المقال 82 من هو الاعظم في ملكوت السموات

من هو الاعظم في ملكوت السموات

 

(تدرج الرسل في الكمال)

ان الرسل بطبيعتهم كانوا هم ايضا بشرا، واشتركوا في نفس الطينة مثلنا، وآدم هو ابوهم الاول. وكما هو مكتوب فقد سحبوا نزعة الميل الى الشر شيئا فشيئا منذ الصبا، واخرجوا نفوسهم من الوحل بواسطة التربية العملية وتعاليم وارشادات معلمهم، وغسلوا الانسان العتيق، ومع مداومة التقدم، صعدوا الى ارتفاع عالٍ حتى انهم لم يبدوا بعد ذلك كبشر ولم يتركوا لنا بعد ذلك اي عذر، نحن الذين من جنسهم، نظهر عدم اكتراثنا واهمالنا، ولا نصل الى نفس الدرجة، بل لا تصل الى ظل او الى مظهر صغير جدا، وفي هذه المسيرة نحو الامور العلوية.

ومع ذلك فأن الرسل في ذلك الوقت، نظرا لان استعداداتهم كانت ناقصة جدا، بدا عليهم حسدهم لبطرس، وهم الذين فيما بعد وصلوا الى درجة كبيرة من الكمال حتى انهم اعترفوا كتابة انهم ايضا خطاة وعشارون، وسجلوا فضائل الرسل زملائهم في كتاباتهم تسجيلا مثل النقش على الحجر ثباتاً.

فنحن نجد مرقس البشير قد كتم اعمال بطرس، ولم يذكرها في كتابه. مثال ذلك التطويب الذي سمعه من فم المخلص حينما قال: (فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا ان لحما ودما لم يعلن لك لكن ابي الذي في السماوات) (مت16: 17)، ولا حينما قال: (وانا اقول لك ايضا انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها) (مت16: 18)، ولا حينما قال له: (واعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السماوات وكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السماوات)(مت16: 19)، ولا حينما امره قائلاً: (اذهب الى البحر والق صنارة والسمكة التي تطلع اولا خذها ومتى فتحت فاها تجد استارا فخذه واعطهم عني وعنك)(مت17: 27). وبينما لم يذكر  كل هذه الوقائع بشأن بطرس، يذكر ضعفاته، ان يسوع زجره فسمع كلمات: (فالتفت وقال لبطرس اذهب عني يا شيطان انت معثرة لي لانك لا تهتم بما لله لكن بما للناس)(مت16: 23)، وانه خاف من خادمة صغيرة، وانه انكر السيد المسيح ثلاث مرات فأنهم كانوا على هذه الحال اولا، ثم توصلوا بروح التواضع على قدر استطاعة البشر، الى الاقتداء بالمسيح يسوع الله مخلصنا الذي (لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس) (في2: 7).

عندما نخسهم في ذلك الوقت الحسد، إذ سمع بطرس كلمات السيد: (اعطهم عني وعنك)، سألوا المسيح: (فمن هو الاعظم في ملكوت السموات)، تأمل كيف تشير ضعفاتهم مسائل وعلامات تزيد الفضيلة التي كانوا يتعلمونها. انهم يتناقشون بخصوص الاولوية وبخصوص المكان الاعظم في ملكوت السموات، بينما نحن انفسنا لنا فيما بيننا مناقشة عكسية وشريرة، من شأنها ان تنزل الى الارضيات وترعى في الوحل فتجعل اشواك العالم وهمومه تنمو. من الذي يبني بيتا فحما ويضيف ما ليس له على ما له او ينهب مال الغريب؟ من الذي يأخذ بالقوة ما يفعله ملك ليس له، في بعض الاحيان يتصرف بعنف لكي يبعد الارملة واليتيم، اني استحي ان اذكر ايضا الخلافات التي يذكرها الحسد، تلك التي تحدث اثناء مشاهدة مسابقة الخيول وعلى المسرح، وايضا المشاعر المضادة التي يشتركون فيها، اني ارى فعلا الذين يسلمون انفسهم لهذه الاهواء وهم ممتلئون في غلواتهم لا يشعرون حتى بالأمور الارضية، فضلا عن ضعف احساسهم بملكوت السموات.

