوصايا وبالنواميس كما لو كان بالاكبال والسلاسل ولم يكن يثبت،[28]

140 وكانوا يفرضون على العالم فرائض كالسلاسل /697/ ليمكث في بيت ربه ولم يكن يريد،

141 موسى ربطه بالفرائض الثقيلة وبالنواميس وبالوصايا وحلها،

142 العالم الذي جنّ قطع وحل كل الوصايا كالقيود والاكبال والسلاسل الثقيلة،

 

143 وخرج العالم يجنّ بمحبة الوثنية والاصنام [ والتماثيل الانثوية[29] والطالع،

144 سكن فيه الابالسة وصار مجنونا وفقد عقله مثل ذلك الرجل الحالّ فيه اللغيون،

145 كان يسفه باحتفالات وثنية قبيحة ويتكالب بتماثيل مصورة [ ادخلتها الضلالة،[30]

146 كان [ يتمسك بجميع الآلهة الباطلة،[31] وكان يخضع للنار والماء والنيرات،

147 كان العالم يضع الذبائح للابالسة والبخور للحظوظ لان اللغيون دخل فيه فجنّ وصار وثنيا،

148 وكان ذاك الذي خرج الابالسة منه يشبهه، وهكذا شفى ابن الله العالم كله،

149 طرد اللغيونَ من ذلك الرجل الذي سكن فيه وشعر الابالسة بانه يطردهم من العالم،

150 ذلك الذي اخرج منه الابالسة جعله نمطا ليعرف العالم بان ابن الله يشفيه ايضا،

151 /698/ ويطرد منه كل الارواح الكاذبة التي كانت تسكن فيه الى حين مجيء ربنا الى العالم.

 

بعد شفاء صاحب اللغيون لبس واطمأن واسترجع عقله

152 ذاك الذي خرج منه الابالسة لبس وصارمحتشما، واطمأن ووجد عقله الذي كان مفقودا،

153 وجلس امام رِجلي يسوع كما هو مكتوب وصوّر العالمَ الذي يجعله ابن الله محتشما.[32]

 

العالم يغتسل بالمعموذية ويلبس ثوب الايمان

154 ربنا شفى العالم هكذا لما اتى اليه واخرج منه الابالسة المؤذين الذين كانوا يعذبونه،

155 واعطاه ثوب الايمان فلبسه وصار محتشما، وغطى اهانته بالثياب المنسوجة من الماء،[33]

156 وصلح [ عقله[34] بمعرفة كل البرارة، واطمأن حالما تفقده الرب يسوع،

157 هلم الآن وانظر الى ذلك الذي خرج منه الابالسة وانظر الى العالم الذي شفاه المسيح (كما شفى) هذا
[ وذلك،[35]

158 هوذا العالم منحن امام رِجلي الصلب، وهو مطمئن وساجد ومتواضع ولابس الايمان،

159 دخل من قفر الوثنية حيث كان يتيه، وها قد جُعل خادما للصليب بامان عظيم،

160 هلم وانظر وشاهد جموع الشعوب والامم قائمين باحتشام بهي في بيت الله،

161 وهم يرتلون التسبيح باصوات مليئة قداسة /699/ وفمهم مليء صوت عبادة اللاهوت،

 

162 وبدل جنونهم واصعادهم الذبائح للاصنام الميتة، ها انهم يذبحون التسبيح للرب بالسنتهم،

163 المسيح طرد اللغيونَ الذي جعل العالم كله مجنونا بمحبة الاصنام، وصلحت الارض التي كانت مضطربة،

164 بذلك الرجل الذي طرد الربُ منه الابالسة كانت مصورة هذه الانماط لما شُفي.

 

الخنازير نمط الاهواء الشريرة

165 نمط كل الاهواء الشريرة مصور بالخنازير، لان ربنا طرد الابالسة والاهواء من الانسانية،

166 سمح للغيون لما طرده ان يدخل في الخنازير لتذهب معه كل اهوائه لما ينتقل،

167 بالابن الصغير الذي رعى الخنازير في الغربة، يُفسر لك بان الخنازير هي الاهواء،[36]

168 وهنا وضع الخنازير في محل الاهواء الشريرة، واخرجها مع اللغيون لما خرج،

169 سقطت الخنازير في البحر واختنقت كما هو مكتوب، ونزل الابالسة الى اللجة مثل رفاقهم.[37]

