الميمر 129 على الآيات التي صنع ربنا التي هي ألغاز شفاء العالم

الميمر 129

 

        من آيات جبروتك ثار فيّ العجب يا ابن الله، لتوصف من قبلي باسهاب، من الشفاءات التي جرت منك ابتهجت الارض، ايها الطبيب الصالح اشفني انا ايضا لاني مريض، حماة سمعان المريضة بك شُفيت وبمعونتك قامت لخدمتك، تفقد هنا النفسَ المريضة كما انت معتاد وحركها لتقوم لترتيل الحانك، انا ناقص من الآيات التي فعلتها، اصنع نصرا وتفقد النفس الكثير اثمها، ربنا، اضف تكرار يدك واحيِ الميتَ انا الذي تفوح مني رائحة الاثم وتدنسني، بي يُرى جبروتك لو اشفقت علي، لو ينال الخاطيء الغفران فهذه آية عظيمة، ربنا ولو انا لا استحق المراحم، ربي بك يليق ان تحيي الاشرار مثل والدك، اعطني الكلمة واعطني اجرها لما انطقها فكلما تعطي لمحتاج كلما يطلب منك ايضا، بقدر ما انا ناقص انت متفاضل يا ابن الغني فسدّ عوزي من كنزك وانت كما انت، ربنا ساعدني لاوزع ثرواتك على النفوس التواقة اليك، ميمرك هو ندى لينزل ويسقِ البشر ليعطوا ثمار التسبيح بلحن السنتهم.

        الرب صار ملفانا ليبين للبشر طريق الحياة ليمشوا فيها الى الملكوت، من الآيات الجبارة التي كانت تُصنع، اقام موضوع التعليم الذي كان يلقيه، ابن الله لم يعلّم مثل المعلم بالكلمات، لكنه عمل اعمالا حتى يعلّم مثل الله، الباري يبين قوته بالعمل وبدل الكلمات يثبت تعليمه ببراياه، وابن الباري علّم هكذا في الجماعات، وبدل الكلمات صنع آيات الجبروت.

        قانا الجليل: بدّل الماء الى خمر صالح في الوليمة، وبيّن علنا خبر دربه بالآية التي صنعها، وهناك ابان بانه يبدّل العالم باسره فيصير جديدا بدل القديم الذي كان قد فسد، حيث وُجد الختن والعروس صنع اعجوبة في بداية الطريق التي تُسلك في العالم بالزواج،صنع تبديلا في المياه التي صارت هناك خمرا، ليبدل الزواجُ ايضا نفسَه الى القداسة.

        شفاء الابرص: ابان ربنا بانه يريد ان يطهّر نفوسَ البشر من جرب الكفر، نفس الانسان لبست برصا بغيضا بالاثم، فدنّسها موسى واخرجها وهلكت من الله، اخطأت وفسدت وهلكت حسب الناموس لان الناموس يقتل الخاطيءقتلا، واتى ربنا والتقى الابرص المطرود، فطهّره وشفاه ليعطي الرجاء للخطأة، ويبين بان النفس التي تلطخت بدنس بالاثم الذي صنعته، تطهر به لما تعرفه.

        شفاء المرأة المنحنية: بتلك المرأة صوّر صورة لكل الارض التي كانت منحنية بالسجود للاصنام الباطلة، وكانت مريضة بعبادة الاصنام والوثنية، فحلها وقوّمها لئلا تسجد بعدُ للاصنام.

        شفاء النازفة: صارت مثلا للارض الجالسة على دنسها الى ان اقتربت واخذت جسدَه وبه تعافت، بيعة الشعوب كانت دنسة بالذبائح، لان الاثم ثلمها وصارت جالسة في الدنس، الطامث كانت مطرودة من قبل موسى، ولم يكن الباب مفتوحا لتدخل الى موضع طاهر، وصُورت صورة لبيعة الشعوب بطامث مسكت جسدَ الابن وهي دنسة، وخرجت قوة الهية وطردت الدنس وجعلتها طاهرة وبهية ونقية ومليئة قدسا، بنت الآراميين سرقت منه القوة وهي خائفة من العبرانية التي صلبته.