رذيلة الجسد

إن المسيح طبيب ارواحنا ومالكها، لم يستصوب حسد التلاميذ حتى من اجل الخير. من ناحية يحق لنا ان نكون غيورين من اجل الخير وان نتقدم، ومن ناحية اخرى يجب ايضا ان نفكر في ان انتصارات اخوتنا هي انتصاراتنا، لان الشيطان يخبّئ شباكه المستترة في الاعمال الحسنة الظاهرة خاصة. لذلك كان قايين ايضا ينازع اخاه طريقا حسناً، فكانت الضحية وعطية الله والقربان هي موضوع اهتمام قايين وهابيل، ولكن من هذه الغيرة الحسنة ومن هذه المنافسة لأجل ما هو كامل، يسقط قايين في شر حسد فولد منه القتل وتدنست به اليد الاخوية، وما كان ليصيبه ذلك لو لم يفكر ان مدح هابيل غريب عنه وليس له، حبا منه في المكان الاول وفي المجد الباطل.

ان ربنا يسوع المسيح كان يريد ان يخلع جذور هذا الهوى من قلب رسله القديسين، فلذلك نطق بهذه الكلمة حسب الترتيب المتبع لتأكيد الاقسام ( جمع قسم) قائلا: (وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات) (مت18: 3) ماذا في قوله: ( الحق اقول لكم؟ او امين اقول لكم). لفظة امين مترجمة الى اللغة اليونانية معناها وليكن ذلك، فكأنه يقول ( ما يلزم ان يكون اقوله لكم، لانه ينتج عن كلماتي ان يكون هنالك شيء. ان خلق والصنع اللذين كانا عند بدء هذا العالم يشهدان ايضا انهما نما بالكلمة الالهية، قال الله: (وقال الله ليكن نور فكان نور) (تك1). فكما انه حينما كان يردد ان يبّين ان كلماته لا تزول ابدا ويلقي المخافة في آذان سامعه، كان يقول في الانبياء، (بذاتي اقسمت) (اش45: 23)، ( اقسمت بنفسي) (ار 22: 5) مستعملا من اجلنا القسم حسبما يفعل البشر، هكذا ايضا هنا نطق بهذه الكلمة، (امين) الحق اقول لكم، بدلا من ان يقول ( اقسم بكلماتي التي يجب ضرورتان تنتهي بالنفاذ)، وانه يجب ان تؤمنوا بها كما تؤمنون بما هو لازم الوقوع فعلا وليس ايمانا بما يقال فقط) لذلك نحن ايضا نضيف هكذا كلمة (امين) التي تسبحه تعالى في كل ما يأتي منه، ونرى ان ذلك كان وهو كائن حاليا، ونؤمن ان ذلك يجب ان يكون ضرورة.

إنكار الانسان العتيق

لم يقل: (ان لم تصبحوا مثل الاطفال الصغار)، بل قال: (الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات) (مت18: 3). (ان لم ترجعوا) تحمل في معناها انه يجب ان ننكر الانسان العتيق المملوء بالأهواء ويحيد عنه كلياً، إن نسيه احد نسيانا ليس كاملا فلا يستطيع ان يصير مثل طفل. لقد جاء المسيح فعلا لكي يطهر ايضا ويغسل النموذج القديم ويظهر طبيعتنا طبيعة جديدة، دون ان يكون فيها لوثه او تجعيد او شيء من هذا. لذلك كان بولس الرسول يقول: (اذا ان كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة الاشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا) (2كو 5: 17). في الرجوع تنسى العادات القديمة الشريرة. هكذا كان ايضا داود النبي يرتل: (ولا يكونون مثل ابائهم جيلا زائغا وماردا جيلا لم يثبت قلبه ولم تكن روحه امينة لله) (مز78: 8) لان عبارة ( ترجعوا وتصيروا) تشير الى التحول الى حياة جديدة، وان الحالة المختلفة التي تنتهي الى ما هو كامل قد اعلنها لنا صموئيل النبي حينما كان يقول لشاول: (فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول الى رجل اخر) (1صم 10: 6). وقال ايضا الكتاب المقدس مؤكدا ذلك: (وكان عندما ادار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل ان الله اعطاه قلبا اخر واتت جميع هذه الآيات في ذلك اليوم) (1صم10: 9).

