الميمر 124
يا محب البشر تكلم فيّ باسهاب حتى اتكلم عن نعمتك بتمييز، يا رب البرية الذي يودّ بحياة كل العالم، رِد حتى اصف غنى كلمتك وانا متعجب، انطق فيّ ميمرا يكرز كل يوم نعمتك: كم انها مليئة حنانا للاشرار وللخطأة، ربي، تريد ان تقتني البشر في كل الفرص، لتكن المراحم لك فرصة واكتسبني لازمر لك، ساعدني الآن لاتكلم بتمييز عن نبوخذنصر البابلي وعن تأديبه.
يا مستمعي الايمان اصيخوا اليّ لاتحدث عن موضوع مليء فوائد لمن يسمعه، ميمره يبين بان كل تاديب هو من الله، وهو مليء مراحم وفيه توجد حياة الناس، به يتعلم المرء بانه يسهل على التوبة ان تبري الانسان برية جديدة مليئة جمالا.
ليس الوقت (مناسبا) لاتكلم الآن عن اسرار ربنا، لانه يوجد هدف آخر في الخبر الذي ابحثه، لو اقترب من بحر اسرار الوحيد ستفيض عليّ وتغرقني بامواجها، صممتُ ان اتكلم عن البابلي وعن قصاصه وبهذا انهي الموضوع الذي اتابعه.
دانيال يفسر حلم نبوخذنصر: الشجرة هي مملكتك، الحيوانات الاربعة هي الشعوب التي تخضع لمملكتك، الطير هو القوة، الرب يهددك لانه غاضب عليك، وقول المستيقظ اقطعوا الشجرة يعني بانهم يقطعونك عن المملكة وتعيش مع الحيوانات ويصير لك قلب الحيوانات، وقول المستيقظ اتركوا الجذور يعني ان مملكتك تحُفظ لك اثناء قصاصك.
دانيال ينصح نبوخذنصر بالتوبة ويقبل ان يُعتبر كذابا: ولو سمع الملك وتاب كما عرف لكان يُكذّب التفسير لئلا يصبح صادقا، رضي الشهي ان ينجو الملك من العذاب، ويسخروا منه (قائلين): انه لم يفسر الحلم الذي سمعه. نبوخذنصر يرفض نصيحة دانيال ويسخر منه: لبس الملك روحا مليئة هزءا وسخرية وكان يستهزيء بذلك الصادق.
الكلمة الصالحة هي كلها عمومية لمن يقرأها، فاذا قيلت للآخرين فكأنها مُلكنا، ما قيل للبابلي من قبل دانيال، من يمنعك من ان تسمعه وتستفيد منه،؟ قيلت لنبوخذنصر ولم يسمعها، اذاً انها محفوظة لك الآن لتنتفع منها.
قصاص نبوخذنصر: سمع صوتا “يقولون لك”. في هذا الفعل يجد السروجي اشارة الى سر الثالوث: هتف به صوت، “لك يقولون” يا نبوخذنصر، هذا الصوت يرمز الى شيء بالنسبة للمتميزين، هنا كان يُقرف الشعب صالب ربه، هوذا الثالوث قد ابان نفسه بالظواهر، “يقولون لك”، فقد اتضح بانه لم يقل واحد لكن ثلاثة اقانيم اللاهوت المسجودة لها، لو كان واحدا لكان يقول: اقول لك، وبما انهم كانوا ثلاثة فقد سُمع: “يقولون”.
نقد لليهود: الشعب يفتري على الشمس قائلا انها ليست نيّرة، ولو قدر لجعل النهار ليلا، هوذا رعود الاصوات في الكتب تصرخ كل يوم على الوحيد، والشعب الاصم لا يفهم، هوذا صورة الابن في الاسفار تشبه النور، ولا يراها العبراني لان عينيه مسيعتان، لمن هو ناقص النور الشمس والليل يتساويان، فهذه ليست نيّرة لكونه بلا نور، للاعمى وللاطرش لا ترمز ولا توشوش لانه لا يسمع ولا يرى، فلماذا اذاً تتعب.؟
نقد للرؤساء: هذا الخبر يفيد كثيرا المتميزين خاصة لمن يمسك بزمام الرئاسة، ولاجل هذا عذب الله واحدا ليفيد الكثيرين لما يُذكر خبره، لئلا يتكل احد على السلطة لما تصادفه، ولئلا يتكبر بالعظمة لما تبلغ اليه، واذ يرون الملك العظيم اين وصل، ليخَف كل واحد من السلطة التي لا تدوم، لئلا يظن الملك بانه ملك وقد وُلد لاجل هذا، لكن ليعرف بان الرئاسة في يدَي الرب، ليخَف الرئيس الذي جُعل رئيسا على انداده، لان هولاء الذين صار رئيسا عليهم هم رؤساء، وكان يقدر اضعف الناس ان يملك مثل ذلك العظيم لو كان الله يقرّبه من الرئاسة.
الرب يدبر المملكة بدون ملك وبدون رئيس. هذا النص ينفي تدخّل الملاك في تدبير المملكة حسب تقليد مدرسة الرها، لكن ناسخ المخطوطة يقول ان المملكة دبرها الملاك. في هذا الميمر تظهر جليا ثنائية نظريات السروجي!. وبخ الرئيسَ لان الرئاسة كانت ستقوم بدون رؤساء لو شاء ان يقيمها، ابان بمملكة بابل العظمى انه يقدر ان يقيم السلطة بدون ملك ولا تتعرقل، دبر بابلَ والعرش فارغ مدة طويلة، وقامت المملكة بدون سلطان ولم تندثر، الرب قادر ان يجعل اضعف الناس ملكا، ربُ الملوك الذي منه تجري الرئاسة كان يحرس تاجه الى ان يتعلّم حتى يستعيده، محب البشر اراد ان يعلّم الملكَ سِفرا، وبمراحمه حفظ مكانه الى ان عاد اليه.