        شفاء الكنعانية: لقد جعل الكنعانية مثالا لما كان يطرد ابليس ابنتها ويشفيها، الابليس قتّال الناس جعل كل المسكونة مجنونة بعبادة الاصنام وبالذبائح وبالمحرقات، واتى المسيح ليطرد الابليس من الانسانية ويجعل عفيفة الارض التي رضخت لعبادة الاصنام، كانت النعمة قد توسلت الى الآب الخفي فارسل ابنَه ليربط المتمردَ في بأسه.

        شفاء المشلول: وهكذا ايضا لما اقام المشلولَ، جعله نمطا لكل العالم الذي يشفيه، كان العالم مريضا بالوثنية الموجودة فيه بكثرة، وكان مطروحا ومتروكا ويتعذب بالشرور، وراى ابن الله المقعدَ ومال اليه وبه صوّر العالمَ ليحس العالم بانه يشفيه، وحالما اعطى غفران الذنوب لذلك المشلول، اعطاه الشفاء واقامه من مرضه.

        شفاء صاحب اللغيون: بذلك الرجل الذي كان يسكنه ذلك اللغيون كان مصوَّرا العالم الذي جُعل كله مسكنا للابالسة، وكل العالم جنّ وتكالب بالوثنية وسكنه الابالسة وكانوا يجذبونه الى العبادة الباطلة، وكان العالم يمزق ثياب الايمان، ولا يدخل الى ديار مقدس اللاهوت، والنواميس والوصايا كان يقطعها كالقيود والسلاسل بوثنيته، واتى ربنا ووجد مجنونا فيه اللغيون يشبه العالم الذي تكالب هو ايضا.

        احياء ابن الارملة وبنت يوآرش ولعازر يعني تجديد العالم وانقاذه من الفساد: كان يشبه العالم الذي بلغ الى قطع الرجاء، وعضته الحية واستقبلته حفرة لتستولي عليه، حواء طُعنت من الثعبان ومَن يشفيها،؟ آدم العظيم سقط في الهوة، ومَن يصعده،؟ ابن الله الذي سبيله تسمو على الدروب اراد ان يبين بانه يكثّر الرجاء لمن هو بلا رجاء، بلعازر الذي بعثه اراد ان يبيّن كيف يصنع رجاء لآدم الذي بلي في الشيول، ابن الله لم يرِد ان يصنع الآيات، بل ليعرّف مجيئه بفضل الآيات.

– المخطوطة: روما 118 ورقة 134

– يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. الميمر هو تكرار لنفس المواضيع الواردة في ميامره الاخرى. بنية هذا الميمر تشبه بنية الميمر 80 على اسرار وانماط وصور المسيح. السروجي يتكلم عن مرضه وعن كونه غيرمستحق. طبعا لو لم يكن هذا اسلوبا بلاغيا فقد يعني بان ميمره الفه في فترة شيخوخته. له رسالة موجهة الى الاسقف فولا تتكلم عن مرضه وقد يرقى تاريخ تحريرها الى حوالي سنة 519-520م. انظر، رسالته/32. قد يرقى تاريخ تنظيم او تجميع هذا الميمر الى حوالي سنة 518-519م.

 

 

 

للقديس مار يعقوب

الميمر 129

على الآيات التي صنع ربنا التي هي الغاز شفاء العالم

 

المقدمة

 

1 من آيات جبروتك ثار فيّ العجب يا ابن الله، لتوصف من قبلي باسهاب،

2 تفقدتَ الارض وشفيتَ اوجاع المرضى، اعطني الكلمة لاتحدث عنك بعجب،

3 /667/ من الشفاءات التي جرت منك ابتهجت الارض، ايها الطبيب الصالح اشفني انا ايضا لانني مريض،

4 خطايا العالم قبضت على النفس كالحمى، ربنا، اقبض عليها ومُرها لتقوم لخدمتك،

5 محبتك جذبتك الى بيت تلميذك لتجس المريضة، فلمستها مثل الطبيب وشفيتها مثل الله،[1]