هناك ايضا تحويل الخير الى الشر، ذلك الذي اشارت اليه مقدما امرأة لوط التي نظرت الى الوراء الى سدوم واصبحت عامود ملح، وذلك ما نهى عنه المسيح وامر به الرسل واوصانا ان نحذر منه ونهرب منه، حينما قال هكذا: ( اذكروا إمرأة لوط) (لو17: 22). وايضا: (فقال له يسوع ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت الله) (لو9: 62).

بعد ان تغير الرسل تغييرا مضادا للتغيير الذي ذكرناه، ولم ينظروا ابدا الى ورائهم، ولم يعودا لأي شيء مما للحياة القديمة ( لان هذا هو ما تنطوي عليه هذه الكلمة ان يتغيروا ويصبحوا مثل الاطفال الصغار)، وبعد القيامة اخذوا الروح القدس من مخلصنا إذ نفخ في وجوههم فبلغوا منذ ذلك الحين الى الانسان، ( الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه) (1كو3: 10)، كانوا يسمعونه يقول لهم: (فقال لهم يسوع يا غلمان العل عندكم اداما اجابوه لا) ( يو 21: 5).

انظر كيف انه مثل طبيب قد اتاح لهم هذه الفرحة جيدا، حتى انه لم يعد هنالك شيء يسيب الام، لانه لم يقل: (من يتغير ويصبح مثل هذا الطفل الصغير)، بل قال: ( ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات) (مت18: 3). يقول: ( انتم تتشاجرون بخصوص الاولوية وتحلمون بالمكان الاول، لكن احذروا فإنه يلزمكم عرق كثير واتعاب كثيرة لكي تنالوا فقط الدخول الى الملكوت).

قال متى البشير: ( في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو الاعظم في ملكوت السموات) (مت18: 1). وقال لوقا البشير انهم فكروا من كان الاعظم. ( ودخلهم فكر من عسى ان يكون اعظم فيهم) (لو9: 46). وقال مرقس البشير انهم تكلموا فيما بينهم لكي يعرفوا من كان الاعظم. (وجاء الى كفر ناحوم واذ كان في البيت سألهم بماذا كنتم تتكالمون فيما بينكم في الطريق. 34 فسكتوا لانهم تحاجوا في الطريق بعضهم مع بعض في من هو اعظم) (مر9: 33-34).

اختلاف الوقائع وثبوت صحتها

إن الوقائع التي يذكرها كل واحد منهم تختلف، لكنها الثلاث كلها حقيقية وحدثت بهذا الترتيب وهذا النظام، لانه اولا فكر الرسل، ثم ثانيا تكلموا فيما بينهم كما لو كانوا يفحصون معاً ويتناقشون، ثم ثالثاً توصلوا الى ان يسألوا السؤال، وقال كل واحد من الكتاب الحق إذ لم يذكر سوى إحدى الوقائع التي تتابعت الواحدة بعد الاخرى. فليس هناك لبس بالكذب او بأي تناقض إذا قال احدهم شيئا بطريقة وناقصة ومختصرة، إنما يكون هناك تناقض إذا قال احدهم شيئا بطريقة وناقصة ومختصرة، انما يكون هناك تناقض اذا كان احد يقلب بروايته المضادة ما قاله آخرون، وليس ثمة تناقض إذا كان يقول مالم يذكروه. وذلك شأن الروايات التاريخية، فقد يحدث كثيرا ان يروي إنسان نفس الرواية لسامعين كثيرين في اوقات مختلفة، فلا يذكر كل شيء في كل وقت. بل مالم يذكره لأحد يضيفه للآخر، وقد يصبح ما كان واضحا من الروايات في زمن ما عما قليل محوّطاً بالنسيان.