– المخطوطة: لندن 17161 ورقة 11(ناقص)
– يرد في البداية اسم مار يعقوب. السروجي يصمم ان يتكلم باختصار في هذا الميمر ولا يطيل الكلام عن اسرار ربنا لانه لو تطرق اليها لاغرقته. في الميمر نقد مرير لليهود الذين لا يسمعون السروجي الذي يقول انه مستعد لزرع كلمة الرب في حقول الشعوب بدل زرعها في حقل الشعب. في الميمر نقد لاذع مبطن للملوك، لعله يقصد بهم اباطرة ورؤساء عصره. قد يرقى تاريخ تاليف هذا الميمر الى فترة شباب ملفاننا اي الى حوالي سنة 480-485 كبقية ميامره على دانيال.
الميمر 124
[ الثالث[1] (على) دانيال
على تلك الشجرة التي رآها نبوخذنصر
الذي الّفه مار يعقوب
(دانيال 4)
المقدمة
1 يا محب البشر تكلم فيّ باسهاب حتى اتكلم عن نعمتك بتمييز،
2 يا رب البرية الذي يودّ بحياة كل العالم، رِد حتى اصف غنى كلمتك وانا متعجب،
3 انطق فيّ ميمرا يكرز كل يوم نعمتك: كم انها مليئة حنانا للاشرار وللخطأة،
4 ربي، تريد ان تقتني البشر في كل فرص، لتكن المراحم لك فرصة [ واكتسبني[2] لازمر لك.
يعقوب يقسم الميمر
5 ساعدني الآن لاتكلم بتمييز عن نبوخذنصر البابلي وعن تأديبه،
6 وعن الحلم الثاني الذي رآه الملك العظيم، وعن دانيال الذي فسّر بوضوح،
7 وعن النعمة التي تنصب الفخ للتوبة حتى يُصطاد كل واحد للحياة بكل فرص،
8 يا مستمعي الايمان اصيخوا اليّ لاتحدث عن موضوع مليء فوائد لمن يسمعه،
9 /518/ ذاك الملك الذي بدأتُ اتحدث عنه هو كمرآة لمن يقترب الى التوبة،
10 به يرى المرء بان من يرتفع يتضع، ومن ينسى ما هي طبيعته يسقط،[3]
11 ينطبق عليه قول: كل من لا يتامل في كرامته يُسلّم الى الحيوان والى البهيمة ويشبهها،[4]
12 به تُرى النعمة والعدالة ايضا لانه بدونهما لا توجد الحياة للناس،
13 خبره يعلّم بالا يتكل احد على السلطة، لانها تكذب ولا تدوم لمن يمتلكونها،
14 ميمره يبين بان كل تاديب هو من الله، وهو مليء مراحم وفيه توجد حياة الناس،[5]
15 به يتعلم المرء بانه يسهل على التوبة ان تبري الانسان برية جديدة مليئة جمالا،[6]
16 من قصته يفهم المرء لو هو متميز كم ان لله المراحم للخطأة،
17 الخبر اذاً يتطلب اصغاء مليئا محبة لما يُذكر حتى يفيد من يستمع اليه.
حلم نبوخذنصر الثاني
18 امسى نبوخذنصر قضيبا للارض كلها، وقد قبض عليه الرب وبه كان يجلد البلدان،
19 وحتى يعرف من يمسكه ويعذبه ارسل الرب الحلم وعلّمه مع دانيال،
20 /519/ لما تكبر وصنع تمثالا باللامعرفة، صار له الفتيان والنار صورة لكي يتفقّه،[7]
21 ولما غابت الآية العجيبة من ذاكرته، ارسل الرب حلما آخر ليتكلم معه،
22 ولما عرف تفسير الحلم من دانيال اهمل ايضا وداهمه العذاب وبعدئد ارعوى.
دانيال يسمع حلم نبوخذنصر
23 صممتُ ان اتكلم باختصار عن الحلم الثاني الذي رآه الملك،
24 كم مرة كسر نير الايمان ولم يتركه الحق ان يصير همجيا،
25 كم (مرة) القى عنه القيود لئلا يخضع، ومحب البشر لم يملّ وهو يعلّمه،
26 كان يُخضع ذلك المارد بحلم الليل لانه كان مخيفا ولم يكن يقدر احد ان يوبخه،
27 كان قد راى حلما أُرسل له من قبل الله، وحالما استيقظ دعا دانيالَ ليقصه له،
28 كان الطبيب قد اختبر جرحه الاول، ولما لزم جلبه للجرح الثاني،
29 كان يعرف ذلك المتميز ابن العبرانيين بانه لا يوجد لله سر يخفى عليه،
30 فحص بانه يعرف ان يجس المرض ويشفي الجرح، واذ اصابه مرض في الليل طلبه ليتفقده.