6 حماة سمعان المريضة بك شُفيت وبمعونتك قامت لخدمتك،

7 تفقد هنا النفسَ المريضة كما انت معتاد وحركها لتقوم لترتيل الحانك،

8 انا ناقص من الآيات التي فعلتها، اصنع نصرا وتفقد النفس الكثير اثمها،

9 صوتك العالي دعا الميت النتن وخرج، ربي ادعني واكون الثاني مع لعازر،[2]

10 ربنا، اضف تكرار يدك واحيِ الميتَ انا الذي تفوح مني رائحة الاثم وتدنسني،[3]

11 بي يُرى جبروتك اذا اشفقت علي، فلو ينال الخاطيء الغفران فهذه آية عظيمة،

12 يا ابن الله اضف آية الى آياتك التي صنعتها واعطني الحنان الذي يجمل بك،

13 ربنا ولو انا لا استحق المراحم، ربي بك يليق ان تحيي الاشرار مثل والدك،

14 /668/ ابوك الرحمن يعطي الشمس والمطر للوثنيين وللاثمة وانت تشبهه بافعالك،[4]

15 اعطني الكلمة واعطني اجرها لما انطقها فكلما تعطي لمحتاج كلما يطلب منك ايضا،

16 بقدر ما انا ناقص انت متفاضل يا ابن الغني سدّ عوزي من كنزك وانت كما انت،

17 اللجة العظمى تعطي الماء لكل الينابيع، واذ لا تنقص تستفيد هذه (الانهار) من امتلائها،

18 لما تعطي انت لا تخسر، ربنا ساعدني لاوزع ثرواتك على النفوس التواقة اليك،

19 زروعك الصالحة التي زرعتها في النفوس تنتظر مطرك، ربي مرها لتشرب من تعليمك،

 

20 ميمرك هو ندى فلينزل ويسقِ البشر ليعطوا ثمار التسبيح بلحن السنتهم،

21 هوذا تعليمك-المطر العظيم المليء رجاء، وهو يربي باقة التسبيح التي تُعطى لك،

22 ارمز الى الغيمة لتلد السيول من تعليمك، ومرِ الارضَ لتقبل المطر وتصنع الثمار،

23 ليس للغيمة مطر بدون موهبتك، ولا الزرع يقدر ان ينمو بدون ارادتك،

24 /669/ ارادتك تحرك الرعد لينطق وهي تعطي المطر لترسله الغيمة،

25 هي تفتح فم الارض لتقبل، وهي تامر الزرع لينبت من عفونته،

26 وهي تربي وتعطي الشبع لثمار الارض، ومن موهبتها يشبع جياع العالم كله.

 

لماذا جاء ابن الله الى العالم؟

27 فتح ابن الله كنوزه في ارض اليهودية، ووزعها على الفقراء واثراهم،

28 مشى على الارض مثل تاجر يحمل الحياة بين الموتى وابان القيامة للبشر،

29 اتى ليبشر موتى الشيول بالانبعاث، وابان الدرب ليتبعوه الى موضع ابيه،

30 اتى ليجدد الجنس لذي فسد في الهلاك، ويُصعد آدم من الحفرة المليئة امواتا،

31 اتى ليخرب طريق الحية التي تُنزل الى الشيول، ويمهد دربا آخر يُصعد الى الفردوس،

32 اتى ليزيل الخصام الذي القته الحية، ويصنع الامان بين العلويين والسفليين،

33 اتى ليفتح باب الجنة التي كانت مغلقة ويلقي الرعب في ابواب الشيول المفتوحة،

34 نزل الخشب وصعد الحديد من الهلاك، غرق الخفيف وطاف الثقيل فوق الماء،[5]

35 /670/ اتى ليجدد (الامور) القديمة التي بليت ويبري البشر الجدد بالولادة الثانية،[6]

36 اتى ليحل عقدة الاثم التي عقدها آدم، ويفتح بابا للبرارة [ لتستولي[7] على العالم،

37 صار ملفانا ليبين للبشر طريق الحياة ليمشوا فيها الى الملكوت،

38 من الآيات الجبارة التي كانت تُصنع، اقام موضوع التعليم الذي كان يلقيه.