وقائع ما حدث في طريق دمشق

ونستطيع ان نتبين ذلك فورا من سفر اعمال الرسل. فإن لوقا البشير الذي ذكر ثلاث مرات في نفس السفر ما حدث على طريق دمشق، مرة يرويه هو نفسه، ومرتين يجعل بولس الرسول يرويه. فهو يرجع الى نفس الاحداث بطريقة مطابقة وليست متناقصة ابداً، ومن ناحية اخرى لزم ان يزيد او ينقص مما قيل في مكان آخر، دون ان يخرج عن الحقيقة في شيء، ودون ان يكون هناك اي مجال للادعاء كذبا. لانه كتب احيانا: (فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس) (اع 9: 4- 5). واحيانا: (فسقطت على الارض وسمعت صوتا قائلا لي شاول شاول لماذا تضطهدني. فاجبت من انت يا سيد فقال لي انا يسوع الناصري الذي انت تضطهده). (اع 22: 7- 8) واحيانا انه سمع الصوت في لغة عبرية يقول: (فلما سقطنا جميعنا على الارض سمعت صوتا يكلمني ويقول باللغة العبرانية شاول شاول لماذا تضطهدني صعب عليك ان ترفس مناخس) (اع 26: 14). واحيانا بطريقة بسيطة بهذه العبارات: (وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء) (اع 9: 3). واحيانا: (فحدث لي وانا ذاهب ومتقرب الى دمشق انه نحو نصف النهار بغتة ابرق حولي من السماء نور عظيم) (اع 22: 6). وايضا: (رايت في نصف النهار في الطريق ايها الملك نورا من السماء افضل من لمعان الشمس قد ابرق حولي وحول الذاهبين معي) (اع 26: 13). وحينا: (واما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون احدا) (اع 9: 7). وحينا: (والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا صوت الذي كلمني) (اع 22: 9).

فقد كان بين الذين يصحبونه من سمعوا الصوت ولم يروا النور، وآخرون رأوا النور ولم يسمعوا الصوت، فكلا الامرين حدثا على حدّ سواء. إن هذه الامور واخرى مشابهة لها يمكن ان تحدث مرات كثيرة في الروايات وهي لا تجرح الحقيقة بتاتا. فإن كان لوقا البشير وحده وهو يروي نفس الحدث، رواه بهذه الطريقة المختلفة دون ان يخالف الحقيقة، فما العجب إذا كان يبشرون كثيرون بكتب الواحد، ما لم يذكره الآخر. دون ان يرفض ما لم يروه هو نفسه او يضعه بالتناقض؟

يجب ان نعرف ان مرقس ولوقا كتبا ان يسوع قال للرسل: ( الحق اقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله). (مر 10: 15) (لو18: 17).

ضرورة الفحص وتفتيش الكتب

أفيطلب منّا ان نكون كالماعز نهرف بما لا نعرف، وعلى استعداد الا نفحص ما يختص بالكلمات المتعلقة بملكوت السموات؟ ليس ذلك ابداً. لان ما يقوله متى البشير يلقي ضوءاً على قوة الوصية، انه يطلب منك ان تتغير، فتهدم الحياة التي هرمت في الخطايا وان تتخذ من جديد اعمال الحق الجديرة بروح مولود جديداً، روح تجهل الخبث وهي منه براء.

إنَّ الهوى المقصود هو الذي رام السيد ان يشفيه، هو بالفعل الحسد، الغيرة، حب المجد الباطل. لذلك قدم طفلا صغيراً، في اصغر سن، لا يحقد للإهانة ولا ينفخه المديح والاطراء. وبناء على ذلك قال وهو يضع امامهم المثال ويحمله بين يديه: (ومن قبل ولداً مثل هذا بإسمي فقد قبلني) (مت18: 5). فإن من لم يعد مثل هذا الطفل، وتعدى هذا السن اي بساطة الروح هذه، فأصبح له الاحساس بالخبث، فقد خسر صورة الطفل الصغير ولن يصلح مثالاً ليقبل المسيح.

في الواقع ان الذي ليس له شيء عتيق في نفسه، وقد تجدد مثل طفل صغير بالفضائل. يكون متشبّها بالمسيح بنفس الطريقة إذ يقول بولس الرسول: (فاطلب اليكم ان تكونوا متمثلين بي) (1كو 4: 16). (كونوا متمثلين بي كما انا ايضا بالمسيح) (1كو 11: 1). ومثل يوحنا الذي كتب: (اجاب يسوع وقال له: الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله) (يو3: 3). وانما قدم مثل الطفل الصغير، لكي يكبح جماح الكبرياء. وليس لكي يبين الفهم والحكمة للذين تجابه بهما كلمات الايمان وبشارة ملكوت السموات. فقال هنا مميزاً بوضوح ( فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السموات) (مت 18: 4). وفي مكان آخر: (ها انا ارسلكم كغنم في وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام) (مت10: 16). فبخصوص الرأس الذي هو الايمان، يجب ان نستعمل الحكمة، على مثل الثعبان الذي يحذر من ان يصاب في رأسه، دون ان يهتم كثيرا حينما ان يصاب في اعضائه الاخرى، ويجب ان نتمثل بوادعة الحمام، كما قلت، ننأى عن الشر وبأساليب العمل التي نباشرها في الحياة.