دانيال في حضرة نبوخذنصر
31 /520/ دخل دانيال ليُسأل امام البابلي، وشرع الملك يتكلم معه بمحبة عظمى،
32 انت يا دانيال يا رئيس الحكماء ورئيس العارفين ويا مسلطا على الاسرار القادر ان يقف على الخفايا،
33 اعرف انه لا يوجد سرّ يخفى عليك، ولا سؤال يعصي ابدا على تفاسيرك،
34 بالحقيقة يوجد فيك ايها الرجل روح الآلهة، وكل الخفايا وكل البواطن واضحة لك،[8]
35 هلم وفسر لي بوضوح الحلم الذي رايتُه لانني قصصته امام السحرة ولم يفسروه لي،
36 امراض النفس التي تعترضها في الليالي، لك انت فقط الادوية لتشفيها،
37 هذه الجروح التي يُحدثها السبات بالرؤى لا احد يعرف ان يضمدها الا انت،
38 طريق مجيء الاحلام واضحة لك، وتقدر ان تقبض عليها اينما ذهبت،
39 ما اتضح لك هو خفي على الكلدانيين، اكشف لي ما هي قوة سرّ الحلم الذي رايته.؟
حلم نبوخذنصر: قلع الشجرة العظيمة وترك “جذرها”
(دانيال 4/7-14)
40 رايتُ شجرة وسط الارض نبتت وكبرت وتقوت وارتفعت ووصلت الى السماء في نموها،[9]
41 نبتتها مخصبة وثمرتها وفيرة واوراقها لائقة وكلها ممجدة ومليئة عجبا لمن ينظر اليها،
42 /521/ تحتها تسكن كل حيوانات العالم كله، وفي اغصانها يسكن كل سرب الطيور بلا احصاء،[10]
43 من الشجرة كانت تقتات كل الطغمات، واوراقها تكفي لتغذية جميع من حولها،[11]
44 منظرها عظيم حتى ان كل الجهات كانت تراها، ومن اثمارها كانت تغتذي كل القوات،[12]
45 واذ كنتُ اتامل في رؤيا الليل واتطلع الى تلك الشجرة العظيمة والمليئة عجبا،
46 رايتُ مستيقظا فتح باب العلى ونزل وشرع يهدد الشجرة بصوت عال،[13]
47 وكان يقول: اقلعوا الشجرة واكسروا اغصانها وانثروا اثمارها وذرّوا اوراقها وافسدوا جمالها،
48 واطردوا الحيوانات وهزّموها من ظِلها وطيّروا الاسراب وليذهب الجناح عن اغصانها،
49 ولتبتعد عنها الحيوانات والطيور، وافسدوها كلها ولا تشفقوا على بهائها،
50 واتركوا جذعها في الارض بدون فساد، ولما يُقطع اتركوا جذوره “كالبقية”،[14]
51 واربطوا الحديد والنحاس بعشب البَر وليعذبه المطر والندى بتغييراتهما،
52 وليُضرب بقسوة باوقات سبعة، وهي تتبدل عليه بشكل مسيراتها،[15]
53 /522/ الى ان يكتسب ريشَ النسر وظِفر الطير، ثم يتعلم من هو المسلط على المملكة،[16]
54 ليتم هذا بامر المستيقظ ليعرف الاحياء بان الرب مسلط على مملكة البشر،
55 ويعطيها لمن يريد ويدبرها ويقيم لو شاء اضعف الناس ويديرها،
56 انا نبوخذنصر حلمتُ هذا الحلم ، يا دانيال انت اعطِ تفسير كل الموضوع،
57 لقد صعب هذا على حكماء كل مملكتي، ويسهل عليك لان روح الآلهة يُرى فيك.[17]
دانيال يندهش من حلم نبوخذنصر
58 اثناء الليل أُرسل تعليم من قبل الله الى الملك المليء فهما،
59 اثناء الليل أُعطي له تعليم صحيح ليفتش على التوبة بعد ردعه،
60 سمع دانيال الحلم وتعجب بتمييز، وكان يندهش من تاديب الملك العظيم،[18]
61 يسرد الملك الحلم الذي رآه امام دانيال، والرب يكشف ويبين ما هو تفسيره،
62 مع قصة حلم الملك وجد تفسيره لان نفسه النقية كانت متطلعة على كل الاسرار،
63 ولما نظر وراى القصاص الذي صدر على الملك تعجب واندهش وتغيّر بهاء وجهه لانه،
64 /523/ حزن على الملك بسبب ما سيحدث له، وكان يتعجب بافكاره من عذابه،
65 واذ كان دانيال يتعجب من القصاص ظن الملك بانه لم يفهم تفسيره،
66 رآه مهموما وصامتا ففكر بان الكلمة مستترة عنه والحلم صعب عليه،
67 قال الملك: لا تقلق من [ صعوبة[19] الحلم ولا تنفعل من عدم وقوفك على تفسيره،
68 اتركه مادام تفسيره خفيا عنك، لا يعكرك واتركه يمضي مع تفسيره.
“شجرة” نبوخذنصر: تنحيته عن المُلك (دانيال 4/17-23)
69 حينئذ بدأ رئيس الحكماء يقول: قلقتُ ليس لانني لم اعرف حلمك انما عرفته جيدا،
70 ولانني عرفته بوضوح فانا قلق وقد استحوذ عليّ العجب بسبب قساوة القصاص،
71 حلمك ايها الملك ليكن لمبغضيك ايا كانوا، وليدرك ايضا تفسيره اعداؤك،
72 ليقاصص آخر بالقصاص الصادر عليك، وتفسير الحلم لا يؤذك ولو انه خاصتك،
73 ايها الملك تلك الشجرة العظيمة التي رايتَها ونمت عظمت كأنّ سلطتك بلغت السماء،
74 منظرها العظيم الممتد على كل الجهات هو ولايتك التي تُخضع العالم كله،
75 /524/ الحيوانات التي تربع في ظلها تعني الشعوب الذين يخضعون لمملكتك،
76 الطير الذي كان يسكن في اغصانها يعني القوات التي تطير في الارض بامرك،
77 ورؤية الملك لمستيقظ يهدد الشجرة يعني بان الديان غاضب عليك الآن لابادتك،
78 اصوات التهديد التي سُمعت تعني بان الغيرة ثارت على مملكتك من قبل العدالة،
79 وقول المستيقظ: اقطعوا الشجرة واكسروا اغصانها يعني بانهم سيقطعونك عن المملكة المنتصر انت فيها،
80 قرار العليّ بلغك ايها العزيز، وها انك ستُضطهد من قبل البشر كما قيل،
81 ويكون سكناك مع الحيوانات كما سمعتَ وسيكون لك قلب حيوان بدون تمييز،
82 وسيبلل جسمَك البهي المطرُ والندى، وسيعذبك الصيف والشتاء بتغييراتهما،
83 وسيتغير عليك البرد والحر سبع مرات وينقلك هذا الى ذلك لكي تُعذب،
84 وستُقاصص من قبل العدالة بشدة الىان تعرف من هو المسلط على السلاطين،
85 وقول المستيقظ اتركوا جذور جذع الشجرة يعني بان مملكتك تُحفظ لك لما تُقاصص.