 

تبديل الماء الى الخمر: تبديل الزواج الى القداسة

(يوحنا 2/1-11)

39 انه مكتوب في البشارة بانه بدأ يعمل ويعلّم، [ عمله[8] هي كلماته، وآياته هي تعليمه،

40 المعلم العظيم لم يعلم الارض بالكلمات، لكنه صفّ في دربه [ القوات[9] بدل العبارات،

 

41 بدّل الماء الى خمر جيد في الوليمة، وبيّن علنا خبر دربه بالآية التي صنعها،

42 وهناك ابان بانه يبدّل العالم باسره فيصير جديدا بدل القديم الذي كان قد فسد،

43 حيث وُجد الختن والعروس صنع اعجوبة في بداية الطريق التي تُسلك في العالم بالزواج،

44 اعني هذه الطريق التي تُنزل الى الشيول ابدّلها لتُصعد الى الملكوت،

45 /671/ ولهذا امر المياه وصارت خمرا وبرهن جليا كم تغيير سيعمل في العالم،

46 كان قد رمز الى المياه الميتة فصارت خمرا واقام صورة لحياة الموتى في بداية الدرب،

47 كان قد دُعي الى العرس فاراد وذهب ليدعو كل العرس حتى ياتي معه،

48 اعطى هدية للختن وللعروس واغناهما حتى يقودهما باغراء عند والده،

49 صنع تبديلا في المياه التي صارت هناك خمرا، ليبدل الزواجُ ايضا نفسَه الى القداسة،

50 صنع تعليما في الوليمة كما هو مكتوب: انه بدأ يعمل ويعلّم،[10]

51 لم يصنع ميمرا بالكلمات لكي يُلقى القاء، لكنه عمل عملا نيّرا كالترجمة.

 

شفاء الاجرب: رمز لشفاء النفس (متى 8/1-4)

52 لما كان يمشي صادفه رجل ابرص، وكان يتوسل اليه لاجل الطهر والشفاء،

53 ربي، لو تريد تقدر ان تطهرني، فاراد وطهّره وجعله معافى وبعدئذ انتقل،

54 وابان ربنا بانه يريد ان يطهّر نفوسَ البشر من جرب الكفر،

55 نفس الانسان لبست برصا بغيضا بالاثم، فدنّسها موسى واخرجها وهلكت من الله،[11]

56 /672/ اخطأت وفسدت وهلكت حسب الناموس لان الناموس يقتل الخاطيءقتلا،[12]

57 وطرد موسى البرص العلني من المعسكر ليكون نمطا للخاطيء الذي برصت نفسه،

58 واتى ربنا والتقى الابرص المطرود، فطهّره وشفاه ليعطي الرجاء للخطأة،

59 ويبين بان النفس التي تلطخت بالدنس بالاثم الذي صنعته، تطهر به لما تعرفه،

60 والخاطيء الذي قتله موسى بالناموس، يغفر له ويطهّره من الناموس،

61 ولهذا طهّر ذلك الجرب بكلمته ليعطي رجاء للخاطيء ويغفر له ايضا،

62 انه يهتم بشفاء النفوس، ولهذا بدأ بشفاء الاجسام،

63 ولما يرون بان الجسد الفاسد قد صلح، تصلح معه النفس التي افسدها التجاوز على الناموس،

64 وليعرفوا بان الذي امر الجسمَ وصلح يهتم ايضا بالنفس ليغفر لها وتقتني جمالها.

 

المرأة المنحنية: رمز للارض المنحنية امام الاصنام

(لوقا 13/10-17)

65 كل ما صنع ابن الله لما كان يعلم فقد دعم بوضوح كلماتِه بافعاله،

66 في مجمع اقتربت اليه شقية منحنية بسبب المرض حتى تُشفى،

67 /673/ قال لها: يا امرأة محلولة من مرضك، وحالا حلتها المراحم وقوّمتها لانها كانت منحنية،

68 وبتلك المرأة صوّر صورة لكل الارض التي كانت منحنية بالسجود للاصنام الباطلة،

69 وكانت مريضة بعبادة الاصنام والوثنية، فحلها وقوّمها لئلا تسجد بعدُ للاصنام،

70 العدو احنى الارض امام الآلهة وربطها لتسجد للحجارة وللاخشاب وللنيرات،

71 ولم يسمح بان تنصب نفسها امام الله، لان كل الارض [ كانت[13] منحنية امام الاصنام،

72 والرب ربنا مقوّم المنحنين اتى الى العالم وابان قوته بتلك المرأة المنحنية التي قوّمها،[14]

73 وعلّم الارضَ بانه يقوّمها هي ايضا من الذبائح ويقربها لتسجد للآب باستقامة،

74 قال للمرأة: ايتها المرأة انت محلولة من مرضك، اعني ايتها الارض لقد جُعلتِ قويمة من السجدات،

75 العدو ربطكِ، وانا احلكِ، ذاك المتمرد احناكِ، وانا اقوّمكِ،

76 قومي ايتها الشقية من السجدات الباطلة، واكتسبي العافية بالايمان بالله،

77 ابن الله بيّن للارض عمليا /674/ كيف يحلها ويقوّمها من المرض،

78 ولئلا يقول كلمات فقط لما كان يعلّم، ابان للارض ما يفعل لها بتلك المنحنية،

79 وبيّن لها [ وعلّمها[15] بانه يحلّها ويقوّمها ويعدّلها ويشفيها من المرض.

 

الرقيع يخبر باعمال الآب والآيات تخبر باعمال الابن

80 هكذا هي كل الآيات التي صنعها ربنا: من آياته يدعم تعليمَه مثل والده،

81 كما ان السماوات تخبر بمجد الآب والرقيع يبيّن عمل يديه بوضوح،[16]

82 برية الآب تبيّن كل يوم جبروتَه، واذ لا تتكلم فانها تذكر مجد قدرته العاملة،

83 واذ لا يوجد ميمر ولا كلمات ولا صوت، فهوذا السماوات تخبر بمجد الآب كل يوم،

84 وهكذا ابنه بيّن للارض مثله وهو يعلمها بانه ابن الباري بالقوات التي صنعها،

85 ومن آيات جبروته ثبت تعليمه بدون كلمات، فعرفت الارضُ بانه ربها،

86 هوذا أعماله تخبر بمجده في العالم كله، وانتشر تعليمه بدون ميمر وبدون كلمات،

 

87 هذه القوات التي عملها لما كان يعلّم صارت آيات مكتوبة للعالم حتى يقرأها،

88 /675/ ومنها يتعلم كيف تُسلك طريق ابن الله، وماذا يعمل فيها للعالم كله.؟

 

النازفة رمز لبيعة الشعوب وللارض (متى 9/20-22)

89 مدنسة واحدة كان ينزف دمها مسكت ثوبه، فخرجت قوته وزارت اعضاءها وشُفيت،

90 وصارت مثلا للارض الجالسة على دنسها الى ان اقتربت واخذت جسدَه وبه تعافت،

91 بيعة الشعوب كانت دنسة بالذبائح، لان الاثم ثلمها وصارت جالسة في الدنس،

92 الطامث كانت مطرودة من قبل موسى، ولم يكن الباب مفتوحا لتدخل الى موضع طاهر،[17]

93 ولم يكن يسهل عليها ان تمشي بين الشعب، ولم يكن مستحبا ان تتكلم مع الطاهرات،

94 ولم تقدر ان تطأ باب افنية المقدس، ولا يسمحون لها ان تاتي بنذر او بقربان،

95 وكانت مهملة وطريدة ومتروكة، ولم يكن يقدر الطاهر ان يقترب حيث هي موجودة،

96 واتت هذه الملطخة بالدم وبالدنس وتزاحمت ودخلت واقتربت ومسكت ثوب الابن،

97 وخرجت قوة واغلقت معين الدم النتن وحررت المرأة من الدنس الذي قتلها،

98 وصُورت صورة لبيعة الشعوب بالطامث التي مسكت جسدَ الابن وهي دنسة،

99/ 676/ وخرجت قوة الهية وطردت الدنس وجعلتها طاهرة وبهية ونقية ومليئة قدسا،

100 بنت الآراميين سرقت منه القوة سرقة وهي خائفة من العبرانية التي صلبته،

101 لما اتى ربنا الى العالم لم يأتِ لاجلها لكن لاجل صهيون كما مهّد له الانبياء الطريق،

102 اتى الى خاصته ولما لم تقبله خاصته، سرقته منها بنت الآراميين لتُشفى به،[18]

103 وتزاحمت ودخلت بين الصالبين وهي مدنسة، ومسكت جسده وكتبها حالا مع الطاهرات،

104 وهذا العمل الذي كان المسيح مستعدا ليعمله سبق وابانه بما عمله للمرأة النازفة دما.

 

الكنعانية رمز للمسكونة الممسوسة (متى 15/21-28)

105 وهكذا فقد جعل الكنعانية مثالا لما كان يطرد ابليس بنتها ويشفيها،

106 الابليس قتّال الناس جعل كل المسكونة مجنونة بعبادة الاصنام وبالذبائح وبالمحرقات،[19]

107 وسحق وعامل كل الارض بالسوء، وبتعليمه صارت مجنونة ومهتوكة،

108 واتى المسيح ليطرد الابليس من الانسانية ويجعل عفيفة الارض التي رضخت لعبادة الاصنام،

109 كانت النعمة قد توسلت الى الآب الخفي فارسل ابنَه ليربط المتمردَ ببأسه،

 

110 /677/ ولما كان ربنا يمشي في تخوم صور وصيدا، الرمز اخرج الكنعانيةَ لتصير مثالا،

111 واشتكت على المتمرد الى ديان العالمين، وربطه حالا وطرده واخرجه من الشقية،

112 وبشفائه استنارت الصبية وتعافت وهرب الابليس وصلح الجسد الذي كان فاسدا،

113 (وتمت) ارادة الكنعانية التي توسلت، وتحقق الشفاء للصبية التي كانت معذبة،

114 واشرقت قدرة الابن الآمرة على المتمرد، فربطه وطرده وجلب منه السبي الذي سباه،

115 وعادت وشُفيت الصبية من الجنون وقامت واعطت التسبيح للابن الذي خلصها من القوي،

116 وبهذا العمل الذي صنعه ربنا للكنعانية، ابان كيف يتفقد الارض كلها،

117 وعرف العالم بانه قبِل التوسلَ من النعمة حتى يطرد الابليس الذي افسد كل الارض وجعلها مجنونة،

118 وتلك التي طرد منها الابليس صارت نمطا وعلّم بانه يحرر الارض ايضا من الاثيم،

119 ويُخرج الابليس الذي افسد كل المسكونة ويقوّم عقلها ويطمئنها لانها كانت مضطربة،

120 ويضع علامة صلبه في التخوم ليصير آية رعب للابالسة ويطردهم،

121 /678/ ويجعل الارض التي جنّت عفيفة ويقدسها ويخرج منها الابليس الشرير الذي كان يعذبها،

122 وبشفاء هذه الكنعانية علّم بانه يشفي الارض من مرض الوثنية،

123 علّم ربنا عمليا لما كان يعلّم، وقد قيل: انه بدأ يعمل ويعلّم.[20]

 

المشلول الذي شفاه رمز للعالم المريض بالوثنية (متى 9/1-8)

124 وهكذا ايضا لما اقام المشلولَ، جعله نمطا لكل العالم الذي سيشفيه،[21]

125 كان العالم مريضا بالوثنية الموجودة فيه بكثرة، وكان مطروحا ومتروكا ويتعذب بالشرور،

126 وكان كل جسمه يتعذب وقد نخرته الوثنية ولم يكن يقدر ان يقوم ويشكر اللاهوت،

127 وكان مطروحا في الوثنية كما لو كان في سرير الامراض وقد جُعل غريبا عن شفاء الايمان،

128 وراى ابن الله المقعدَ ومال اليه وبه صوّر العالمَ ليحس العالم بانه سيشفيه،

129 وحالما اعطى غفران الذنوب لذلك المشلول، اعطاه الشفاء واقامه من مرضه،

130 وبهذا علّم العالم بوضوح بانه يعافيه بالغفران وبالشفاء،

131 ويقيمه ويثبته ويسنده ويصير معافى بالايمان بالله،

132 /679/ وباقامته لذلك المفلوج عرّف بان العالم كله يقوم من السقوط.

 

 

الرجل صاحب اللغيون رمز للعالم الممسوس بالشيطان

(مرقس 5/1-209)

133 وبذلك الرجل الذي كان يسكنه ذلك اللغيون كان مصوَّرا العالم الذي جُعل كله مسكنا للابالسة،[22]

134 وكل العالم جنّ وتكالب بالوثنية وسكنه الابالسة وكانوا يجذبونه الى العبادة الباطلة،

135 وكان العالم يمزق ثياب الايمان، ولا يدخل الى ديار مقدس اللاهوت،

136 والنواميس والوصايا كان يقطعها كالقيود والسلاسل بوثنيته،

137 والفرائض التي كانت واجبة عليه لم يخضع لها لكنه كسرها والقاها عنه،

138 واتى ربنا ووجد مجنونا فيه اللغيون وهو يشبه العالم الذي تكالب هو ايضا،

139 واخرج اللغيونَ من الانسان ليشعر العالم بانه هكذا يطرد ابالسة الكفر،

140 خرج الابالسة من ذلك الجسم المعذب، واطمأن وصار محتشما وجميلا،

141 وهذا الشقي المعذب والمتالم لبس واحتشم واكتسب كل الطيب،

142 واطمأن شخصه القلق الذي تضرر واستنارت نفسه وصلح عقله المضطرب،

143 /680/ ودنا وجلس عند رِجلي ابن الله، وابان صورة كل ما سيحدث للعالم،

144 انظر الآن ولاحظ بان العالم كله صار محتشما وتقدس واستنارت نفسه المظلمة،

145 وها انه كله لابس ثياب الايمان، وهو مطمئن وطاهر امام رِجلي الصلب،

146 وخرج اللغيون الذي جلب الاصنام الى العالم، وابان ربنا هذا العمل بهذا الرجل الممسوس من قبل الابالسة.

 

شفاء اخرس واعمى وفيه شيطان: رمز لتطهير العالم من ارجاسه

(متى 12/22)

147 ابن الله لم يعلّم مثل المعلم بالكلمات، لكنه عمل اعمالا حتى يعلّم مثل الله،

148 الباري يبين قوته بالعمل، وبدل الكلمات يثبت تعليمه ببراياه،

149 وابن الباري علّم هكذا في الجماعات، وبدل الكلمات صنع آيات الجبروت،

150 راى رجلا اخرس واعمى وفيه ابليس، وفتحه فاستنار وخرج ابليسُه وراى النور،

151 ابن الله اراد ان يبين بهذا الرجل بان كل ارجاس العالم ياخذها بصلبه.

 

 

إحياء ابن الارملة رمز لدعوة العالم ليسمع كرازته

(لوقا 7/11-17)

152 لقد دعا واقام الشاب ابن الارملة ليصير هذا ايضا مثالا مع الكثيرين،

153 وهنا عرّف بانه كما دعا الميتَ واستجابه، هكذا يسمع العالم وياتي الى كرازته.[23]

 

إقامة بنت يوآرش رمز لقيامة الارض

(مرقس 5/21-24، 35-43)

154 /681/ ولما قال لبنت يوآرش: ايتها الصبية قومي تعلمت الارض بانها تقوم بتعليمه.[24]

 

فتح الاعمى بالطين رمز للبرية الجديدة (يوحنا 9)

155 جبل الطينَ وصنع عينين للاعمى فابصر، فاراد ان يبيّن برية جديدة في مسيرة دربه.[25]

 

إقامة لعازر رمز لاعطاء الرجاء للعالم (يوحنا 11)

156 مخلصنا صنع ميمرا عظيما على لعازر وبدون كلمات الّف موضوعا كله عجب،

157 لذلك الميت لم يكن رجاء ولا امل ولا توسل ولا طلبة لاجل انبعاثه،

158 كان قد دخل وأُغلقت في وجهه ابواب الشيول، وسار في درب الهلاك ثلاثة ايام،

159 وبعدها فسد في (اليوم) الرابع في المرحلة التي فيها تفسد الاجساد في الشيول،

160 ولم يكن هناك ميتا فقط بل فسادا نخرته العثة وجعلته حمأة في الظلمة،

161 مَن كان يفكر،؟ ومن كان يظن،؟ ومن كان يعرف،؟ ومن كان يطلب،؟ ومن كان يتوسل ان يحيا هذا،؟

162 كان يشبه العالم الذي بلغ الى قطع الرجاء، وعضته الحية واستقبلته الحفرة لتستولي عليه،

163 حواء طُعنت من قبل الثعبان ومَن يشفيها،؟ آدم العظيم سقط في الهوة، ومَن يصعده،؟[26]

164 رمح النار تحرس الباب ومن يدخل فيه،؟ باب الجنة مغلق بإحكام ومَن يفتحه،؟[27]

165 /682/ الحية وحواء كتبتا الصك، ومَن يوفيه،؟ مات آدم وصار ترابا، ومَن يحييه،؟[28]

166 مَن توسل الى الآب الخفي منذ الازل حتى ينزل ابنُك ليصير ميتا ويحي آدم،؟

167 مَن كان يتوسل لاجل لعازر بعد ان انتن لياتي ابن الله ويُخرجه من القبر،؟

168 مَن كان يقول للوحيد انزل من سموّك، واركب خشب الصلب وأحيِ آدم،؟

169 مَن فكر بان يفتح قبر الميت المنتن ويغصب ربنا ليذهب الى القبر ويبعثه،؟

170 كان الرجاء مقطوعا من هناك ومن هنا، ولم يفكر احد بالشيء الذي صنعه الله،

171 ولم يفكر احد بان ثلمة العالم تُسيج ولم يكن يظن احد بان لعازر كان ينبعث،

172 ابن الله الذي طريقه تسمو على الدروب اراد ان يبين بانه يكثّر الرجاء لمن هو بلا رجاء،

173 بلعازر الذي بعثه اراد ان يبيّن كيف يصنع الرجاء لآدم الذي بلي في الشيول،

174 ولما يتضح بانه احيا ميتا بعد ان فسد، يتعلم العالم بانه يخلصه ايضا من الهلاك،

175 ولكي يعطي ربنا الرجاء لكل العالم، دعا الميتَ النتن من الهلاك وخرج،

176 /683/ وصار عمله كتعليم مليء عجبا، وقواته هذه بيّنت كم ان الدرب نيّر،

177 ابن الله لم يرِد ان يصنع الآيات، بل ليعرّف بالآيات عن مجيئه.

 

الخاتمة

178 وبدون كلمات تصير اعماله مثل الكراريز: انه هو الذي يجدد العالم بموته، له التسبيح.

 

كمل (الميمر) على الآيات التي صنعها ربنا

[1] – متى 8/14-15؟

[2] – لوقا 16/19-31

[3] – اشعيا 11/11؟

[4] – متى 5/45

[5] – 2ملوك 6/1-7

[6] – يوحنا 3/3-8؛ طيطس 3/5

[7] – نص: تستولين، بيجان يصوب: لتستولي. بلاغة يعقوب استعمل 7 مرات (اتى) في البيوت: 29-36

[8] – نص: عمله، بيجان يصوب: اعماله. اعمال 1/1؛ متى 11/1. انظر، ميمره 167

[9] – نص: كلمات، بيجان يصوب: قوات؟

[10] – اعمال 1/1؛ متى 11/1

[11] – لاويون 14/2-32. انظر، ميمره 44

[12] – يوحنا 8/5؟

[13] – نص: كان، بيجان يصوب: كانت. انظر، ميمره 169

[14] – مزمور 145/14

[15] – نص: وعلّمه، بيجان يصوب: وعلمها

[16] – مزمور 19/1-3

[17] – لاويون 12، 15/18-30. انظر، ميمره 170

[18] – يوحنا 1/11

[19] – يوحنا 8/44. انظر، ميمره 17

[20] – اعمال 1/1

[21] – انظر، ميمره 131

[22] – انظر، ميمره 130

[23] – انظر، ميمره 92

[24] – انظر، ميمره 91

[25] – انظر، ميمره 88

[26] – تكوين 3. انظر، ميمره 93

[27] – تكوين 3/24

[28] – قولوسي 2/4