ان بولس الرسول كان يتمسك بهذا التصنيف وهذا التمييز إذ كتب الى اهل كورنثوس: (ايها الاخوة لا تكونوا اولادا في اذهانكم بل كونوا اولادا في الشر واما في الاذهان فكونوا كاملين) (1كو 14: 20). ان الله ولو انه قد اخفى غنى السر العظيم عن الحكماء والفهماء فأعلنه لنا، بينما نحن اطفال صغار ) في ذلك الوقت اجاب يسوع وقال احمدك ايها الاب رب السماء والارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء والفهماء واعلنتها للاطفال) (مت 11: 35). الا انه يدفعنا بذلك الى كمال الافكار.

ان الحكمة بعد ان مزجت زجاجة التعليم، واعدت المائدة الروحية، كانت تصيح بصوت عال: ” من كان جاهلا فليلتفت اليَّ” وكانت تقول لناقصي الفهم: ” تعالوا كلوا خبزي واشربوا خمري الذي مزجته لكم” فهي لا تأمر ان يستمر المدعوين في جهلهم، وأي منفعة تكون اذن وراء هذه الدعوة او هذا الغذاء؟ اتركوا الحماقة واحبوا، اطلبوا الحكمة لتحبوا، وبالمعرفة قوموا العقل. (الحكمة بنت بيتها نحتت اعمدتها السبعة. ذبحت ذبحها مزجت خمرها ايضا رتبت مائدتها. ارسلت جواريها تنادي على ظهور اعالي المدينة) (ام9: 1-3). (من هو جاهل فليمل الى هنا والناقص الفهم قالت له. هلموا كلوا من طعامي واشربوا من الخمر التي مزجتها. اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم) ( ام9: 4-6).

لانه اذا كنا بذلك قد امرنا ان نتبع حالة الطفل الصغر، فكيف كان بولس الرسول يقول: (لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا) (1كو 2: 6-7). (لانه من عرف فكر الرب فيعلمه واما نحن فلنا فكر المسيح) (1كو 2: 16). وايضا: (الذي بحسبه حينما تقراونه تقدرون ان تفهموا درايتي بسر المسيح) (اف3: 4).

يليق بنا ان نبحث لماذا لم يكتشف ربنا يسوع المسيح بأن يقول لتلاميذه: ان لم تتغيروا وتصبحوا مثل اطفال صغار، بل لماذا بعد ان احضر اولا هذا الطفل الصغير، اقامه في وسطهم، ولماذا كان يستعمل الكلمات هكذا. وذلك لأنه كان يريد ان يوضح لهم جلّيا ويجعل تعليمه واضحاً جداً، ولكي يمس الواقع وعلى الخصوص يستكشف الهوى ويضع الدواء امام اعينهم. ونرى الانبياء ايضا كثيراً ما كانوا يفعلون افعلاً مماثلة لنقس هذا السبب:

نرى ارميا النبي يكسر آنية فخار ( راجع ارميا الاصحاح 19)، بينما ينظر اليه اولئك الذين كانت كلمات النبوة تخصهم. ( ثم تكسر الابريق امام اعين القوم الذين يسيرون معك) ( ار19: 10).

ومرة نرى حزقيال النبي يرسم اورشليم على لبنه، ومرة اخرى يأخذ مجمرة من جديد في يده، ومرى يحلق شعر رأسه وذقنه ويرمي بعضه في النار، ثم يقص بعضه قليلا ويذّر منه في الهواء. لكي يبين حال الاسر في اورشليم وحريقها، وقتل سكانها، وان الذين يبقون فيها لا بد ان يتفرقوا وتحملهم الرياح الى كل مكان الى اقاصي الارض.

(وانت يا ابن ادم فخذ لنفسك سكينا حادا موسى الحلاق تاخذ لنفسك وامررها على راسك وعلى لحيتك وخذ لنفسك ميزانا للوزن واقسمه. واحرق بالنار ثلثه في وسط المدينة اذا تمت ايام الحصار وخذ ثلثا واضربه بالسيف حواليه وذر ثلثا الى الريح وانا استل سيفا وراءهم. وخذ منه قليلا بالعدد وصره في اذيالك. وخذ منه ايضا والقه في وسط النار واحرقه بالنار منه تخرج نار على كل بيت اسرائيل) (حز 5: 1-4).

(وانت يا ابن ادم فخذ لنفسك لبنة وضعها امامك وارسم عليها مدينة اورشليم. واجعل عليها حصارا وابن عليها برجا واقم عليها مترسة واجعل عليها جيوشا واقم عليها مجانق حولها. وخذ انت لنفسك صاجا من حديد وانصبه سورا من حديد بينك وبين المدينة وثبت وجهك عليها فتكون في حصار وتحاصرها تلك اية لبيت اسرائيل) (حز 4: 1-3).

ويجعل القول ان الرب من اجل رحمته منحهم العودة الى بابل. وبنفس الكيفية اقام الرب يسوع رب الانبياء طفلا صغيراً في وسطهم حتى لا يحسب هوى الغيرة امراً بسيطاً، لكنه الشرارة التي تشعل كل حريق منه كان الحسد والقتل كما فعل قايين. وهو ايضا يرهب حينما يستأنف الكلام ويقول: (ومن اعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر) ( مت18: 6).

ان الغيرة يمكن ان تؤدي بشخص حتى الى قتل اخيه. لكن المسيح يقول انه إذا كان احد بسبب غيرته او بسبب هوى آخر، يعثر اخاه ويجعله بصدم. فسوف يعاقب عقاباً شديداً ايسر منه له ان يعلق في عنقه حجر رحى ويطرح في البحر ويهوى الى قاع البحر. لقد استعمل هذا المثل فعلا لانه كان يريد ان يبين شدة العذاب الذي يصيب من كان شريرا وصار سبباً للمعاثر.

يبدو ان هذه الكلمة شبيهة بقوله: (قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم. واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم) (مت 5: 21- 22).

فقال: هؤلاء الصغار المؤمنين بي، ليس لكي نفهم انه لا خطورة في ان نعثر الذين لا يؤمنون بلا سبب، لانه حسب وصية بولس الرسول يجب ان نكون بلا عثرة لليهود وللامم ولكنيسة الله. ( كونوا بلا عثرة لليهود ولليونانيين ولكنيسة الله) (1كو 10: 22). ولكنه قال ذلك لكي يجعل الاتهام بالتحزب امامهم اكبر واشمل. وفي الواقع هو يقول: لا تفتكروا وقد تصرفتم بدافع الحسد نحو بطرس، اني لهذا حزين وانطق هذا الالم، فإنه حتى لو كان الامر يتعلق بأصغر واحد ممن يؤمنون بي، فمع ذلك يجب ان تستحوا من اجل وحدانية شركة الايمان، حتى وان لم يكن من اجل شيء آخر.

هكذا كان بولس الرسول يقول لأهل كورنثوس: (فالان فيكم عيب مطلقا لان عندكم محاكمات بعضكم مع بعض لماذا لا تظلمون بالحري لماذا لا تسلبون بالحري. 8 لكن انتم تظلمون وتسلبون وذلك للأخوة) (1كو 6: 7-8). إن هذه الكلمة: ( وذلك للآخرة)، تتضمن فعلا مزيداً من الاتهام، وهو لا يسمح بسبب تمييز بين البعض بأن نسئ التصرف نحو الذين ليسوا اخوة، ولو ان العقوبة تكون اشد الذين اعثروا اخوتهم، لانه لا تمسكهم حتى وحدانية شركة التبني الالهي، والنعمة، والكرامة ذاتها، والخبز الوحيد السري.

الويل لمن تأتي به العثرة

وبعدما القى المسيح المخافة في قلوب الرسل بما فيه الكفاية بكل ما قيل. وليس فقط الرسل ولكن ايضاً الذين يقرأون هذه الكلمات، زاد فجعل من التهديد امرا عامّاً، إذ صاح بحزن قائلا: ( ويل للعالم من العثرات. فلا بد ان تأتي العثرة ولكن ويل لذلك الانسان التي تأتي به العثرة) (مت18: 7). انه يقول، لستم انتم ايها الرسل الذين اقول لكم هذا، لكني اقوله لكل الجنس البشري ايضا. حينما اترك الكلام عن الحسد الذي اظهرتموه الآن بعضكم لبعض واخص بكلمتي سقوط الطبيعة البشرية الذي حدث بالحيلة، حينئذ احزن وأئن. ( لأن الله خلق الانسان في عدم البلى وصنعه على مثال صورته. ومجد المحتال دخل الموت الى العالم) (حك2: 23-24)، لأن آدم، الانسان الاول، قد خدع واطاع وصية الوسواس التي املأها الحسد. كذلك اشتهيتم المكان الاول في ملكوت السموات حينما زعزعكم هوى المجد الباطل. لقد اشتهى ذاك اشياء اعظم حينما ظنَّ انه اذا اكل من الشجرة بالرغم من الوصية الالهية، سوف يكون مثل الله، لان ذلك ما كان اغراء به ذاك الذي خدعه.

من هنا اتى حسد قايين. فبعد ان تمّلكته محبة المجد الباطل، واثارته درجة التفضيل التي اختص بها اخوه، سقط في عثرة الجسد وفي دنس القتل الذي يأتي من الحسد. لأننا نسمّي الابتعاد عن الطريق المستقيم والترّنح على القدمين عثرة، كما قد يحدث من حرة طارئة، كأن يخطو احد في ظل فوق احد قدميه ويتعرض للسقوط في حفرة، هكذا بالفعل تكون المعثرة بالحقيقة التي فيها السقوط والخطر من كل جانب وتنأي بالمرء عن الافكار السليمة، مثلا حينما انتقل قايين من الذبيحة والرغبة في الشعور بعثرة الله الحسد.

ففي كل مرة يفعل يفعل فيها الانسان عملا شريرا ويخطط ضد قريبه بمكر مكتوم، لا يكون السبب في ضرر ذاك الذي اثار المعثرة فحسب، بل كما يحدث كثيرا، يكون السبب في ضرر ذاك الذي اثيرت المعثرة ضده ايضا، فماذا؟ لو كان هابيل خشى الحسد وقتل هو اولا اخاه، الا يكون قد اضر بنفسه، بعد ان يكون قد انتصر على الحاسد بهذا الانتصار الملئ بالشر؟

لذلك قال المرتل وكأنه يشرح العثرة: (احفظني يا رب من يدي الشرير من رجل الظلم انقذني الذين تفكروا في تعثير خطواتي. 5 اخفى لي المستكبرون فخا وحبالا مدوا شبكة بجانب الطريق وضعوا لي اشراكا سلاه) (مز 140: 4-5). انها موضوعة فعلا بالقرب من طريق الفضائل، وهي تعرقل الخطى بسهولة وتجعل من كان غير ساهر وهي تبدو كثيراً في مظهر الخير مثل الشيطان الذي يتحول الى ملاك نور.

ضلالة الحاسدين

بنفس الطريقة كان اليهود يظنون انهم مجاهدون من اجل الناموس، وكانوا ينطقون ضد يسوع بالحكم الذي هو التجديف. فكانوا ناقصي الفهم لدرجة انهم تخّطوا كل الحدود للإله المتأنّس فصلبوه ومات ودُفن في القبر ثم قام من بين الاموات، فبيّنت القيامة انه كان يستطيع ان يذهب ولا يدعهم يمسكونه.

ان ضد المسيح سوف يأتي ايضا بسبب العثرات في الساعة الاخيرة وسط قلق هذا العالم، كما هو مكتوب فعلا: ( لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين) (مت 24: 12). هو ايضا يكون وسط العثرات، (لانه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون ايات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضا) (مت24: 24). ولما كان مخلصنا يعلم ذلك مقدما لذلك كان يقول: (ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة) (18: 7).

فإذاً كان لا بد ان تأتي العثرات، فكيف يلازم اذن من يعثر اذا كان مدفوعاً، وما يحدث من اجل الضرورة يستحق المغفرة ولا يكون صاحبه خاضعاً للإتهام؟.

ذلك لان الذين يعثرون قد زرعوا العثرات قسراً وهم اولا رموا بذار اسبابها حتى نصيب العثرات. ومثلا، قد يقول الطبيب وهو يرى مريضا اصابه المرض بسببٍ ما، ثم اشتدت عليه العلة حتى اوشك ان يصل به الى الجنون: ( الويل لمن كان مريضاً بسبب الجنون). هنا في الواقع لا ننادي بالويل لظرف هذا المرض القاسي. بل بما كان سبب الجنون لا يقول احد ان ضرورة العثرات مرتبطة بطبيعتنا وهي من نصيبنا نرثها بمولدنا، فلم يقل ربنا: ( الويل للجنس البشري) بل: ( الويل للعالم) بما اعتاد من المعيشة التي نتمسك بالخطايا) ثم الويل لأولئك الذين يعيشون تلك المعيشة. لذلك كان يقول ايضا لتلاميذه: (لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لانكم لستم من العالم بل انا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم) (يو 15: 19).

دينونة العالم

كان الرسل ايضاً جزءاً من البشر الذين يعيشون في العالم، لكن لانهم لم يكونوا عائشين في الخطايا، لم يكونوا من العالم. وكتب ايضاً يوحنا: (لان كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الاب بل من العالم) (1يو 2: 16). لذلك دعي المخادع رئيس العالم: ( الآن دينونة هذا العالم. الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً) (يو12: 21)، نظراً لانه اس الخطية ورئيسها.

فإذاً ليست طبيعة الانسان سبب العثرات، لكنه العالم، اي المعيشة الشريرة البائسة المتمسكة بالخطايا ومرض الفكر. فإنه بالحقيقة السيد المسيح له المجد يقصد العالم إذ يقول: ( لا بد ان تأتي العثرات) (مت18: 7).

وبولس الرسول ايضاً حينما رأى منازعات عند اهل كورنثوس قال: ( لانه لا بد ان يكون بينكم بدع ايضا ليكون المزكون ظاهرين بينكم) (1كو11: 19) يزهر النبات من الحبوب، ذلك ما لا بد ان يحدث ضرورة.

وهكذا قال مخلصنا، عندما كان ينوه الى حسد التلاميذ لبطرس، هذه الكلمة المتعلقة بالعثرات وهو يبين ان العثرات لا تولدها الكراهية نحو الاخوة فحسب، بل المحبة الشريرة ايضا، يقدم الدواء الشافي من المرض الناتج من الحسد فيقول في الكتاب: (فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان. وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان) (مت18: 8-9).

علاج الحسد والعثرات

انه تعالى يجعل ذلك قانونا بخصوص الامراض التي تحكمها حالة اليد والعين، لانك ام تقطع الجزء المريض، فلست تخسر نفسك فحسب، بل انك لن تخلص عضوك. لنكن فعلا كالأعضاء بعضاً لبعض. واوصى بذلك بولس الرسول إذ قال: ( لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه. لأننا بعضنا اعضاء بعض) (اف4: 25). ما هو العجب في هذا العلاج؟ ان العهد القديم يوصي ويأمر اذا كان احد يعثر بألا يقطع فقط بل يُقتل ايضاً. وفي كتاب التثنية كتب موسى: (واذا اغواك سرا اخوك ابن امك او ابنك او ابنتك او امراة حضنك او صاحبك الذي مثل نفسك قائلا نذهب ونعبد الهة اخرى لم تعرفها انت ولا اباؤك. من الهة الشعوب الذين حولك القريبين منك او البعيدين عنك من اقصاء الارض الى اقصائها. فلا ترض منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه ولا ترق له ولا تستره. بل قتلا تقتله يدك تكون عليه اولا لقتله ثم ايدي جميع الشعب اخيرا. ترجمه بالحجارة حتى يموت لانه التمس ان يطوحك عن الرب الهك الذي اخرجك من ارض مصر من بيت العبودية) (تث 13: 6-10).

امر مخلصنا ان تقطع هذه الاعضاء حينما تعثرنا، لانه في بهاء القيامة في ملكوت السموات سوف نأخذ الطبيعة ماهو كامل، وهناك لن يكون شخص اعور او اعرج او ناقص في جسده او تكون اعضاؤه مصابة بجرح آخر لانه لو كان الامر كذلك، لكان الشهداء الذين قُطعت اعضاؤهم واحداً واحداً يبقون بلا جسد. فإن القيامة فعلا هي عود جديد الى الحالة الاولى، لانه مكتوب:  ( ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الارض) (مز104: 30). أيشكل الفخاري اناءه جيداً، والله الذي يشكل خليقته من جديد يتركها ناقصة الاعضاء الرئيسية؟

ما دمنا نعرف ذلك، فلنهرب إذن من الحسد ومحبة المجد الباطل والمشاعر الشريرة التي يكرها الله، حتى تخلص تماما من العثرات، وننال ملكوت السموات بالمسيح يسوع ربنا الذي يليق به المجد مع ابيه الصالح والروح القدس الآن وكل اوان والى دهر الداهرين امين.