دانيال ينصح نبوخذنصر بان يتوب (دانيال 4/24)
86 /525/ تفسير الحلم هو هذا كما قلتُ لك ايها الملك، لكن اقبل الآن نصيحة اعطيها لك،
87 وُضع ضماد التوبة لجرح الاثم، وهو يقيك من تاديب الوجع القاسي،
88 اهتم الآن ما دام وجعك حديثا واشفِ نفسك لئلا يستفحل ويستعصي على المعالجة،
89 صبّ الصدقات على جروحك واشفها واعط للمحتاجين وها قد شفيت من المرض،
90 الآن لتغلب الشفقة اثمك، وهوذا الشر قد اختنق بالخير الاقوى منه،
91 استاجر لك فعلة محتاجي الارض واسندهم وهم يتعبون لله لاجل شفائك،
92 بالصدقات اجعل الضعفاء والبؤساء جبهة لك، لانهم يقدرون ان يبطلوا قصاصك،
93 اصلح تاجك من الآن وصاعدا بالبرارة، لان الاثم يلحقه وما لم يُطرد سيُسقطه،
94 ما لم تدع التوبة لتسند تاجك، هوذا الخطيئة تخطفه منك كما تقرر،
95 اطلب من الرب ليُبعد اثمك عنك، لان الشر قد تقرر ما لم يدركه الغفران.
التوبة تنقض القصاص الذي قرره الرب
96 صالحة هي النصيحة التي اعطى دانيال لو سمعوها، ولائق هو الدواء الذي وضعه على المرض لو قبله،
97 /526/ الطبيب الذي قرر ما يختص به صنعه بقلب صالح، المريض اذنب لانه حلّ الضمادَ الذي قُدّم له،
98 الملك لم يقبل ان يشفي نفسه، بينما كل الخبر هو كالشفاء لمن يسمعه،
99 لو انتشرت هذه الكلمة كما قيلت، تقدر ان تساعد في كل الاوقات من يسمعها،
100 هذه النصيحة التي اعطى دانيال لذلك الكلداني من يريد ان ياخذها ينتفع بها،
101 الكلمة الصالحة هي كلها عمومية لمن [ يقرأها،[20] فاذا قيلت للآخرين فكأنها مُلكنا،
102 ما قيل للبابلي من قبل دانيال، من يمنعك من ان تسمعه وتستفيد منه،؟
103 قيلت لنبوخذنصر ولم يسمعها، اذاً انها محفوظة لك الآن لتنتفع منها،
104 الضماد الذي ركّبه دانيال رئيس الحكماء، لو شاء احد فكل جروح الاثم تُطلى به،
105 بهذا الخبر يفهم المرء بانه توجد قوة في التوبة لتبدّل القصاص على الارض،
106 لما تُصنع البرارة توجد فيها قوة لتطرد الشر عن المرء حتى وإن [ تقرر،[21]
107 /527/ هنا لو اراد المتميز يتعلم بانه بالصدقات يزول اثم فاعليها،
108 حتى وإن قرر الرب القصاص على الاثمة فانه ينقض كلمته اذا اتوا الى التوبة،
109 بعدما سمع دانيال قصاص ذلك البابلي نصحه بان ياتي الى التوبة،
110 فلو سمعه وقضى على الاثم بالبرارة، لكان يبطل ما قُرر من قبل الله،
111 العبد كان يعرف بان ربه مليء مراحم، وبان التوبة قادرة لتنقض كلماته.
قبل دانيال بان يُعتبر كذابا على شرط ان يتوب نبوخذنصر
112 فهم بانه لو لم يكن يريد ان يشفق عليه لما كان يبين له حلما قبل القصاص،
113 فهم بانه لو صمم ان يضربه لما كان يرسل له تعليما في رؤيا الليل،
114 وعرف مثل المتميز بان الارادة رمزت اليه، ولهذا دعا الملكَ العظيم الى التوبة،
115 ولو سمع الملك وتاب كما عرف لكان يُكذّب التفسير لئلا يصبح صادقا،
116 ذاك الحكيم لم يكن يريد ان تثبت كلمته لكي يُصدّق لما يُضرب الملك بغضب،
117 قبِل ان يعتبروه مثل كذاب وان يتوب الملك ويزول الشر الذي كان محتوما،
118/ 528/ رضي الشهي بان ينجو الملك من العذاب، ويسخروا منه (قائلين): لم يفسر الحلم الذي سمعه.
الملائكة يفرحون بتوبة الخطأة
119 دعا التوبة لتدخل وتنقض كلماته لان خبرها محبوب من قبل الله وملائكته،
120 كل فكر نظر الى خفايا الله (عرف) بانه يود كثيرا بحياة البشر،
121 والملائكة ايضا الذين شعروا وعرفوا ما هي محبته يفرحون كل يوم بتوبة جميع الخطأة،[22]
122 دانيال ايضا كان بهيا ونقيا مثل الملاك، وكانت ذات الارادة موضوعة في نفسه المليئة جمالا،
123 كان يعرف كم ان التوبة محبوبة، وكم انها عزيزة على الله ويسعد بها،
124 بها يقدر المرء ان يبني نفسه التي استاصلها الاثم، وبها يشفي جرحا نبع من الحرية،
125 بها يتجدد الجسد الذي فسد بالجروح، وبها تتنقى النفس التي سُيّعت بالشرور،
126 انها قادرة لتقيم برية جديدة مليئة جمالا حتى يقول الرب ثانية: ها انها حسنة جدا،[23]
127 في التوبة قوة لتعطي الانبعاث للموتى وان تقيمهم مثل الله،
128 هوذا الخاطيء ميت خفي، فلو تاب انبعث بالمراحم التي اشفقت عليه بالغفران،
129 /529/ وبما ان دانيال كان يعرف كم ان التوبة جميلة فقد جذب الملكَ ليدخل اليها.