 

المسيح يرفض طلب الابالسة بعدم الذهاب الى اللجة

170 لما توسل الابالسة طلبوا منه امرَين ولم يقبل منهم كِلا الامرين كما طلبوا،

171 طلبوا بالا يرسلهم الى اللجة، وطلبوا منه ايضا ان يامر ليدخلوا في الخنازير،[38]

172 لبى طلبهم بالدخول في الخنازير كما توسلوا اليه، /700/ وارسلهم الى اللجة دون ان يريدوا،

173 الخنازير في البحر، والابالسة غرقوا في اللجة، المرء يفهم الخفايا من الظواهر،

174 ربنا حرر الرجلَ من لغيون الابالسة، وابان علنا بانه يحرر العالم كله،

175 والقى في البحر الخنازير الموجودة في البلد، وصوّر نمطا: انه يزيل كل اهواء العالم،

176 ما صار هناك نمطيا وسريا، عرفه العالم بوضوح بواسطة الصلب،

177 العالم الذي كان [ يتدنس[39] باعياد الاصنام وبنتانة الذبائح، جعله الصليب عفيفا،

178 وبالموائد المليئة بالحظوظ في البلدان، وبسجدات جميع الآلهة الباطلة،

179 واشرق نور الصلب على الجلجلة، وبه ابتهجت كل البرية التي كانت حزينة،

180 وصلح العالم مثل ذلك الذي خرج منه الابالسة، وعاد الى الامان من قفر الكفر.

 

الخاتمة

181 هوذا العالم معافى مثل ذلك الذي خرج منه الابالسة، مبارك المسيح الذي اعطى الشفاءَ لكل من صادفه.

كمل (الميمر) على ذلك [ الرجل الذي كان يوجد فيه اللغيون[40]

[1] – و: واخرجهم ربنا ودخلوا في الخنازير وسقطوا في البحر واختنقوا

[2] – و: الحان التسبيح التي تريح

[3] – يوحنا 1/14

[4] – اشعيا 7/14

[5] – و: الله. اشعيا 7/14

[6] – و: يُايُا، نص: يُاِا

[7] – اشعيا 9/6

[8] – و: حاريبوثو، نص: حروبوثو. الابن ينزل كالمطر وينبت الشفاء في العالم. مزمور 72/6؛ اشعيا 55/10

[9] – ر: يرسله، و، يستقبح، بيجان يصوب: ويقوي

[10] – متى 9/1-8؛ لوقا 19/1-10

[11] – متى 12/22؛ متى 26/6-13؛ متى 9/20-22

[12] – يوحنا 9؛ مرقس 7/31-37

[13] – و: يفتح. متى 11/5؛ مرقس 10/46-52

[14] – و: وامره ايضا يهزم الامراض من الاعضاء. متى 12/28

[15] – و: هم. متى 12/28

[16] – و: ينقلونه

[17] – لوقا 8/27

[18] – و: مفايحين، نص: مفيحين

[19] – عدد الخنازير كان حوالي 2000 ولهذا يقول يعقوب ان عدد اللغيون كان 2000. مرقس 5/13

[20] – ر: حيال، نص: ثعبان. تكوين 3

[21] – يوحنا 8/44

[22] – ر: متتطفيس، نص: مثطفيس

[23] – يوحنا 10/11، 14

[24] – المسيح هو الايل الشاب. الايل حسب التقليد هو عدو الحية التي يقتلها. ترد هذه الصورة بتواتر في الميامر

[25] – مرقس 5/7

[26] – و: مقتنى

[27] – تلاعب على آفيس، اتطفيس

[28] – مرقس 5/4

[29] – و: وبالالحان

[30] – و: الباطلة

[31] – و: وآلهات يستند

[32] – لوقا 8/35

[33] – بلاغة ادبية ثوب منسوج من الماء ! هذه اشارة الى المعموذية

[34] – ر: عقّل (نهاونيه؟)، نص: هاونينه

[35] – ر: ذلك

[36] – انظر ميمريه 12، 90 على الابن الذي بذّر امواله

[37] – مرقس 5/13

[38] – لوقا 8/31-32

[39] – ر: دمزلل، نص: دمزدلل

[40] – و: اللغيون الذي فيه ثلاثماية وستون بيتا

%d مدونون معجبون بهذه: