الميمر 127 على قول ربنا يشبه ملكوت السماء حبة الخردل

الميمر 127

 

        يا ابن الله افتح لي شفتيّ لازمر لك بمحبة النفس لانه يجمل بالمحبة ان تصفك، حرك حواسي روحيا على التهليل لك ليس لانك محتاج لكن لتعطي لمن هو محتاج، ليتحدث عنك الفم ليس لكي يحدد لانك بغير حدود لكن لينتفع من مؤانستك ويرتل لك، ايها الابن، الحبيب كل واحد يريد ان يغتني منك، ولهذا يتزاحم كل واحد ليتكلم عنك.

        المحبة تتزاحم، والعقل يتحرك، والفم يوشوش، والميمر صعب يا ابن رب الكل تكلم عنك انتَ، من يفهمك،؟ ومن يقدر ان يصفك ما عدا المحبة التي وإن تصغّر لا تُلام.؟

        مرارة الجدال في عصر ملفاننا: ها ان المجادلين يصفونه، وها انهم يجادلون عليه ويعثرون به، ويحتمل شكوك وكلمات جميع الحكماء، احتمل مسامير الصلب ولم تكفه، والحكماء ايضا اطالوا عليه السنتهم، وها انهم يجادلون عليه وها انهم يعقّبونه وها انهم يفحصونه ولا يعرفون بانه لا يوصف الا بالمحبة.

        الرب خفي عن الحكماء وجلي للجهال: انه خفي عن المعلمين وعن الحكماء وعن المجادلين وهو جلي للصيادين وللبسطاء وللودعاء، مستقيمو الايمان يتحدثون عن موضوعه بدون خصامات بايمان لا يتنازل الى الاسئلة.

        ربنا نور لمن يحبه ويلاطفه، ونار حارقة لمن يجادل ويتعقبه، طريقه اسمى من التعقيبات ومن الاسئلة ولا يسلكها من يفحص لانه سيضطرب، تعليمه مليء حياة لمن يحبه، يا محبي الحياة هلموا وتنعموا من تعليمه.

        من اليهود احتمل الصليبَ وقبل الرمح، ومن الآراميين (قبل) الشكوك والكلمات غير الجميلة، من المجادلين (قبل) الجدالَ الذي ينفث كالتنين، ومن الحكماء كل اسئلة التناقض، صلب اليهودُ، وجادل الآراميون، وسخر الوثن، وتعقب المعلمون، وثارت الاسئلة من كل الجهات.

        مَن كان يقدر ان يتحمل كل هذه الامور الا ربنا لانه اله وفيه القوة ليحملها،؟ لو كان ربنا صغيرا عندما جادلوا عليه لكان ينتهي امره ويبطل خبره ولما قدر ان يصير عظيما.

        الوثنية لا تجادل لكي تنبذ اصنامها: لو فحص الوثني صنمَه وهو يسجد له، لكان يعرف بانه صنم ولما سجد له، ولهذا اعمى الشريرُ افكارَ جميع الوثنيين لئلا يفحصوا آلهتهم.

        الشرير هو سبب الجدال: الشرير عرقل وصنع هذه المتناقضات: هناك السكوت، وهنا الجدال من قبل الساجدين، ولما لزم ان يصير الفحص صار السكوت، وهنا لزم ان يسكت العالم فكثرت الاسئلة، وكما اضل جميعَ الوثنيين لئلا يفحصوا، يُضل الآن جميعَ المؤمنين حتى يفحصوا، هناك تسلح بالبساطة ليُضل كلَ واحد، وهنا يبين الحكمةَ ليهلك كل واحد.

        يمد المعلمون السنتهم على مخلصنا: شفاهنا هي مُلكنا،من هو ربنا،؟ كل واحد مدّ لسانَه ليتكلم كما يشاء عن ذلك الذي لو جادلت عليه النار لاحترقت، الشريرالقى الجدالَ ليدمر الايمانَ، وقد كثّر جمالا للايمان وهو لا يريد، وبالجدال الذي قام ضد ربنا ابان نفسَه بانه قادر ان يحمل شكوكا وكلمات لانه اله، لو كان صنما لكان يقع وينفضح، ولوكان انسانا لهربوا منه ولكان يُستهزأ به.

        هذا يجادل، وذاك ينقسم، ورفيقه يخاصم، وجميعهم يسجدون لانه اله مع والده، بالكلمات يقول: ذاك هكذا، وهذا هكذا، والسجود متساو لان ربنا متساو مع والده، المعلم المتباهي لما يفحصه ولما يجادل عليه ولما يصغرّه فانه ايضا يسجد سجودا للابن، والمؤمن الذي يسبّحه ويكرمه ويعظمه ايضا فانه لا يسجد له سوى سجود، لما يتكلمان فان كلام ذلك غريب عن (كلام) هذا، ولكن لما يسجدان غايتهما واحدة تجاه المخلص، وتعلّم العالم بانه لو لم يكن الها بالحقيقة لكان ينهزم السجود منه ويبطل خبره. روح الانشقاقات هبّ من ألسِنة المعلمين ولم يصنع دنسا في الايمان.

        يخصص السروجي لتفسير مثل حبة الخردل بضعة اسطر فقط: بحبة الخردل صوّر المسيح-شجرة الحياة دربه ومجيئه ليفهموا بانه توجد عظمة لصغره، وقد برهن بانه كزرع صغير نما وصعد وتجاوز كل الخضار وهو يرتفع، صوّر صورة لكرازته وهو يعلّم بشيء اصغر من الزروع لما تُزرع ، حبة الخردل لانها اصغر من الخضار جعلها مثالا للتواضع الذي ظهر فيه.

  • المخطوطتان: نسخة الموصل؛ روما 117 ورقة 279

– يرد في البداية اسم الطوباوي مار يعقوب الملفان. الميمر تحليل للجدال بانواعه الايجابي (لمناهضة الوثنية وهذا ما لم يتحقق في حينه) والسلبي على المسيح اللامحدود (وهذا ما يجري في عهده). المسيح صار صغيرا ليعظم البشر، وهو في نفس الوقت عظيم لانه اله وابن الله. لما تراه صغيرا لا تتشكك من عزته. المسيح-شجرة الحياة زرع في البشرية كحبة الخردل التي هي اصغر البقول، بعد نموها تصير اكبرها. يشير السروجي بفضل فضيلته ونضوجه المسيحي الى انه في النهاية جميع المجادلين يقرون ويعترفون بالمسيح الها ويسجدون له. مضمون الميمر هو صدى لما ورد في رسالته الى بولس اسقف الرها. انظر، رسالة/32. قد يرقى تاريخ كتابة هذا الميمر الى ما بعد فترة احتدام الجدال المسيحاني سنة 482م قبل صدور مرسوم الاتحاد من قبل الامبراطور زينون، أي الى فترة تفسير مقررات المجمع الخلقيدوني من قبل البطريرك ساويرا سنة 513م في مجمع صور. قد يرقى تاريخ تاليف هذا الميمر الى حوالي سنة 513-515م.

 

 

 

ايضا الميمر 127

على قول ربنا

يشبه ملكوت السماء حبة الخردل

(متى 13/31)

للطوباوي مار يعقوب الملفان

 

المقدمة

 

1 يا ابن الله افتح لي شفتيّ لازمر لك بمحبة النفس لانه يجمل بالمحبة ان تصفك،

2 حرك حواسي روحيا على التهليل لك ليس لانك محتاج لكن لتعطي لمن هو محتاج،

3 ليتحدث عنك الفم ليس ليحدد لانك بغير حدّ لكن لينتفع من مؤانستك ويرتل لك،

4 مجدك اعظم من السِنة جميع الناطقين، لانك لا توصف بين المتميزين لكي تُحدد،

5 ايها الابن، الحبيب كل واحد يريد ان يغتني منك، ولهذا يتزاحم كل واحد ليتكلم عنك،

6 ذاك الذي يتكلم لا يريد ان يفسر خبرك لان ميمرك اعظم من العوالم ومن البرايا.

 

المحبة تتكلم عنك دون ان تلام

7 المحبة تتزاحم، والعقل يتحرك، والفم [ يوشوش:[1] /633/ الميمر صعب يا ابن رب الكل تكلم عنك انتَ،

8 من يفهمك،؟ ومن يقدر ان يصفك ما عدا المحبة التي وإن تصغّر لا تُلام،؟

9 المحبة انزلتك من مساكن ابيك العالية وخلطتك معنا، وهوذا الارضيون يتكلمون عنك،

10 لو مكثتَ عند والدك في موضعك لكان خبرك محفوظا في الخفية في جوهرك،

11 ولكن بما ان محبتك انزلتك عند المضطربين، فهوذا الحكماء والجهال يتكلمون عنك.

 

الجدال على الابن

12 ابن الله الذي اتى الى موضعنا لا يُهن لانه كان عندنا قبل ان ياتي من عند ابيه،

13 اتى الى خاصته واذ لم يقبله الارضيون فقد ثبّتوا له صليبا على الجلجلة ليهان به،[2]

14 واحتمل آلام الصلب من قبل الاثمة، والآن ها انه يحمل ثقل المعلمين الذين يرتابون منه،

15 ها انهم يصفونه، وها انهم يجادلون عليه ويعثرون به، ويحتمل شكوك وكلمات جميع الحكماء،

 

16 احتمل مسامير الصلب ولم تكفه، والحكماء ايضا اطالوا عليه السنتهم،

17 وها انهم يجادلون عليه، وها انهم يعقّبونه، وها انهم يفحصونه ولا يعرفون بانه لا يوصف الا بالمحبة.؟

 

من يصيد الريح ويمسك النار ويحدد الشمس؟

18 لا احد يقدر ان يصيد الريح ويمسك النار /634/ ويجس البحر ويقيس الاعالي التي لا تُدرك،

19 لا احد يقدر ان يحتضن اللهيب لكن يستدفيء به دفئا ولا يقترب منه،

20 لا احد يقدر ان يحدد درب الشمس لكن يستنير منها استنارة ولا يفحصها،

21 لا احد يقدر ان يفحص خفاء الابن لكن ياخذ منه الحياة ولا يجادل عليه،

22 انه خفي عن المعلمين وعن الحكماء وعن المجادلين وهو جلي للصيادين وللبسطاء وللودعاء،[3]

23 مستقيمو الايمان يتحدثون عن موضوعه بدون خصامات بايمان لا يتنازل الى الاسئلة.

 

ربنا نور لمن يحبه ونار لمن يتعقبه

24 ربنا نور لمن يحبه ويلاطفه، ونار حارقة لمن يجادل ويتعقبه،[4]

25 دربه اسمى من التعقيبات ومن الاسئلة ولا يسلكه من يفحص لانه سيضطرب،

26 تعليمه مليء حياة لمن يحبه، يا محبي الحياة هلموا وتنعموا من تعليمه،

27 جلب من بيت ابيه ثروة عظمى الى عالمنا، ايها الفقراء اغرفوا الكنوز التي لا تُدرك،

28 كلمته اشرقت اكثر من النور على النفوس المظلمة، وها انها مستنيرة من تعليمه،

29 صار لنا اشراقه كنهار العدالة /635/ [ وعينا[5] نفسنا لبستا البهاء من بهائه،

30 ابن الغني اظهر نفسه في الفقر، ليصير اخا للفقراء ويثريهم،

31 رعد الالحان نزل ولبس التواضع، وتكلم بلغة البلد مع السفليين.

 

حبة الخردل رمز لتواضع الابن ولنمو بشارته

32 كان قد فتح فمه ليتكلم بالامثال وهو يعلّم ليبين دربه للارضيين بالالغاز،[6]

33 صوّر دربه ومجيئه بحبة الخردل ليفهموا بانه توجد عظمة لصغره،

34 ابان بانه كزرع صغير نما وصعد وتجاوز كل الخضار وهو يرتفع،

35 صوّر صورة لكرازته وهو يعلّم بشيء اصغر من الزروع لما تُزرع،

 

36 حبة الخردل لانها اصغر من الخضار جعلها مثالا للتواضع الذي ظهر فيه،

37 وهكذا بدأ في درب العالم لما اتى اليه بصغر، لانه لا يوجد (شيء) اوطأ منه في العالم،

38 في حضن بسيط وفي مذود حقير وفي عالم مضطرب وفي طريق متعبة وفي شتائم العالم المكلوب،

39 حبة الخردل هي اصغر الخضار، وطريق الابن هي انقص الدروب،

40 /636/ توجد في العالم درجات الاسياد العالية، وفيه مجالس وكراسي السلاطين،

41 يوجد قضاة يامرون على الارض سيديا، ويوجد اركان يتباهون مثل الآلهة،

42 ويوجد اغنياء ويوجد اعزاء ويوجد جبابرة وتيجان الملوك التي تنتصر على الارض كالنيرات،

43 هذه هي الزروع العالية والقوية وطريق ربنا في العالم هي اصغر من (درب) السلاطين،

44 ليس غنيا ولا سلطانا ولا قاضيا ولا ملكا لكنه بسيط وابن النجار،[7]

45 طريقه في العالم لم تكن تشبه درب الرؤساء ولا درب الملوك لانها تمت بصيادي السمك،[8]

46 كانت صغيرة وبسيطة ومتواضعة ومليئة اهانات وتعييرات وكلمات وآلاما واوجاعا،

47 وكان يوجد في العالم ملوك يظفرون باكاليلهم، وربنا متواضع ويشتمونه ويطيل اناته،

48 وهذه [ درجات[9] العالم موجودة لاجل العظمة، وربنا صغير بينما عظمته خفية فيه،

49 لما ابان الزرع نفسه نمت وصعدت الحبة الصغيرة وخطفت العلى الموجود لطبيعتها،

50 /637/ ابن الله قام في سموه عند والده وكل الاعالي اتضعت به لانه تجاوزها،

51 وظل الاغنياء وظل القضاة والاسياد (خلفه)، وابان نفسه فوقهم في موضع ابيه،

52 هوذا طغاة الارض راكعون على عتبته، واسياد العالم جُعلوا عبيدا ويطيعونه،

53 بشارته تطأ تيجان الملوك في ولاياتهم، كانت صغيرة ثم نمت وصعدت وتجاوزتهم،[10]

54 كما تتجاوز حبة الخردل كل الخضار تجاوزت الكرازة كل التعاليم،

55 البشارة تجاوزت كل الاعالي وكل الدرجات وكل المراتب لكونها متواضعة في البداية،

56 ولم توجد فيها العظمة ولا الملوكية ولا الغنى ولا السلطة (ولا) الرئاسة،

57 وكانت صغيرة وبسيطة وناقصة ولما عُرفت تجاوزت وتركت وراءها كل الاعالي.

 

المسيح هو رجل الآلام

58 ابن الله الذي اتى الى موضعنا صغّر نفسه الى ان صار مصلوبا ومقتولا وميتا في الشيول،

59 نزل وتواضع الى اقصى حد التنازل وظهر في العالم بالصغر لما اتى اليه،

 

60 وصار بسيطا ومتواضع البشر ورَجل الاوجاع الحامل الآلام بدل الكثيرين،[11]

61 /638/ في الطريق التي سلكها كان صغيرا ومتواضعا اكثر من الرؤساء ومن القضاة والاركان والسلاطين،

62 ولم يكن له منظر ولا بهاء ولا عظمة ولا مملكة ولا غنى ليُكرم به،[12]

63 صار حبة صغيرة في عالمنا لما اتى اليه، وقد زرعه ابوه في ارض الموتى بين الكثيرين،

64 كان يوجد في الشيول الاقوياء والاسياد والجبابرة وتيجان الملوك (كانت) مزروعة فيها،

65 وصعد ربنا من بين الاموات كزرع صغير ونما وقوي وظلل الاعالي والبلدان،

66 وصعد وتجاوز الجبابرة والاقوياء وجميع من صاروا مشهورين في العالم ورؤساء الشعوب،

67 وتجاوز خبره (خبر) المنتصرين والرؤساء، وابان نفسه فوقهم واعلى منهم،

68 وبطل خبر اسياد العالم الذين اشتهروا، وباسم يسوع ضجت الارض لانه ابن الله،

69 وظلت كل الحقارة التي بدأ بها، وركضت التسابيح والسجدات لتُعطى له،

70 وطريق الكرازة الصغيرة خطفت الاعالي، وهوذا السماء اوطأ من (الكرازة) الممجدة،

71 الطريق التي بدأت بالضعف وبالمرض استقامت ووقفت بجبروت وبعظمة.

 

الابن اخذ اسم الانسان ليخزي خاطفي اسم الآلهة: الشياطين والوثنية

72 وهولاء الذين خطفوا اسم الآلهة ودخلوا الى البرية واكتسبوا كذباً اسماء ممجدة على الارض،

73 وبدأوا يصيرون اسيادا بالعظمة، وظنت الارض بانهم كانوا آلهة واربابا،

74 ومثل اعزاء ومثل جبابرة ومثل آلهة اخذوا سجدات من جميع الشعوب في كل البلدان،

75 وضل العالم ببداية تلك العظمة، وركع وسجد لعبادة الاصنام التي كانت عزيزة،

76 كان العالم قد اعطى اسماء الآلهة كذبا للاباطيل وللوطاويط ولهياكل الاصنام،

77 وقامت اصنام الارض على الاعالي وفي الزوايا وسَبَت واخذت سجود الشعوب والاراضي،

78 واذ كانت مصورة ومنحوتة ومصنوعة ومسكوبة ظنت الارض بانها كانت آلهة،

79 ابان الكذب نفسَه في كل العالم كشيء عظيم، بينما هو حقيرا [بعد ان يُفحص،[13]

80 وبسبب الضلالة التي انتشرت في البلدان ابان الحقُ نفسَه في العالم لتخجل الضلالة،

81 وبما ان الآلهة خطفوا اسم الله، فقد اخذ الله اسمَ الانسان ليفضحهم،[14]

82 وبسبب جسامة الكذب لبس التواضع /640/ ليحطّ المتكبرين من درجاتهم بالصغر،[15]

 

83 ولانهم سمّيوا آلهة بالكذب، نزل الله وصار ابن الانسان بالحقيقة،

84 ليحطهمم ويخزيهم ويحتقرهم لان العظمة التي نسبوها اليهم لم تكن مُلكهم،

85 واذ ضل جميع ناس العالم وراءهم، ابن الله فضحهم لكونهم مصنوعين،

86 الضعفاء والحقيرون اقتنوا اسم الآلهة في البرية، وضد هولاء لبس مخلصا اسم التواضع،

87 وتواضع ليخزيهم لانهم تذمروا، وصاروا اعزاء على الانسانية بما ليس مُلكهم.

 

العظمة المخفية تعتلن، والصغرُ ينكشف

88 لما تختفي العظمة في شيء حتى وإن صغر، ستكشف تلك العظمةُ نفسَها الموجودة في طبيعتها،

89 وهكذا ايضا الشيء الصغير حتى وإن يعظم، فالزمان يفضح صغره لو لم يكن عظيما،

90 الضلالة اعطت البشر اسم لآلهة، والاسم المخطوف لم يثبت ليمكثوا فيه،

91 واذ لم يكن اللاهوت موجودا في طبيعتهم، فقد أُخذ منهم اسم الآلهة الذي لبسوه.

 

الجدالات لم تؤثر على المسيح

92 وهكذا ايضا اخفى ابن الله نفسه في الصغر وفي الحقارة التي لم تكن خاصته،

93 وصار ابن الانسان من بطن الممجدة /641/ وابان نفسه في مذود حقير وفي الاقماط،[16]

94 وتنازل بقدر ما كان يوجد مجال للتنازل الى ان جسّ كل الاعماق واحضان الشيول،

95 وبما انه اله وطبيعته عظيمة ومليئة تطويبات، فتلك العظمة التي لطبيعته لم تُظلم،

96 وبقدر ما تواضع بارادته فقد عرفه العالم عظيما وربا لانه كان عظيما،

97 كم انه تنازل وكم انه تواضع وكم انه أُهين وكم انه عُيّر ولم ينطفي خبره لانه اله!

98 كم من شكوك وكم من مخاصمات وكم من اضطرابات وكم من عثرات كانت موضوعة في طريقه ومع ذلك فهي تسير كل يوم،![17]

99 لو كان صغيرا عندما جادلوا عليه لكان ينتهي امره ويبطل خبره ولما قدر ان يصير عظيما.

 

اليهود والآراميون الوثنيون والمجادلون والحكماء

100 من اليهود احتمل الصليبَ وقبل الرمح، ومن الآراميين (قبل) الشكوك والكلمات غير الجميلة،

101 ومن المجادلين (قبل) الجدالَ الذي ينفث كالتنين، ومن الحكماء كل اسئلة التناقض،

102 صلب اليهودُ، وجادل الآراميون، وسخر الوثن، وتعقب المعلمون، وثارت الاسئلة من كل الجهات،

103 ومَن كان يقدر ان يتحمل كل (هذه الامور) الا ربنا لانه اله وفيه القوة ليحملها.؟

 

وقت الوثنية لم يوجد الجدال

104 لما دخلت الاصنام الى العالم ليُسجد لها، /642/ كان الجدال هادئا ولم يعقّب احد ولم يفحصها،

105 لقد قُبلت من الانسانية بمحبة صافية، والساجدون لها لم يفحصوها لما سجدوا لها،

106 شعوب الارض اكرموا الحجارة والنيرات وركعوا للحيوانات وسجدوا لها دون ان يفحصوا،

107 ولما ظهر الله في البرية ليخلصهم، ها انهم يفحصونه ويعقّبونه باسئلتهم،

108 لما كان ضروريا ان يتعقبوا لم يتعقبوا، وحيث لزم ان يسكتوا لماذا لا يسكتون،؟

109 لو فحص الوثني صنمَه وهو يسجد له، لكان يعرف بانه صنم ولما سجد له،

110 ولهذا اعمى الشريرُ افكارَ جميع الوثنيين لئلا يفحصوا آلهتهم،

111 وكان يُسجد [ للاصنام المصورة[18] ولا يوجد مَن يتساءل ولا مَن يتجاسر ليفحصها،

112 الصنم المصور لم يكن يقدر ان يحتمل فحصا ولا جدالا ولا سؤالا من الساجدين له،

113 لو درسوه لكانوا يحتقرونه ولكان يُفضح ولكانوا يعرفون بانه ليس الها بل صنما،

114 وخشبا مقطوعا ومنشورا وماخوذا من الغابة وقد نحته الحرفيون وتكنّى باسم الله،

115 /643/ ولم يثر ضده سؤال ولا تعقيب ولا فحص ولا مخاصمة من قبل الساجدين له،

116 ولم يقل: ذاك هكذا، وذاك هكذا، بل كانوا متفقين وهم يسجدون له بقلب سليم،

117 واحدة كانت كلمة جميع الوثنيين وفكرهم واحد بضلالة واحدة بالنسبة الى السجدات لآلهتهم،

118 كان قد خرس جدال الارض حتى انها لم تفحص الآلهة لما كان يُسجد لها في البلدان،

119 الشرير لم يسمح للساجدين لهم بان يفحصوهم لئلا يفضحوا لكونهم مصنوعين من لا شيء،

120 لقد اخفى خبرَ الوثنية لما كان يُسجد لها لئلا يفحصها احد وتزول لما تُفحص.

 

الشرير يثير الجدال على ربنا

121 وسجد الشعوب للاخشاب وللحجارة وهم لا يتعقبون، والآن نبع الجدال على ربنا من كل الجهات،

122 الشرير عرقل وصنع هذه المتناقضات: هناك السكوت، وهنا الجدال من قبل الساجدين،

123 وحيث لزم ان يصير الفحص صار السكوت، وهنا لزم ان يسكت العالم كثرت الاسئلة،[19]

124 /644/ قتّال الناس اسكت العالمَ لئلا يفحص هذه الاصنام التي يُسجد لها باثم،[20]

125 والآن ايضا يوقظ الفحصَ والاسئلة ليقلق خبر ابن الله بقدر استطاعته،

126 وكما اضل جميعَ الوثنيين لئلا يفحصوا، يُضل الآن جميعَ المؤمنين حتى يفحصوا،

127 هناك تسلح بالبساطة ليُضل كلَ واحد، وهنا يبين الحكمةَ ليهلك كل واحد،

 

128 [ حيث] كانوا يستفيدون لو فحصوا جعلهم ينامون، وحيث يموتون لو [ فحصوا[21] ايقظهم،

129 وها انهم يفحصون ابنَ الله الذي لا يُعقّب، وها انهم يجادلون على ضابط العوالم غير المحدود.

 

كلما جادلوا على ربنا كلما انتشرت بشارته لانه ليس صنما ليقع

130 يقول المعلمون [ باسئلتهم عن مخلصنا:[22] شفاهنا هي مُلكنا،من هو ربنا،؟

131 كل واحد مدّ لسانَه ليتكلم كما يشاء عن ذلك الذي لو جادلت عليه النار لاحترقت،

132 [ الشرير[23] القى الجدالَ ليدمر الايمانَ، وقد كثّر جمالا للايمان وهو لا يريد،

133 كان يظن بانهم لما كانوا يفحصون ابن الله ويجادلون عليه لكانت تضطرب كرازته،

134 /645/ وبالجدال الذي قام ضد ربنا ابان نفسَه بانه قادر ان يحمل الشكوك والكلمات لانه اله،

135 لو كان صنما لكان يقع ويُفضح، ولوكان انسانا لهربوا منه ولكان يُستهزأ به،

136 واذ فحصوه كانوا يعلمون بانه لا شيء ولهربت منه كل سجدات شعوب الارض،

137 لكن الآن بما انه اله وابن الله، فان كرازته تنتشر ولو انهم يجادلون عليه،

138 هوذا الانشقاقات والخصومات مطروحة في الجماعات، والمسكونة قلقة بخصامات بشأنه.

 

المجادلون يسجدون للمسيح الها مع والده بالرغم من نظرياتهم المختلفة والخاطئة

139 هذا يجادل، وذاك ينقسم، ورفيقه يخاصم، وجميعهم يسجدون لانه اله مع والده،

140 بالكلمات يقول: ذاك هكذا، وهذا هكذا، والسجود متساو لان ربنا متساو مع والده،

141 المعلم المتباهي لما يفحصه ولما يجادل عليه ولما يصغرّه فهو ايضا يسجد سجودا للابن،

142 والمؤمن الذي يسبّحه ويكرمه ويعظمه ايضا فانه [ لا[24] يسجد له سوى السجود،

143 لما يتكلمان فان كلام ذلك غريب عن (كلام) هذا، ولكن لما يسجدان غايتهما واحدة تجاه المخلص،

144 وتعلّم العالم بانه لو لم يكن الها بالحقيقة/645/ لكان ينهزم السجود منه ويبطل خبره،

145 وبالاسئلة وبالخصامات وبالمشاحنات المحيطة به لكان الساجدون له يحتقرونه،

146 ولكان يبطل سير درب كرازته ويتوقف لئلا تستولي على اقاصي الارض،

147 روح الانشقاقات هبّ من ألسِنة المعلمين ولم يصنع اي دنس في الايمان،

148 واذ اراد الشرير ان يقلق الكرازة فقد سارت سيرا واستولت على الاقاصي والبلدان.

 

 

لو حدث جدال على الاصنام لكان يحطمها

149 لو صار هذ الجدال في وقت الاصنام، اي صنم لم يكن يُحتقر امام الساجدين له،؟

150 لو كان احد يفحص المنحوت لما يسجد له، [ لكان يعرف بانه منحوت ولتركه،

151 [ ولكان يعرف[25] بانه مصنوع ومهيأ من قبل نجار وقد ثُبّت بمسامير حتى يقاوم،

152 ولو لا يحملوه لا يمشي ليتفقد الموضع، ولو لا يحملوه لا يقدر ان يغير مكانه نهائيا،

153 ولو صادف الفحصُ صنما او منحوتا لكان يجلب [ الخزيَ[26] لمن يسجد له،

154 ولكان ينفضح من قطعه من الغابة، ومن نحته، ومن اقامه في الزاوية،

155 /647/ ولكان الخزي العظيم الذي يستحق الضحكَ والاسم النتن يصادف مَن يسجد له ويكرمه.