بعد مضيّ اثني عشر شهرا لم يتب نبوخذنصر
(دانيال 4/26-27)
130 دانيال فسر الحلم للملك بناء على طلبه، وابان له الطريق كيف يهرب من القصاص،
131 الله ايضا اطال اناته في قصاصه، ولم يستعجل ليقاصص بسرعة،
132 انتظر الملكَ اثني عشر شهرا لعله يتوب، ولو لم يتب جلب عذابه الذي كان مهيأ،[24]
133 اصدر قصاصا ولما نصح دانيال، تريث ليرى هل يسمع (النصيحة) ام لا يسمعها،؟
134 ارسل الحلمَ وارسل له ايضا المفسرَ ليخاف الملكُ وياتي الى باب التوبة،
135 هدده ثم تأخر لعله يتعظ بالتهديد حتى يمنع عنه العذاب العظيم لئلا يُقاصص به،
136 وسمع واهمل وتعلّم ورذل وراى واحتقر وداس الوصية ولم ير وجه التوبة،[25]
137 هيأ الطبيب ووضع الدواء ليعالج جرحه، ونزع الضمادَ والقاه لئلا يستفيد،
138 الملك لم ير قصاصا يعذبه بعد مضي الاثني عشر شهرا بعد الحلم،
139 وجد نفسه يتمشى في هكيل مملكته العظيم، وتكبرت روحه ليسخر من ذلك التفسير،
140 /530/ اليست هذه بابل العظيمة التي شيدتُها، وهذه هي ولايتي الاولى ولم تتغير،؟[26]
141 اليست مملكتي ترعد كلها بكل [ الاشكال،[27] وكرامتي تظفر بالعظمة كما انا،؟
142 اليست القوات وقادة الجيوش والسادة تسجد امامي وتكرمني بسلطاتها،؟
143 اليست السلطة والتاج ثابتا على راسي، ام هل اخذوه مني كما فسر لي ابن العبرانيين،؟
144 هل ارعى العشبَ كما قال لي، او هل لا املك قلبَ انسان كما فسر لي،؟
145 ذاك اليهودي عرف ان يهينني بحجة الحلم، والحق بي اهانة كما لو كان بشكل البشر،
146 سنحت له الفرصة واهانني بالتفسير، وهو يقول لي: ستجنّ جنونا وشتمني،
147 هل [ جُننتُ حسب[28] تفسير ذلك الجسور او هل طُردت من المملكة كما حتّم عليّ،؟
148 احتقرني كثيرا لانني صدقتُ كل ما قال لي، ففغر فاه وتكلم علي بامور زائدة.
نبوخذنصر يستهزيء بدانيال
149 لبس الملك روحا مليئة هزءا وسخرية وكان يستهزيء بذلك الصادق،
150 /531/ كيلُ ذنوبه كان ينقصه شيء قليل، وهنا فاض لما كان يضحك على دانيال،
151 الى هنا كان باب التوبة مفتوحا، وكانت المراحم تنتظره ليدخل ويستتر،
152 ولما سمع من فمه هزءا على دانيال صدر العذاب وأُغلق الباب لئلا يدخل فيه،
153 الى هنا سكت الديان بسبب طول الاناة، ولما سخر المحكوم عليه هجم عليه القصاص،
154 رفع قضيبا فوق راسه مدة اثني عشر شهرا، وهم ينتظرونه: فيما لو تاب سوف لن يُقاصص،
155 وحالما بدأ يستهزيء، غلي الديان واحنى قضيبه لضرب الجسور.
قصاص نبوخذنصر (دانيال 4/28)
156 حالما قال اليست هذه بابل العظيمة، سمع صوتا: “يقولون” لك يا نبوخذنصر،[29]
157 ها انك تُطارد من قبل البشر كما قيل، وتاكل الحشيش كالثور كما تقرر،[30]
158 فاضت الغيرة بقوة من قبل العدالة، وبدأ بتعذيب الساخر لانه تكبر.
فعل: يقولون يرمز الى الثالوث (دانيال 4/28)
159 هتف به صوت، لك يقولون يا نبوخذنصر، هذا الصوت يرمز الى شيء بالنسبة للمتميزين،
160 هنا كان يُقرف الشعب صالب ربه، هوذا الثالوث قد ابان نفسه بالظواهر،
161 /532/ يقولون لك، فقد اتضح بانه لم يقل واحد لكن ثلاثة اقانيم اللاهوت المسجود لها،
162 لو كان واحدا لكان يقول:”اقول” لك، وبما انهم كانوا ثلاثة فقد سُمع: “يقولون”.[31]
جدال مع الشعب اليهودي
163 الشعب يفتري على الشمس قائلا انها ليست نيّرة، ولو قدر لجعل النهار ليلا،
164 هوذا رعود الاصوات في الكتب تصرخ كل يوم على الوحيد، والشعب الاصم لا يفهم،
165 هوذا صورة الابن في الاسفار تشبه النور، لا يراها العبراني لان عينيه مسيعتان،
166 لناقص النور الشمس والليل يتساويان، فهذه ليست نيّرة لكونه بلا نور،؟
167 لاذن الاطرش رعد عظيم يتساوى مع الصمت، واذ لا يسمع فالصمت والصوت يتساويان لديه،
168 لو وُجدت للشعب اذن تسمع الاصوات لسمع كل يوم خبر الابن من القراءات،
169 ولو وُجدت له عين صافية تتحدق بالجمال لكان يرى صورة ربنا في كتبه،
170 ولانه اعمى فانه يتلمس تلمسا حتى في النهار ودربه محفوف بالعثرات ولا يبصره،
171 واذ لا يسمع فلو صرختَ تتعب تعبا ولا توجد فرصة لتُدخل اذنُه ما تقوله،
172 للاعمى وللاطرش لا ترمز ولا توشوش لانه لا يسمع ولا يرى، فلماذا اذاً تتعب.؟
دعوة للكلام مع الشعوب: الارض الصالحة
173 لجمع الشعوب نور كثير وسمع سريع، لذا يليق ان نتحدث بمحبة عن غنى الاسرار،
174 ايها الاكار القِ زرعا كثيرا في ارض صالحة لانها ستعطي غلة وستكافيء تعبك بزيادة،
175 وانت ايها المتميز انظر الى الخبر الذي وُجّه الى البابلي بتلك العبارة المليئة جمالا.
الآب يعلن عن ابنه بفعل: يقولون
176 حان الوقت ليُصدر الآب قصاصا عظيما، ولم يكن يشاء ان يصنع شيئا الا بابنه،
177 ولهذا قال له: “يقولون” ليعرف كل واحد بان له ابنا وهو خفي معه في اللاهوت،
178 ولدُه رمز ومن كانت عينه سليمة ابصره لانه بالحقيقة منذ الازل مع ابيه،
179 لقد وشوش في الكتب، [ واصغى[32] سريع الاذن الى السرّ: للآب الخفي يوجد معه ولدٌ خفي،
180 للحساس طريق الخفاء هي واضحة، لا للسخفاء الذين تخفى عنهم حتى الظواهر.
يعقوب يتكلم
181 ليس الوقت (مناسبا) لاتكلم الآن عن اسرار ربنا، لانه يوجد هدف آخر في الموضوع الذي ابحثه،
182 لو اقترب من بحر اسرار الوحيد ستفيض عليّ وتغرقني بامواجها،
183 /534/ صممتُ ان اتكلم عن البابلي وعن قصاصه وبهذا انهي الموضوع الذي اتابعه.
نبوخذنصر يصبح مجنونا وحيوانا (دانيال 4/29-30)
184 سمع صوتا: “لك يقولون” يا نبوخذنصر، هوذا مملكتك قد زالت منك بالحقيقة،[33]
185 كان قد أُرسل من قبل الديان عذاب للساخر لانه تجاسر على الكلام،
186 كلمة الساخر كانت بعدُ في فمه فزجروها لانه سخر من الصادق الذي فسر حلمَه،
187 ومع كلمته جُنّ العزيز [ وفقد[34] عقله وخسر ذكاءه وتجمد فهمه وبدأ يهذي،
188 وزاغ ونسي من هو واظلمت نفسه، وصار للشقي قلب الحيوان كما تقرر،[35]
189 ولم يكن يعرف من هم اقرباؤه، والسادة الموجودين عنده بدّلهم،
190 وتكلموا ولم يكن يعرف ماذا يقولون وسالوه بينما هو كان يشبه البهيمة،
191 وسقط تاجه ولم يكن يعرف بانه الملك، فصار مؤذيا وشتاما وثرثارا،
192 ومجنونا حقيقيا وفاقد العقل وغير عارف ولم يكن يعرف ماذا كان يقال لانه قد زاغ،
193 ولم يسمع ماذا يقولون لانه كان قد جُنّ /535/ وبدأ يقول هذا لذلك: لقد جُنّ الملك،
194 ولقد صحّ ما قيل من قبل دانيال، وتحقق التفسير كما نطقه بوضوح،
195 حالا احتقرت الجيوش والسادة المجنونَ، واخرجوه وطردوه لانه لم يعد نافعا،
196 وقد التحق بحيوانات البَر كما قيل، واكل العشب كما فسر له ذاك الصادق،[36]
197 وتنقّع جسم ذلك العزيز بالندى، وكمل فيه كل ما سمعه من دانيال،[37]
198 ونما شعره وهو يتعايش مع الحيوانات، واقتنى معها قلبها في مرابعها.[38]
نبوخذنصر مثال للرؤساء والسلاطين: نقد للرؤساء المدنيين
199 هذا الخبر يفيد كثيرا المتميزين خاصة لمن يمسك بزمام الرئاسة،
200 ولاجل هذا عذب الله واحدا ليفيد الكثيرين لما يُذكر خبره،
201 لئلا يتكل احد على السلطة لما تصادفه، ولئلا يتكبر بالعظمة لما تبلغ اليه،
202 وضع الباري ملك بابل كمرآة للسلاطين حتى ينظروا اليه ويفيدهم،
203 واذ يرون الملك العظيم اين وصل، ليخَف كل واحد من السلطة التي لا تدوم،
204 لئلا يظن الملك بانه ملك وقد وُلد لاجل هذا، /536/ لكن ليعرف بان الرئاسة في يدَي الرب،[39]
205 ليخَف الرئيس الذي جُعل رئيسا على انداده، لان هولاء الذين صار رئيسا عليهم هم رؤساء،[40]
206 وبما انه لم تصله القرعة ليملك فانه متواضع..،[41]
207 وكان يقدر اضعف الناس ان يملك مثل ذلك العظيم لو كان الله يقرّبه من الرئاسة،
208 ولهذا انزل ذلك العزيزَ من مملكته ليعرف الاحياء بانه المسلط على المملكة.
نبوخذنصر يفقد انسانيته ويصبح حيوانا
209 لم يحله من المملكة فقط لكنه اخرجه من الجنس البشري وخلطه مع الحيوانات،
210 طرده الى القفر لئلا يصير حتى انسانا لكي يفهم كم من سلطة لله،
211 انزل المتكبرَ من المملكة ومن الانسانية، وجعل حصته في طغمة الحيوان البري،
212 لن يصير ملكا ولا انسانا، لانه كان قد ظن بانه ليس انسانا بل ملكا،
213 لو عرف بانه انسان بالرغم من كونه ملكا، لما كان يتغير من انسان ليصير حيوانا،
214 ولهذا انزله من درجة البشر لانه كان صبيا (غبيا) اكثر من جنس انداده،
215 اعطاه قلب الحيوان البريّ لانه كان يملك قلبا قاسيا وكان قد ظن بانه اله،
216 /537/ لانه تيقن بانه اسمى من البشر، فتواضع ونزل ليرعى مع الحيوانات،
217 قفز ليرتفع والقاه السامي في عمق سحيق ليصير بحكمته حمارا وحشيا بدل الملك،[42]
218 نزل كثيرا: انه لم ينزل فقط من منزلة الملوك بل من منزلة البشر الى منزلة الحيوانات،
219 ها قد سقط: لم يكفه ضياع تاجه انما [ ضاع[43] قلبه مع سلطته،
220 خسر الانسانية واضيف الى الحيوانات لتحس البرية كم ان الرب مسلط على البشر،
221 ويعرف رؤساء الارض وسلاطينها: بيدَي من هي موضوعة كل الرئاسة،؟
222 ويخافوا لو غضب الرب عليهم لانه يسهل عليه ان يطردهم حتى من الانسانية،
223 ويقولوا: اذا كان الملك العظيم بهذا المقدار قد وقع من درجته، فمن [ يتكل[44] علىسلطته،؟
224 تواضع ذاك العزيز ورعى العشب كما قال له ذاك مفسر الحقائق.
نبوخذنصر يتعذب مدة ثلاث سنوات ونصف
225 طال عذاب المطرود وهو يهيم على وجهه، وتغير وهو يعيش مع الحيوانات،
226 /538/ خلال ذلك التاديب تغيرت عليه الاوقات حسب تفسير ذلك الحكيم ابن العبرانيين،
227 اخذه الصيف وسلّمه للشتاء وهو يعذبه، وقدّمه وقرّبه البرد للحر ليتالم،
228 كان يُجلد بقضيبَين من قبل العدالة، الواحد حار، والآخر بارد لكي يؤذياه،
229 هذان الوقتان اللذان كُتب بانها تغيرا هما الصيف والشتاء اللذان كانا يضربانه بتغييراتهما،
230 وقت واحد شتاء واحد، ورفيقه صيف: كلاهما يشكلان سنة واحدة وقتا بعد وقت،
231 سبعة كانت الاوقات التي تغيرت على الملك الذي تعذب مدة ثلاث سنوات ونصف،[45]
232 هذا مجموع (مدة) تاديب ذلك العزيز: تعذب اثنين واربعين شهرا من قبل العدالة.[46]
التدبير الالهي يدبر مملكة نبوخذنصر بدون ملك
233 كل هذا الوقت صارت المملكة بدون ملك ولم تلزم مكانه هناك،
234 تدبير اللاهوت ابان قوته: ان المملكة تقدر ان تقوم بدون ملك،[47]
235 هذا هو العجب: الملك مطرود من المملكة، ولم يتبلبل نظام درجات الرئاسة،
236 كان الرب محترسا بتلك السلطة لئلا تتعرقل الى ان يرعوي الملك وياتي الى رئاسته،
237 /539/ كان العرش فارغا والتاج متعطلا والملك مطرودا والتدبير كله يسري بيدَي الرب،
238 اراد ان يبين بانه يسهل عليه لو شاء ان يدبر العالم بسعادة بدون ملك،
239 وبخ الرئيسَ لان الرئاسة كانت ستقوم بدون رؤساء لو شاء ان يقيمها،
240 ابان بمملكة بابل العظمى بانه يقدر ان يقيم السلطة بدون ملك ولا تتعرقل،
241 الرب مسلط ان يقيم ضعيفا على المملكة، هذه عظمة انها ليست ضعيفة ولا عزيزة،
242 دبر بابلَ والعرش فارغ مدة طويلة، وقامت المملكة بدون سلطان ولم تندثر،
243 الرب قادر ان يجعل اضعف الناس ملكا، هلم وشاهد هنا بانه لم يوجد احد على المملكة،
244 اضعف الناس هو ايضا انسان ليصير ملكا، ومهما كان ضعيفا فانه صورة اللاهوت العظمى،
245 اذاً عند الله لا يوجد اضعف الناس، لانه يرفع من المزبلة من يريده ويملك،[48]
246 ولكي يبرهن بانه يدبر الرئاسة طرد الملكَ وشُغل مكانه بدون امره،
247 /540/ خرج الملك وهو يرعى الحشيش مع الحيوانات، ومكانه محفوظة ومصانة وثابتة بلا حراس،
248 الجيوش والقادة والسادة هادئون، وكل واحد ماسك محله وصامد بدون آمر،
249 مكان الملك فارغ وهو غير موجود لانه قد جُنّ ولا احد يشتهى ان يصير ملكا،
250 يحدث بانه تحاك المؤامرات والخدع من قبل كثيرين ضد الملك وهو في رئاسته،
251 والكل يشتهي ان يخطف مكانه وهو فيها ويتعب ليقوم بالرئاسة في كل الاحوال،
252 (مكان) هذا الملك فارغ ومقفر ومحفوظ له، ولم يتجاسر احد ان يصير ملكا.
توبة نبوخذنصر وعودة المُلك اليه (دانيال 4/31-34)
253 كما وعد المستيقظ في الحلم: اتركوا في الارض جذور جذع الشجرة ولا تُقطع،[49]
254 كما قيل من قبل مفسر الحقائق: ان مملكتك ستبقى لك ولن تؤخذ منك،
255 الرب صار حارسا لمكانه كما وعد، ولهذا لم يتجاسر احد ان يقترب منه،
256 تلك الارادة التي في يدَيها هي موضوعة كل السلطات حفظت جاها للملك في ارضه الى ان يؤدبه،
257 ربُ الملوك الذي منه تجري الرئاسة كان يحرس تاجه الى ان يتعلّم حتى يستعيده،
258 /541/ محب البشر اراد ان يعلّم الملكَ سِفرا، وبمراحمه حفظ مكانه الى ان عاد اليه،
259 ومسك تاجه لئلا يتجاسر احد على سلطته..،[50]
260 الملك غير موجود وكان كل واحد هادئا كانما هو موجود ويعتني بدرجته ولا يُغير من سلطته،
261 كم من امور حدث ولم تستوجب النظر فيها ولم تلزم المطالبة بملك غير موجود،
262 كم من امور بيّتها الرب في المملكة دون ان يُنظر فيها الى ان عاد الملك المجنون،
263 حكيم العالمين كان قابضا على لجام تلك المملكة، وكان هو يردع لئلا تضطرب،
264 لو صعبت قضية وتطلبت الملكَ، اطال الرب القضية وخمد الموضع لئلا يطالبون به،
265 كل القضايا التي كانت تثور في المملكة كان الرب يهتم بحلّها بدون الملك،
266 لو (صارت) خصامات كان يلاقيها امان عظيم، ولو (صارت) مشاجرات كانت تُحل بمحبة دائمة،
267 كان الامان سائدا على القضايا لئلا تضطرب، وقد جُعل مثل قائد لمملكة الرب،
268 بسبب المراحم الموجودة فيها كانت العدالة تؤدب الملكَ بمحبة لكي يتعقل،
269 نبوخذنصر الشهير كان قد ضعف /542/ وكان عاريا ويتعذب بين الجبال،
270 الملك البهي كان قد جُعل جارا للحيوان البري، وعاش معه اثنين واربعين شهرا،
271 ذاك العزيز الذي بلغت سلطته الى السماء كان جسمه يتبلل بالندى بدون كساء،
272 النحاس. . .[ [51]]
273 . . [[52]]. .بعد ان كان قد تعذب، الجبروت والرئاسة والاسم الحسن،
274 عرف نفسَه وعرف الربَ فأُكرم لان كل الخيرات نبعت له من ذلك التاديب،
275 صار معلما لانداده بعد ان عاد، لئلا يتباهى بالسلطة من هو قابض عليها،
276 وبه تعقّلت كل البرية بوضوح: ان الرئاسة هي من الله وليست من البشر،[53]
277 وبه تبين كم ان التاديب هو حسن حتى يوفي وفاء العدالةَ من يتعذب،
278 به تبين جمال التوبة العظيم: كم انها قادرة ان تقيم العالم لما يسقط.
الخاتمة
279 /543/ كل [ الفوائد[54] كانت قد نبعت من ذلك التاديب، مبارك من يؤدب وبحكمته يقتني البشر.
كمل الميمر الثالث على دانيال
[1] – انظر، ميمره 34 الثاني على دانيال وآل حنانيا
[2] – نص: واكتسبنا، بيجان يصوب: واكتسبني
[3] – متى 23/12
[4] – مزمور 49/13
[5] – عبرانيون 12/5-11
[6] – يستعمل فعل: “برى” للنحلة وهنا للتوبة بينما عادة يستعمله لله فقط. انظر ايضا البيت: 126
[7] – دانيال 3
[8] – دانيال 4/5
[9] – دانيال 4/7-8
[10] – دانيال 4/9
[11] – دانيال 4/9
[12] – دانيال 4/9
[13] – البيوت:46-49: دانيال 4/10-11
[14] – البيوت: 50-51: دانيال 4/12
[15] – دانيال 4/13
[16] – دانيال 4/30
[17] – البيتان 56-57: دانيال 4/15
[18] – البيوت 60-:2. دانيال 4/16
[19] – نص: رعسيق؟، سوني يصوب: دعسيق
[20] – نص: يدعون، بيجان صوب: يملكونها
[21] – نص: برم، كمل، بيجان يصوب: تقرر
[22] – لوقا 15/7؟
[23] – تكوين 1/31. التوبة تبري برية جديدة وتقيم الموتى مثل الله!
[24] – دانيال 4/29. يعقوب يقول حسب الفشيطتو 12 شهرا، السبعينية 12 سنة؟
[25] – بلاغة يعقوب يصفّ عدة افعال سوية
[26] – دانيال 4/30
[27] – نص: سكِمين، بيجان يصوب: اسكمين
[28] – نص: هديته او؟، بيجان يصوب: جننت مثل
[29] – دانيال 4/28، 30. الفعل “يقولون” بالجمع هو: نمط للثالوث
[30] – دانيال 4/29
[31] – في السبعينية الفعل هو في المفرد: “اقول” دانيال 4/28
[32] – نص: واصغى اليها، سوني يصوب: واصغى اليه
[33] – دانيال 4/28
[34] – نص: وا ؟، بيجان يصوب: واوفي
[35] – دانيال 4/29
[36] – دانيال 4/29
[37] – دانيال 4/29
[38] – دانيال 4/29
[39] – اشعيا 9/6؟؟، رومية 13/1
[40] – اروع جملة تبرهن على مساواة الرئيس والمرؤوسين لانهم جميعا رؤساء اي صورة اللاهوت. البيت 244
[41] – ينقص صدر او عجز البيت؟؟
[42] – دانيال 4/32-33 يتكلم عن ثور. يعقوب يعتبر نبوخذنصر حمارا وحشيا (عروذو) بينما كان بوسعه استعمال كلمة الثور دون التشويش على شعره.! لا ندري بوضوح كيف يستعمل ملفاننا النص الكتابي؟ هل يستعمله حرفيا وبحذافيره؟ ام بدقة المفسر؟ ام بشاعرية الشاعر؟
[43] – نص: ضائع، بيجان يصوب: ضاع
[44] – نص: نثخل، بيجان يصوب: نتتخل
[45] – دانيال 4/16، 24، 25، 32
[46] – دانيال 4/29. يعقوب يعتبر مدة عذاب نبوخذنصر ثلاث سنوات ونصف اي 42 شهرا حسب الفشيطتو، بينما السبعينية تعبرها 12 سنة، وبعض النصوص تعتبرها 12 شهرا! دانيال 4/26
[47] – يبرهن يعقوب، مستندا الى تقليد مدرسة الرها، بان الله او تدبيره يدير المملكة وليس الملك او الملاك مسلطا على التدبير، كما يبرهن في دراسته على الملائكة. تقليد الرها الذي يتبعه ملفاننا يعرف بان الملاك يتدخل في حلم نبوخذنصر حسب هذا النص، لكن الله وحده يدبر المملكة. انظر سوني، 2ايام ستة، 149-190
[48] – مزمور 113/7، 1قورنثية 1/27-28
[49] – دانيال 4/12، 20
[50] – ينقص صدر او عجز البيت
[51] – تنقص ورقة. البقية أُخذ من نص صعب القراءة
[52] – تنقص ورقة. البقية أُخذ من نص صعب القراءة
[53] – رومية 13/1
[54] – محيت