 

الجدال يقود الفاحص الى معرفة ابن الله

156 هوذا الفاحصون والمستفسرون والمعقّبون والمجادلون من كل جهة عند ربنا،

157 واذ يرونه مثل الانسان دخلوا ليفحصوه ويتبعوه الى ان يتعلموا بانه اله،

158واذ يتشككون من خشبة صلبه، تهتز الارض وتقودهم الى عظمته،[27]

159 لما [ يدخل المعلم ليفحص[28] ويرى بانه صار ميتا، ضايقه وداسه الموتى الذين احياهم فيصرخ: بانه اله،

160 كلما يُسرد خبره فهو عظيم وجبار بين الشكوك وبين الانقسامات وبين المخاصمات،

161 ولو يدنو منه احد بالفحص او بالجدال، [فطريق الايمان[29] تسير الى العظمة،

162 ومهما يفحص ومهما يجادل جميع الجسورين، تعظم بشارة الابن عظمة في البلدان،

163 ومهما يناقضونها باسئلتهم الكثيرة، يكثر جميع الساجدين له في كل الارض،

164 يعقّب المعلم ويجد طفلا في الاقماط، ويسمع حالا صوتَ جموع السماويين،[30]

165 /648/ [ الذين يبشرون الرعاة] بمجد عظيم، ويذكرون خبره بصفته المخلص [والمحيي،[31]

166 ويسأل ويفحص اذ اتى ليعتمذ من يوحنا، ويعرف حالا بان الآب والروح ختماه: انه الاله.[32]

 

 

ربنا شجرة الحياة يشبه حبة الخردل

167 انه حبة [ الحياة[33] التي ما ان شوهدت في الصغر حتى نمت وصعدت وعبرت الاعالي العالية،

168 صغر لما نزل ليُصعد آدم من الدوامة، ونما وصعد [ الى موضعه العالي بمجد عظيم،

169 نزل الى الشيول كزرع بشري صغير، ونبت وتقوى[34] كشجرة الحياة الجديدة،

170 كان ربنا مزروعا في جنة الموتى مع الكثيرين، وبالانبعاث صعد وارتفع الى موضعه العالي،

171 ولهذا في المثل الذي صنعه لصغره جلب حبةَ الخردل لتكون صورة لدربه،

172 لما تُزرع هي اصغر من [ النباتات ثم نمت[35] كثيرا لما تُشاهد مع البقول،

173 بدأ يسير بالصغر في العالم، والعظمة الموجودة لطبيعته لم تبطل،

174 ولما يهان ولما يُستهزأ به ولما يُعير فانه اخذ السجدات لانه المسجود له مثل والده،

175 /649/ علّم العالمَ: لما ينظر احد الى صغره بالا يتشكك من العظمة الموجودة في طبيعته.

 

الخاتمة

176 واحد هو ربنا في صغره وفي عظمته، مبارك ذاك الذي صغر وعظّمنا بواسطته لنصير خاصته.

 

كمل الميمر على حبة الخردل

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] – مص: ضعيف

[2] – يوحنا 1/11

[3] – متى 4/19

[4] – دانيال 7/9

[5] – نص: وعين. ايوب 32/1. ملاخي 4/2؟ نهار البرارة مرادف لشمس البرارة؟

[6] – متى 13/3، 18

[7] – متى13/55

[8] – متى 4/19

[9] – مص: زروع

[10] – وصف لنصر البشارة: الملوك (يحملون صليبه على تيجانهم؟) ويدخلون البيع راكعين على عتباتها

[11] – اشعيا 53/3

[12] – اشعيا 53/2

[13] – ر: ما ان تُحتقر

[14] – فيليبي 2/6

[15] – لوقا 1/52

[16] – لوقا 2/7

[17] – بلاغة يعقوب استعمل 8 مرات (كم) في البيتين: 97-98

[18] – مص: اصنام الارض

[19] – مص: شوالي، نص: شاولي

[20] – يوحنا 8/44

[21] – ر: ايكان، نص: ايكو. ر: مجادلون

[22] – نص: باسئلتهم على المخلص

[23] – ر: الاشرار

[24] – مص، ر: لا. بيجان يكتب: كذا

[25] – مص: يهمل

[26] – مص: لبهتاث، نص: بهتاث

[27] – متى 27/51

[28] – ر: يدخل المعلمون ليفحصه؟. متى 27/52-53

[29] – مص: طريق ابن الله

[30] – لوقا 2/7

[31] – ر: ويبشره الرعاة. ر: وهو رحوم. لوقا 2/8-20

[32] – متى 3/16-17

[33] – نص: الحياة هو

[34] – ر: يهمل

[35] – مص: مع النباتات وتنمو